احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – لن تخرج كلك من هذا العالم .. هناك ما سيتبقى منك

اسم السجين (اسم الشهرة) : احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 4/10/2014

السن وقت الاحتجاز: 35 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: مهندس – مؤسس حركة 6 أبريل

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون طرة

لن تخرج كلك من هذا العالم .. هناك ما سيتبقى منك

لن تخرج كلك من هذا العالم .. هناك ما سيتبقى منك يقولون أن الزمن يجبر الانسان على الألفة والتعايش مع ما يحب وما يكره وما يريده وما لا يريده، ما يرغبه وما يخشاه .. حتى السجن والمعتقل. يمر الوقت فيصبح السجن هو العالم والدنيا والحياة، مهما طال الوقت … لا بل مهما قصر الوقت يترك السجن بصمته. يقولون أن السجن تهذيب وإصلاح، ربما بعض هذا الكلام صحيح، ولكن ليس الإصلاح والتهذيب من وجهة نظر السلطة، بل أحيانا يعتبر السجن فرصة هامة لإصلاح النفس والتأمل والتدريب الطويل والبطئ والممتد على التحمل. مثلما تترك أصابعك آثارها في العجين، أو مثلما يترك الجرح العميق آثاره في وجهك، وكما تترك خطواتك أثراً في الأرض الطينية . يترك السجن آثاره فيك. ربما يترك ما هو أعمق من آثار مهما كان وضعه، سجن نظيف أو غير نظيف … حبس انفرادي او غير انفرادي … معاملة طيبة أو غير آدمية .. قضيت وقت طويل أو قصير .. سنوات أو شهور أو أسابيع … لا يترك السجن آثاره بنفسك فقط بل تترك أنت جزء من روحك بالسجن بعد الافراج عنك. لا تخرج منه كليا بل يبقى جزء منك هناك. يختلف مقدار هذا الجزء المتبقي منك بالسجن على حسب الفترة التي قضيتها وظروف الحبس والظروف المحيطة بقضيتك، ربما تترك جزء كبير منك بالسجن أو صغير ولكنك بالتأكيد لن تخرج كاملا من السجن، لابد أن تترك جزء منك هناك. السجن عالم مختلف، عالم منعزل ومستقل، له لغة مختلفة، قواعد مختلفة وقوانين مختلفة، لا أقصد قواعد وقوانين مصلحة السجون .. فحتى هذه يستطيع ضابط السجن إحترامها عند الحاجة أو خرقها عند الحاجة، بل أقصد قواعد وقوانين وعُرف داخلي. مهما كنت مستاء و”متكدر” وتعبان من السجن .. يمر عليك الوقت وتعتاد الأمر ويصبح هو كل حياتك، ويصبح السجن هو عالمك كله، وما يحدث في مصر يحدث في عالم آخر … بعيد … الإتصال به صعب إن لم يكن مستحيل. حتى عائلتك بعيده .. الاتصال بها مستحيل .. الزيارات صعبة .. وتكون أصعب عندما تكون عدواً لنظام الحكم .. النيابة لا تعطي إذن للزيارة وعائلتك تعاني من الطوابير والإهانة لساعات قبل أن يستطيعون رؤستك لدقائق معدودة. اللي داخل مش هايبقى هو اللي خارج، تجربة ستترك أثراً بالتأكيد مهما حاولت الصمود. إحساس أكبر بالعجز عندما تجد الخسيس يستغل وجودك بالداخل ويكيل لك الإتهامات في كل وسائل الاعلام بشكل يومي وممنهج ولا تستطيع أن ترد أو تدحض الأكاذيب. الخسيس يشوه صورتك ويحاول أن يقلل التعاطف معك، الخسيس يستغل غيابك ويعقد الصفقات مع العسكر، الخسيس يهاجمك ويسبك وأنت محبوس .. عاجز لا تستطيع الرد. خسيس آخر يتحدث عن مؤامرات وأساطير عن تمويل وخيانة وعمالة وجيل رابع زطابور خامس، وأنت محبوس ومكبل حتى لا تمتلك حق الدفاع عن نفسك. إحساس جسيم بالظلم المضاعف، ظلم لأنك محبوس بتهم ملفقة وشهود زور لمجرد رفضك لقانون التظاهر، ظلم لأنك حتى محروم من حقوقك داخل السجن. وظلم أكبر لأنك يتم تشويهك وأنت محبوس ويتم مسح تاريخك وصناعة أساطير وقصص حولك ولا تستطيع الدفاع عن نفسك، يتم مسح هويتك وسيرتك في الخارج أو على الأقل تشويهها وأنت بالداخل تعيش في عالم موازي ليس له علاقة بما هو خارج أسواره. تترك الأيام آثارها ويترك الظلم آثاره، وتترك التجربة بحلوها –إن كان بها حلو- ومرها آثارها، وتتراكم الآثار .. ولكن مهما كنت صامد وصلب فسوف يتبقى اثر ومهما حاولت التخفيف أو حاول غيرك التخفيف من الاثار .. فسيتبقى جزء منك هناك. جزء سيظل مفقود من نفسك وعقلك وشخصيتك ومشاعرك. المؤكد أن هناك جزء منك سيظل هناك وان تغيراً ما سوف يحدث لك، تغير للأحسن أو للأسوأ، تكون أكثر عقلانية أو تهور، أكثر احساساً أو أكثر تبلد للمشاعر، أكثر صموداً أو هشاشة، أكثر نضالاً أو خوفاً، أكثر دفاعاً عن الحقوق أو أكثر حرصاً على السلامة. كل الاحتمالات تكون مفتوحة بنسب متفاونه على حسب ما سيحدث بعد خروجك وعلى حسب مدى رغبتك ومقدرتك على إستعادة نفسك من السجن. أحمد ماهر – ليمان طره،