عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – شعور صعب. أن تتواجد فى مكان مزدحم، مكتظ بالناس

اسم السجين (اسم الشهرة) : عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 10/6/2016

السن وقت الاحتجاز: 18 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالب بكلية الهندسة بالجامعة الألمانية بالقاهرة

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون/تأهيل وادي النطرون

شعور صعب. أن تتواجد فى مكان مزدحم، مكتظ بالناس

شعور صعب. أن تتواجد فى مكان مزدحم، مكتظ بالناس، يضج بالصوت العالى، يجلس الناس فيه أزواجاً و مجموعات، و أنت على هامش هذا كله، تجلس و تراقب، وحيداً.
أجلس اليوم و أتأمل. اليوم أول يوم لى فى سنتى الرابعة فى السجن. دخلت فى السابعة عشرة، و أكمل الواحد و العشرين خلال شهرين. ثلاث سنوات مرت منذ تلك اللحظة. ثلاث سنوات حدث فيها الكثير و الكثير. و ما اكتشفته اليوم و أنا أتأمل الناس، أنى مقدر لى أن أكون وحيداً. داخل السجن و خارج السجن.
اختلافى الفكرى مع معظم من يتواجدون هنا وضع حاجزاً كبيراً بينى و بينهم. لم يكن يوماً حاجزاً بالنسبة لى، لكنه ثبت لى مراراً و تكراراً أنه حاجز بالنسبة لهم؛ فعند بعض المجموعات صاحبة الأيدولوجية الواحدة، إن لم تكن معهم، فلا يمكن أن تتعامل نفس المعاملة، لا سيما إن كنت تجهر بخلافك، فمهما تقربت من أشخاص و اعتقدت أنهم يبادلونك حباً صادقاً كالذى تشعره نحوهم، فستكتشف دوماً أنك لن تكون أبداً “أخاً”. 🙂
أما فى الخارج، فمهما اختلطت بالناس، حتى من نعلم صدق حبه لك، فسيوجد دوماً حاجز بينك و بينهم، بسبب ما رأيت و لم يروا، و ما خبرت و لم يخبروا، و ما شعرت و لم يشعروا، فبالتالى لن تشعر أبداً أن أحدهم يستطيع أن يفهمك.
أجلس و أتأمل قدرى و وحدتى المكتوبة، فانقسمت حياتى ما بين أشخاص هم الوحيدون الذين يستطيعون فهم ما خضته، لكنهم لا يقبلوننى و لا أقبلهم، و آخرين يودون بكل صدق الوقوف جانبى، لكنهم غير قادرين على استيعاب ما بداخلى.
أفكر فى كل هذا بعد أن انتهيت من البكاء بعد أن وصلنى خبر إصابة أبى بأزمة قلبية فى سجن طرة و دخوله المستشفى، و أنا لم أره منذ ما يقارب العام. و مع ذلك يتجاهل من بالخارج تماماً كل الطلبات التى قدمتها لزيارته.
أنحى هذا الموضوع جانباً لأنى لا أطيق التفكير فيه.
صرت غير قادر على التعايش. أصبحت لا أحتمل الناس و أعتزل التعامل مع الكل، أجلس اليوم، السادس من أكتوبر لعام 2016، الذكرى الثالثة لدخولى السجن، أول يوم فى سنتى الرابعة هنا، كئيباً، وحيداً، ساخطاً، لا أعلم ماذا أفعل.
أمامى اللانهائية اللعينة، و خلفى ذكريات بدأت أشك فى صدق معظمها.
أنهى هذه الرسالة، و أبدأ فى كتابة طلب للمباحث، أن أدخل الحبس الانفرادى عدة أيام، أجالس بها نفسى.
نعم، الحبس الانفرادى، التأديب، أفضل بكثير من حالى الآن.
فالوحدة وحيداً خير بكثير من الوحدة فى الزحام. 🙂 “