اسم السجين (اسم الشهرة) : محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي)
النوع الاجتماعي : ذكر
تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 3/3/2016
السن وقت الاحتجاز: 25 عام
الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالب بكلية الصيدلة بجامعة المنصورة
مكان احتجاز المرسل : مكان احتجاز غير معلوم
الرسالة الخامسة.. إلى مصطفى جلال
الرسالة الخامسة
إلى مصطفى جلال
يا صاحِبَ الحضنِ الوسيعِ
وصاحِبَ الروحِ الربيعِ
وصاحِبَ القلبِ الصَبيْ
يا صاحبيْ
وقفَ المجازُ
ببدءِ سطر رسالتي
حيرانَ عَجْزًا, راجفًا
لم يستطعْ صَوغَ العبارةِ
واصفًا أو بالإشارةِ.. فاكتفى
أن قال لي:
[لا تدْعُ صاحِبَكَ المُحَيِّرَ
غيرَ باسمِهِ, لا سواهُ
لكل إنسانٍ نصيبٌ ما
من اسمِهِ صادقٌ..
أبلغْ سلاماتي صديقَكَ.]
لوَّح المجازُ لي, ثم اختفى
فجلستُ
أكتبُ الرسالةَ
مُنشِدًا ما قال لي
“لكلِّ إنسانٍ نصيبٌ ما
من اسمِهِ صادقٌ.. يا مُصطفى”
ستقول لي:
– “هذا خيالُكَ إذ يُحَلِّقْ
وجهي أمامك فلتُحدِّقْ
الشِعْرُ ليس جَميلَهُ الكذوبَ لا
الشِعْرُ أجملُ حينَ يصدُقْ.”
ستقول لي:
– “بشرٌ أنا..
والنقصُ فيَّ غريزةٌ أرضيَّةٌ
إياكَ ترسمَني بشِعْرِكَ
بينَ أجنحَةِ المَلَكْ.”
سأقولُ لَكْ:
= “أنا لستُ أرسمُ غيرَ وجهِكَ
مثلما رأيتُهُ
لم أسْعَ أن أُجَمِّلَكْ
لكننا
فينا من الإله روحٌ, نفحةٌ
وله الجمالُ, لهُ الجلالُ, لهُ الكمالُ
لنا الحياةُ بشوكِها وزهورِها
ونقصُنا _إن نعترفْ بهِ_ اكتمالٌ
فلنكنْ خلفاءَ خالِقِنا نسيرُ تجاهَهُ
بدونِ أن نهوى إلى الكِبَرِ/الشَرَكْ”
ستقول لي:
– “ها أنتَ فلسفتَ الحقائقَ
وهي واضحةٌ بدون إضافةٍ
دعْها وقُلْ لي
كيفَ حالُكَ؟
كانَ أحرى أن تُطمئنني
عليكَ بدونما أن أسألَكْ”
= حالي..
بعيدًا عنكَ وحدي, قد حَلَكْ
– ماذا جرى؟
= نوباتُ حزنٍ يعتريني عابِرا
– دُسْ فوقَهُ
لتظلَّ حُرًّا للنهايةِ
لا تدعْهُ يصيرُ
داخلَ سجنِكَ الحجريِّ سجنًا آخَرَا
= صدقًا..
أنا أصبحتُ أحيانًا أرى
حُريَّةً في الحُزنِ
تمنحُ عينيْ السجينِ
بعضَ الضيَّ حتى تُبصِرَا
وأنتَ تدرى
كيفَ ليلُ السجنِ إذ ما أظلَمَ
وأنتَ تدرى
كم أفضِّلُ البكاءَ.. على العَمى..
– حسنًا
إذنْ إن لم يكُنْ بدٌ من الحزنِ
انتظرْ
حتى نكونَ معًا لنقْسِمَهْ
ونهزِمَهُ, نعلِّمَهُ معًا..
يصيرُ حزنًا طيِّبَا
= هل في الصداقةِ
مَسْحَةٌ من الأبوَّةِ يا تُرى؟
– ولم السؤالُ الآنَ؟
لا تَكُ خلْفَهُ مُتَهرِّبَا
= ها أنت إذ خاطبتني
بلهجةٍ أبويَّةٍ
أثبتَ أني قد أصبتُ
إذ رأيتُكَ لي بشكلٍ مَا أَبَا
– لأكُنْ كذا إن شئتَ
[سوفَ تقولُ لي مُتَعجِّبَا]
لأكنْ كذا إن شِئتَ
فاسمَعْ ما أقولُ, أطِعْ
لأجلي كُنْ بخيرٍ يا فتى
= لكن هنالِكَ مُشكلةْ.
– وما الجديدُ؟
فنحنُ معتادونَ أن نحيا معًا بسلسلةْ
حلقاتُها من الكوارثِ
هات ما لديكَ قُلْ..
= إن صرتَ لي أبًا,
فكيفَ أزوِّجُ ابني بنتكَ
التي غدًا سيُحبُّها
ويقاتِلُ الدنيا لكي تكونَ لَهْ؟
– من قالَ أنِّي
سوفَ أرضى أن أزوِّجَ ابنتي
لغريبِ أطوارٍ
وزيرِ نسوةٍ _كأبيهِ_ لا لنْ أقْبَلَهْ.
= حسنًا
أنا أخطأتُ أصلًا حينما
رضيتُ أن أزوِّجَ ابنىَ
_الذي بعدُ لم أنجبْهُ_
من مجنونةٍ
بإرثِ جيناتِ الأبِ المجنونِ/أنتَ مُكَبَلَّةْ
– أضحكتني!
من هاهنا المجنون؟
قُلْ لي, هلْ أنا
أم أنتَ إذ تهذي وتقفزُ هكذا
من فكرةٍ ولفكرةٍ عبثيةٍ وبلا صِلَةْ؟
= هل من جنونِ المرءِ أن يهذي خيالًا
حينما يشتاقُ صَاحبَهُ
ولا يجدُ السبيلَ إلى حوارِهِ غير أن يَتَخَيَّلَهْ؟
[سأقولُ لَكْ..
وتقولُ لي..
سأقول..
لن يصلَ الحديثُ إليكَ لا
مهما أُعيدْ..
فأنتَ في سجنٍ بَعيدْ
وأنا..
وحيدٌ ها هنا
معَ الجنونِ أنا وحيدْ]
يحيا الجنونُ
دليلَ عقلٍ في بلادِ القَهْرِ يَحيا
يحيا الذين يُقاتلونَ
ليمنحوا الإنسانَ
قبلَ الخُبزِ أُغْنيةً ووعْيَا
يحيا الجنونُ هُنا لنا
ولهم هنالِكَ العقولُ
يكفنونَهَا بجُبنِهِم..
لتبقى عالقاتٍ في الخواءِ
للسادةِ العُقلاءِ
قوتُ الأمنِ
مَطهُوًّا بِذُلِّ الإنحناءِ
للساسةِ اللُقطاءِ
بعضُ فُتَاتِ مُلكٍ
_إن تبقيِّ.._ بعد ما يأتونَ طوْعًا
يعرضونَ مؤخراتهمُ الكريمة
للطغاةِ راقصينَ على الدماءِ
للشيخِ, مثل القسِّ لا فرقٌ
_ومثلَ العنكبوتِ_ شباكُ لحيةٍ
تصيدُ المؤمنينَ الطيبينَ
وتحصدُ الطاعاتِ فوقَ الأوضِ مِنْهُمْ
بعد أن تتلقفَ اللعناتِ من ربِّ السماءِ
للقائِدِ الحربيِّ
عرشٌ فوقَ أكتافِ العبيدِ
أُقيمَ ضخمًا, عاليًا.. ومُجوَّفَا..
لهمْ هنالِكَ ما لَهُمْ
لَهمُ
الهباءُ مُزَخْرَفَا..
ولنا الحياةُ
شهيةً وبهيةً, رغمَ العناءِ
يظلُّ إنسانٌ حقيقيًا
وإن كانَ الزمانُ مُزيَّفَا
لنا الحياةُ
في صديقٍ يعبرُ الأسوارَ
يقفزُ من سطوري بَاسِمَا
ويظلُ رغمَ السجنِ أقربَ دائِمَا
لنا الحياةُ هُنا لَنا
نحبُّها, وتُحبُنا يا مُصْطَفى