محمد محمود فاضل فهمي (محمد فهمي) – عيدك وانتصاراتك سعيدة يا مصر

اسم السجين (اسم الشهرة) : محمد محمود فاضل فهمي (محمد فهمي)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 10/8/2014

السن وقت الاحتجاز: 40 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: صحفي بشبكة الجزيرة الإخبارية الإنجليزية

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون طرة

عيدك وانتصاراتك سعيدة يا مصر

الصحفى يكرس حياته لتغطية الحدث ويواجه أصعب الظروف والمواقف، ولكن عندما يصبح هو الحدث بين يوم وليلة، فلابد أن يكون هناك خطأ أو لبس ما.
أكتب هذا التوضيح من زنزانتى وأنا أدرك الكم الهائل من الأخبار والشائعات والتهويل الذي يغزو مجتمعنا من قِبَل بعض القنوات الفضائية وشبكات الإنترنت والتواصل الاجتماعى، ليس فقط بخصوص قضيتى المعروفة بـ«خلية الماريوت»، ولكن في العديد من القضايا العالمية أيضا.
أنا الصحفى محمد فاضل فهمى، المعروف حاليا بـ«صحفى الجزيرة»، «المتهم الخامس»، وربما أيضا يقال من قِبَل بعض من لا يعرفنى أو لم يقابلنى أبدا: «جاسوس قطرى» أو «إرهابى إخوانى» أو «خائن». لن أردد أقوالا مأثورة أو آيات قرآنية عن الظلم، ولكن واجبى أن أصحح التاريخ، قبل أن يؤرخ بشكل خطأ. فماذا يملك المرء أغلى من تاريخ وطنه، وشرفه، وأسرته؟ يصعب علىَّ جدا أن أدان بموجب المادة «٨٦» من قانون الإجراءات الجنائية، وأصبح بين يوم وليلة «عضوا في جماعة الإخوان المسلمين»، جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل العمل بالدستور والقوانين. أنا لا أتذكر يوما أننى انضممت مثلا لحزب «الحرية والعدالة»، أو تدرجت مثلا في سلم عضوية الإخوان من درجة «محب» إلى «عضو عامل» تحت رعاية قيادى إخوانى لأبارك شعار «السمع والطاعة»- لا سمح الله.
كل ما أتذكره هو هتافى ضد الإخوان في مسيرات ٣٠ يونيو، بعد أن تركت العمل الصحفى لعدة أشهر. أتذكر أيضا فرحتى أنا وخطيبتى ونحن نصور طائرات قواتنا المسلحة وهى ترسم القلوب في سماء القاهرة لتدخل في قلوبنا الطمأنينة في أيام لا توصف إلا بـ«السوداء» كان المرء يخاف فيها على أمه ونساء عائلته حتى من فكرة النزول إلى الشارع. الكثير من الناس يعتقدون أن الصحفى لديه جميع الإجابات والحقائق، ولكن الواقع هو أن الصحفى يهرول وراء خيوط الأحداث، ويحاول فك ألغاز القضايا المختلفة والبحث دائما عن الحقيقة ونقلها بكل أمانة وصدق من خلال مصادره المتعددة، وما يصدر من بيانات رسمية من الجهات الحكومية. ما يميز الصحفى الجيد عن الصحفى البارع هو القدرة على قراءة ما بين السطور وعدم الوقوع في الفخ بأن يصبح أداة في يد جماعة ما، أو حكومة، أو أشخاص بأعينهم، أو حتى فكر معين. هذه الحرفية واليقين تأتى مع الخبرة والحس الصحفى المكتسب من الميدان قبل الاستديو، وهذ كان نهجى دائما خلال تاريخ عملى الصحفى لأكثر من ١٥ عاما، سواء بالصحافة الأجنبية أو بالقنوات العربية مثل عملى في تليفزيون دبى وقناة الحرة لعدة أعوام.
ذاكرتى تشرد وأنا في زنزانتى إلى أول مهمة صحفية أسندت لى مع جريدة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية كصحفى ومترجم، عندما ذهبت إلى العراق في أول يوم للغزو في عام ٢٠٠٣، حيث مكثت هناك لمدة تقرب من العام. مثل الملايين من الناس كنت على قناعة بأن دخول القوات الأمريكية للعراق كان الغرض منه هو الخلاص من صدام حسين وأسلحة الدمار الشامل ونشر الديمقراطية. كل صباح وفى جميع تحقيقاتنا الصحفية، كنت أنا وفريق العمل المخضرم نطالب الحكومة الأمريكية بأجوبة لتساؤلاتنا العديدة، ونواجههم بحقائق جمعناها من الحقل الميدانى، كانت تتعارض مع ما كانوا يعلنون عنه خلال مؤتمراتهم الصحفية. الخلاصة أننا لم «نطبل» لأمريكا، ومارسنا حقنا كسلطة رابعة، والحقيقة أننا لم نجد علبة كيماوى واحدة، وأن هدفهم كان «الذهب الأسود».
تشاء الصدف ويهدينى صديق لى كتابا في السجن اسمه «نقاط القرار» كان قد كتبه الرئيس الأمريكى السابق «جورج بوش الابن» يؤرخ فيه لفترة رئاسته. ارتحت نفسيا قليلا عندما قرأت اعترافاته بأن جهاز مخابراته «السى. آى. إيه» أفاده بمعلومات خاطئة بوجود أسلحة دمار شامل في العراق، والتى بموجبها بنى قرار دخول العراق. ما أضحكنى فعلا هو تأكيده أن رؤساء دول عربية عديدة أكدوا له امتلاك صدام حسين هذه الأسلحة، ولكنه ذكر رئيسا واحدا بالاسم وهو الرئيس السابق محمد حسنى مبارك!.
خرجت سالما من العراق، ولكن لم تسلم العراق. أكثر ما أحزننى هو مشهد الجيش العراقى المهرول في الشوارع، اعتراضا على قرار بوش الفاشل بحل الجيش العراقى. هذا المشهد كان يراودنى مرارا في عقلى الباطنى وأنا أهتف ضد مبارك، في أول أربعة أيام من ٢٥ حتى ٢٩ من يناير. مثل الملايين من المصريين كان طموحى هو تغيير هذا الرئيس بقائد أقوى ينقذ مصر من طوفان الفساد والفقر، ولكن فكرة المساس بجيشنا أو جهاز شرطتنا كانت بالنسبة لى كابوسا تكرر أمام عينى من خلال تغطيتى العديد من الحروب في مناطق النزاع.
مع بداية ٣٠ يناير توقفت عن الهتاف، لأننى بدأت العمل كصحفى ومعد في قناة «سى. إن. إن» الإخبارية في مصر، وبذلك ارتديت قبعة الصحفى المحايد مرة أخرى، وتركت جميع آرائى السياسية خلفى في ميدان التحرير. إن هذا لا يمنع أن يعبر الصحفى عن مشاعره من شدة الفرح، ولكن في الخفاء كما فعلت أنا خلف نظارتى الشمسية وأنا واقف أمام قصر مبارك، في لحظة إعلان خطاب التنحى. مثل الكثير من الصحفيين عملت سبعة أيام في الأسبوع في تغطية المسخرة والمذابح السياسية، خصوصا بعد حكم الإخوان حتى طفح الكيل. يوم أقف أمام السفارة الأمريكية أشرح فيه لمشاهد قناة «سى. إن. إن» على الهواء كيف يرفرف علم القاعدة على المبنى بمباركة محمد الظواهرى، ويوم أتكلم عن إرهاب «حازمون» عند مدينة الإنتاج الإعلامى، ويوم استمع إلى جهادى يرغب في تشكيل مجموعة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»، ويوم أرى قتلة الرئيس الراحل أنور السادات في منصة الاحتفالات بانتصارات ٦ أكتوبر. كل هذا كان يزيدنى قلقا على وطنى الحبيب مصر.
أصبح المشهد يُذَكِّرنى بتفاقم المشهدين العراقى والليبى، وبات مؤكدا لى أن الإسلام السياسى سيقضى على مصر، أنا من مشجعى الديمقراطية، ولكن المسألة كانت حياة أو موتا، فلن تنفع الأدوية التجريبية لمدة أربعة أعوام، وكان يجب استئصال هذا السرطان الإخوانى من جذوره كما فعلنا في ٣٠ يونيو لإنقاذ هذا المريض من الموت.
علاقتى كصحفى كانت ممتازة مع كافة أجهزة الدولة السيادية، الرموز السياسية، الحركات الشبابية، بدو سيناء، حتى الإخوان والسلفية الجهادية، وأيضا الخارجون عن القانون، هؤلاء جميعهم يمثلون المادة الإعلامية التي أقدمها مع وجبة العشاء للمشاهد وهو يجلس أمام التلفاز في منزله. هنا أود أن أكرر عبارة قالها المحامى خالد أبوبكر، دفاعا عنى في المحكمة: «إذا صور أو أذاع صحفى مظاهرة تردد هتافات: (يسقط يسقط حكم العسكر) فلا يعنى هذا أنه موافق أو معارض لهذه العبارات».
في آخر تقرير مصور أعددته لقناة «سى. إن. إن» قبل استقالتى في ٢٠١٣، نزلنا برفقة قوة من شرطة قسم قصر النيل لتصوير كيفية تطبيق حظر التجوال ليلا في وسط القاهرة. وقمت بعرض كلمة مأمور القسم وهو يقول: «الأمن في تحسن يومى، بعد أن تحسنت العلاقة كثيرا بين الشرطة والشعب منذ ثورة ٢٥ يناير». أصبح هذا التقرير سبقا صحفيا لم تنتجه أي قناة أجنبية غير قناة «سى. إن. إن». بعد انتهاء التصوير أوصلتنى دورية من القسم إلى بيتى، ويشاء القدر أن أسجن بعد أشهر قليلة في نفس هذا القسم.
تركت قناة «سى. إن. إن» لآخذ قسطا من الراحة، وبدأت الإعداد لزفافى، وبما أننى شغوف بمهنتى وبعالم الصحافة، لم تمض أسابيع قليلة حتى عدت للعمل الصحفى «كصحفى حر»، بمعنى أننى لم أكن مقيدا بعقد أو أوقات عمل يومية، فيوم أكتب في الصحف الأجنبية، ويوم آخر أنتج تقريرا لمحطة تليفزيونية. يعنى «صحفى بالحتة أو اليومية» كما هو متبع في عرف عالم الصحافة. عندما بدأت العمل مع قناة الجزيرة الإنجليزية على هذا الأساس في شهر سبتمبر ٢٠١٣ «والتى لم يتعد عملى بها الشهرين وثلاثة أسابيع فقط قبل أن يتم القبض علىَّ»، كان أول شرط لى لقبول هذه الوظيفة هو قانونية عمل القناة بمصر، وعدم عرض أي من التقارير التي أقوم بإنتاجها على قناة الجزيرة مباشر مصر، وألا يكون من اختصاصات عملى أي تعامل معهم، لأننى كنت أدرك أن القناة كانت مغلقة رسميا بحكم قضائى.
قدمت هذه الرسائل الإلكترونية التي تثبت ما أقوله إلى هيئة المحكمة الموقرة بما فيها نسخة من رخصة عمل قناة الجزيرة الإنجليزية. إذا كان فعلا هناك أجهزة غير مرخصة في مكتب القناة، فهذه مسؤولية القناة وليست مهمة الصحفى أن يتأكد من هذا قبل بدء العمل. الغريب فعلا أن التحريات أكدت أن محمد فهمى يعمل بقناة الجزيرة مباشر مصر، وعضو عامل بجماعة الإخوان المسلمين، وهذا ما أكده الشاهد الرئيسى في المحكمة. الأغرب أنه بعد القبض علىَّ أنا وزملائى، الصحفى بيتر جرست والصحفى باهر غراب، زج في القضية ببعض الطلبة الجامعيين «المحبين للإخوان» كما قالوا للنيابة، وفى يوم وليلة أصبحوا صحفيين أمام العالم، وأصبحت أنا أمير «خلية الماريوت». هؤلاء الصبية يرفعون شعار ملايين الطلاب في العالم وهو: «خُلِقْنا لنعترض». لقد قابلتهم لأول مرة في حياتى في جناح الإرهاب في سجن العقرب، وأنا حتى الآن لا أعرف ما علاقتنا كصحفيين بهم. لقد فوجئت بالتحريات تقول إننى التقيت بهم أكثر من مرة في فندق الماريوت، وهذا ما لم يحدث أبدا، وأنكرته تماما، وقلت لقاضى قضيتنا الجليل: «معكم هواتفنا المحمولة وحواسبنا الشخصية لمدة ستة أشهر، هل وجد أي رسالة أو إيميل يربط بينى وبين الطلبة أو حتى وجدت أرقام تليفوناتهم في تليفونى مثلا؟!»، ومع ذلك بعد عملى المتقطع مع القناة لمدة شهرين وثلاثة أسابيع فقط «شيلت الليلة»، ودفعت فاتورة تغطية قناة الجزيرة خلال السنوات الثلاث الماضية. حيثيات الحكم أسندت إلى اسمى مئات التقارير المصورة التي حتى إذا اعتبرناها وتخيلنا أنها مفبركة فهى مأخوذة من القرص الصلب وكمبيوتر قناة الجزيرة، وتجسد أحداثا سياسية حدثت وصورت في خلال السنوات الثلاث الماضية وفى الفترة الزمنية التي كنت أعمل فيها لدى قناة «سى. إن. إن» إلا إذا كنت الصحفى «السوبر مان» وأعمل في قناتين عالميتين في وقت واحد.
الحكم علىَّ بسبع سنوات «مشدد» جاء كضربة قاضية من محمد على كلاى، بعد ١٢ جلسة لم تأت بدليل إدانة واحد بشهادة جموع الصحفيين الذين حضروا جميع جلسات المحكمة.
أما عن العمل في فندق خمس نجوم فهذا عرف تتبعه جميع القنوات مثل «سى. إن. إن» و«بى. بى. سى» وغيرهما من القنوات العالمية وحتى القنوات المصرية في بعض الأحيان. بالتأكيد بدأت أن ألاحظ المشكلة عندما قابلت السيد عمرو موسى، لأطلب منه الظهور على الشاشة ليتكلم عن دستورنا الجديد، ولكن قوبل طلبى بالرفض. ثم جاء رفض الداخلية «التى لم ترفض لى طلبا في ثلاثة أعوام عملى بقناة (سى. إن. إن)» لطلبى تصوير تقرير عن أسر شهداء رابعة من قوات الشرطة. بدأت حينها ألاحظ أن الناس لا تفرق بين المباشر والإنجليزية.
أما بالنسبة إلى تهمة «نشر الأخبار الكاذبة»، فلقد ذكرت للقاضى في المحكمة أننى صحفى محترف ومهنى ومعروف لدى العديد في الوسط الصحفى العالمى، وكل ما أملكه هو شرف المهنة، ولن أقبل أبدا أن يوضع اسمى تحت أي خبر مفبرك، كما أننا في عصر «تويتر» و«فيس بوك»، فإذا كنت قد فبركت خبرا فلن ترحمنى في لحظتها شبكات الإنترنت والتواصل الاجتماعى، حيث لا تمر كلمة دون تعليقات من جميع أنحاء العالم كما سيحدث مثلا بعد نشر هذا المقال، حيث ستمطر الاتهامات لى بالعمالة للأمريكان والقطريين والإخوان والتطبيل للجيش، وربما يهدر دمى من قِبَل الجهاديين أيضا. كل هذا لا يهم، ما يهمنى أن يؤرخ التاريخ حقيقة هذا الصحفى البورسعيدى الوطنى حتى النخاع. أتخيل الآن جدى اللواء عبدالحميد بسيونى وهو يتقلب في قبره، غضبا لكل ما يحدث لى اليوم، أما جدى الآخر المستشار القانونى بوزارة العدل فهو أكيد أيضا غاضب في قبره للظلم الذي أعيشه الآن.
حياة السجن ليست بهينة، ثلاث وعشرون ساعة في الزنزانة، وأسابيع من الحبس الانفرادى، ونظرات الذل على وجه أمك ممكن أن تكسر الإنسان وتولد الحقد والكراهية تجاه السجان والنظام، خصوصا لو أنك سجين مظلوم. في حالتى لم أستسلم لهذه الأحاسيس الهدامة ومرنت نفسى على تفادى هذا الإحساس الناشط كالفيروس في السجون. أصبح تركيزى في معركة البقاء منصبا على حل بعض الألغاز الصحفية التي لم أستطع أن أكملها خارج السجن. يوم يمر عندما يسرد لى مستشار مرسى للعلاقات الخارجية عن تفاصيل مقابلته المغلقة مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وكيف طلب منه أن يمده بالخبرة والتدريب في «كيفية التحكم الديمقراطى في القوات المسلحة»، ثم يخبرنى بأن مشكلة حدثت عند رجوعه لمصر، لأن سيادة الرئيس السيسى الذي كان وزير الدفاع في هذا الوقت قد غضب عنما تسرب الحوار له. أوباما كان يأمل في أن ينجح المشروع الإخوانى في مصر كى يطبقه في دول مجاورة أيضا. أما عن الأيام والليالى التي قضيتها في محبسى في حوارات مع أعضاء من جماعة أنصار بيت المقدس وأشقائها العائدين من سوريا وليبيا فهى فعلا بالنسبة لى كصحفى لا تقدر بثمن. هم لا يتحدثون إلا عن قوة دفع المتفجرات وطموحهم الفاشل في نشر فكر الخلافة الإسلامية.
هناك مثل يروج في دهاليز سجن طرة: «إن لم تكن إرهابيا، فالسجن سيجعلك إرهابيا فعلا، أو شيخا، أو داعية إسلاميا، أو محاميا». بعد قنبلة هيروشيما الذرية التي فجرت في المحكمة بالحكم علىَّ سبع سنوات، قررت أن أتقمص شخصية المحامى وقرأت أوراق قضيتى بأكملها، وحيثيات الحكم وقانون العقوبات والإجراءات القانونية، ولايزال عقلى لا يستوعب القضية بأكملها.
بعد الحكم بساعات قليلة، صرحت الحكومة الأمريكية بأنها ستخفض المعونة الأمريكية لمصر إذا لم يتم تنفيذ بعض شروطها ومنها الإفراج عن صحفيى الجزيرة الثلاثة. في اليوم التالى، نشرت تصريحا من محبسى عن طريق أسرتى أرفض فيه بقوة الربط بينى وبين المعونة، وهذه التهديدات السخيفة التي لم أقبلها على ضميرى. كما تنظر واشنطن إلى مصلحتها أولا دائما أنا أيضا أحاول توضيح موقفى للخروج من السجن ولكن بكرامة رافعا رأسى. أنا أعلم جيدا أن «دبلوماسية لىَّ الذراع لن تفلح مع الرئيس عبدالفتاح السيسى».
وأعلم أيضا أنه لن يستخدم حقه في العفو الشامل، ولكننى مستغرب من التصريحات المتناقضة من قِبَل العديد من المسؤولين المصريين، قبل العيد قال السيد نبيل فهمى، وزير الخارجية السابق، في برنامج الإعلامى الكبير وائل الإبراشى: (صحفيو الجزيرة لم يخرقوا القانون، وإنما أخلوا ببعض أعراف الصحافة، وأنا كنت ضد محاكمتهم).
أعوذ بالله من كلمة أنا، ولكن من أجل أن أثبت أمانتى يجب أن أوضح أننى فزت بعدة جوائز عالمية في خلال تاريخى المهنى، ولكن أهم تقدير لى كان حصولى على جائزة حرية الصحافة، مع تقدير من منظمة اليونسكو، في يوم الصحافة العالمى في ٣ من مايو الذي صادف وجودى في قفص المحكمة. وقد قام أخى العزيز بإلقاء خطبة نيابة عنى في يوم تسليم الجائزة، جزء منها كان التالى: (لا تلوموا وطنى الحبيب مصر على حبسى الخاطئ، فهذا سوء تفاهم وخطأ غير مقصود سيحل في المحكمة، ولا تدرجوا مصر على قائمة أخطر دول للعمل الصحفى).
أرجو أن تسرع محكمة النقض في نظر قضيتى، وإذا تمت إعادة المحاكمة، فأرجو من مصر الأخذ في الاعتبار بشهادات رموزها وصناع تاريخها، مثل الدكتور فاروق الباز والمهندس نجيب ساويرس والسيد عمرو موسى والدكتور شريف دوس، الذين أدلوا بشهاداتهم الموثقة للمحكمة، والتى تفيد بأننى لست عضوا في جماعة الإخوان، وأننى أتسم بالمهنية والأمانة. يذكر أن الدكتور الباز كتب مقدمة كتابى «قصة حرية مصر» الذي يؤرخ لثورة ٢٥ يناير، والمهندس ساويرس آمن بكتابى الأول «اتجاه بغداد»، وحاولنا أن ننتجه معا كفيلم سينمائى في هوليوود في عام ٢٠٠٦.
أما عن وقوف بعض الفنانين والمبدعين معى مثل الإعلامية الدكتورة هالة سرحان والفنان خالد أبوالنجا والمنتج محمد حفظى والفنان تامر هجرس والمخرج عمرو سلامة، فهم أيضا مواقفهم الوطنية واتجاهاتهم معروفة جيدا لدى المجتمع.
وأخيرا أشكر نقيب الصحفيين الأستاذ ضياء رشوان لإيمانه ببراءتى وتوكيله محامى النقابة لمساعدتى.
كل ما أتمناه من مصر هو إخراجى من المعادلة السياسية، فإذا اختلف الكبار فلا داعى لإدخال الصغار. فأنا مجرد شاب مصرى بسيط اسمه محمد فهمى، أحلم بالاستقرار والزواج من خطيبتى وبناء أسرة بسيطة في وطنى الغالى مصر. أنا لا أمثل قطر أو أي كيان بعينه، وإنما أجسد فقط شخصية الصحفى الذي يعيش في حلم اسمه «حرية الصحافة والتعبير» عندما ينشر هذا النداء فنحن على الطريق الصحيح، وكلنا أمل في مصرنا الجديدة.