محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – مقطع من نص “الرقيم”

محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – مقطع من نص “الرقيم”

اسم السجين (اسم الشهرة) : محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 5/1/2015

السن وقت الاحتجاز: 25 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالب بكلية الصيدلة بجامعة المنصورة

مكان احتجاز المرسل : مكان احتجاز غير معلوم

مقطع من نص “الرقيم”

لا صاحيًا.. لا نائِمَا
مُتَقَوقِعًا في حِضْنِ نفسِهِ
كالجنينِ, شبهَ عارٍ احتمى
منذُ ارتَمى على البلاطِ
وصدرُهُ
يعلو.. ويهبِطُ.. باضطرابٍ
والغمامةُ
مثلَ مِشْنَقَةٍ على عينيه ضاقتْ
خلفَ ظَهرهِ
أوْشَكَتْ حديدتا الكلبشِ أن تتلاحَمَا
مَعَ عظمِ رُسْغيهِ اللذينِ تورَّمَا
عضلاتُ جسْمِهِ النحيلِ قد ارتَخَتْ
وكأنهنَّ جنودُ جيشٍ.. حُطِّمَا
قَدَّمْنَ أقصى ما استَطَعْنَ.. وبَعْدَها
أُصِبْنَ جَمعًا.. وحدَهَا
شَفتاهُ رغمَ جُرحِها
تقوى لكي تتبسَّمَا
[حمقى.. بأنْ شلّوا ذراعي قد نَمَا
للروحِ أجنحةٌ فَطِرتُ إلى السَمَا]
يقولُ صوتٌ ما بداخلِهِ قويٌّ
[كُلَّما ازدادَ النزيفُ توهَّمَ
الشُرْطيُّ أنّي قد كُسِرْتُ
بينما من بابِ جُرْحٍ بعدَ جُرْحٍ
قد عبرتُ لذاتِ ذاتي
وانتصرتُ عليهِ وحدي..
ها أنا..
الآنَ أبصرتَ الحقيقةْ]
ردَّ صوتٌ ما بداخِلِهِ خفيٌّ
[الحقيقةَ.. الحقيقةَ.. الحقيقةَ..]
فارتأى
أسبوعَهُ منذُ البدايةِ واضحًا
كلَّ الحكايةِ مُنْذَ جيءَ بهِ هُناكَ مُغمَّمَا
أعادَ رؤيةَ كلِّ ما جرى
بأسبوعِ الظلامِ والدِمَا:
الصفعةُ الأولى سُدَى
مازالَ مُعْتدًّا عَنيدْ
صفعوهُ ثانيةً.. غَدَا
أشدَّ عِندًا رفضُهُ مما ابتَدَا
[فليضْرِبوا
هلْ مِنْ مزيدْ؟
فلْيضْرِبوا
ولْيَغْرِسوا في الجسمِ سكينَ السؤالِ
مُفتِّشينَ.. لسوفَ أبقى صامتًا
لَن يَحْصُدَ الباشا* القويُّ
أيَّ حرفٍ واحدٍ مما يُريدْ.]
في الركلةِ العشرين
غابَ عن الوجودْ
[فلْيضْرِبوا
كي أَعْرِفَ الأقوى
عَصاهُمْ أم خيالي
سوفَ أبعثُ ذكرياتي حيةً
وأعيشُ فيها..
ذاكَ جسمي في قيودِهِ ملكُهُمْ
أمَّا خَيالي.. ليسَ تَحْكُمُهُ القيودْ.]
في اللكمةِ الخمسين
_هلْ كانَتْ هيَ الخمسينَ حَقًّا؟_
حيثُ جُرِّحَتِ الشفاهُ
فسالَ نهرٌ منْ دماهُ
وبلَّ فاهُ.. رحمةً
دمُهُ رواهُ
ارتاحَ مِنْ عطشٍ شديدْ.
في الضربَةِ الـ…
ما عادَ يُدْرِكُ الرَقَمْ
أَلَمٌ.. أَلَمْ
[فلْـ..ـيَضْـ..ـرِبُوا..
ولسوفَ أبْـ..ـقَى صا..متًا
أفكارُنا
عُمقًا تُثَـ..ـبَّتُ في النفوسِ..
كُلَّمَا
دقَّوا بها.. مسـ..ـمَارَ آلامٍ جَديدْ.]
=عَرّوهُ أكثرَ.. عَلِّقُوهْ
إني لَأُنْطِقُ أخرسًا أو مَيتَا
انطقْ
وإلّا سوفَ تشْهَدُ
ما يَشيبُ له الفتى
ويبوسُ أقدامي
وأقدامَ الرجالِ لِيرْحَموهْ
انطقْ وإلَّا..
كَهْرِبُوهْ.
… … …
… … …
… … …
[أينَ الإلهُ,
مِنَ الشرورِ بأرْضِهِ؟
أينَ الإلهُ؟
أم انَّنَا نسلٌ يعيشُ بغابةٍ
مُتَحَدِّرينَ منَ القرودْ؟
وهل يُعذِّبُ أيَّ قردٍ هكذا
من أجلِ لا شيءٍ أخاهُ
وهل تُدَمِّرُ القرودُ
وهل تُذبِّحُ أو تُبيدْ؟
أينَ.. الإلهُ؟]
الآنَ يهوي مثلما
كُرَةٌ تُدَحْرَجُ مِنْ جَليدْ.
شرخًا وراءَ الشرخِ ينْطِقُ
نصفَ جُمْلةٍ.. ويَصْرُخُ
نصفَ جُمْلةٍ.. يَسُبُّ
نصفَ جُمْلةٍ.. ويَهْوي ثانيًا
لا ليسَ يدركُ أيَ شيءٍ
غيرَ مَلْمَسِ المياهِ.. والصواعقِ.. والحديدْ.
الآن يصرخُ نافثًا
أوجاعَ أعوامٍ ثلاثٍ
كَانَ يَكْتُمها وحيدًا كلَّما
رأى مُصابًا أو شهيدْ.
_____________________
*الباشا:
كلمة أعجمية, لها أصلان لغويًا: الأول من “پاشا”, وهي كلمة تركية تعني الأمير, استخدمت لوصف رتبة مقربة من السلطان, تسللت الكلمة إلى العربية الفُصحى وكذلك إلى المصرية الدارجة خلال التواجد العثماني في مصر, إذ كان اللقب يُمنح لأتباع السلطان, وأنصار القصر, والمحافظين على مصالح السلطنة حتى إن داسوا الشعب تحت أقدام الإقطاع والفساد.
أما الأصل الثاني فهو من كلمة “پادشياه” الفارسية, وهي تعني الملك, ويظن أن تسللها لمصر كان خلال الحكم الأيوبي, إذ كان الأيوبيون يستخدمون ألفاظًا فارسية في تسمية رتب مماليكهم.. وهناك اعتقاد شائع إلى حدٍ ما أن المملوك الذي كان يحمل حذاء السلطان يُسمّى “باشا” أيضًا! كنايةً عن دوام قربه من السلطان.
أما الآن فالكلمة تستخدم كلقب دارج لضباط الشرطة, يعتز به كل ضابط جهولٍ, غير مدرك بالطبع للجذريين اللغويين المتأصلين في لا وعي العقل الجمعي المصري واللذين يصفانه أدق وصف: إقطاع, استبداد, وعبودية للسلطان.
____________________
مقطع من نص “الرقيم”
محمد فوزي