محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – الرسالة السادسة

اسم السجين (اسم الشهرة) : محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 7/14/2014

السن وقت الاحتجاز: 25 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالب بكلية الصيدلة بجامعة المنصورة

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون طرة

الرسالة السادسة

الرسالة السادسة بداية هذا ليس مقالا , فأنا لا أمتلك الأن فكرة واضحة الملامح كى أتناولها معك بالكتابة , وكذلك ليست مذكرات , فأنا تهمنى الأن محاولة الحياة داخل السجن أكثر مما تهمنى محاولة كتابة هذه الحياة , تستطيع – إن أردت مواصلة القراءة – أن تعتبر هذه الأسطر بوحا لوجه البوح لا أكثر أو كلمات تتابعت وصدرت هكذا على طريقة ” التداعى الحر ” …. حسنا , ما رأيك لو إتخذتنى – خلال الدقائق التالية – صديقا عابرا ؟ لا أعرف إن كنت جربت هذا الشكل من الصداقة أم لا , لكنة أمر يستحق التجربة فعلا , أن يكون لك صديق غير دورى اللقاء , لا تعرف متى تلتقيان أو هل تجتمعان ثانية أصلا أم لا , لا شىء يجمعكما سوى ” رغبة حقيقية ” فى التواصل , أنا جربت ذلك خارج السجن وداخلة …. ربما يكون ذلك هو الشكل الأكثر انتشارا لكل العلاقات داخل السجون , لماذا ؟ لانك معرض لسماع هذه الكلمة السخيفة فى اى وقت ” ترحيلة ” لتلملم متاعك الضئيل وتودع اصدقاء جمعكم غطاء واحد , ورغيف واحد وكذلك جمعكم صاعق كهربائى واحد ….. لقد كانو يدفعوننا دفعا صوب الجنون ياصديقى …. سأحكى لك ….. خلال أسبوع التعذيب الأول , حينما كان ” الباشا ” يمل من طول وكثرة جلسات التعذيب , تلك الجلسات التى كان منها ماهو لتسليتة لا أكثر , بلا كلام , بلا أسئلة , لا شىء سوى صراخ البشر وضحكات الباشا …. أقول حينما كان يهل , كان يأمر واحدا منا أن يردد ” سبعة , سبعة , سبعة , ….” هكذا دون توقف , ويأمر الأخر أن يردد ” القطة المشمشية حلوة بس شقية …..” نعم ! تماما كما قرأت , القطة المشمشية ! والثالث يأمره بترديد ” تسلم الأيادى ” , والرابع يأمره بترديد جملة عبثية المحتوى , إباحية الإيحاء , ولكنها بلا معنى حقيقى , ولك الخيار إما أن تبقى لساعات تغنى وتردد وإما أن تتلقى نصيبك من الركل والصفع والصعق … يوكل ” الباشا ” مجموعة من كلابه لمراقبتنا والوقوف على تنفيذ أوامره حرفيا , ثم يمضى ويتركنا . وتصبح الصورة النهائية كالتالى : مجموعة من البشر , شبه عراه مقيدى الأيدى والأقدام , أجسادهم ما بين جروح وتورمات , يرددون تلك الجمل بلا توقف لساعات طوال الليل ( كانت الغمامة كفيلة بجعل الأسبوع كله ليلا ) يرددون حتى تثقل ألسنتهم ويتهتهون , ويسقطون من الإعياء , فيعيدهم كلب بركلة , ليرددوا …. ويرددوا … ويرددوا …. بلا نهاية … ربما ظن ” الباشا ” أن النهاية ستكون الجنون , أو تمنى الموت , فقد قال حرفيا ” أنا هخليكو تتمنو الموت ياولاد المت**** , وأقول أنا لم أجن , ولم أتمن الموت , فقط صرت أعمق حبا للحق والحقيقة , أشد بغضا للظلم والظلام , صرت أكثر تقديرا للحياة , وأقل قلقا من الموت ( فهو ليس النهاية …..) نحن صديقان منذ سطور قليلة , ماذا دفعنى لاحكى لك أمرا يمسنى فى العمق هكذا ؟ لا أدرى , ربما لأننا شريكان ياصديقى , ألست أنت الأخر مواطنا فى هذا البلد المجنون ؟ ألا تواجه كل يوم حفنة من القرارات والتصريحات التى نتجت من تزاوج الخبل والعشوائية ؟ ثم إنك معرض لأن تكون موضعى فى أية لحظة …..إنهم يسعون بشدة لدفعك ودفعى صوب الجنون , هناك مقال أذكرة للشاعر / تميم البرغوثى كان يحكى عن أوربا فى عصورها الوسطى حينما حاكموا ديكا لأنة باض بيضة ! كانو يريدون إثبات قدرتهم على فعل أى شىء , وظلم أى مخلوق , وكذلك الأن يفعلون هنالك سور يفصل بيننا ياصديقى ……. سور يقسم البلد نصفين , لديك نصف الصورة ولدى النصف , فى السطور السابقة وفى كل كلمة بمقال أو رسالة كتبتها ها هنا كنت أحكى لك أنت عما أرى من الداخل … كنت أحاول أن أمد خيوط علاقة تجمعنا …. أسوار وجدران السجون أقوى أم العلاقات البشرية الصادقة ؟ مازلت أرى أن البشر أقوى … مازلت أرى أن هذه الروابط الإنسانية هى التى تحمينا من الجنون ….. ولن نهزم إلا إن تخلينا عنها …. محمد فوزى صيدلة المنصورة من داخل سجن طره