بدر محمد عبد الله – كم يصعب عليَّ رؤيتك تكبرين وأنا خلف قضبان قبيحة.. سامحيني إذا انهرت فجأة

اسم السجين (اسم الشهرة) : بدر محمد عبد الله

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 9/5/2022

السن وقت الاحتجاز: غير معلوم

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالب

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون طرة

كم يصعب عليَّ رؤيتك تكبرين وأنا خلف قضبان قبيحة.. سامحيني إذا انهرت فجأة

بخطوات متسارعة تقطع قدماي المسافة في ثوانٍ قليلة، أبحث عنك أنت وإيلي – إيلينا – خلف هذه القضبان المعدنية القبيحة، عندما ألاحظك، تتحقق عيناي من كل شبر منك، شعرك البني المجعد، عينيك الكبيرتين اللطيفتين على طول الطريق، حتى قدميك اللطيفتين الصغيرتين، في كل مرة تبدين مختلفة بعض الشيء، تكبرين قليلاً ، تتعلمين المزيد من الحركات والكلمات الجديدة، تبدين جميلة جدًا، وفي كل مرة أسعد كثيرا برؤيتك
عالق وحدي في جزيرة مهجورة، حيث تمر تحرك الساعات ببطء شديد ، وأنا أجلس في الزاوية ، ذراعي حول ركبتي، وأحتضن نفسي، وأنتظر الرد على رسالتي للمساعدة، التي ألقيتها في اتجاه البحر منذ عامين
الأمل مثل نصف مريض ميت، راقد في سريره، ليس حياً حقًا، ولكنه يرفض الرقود في سلام، الوقت يتلاعب بي، يتسارع فقط في اللحظات القصيرة التي أراك فيها يا ابنتي، وعندما تلوحين بيديك الصغيرتين لتقولي وداعًا، فإنك تعطين الوقت إشارة للتجميد مرة أخرى.
لمرة واحدة في الشهر يبدو هذا المكان الكئيب باعثا على الفرحة إلى حد ما، يحمل صوتا سعيدا، كنت أسمع أصوات الطيور تغني فوق أشجاري الخيالية، أرى ورودًا حمراء تنمو وتتسلق القضبان المعدنية، بينما يتم إخراجي من الزنزانة إلى المكان الذي تراني فيه، مرة في الشهر كل شيء مختلف هنا، تلك الدقائق التي أراك فيها، أقضي وقتي هنا أعيش تلك الدقائق، إنها تمنحني الطاقة التي أحتاجها للصمود في جولة أخرى.
تلك الدقائق القليلة التي أقضيها معك مهمة جدًا بالنسبة لي، لدرجة أنه يمكنني اختيار الاحتفاظ بهذه التجربة الكاملة للسجن في ذهني، فقط حتى لا أفقد ذكرياتك في تلك الدقائق، بدونك سيكون الأمر أكثر صعوبة وأكثر حزنًا، وأحبك وسوف أكون هكذا دائما.
أحاول ألا أكون حساسًا للغاية، ألا أترك مشاعري تتحكم بي عندما تزورينني، لكن سامحيني يا ابنتي الصغيرة الحلوة، إذا انهرت فجأة، لا أريد أن تحوي ذاكرتك صورة ضحية حزينة للظلم وأب عاجز، لا أريدك أن تريني في هذا الموقف الضعيف حتى لو لم تفهمينه بعد.
في تلك الزيارة الأخيرة ، ذلك الجدار الكبير الذي بنيته لإخفاء مشاعري، كان على وشك الانهيار، في اللحظة التي جلست فيها على الأرض تبتسمين، وتقررين مقاطعتي أنا وإيلي فقط لتقولين (ماما … بابا)، وعندما ونجحتي في لفت انتباهنا ، واصلت الابتسام، ولا شيء غير ذلك، في تلك اللحظة أردت أن أخفي وجهي في حضنك وأبكي كطفل، طوال الأيام التي كنت بعيدًا عنك ، وعلى كل لحظة سُرقت منا، على كل ليلة لم أستطع وضعك فيها على الفراش، وعلى كل قصة لم أستطع إخبارك بها.
ماما … بابا، ما أجمل هذه الكلمات، ما أجمل ابتسامتك يا أمينة ، وكم يصعب على والدك رؤيتك من داخل قفص وأنت تكبرين، إلى متى سيستطيع قلبي تحمل كل ذلك، الدقائق القليلة التي نقضيها معًا قصيرة جدًا يا ابنتي، وفي كل مرة تقولين وداعًا أشعر أن شيئًا مميزًا جدًا قد سُرق مني، أحبك كثيراً يا أمينة.