شريف ابو المجد – الحياة داخل الزنزانة

اسم السجين (اسم الشهرة) : شريف ابو المجد

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 1/13/2015

السن وقت الاحتجاز: 65 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: عضو هيئة تدريس بكلية هندسة المطرية بجامعة حلوان

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون طرة

الحياة داخل الزنزانة

بينما انا اكتب فى أحد كتبى التى ألفتها اثناء فتره حبسى التى زادت عن سنه ونصف دون محاكمه ، وعندما كان زملائى الخمسه الآخرون فى الزنزانه نائمون ، جعلت اتأمل حياتى داخل الزنزانه ، اتأملها دون غضب او رضى ، وانما بطريقه حياديه ، ورغم غضبى ولعناتى على من اعتقلونى من بيتى قبل آذان الفجر دون جريره، ورغم رضائى عن ربى سبحانه وتعالى ورضائى بقضائه ، فإننى احاول تأمل حياتى فى الزنزانه بطريقه حياديه ، وسأستعين فى توضيح ما اقول بالرسم لاننى مهندس
ولكن لنبدأ من البدايه ، فانا استاذ متفرغ فى كليه الهندسه بالمطريه ، وقد وصلت لسن المعاش من خمس سنين ، وقد سافرت للحصول على درجتى الماجيستير والدكتوراه آخر سنه 1974 على حسابى ، ولاتشتط بك الفكر فتعتقد اننى من اصحاب الملايين ، فلم اكن املك وقتها الا الف جنيه مصرى ، تركها والدى الذى توفى وانا ابن سبع سنين ، ولكن هذه الالف كانت توازى تمانمائه جنيه استرلينى !! ، اما كيف كفت لدراسة الماجستير والدكتوراه فى اسكتلندا فتلك حكايه اخرى ، ربما اقصّها فى مدونه قادمه ، المهم اننى عدت فى منتصف سنه 1979 بدرجه الدكتوراه فى الهندسه الانشائيه ، ومن بدايه عام 1980 عملت بالتدريس فى كليه الهندسه فى جامعه المنصوره ثم جامعه حلوان لمده اربعه وثلاثين عاما ، حتى يوم اعتقالى ( 5 سبتمبر 2013 ) ، وطوال هذه المده لم اطلب انتدابى للعمل خارج جامعتى الحكوميه يوما واحدا ، لاخارج مصر ( فى الدول النفطيه ) ولاحتى داخل مصر ( فى الجامعات الخاصه )
وليس فى هذا من ولا أذى وانما تقرير للحقيقه ، حتى يفهم القارىء طبيعة شخصيتى ، والآن نعود الى الموضوع الاساسى وهو حياتى داخل الزنزانه ، وابدأ بأن اقول ان الزنازين فى السجون المصريه ( عددها الآن خمسه واربعون سجنا تخصّ بالمعتقلين السياسيين – اكثر من الف فى المتوسط فى السجن الواحد – بالاضافه الى الجنائيين ) اقول ان الزنازين بأبعاد مختلفه ، تبدأ من متر فى مترين للحبس الانفرادى ( التأديب ) الى 8×11 مترا للزنازين التى يوضع فيها اربعين معتقلا ، وحيث ان اكثر فتره اعتقالى كان فى زنزانه 8,3×25,4م فسوف أقصر وصفى للحياه فى الزنزانه على هذا النوع من الزنازين .
وعاده يوضع فى هذه الزنزانه من 6-8 معتقلين ، ولاننى من كبار السن ، ومعى مرضى وكبار سن آخرون ، فقد اكتفوا بوضع سته منا فى هذه الزنزانه ، فكيف جعلنا هذه المساحه 16م2 مكانا للعيش يشمل غرفه نوم ، وغرفه طعام ، وغرفه جلوس ، ومسجد ، وغرفه استقبال للضيوف ومطبخ ، وكل ماتتطلبه الحياه العاديه ، هذا ما سأحاول شرحه مستعينا بالرسومات التوضيحيه
حتى يتحقق العدل يحصل على فرد من السته على مكان ينام فيه عرضه 80سم وطوله 75,1م ، وتلاحظ من الرسم ان المكانين 5،6 لهما 5,1م فقط ، وفى هذه الحاله اما ان يدخل قدماها فى قدمى النائمين فى 3 ، 4 او يكونا من قصار الطول وبذلك يكون لكل فرد مساحه 80,0×75,1م اى 4,1م2 ليس فقط لنومه ، ولكن يحيا داخلها ، اى يجعلها غرفه مكتبه اذا نام الآخرون ، وحيث اننى كتبت خمسه كتب فى هذه السنه والنصف ، واعمل حاليا فى الكتاب السادس ، فلابد ان يتبادر الى ذهنك اننى اقوم بالكتابه من 3-5 ساعات يوميا ، وهذا صحيح ، واغلب هذه الفتره وزملائى نائمون ، فلابد ان اتحرك داخل مساحتى فقط ، والرسم المرفق يبين كيف اقوم بذلك ، فأنا اجلس على كرسى ، واضع صنوقا فارغا من الكرتون على كرسى آخر ، حتى استطيع الكتابه دون ان ينحنى ظهرى كثيرا ، وحتى لاازعج زملائى النائمون فقد خصصوا لى المكان رقم 1 ، وعلقت ملاية بينى وبين رقم 2 ، ووضعت لمبه موفره للطاقه 40 وات ، وعندما اسحب الملايه لايزعج ضوء اللمبه النائم فى رقم 2

غرفه طعام
حيث ان منا اثنين من كبار السن لايستطيعون الاكل على الارض ، فهما يستغلان المنضدى المبنيه بعرض 40سم وطول 80سم اثناء وجبات الطعام ، ثم تمسح جيدا وتستغل فى وضع المصاحف وبرطمانات الشاى والقهوه وماشبه عليها فى غير اوقات الطعام ، والباقى يفترشون الارض ، حيث يتم وضع مفرش بلاستيك فوق مكان نوم 2،3،4 لكى يأكل عليه اربعه الاخرون ، ولعل القارىء النابه يظن ان المسافه بين دوره المياه والمنضده – وهى التى فيها السخان الذى نطهى عليه او نسخن الطعام الذى يحضره اهالينا غير كافيه لجلوس من يقوم بالطهى ومرور من يريد دخول الحمام ، وظنه صحيح أثناء الطهى او تسخين الطعام يجب ان يقوم الجالس القرفصاء لطهى او تسخين الطعام ويفسح الطريق لمن يريد دخول الحمام او الخروج منه
ولكى تكون الحياه اكثر اثاره فالمياه لاتتوفر فى الصنادبير إلارُبع ساعه عند الآذان للصلوات الخمس ، ولذلك فلابد من تخزين كميات غير قليله من المياه ، لان المسئول عن تشغيل الموتور كثيرا ماينام عند آذان الفجر ، وبذلك لاتوجد مياه من آذان العشاء ( السابعه مساءً مثلا ) وحتى يستيقظ سيادته فى الثامنه او التاسعه صباحاً ، ولذلك يبين الرسم اماكن تخزين المياه ، بالاضافه الى برميل بأسفله صنبور ، اشتريناه ووجدنا صعوبه شديده وتعنت حتى سمحوا لنا بادخاله – جزاهم الله خيرا
غرفه الجلوس
فى غير اوقات الصلاه ولا العام يكون كل الفُرُش ( جمع فرشه ) هى غرفه الجلوس ، وكل منا له الحق فى الجلوس او الاضطجاع فى المساحه المخصصه له ( 80سم×75,1م ) والفرشه عباره عن بطانيتين ينام عليهما المعتقل ، وله ان يغطيها بملايه ، وله ان يطبّق بطانيه ثالثه لتكون مخده له ، فهو حر ، ألم تغم ثوره يناير 2011 ، من اجل الحريه ، فانت حر داخل الزنزانه فى ان تجلس او تضطجع ، ان تقرأ او تتأمل فى الايام ، وليس ذلك فقط فانت حر ايضا فى ان تقزقز اللب او تتحدث مع الآخرين ، والحمد لله رب العالمين على هذه الحرية
المسجد
اثناء الصلوات الخمس ، وفى ركعتى التهجد قبل صلاه الفجر يمكن ان يصلى الامام مكان رقم 5 ، ويصطف الخمسه الآخرون على الفُرس من 1 الى 4 خلفه ، لان مكان القبله كما هو مبين بالرسم ، ولاتقل لى اننا بذلك تكون دوره المياه امامنا ونحن نصلى ، فهذا هو التزمت بعينه ، وبالذات لان الزنزانه التاليه تكون دوره المياه خلف المصلين ، لان دورتى المياه ( back to back ) ، ولاتقل لى ألا اتحزلق واتباهى بمعرفتى باللغه الانجليزيه ، فليس ذلك فى نيتى ، وانما هو سوء ظنك انت
غرفه الجلوس واستقبال الضيوف
عندما يفتحون لنا الزنازين ليسنعوا لنا بالتريّض لمده ساعه أو ساعتين فى اليوم ، فإن التريض يكون فى طرقه عرضها 75,1م كما هو مبين بالرسم ، وطولها حوالى 30م ، لان كل دور مقسم الى اربعه ارباع ، كل ربع به سبعه زنازين ، يقفل عليهم باب حديدى مؤدى للسلم ، وعند التريض فالمسموح لك فقط بالخروج من ضيق الدنيا فى زنزانه مساحه 16م2 التى تعيش فيها اثنين وعشرين ساعه ، الى سعة الطرقه (50م2) ، صحيح لن فيها من 42 الى 56 شخص ، ولكن لاداعى للتذمر ، فتصفهم قد يكون نائما ، وعموما هذه هى لائحه السجون ، والحقيقه ان الجانب الآخر من الطرقه ( المقابل للجانب الذى به ابواب الزنازين ) به قضبان حديده ، ولكنها كل 15سم ولذلك فهى تسمح لك برؤيه من فى الربع المقابل ، بل وتسمح لك برؤيه السماح ، وخصوصا اذا كنت فى الدور الثالث فوق الارضى مثلنا ، ولاتقل لى كيف يتريّص بين 40 – 50 شخص فى مساحه 50م2 ؟ فهذا السؤال ينطوى على اتهام للداخليه وسجونها ، وهى التى ينشر مسئولوها صورتهم وهو يتمشون بجوار الملاعب الفسيحه التى يتريّص فيها المعتقلون ولايجب ان يتطرق الى ذهنك ان هذا تضييق ، لان هؤلاء الخمسون يلعبون ويجرون ويتريّضون فعلا فى هذه المساحه المحدوده ، انت فقط تحتاج ان تستعمل خيالك الكلان هذا .
المهم اذا شاءت مجموعه من غرفه مازياره زملائهم فى غرفه اخرى لشرب الشاى والحديث فلابأس من ذلك ، ولاتقل لى كيف يجلس 12 – 16 فرد فى المكان المخصص للنوم ؟ ( كما هو مبين بالرسم ) ، فهذا السؤال ينطو ايضا على اتهام للداخليه وللعدل ، فوق مافيه من قله الادب مع الذين يحافظون على امن البلد من اناس عمرهم 65 سنه وخدموا البلد باخلاص 34 سنه هون اى تقصير ، المهم لو كانت قدراتك العقليه التخيليه تعمل لادركت ان هذا العدد 12 – 16 لو جلسوا وظهورهم للحائط فيمكن ان يجلس اربعه على الفرش 1 ، ثم يجلس خمسه على الحائط بين الزنازتين ، ثم خمسه آخرون فوق الفرشه 5 والفرشه 6 ، مستندين الى الحوائط ايضا ، أأنت راضٍ الآن ؟ ، نعم يمكن ان يجلس اربعه عشره شخص فى هذه الغرفه براحه تامه ، ويشربون الشاى والقهوه ، التى يعملونها فى الغلايه دون ان يدفعوا مليما واحدا ً فى الكهرباء التى يستعملونها ، سواء فى الاضاءه او فى تشغيل الغلايه ، فلابد نشكر الداخلية على هذا الكرم وهذا المتع التى يتمتع بها المعتقلون
والآن قد يسأل خبيث السؤال التالى : اذا كنتم تستغلون كل سنتيمتر مربع سواء عند النوم او عند استقابل الضيوف فأين يضع كل منكم ملابسه وكتبه ، واين تحتفظون باكياس الارز والمكرونه والسكويت ، واين تضعون فوط الوجه وماشابه ، وهذا ايضا سؤال يدل على سوء الظن بمصلحه السجون وسوء الادب معها ، فأولا زودت مصلحه السجون الرحيمه كل زنزانه برف لحمل الحقائب على شكل حرف (L) فوق الفرشه 1 بعرض 30سم ، كما ان هناك رف آخر فى الحائط المقابل للحمام ، صحيح ان هذين الرفين لايكفون لخُمس الملابس والاغراض الشخصيه لعدد من 6 – 8 افراد ، وكذلك مواد البقاله والخضر وماشابه التى يحتاجونها ، ولكن مره ثالثه اين خيالك الكسول ، من حقك – نعم من حقك – ان تدق مسامير فى كل هذه الحوائط بحيث تضع فى كل مسمار صلب حقيبه اوكيس ، او تفرد دوباره بينهما حتى تعلق فوطتك او الجاكيت الذى تلبسه عند الاستيقاظ فى ليالى الشتاء القارصه هل تريد التعليق ايضا ان الشبابيك ليس لها ضلف زجاج ، وان لها فقط شبكه حديد لمنع القفز منها للخارج ، اين خيالك الكسول ، هناك افكار كثيره لسد هذه الشبابيك دون ان تمنع ضوء الشمس من الدخول ؟ ، ماهى هذه الافكار ؟ ، لن اقول لك ولابد ان تستعمل خيالك ؟ شىء عجيب هذا الكسل .
الآن بعد ان شرحت لك الامور الماديه فى الحياه داخل الزنزانه دعنى الآن اشرح لك الامور الوجدانيه ، وعلى فكره الذكاء الوجدانى اصبح من اهم انواع الذكاءات ، المهم أن الحياه تمضى داخل الزنزان على النحو التالى :
يستيقظ النائمون ساعتين قبل آذان الفجر حيث يصلون صلاه قيام الليل ، لان الله سبحانه وتعالى امر نبه عليه الصلاه والسلام فقال ” ياأيها المزمل قم الليل الا قليلا ، نصفه او انقص منه قليلا ، او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ” فهم يحاولون التأسى بنبيهم الكريم ، فيصلون صلاه القيام ( التهجد ) حيث يدعون الله ان يجعل حبستهم هذه فى ميزان حسناتهم ، تكفيرا لسيئاتهم ورفعه لدرجاتهم ، وان يتقبل الله منهم فيها الصيام والقيام والركوع والسجود وقراءه القرآن .. آمين
وبعد صلاه آخر ركعتين فى التجد معا نصلى الشفع والوتر ، ثم نصلى الفجر ، وبعده يمكن ان يشرب البعض الشاى باللبن مع البسكويت بينما يرددون اذكار الصباح ، وبعض المعتقلين يفضل البقاء مستيقظا حتى يصلى الضحى بعد الشروق بثلث الساعه حتى يحظى بأجر حجه تامه تامه تامه ، وبعضهم ينام لانه استيقظ باكرا ً
وفى الصباح التالى يستيقظ العواجيز امثالى فى الثامنه صباحا ، حيث ينتظرون ان يمن عيهم الشاويش بتشغيل الموتور حتى يستطيعون اخذ ( shower ) على الصبح ثم يجلسون لتلاوه ماتيسر من القرآن لحين استيقاظ الذين ناموا بعد الشروق فى العاشره صباحا ، وبعد الافطار معا يمكن ان تفتح ابواب الزنازين فى الحاديه عشره صباحا لمده ساعه او ساعتين ، حيث يصلون الظهر معا فى الطرقه .
انا اعرف عقلك الخبيث الذى يصر على السؤال كيف يستطسع خمسين مصلى ان يصلون فى طرقه عرضها 75,1م ؟ ، كل صف به ثلاثه مصلين ، ولكن هذا يعنى انه سيكون هناك 18 صفا ، ماهو المانع ، احد المصلين فى النتصف يبلغ حتى يسمع الباقون ، كل شىء ميّسر ولكنه عقلك الدائم الشك والشكوى من مصلح السجون التى لاتألوا جهدا فى توفير كل سبل الراحه للمعتقلين
وبعد قفل باب الزانازين يقوم زملائى فى الغرفه بقراءه بعض الكتب او تلاوه القرآن ، ويقوم المسئول عن الطعام بتسخين مايأتى فى الزياره او طهى بعض الطعام اذا لم يكن هناك زياره من الاهل فى ذلك اليوم ، وعاده مانتناول طعام الغذاء / العشاء قبيل المغرب ، ونتلو اذكار المساء اثناء اعداد الطعام
بعد تناول الطعام نصلى المغرب ثم العشاء ، وعاده ماينام العواجيزا امثالى بعد صلاه العشاء لمده ساعتين ، ثم اقوم لأمارس الكتابه حتى الواحده صباحا ، والباقون نائمون حيث استمتع بالهدوء والتركيز ، والباقون ينامون فى الحادية عشره مساءا ً ليستيقظوا قبل الفجر بساعتين او اكثر .
العجيب ان الحب يسود بينهم والرضاء يظلل لهم ، وتجدهم دائما ضاحكون مستبشرون ينتظرون الفرج ، لان انتظار الفرج عباده ، ما انهم ضاحكون فذلك لانهم يتمثلون قول الخليفه الثانى عمر بن الخطاب ( رضى الله عنه ) الذى يقول ” اننى اشكر الله عند نزول البلاء على ثلاثه امور:
1- انه لم يكن اكبر من ذلك
2- ان الله الهمنى الصبر عليه ( وكل شىء يبدأ صغيرا ثم يكبر الا المصيبه فإنها تصغر مع الوقت )
3- انه لم يكن فى دينى ( اللهم لاتجعل مصيبتنا فى ديننا )
ويشكون الله انه اختيارهم لهذا الابتلاء لانهم يعملون لخدمه دينه ونصره شريعته ، والا فقل لى بالله عليك ماهو مبرر اعتقال رجل عجوز فى الثالثه والستين من عمره ( من سنه ونصف ) وخدم بلده اربعه وثلاثون عاما بالتدريس فى الجامعه ، ولم يكلفها مليما للحصول على الماجستير والدكتوراه ؟ ماهو المبرر الا انه يقول لطلبته قال الله وقال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فى بدايه كل محاضره لمده خمس دقائق
ويعرفون ان امر المؤمن كله له خير ، فإن اصابه ضراء شكر فكان خير له وان اصابته نعماء صبر فكان خير له ، وليس ذلك الا للمؤمن ، وهو تصديق الحديث عن المصطفى ( عليه الصلاه والسلام )
وقد يسأل عقلك الميال للشك فماذا عن حبس بعض اطهر رجالات هذه الايه وبعض افضل علماؤها ؟ اليس ذلك هدرا لطاقات كثيره البلد احوج ماتكون اليها ؟ ولن ادخل فى جدل مع عقلك هذا الذى يميل الى الشك دائما ، ويميل الى اتهام مصلحه السجون بكل نقيصه ، وانما سأتناول جانبا مهما فى كلامك وهو هدر الطاقات واهدار الاوقات ، وسأبدأ تعليقى بقول للامام ابن تميمه فى ما معناه ” ماذا يستطيع اعدائى ان يفعلوا بى ، ان قتلى شهاده وحبسى خلوه ونفيى سياحه وقرآتى قى صدرى ، فماذا يستطيع اعدائى ان يفعلوا بى ؟ ” حقا…
واضرب لك مثلا بى انا شخصيا ، فقد من الله على فى هذه الحبسه ان انهيت خمسه كتب وماشى فى السادس ، هذه الكتب هى :
1- ” المحنه الرابعه – دروس وعبر ” وهى عن هذه المحنه التى تعرضت لها الحركه الاسلاميه فى مصر ، وهى بالنسبه لكبرى الحركات الاسلاميه تعتبر الرابعه
2- ” جدد اسرتك ” وهو عباره عن سبع عادات لو تحلى بها المرء لاصبحت اسرته اهم شىء فى حياته ومصدر سعادته وجنته فى الدنيا
3- ” البديل الثالث ” وهو ان اى نزاع سواء كان صغيرا بين الرجل وابنه او كبيرا بين دولتين فهو قائم على بديلين فقط ، اما طريقتى / جانبى او طريقتك / جانبك ولكن حاول الطرفان الوصول الى بديل ثالث افضل منهما لوصلوا اليه ، كيف ؟
4- ” التعليم المستنير لمراكبه عالم سريع التغيير ” وهو عن مشكله التعليم فى مصر والبديل الثالث لحلها ، مع عرض لتجربه رائده لمدرسه فى الولايات المتحده درّست مبادىء القياديه للاطفال من سن خمس سنوات ونجحت نجاحا بارها
5- ط التفكير الجيد ” ادواته واساليبه ومراحله ، وكيف تكون مفكرا ً جيدا
6- ” الذكاء الوجدانى ” ماهيته وكيف تستخدمه ليقودك الى النجاح فى الحياه ( ماوالت اكتب فيه )
وانا ماكتبت نبذه عن هذه الكتب الا انها مازالت لم تنشر ، لاننى اعرضها على النت لاخذ رأى اصدقائى وزملائى فيها حتى احسّنها قبل نشرها
والآن هل مازال عقلك يشكك فى ان الداخليه والآمن تريد لى – ولزملائى المعتقلين – الخير ، حيث وفرت لى كل السبل لتأليف هذه الكتب ، التى لو كنت خارج السجن لاستغرقت خمس سنوات – على الاقل – حتى اكملها
والآن الاتريد ان تنضم الينا لتنعم بما ننعم به من ملاعب ورعايه صحيه ممتازه وظروف اقامه ولافنادق حمس نجوم كما يقول اللواء محمد راتب من مصلحه السجون فى الصحف ، ان كنت من الذين يخرجون فى المظاهرات او يسيرون فى المسيرات فغالبا سنحظى بصحبتك قريبا ، فإن كل يوم يرد وارد جديد على سجن الاستقبال بطره حيث نقيم ، حماك الله وحفظك .. آمين
ملحوظه :
طالما ذكرت الرعايه الصحيه الممتازه التى توفرها لنا الداخليه ، فسأقص قصتى مع عياده الاسنان ، فانا لدى ضرس محتاج حشو ويؤلمنى ولذلك كنت آكل على الناحيه الاخرى من فمى ، فلما انفك طربوشى لأحد ضروس هذه الناحيه اسقط فى يدى ، فحاولت النزول لعياده الاسنان فقيل لى ان العنبر (أ) – الذى نقع فيه زنزانتى – موعده الاحد فقط من كل اسبوع .. وهذا ماجرى عندما نزلت يوم الاحد :
1- اول مره نظر طبيب الاسنان الى فمى واخبرنى ان الطربوش لايمكن تثبيته رغم انه كان مثبتا فعلا ، ولكنه نظر الى شذار عندما قلت له ذلك ، فقلت هل يمكننى ان احشوا الضرس فى الناحيه الاخرى فقال لى انه كان يجب ان اسجل اسمى يوم السبت حتى يتفضل بعلاجى يوم الاحد ، ولذلك امرنى ان افعل ذلك الاسبوع المقبل
2- سجلت اسمى يوم السبت ونزلت بعد ان فتحوا باب الربع ونحن نصلى صلاه الظهر ، فعندما قلت له ماحدث فى الاسبوع الفائت قال لى لااستطيع حشو ضرسك الساعه الواحده لاننى لابد ان اعقم الادوات التى سأستخدمها ، تعادل يوم الاحد القادم مبكرا ً قبل الحاديه عشره صباحا ، كأننى امتلك مفتاح باب الربع
3- نزلت يوم الاحد التالى فى الحاديه عشره صباحا ودخلت لطبيب الاسنان فقال لى ان سرنجات البنج نفدت وانهم طلبوا من المصلحه سرنجات جديده وأمرنى ان اعاود النزول يوم الاحد القادم
4- نزلت الاحد التالى فى الحاديه عشره صباحا – لحسن الحظ – فلم اجد احدا ً فى عياده الاسنان رغم وجود طبيبين وفنى فيها ، وانتظرت حتى الواحد بعد الظهر فلم يظهر احد
5- اشتكيت للضابط المسئول عن العنبر انهم يقولون انزل يوم الاحد فلما نزلت لم أجد احد ، فتعطف وقال لى انزل غدا وانا ادخلك لطبيب الاسنان
6- نزلت غدا وذهب بى لطبيب الاسنان وسألته ان كانت السرنجات وصلت فأجاب بالايجاب فلما استبشرت طلب منى اعود اليه الاحد القادم لان هناك ادوات ناقصه
7- انا الآن فى انتظار النزول اليه يوم الاحد القادم ، واتوقع ان انزل فلا اجد احدا ً ، لان احساس قوى ان هؤلاء الاطباء يأتون السجن تسديد خانه ولايريدون القيام بعلاج اى من السجينات والسجناء ، وفى غيبه الرقابه عليهم فهم يجلسون فى الاستراحه او فى الصيدليه هربا من عياداتهم ، وهذا ينطبق على عياده الرمد وباقى العيادات واللواء محمد راتب ظهر له تصريح فى المصرى اليوم ان الرعايه الصحيه فى السجون على اعلى مستوى ، وانا احاول من شهر ونصف ان احشو درسا فلا أستطيع ، فماذا لو كان ماعندى لايحتمل انتظار 24 ساعه .. انما اشكى همى وتجاهلى الى الله

ا.د. شريف ابو المجد
ديسمبر 2014
سجن استقبال طره
عنبر (أ) غرفه 15/4