عمر عبد العزيز حسين علي (عمر حاذق) – أوسّع مساحة حريتى وإنسانيتى

اسم السجين (اسم الشهرة) : عمر عبد العزيز حسين علي (عمر حاذق)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 2/16/2014

السن وقت الاحتجاز: 28 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: روائي وشاعر

مكان احتجاز المرسل : سجن الحضرة العمومي

أوسّع مساحة حريتى وإنسانيتى

اعلم ان اصدقائى قليلون ، ولكن لهم حقا علي ، ان اسلم عليهم ، وان اقول لهم انا مشتاق لكم يا اصدقائى ، يا اخوتى فى الحرية وفى محبة هذا الوطن المسكين ، الوطن الذى يثور احراره ليدافعوا عن الحب ، لنقل حب الحياة ، ليحب الفقراء الحياة اكثر ، ويحب الجهلاء الحياة اكثر ، ويحب المجرمون الحياة اكثر ، ويعرفوا عنها ما لم يعرفوه من محبة … أكتب لكم مساء الاحد 16 / 2 / 2014 بعد ان صدر حكم القاضى بتأييد الحكم السابق بحبسى سنتنين وتغريمى 50 الف جنيه . دعونى اقول لكم : لم يتوقع احد هذا الحكم ، مع ذلك انا سعيد بحياتى فى السجن . كنت فى اوائل ديسمبر اخطط للسفر وقضاء اجازة طويلة خارج الاسكندرية ، لرؤية عالم جديد علي ، للانفتاح على حياة اخرى ، والاحساس بالانسان احساسا مختلفا ، هذا بالضبط ما افعله الان ، على نحو أعمق كثيرا مما كنت أخطط . فى الشهور الاخيرة شعرت بضيق شديد مما فى مجتمعنا من تمثيل ونفاق اجتماعى ، ولاحظت ان كثيرا من علاقاتنا الانسانية زائفة ومبنية على المجاملة ، وبلا عمق. وزملائى فى العمل يعلمون اننى منذ شهور امتنعت تماما عن المشاركة فى اى احتفال ، وطلبت عدم الاحتفال باى مناسبة تخصنى ، ولو بباقة ورد . اشهد اننى هنا اعيش حياة حقيقية لا زيف فيها . لا زيف فى السجن ، لان الناس هنا تقاتل حتى تبقى على قيد الحياة ، لا رغبة لاحد فى مجاملة سجين. فى السجن وجدت من يفكر ويجتهد ليجعل حياتى اجمل وايسر ، ومن يبتسم لى بمحبة واخوة لا شك فيها ، بينما قلت كثيرا لاصدقاء صدمونى منذ شهور ان العلاقات الانسانية امر لا يجوز التفريط فيه لان الحياة تفرق بين الناس بقسوة ، وبلا مقدمات والناس يندمون كثيرا حيث لا ينفع الندم . وقد كان . يا اخوتى فى الحرية وفى محبة هذا الوطن الذى ينهض ويترنح ، ينهض بنا فيرفسوه بأرجلهم ، اريد ان احكى لكم سألت نفسى كثيرا حين صدر الحكم الأول ضدى : ما معنى ان اعترض على ضرب متظاهر فيحكم علي هذا الحكم ؟ والحق اننى فى السجن معزول تماما ، ولم أعرف بالتضامن الجميل معى الا متأخرا . هل يستحق الامر ذلك ؟ اقول لكم نعم . لا يتاح لانسان ان ينمى انسانيته ويوسع مساحة حريته الا بثمن يدفعه ، أعنى ثمنا حقيقيا ، موجعا ، يشعرنى أننى أشترى حريتى وقيمتى كانسان بثمنها كاملا . حين وصلت سجن الحضرة رتبت اغراضى القليلة ثم توضأت ، وكان الماء باردا حتى اننى ارتعشت من شدة البرد ، وغمرنى غم شديد : كيف أستحم والماء هنا كالثلج ؟ كنت فى اليوم التالى سأعرض على قاضى التحقيق ، وتمنيت من أعماقى أن يطلق سراحى ويغلق القضية ( وذلك منذ أكثر شهرين ). لم أتخيل يومها كيف سأعيش و أستحم بهذا الماء وكانت الزنزانة قارصة البرد، ويجب ان استحم يوميا بسبب طبيعة حياة السجن . حكم على القاضى ب 15 يوما على ذمة القضية وعشت ليلة لا أنساها ، ثم حزمت أمرى وقررت الاستحمام كل يوم بالماء البارد ، ثم انقطع الماء وجلست انتظره متوتراً مغموماً ثم جاء الماء فاستحممتُ و تحملتُ البرد ، ولم أصدق أننى تجاوزت ذلك بقوة وبساطة ، وواظبت على الاستحمام يوميا بماء كالثلج ، حتى نقلت للزنزانة الدائمة ، وفيها غلاية ماء ( كاتل ) لعمل الشاى وتسخين ماء الاستحمام ، فظللت أستحم بالماء البارد ولاحظت انه ينعشنى لأنه ينبه الحواس . عرفت ان حياتى منذ تلك اللحظة تغيرت حتى آخر لحظة فيها . لا شىء مستحيل . فى البداية كنت اواجه مشكلات كهذه كل يوم ، وأتغلب عليها لحظة بلحظة حتى تزول . الآن انجزت جزءا كبيرا من رواية جديدة فكرت فيها قبل دخولى السجن ، بدأتها هنا وانا سعيد بها. منذ 10 ايام تقريبا وصلتنى اول نسخة مطبوعة من روايتى لا احب هذه المدينة ، وهذا معنى عجيب : تصلنى اول نسخة من أولى رواياتى وانا اتمتع بطعم حريتى وقيمتى كانسان حر حين ينقلونا لقاعة المحكمة يرتبون استحكامات أمنية تليق بقادة الجيوش وزعماء العصابات المرعبة . انهم يخافون منا. الحرية مثل المرأة الفاتنة ، لا تذوقها حين تتحدث عنها ، بل حين تتورط فيها . مساؤكم حرية يا أصدقاء ملحوظة : أرجو عمل نوت بها على الفيس بوك على صفحتى و بأسمى .