ايمن علي ابراهيم موسي (ايمن علي) – بابا حبيبي ..
قالولي مش هشوفك تاني!

اسم السجين (اسم الشهرة) : ايمن علي ابراهيم موسي (ايمن علي)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 11/15/2015

السن وقت الاحتجاز: 21 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالب بكلية الهندسة بالجامعة البريطانية بالقاهرة

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون/تأهيل وادي النطرون

بابا حبيبي ..
قالولي مش هشوفك تاني!

بابا حبيبي ..
قالولي مش هشوفك تاني!
أنا آسف ملحقتش أرد على جوابك الأخير، فاكره؟ اللي كتبتهولي قبل الزيارة اللي فاتت بيوم..
آخر زيارة شوفتك فيها ( 2015/11/5 ) فاكر أخره كنت كاتب ليا إيه؟ “تخرج لنا بألف سلامة، و اثبت، و ربنا موجود ما سابش الدنيا للعباد، و هو أرحم الراحمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم”
كل مرة مش بلاقي كلام أكتبه من كتر ما الأيام شبه بعض هنا!
بس المرة دي في كلام كتير عايز أقولهولك..
هحكي لك جزء من اللي حصل في الكام يوم اللي فاتوا دول..
يوم الأربع 11/11 بالليل إستدعوني و سألوني إذا كنت بشتكي من حاجة صحية.. قلت لأ
سألني طيب ليه مقدم شكوى في مصلحة السجون؟ قلت له أنا مش مقدم حاجة!
سأل شوية أسئلة و بعديها رجعني على الزنزانة.
قعدت مش فاهم حاجة و دخلت نمت بعديها..
تاني يوم صحيت بدري.. بعد شوية فتحوا الباب و ندهوا عليا و قالولي ألم حاجتي عشان هروح سجن المزرعة.. غريبة!
المهم الشباب ساعدوني و لميت حاجتي و طلعت.. ده كله مش فاهم حاجة.. طلعت على عربية الترحيلات و كنت مضايق إني مش هشوف جندي ولا عارف تاني..
ما كنتش أعرف إني مش هشوفك إنت تاني!!
وصلنا السجن.. “ملحق” المزرعة”
كلمة تفرق كتير.. سجن ملحق المزرعة مشدد.. كل الزنازين هناك انفرادي، بس الزنزانة نضيفة من جوه.
كان في قيادات كتير هناك، ما كنتش عارف إيه اللي جابني هنا ولا هقعد لحد امتى و كنت خايف..
اخدوا كل حاجة مني و أنا داخل و حطوها في المخزن. سابوا معايا طقم غيارات و طقم كالسون و سلموني بدلة زرقة – زي إللي بزوركم بيها – و بطانيتين.. واحدة على البلاط و التانية اتغطيت بيها.. و المصحف و ساعة و الكروكس بتاعي و فوطة و زجاجة مية و بس كده.
الوقت ما كانش بيعدي.. الدقيقة بتعدي كإنها ساعة.. مش مبالغة!!
الظهر أذن، صليت..
الأكل كان جه قبل الصلاة بس أكلت بعدها..
كان فيه سخان مية هناك.. تخيل بقالي سنتين ما شوفتش فيهم سخان مية!!
طبعا لما شوفته قعدت ألعب بالماية السخنة و بعد لما خلصت أكل اخدت دش، و بعديها قعدت أقرأ قرآن شوية.
يااااه يا بابا أنا كنت في نعم كتير ما كنتش واخد بالي منها! يلّا الحمدلله.
بعد وقت حسيته كبير جم فتحوا الباب و قالولي ألبس ميري و أنزل معاهم.. سألت أخد معايا حاجة؟ قالولي لأ زي ما أنا انزل معاهم.
نزلت معاهم لحد بوابة الملحق. لقيت هناك ناس كتير أوي يا بابا مسلحين، و لقيت مدرعة خضرة.. إيه كل ده ليه؟ و افتكرت و أنا ماسك دقني إني متهم بالإرهاب..
كلبشوني في مخبر و ركبنا المدرعة و معانا ظابط و مخبر تاني.
المدرعة من جوا ما كانش فيها شبابيك و كانت مكيفة.. و كان فيها كاميرتين و لمبتين زُرق طوال..
كنت حاسس إني في السنيما بس من الناحية التانية من الشاشة مش ناحية الكرسي و الفشار!
كنت خايف أوي!
دماغي ما وقفتش تفكير.. “طب هوا أنا عملت إيه؟” سألت نفسي!
هَدِّيت نفسي شوية بالأذكار، و سألت الظابط لو كان من الممكن أعرف إحنا رايحين فين.. قالي لو كان يعرف ما كانش هيبخل علي بمعلومة..
كان شاب شعره أصفر و عنيه زرقا و طويل، كان لابس ساعة “هاند فري” في ودنه و كان لابس “بلازر” و تحته قميص.. كنت فاكره إعلامي أول لما شوفته!
بس كان شاب ظريف.
سألني إيه أسوء حاجة تتوقعها ممكن تحصل دلوقت؟
قلت له نروح أمن الدولة.
ما كنتش أعرف إن فيه أسوأ!
وقفت المدرعة..
اتغيرت ملامح الظابط و بقت جادة.. قرب مني و قالي “أيمن أنت هتقابل أهلك دلوقت، بس هم ميعرفوش.. و في حاجة كويسة و حاجة وحشة”
سكت شوية و كمل “باباك تعيش أنت.. بس دا هيخفف لك الحكم”
الكلمة الوحيدة الي خرجت من بُقي هي ” لأ!”
باقي الكلام فضل جوه دماغي..
عيني وسعت.. مخي وقف.. باب المدرعة اتفتح و لقيت نفسي بتشد ناحيته من إيدي المتكلبشة..
لقيت صفين من باب المدرعة لباب العمارة، كلهم ماسكين سلاح.. كان ممكن نحرر فلسطين بالناس دي كلها!
مشيت ما بينهم لحد باب الأسانسير و هنا عرفت الخبر الوحش التاني.. إني مش هشوف أمي ولا شريف!
فضلت ساكت لحد ما طلعت عند عمو فتحي و قابلني حلو أوي هو و إسلام.. إخويا.. توأمي.. ابنك.. مش كنت بتقوله كده؟
مسكت نفسي من العياط.. كنت خدت قرار اني مش هعيط غير لما أرجع الزنزانة لوحدي تاني.
قعدت على الكرسي و المخبر متكلبش معايا.. مخي لسه “مهنج”.. مش مجمع!
كلموا أمي.. و شريف اللي رد، و اطمنت عليه و بعديها كلمت أمي..
كنت عايز أحضنها و بس!
مش عارف اتكلم أقول إيه.. أبص على يميني ألاقي أمينة بتحضن أحمد و بتعيط، أفتكر أنا هنا ليه .. وأسكت..
أغير الموضوع.. أفتح أي موضوع تاني..
إسلام جابلي أكل، بس ما كنتش قادر أكل.
كلمت ماما تاني و قالتلي إن صحابي ما سبوهاش هي و شريف من يوم التلات.. رجالة والله.
ربنا يبارك لهم مش عارف هردلهم الجميل ده ازاي.. دعيت لهم لما رجعت الزنازنة..
الوقت عدى بسرعة، ونزلت على السلالم، ولقيت المدرعة واقفة في مكانها الناحية التانية من الشارع و الصفين واقفين..
مشيت ما بينهم و شفت الناس في البلاكونات بيبصوا عليا مش عارف كانوا بيفكروا في إيه! بس مش مهم..
رجعت على ملحق المزرعة، على نفس الزنزانة.. معايا نفس الحاجات زائد هم كبير فضل معايا 40 ساعة لحد لما رجعت وادي النطرون و شفت صحابي اللي هونوا عليا شوية..
40 ساعة عديتهم ثانية ثانية.. 40 ساعة أنا و دماغي.. كنت زيك في قبر! بس قبري كان 5 ستارز..
جت عربية الترحيلات يوم السبت و كأني أخدت إفراج!
نزلت خدت حاجتي اللي في المخزن و طلعت على عربية الترحيلات و رجعت على ملحق وادي النطرون.. الحاجة اتفشت و رجعت على الزنزانة تاني.
أمي عرفت إني رجعت وادي النطرون ف عملت تصريح، بس إترفض بتاعي لأسباب مبهمة. و خالو طلع له تصريحه عادي!!
و جت أمي و ندهوا عليا و على خالو و طلعنا لحد أخر باب بس رجعوني تاني.. وخالو دخل الزيارة.
طلبت إني أسلم على أمي حتى أو أشوفها من بعيد.. رفضوا!
رجعوني على الأوضة تاني..
كان وقت التريض بتاعنا، صليت و فضلت مستني خالو لحد لما رجع من الزيارة.. طمني على أمي و قالي إن شريف ما دخلش فضل مستني بره.
و لحد دلوقتي ما شوفتهمش و على أمل إني اشوفهم في معاد الزيارة العادي!
تقريبا يا بابا هو ده مختصر اللي حصل في الأسبوعين اللي فاتو دول.
ما تقلقش يا حاج في ناس كتير بتحبك و بتدعي لك.
و إحنا كده كده جايين لك في الطريق.
رحمك الله يا أبي.