احمد جمعه – ثالث عيد أقضيه خلف القضبان

اسم السجين (اسم الشهرة) : احمد جمعه

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 10/12/2014

السن وقت الاحتجاز: غير معلوم

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: –

مكان احتجاز المرسل : مكان احتجاز غير معلوم

ثالث عيد أقضيه خلف القضبان

ثالث عيد أقضيه خلف القضبان “بعيدا عن الأهل والأحباب ” ، تتعدد السجون التي اتنقل فيها ولكن تبقى للعيد طقوسه الخاصة مهما تغير المكان .. تلك الطقوس التي تجعله من أجمل الأعياد . امتزجت تكبيراتنا مع تكبيرات الزنازين المجاورة لنا .. قوية .. ندية .. لتعزف جميع الزنازين مقطوعة متناغمة تسمو بالأرواح إلى مساحات وآفاق تتجاوز حدود المكان والزمان . كنا مجموعات تتناوب التكبير وكان م. محمد أبو بكر أو بكر كما يحلو لنا أن نناديه يقوم بدوره المعتاد كل عيد في إدخال البهجة والسرور علينا ” على والد الطفل محمد أبو بكر الحضور لاستلامه من الإذاعة ” قالها بكر قاطعا التكبير ، ضحكنا جميعا ، وتكفل هو بعمل كل المداخلات التي تعودنا سماعها في مصليات العيد بالخارج ، ” في بوك حريمي فوشيا مفقود على من يجده سرعة تسليمه للإدارة ” ازدادت ضحكاتنا .. علا صوت د. عبدالعظيم عطية بالتكبير .. تذكرت دعائه في صلاة الفجر أن يضاعف الله فرحة أهلنا في العيد ويصبرهم ويملئ قلوبهم رضا وسكينة . :”) د. عبدالعظيم حكم القضاء الشامخ على ابنته ذات الخمس سنوات أن تحرم من أبيها خمسة عشر عاما :”( ” أمين حزب الحرية والعدالة يهنئكم بعيد الأضحى المبارك ” قالها بكر في نقد لاذع لبعض الممارسات التي لم تكن تختلف من مصلى إلى آخر ، ضحكنا ثانية ولكن هذه المرة بشدة .. م. محمد أبو بكر معنا في سجن المحكوم بينما والده وأخوه في سجن برج العرب وأخته وأخوه الأصغر في سجن ميت غمر منذ أيام .. لتظل أمه الصابرة المحتسبة وحيدة في عيدها بعد سجن الزوج وكل الأولاد ، يتوزع أسبوعها على السجن التي يقبع بها زوجها وأولادها .. كيف استطاع بكر أن يضحك بل ويضحكنا .. إنها رحمات الله . تصطف الصفوف داخل داخل الزنزانة .. سبع تكبيرات .. خطبة العيد .. آيات عن ارتباط النصر بالصبر .. انتهت الخطبة .. تعانقنا .. كل عام وأنتم بخير .. تقبل الله منا ومنكم .. فرحة حقيقية تأبى إلا أن تطل برأسها على دنيانا . يفتح د. سيد شهاب علبة كبيرة من الحلوى أعدها خصيصا ليوم العيد .. يمر بها علينا يوزع الحلوى والبسمات .. يهنئ كل واحد منا مرة أخرى بالعيد .. يستمتع برؤية الفرحة في وجوه أبنائه . د.سيد شهاب عميد كلية الهندسة بجامعة حلوان على عجل تطوع أحمد حمودة لإعداد طعام الإفطار .. جبنة رومي وعيش جراية ( الخبز بلغة السجن ) وبدأ الكل في محاولة لرفع كفاءة الإفطار .. اغسل شوية طماطم .. اغرف جبنة بيضا .. شوية عسل هنا بعد إذنك .. أحمد حمودة طالب في السنة الثالثة بكلية الطب ، إمامنا في الصلاة .. يحفظ القرآن كاملا .. الشاي وجب ، قالها عمر مالك .. تولى توزيع أكواب الشاي علينا وأضاف نصف زجاجة الخل لكوب عبدالفتاح السيد .. ارتفعت ضحكاتنا ومواساتنا لعيد الفتاح .. معلش ياعبده دي بالمقلب بتاع أول امبارح .. عبدالفتاح السيد سكرتير في شركة مقاولات معتقل منذ الفض بلا أحراز وبلا قضية من الأساس حاله كحال الآلاف من المعتقلين . عمر حسن مالك رفيقي في القضية وتهمتنا التخطيط لخطف رئيس الدولة ووزير دفاعها !!! قطع ضحكاتنا نداء أسماء الزيارات .. البداية مع د. محمد الزناتي .. بدا د.محمد الزناتي في أبهى صورة .. تعطر .. اتسعت ابتسامته وهو يحمل باقة من الورد .. عد الورود في الباقة .. أبعد ثلاث وردات .. احتفظ بخمسة عشر وردة في الباقة وخرج لزيارة أهله . د. محمد زناتي حكم عليه منذ أيام قليلة بالسجن خمسة عشر عاما .. وهو أيضا والد الشهيد أحمد محمد الزناتي الذي ارتقى شهيدا في فض اعتصام رابعة . وتوالت الزيارات .. الشاب العشريني محمد ممدوح تحرك أهله من الإسكندرية في الثانية صباحا ليؤدوا صلاة العيد على بوابة السجن حتى يتمكنوا من زيارته و إدخال السرور عليه . نادى الصوت .. أحمد جمعة .. زيارة .. ملأت جيوبي بالحلوى والتي أصبح لا يخلو منها جيبي في أي زيارة .. تذكرت أبي ذلك الرجل الستيني الذي أدين له بكل ما تعلمته في حياتي القصيرة ، تذكرت أمي التي تعلمت أولى خطواتي على يديها .. اتعثر وأسقط وابتسامتها المشفقة لا تغادر شفتيها ، تمد إلي يدها لأتشبث بها كما يتشبث الغريق بالقشة ، تذكرت أخواتي اللاتي شاركتهن أحلاما وطموحات كانت تداعب عقولنا الصغيرة . عدنا إلى رحابة الزنزانة .. استقبلني رفيق الكلابش يوسف طلعت مستفسرا عن صحة الوالد وأخبار الأهل ، ماذا عن وقت الزيارة ؟ ويختم التساؤلات .. ها يعني نقدر نقول على الزيارة إنها كانت .. ؟ ” رائعة بفضل الله ” أقولها وأنا في غاية السعادة يتلقفني أ.محمد السروجي ويمسك بذقني مقلبا وجهي يمنة ويسرة ثم سقول لي .. يا واد ياجمعة .. شكلك تعبان ومحتاج دش يفوقك .. اجري على الحمام و أنا هشاغل الشاويش لغاية ماتخلص . أ. محمد السروجي مستشار وزير التربية والتعليم والمتحدث الإعلامي باسم الوزارة بالرغم من قسوة الأغلال ، وظلمة السجون ، وغياب أبسط قواعد العدالة ، إلا أننا قادرون على انتزاع الفرحة ، على امتلاك البسمة ، رغم البعد والحنين .. والاشتياق أحمد جمعة سجن المحكوم