عبد الله الشامي صبحي علي (عبد الله الشامي) – أحتار فيما يمكن أن أكتبه في ذكرى ثلاثمائة يوم على تقييد حريتي

اسم السجين (اسم الشهرة) : عبد الله الشامي صبحي علي (عبد الله الشامي)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 6/3/2014

السن وقت الاحتجاز: 25 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: صحفي بشبكة الجزيرة الإخبارية

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون طرة

أحتار فيما يمكن أن أكتبه في ذكرى ثلاثمائة يوم على تقييد حريتي

أحتار فيما يمكن أن أكتبه في ذكرى ثلاثمائة يوم على تقييد حريتي، و انتزاعي من أهلي و العالم لأكون رهن جدران أربعة يتعاقب عليها الليل و النهار لا تكاد تميز فيها جيداً إلا نور الصباح أو عتمة الليل أو صوت الطيور والبشر و السيارات المنطلق و صوت الطائرات في السماء ..
و حين أكتب هذا الخطاب على غفلة من السجان و لا أدري إن كان سيصل للعالم أم لا و في زنزانة انفرادية قضيت فيها ما مضى من ثلاثة و عشرين يوماً بسجن العقرب، إذ أكتب هذا الكلام تتزاحم على طرف لساني و في عقلي آلاف الخواطر. أيام لا تعلم فيها إن كان أهلك – وقد رأيتهم في تلك الفترة مرة واحدة – بحال جيدة، أو ما إذا كان العالم لا زال كما عهدته و قصصه و أنت قد غدوت بلا مصدر للأخبار .. تماماً. و فوق ذلك تجلس يومك كله وحيداً، لا تختلط بأحد و لا تخرج إلا لدقائق في آخر النهار وحدك، و هذا كله أمر و استمرارك ممتنعاً عن الطعام أمراً آخر، فيكون أصعب و أشد إذ أنت بلا ونيس و لا عمل.
وقد جربت ماهو أشد خلال آخر 8 أيام من مايو بالامتناع عن الماء أيضاً حتى فقدت الوعي لمدة لا أعلمها فأنا لا أستطيع حساب الوقت في هذا المكان. و بعدها عندما لفظ جسدي دماً “كنزيف” و سوائل لا أعلم ماهيتها، حينها جائني طبيب قال أن جسدي ينذرني بأن الكلية قد تتوقف، ثم عدت مرة أخرى للماء و بدأت أشرب بعض العصير أحياناً . و في هذه الأيام أيضاً يأتيني من الناس مأمور السجن و مفتش المباحث و غيرهم إما لحديث عن الإضراب أو لتفتيش ما بحثاً عن شيء مجهول ثلاث مرات في الأسبوع.
أنا صحفي، قرأت في سياسات الأنظمة كثيراً، أدرك أن السلطة التي تحتجزني الآن و تعزلني عن العالم كله قد تكون تفعل ذلك لتضغط على أهلي بإشاعات عن كسري للإضراب الذي أخوضه كمعركة حياتي، أو ليجعلوا الناس يصدقوا تلك الشائعات و يكسروني بخسارتي دعم الناس. لكنهم لا يدركون أنني قد اجتزت تلك المرحلة تماماً.
فأما عن المعركة فأنا قد انتصرت فيها منذ أن بدأت أجهزة تلك الدولة كلها تحارب إضرابي و أنا فرد واحد أعزل، و أما عن كسري فلم يكن لمن امتلك إراة كإرادتي أن ينكسر أبداً، و أما عن الضغط على زوجتي و عائلتي فهم لا يعرفونهم كما أعرفهم أنا، و لا يعرفون أن الضغط يزيد أمثالناً إصراراً. و أما عن دعم الناس فمن صدقني و صدق قضيتي من البداية لن يخذلني الآن، و من كذبني و كذب قضيتي أيضاً من البداية لن يصدق و إن رأى أهلي يتسلمون جسدي و قد صعدت منه الروح بعد إضراب استمر شهور ..
أنا لا أدري كم بقي لي على قيد الحياة في تلك الدنيا، لكنني و إن مت الآن يكفيني ليريحني أنني مدرك أن المعركة ستستمر و أن الحرية ستنتصر يوماً، و أن هناك الملايين من الصحفيين في العالم سيتذكرون أن هناك شاباً قدم حياته لئلا تقيد حرية أحدهم أبداً. و ليعلم كل صحفي في العالم، أن له الحق الكامل المطلق أن يغطي أي حدث كما يراه أمام عينه بكل شفافية و وضوح و يترك المشاهد أو القارئ وحده يحكم على ما يراه.
و ليعلم كل إنسان أنه لا حق لأحد أن يقيد حريته دون ذنب أو جريمة. أنا قد أديت رسالتي .. و نهاية كلامي و ليس بعد خلاف أنني مستمر في معركتي، فإما أن أنال حريتي كاملة، أو أن أحدهم سيأتي بعد رحيلي عن الدنيا ليكمل ما بدأته أنا.
و مرة أخرى .. الحرية وعد لمن يظل وفياً لها.
عبد الله الشامي – 9:24 مساءًا – انفرادي H3 سجن العقرب – 3 يونيو 2014″