محتجز بسجن وادي النطرون – عند وصولنا لسجن وادي النطرون

اسم السجين (اسم الشهرة) : محتجز بسجن وادي النطرون

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 9/5/2015

السن وقت الاحتجاز: غير معلوم

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: –

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون/تأهيل وادي النطرون

عند وصولنا لسجن وادي النطرون

1- الاستقبال :
عند وصولنا أمام باب السجن، تم تركنا فى سيارات الترحيلات لمدة ساعة فى الحر والكلابشات وعدد كبير من الحقائب والبطاطين، ثم عندما فتح الباب لنا أخيراً، فوجئنا بصراخ وشتم وسب، فنزلنا مسرعين على قدر ما تسمح به متعلقاتنا الثقيلة وأيدينا المكبلة، فوجدنا صفين من العساكر والمخبرين والشوايشية ينهالون علينا ركلاً وصفعاً وضرباً بالعصى والخراطيم والجنازير، فانطلقنا بأسرع ما يمكن، لا نستطيع أن نصد أى من الضربات بسبب الكلابشات والحقائب، وقبل أن نصل إلى الباب قام أحد العساكر بضرب أحدنا، وهو رجل كبير، على ظهره بخرطوم بشدة حتى أن الضربة ظلت معلّمة فى ظهره لأسابيع بعدها، هذا غير الضربات والصفعات طول الطريق، والتى يتخللها سب ولعن وإهانة، ثم تم إجلاسنا كأسرى الحرب على الأرض وأعيننا لأسفل، ومن يجرؤ على الالتفات يفاجأ بالركلات تنهال عليه، ثم قاموا بتشبيهنا (السؤال على البيانات ومقارنتها بالملف) ثم أدخلونا للتفتيش. فى التفتيش خلعوا عنا ملابسنا ومزقوها وفتشونا بشكل مهين، وأخذوا جميع الحقائب والأحذية، والتفتيش كان عبارة عن مصادرة لا تفتيش، فلم يدخل لأحدنا أى شئ سوى بطانية وبعض الغيارات الداخلية، أما باقى الأشياء من طعام وشراب وملابس وأحذية وأدوية، حتى من معه أكثر من بطانية، فتم أخذها جميعاً، وبالطبع تم تقسيمها بين المخبرين، بعدها قاموا بإيقافنا ووجوهنا للحائط وسط ركلات وصفعات من الضابط نفسه والمخبرين، واقتادونا إلى العنبر وقسمونا فى غرفتين، ٢٥ فى كل غرفة، و٩ تفرقوا على الغرف.
2- الغرف و العدد :
مساحة الغرفة 4.5X 3.5 م² ، بها حمام واحد ، لا تدخلها الشمس إطلاقاً ، بها نافذة ضيقة بأعلى الحائط ، و نظارة بالباب صغيرة ، و مروحة لا تعمل ، أقصى عدد آدمى تتحمله الغرفة 15 فرداً ، يتم تسكيننا فيها 25 و قد تصل ل 27 فى بعض الغرف ، نجلس فيها محشورين فى بعضنا البعض ، نصيب الفرد 35 سنتيمتر يعيش و يأكل ويشرب و ينام فيها ، لا تستطيع فرد قدميك غالباً ، و ننام بالتناوب حتى نتمكن من النعاس ، كما يمنع دخول أكثر من بطانيتين فتكون الفرشة خفيفة جداً و كأنك تنام على الأرض. وازدحام الغرفة فى الصيف غاية فى الخطورة فتنتشر الأمراض الجلدية و الحر الشديد و صعوبة الاستحمام لكثرة العدد و وجود حمام واحد. كما أن الإضاءة ضعيفة ويمنعون دخول اللمض فى الزيارة.
3- التريض :
يفتح لنا التريض ساعة واحدة فقط فى اليوم فى الصباح – مع أن لائحة السجون تنص على أن من حق السجين ساعتين تريض بحد أدنى – ويكون فى حوش لا يسع عددنا كلنا، و سقفه مغلق بأسياخ و بارات حديدية لا تسمح بمرور إلا القليل من أشعة الشمس. مع العلم أن الجنائيين يخرجون ساعتين، فالتعنت مع السياسيين فقط.
4- التفتيش :
يتم تفتيش الغرف بشكل دورى و خاصة السياسى، بشكل غاية فى الإهانة و عدم الإنسانية فيتم الدخول فى السابعة صباحاً برزع الباب بقدم أحد المخبرين و يتدفق وراءه المخبرون كالسيل يسبون و يلعنون ويركلوننا لنستيقظ و يدفعوننا خارجاً بالأقلام و الصفعات، وينتظرنا الضابط بالخارج يأمرنا بالوقوف ووجهنا للحائط ورفع أيدينا لأعلى، ثم يخلعون ملابسنا و يفتشوننا ذاتياً ، وسط تعليقات و تهكمات من الضابط معظمها سياسية، فعندهم قناعة أن جميع السجينات والسجناء السياسيين من الإخوان، ثم يدخل الضابط و المخبرون إلى الزنزانة ويقومون بقطع جميع الحبال والأكياس والحقائب بالمطاوى، ويقلبون جميع الحقائب ويخلونها من الملابس و الطعام ويخلطونها ببعضها ويأخذون ما يعجبهم و ما له قيمة مما هو موجود فى الغرفة ، و لا يفتشون شيئاً ، فغرضهم الوحيد إهانتنا و تكديرنا، حتى أنى قلت للضابط مرة أن كتبى الدراسية وملازمى وأدواتى الهندسية كلها فى حقيبة معينة وأشرت له عليها فقام بقطعها بالمطواة وقام بركل جميع الكتب وتفريقها بأنحاء الغرفة، ثم سبَنى وأمرنى برفع يدى لأعلى. بعد ذلك يحضرون الحلاق ويحلقون لنا جميعاً شعرنا تماماً، ثم يدفعوننا للداخل مرة أخرى بالسب والضرب ويغلقون علينا وسط الغرفة التى يكون منظرها كأنها ضربها إعصار.
5- المعاملة :
لا يتم معاملتنا كأننا سياسيين بل لا يفرقون بيننا وبين الجنائى، فعند دخول السجن ساروا يأمرون السياسيين بخلع ملابسهم والجلوس والتبرز فى الأرض مثل الجنائيين، مع أننا كلنا مهندسون وأطباء وأناس محترمون ويعلمون جيداً أننا لا نفعل أفعال الجنائيين الذين يدخلون المخدرات فى بطونهم، فيقولون لفظاً “اقلع و اقعد شُخّ يا ** أمك” ومن يرفض يتم ضربه حتى يكاد أن يموت، وعندما نقول أننا سياسيون يجيبون أنه لا يوجد شئ يسمى سياسى بل كلنا جنائيون، مع أننا عندما نطلب أى من حقوق الجنائى كالتريض ساعتين أو التلفاز أو الجرائد، يجيبون أنه ممنوع للسياسى و كون المعاملة دوماً بإهانة واستحقار وسب وضرب فى جميع الأوقات، وبدون سبب، فأحياناً يختارون سجيناً للتسلية ويضربونه ويسبونه.
6- الرعاية الطبية :
مستوى الرعاية الطبية متدنى للغاية، فتوجد عيادة صغيرة لا يوجد بها أطباء معظم الوقت وعندما يتواجد الطبيب يكون ممارساً عاماً، ويريد ألا يقوم بالكشف على أحد لكى لا يتعب نفسه ويعود لمنزله مبكراً، ولا يخرجوننا إلى العيادة إلا مرة كل أسبوعين وأحياناً لا يخرجوننا نهائياً، وعندما يفعلون فإنهم يخرجون 2 من كل زنزانة فقط مهما كان عدد المرضى. وإذا خرج أحدهم ولم يكن يموت من المرض ففى قناعتهم أنه “بيتدلّع” ويقومون بضربه وإدخاله التأديب. وإذا مرض أحدنا فى الليل واحتاج الخروج للعيادة وقمنا بالتخبيط على الباب، فلا يردون إلا بعد ساعات فيها قد يموت المريض إذا كانت حالته خطرة وعندما يأتون، يضربون المريض ومن قام بالتخبيط، حتى أنهم كادوا يقتلون أحدهم من الضرب وهو مريض لرغبته فى الخروج للعيادة. ومن يحالفه الحظ ويتمكن من الوصول للعيادة بسلام، يعامله الطبيب باستحقار وأحياناً يأمر كل المرضى بخلع ملابسهم ودهن الكبريت لاحتمال أن يكونوا مصابين بالجَرَب قبل الدخول، إمعاناً فى إهانتهم.
7- الزيارة :
الزيارة من أصعب الأشياء فى هذا السجن، فيكون يوم الزيارة أحزن يوم، تكون الزيارة كل 15 يوم، يأتى الأهل من سفر بعيد و لا نجلس معهم إلا 15 دقيقة بحد أقصى، فلا نلحق مناقشة أى موضوع، مجرد السلام و الاطمئنان فى سرعة، كما يمنعوننا من الحركة أو الوقوف أو الأكل أو لمس الزيارة، و يحيط بنا المخبرون ليأخذوا الإتاوات حتى لا يهينوا أهلنا فى التفتيش، ثم يجذبوننا من وسط أهلنا و يدفعوننا للداخل.
يمنعون معظم الزيارة من الدخول، ويسرقون كثيراً من الطعام و الحلوى، وخلال تفتيشهم للزيارة يدخلوننا لغرفة نحلق بها شعرنا تماماً، ثم يخلعون ملابسنا ويفتشوننا ذاتياً، ويدخلوننا بعدها لجمع الزيارة من على الأرض – و هى فى حالة مزرية – وحملها داخلاً، و يأخذ المخبرون منا غصباً أى شئ يريدونه من الزيارة. علماً بأن لائحة السجون تنص أن أقل وقت للزيارة ساعة، ولا شئ عن الحلاقة مع كل زيارة التى قد تنقل الأمراض بسبب أن الجميع يحلق بنفس الموس و الأدوات، هذا بالإضافة إلى المنظر السئ أمام الأهل ونحن دوماً بلا شعر لدرجة أن أهلنا نسوا شكلنا الطبيعى عندما كانوا يروننا بشعرنا.