عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – بقايا حلم ضائع

اسم السجين (اسم الشهرة) : عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 5/6/2014

السن وقت الاحتجاز: 18 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالب بكلية الهندسة بالجامعة الألمانية بالقاهرة

مكان احتجاز المرسل : سجن المرج العمومي

بقايا حلم ضائع

بقايا حلم ضائع، و أمل يندثر، أراها تطل علىّ من انعكاس صورتى فى الكلابش المحيط بمعصمى، داخل عربة الترحيلات التى استقلها من قبلى لصوص و قتلة، و سيستقلها من بعدى مثلهم آخرون.
أتذكر جبل طموحى الذى كنت وصلت قمته و غرزت علم تفوقى فى سقفه، و ضحك لى المستقبل المشرق و ملكت العالم بأسره فى مخيلتى، ثم و بدون توقع يبدو أنى تعثرت فهويت متدحرجاً على جانب الجبل المبنى من صخور طموحاتى و أحلامى، فتحطم صخرةً صخرة، و حلماً حلماً، حتى اصطدم بسفح الواقع المرير، و أرقد محدقاً بدون أن أرى، لا أدرى هل فى يوم قد يُقدّرُ لى صعود جبلى من جديد؟ هل أستعيد انسانيتى و شعورى بعدما تبلد؟
ثم أشعر بالحقارة و التفاهة عندما تتحرك عيناى على صورة وجهى البائس فتستقر على الكلابش المتصل بى، و أراه ملتفاً على معصم والدى فيعتصر قلبى ألماً و ينزف دماً، و يزداد عذابى عشرات الأضعاف حينما أتذكر أنه يعانى أضعاف ما أعانيه، و أرى تدهور صحته و اكتئابه اللذين يزيدان كل يوم؛ بسبب الهموم و الضغوط و المصائب التى تنهمر علينا أخبارها يومياً، و الشعور بالعجز الفظيع.
ثم أتذكر وجه أمى الحبيبة و بكائها المستمر و ألم قلبها على فقد ابنها الأكبر و زوجها بعد شهر من وفاة أبيها، و وقوع مسئولية البيت و أخى و أختى بالكامل على كاهلها، أتذكر تعبها و ما تقاسيه من مشقة لزيارتنا و ما تراه من إهانة من أشباه البشر معدومى الضمير، و جهدها لإخفاء دموعها عنا حتى لا تضيف على همومنا هموماً، أرى بعين عقلى أختى مقبلة على أهم سنة فى عمرها دراسياً، و أخى يكبر و يزداد طولاً يوماً بعد يوم حتى قارب أن يتجاوزنى، فيتمزق قلبى حسرةً، و ينفجر شعورى بالهوان فأريد البكاء فلا أجد دموعاً أذرفها. لا أعرف هل جفت مدامعى أم ترانى فقدت الإحساس؟ أرانا مقدمين و بسرعة على قاضٍ نكاد نتيقن من ظلمه و حكمه علينا بالسنين سجناً ظلماً، أحاول خداع نفسى بتمنّى أن ينير الله بصيرته و ينطق ببراءتنا فأضحك من سذاجتى و براءتى.
أكاد أيأس، فأستغفر الله … يا ربِّ ضاقت. ضاقت. ضاقت.
يا ربِّ طال الليل فعجِّل ببزوغ الفجر.

أقول لنفسى : سيطلع من عتمتى قمرُ.