اسم السجين (اسم الشهرة) : عمر علي حسن عبد المقصود (عمر عبد المقصود)
النوع الاجتماعي : ذكر
تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 4/20/2016
السن وقت الاحتجاز: 27 عام
الوظيفة – نشاط بالمجال العام: صحفي بموقع مصر العربية وطالب بكلية التجارة بجامعة المنصورة
مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون جمصة
سيادة القاضي
سيادة القاضي.. إنَّ العدل كما تعلمنا من سدنة العدل ((إحساس )) وليس مجرد قوانين أو نصوص أو أحكام .. و هو ذاته (( الإحساس )) الذي افتقدناه منذ عامين أي منذ أن قُبِض علينا أنا و إخوتي.. و هو ذاته الإحساس الذي افتقدناه عندما عُرضنا على دوائر خاصة احتمى فيها المغترون بقوتهم ونفوذهم ظنًا منهم أنَّ العدالة أصبحت حِكرًا ، و أصبحت مبصرة لموازين القوى بعد أن كانت وكما تعلمنا (عمياء) لا تعرف شخصنة ولا تصفيات ولا مكالمات.
سيادة القاضي، أنت (سيد) و جُلُكُم ( أسياد) و ما سُدتم إلا لما اعتليتم منابر من نور أضاءها لكم وهج العدالة فصرتم بنورها (سيادة القاضي ) و أصبحتم سادتها وحماتها .. فأناشدكم الله والعدل ثم العدل ثم العدل .
سيادة القاضي .. إن ما أصاب ميزان العدالة من عوار ، حَلّ عنها عُصابة عينها، و أصبحت تميز وترى بعد سقوطها -العُصابة- ، وما أصابها من عوار في صميم (الإحساس ) بها ، جعل إدراكه -الإحساس- صعب الميراس ، و جعل (البراءة) بعيدة ، و لا يغيب عن واعي أن هذا العوار سببته -عِصابة- أرادت شبرًا بمنابركم وبكم و بنا أرادت إعدام الإحساس بالعدل لا لشيء إلا لمآرب شخصية وتصفيات خُيل لهم أنها تصب في مصلحة الوطن، وما كان شرًا على الوطن أشر مما أشاروا به، و أعانوا عليه، وأعانهم عليه من رضي بالفتات ، واحتمى بالقوة والسلطان والنفوذ .
هذا العوار الذي أصاب المجتمع المصري في مقتل؛ حيث حُكِمَ على الإحساس بالعدل و العدالة بالموت رجماً بالتشويه والتضليل واختلال الموازين لحسابات مشبوهة مختلطة ، ففَقَدَ المجتمع ثقته بالميزان و حامله، وتنازل عن الإحساس بالعدالة أمام لقمة العيش ، وتهاون في الإحساس بالكرامة أمام استبداد ( الأمن ) و الأمان ، وفضل السكوت على البواح ، و سكن الزنازين دون البراح ، و أيقن أن ليس لعدالة السماء رسول على الأرض ، وأن ليس لميزان العدالة سنن و لا فرض ، فهي كما أرادت أن تكون ولمن تكون دونما قيد أو شرط .
سيادة القاضي .. مضى عامان .. عامان من الظلم و القهر .. عامان و نحن خارج حسابات البشر .. عامان من غياب العدل والأمن والاستقرار .. عامان تبددت فيهما المشاعر تبديدًا، و انتزعت فيهما دفئ الأحضان و حل مكانهما جور الإنسان ..
عامان و الأعياد من حولنا تزداد أعدادها لكنها تتناقص في قلوبنا ، فنحن بالقيود نتزين، ونزدان وبالأبيض لا غيره نعود بالذاكرة إلى ما كان ، فأعيادنا يا سيادة القاضي تختلف عن أعيادكم، أعيادنا يوم أن نلقى من نحب، حتى لو من وراء القضبان، أعيادنا كلمة يُهَوِن بها ذوونا علينا رغم طول الغياب، فإن مع العسر يسرًا، أعيادنا يا سيدي بسيطة ، تكفينا ( زيارة ) يُقال فيها ( عبارة ) ..
سيادة القاضي .. أضحت نفوسنا في السماء معلقة، وعلى الأرض مشرئبة لنظرة عدل أو كلمة مُنصفة ، أضحت أسمى أمانينا أن نحصل على حقنا، حقنا في أن نعيش أحرارا، وأن نكون بقرب من نحب، وأن نشعر بما يشعرون، وأن نعيش كما يعيشون وأن نشاركهم تفاصيل حياتهم الصغيرة، فمن حقهم علينا أن نشاركهم، وأن نكون سندًا وعونًا لهم لا حِملاً عليهم ، فلماذا يُكتب عليهم أن يشاركونا ما أرادوا لدقائق و في دقائق ، و عبر كلمات منتقاة و في مكان مجبرين على دخوله، وفي حركات مجبرين على أدائها و عدم تجاوزها ؟! لماذا ؟! و من أجل ماذا ؟! و من الرابح ؟!
سيادة القاضي، كلنا خاسرون ، بلا استثناء ، خسرنا عمرنا و شبابنا ، و خسرتنا مصر ، و خسر الشارع المصري والمواطن المصري ثقته في أمنه و أمانه، والذي صار بين ليلة وضحاها جالده وجلاده ، لا يعرف معروفا ولا يُنكر منكرًا ، حُرِم الأهل من أولادهم ليُغلِق تحقيقًا ، ضاربًا بعرض الحائط أدنى مراتب الإنسانية ، غافلًا عما كسبت يداه من دار لأجيال بأسْرِها ، و لكن .. لا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون ..
عمر عبد المقصود
سجن جمصة شديد الحراسة