مجموعة من المعتقلين – رسالة من الشباب المعتقلين إلى قيادات جماعة الإخوان المسلمين

اسم السجين (اسم الشهرة) : مجموعة من المعتقلين

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 8/15/2019

السن وقت الاحتجاز: –

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: –

مكان احتجاز المرسل : مكان احتجاز غير معلوم

رسالة من الشباب المعتقلين إلى قيادات جماعة الإخوان المسلمين

هذه رسالة من شباب المعتقلات إلى شيوخ جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها وأولي الأمر وأصحاب القرار فيها ، أعدّها وكتبها مجموعة من شباب إحدى السجون في مصر ، وقد أقَرَّ بها “صياغةً ومضمونًا ونصًا ومحتوى” (350) ثلاثمائة وخمسون شابًا ، معظمهم من داخل هذا السجن ، والباقي ممن يرِدُ عليه للامتحانات والجلسات وغيره ، وأما من وافق على مضمونها ومحتواها دون الاطلاع على صيغتها ونصها النهائي “نظرًا لصعوبة التواصل كثيرًا مع السجون الاخرى” فهم أكثر من ألف شاب من مختلف سجون مصر ، أي أن هذه الرسالة تصلكم من أكثر من 1350 شابًا من داخل السجون ، وقد عزمنا الإصرار على جمع هذا العدد على الرغم من تأكدنا أن هذه الرؤية والمضمون والفكرة تملكت من نسبة كبيرة من الشباب قد تصل إلى 90% من شباب السجون ،، منهم من هم من شباب الإخوان ومنهم من هم من شباب الجماعة الإسلامية ومنهم من لا يسلك أي مسلك.. فإلى نص الرسالة :-
الحمد لله رب العالمين ، الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ، الحمد لله الذي ميّز الإنسان وفضّله بالعقل عن سائر المخلوقات ، اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه ، وثبتنا عليه إلى أن نلقاك ، وصلِّ يا رب وسلم على حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد :
– إن رسالتنا هذه إليكم لهي من باب الأخذ بالأسباب بعد التوكل على الله ، فإننا نوقن عين اليقين أن لا كاشف لهذه الغمة إلا الله وحده ولكن أخذًا بالأسباب وطرقًا لآخر باب أمامنا ، عقدنا العزم على أن نرسل إليكم برسالتنا هذه ،،،
– بدايةً : إننا أبدًا ما حاولنا فتح التواصل بيننا وبينكم اليوم لنلقي باللوم عليكم في قرارات كانت سببًا للوصول إلى ما نحن فيه اليوم ، ولا جئنا نحملكم المسؤولية كاملة في الوضع الحالي ، فلا شك عندنا أن ما بدر منكم لم يكن إلا من باب الاجتهاد ، وبحسن نية ، وما خرج منا أحد مكرهًا ولا مرغمًا ، ولا أقدم على شيء إلا بإرادته ، حتى وإن كانت القيادة لكم ، ولكننا نرسل إليكم بحكم أنكم الطرف الثاني في المشهد والأزمة بعد النظام والعسكر ، وأنكم أصحاب القرار ، لكن وقبل أن نبلغكم مغزى تلك الرسالة ، دعونا نرفع لكم وضوح رؤية عن أوضاعنا داخل السجون المصرية ، ونحن إذ نقول أوضاعنا لا نقصد تلك الأوضاع المتعلقة بالتضييق النفسي والصحي والتردي في مستوى التعامل الآدمي ، والمهانة والذل والهوان ، فكلها أمور مثبتة معروفة قد تصل إليكم عن طريق أهالي المعتقلين أو حكايا بعض المعتقلين السابقين ممن منَّ الله عليهم بالحرية ، ولكننا نقصد تلك الأوضاع الفكرية والسياسية ، والتي تُهِمُّكم بشكل مباشر.
– إن الوضع داخل السجون بات مقلق جدًا ، جموع المعتقلين باتت منهكة ولا تطيق ذرعًا بأبسط الأمور ، بات اليأس حليفها ، وفقدان الأمل رفيقها ، والغلبة وقلة الحيلة والقهر وصفها ونعتها ، المحنة اشتدت وطالت ، رجال قُهِرت، شيوخ أهينت ، معاملات مهينة ، استنزاف مادي ، أجسام أرهقها القعود والركود وملأتها الأسقام ، نفوس شُوِّهت ودُمِّرت ، أفكار متداخلة ، آراء متعارضة ، أحلام قُتِلت ، ومستقبل مُعْتِم ومجهول ، ذرية شردت وحليلة حُرِمت ، وذويك على أبواب السجون يُمضون يوم عيد لرؤيتك ، بالأمس البعيد كنا نظنها لن تدوم طويلًا ، ولكن الأيام اجترت أيامًا ، والسنين طُويَت والأزمة دامت وضخُمت ، حتى أن اليأس تسلل إلى قلوب الجميع ، شبابًا وشيوخًا ، وما عاد الحديث عن الثبات داخل زنازين مرعبة يُجدي مع الكم الهائل من الركام المتحطم داخل النفوس ، وأصبح الجميع يتحدث عن قضاء مدد الأحكام كاملة ، ويا لها من طامة ، فالمئات محكوم عليهم بالمؤبد ، وأحكام كثيرة تتراوح بين 5 ، 10 ، 15 سنة ، إضافة إلى أصحاب الهمم من ذوي الأحكام التي كسرت كل الحواجز وتخطت الخمسين سنة.
– باتت العورات مكشوفة وسُجِن الشباب مع الشيوخ ، ورأى الرجل عوار أخيه ، واحتدمت المشاكل الصغيرة وكبرت ، وبرزت الاختلافات الفكرية بين الشيوخ والشباب ، حتى أن الشباب أصبح لا يرى من الشيوخ والقيادات إلا سجنًا داخل السجن ، رأينا من القيادات داخل السجون العجب العُجاب ، عقول لا يعقل أبدًا أن تكون لأصحاب مناصب داخل جماعة هي الأكبر ، أفكار غير منطقية ، اهتمامات أقل ما يقال عنها أنها تافهة ، وسعي وراء مناصب حتى ونحن في السجون ، وخلافات على أتفه الأشياء ، وتصدير للشباب..
شعارات كاذبة ، ثبات مزيف ، وادعاءات لا تمن للحقيقة ولا الواقع بصلة ، تَقَمّص للتحمل والصبر ، وهم أول المتعبين وأشد المنهكين ، واليأس تمكَّن منهم كما تمكن منا ، ولكن هيهات للمكابرة أن تفنى منهم ، فأصبحوا يخسرون يومًا بعد يوم من شعبيتهم وشبابهم ومحبيهم ، وباتت السجون التي كانت تطلق الجماعة عليها وصف معسكرات إيمانية خسارة كبيرة للجماعة ، تستهلك أفرادها وتُفنِي شبابها ، وتفقدهم الثقة فيهم.
– إننا نُقِرُّ نحن الشباب بأن السجن أصبح أكبر مؤثر على أفكارنا وتوجهاتنا، وليست الشواهد عنكم ببعيد ، فمن الشباب من دخل السجن دون أي فكر أو توجه ، وكوَّن فكره وتوجهه داخل السجن ، ومنهم من كان صاحب فكر وتوجه وأفقده السجن فكره ومنحه فكرًا آخر ، لكن أكثر تلك الأوجه انتشارًا هم هؤلاء.. من دخلوا السجن يحملون فكر الإخوان وانتزعه منهم السجن ، انتزاعًا ، ومنحه فكًرا آخر أو تركه دون أي أفكار ، فتصبح جماعة الإخوان أكثر المتضررين بطول الأزمة وطول أمدها..
• والسؤال هنا : ما الدور الذي تمارسه القيادات داخل السجن وخارجه لإنهاء الأزمة ؟! أو بشكل أصح : هل تسعى الجماعة لإيجاد حل ؟!
أم أنكم حقًا تنتظرون أن يثور الشعب في مصر كما قال القيادي د/ محمود حسين ؟!
أي عقل ومنطق يصدق هذا ؟! ألم تعوا الدرس الذي تُلخِّصُه المقولة التي تقول : “الثائر لأجل مجتمع جاهل هو شخص أضرم النيران بجسده كي يُضِيء الطريق لضرير” !!
– دعكم منا نحن .. أما ضُرِبت رجولتكم في مقتل حين رأيتم ذلك المشهد المنتشر لأهالي المعتقلة سمية وذويها وأختها يبكون ويصرخون طالبين مجرد رؤيتها ؟!! ألم تُنَغَّص عليكم معيشتكم تلك الرواية التي وردت عن أحد المحامين يروي فيها مشهد لبعض المعتقلات داخل أروقة محكمة أمن الدولة العليا وإحداهن تنزف دمًا من فمها جراء قطع في لسانها نتيجة نوبة صرع اصابتها ؟!! وغيرهم من المعتقلات .. عبير الصفتي ود. بسمة واسراء خالد اللاتي لا يعلم ما يدور معهن من أحداث إلا الله ؟! إننا والله نأسف ونخجل من أن يكون وصل إلينا مجرد إحساس بأن هؤلاء عنكم ببعيد ، ونحارب فكرة أن تكونوا في حاجة لأن نُذَكِّركُم بهن..!!
– وبعد أن رفعنا لكم جُزءًا لا يُساوي شيئًا من حقيقة باتت في السجون ، فإننا بذلك نكون قد وصلنا إلى هدف رسالتنا.. إننا نحن شباب المعتقلات إخونًا وغير إخوان ، ندعوا جميع قيادات جماعة الإخوان المسلمين داخل وخارج سجوم ن وحدود مصر ، أن يتحركوا بكل ما أوتوا من قوة تجاه حل لأزمتهم مع العسكر والنظام في مصر ، وأن لا يترددوا في أخذ خطوة للوراء تحفظ لهم ما تبقى من بقايا جماعة وتحفظ عليهم القليل القليل ممن تبقى من شبابهم ، وأيضًا ليحفظوا لنا أعمارنا ومستقبلنا وحاضرنا ، وما تبقى من كرامتنا وإنسانيتنا .
وإننا لنرفض كل ما يُرفَع إليكم من تصوير للأوضاع داخل السجون من ثبات وصمود وعلو همة عن طريق القيادات الصغيرة المنتشرة داخل السجون ، والله لهي أبعد ما يكون عن الصورة الحقيقية ، وإن أكثر ما تسمعه تلك القيادات جمل من قبيل ” حِلُّوها بقى ، مش هتخلصونا من السهراية دي ” وهم يعلمون جيدًا أن الوضع خلاف ما يقولون ، بل إن الكثير من تلك القيادات تُمسي تلعن السجن والقهر الذي صرنا فيه وتصبح تُغرِّدُ بكلمات الثبات والصمود عكس ما تضمر بداخلها ، وتترقب أي قوائم للعفو وتبحث عن أسماءها فيها..!!
وكفى القيادات المعزولة في السجن والقيادات خارج مصر عذرًا أنهم لا يصل إليهم من الواقع شيئًا ، بل إن كل كل ما يصل إليهم لا يمت للواقع بصلة..!! وإن كنتم أصحاب ثبات حقيقي وصبر عالٍ على الابتلاء ، فارحموا أصحاب القلوب الضعيفة والواهنة ، وبأي مسار من المسارات أوقفوا هذه المهزلة وابتغوا إلى خروج منهم بالسجن سبيلا ، واطرقوا كل الأبواب إلى ذلك ، وإن فُتِح لكم بابًا فتمسّكوا به ، وسارعوا قبل أن يسبق ذكركم في الدعاء ذكر من ظلمنا وظلمكم ، فصديق يملك مفتاحًا يحررني به ولا يستخدمه ، أشد قسوة عليّ من عدو يأسرني ، الأول لا عذر له ، والثاني يكفيه عذرًا أنه عدوي .
– وإننا نود أن نحيطكم علمًا بأن الصف والأفراد ومحبيكم ومؤيديكم لن يتضجروا ولن يتذمروا من فكرة أخذ خطوة للوراء ، وإن كنتم قلقين من أن يثور الشارع عليكم ويُسمعكم جملًا من قبيل “ما كان من الأول” وما على شاكلتها ، فإن فرحة أسر وأهالي وجيران وأصدقاء المعتقلين وهم كُثُر بعودتهم وخروجهم ستُنسِي الجميع وتُهدِئ غضبهم ، ولئن يذكر التاريخ أنكم أخذتم خطوة للوراء حفظتم بها أفرادكم وصفكم ، خير من أن يذكركم التاريخ أنكم تماديتم في عناد ضد العسكر والنظام لا رؤية ولا خطة تدعمه وتوصله لبر يرسو عليه ، فهلكتم وهلك من معكم.
وإن كان النظام ما زال مصرًا على أن يعامل جميع المعتقلين باعتبارهم منكم ، وما زال مصرا على وضع جميع المعتقلين في بوتقة الإخوان وفي ركبهم رغم سعي بعض المعتقلين للخروج منها ، وما زال مصرًا علي أن يأخذ صافرة النهاية وصورة المستقبل منكم كوليّ أمر للجميع فهذا كله يصب في مصلحتكم ، أمّا لو أنه انتهج التعامل الفردي أو مع الشباب كفئة لأنفلت الأمر منكم ، وهو ما لا يحمد عقباه .
وبالأمس القريب كان وجود المعتقلين في السجون يُعدُّ بمثابة إعداد قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في وجه النظام أيَّما تتاح لها الفرصة ، أما الآن فقد باتت تهدد النظام وتهددكم أيضًا فلَم يعد شعار “عمر السجن ما غير فكرة” يجدي نفعًا.
– وفي النهاية نرجوكم أن توفروا جهد الرد علينا أو محاولة تكذيب رسالتنا أو اثبات عكسها وإلصاق التهم بنا أو تخويننا ، وادخروا جهدكم إلي ى ما يضع مشهد النهاية في فيلم سئمنا الفرجة عليه.
– ونختم بكلمتين للنظام في مصر : إن كنتم حقا ترغبون في إنهاء هذه الأزمة والخروج بمصر مما هي فيه ، فأنزلوا القيادات الكبيرة وسط بافي المعتقلين في السجون ، ضعوا م/خيرت الشاطر ود/ محمد بديع وباقي القيادات وسط الشباب حتى يتضح لهم ما آلت إليه الأمور ، ثم أعيدوا طرح التفاوض ، هذا إن كان الرفض يأتي منهم فعلًا ، أما إن كانت رغبتكم أن يستمر المشهد وتطول الأزمة ، أو كانت لكم رغبات أو أجندات أخرى تتحقق بمكوث الإخوان في السجون فأنتم أكثر العالِمِين بأضرار هذه الأزمة ، ومدى جسامة عواقبها ، ففي حياة كل منا مرحلة شعارها : “مابقتش فارقة ، مش هخسر حاجة أكثر من اللي خسرته” متى وصل لها الفرد أصبح قنبلة موقوتة تنتظر الإنفجار ، وأنتم أدرى الناس بشواهدها..!!
• ملحوظة : هذه رسالة من مجموعة رسائل تحت عنوان ” #رسائل_معتقل ” ، وتحمل أكثر من رسالة لأكثر من وجهة ، ولكن تخرج تباعًا.. فانتظرونا..
والله من وراء القصد.. وهو يهدي السبيل.