صهيب سعد الحداد (صهيب الحداد) – بين أغنية وسجن.. يحطُّ الحمام

اسم السجين (اسم الشهرة) : صهيب سعد الحداد (صهيب الحداد)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 3/3/2017

السن وقت الاحتجاز: غير معلوم

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: صحفي

مكان احتجاز المرسل : مكان احتجاز غير معلوم

بين أغنية وسجن.. يحطُّ الحمام

بين أغنية وسجن.. يحطُّ الحمام
– ليلة السابع من يوليو لعام 2015 ، مجموعة 65 ، المقر المركزي للمخابرات الحربية – مدينة نصر.
– مين فيكم يلا عاوز يبات فى الزنازين النهاردة ؟ يرفع إيده ، وانت يلا مش عاوز تروح الزنازين؟!
– الزنازين أحسن يعنى يا باشا ؟
– قولى يلا هنا أحسن ولا الزنازين؟
– الزنازين طبعًا يا باشا ، على الأقل بشيل الغمايه وأقرأ من المصحف.
– طب يالا قوموا.. لا انت خليك هنا.
محدثًا ضابطًا آخر: شايف الواد ده عنده 21 سنه تقرأ ملفه ولا واحد عنده 50 سنه ابن الـ….. ، 21 سنه وعملت كل ده يلا ؟! شابوه ليك يلا ، بجد شابوه ليك.
وضعت يدي المكبلتين بين ركبتى وتكومت على نفسي أختار وضع الجنين كي أستطيع النوم بالأصفاد ، هل أفرح بشهادة الضابط في الجهاز الذي يحكم البلد الآن ، أم أنه نذير يدل على ما سألاقيه في الأيام القادمة ؟ ، ليكن ما يكن ، كنت فى حالة البلادة.. تضيق بنا الأرض أو لا تضيق.. سنقطع هذا الطريق الطويل.
– خد يلا شدلك نفسين ، كان أحد الحراس ، كانت كليوباترا حقيرة ، حاجتى إلى النيكوتين وقتها كان أشد وطأه ، والناس تقول يا ليل ، ولكل عاشق ليل.
– أركب يلا ، وجدته بجوارى على كرسي السيارة ، همس لي: أنت جيت ازاى ؟! ، أنا مجبتش سيرتك ، صرخات أحدهم تتعالى من التعذيب ، باشا هو احنا رايحين فين؟ ، رايحين نصفيكم انتم الاتنين يا ابن الـ… ، يا فرج الله ! ، لا يهم أن أهلى سيجدوني جثة ملطخة بالدماء على رمال الصحراء ، المهم أننى سأنجو ، سأفر من هذا الجحيم إلى رحمة الله ، ومن الدم المسفوك ، أذرعة تناديني.. تعال !.
ها هى الزنازين ، زنازين السجن الحربي ، همس لى أحدهم من كوه بابه: هما هيمشونا امتى بقى ؟!
– الله أعلم ، ادعي بس نروح أى سجن غير العقرب علشان نعرف نشوف أهالينا.
– أنا مش عاوز أخد إعدام ، مؤبد ماشي ، أنا مش عاوز أموت دلوقتى !
– أنا أخد إعدام ولا اتحبسش يوم واحد ، بس يتنفذ على طول !..
بعد أقل من عام.. حكم عليه بالإعدام وكان المؤبد من نصيبي ، قد أرمي خلف الجدران ، وتحن لقلبي وحناني ، فانظر في قلبك ستراني ، هل يقوى القيد على الفكري ؟!
– عام وتسعة أشهر يا ماريا مروا على تلك الليالي ، لا يمر منهم يوم إلا وذكراها لا تمل أن تؤرقني ، أذكر حين جئت للسجن كنت مذهولًا حين تناولت زجاجة المياة ، نعم شربت هكذا دون أن يقطر أحدهم المياة على جسدي العاري قطرة قطرة كواحد من مشاهد السينما !.
علمينا كيف نشدوا ، باقون مثل الضوء والكلمات لا يلويهما ألم وقيد.
تشير عقارب الساعه إلى التاسعة إلا عشر دقائق ، قرص المنوم الذي كان يمنحنى ثمانى ساعات نوم ، لم يعد يمنحنى إلا خمس ساعات بالكاد ، خسأ من قال ان السجن نصرًا ! ، ثمة جسد أهلكه السجن ، ثمة روح أوهنها طول الشوق إلى تلك التى تسمى حرية ، ثمة أيام تشبه بعضها بعضًا ، ثمة دخان يتصاعد من تلك السيجارة ، ثمة تعايش مع الأمر الواقع ، ثمة رفض للواقع ، للسجن ، للخنوع ، للإنكسار ، ترى هل سننعم بالحرية يومًا ، أم أنهم سيحكون عنا أنا قد أفنينا أعمارنا بالسجون ؟ ، حينما ستسأل عن عمرك فيما أفنيته ، هل سنجيب: في السجن يا رب ؟ ، حتى لو تكرمت علينا وذاقتنا من بحر وصالها رشفات ، هل ستظل الحرية وفية لنا يا ماريا ؟ ، أم أننا لن نرى الوفاء إلا من القضبان ؟!.
حراس ، ضباط ، كشوف ، زيارات.. وندخل في الحلم ، ولكنه يتباطئ كي لا نراه ، وحين ينام حبيبي أصحو كي أحرص الحلم مما يراه ، وأطرد عنه اليالي التى عبرت قبل أن نلتقي.. وأختار أيامانا.. بيدي.
زيارات ، تريض ، تعيين ، تفتيشات ، وحدوه ، الحكومة في العنبر ، أصحي ليغفلونا ، أحلى مسا عليك يا زميلى ، كلابشات ، يلا الزيارة ، قيود ، لقيا ، فراق ، شوق ، قضبان ، بعضها فوق بعض.
واللى لمنا في المواجع ، إحنا توجعنا واكتفينا ! ، ترى إلى متى ستظل الروح تتمنع بذلك العند الرافض للتسليم ، ونحن نحب الحياة أو لا نحب ، المهم أن نستطع إليها السبيل.