عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – داخلى أصبح مكاناً مظلماً جداً

اسم السجين (اسم الشهرة) : عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 10/16/2016

السن وقت الاحتجاز: 18 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالب بكلية الهندسة بالجامعة الألمانية بالقاهرة

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون/تأهيل وادي النطرون

داخلى أصبح مكاناً مظلماً جداً

داخلى أصبح مكاناً مظلماً جداً. تغيَّرت معالم روحى. صرت أنفِرُ من الناس و لا أثق فى أحد حتى نفسى. و صرت وحيداً للغاية.
خطرت لى خاطرة اليوم و أنا أبلغ عمر -أحب أصدقائى إلى قلبى- بخبر قبول نقضه.
كنت سعيداً للغاية و أنا أرى وجهه يضئ بالفرح، كدت أدمع و الله، و لكنى شعرت بنغزة فى قلبى عندما أدركت أنى سأفقده قريباً.
أعلم أن هذا أنانىّ للغاية. لكنى سأفقد معنى كبيراَ من حياتى بفقدانه. مجرد وجوده يُصَبِّرنى.
أكتب له. أنتظر رداً منه. أحاول أن أهرب لألقاه. أبحث عنه فى الزحام. أسأل الناس عن أحواله. أرسل له السلام. كل هذا سيختفى و يحل مكانه الفراغ.
أفكر فيه و فى أقرب الناس إلى قلبى فى السجن الآن. هم كلهم ثلاثة لا أملك غيرهم. و الآن لا أستطيع مجالسة أحد منهم و لو لدقائق لتفرُّقِنا فى السجن. و سأفقدهم كلهم قريباً. سينهون مدتهم و يرحلون عنى. هم من ظللت أتعرف و أتقرب إليهم طوال سنتين كاملتين بحلوها و مُرِّها، و لى معهم ذكريات كثيرة. و ها هم يرحلون عنى إلى حيث لن يجدوا وقتاً ليذكرونى. و لو فعلوا فعلى عجالة. أما أنا فسأبقى فى الأطلال وحيداً حيث أذكرهم كل يوم و كل لحظة و يتوجَّع قلبى على فراقهم.
شئُ حزين.

أشعر أنى أخيراً انكسرت. لا أقوى على القيام. هناك مقولة كنت أحبها كانت تقول: “عندما تقع، حاول أن تقع على ظهرك، لأنك ما دمت تستطيع النظر إلى أعلى تستطيع القيام.”
يبدو أنِّى نسيتها و أنا أقع هذه المرة، فانكفأت على وجهى.
أنا مستلقٍ على وجهى من يومها و لا أقوى حتى على المحاولة.
تعبت و لا أدرى ماذا أفعل.
لم أتخيَّل يوماً أن الحياة بهذا القبح. أصبحت أتألم تألماً مؤذياً.
أتعرف الفرق بين الألم الذى تشعره بعد تمرين قاسٍ فى كل جسدك، و بين ألم أن تُكسَرَ ساقُك؟
أتفهم الفرق بين ما تجده من هذا الألم و ما تجده من ذاك الألم؟
ألمى صار من الصنف الثانى. و لا أقوى على تغييره.
أكره الظلم و الفراق و الألم. و أكره أكثر كونهم جزءاً لا يتجزأ من هذه الحياة.
لم أفقد دوماً من أحب؟ لم لا أستطيع التمتع بصحبة من أحب على الأقل؟ لم لا أرحل أنا و أبى عن السجن أبداً؟ لم مكتوبٌ علىّ الوحدة؟ لم لا أفهم أى شئ على الإطلاق؟ لم ليس كل شئ أكثر بساطة؟
لا أدرى إن كانوا سينسوننى هناك، حيث الزحام و الضجيج و الصخب.
فأنا سأفكر فيهم دوماً.
هنا، حيث السكون و الوحدة.
عبدالرحمن الجندى