عمر علي حسن عبد المقصود (عمر عبد المقصود) – في فتح سمرقند

اسم السجين (اسم الشهرة) : عمر علي حسن عبد المقصود (عمر عبد المقصود)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 6/3/2015

السن وقت الاحتجاز: 27 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: صحفي بموقع مصر العربية وطالب بكلية التجارة بجامعة المنصورة

مكان احتجاز المرسل : قسم شرطة مركز ميت سلسيل

في فتح سمرقند

في فتح سمرقند … آثار اقتحام القائد المسلم ” قتيبة بن مسلم ” فزعاً شديداً في أوساط العامة من الشعب ، وترك سخطاً واضحاً وجلياً في نفوس القساوسة ورجال الدين و حفيظةِ من يعلمون أن الإسلام أرسى دعائم التسامح ، و أن لهم حقاً عند من جاء حاملاً رايته ، يتمثل في أن يمهلهم ثلاثة أيام ، ثم الحرب أو الاستسلام ، وهذا ما غفل عنه قتيبة.
استنفر نخبة القوم رسولاً إلى أمير المؤمنين عمر ، يشكونه صنيع قتيبة بأن غافلهم و لم يمهلهم ، فلما وصل الرسول إلى المدينة وقد بدت عليه أمارات فقدان الأمل ، ذلك أن كيف لخطابٍ أن يردع جيشاً ، وكيف لرسالةٍ أن تمنع نصراً ، ثم هل تجوز الشكوى للمُشتكى منه ؟! إلا أن الرسول قبل المهمة فكان حقاً عليه أن يتمها ، فبدأها بسؤاله عن منزل أمير المؤمنين ، فدله رجل يواري سوءة داره بشيءٍ من الطين بيديه ، فقال له الرسول : ” يا هذا .. أسألك عن أمير المؤمنين فتدلني على طيَّان ؟ .. فرد الرجل : إن أردت أمير المؤمنين فهو هو . ” ، فعجب رسول سمرقند ثم وجه إليه رسالته دون أن ينطق .. أمعن ابن الخطاب فيها ، ثم قلبها وخط على ظهرها : ” إن جاءتك رسالتي ، فعين لهم قاضياً من جيشك ” انتهت الرسالة .
عاد الرسول إلى دياره يجر أذيال الحسرة والندامة مسبقاً ، فكيف لسطرٍ أن يكون رداً على هكذا مظلمة ؟! لكن ما على الرسول إلا البلاغ ، وقد كان ، وبلغ ذلك قتيبة ففعل ، وكان للقاضي سؤالاً واحداً : ” ما حملك على أن لا تمهل القوم ثلاثاً ؟ ” فرد قتيبة : ” بلادهم حصينة ومنيعة وخفت إن أمهلتهم أن يزدادوا منعة وتحصيناً ” ، فكان حكم القاضي أن لا تغرب شمس هذا اليوم إلا وجيش قتيبة خارج أسوار المدينة ، و أن لا يدخل عليهم إلا بعد ثلاثاً ، فأطاع قتيبة الأمر ونفذه ، فلما قضيت الثلاثة أيام جاء إلى المدينة فوجد أهلها مرحبين مسلمين مسالمين .
في حين أن المنطق المفروض كان أن يمهلوا ثلاثة أيام ، فإما أن يعدوا العدة لقتال أو يستسلموا ويَسلموا من شر ما هو آت ، لكن الواقع ضرب بالمنطق عرض الحائط وكان الواقع أنفذ و أسرع لكنه لم يكن كالمنطق أرسخ و أمتن ، فصراع الواقع مع المنطق هنا ، في سمرقند حُسم في ظاهره لصالح الواقع ، فكيف لمنتصرٍ أن ينسحب ويولي دبره لما جنته يداه ؟!
فهمها عمر ، فكان لابد من عدلٍ أمينٍ ليس بخائن ، وميزانُ حقٍ ليفصل كالحسام بين واقعٍ أُريد به جور وبين منطقٍ أُريد له أن يتوارى عن العقول والأنظار برغم وضوحه وجلائه .
لو أن للعدل وجوداً في واقعنا المعاصر لهال على وجه الواقع التراب ولدفنه غير مأسوفاً عليه ، ذلك أن المنطق في زمننا هذا أضحى مكبلاً على صفحات الكتب وعلى ألسنة المتشدقين من النخبة ، تماماً كآلاف الشباب المكبلين وراء القضبان منذ أزمنة لا يُسمع لهم ذِكراً إلا عبر أرقامهم أو أسمائهم كلما سنحت الفرصة أو فُك اللجام ، وما علمتُ لهؤلاءِ الشباب من جريرةٍ إلا ضياع المنطق وغياب العدل ، فأصبحوا فريسةً لواقعٍ لا يرحم.