احمد بديوي – تمرّ الشهور والأيام في سجون هؤلاء ونحن على يقين

اسم السجين (اسم الشهرة) : احمد بديوي

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 8/17/2016

السن وقت الاحتجاز: غير معلوم

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: –

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون/تأهيل وادي النطرون

تمرّ الشهور والأيام في سجون هؤلاء ونحن على يقين

من معسكر الأمن المركزي بطرة إلى معتقل 440 بوادي النطرون ثم إلى معتقل الاستقبال بطرة ثم أخيرًا إلى معتقل (1) بوادي النطرون .
تمرّ الشهور والأيام في سجون هؤلاء ونحن على يقين بأنه “لن يدوم كرب وفى الدنيا رب” ، كما قال الدكتور مصطفى محمود .
لا أعرف من أين ولا كيف أبدأ مقالتي الثانية منذ اعتقالي في 17/8/2013على خلفية أحداث مسجد الفتح !!
هل أتحدث عن سلحفاة العدالة الشامخة ؟!!
أم أتحدث عن بطش الظالمين مع المعتقلين ؟!!
هل أتحدث عن الظروف النفسية للمعتقلين وذويهم ؟!!
أم أتحدث عن المستقبل المجهول والعمر المسروق ؟!!
لكنى آثرت في النهاية أن أكتب عن كل معتقل من تلك المعتقلات ، أحداثا شاهدة على بطش الظالمين وتنكيل هؤلاء بشباب هذا الجيل خاصة ، وبأبناء الشعب المصري عامة ، أبدأها بـ(5أيام فى معسكر الاختطاف) .
لقد تم ترحيلنا فى يوم السبت الموافق 17/8/2013 من مسجد الفتح بميدان رمسيس ، وترحيلنا إلى معسكر الأمن المركزى بطره (معسكر الإختطاف) فى عربات أمن مركزى تحمل أكثر من 45 معتقلا من الأطفال والشباب والشيوخ ، وتم شحننا في تلك العربات وكأننا لسنا بشرًا ، كانت درجة الحرارة عالية جدًا وكان العرق يتصبب علينا من سقف العربة نتيجة لأنفاس تلك الأعداد الكبيرة .
لم أكن أفكر حينئذ إلى أين نتجه أكثر من أننى أريد النزول من تلك العربة فى أسرع وقت قبل أن أموت اختناقا ، وبعد معاناة شديده وصلنا إلى معسكر الاختطاف ، نزلنا من عربيات الترحيلات واستقبلنا ضباط الشرطة فسجلوا أسماءنا وتم توزيعنا على الزنازين بواقع 80 فرد لكل زنزانه ، في تلك الزنازين التى لا توصف بشاعتها ، حيث لا طعام ولا شراب ولا دورة مياه ولا وسائل تهويه مساحتها 3.5م×6.5م تقريبا ، كل هذا ولا أحد يعرف عنا شيئاً !!
لا أعرف كيف تحملنا هذه الظروف القاسية !!
ثم تم عرضنا على أمن الدولة فى الواحدة من فجر يوم الأحد 18/7/ 2015 وتم استجوابنا ونحن معصوبو الأعين ، وكانت الأسئلة تدور بين إيه اللي نزلك مظاهرات ؟!
إنت بتأيد مين ؟!
لما تروح هتنزل مظاهرات تانى ولا لأ ؟!
وفى المساء تم عرضنا على النيابة العامة فى تمام الساعة العاشرة إلى الساعة الثانية فجر الإثنين ، وكانت التحقيقات مهزلة بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، أعداد كبيره من وكلاء النيابة ، التهم جاهزة والإجابات أيضا جاهزة ، أيقنت أنها مسرحيه شارك فيها الجميع فدعوت الله أن ينجينى من أيدى هؤلاء الظالمين .
وبدأ التحقيق معى فكان الحوار كالآتي :
وكيل النيابه : الأستاذ فلان الفلاني المحامى هيحضر معاك التحقيق .
أنا : أنا عايز محامي خاص .
وكيل النيابة : إنته كده غير زمايلك وأنا بنصحك إنك تنجز معانا علشان كله لازم يخلص النهارده .
وبعد سجال بينى وبينه رفضت إثبات حضور المحامى .
وتم التحقيق معى بدون محامى ، وبدأ يسرد التهم ويجيب هو محصلش ، فاستغربت وطلبت أن أقرأ التهم وصممت على الإجابة بالنفى ولكن بطريقتى ، وأقفل المحضر ورجعت الزنزانة ، مكثنا 5 أيام بتلك الأعداد الكبيرة فى هذه الزنازين التى لا تتسع إلى ربع هذه الأعداد ، كنا لانعرف مصيرنا هل سيقتلوننا ؟!!
أم يتركوننا نموت جوعا وعطشاً ؟!!
انتشرت الأمراض الجلدية نتيجة تكدس تلك الأعداد فى زنازين ضيقه معدومة التهوية مع عدم وجود مياه ، وفى خضم هذه الظروف كنا نهتف إلى أن يأتى إلينا أحدا من الضباط لنعرف أى شىء عن مصيرنا المجهول ، فيقسم لنا إننا هنروح العصر ويمر العصر فنهتف ونطرق الأبواب ، فيأتى ضابط آخر وأقسم أيمانات مغلظه إننا هنروح في الصباح ، فكانت استراتيجيتهم فى التعامل معنا هى التخدير .
وتمر الأيام وكأنهم 5 سنوات إلى أن جاءت الساعة الواحدة من فجر يوم الخميس ، ورأينا تلك الأعداد الكبيرة من جنود الأمن المركزى وضباط الشرطة برتب مختلفة وسيارات ترحيلات فطلبوا منا الخروج فسألناهم : إحنا رايحين فين ؟!!
فأجاب ضابط : أقسم بالله ما أعرف إنتو رايحيين فين ، بس اللى أنا متأكد منه إن إنتوا رايحيين مكان أفضل من هنا 100 مره .
فرفضنا الخروج إلى المجهول ، فهددونا بأنهم سيخرجوننا بالقوه ، فاستجاب بعضنا بحجة إنهم فى الآخر هيعملوا اللى هما عايزينه وإن قنبلة غاز واحده هتخلينا نجرى علي الباب من الاختناق ، فخرجوا وعملولهم فيش وتشبيه وكبلوهم وركبوهم سيارات الترحيلات ، ولم يتبق فى المعسكر سوى ما يقرب من 70 معتقلاً من أصل 496 .
وجاء ضابط آخر يتفاوض معنا ، فأخبرناه أننا لن نخرج إلا لما أهالينا تعرف إحنا فين ورايحيين على فين ، فاستجاب الضابط وقال هخلى 3 منكم يكلموا أهاليهم ، وأقسم أيمانات مغلظه إنه هينفذ وعده ، واخدوا الثلاثه اللى هيكلموا أهاليهم ويحكولهم اللى حصل ، وأخذوا الثلاثه واحنا خرجنا بعدهم ، عملولنا فيش وتشبيه وكبلونا وركبونا سيارات الترحيلات ، ووجدنا زملائنا الثلاثة داخل العربة ولم يتصلوا بأهاليهم كما وعد الضابط ، وذهبنا إلى المجهول الذى سنتحدث عنه لاحقاً إن شاء الله .
مرت الأيام الخمسة كما قدر الله أن تمر ، وخلصت منها بقاعدة لن أنساها ( وجوههم تختلف ، لكن خيانتهم واحده عنهم أتحدث )