عمر عبد العزيز حسين علي (عمر حاذق) – إيه.. في أمل؟

اسم السجين (اسم الشهرة) : عمر عبد العزيز حسين علي (عمر حاذق)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 7/2/2014

السن وقت الاحتجاز: 28 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: روائي وشاعر

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون برج العرب

إيه.. في أمل؟

هذه كلمة أكتبها ليتم إلقاؤها في مركز الجزويت الثقافي، لا أعرف مناسبتها، أرسلت لي أمي الحبيبة رسالة موجزة مع زميل لي في الزنزانة مفادها ضرورة إعداد هذه الكلمة بسرعة لتسليهما بأقرب فرصة، ليتم إلقاؤها في الجزويت قريبًا، شكرًا للجزويت..

هل سيكون الاحتفال تضمنًا معي أنا وزملائي في القضية، أم سيكون حفلًا لإطلاق روايتي الجديدة “روائي المدينة الأول” الذي أرجح أنه قد صدر هذه الأيام عن دار الكتب خان، كما وعدتني الصديقة كرم يوسف، مديرة الدار، لا أدري إذا صدق ظني سوف أستلم نسختي الأولى من الرواية الجديدة في الزيارة القادمة بسجن الغربانيات ببرج العرب، بذلك أكون قد استلمت روايتي الأولى “لا أحب هذه المدينة” بسجن الحضرة، وروايتي الثانية، بسجن الغربانيات، “الداخلية مش بتلعب يا بشوات، كل شيء مقسوم بعدالة.. أليست وظيفة الداخلية تطبيق العدالة؟”

فكرت عما أكتب إذًا؟ ما رأيكم يا أصدقائي القليلين ويا إخوتي الكثيرين في محبة هذا الوطن؟.. كتبت من قبل أنني لم أنشر كتبًا منذ 2009، وعلى نطاق محدود ها أنا أستلم روايتين في السجن، وإن كنت كتبتهما كاملتين قبل سجني..

كتبت رواية جديدة هنا اسمها “الحياة باللون الأبيض” أراجعها هذه الأيام المراجعة النهائية، أشعر بوضوح أنها تختلف كثيرًا عن كل ما كتبت.. لأن إحساسي بالحياة.. بالحب.. بالحرية.. بالألم.. قد تغير تغييرًا هائلًا.. حسنا سأبوح لكم بسر: حين انتهيت من الكتابة الأولى لروايتي (الحياة باللون الأبيض) التي بدأتها في سجن الحضرة وأتممتها هنا، في مارس الماضي، أرسلتها لتُكتب على الكمبيوتر، وبدأت في مراجعة البروفة الأولى لروايتي القصيرة (قلب السمكة) التي أنجزت كتابتها الأولى قبل السجن، حين قرأتها هنا ذهلت.. عرفت كيف يمكن أن تتطور كتابة كاتب واحد بين ديسمبر ومارس.. كيف يمكن أن تتطور شخصيتي وتنضج رؤيتي والإنسان والزمن.. بسبب تجربة السجن.. ألم أقل لكم: الحياة جميلة يا أصدقاء، كيف يمكن أن يتغير الإنسان حين يرى في نهاية الزيارة، كل 15 يومًا، أطفالًا يتعلقون بآبائهم السجينات والسجناء.. منفجرين في البكاء؟ طفلة صغيرة لا يمكن أن تعرف معنى (سجن) تصرخ وتبكي بكل ذرة في جسدها.. متوسلة إلى أبيها المنهار أن يرجع معهم إلى البيت.

تعرف هذه الطفلة أنها حين تخرج من قاعة الزيارة لن ترى أباها إلا بعد فترة طويلة.. فترة هائلة بالنسبة إلى قلبها الصغير.. ولا تدرك مثلًا أن أباها كان يشتري ملابس لها ولأخواتها من محطة الرمل يوم 30 أغسطس الماضي، فاندلعت مواجهات بين أنصار المعزول مرسي والشرطة، خاف الأب فهرب إلى داخل مسجد القائد إبراهيم محتميًا من الغاز والرصاص، فهاجم البلطجية المسجد، وحبسوا كل من فيه حتى قبضت عليه الداخلية وحوكموا جميعًا وحكم عليهم بالسجن 3 سنوات وغرامة 50 ألف وتأييد الحكم في الاستئناف، بعض الحالات خفف حكمها إلى سنتين، أكثرهم لا علاقة لهم بشيء بل منهم بعض الصيادين (يصعبوا على الكافر).

لماذا أكتب لكم ذلك؟ لأقول لكم أنه بالتأكيد في أمل.. كيف؟ لأن ذلك كله لا يدل إلا على أن هذا الشعب سيبدأ قريبًا جولة أخرى للدفاع عن كرامته وحريته وحقوقه الإنسانية، لم يمت أحد من المسجونين ولا من أطفالهم، الحياة تمضي والشعب يتعلم من جديد ما لم يتعلمه في ثورتيه: 25 يناير و30 يونيو، رغم كل ما ندفعه من ثمن، لم أتغير في حياتي كما تغيرت في الشهور الأخيرة، كنت أعاني من صدمة كبيرة في عدد من أصدقائي فإذا بي الآن مغمور بالأصدقاء: بالناس الين يحبونني فقط لأنني أدافع عن حريتي وأدفع ثمن كرامتي كإنسان، تصلني رسائل تبكيني من شباب وفتيات لا أعرفهم، يحاولون دعمي ومساندتي، أريد أن أقول لهم ولكم أنني لم أفعل شيئًا سوى التفرغ هنا والقراءة والكتابة والتعلم من الحياة ومحبتها والفرح بها، لم أفعل كما فعل الذين ضحوا بحيواتهم وعيونهم… فكروا بعمق في أن الله خلقنا مصريين، في هذا الزمن حتى ندافع عن كرامة الإنسان وحريته.. حتى ندفع ثمن ذلك كاملًا، فكروا بعمق في ذلك وانظروا كيف ستحبون هذا الوطن.. الحياة جميلة يا إخوتي في محبة هذا الوطن فلا تتركوهم يفسدونها.

عمر حاذق – برج العرب

18/6/2014