اسم السجين (اسم الشهرة) : احمد سعد دومه سعد (احمد دومه)
النوع الاجتماعي : ذكر
تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 12/4/2021
السن وقت الاحتجاز: 26 عام
الوظيفة – نشاط بالمجال العام: صحفي وشاعر
مكان احتجاز المرسل : مكان احتجاز غير معلوم
شهادة من أحمد دومة
مِثلي لا يَصلحُ “كيسَ ملاكمة”، إذْ لا سبيلَ إلّا لأردَّ الَّلَكمات
“الكفّ بكفّ
والكلمة بألف
والباطل – مَظروف لحظَتِهم
هنردّه بتغيير الظرف”
**
أبشع ما في لحظتهم العبثيّة تلك: تضخّم الورم الذي أصاب الدولة في ذاتها
تعاظمت – وهماً – في أمخاخ تابعيها، فظنّوا أنها غاية القصد
[بأيديهم خُلقَت، منهم عُبدَت، وبها رُميَ الآخرون بالكفر]
تناسوا أنَّ الوطن والإنسان، هما مقصودُ كلُّ تطور بشري
هنا تصادمنا: نحن للوطن والإنسان، “… بنيان الرب”،
وهم للدولة والسلطان
اكتفوا بهما عمّا سواهما (تحقيقاً للمصلحة، وانتصاراً لأناهم المنتفخة)، فدهسوا تحتهما كلَّ شيء.
**
“أنت مِش في ميدان التحرير هنا”، “هي دي الثورة يا دومة؟ همّ دول الثوار”، “المتهم بيقولْ: شبابْنا شباب الثورة”، “أنا جايّ لدومة بسْ… خرّج بَقيّة المتهمين من القفص”، “25خساير”، “الواد ده فاكر نفسُه غاندي.. وأنا هَعلّمُه الأدب وأعرَفُه حَجمُه”، “المَحكمة مِش هتسمح لك بالإيماءات والابتسامات والحاجات دي، هحبسك”،”عليّ الحرام من ديني يا دومة ما أنا سايبك”.
لم يكن يرى شخصي- الضئيل، بل حشداً ينايريّاً ثائراً أُريد التنكيل به وسحقه، عقاباً على الحلم والأمل، وعقاباً على تهديد مصالح اسياده القتلة ووجودهم القسري على صدر الوطن.
الجالس على منصّة الحكم سألني عن الثورة.. ساومَني، هاجمَني على الثورة، سخر منها.. منع كلامي فيها، وأدانني – أخيراً – بجريمة الثورة.
– المحكمة أدانتني على تصريحاتي المتلفزة، باعتبارها “اعترافاً” بالجرم، رغم أن محكمة النقض قالت “وسمّاها بالاعتراف بارتكاب الجريمة، رغم عدم توافر شروط هذا الاعتراف وأركانه”، “لا يُعدّ اعترافاً صريحاً بالتهمة وتسليماً بها، بل جاء مقيّداً بوقائع أخرى قوامها دفع اعتداء هذه القوّات بإطلاقها الرصاص عليه وزملائه في تظاهر سلمي”.
– شاهدُ الرؤية الوحيد، شهدَ، وهو صحافي، بأنني كنت بصحبته هو والصحافيين، في موقعِ المتابعة والتغطية، بعيداً عن الاشتباكات.
– قائد قوّات المظلات نفى شهادتَه أو مجرد علمه بقيامي بحرق أو اعتداء أو إلقاء مولوتوف بطول وقت الأحداث (وهي التهمة التي تصر وسائل الاعلام الرسمية على توجيهها لي رغم أنني لم أُحاكم بها).
– مسؤول المرور شهد بأنه أمر بإغلاق مداخل طريق القصر العيني قبل الأحداث بيوم كامل، وأنَّ المتظاهرين غير مسؤولين عن ذلك.
– المُحاورُ التلفزيوني شهد أنني تحدثت عن مبدأ حق المتظاهرين في الدفاع عن أنفسهم في مواجهة الرصاص الحيّ، ولكني لم أفعل ذلك، وقال: “أخشى أن تُستخدم كلمات دومة الانفعالية كمبرر لإدانته والانتقام منه ومن الثورة”.
– صادر المجلس العسكريّ عدد جريدة التحرير، التي نشرت صورةً لأحد الضباط، وهو يُضرم النار في أحد المباني، ولم يتم التحقيق.
– مقدمُ البلاغ اعترف في مقطع فيديو بأنّهم “قالوا لي تعالى قدم بلاغ في دومة”، “ووعدوني بشقة وكشك لو حبسته، وبعد ما شهدت ضحكوا عليّا”، وقد قال ذات الكلام لأحد كتّاب “الأهرام ويكلي” وقام الكاتب بنشر تلك الشهادة في مقال.
– الفيديوهات التي قدمتها لجنة تقصّي الحقائق في أحداث الثورة، أثبتت قطعياً عشرات وقائع القتل والحرق والسحل والتعرية والاعتداء، قامت بها قوات الجيش التي فضت الاعتصام السلميّ، ورفضَ القاضي إثبات ذلك في محاضر الجلسات. كما رفض تسجيل مشاهدة واقعة إطلاق رصاص حيّ على المتظاهرين، قام بها أحد الضباط، رغم تصويرها بدقة في مقطع فيديو.
– قدّم الدفاع شهادات التشريح لـ 19 شهيداً، ارتقوا في الأحداث على يد قوات الجيش. وبدلاً من التحقيق في وقائع القتل، هدد القاضي بتوجيه تهم القتل لي، لا للقتلة الحقيقيين.
– قام قاضي التحقيق بمساومتي – بوجود محاميّ: “اسحب البلاغ والصور والفيديوهات وأنا أروّحك”. كانت صوراً وفيديوهات لضباط وجنود ارتكبوا الجرائم – ذاتها – الموجهة للمتظاهرين في القضية، بما في ذلك القتل، وحرق المباني الحكومية.
– أحال القاضي هيئة الدفاع عني للنيابة العامة، وهدَّدهم أكثر من مرة، لمنعهم من القيام بواجب الدفاع، مما اضطرهم لرفع دعوى مخاصمة لهيئة المحكمة بعد رفض طلب رد الهيئة.
– قرر مجلس نقابة المحامين منع الحضور أمام قاضي مُحاكمتي، نظراً للتجاوزات الجسيمة التي ارتكبها بحقّي.
– “كنت هفرج عنك النهاردة، بس أنت هتفت: يسقط حكم العسكر”. قالها قاضي التحقيق لي، ثم أمر بحبسي.
– مُنع الدفاع من الاطلاع على أوراق القضية أمام محكمة النقض، ومُنع من المرافعة، وصدر الحكم دون الاستماعِ للمحامين.
– احتُجزت بدون سند قانوني لنحو شهرين، بعد انتهاء مدّة عقوبتي الأولى 3 سنوات، إلى أن أصدر قاضي مجلس الوزراء أمراً بحبسي، وقنّن جريمة احتجازه دون وجه حق.
هذه الوقائع وغيرها تقول: مَنْ حاكمَ مَنْ؟ على ماذا؟
كانوا يحاكمون الثورة، وحكموا عليها، وهم القتلة المجرمون.
**
..”لمّا يكون عندي تاجر مخدّرات، كل ما أنزل عليه بحَملَه ما ألاقيش حاجه، آخِرْ ما أزهق.. هالفّق له قضية بودرة ياخد فيها إعدام”
“ما أقدرش أقول للناس أنا حابس دومة عشان اللي عمله في 25 يناير.. هاقول لهم مجمع علمي، تخريب، خيانة، تمويل، هاقول أي حاجه، بس مش هاسمح تُخرج من السجن غير على قبرك”.
“ادّيناك فرصة تبقى معانا، وأنت اللّي رفضت عشان شوية هَبل في دماغك، ضيَّعت الفرصة تكون في السلطة، يبقى اخترت السجن أو القبر” … وقد كان!
… حكموا بأدواتهم اللحظيّة، البائسة
ونحن، سنحتكم لضمير الوطن، للتاريخ (تاريخ الناس، لا تاريخ السلطة)
يا هذا: تتهمني بحرقمبنى، تعطيل طريق، وتحريض الناس على التجمهر
وأنا أتهمك بقتل الثوار، بتعرية النساء، بتكميم الأفواه
أتهمك بالتلفيق، بالتزييف
وأتهمك – كما تستحقّ – بالكراهية
لا شيء في اتهاماتك الباطلة يعيبني أو يخجلني (في معرض الدفاع عن الحلم، الوطن، والحياة) رغم غرق اتهاماتك في الكذب والوقاحة.
لم أكذب كما كذبتَ. لم أقل الزور كما قلتَ. لم أنحز لباطل كما انحزتَ. لم أعم بصري عن الحق كما تعاميت أنت.
[لم تر الحقّ، لا لأنّك أعمًى، وإلا عُذرت لعلّتك
لم تره، لأن الحق يصطفي رسله:
شرفاء، شجعاناً، ولا تابعين ]
(هم) إرهابيون لأنهم سَجنوا، عَذّبوا، قَتلوا واعتدوا، باسمِ الدينِ
وأنت إرهابي لأنك سجنتَ، عذّبتَ، قتلتَ، واعتديت باسم الوطن والقانون
«تفتكر – يا ابن الخطيئة المُحكمة –
مين فينا أشبه بالوطن ؟
أنتَ/ اللي قاتِل عاشِقيه ومكمِّمُه؟
ولا اللّي ليهم كل شبر ف تُربته
مَفرود كَفن؟ »
بخسة، وضعتني بعيداً. لم تجرؤ على المواجهة
بجبن، فعلت فعلتك، وأنا مقيّد في قفص
وبكامل الفجر في الخصومة، أدخلت الرفاق، رموز الثورة، لتصل الرصاصات لكل الجيل، ليس ليّ وحدي.
عالجت، شكلياً، عوار الحكم الأول، وسددت إجرائياً ثغرات تعسّفه
كنتَ قفازاً، تمحى بك بصمات القذارة، تستّف بك أوراق المظلمة المُحكمة
فقط: لتنفي عنّي كلّ احتمال لمحاكمة عادلة، نزيهة، آمنة… أو مستقلّة
«أن تضع ملصقاً على قطعة خِراء مكتوب عليها “قُرنفُلة” لن يغيّر ذلك من كنْهها
ستبقى خراءً مهما ادّعيت، وروّج صبيانك الكذبة »
بحثت عن الإدانة فخلقتها
ولو فتّشتَ عن الحقيقة لتبينتها
كانت أمام عينيك، ولم تبصرها – عمداً مع سبق الإصرار
حكمتَ عليّ زوراً بالسجن
وأنا لا أقبل الحكم
لن أقبله لأنه ظالم، منحاز، ومهدر للحقيقة والدم.
يا هذا: أحكمُ عليك بالعار أبداً
فابقَ في قعره حتى تتعفّن.