عمر علي حسن عبد المقصود (عمر عبد المقصود) – عفواً

اسم السجين (اسم الشهرة) : عمر علي حسن عبد المقصود (عمر عبد المقصود)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 3/12/2015

السن وقت الاحتجاز: 27 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: صحفي بموقع مصر العربية وطالب بكلية التجارة بجامعة المنصورة

مكان احتجاز المرسل : قسم شرطة مركز السنبلاوين

عفواً

” إبراهيم .. إبراهيم .. اصحى يا هيما !! ” ماذا لو لم يستيقظ إبراهيم ؟!!

” إبراهيم وعمر ؟! ”
– أفندم !!
– انتوا ليكوا أخ في الحدث اسمه أنس ؟؟
– آه يا باشا ، خير ؟
– مفيش، المأمور بيقول روحوا سلموا عليه عشان عايزكم …
وفي غرفة حجز الحدث.. ” أنس .. أنس .. هو ماله؟ مش بيرد ليه ؟! ” ماذا لو لم يرد أنس ؟!!
– ماذا عني ؟! كيف سيتصرف كلانا إذا فقدنا ثالثنا ؟! بل كيف سنتصرف إذا ما فقدنا رفيقنا ” منعم ” ؟!!
أتساءل عن ماهية تبليغ هذا النوع من الأخبار، وأتساءل عن نوع الصبر المستخدم في تلك الفجيعة … الموت !!! ليس في أي مكان …الموت هنا … في محبسك !!
تُرى هل سنخرج لحضور جنازة أحدنا ؟ ثم نعود إلى محبسنا ؟! أم سيفرج عنا رأفةً بنا وبما آل إليه حالنا ؟! هل من الضروري أن نفجع حتى يدرك من ظلم أنه ظلم؟! أتدري ؟؟ وفقا لما اكتسبته من خبرات في دهاليز السجون والسجانين والمسجونين ، فقد يمر حدث كهذا مرور الكرام ، ” بطانية ميري ب 20 جنيه ” هي الكفن وكمان الله بالسر عليم ..
بالأمس وضعت أختي الصغرى وليدها الأول ، اتفقنا على تسميته “اللي ما يتسمى” ،حملت به ووضعته ونحن في حبسنا ،و ربما يستمر الظلم حتى سنين عمره الأُول ، من يدري ؟!!
تملكني فرحة لا وصف لها ، وغالبتني دموع لا علم لي بمصدرها إلا أنها تخرج من عيني ، حمدت الله كثيراً على سلامتها و أن وهبنا روحاً جديدة ، رددت ملياً ” اللهم كما أخرجت روحاً من روح أخرجنا من هنا آمنين” .
لم أشعر من أبي أن الروح الجديدة ملأت أرجاء روحه الخاوية على فراقنا ثلاثتنا .. دائماً ما كان يردد لي ذلك ، لا عوض عنكم ،و أن كل ما في الكون رخيص إلا أنتم.. دائما يذكرني بذلك .
في الثالث والعشرين من نوفمبر ، كان ميلادي ، لا أدري إن كان عيداً أم لا ؟!! بالتأكيد كان عيداً حينها ولكن أُكُل ذكرى ميلاد تعتبر عيداً ؟!!
شعرتُ أني أقف على مسرح العشرينات منحنياً إلى الجمهور مودعاً مُكرَهاً لدوري في العشرينات ، كان دوراً متواضعاً إلى حدٍ ما …
كنت أتمنى أن يضم النص العديد من المشاهد ، مشهد ولدي الذي أنجبته في العشرينات من عمري لكي أكون له صديقاً لا أباً فقط…
مشهد زوجتي العشرينية وهي ترتدي البياض في حفل زفاف أسطوري ، على شواطئ البحر الأحمر أو في أراضٍ خضراء شاسعة ، لا أنكر أنني قد عقدت قراني فعلاً لكن المشهد لم يكتمل ، ولا أدري لمن وجب الاعتذار ، لها ؟ أم للجمهور ؟!
أما المشهد الرئيسي الذي طالما حلمت به منذ أوائل العشرينات هو حقيبة ظهر و كاميرا وعن يميني قرة العين و رفيقة الدرب زوجتي المصون ونحن نتجاذب أطراف الحديث ونتبادل الابتسامات في أحد شوارع برلين – لا في ألمانيا المحطة أو ألمانيا البلد – بل في ألمانيا الحلم …
خمس سنين مضت في محاولاتٍ مُضنية للالتحاق بفريق ال بي بي سي ، عملت خلال هذه الأعوام جاهداً لكي أكون على القدر الذي يليق بصرحٍ عملاق كهذا ، ندوات ومؤتمرات ، ورش عمل ودورات تدريبية ، ما تركت موضع قدم إلا وخطوت إليه بحثاً عن مكانٍ مرموق في تلك المدرسة التي يتشرف أي ذي صلة بمجال الإعلام و أفرعه بالالتحاق بها ، وكان في صندوق بريدي الإلكتروني تلك الرسالة بالإنجليزية :
” السيد / عمر عبد المقصود
تحية طيبة وبعد
نود نحن ال بي بي سي أن نهنئ سيادتكم بأنكم تم اختياركم في وظيفة ,, مذيع نشرة رياضية ، باللغة العربية ، وأنتم الآن ضمن القائمة القصيرة للمقابلات ( أي ضمن عدد محدود من المقبولين ) بالرجاء تحديد ميعاد ومكان للمقابلة خلال مدة أقصاها أربعة أسابيع من الآن ، مع تحديد إمكانية السفر إلى لندن ”
وكان الرد :
” عفواً … عمر عبد المقصود قيد الاحتجاز الآن على ذمة قضية رأي .. نرجو التواصل .. لكم جزيل الشكر “.