محمد عبد الحميد – إخوتي الأحباء الأعزاء 

اسم السجين (اسم الشهرة) : محمد عبد الحميد

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 12/2/2015

السن وقت الاحتجاز: غير معلوم

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: –

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون/تأهيل وادي النطرون

إخوتي الأحباء الأعزاء 

بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون * واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم ” صدق الله العظيم .. بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي الأحباء الأعزاء .. القابضين على دينهم كالقابضين على الجمر .. الغرباء القرباء إن شاء الله .
فهذه كلمات من عُبيد الله أصغر عبيده وأفقرهم إلى عفوه ومزيده ، اقسمها بإذن الله على جزئين ، فيها معاني عشت معها وأردت مشاركتكم إياها علَّكم تتفاعلون معها وتقع من قلوبكم موقعها من قلبي فتثير الأفكار المظلمة وتهدِّىء النفوس المضطربة وتهدي القلوب الحائرة، ولئن يهدي الله بنا رجلاً أحب إلينا من حمر النعم ومتاع الدنيا .
الله يعلم كم أشتاق إليكم وأتلهف لرؤيتكم ومعرفة أخباركم، ووددت لو أعود لدنياكم ولو لوقت محدود أمتع بصري بالنظر إليكم واطفىء لهيب قلبي بمجالستكم وحديثكم ثم أعود لمكاني مرة أخرى هانئاً مستريحاً راضيا.
منذ ما يقارب العام كنت في ركب إخواني سائراً ثائراً أسعى لأضاهي جهدهم أو أصل لقليل من بذلهم فخذلتني نفسي كعادتها فكنت أقلهم بذلاً وأضعفهم جهداً ، فأصبحت أتقرب إلى الله بصحبتهم وملازمتهم فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم .
وكنت أظن أن أحداً من الظالمين لن تطالني يده بسوء لأني – في نظري – كنت أخذاً بكل الاحتياطات التي توفر لي الأمن والنجاة ولكم أنَّى لي أن انال خلاف ما قدره الله ، فرغم أن المؤمن الحق متوكلاً على الله حق توكله آخذاً بالأسباب حق أخذها، إلا أن الله قد يريد أمراً كان مفعولاً يعلم في سابق علمه أن الخير كله فيه ” وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ” ألم تنظروا إلى أصحاب رسول الله في موقعة بدر لما أرادوا لأنفسهم الظفر بالعير وأراد الله لهم الحرب والفقر فكانت غزوة الفرقان بين الحق وأهله والباطل وحزبه في الدنيا وفي يوم الدين ” وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ” .
ويُقدر الله لي أنه في ذكرى مرور عام على حبسي يقع بين يدي كتاب جمعت فيه رسائل وخواطر سطرها أخونا أحمد شقير – رحمه الله رحمة واسعة وجازاه عنا كل الخير – فالتقط الكتاب بنهم شديد وتقع عيني على الكلمات التي سبقت لي قرائتها فأراها وكأني أول مرة أراها وأتامل المعاني فتؤثر في كما أثرت اول مرة، فيحيطني همٌ وعزمٌ وأمل، واستلهم روحاً قديمة غائبة .
أعلم أنكم عجبتم من حاله – يا من عرفتوه – وأخذ القريب والبعيد حظه من التعجب بعد وفاته ، من جنازة مهيبة ورغبة في معرفة ما كان من خبره ،وحب شديد له من أناس لم يرون رسمه ولم يعرفوا عنه إلا اسمه. أحسب أن الله أحبه ووضعت له المحبة في السماء والأرض، ولئن أردتم مرتبته فهذه كلماته بين أيديكم وحلمه ماثلٌ أمامكم ، فالزموها وراعوا حق قرائتها والعمل بها ، وستجدوا في كل مرة معنى جديداً وستسري فيكم روحه كلما قرأتم كلامه ، عسى الله أن يفتح عليكم بها من الأنوار ويكشف لكم الخفي من الأسرار ويُخرج من بينكم الفاتح الذي أراده أحمد رحمه الله.
إخوتي .. لما برز طالوت لجالوت وجنوده ، كان على رأس بقايا جيش ، قليل من قليل من قليل ، يقال أنهم كانوا ما يقرب من الثلاثمئة ، ثبتوا عند الامتحانات التي عرضهم الله لها ليميز الخبيث من الطيب ، وقد تمايزوا ، ثلاثمئة من الطيبين يظنون أنهم ملاقوا الله مؤمنين بأنه ” كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ” فكانت النتيجة الحتمية وسنة الله الكونية ” فهزموهم بإذن الله ” ولن تجدوا لسنة الله تبديلاً .
لقد أبى علينا الظالمون ما أردناه لديننا ولأمتنا وابتلانا الله على أيديهم فآذونا في أنفسنا وأهلينا وإخواننا . نحن ندرك أن أشد الناس بلاءاً الأنبياء فالأمثل فالأمثل والمرء يُبتلى على قدر دينه ولكننا لا نغفل أيضا ً أنه ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ” فلننظر من أي الفريقين نحن ،وكلٌ على حسب حاله ، ولنتأمل حال أنفسنا ليدرك كل واحد منا حكمة الله فيه وماذا أراد الله منه ، والحسرة على من لم يفعل ، وإياكم أن تخونوا الله وتخونوا أماناتكم فتنشغلوا عنها بالأموال والأولاد والمتاع الفاني ، أو تخونوا أمتكم وإخوانكم – معتقليهم وشهيدهم – بمعصية الله وتصبحوا عائقاً في طريق النصر وسبباً في تأخره وأنتم تدعون الله أن يأتي على أيديكم فيخالف قولكم فعلكم فتخسروا وتضلوا .
وللحديث – بإذن الله – بقية نستكملها في مقام قادم ، وأرجو أن يتسع صدركم لما كتبناه وما سنكتبه وأن تتقبلوه على ما فيه من ضعف وتطويل ، والله وحده وراء القصد وهو يهدي السبيل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته