محتجز بسجن طرة – هذه رسالة من أخ لكم غيبه السجن

اسم السجين (اسم الشهرة) : محتجز بسجن طرة

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 8/21/2019

السن وقت الاحتجاز: غير معلوم

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: –

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون طرة

هذه رسالة من أخ لكم غيبه السجن

بسم الله الرحمن الرحيم..
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين.. سيدنا وقائدنا محمد – صلى الله عليه وسلم –
ثم أما بعد..
هذه رسالة من أخ لكم غيبه السجن وحال بينه وبين الحرية منذ خمس سنين ولازال.. أكتبها بقلب صابر.. محتسبا أجر حبستي عند الله الحكم العدل – سبحانه وتعالى
أخاطب بها إخواني من الإخوان المسلمين قادة وأفراد..
أوجهها لمن قضيت معهم سنوات طوال.. نصل الليل بالنهار في التفكير والعمل لنصرة هذا الدين وعزة هذا الوطن..
إلى من علموني معنى أن يكون الله غايتي وأن تكون حياتي كلها لله.. إلى من تشاركت معهم حلم الخلافة الإسلامية وأستاذية العالم.. إلى من سرت معهم في طريق الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم…
أكتب هذه الرسالة بعد أيام من تلك الرسالة التي كتبها أحد رفقاء الحبس.. والتي ناشد فيها القائمين على أمر الجماعة بأن يتراجعوا خطوات للوراء سعيا نحو إنهاء الأزمة وتحرير الأسرى.. وقد أصر الأخ على عدم نشر اسمه مع رسالته حتى لاتختزل الفكرة التي احتوتها رسالته في شخصه.. وكذلك سيكون الحال مع هذه الرسالة..
ورغم أن رسالة الأخ السابقة قد نالت ما نالت من التشكيك في ماهية قائلها تارة.. وفي صحة تعبيرها عن المعتقلين تارة أخرى… وبين اتهامات بالعمالة والتخوين أو ادعاء أن هذه الرسالة صنعها شرذمة قليلون لا يمثلون المعتقلين بأي حال.. ولم يتربوا في مدرسة الإخوان.. حيث الصمود والثبات إلى أن يتنزل النصر..
رغم ذلك الجو الخانق الذي أحاط بتلك الرسالة.. إلا أن الحق أعز من أن يتوارى أمام قنابل دخانية تسعى لإخفائه وخنقه
لهذا قررت – كما تعلمت من مدرسة الإخوان – أن أقول كلمة الحق مهما كانت التبعات..
إلى إخواني.. اعلموا أن كل ما ورد في الرسالة السابقة.. هو الحقيقة مجردة من أي تجميل أو تزييف فنحن – معشر المعتقلين – في أزمة كارثية لا يدركها إلا من عاشها لسنين.. لقد تردت الأوضاع المادية و الفكرية و النفسية لدى الجميع.. وحالات الاكتئاب و اليأس في تزايد بل لا أبالغ حين أقول محاولات الانتحار.. ناهيك عن حالات الصرع والهلوسة والجنون.. ولن أكرر الكلام حول الأسباب التي يعلمها الجميع
لقد أصبح سؤال المعتقل – اليومي – لأخيه
“إيه الجديد.. هنروح امتى؟”
وصار هتاف المعتقلين مع أنفسهم ولإخوانهم “زهقنا.. خلصونا”
ومما زاد هذا الشعور.. ما نراه ونتابعه من أخبار حول غياب الرؤية واعتماد القيادات على الزمن – كجزء من العلاج –
ثم احتدام الصراع وانكشاف عورات أهل المروءات.. ثم تتابع التصريحات الجوفاء التي لا تمت للواقع بصلة والتي تدعي هزيمة السيسي وصمود المعتقلين ووعي المصريين إلى آخر تلك الترهات التي لا تخاطب عقلا ولا تحترم أهل الأبصار..
الحقيقة يا إخواني.. أننا لم نعد نرى شيئا يدعونا للصمود بل كل من حولنا خذلونا واكتفوا بتصريحات ومصطلحات من نوعية “أسيادنا اللي في الزنازين” دون أن يكون هناك تحرك فعلي لحل الأزمة..
الحقيقة يا إخواني.. أن المؤتمرات وإحياء ذكرى الفض ومخاطبة المؤسسات الحقوقية والبكاء أمام المجتمع الدولي.. لم تفيدنا في شيء ولم تمنع سجانا من قهر سجين..
الحقيقة يا إخواني.. أن أكثر من 90٪ من المعتقلين على استعداد للتوقيع على وثيقة للاعتراف بالسيسي كرئيس شرعي إن كان ذلك سيخرجهم من السجن.. وما إعراض البعض عن المبادرات المطروحة داخل السجون إلا لعدم اقتناعهم بمصداقيتها وجدواها
وقد أقسم لي كل من تناقشت معهم في فكرة المبادرة أو الرأي المطروح في الرسالة السابقة.. أقسموا أنهم على استعداد للتوقيع على ذلك إن كان فيها الخروج الفوري من السجن…
الحقيقة يا إخواني.. أن بعض إخوانكم المعتقلين ينتقدون هذه الرسائل ويخبروكم أنهم صامدون للنهاية خجلا من أن يتهموا بالضعف.. وخوفا من أن تمنع عن أهاليهم أموال التكافل التي هم في أمس الحاجة إليها..
الحقيقة يا إخواني.. أن السجن مقبرة.. شيء مقيت لا تتحمله النفس السوية.. والنفوس أعز من الكيانات والتنظيمات
الحقيقة يا إخواني… أننا أخفقنا في هذه الجولة.. وأن من أداروا الجماعة حتى الآن.. سارعوا من فشل إلى فشل.. والعاقل من أدرك الحقيقة وسعى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. وبذل ما لديه لرفع الأذى وإزالة الضرر عن المضارين..
الحقيقة يا إخواني… أن الأعداد التي ذكرها الأخ في رسالته السابقة.. غير صحيحة بل هي أقل بكثير من الواقع.. ولكن من أدمن حياة النعام لا يعرف إلا دفس الرأس في الرمال…
إنني أناشد كل أخ صادق يهتم لأمر المسلمين.. أن يتبنى قضيتنا وأن يبذل كل ما لديه من أفكار ووسائل لإيصال صوتنا إلى من يمكنه الحل…. أناشدكم أن تشاركونا في إحداث عملية الإفاقة للمغيبين والضغط على القادة للمبادرة في حل أزمتنا…
أناشد من علمونا أن المرء غني بإخوانه أن يغنونا ويغنوا أهلنا عما نحن فيه من ذل وهوان..
وختاما.. أعلم أن أصحاب النظريات الأمنية – والذين اختفت نظرياتهم مع السيسي أثناء حكم د/مرسي – رحمه الله –
سيشككون في ماهية صاحب هذه الرسالة ومصداقيته ولهم أقول…. اتقوا الله وقولوا قولا سديدا…
امضاء/ معتقل بسجن طرة…