محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – الرسالة الرابعة

اسم السجين (اسم الشهرة) : محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 7/29/2015

السن وقت الاحتجاز: 25 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالب بكلية الصيدلة بجامعة المنصورة

مكان احتجاز المرسل : سجن المنصورة العمومي

الرسالة الرابعة

[الرسالة الرابعة]
“إلى قاريء”
لا جَمالًا, لا خَيالًا
لا نهاياتٍ سعيدةْ
سوفَ تلقاها معي, احذَرْ
وتَذَكَّرْ
أنني قد قُلْتُ قبلَ البدء فيها:
“هذهِ ليستْ قصيدةْ”
كلُّ ما في الأمر أني
كنتُ وحدي..
حينَ نامَ داخلَ الزنزانةِ الكلُّ
وكنتُ ساهرًا
إذ فجأةً أحْسَسْتُ أنَّ كلَّ شيءٍ
ها هنا حولي حَزينْ..
لم أجدْ معنًى لأنْ أكتُبَ شعرًا
والرفاقُ النائمونَ الآنَ أرضًا
كومَ لحمٍ
بعضُهم قد داسَ بعضًا
واحدًا مُتَّخِذًا وضعَ الجنينْ
آخرٌ يهذي بنومِهِ
بصوتٍ ما شبيهٍ بالأنينْ
آخرٌ.. وآخرٌ..
[كمْ مؤلِمٌ أن يُوضَعَ الإنسانُ
في لفظٍ كذا..
فإننا صرنا كثيرًا من يُسمينَا النظامُ “الآخرين”]
آخرُ.. وآخرٌ..
فهل تراني؟ أو تراهُمْ؟
فلتحاولْ ما استطَعتَ
لن تُحِّسَ
ما اعتراني.. واعترَاهُمْ
لن ترى حولي هناكَ النائمينْ
[أنْتَ أصلًا نائمٌ منذُ سنينْ]
إنَّ بعضَ النومِ موتٌ
إن هذا الموتَ نومٌ
[هل سنصحو؟]
إن بعضَ الظنِ إثمٌ
إن هذا الظُلْمَ ظلْمٌ
إن كُلَّ الظلْمِ ظُلْمٌ
إن كل الـ..
لستُ أهذي
[كالذي يهذي بنومِهِ جواري..]
إنني صاحٍ أردتُ أن أقولَ
لكَ أنَّ ليسَ للظلمِ هنا اسمٌ
أو صفاتٌ أو إضافاتٌ عليهِ
فهو لا شيءٌ سواهُ الظلمُ
إن الظلمَ ظلمٌ
إنني فقط أردتُ أن أقولَ
كم غضبتُ.. واضطربْتُ
وتعبْتُ.. وانسكبتُ
ذبْتُ غِبْتُ..
واكتئبْتُ
[هل تريدُ أن أزيدَ
في قوافٍ داخلية؟
أو أقولَ سوفَ أهدِمُ الجِدارَا
مُشعِلًا في الظلم نارَا؟”
كي تُحِّسَ بحماسِ النَصِّ
يجري فوقَ خيلٍ عنترية؟
فلتفتشْ عن قوافٍ ثابتاتٍ عند غيري..]
إنني حُرٌ وهذا النصُ ملكي
لن أزيدَهْ
ثمَّ إنِّي قُلْتُ قبلًا
هذهِ ليستْ قَصيدةْ
القوافي الثابتات
غالبًا ما تطردُ الشعرَ الحقيقي
بينَ جنباتِ الطريقِ
ساعياتٍ لرضا القُرَّاءِ أو بعضِ البريقِ
ثم أنتَ؟
هل أتيتَ
قارئًا هذي القوافي
باحثًا عن الحقائق؟
لا أظنُّ
سوفَ تعبرُ السطورَ في دقائِقْ
ثُمَّ تمضي..
قد تُحِسُ بالتعاطفِ الرقيقِ
[ذاك لم ولستُ أقبَلْ]
أو تُحِسُّ غُصَّةً لحظيَّةً
في القلبِ حتَّى لا يُنَمِّلْ
من سكونِ الوقتِ تحتَ
دقِّ إيقاعٍ رتيبْ
قد تُحِّسُ.. لا تُحِّسُ
لا يَهُمُّ.. سوفَ تمضي.. وتَغيبْ
إن في الدنيا مشاغلًا عَديدَةً
فامْضِ لا تقرأ حروفي
هذهِ ليست قصيدة.
أيَّ شيءٍ
يدفعُ الإنسانَ حتَّى
يستمرَّ قارئًا هذي السطورْ؟
هل هو العندُ.. إذنْ
في أن تُصِّرَ كشفَ ما خلفَ الكلامِ
حاسبًا أنه قد يُخفي أمورًا.. وأمورْ؟
حسنًا..
إن كنتَ مازلتَ هُنا اسمَعْ
سوف أحكي
عن دماءٍ
عن شبابٍ قد قضوا أيامهُمْ
من دونِ ماءٍ
جسمُهُمْ يرجفُ ليلًا
إثرَ صعقٍ.. كهرباءٍ
عن سماءٍ
قد بقيتُ لم أشاهدها سوى
من بين أسلاكٍ سخيفاتٍ شهورْ
سوفَ أحكي
عن عيون الأمهاتِ
في الزياراتِ التي كانتْ
بدمعٍ ساخنٍ حولي تفورْ
عن فتاياتٍ
زهورٍ حولهن جيفةٌ تعلو بسور
عن بغاءٍ.. وفجورْ
إنَّني أقدرُ أحكي
عن عناءِ السجنِ نصًا
واقعيًا واضحًا من دونِ شطحٍ
في جبالٍ من خيالٍ
دونَ غوصٍ في رمالٍ
من رموزٍ.. أو صخورْ
ثمَّ ماذا؟
سوفَ أبقى ها هنا وَحْدي
وحولي كلُهم قد نامَ غمَّا
[سوفَ يبقى الظلمُ ظلمًا]
سوف يبقى الثورُ أعْمَى
في سواقي العمر وَحْدَهُ يدورْ
تاركًا حكمَ البلادِ
للأكابِرِ/النسورْ
أنتَ إذ قررتَ تبقى كذا
فلا ترى ولا تثورْ
قل فما جدوى لشعرٍ
عبقريًا أو سخيفًا كانَ
ما جدوى لشعرٍ أو شُعورْ؟
لا تقلْ لي
قُلْ لنفسِكَ الحقيقةَ
التي أخفيتها عبر العصورْ
دعْكَ مني..
انْسَ.. وامْضِ..
مُقنعًا نَفْسَكَ أن ما قرأتَ
اليومَ كانَ هذيانًا أو هُراءً
شاعرًا هامَ بوديانِ الخيالاتِ البَعيدةْ
امْضِ.. وانْسَ..
من أتى بك لهذا النصِّ أصلًا؟!
إنني قد قُلْتُ قبلًا
هذه ليستْ قَصيدةْ!