محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – الرسالة السابعة

اسم السجين (اسم الشهرة) : محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 10/27/2015

السن وقت الاحتجاز: 25 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالب بكلية الصيدلة بجامعة المنصورة

مكان احتجاز المرسل : سجن المنصورة العمومي

الرسالة السابعة

“إلى الآنسةِ نُورْ”
جاءَ خِطابُكِ
كالعُصفورِ إليَّ على سَهوَةْ
مَرَّ بِرَغمِ القُضبانْ
زَقْزَقَ في قلبي اليابسِ
فاخضرَّتْ فيهِ كُلُّ الأغصانْ
طارَ خطابُكِ يحمِلُ لي
فوقَ جناحيهِ رسمتَكِ الحُلوَةْ
كنتُ اعتدتُ الأبيضَ ثلجًا
والكُحْليَّ حديدًا حولي منُ زمانْ
حتّى فاحت رسمَتُكِ
كزهرةِ حُبِّ
في دنيايَ ببهجاتِ الألوانْ
أحسنتِ
الرسمةُ أحلى
من كل الشيكولاتَاتِ بقطعِ البُندقِ
والمصَّاصاتِ بطعْمِ القَهوَة
[إن نتذكرْ يا آنستي
كُلَّ مساءٍ غسلَ الأسنانْ]
شكرًا
مَسَحَتْ كَفُّكِ عن رُوحي الأحزانْ
قلبي المُنقَبِضُ غدَا “مبْسوطَا”
وتحرَّر قلَمٌ
كان بيأسيَ مَرْبوطَا
وامتلَكَ الرغبةَ والقُوَّةْ
كي أحكيَ لك حدُّوتَيَ الآنْ
كانَ
يا ما كانَ
قبلَ أن يُحلِّي الأرضَ
ميلادُكِ أنتِ.. يا شقيَّةَ العُيونْ
قبلَ أن نجيءَ
قبلَ أن يجيءَ جَدُّ جَدِّنَا
بآلافِ.. وآلافِ القُرونْ
[القرونُ
جًمعُ قرن
وهو يعني مائةٌ من السنين]
خلقَ الله بيومٍ
رجلًا من ماءِ هذي الأرضِ ممزوج بطينْ
نفَخَ اللَّهُ القويُّ
فيه نفحةً فأصبَحَ قويًا
_مثلَ “بابا”_
ودعاهُ اللهُ آدمَ
وكانَ آدمٌ يحيا وحيدًا وحزينْ
ولهذا
من ضلوعِ آدمٍ
قد خلقَ اللهُ الجميلُ
زوجةً حسناءً جدًا
_مثل “ماما”_
واسمُها السحْريُّ حَواءٌ
تزوَّجا وأنجبا كثيرًا من بناتٍ وبنينْ
ثُمَّ ماذا؟
ماتَ آدمٌ وحواءٌ بيوم
بكَتِ السماءُ دمعًا/مطرًا
والأرضُ فيه ببراكينِ الأنينْ
ثُمَّ ماذا؟
كبُرَ الأبناءُ ثُمَّ
أنجبوا أيضًا كثيرًا من بناتٍ وبنينْ
ثُمَّ ماذا؟
هاجَر الأبناءُ والكُلُّ ابتَعَدْ
وبنى سورًا على أرضٍ وأسماها بَلَدْ
ونسى الكلُّ هناكَ
أنهمْ من نفسِ جدَّةٍ وجَدْ
ونسوا حوّا.. وآدمْ
ونسوا الله
[حبيبَكِ الذي يجعَلُ
شعركِ الجميلَ هكذا حُلوًا وناعِمْ]
ونسوا الله
ففاضتِ البلاد بالمآسي والمظالِمْ
لم يعودوا إخوةً
ولم يعودوا يصنعونْ
بالحديدِ أيَّ أرجوحةِ طفلٍ
أبدَلُوهُ سيفَ قَتْلٍ
وغدا السيفُ رماحًا.. فسِهامًا.. فبنادِقْ
حاربَ الأبناءُ بعضًا في غباءٍ.. وجنونْ.
حطَّموا أشجارَ أغصانَ أشجارِ الحدائقْ
صنَّعوا منها المشانقْ
وبنوا فوقَ الحُطاماتِ السجون
[السجون يا صغيرَةْ
جَمْعُ سجنٍ
وهو أسوارٌ كبيرَةْ
بُنيَت كي يُوضَعَ الأشرارُ فيها
ثم جاء الظالمون
غيَّروها..
صارَ يُوضَعُ النبيُّون بها.. والثائرون
واسألي ماما لتحكي لكِ قصَّةً مُثيرةْ
عن زمانٍ
يوسفُ الصدِّيقِ فيه
سجنوه..
قبل نصرِهِ عليهِم في المحطَّةِ الأخيرةْ]
فلنَعُد.. قلنا معَا
قد حاربوا بعضًا غباءً.. وجنونْ
وبنوا فوقَ الحُطاماتِ السجون
ثُمَّ ماذا؟
بعدما قد أصْبَح الإخوةُ أعداءً
تُرى يا هَلْ تُرى
في ذي الحكايةِ يًكونْ؟
لن أقول.
هذهِ المرَّةَ سوفَ
أتنحَّى جانبًا لكي تقولي
أنت
يا صاحبةَ الوجهِ المُشاكِسِ الخَجولِ
أنتِ.. أنتِ..
ورفاقكِ الصغارُ
وصديقاتُكِ في كُلِّ الفصولِ
من بأيديكُم تُغيِّرونَ
ختم هذه القصَّة
من ختمٍ حزينٍ لختامٍ ما جميلِ
داخل الفصلِ إذا ما
يأمرونكم لترسموا جيوشًا
طائِراتٍ.. وجنودًا يقتلونَ
ويدوسون على جسمِ القتيلِ
ارفُضي
ولتمسحي كُلَّ السلاحِ
من أيادي الجُندِ مسحَا
وضعي فأسًا بأيديهمْ
ليزرعوا فواكِهًا وقَمْحَا
وزهورًا عَطِراتٍ في الحقُولِ
امسحي رملَ الصحاريَ
وارسمي أرضًا ربيعَا
امسَحي دمَ القتيلِ
وارسمي طبيبةً
تُعالِجُ المرضَى جميعَا
وارسمي شمسًا
لتمحو الظُلْمَ من ليلِ السجينات والسجناءِ الطويلِ
ارسمي الأطفالَ تلْعَبْ
وارسمي الأطيارَ تحيا في أمانٍ
دونَ صيَّادٍ بماءِ النهر تشرَبْ
إن ربَّنا سلامٌ
ليسَ يخلقُ ابنَ آدمَ بحربٍ
كي نظلَّ حائرينَ من سيَخسَر
هنا ومن سَيَغلِبْ
قد خُلِقنا كُلُّنا
إخوةٌ في رحلَةٍ لربِّنا
مستحيلٌ إن تعادينَا
لنا أيُّ سبيلٍ للوصولِ
ارسمي..
وسامحيني إن أنا
هذه المرَّةَ أخلَفْتُ وعودي
حينَ قُلتُ:
“قد تبَّقى من غيابي
وابتعادي عنكِ جزءٌ
ما أقلُّ من قليلِ”
لستُ أدري
هل رجوعي لكِ فعلًا
في القريبِ قد يصيرُ مُمْكِنَا..
لستُ أدري
كل حُلمي حين تكبرينَ يومًا
لا تجيئينَ ولا يأتي رفَاقَكِ هُنا..
كل حلمي
لا تورَّثُ السجونُ الظُلمَ من جيلٍ لجيلِ
نورُ
إن أردتِ فعلًا أن تُزيلي
هذهِ الجُدرانَ من حولي اكتُبي
دومًا كثيرًا.. وارْسمي لي..