ضحكة السجينات والسجناء

ناجية من السّجون المصريّة

كاتبة صحفيّة -مدافعة عن حقوق الإنسان-

وبي أمل يأتي ويذهب لكنّي لا أفقده


كنت أحاول دائما أن أرسم البسمة علي وجهي أمام السّجّان والسّجناء والأهل والأصدقاء والمحامين، لابدّ أن يراني من حولي قويّة حتّى لا يشمت من يبحث عن الشّماتة أو لا يحزن على حالي من أرهقه فراقي …

كنت أحاول لكن أحيانا أفشل وتكون دموعي هي نهاية محاولاتي من أجل الابتسام…

إعتدت أن أجتهد من أجل الآخرين أعدائي قبل أحبابي.

بالضّحكة أشدّ أزر من حولي من رفقاء الزّنازين والعنابر وسيّارة التّرحيلات. أضحك أيضا على سجّاني حتّى لا يعتقد أنّه انتصر، أهزم بها يأسي وخوفي ممّا هو قادم … أطمئن بها من يراني لدقائق ويرحل وأمكث أحسب الأيّام والسّاعات على موعد اللّقاء القادم ..

كنت أتعمّد أن تكون الضّحكة أحد أسلحتي من أجل التّكيّف مع الوضع الرّاهن ومن أجل أن أدفع بها الأيّام والسّاعات لكي تمرّ سريعا… وبعد الضّحكة أتوقّف دوما لأسأل نفسي هل تكيّفت مع معيشة السّجون؟

 هل عرفت الضّحكة طريقا لي في هذه الزّنزانة أو هذا العنبر؟ 

لا أجد إجابة فقط تكرار السّؤال عند نهاية كلّ ضحكة … 

الإبتسامة الحقيقيّة تأتي فقط عندما أسمع أخبارا من خارج سور السّجن، عن حريّة من هم مثلي في السّجون … أو تأتي عند كلمة تصلني من حبيب … أو حضن اشتقت له من كل القريبين لقلبي …

أذكر هذه الإبتسامة وأحتفظ بها أطول وقت ممكن حتّى تساعدني في أن أتعايش، أن أقوى، أن أصبر، أن أتحمّل وأن أحلم بالإبتسامة الحقيقيّة القادمة الّتي لا أعرف لها موعد.

أمّا ابتسامتي في وجه السّجان فهو يقف حائرا أمامها يتسائل، 

أهي ترسل لي رسالة أنّي لم أهزمها؟

أم تحاول أن تتجمّل لتبدو أقوى؟

أم أنّها بالفعل سعيدة داخل السّجن الّذي تسكنه!!؟؟

وكم أتمنّى أن لا يجد إجابة.