عمر عبد العزيز حسين علي (عمر حاذق) – الحياة جميلة يا أصدقاء

اسم السجين (اسم الشهرة) : عمر عبد العزيز حسين علي (عمر حاذق)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 9/5/2014

السن وقت الاحتجاز: 28 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: روائي وشاعر

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون برج العرب

الحياة جميلة يا أصدقاء

الحياة جميلة يا أصدقاء (11)

«هل تذكرون رسالتي القديمة التي قلت لكم فيها إنني استلمت في سجن الحضرة روايتي الأولى (لا أحب هذه المدينة)، وحكيت لكم أنني بدأت في (1- 1- 2014) كتابة رواية جديدة بجوار برميل قمامة وتشكيلة مدهشة من الصراصير في سجن الحضرة أيضًا؟.. هل تذكرون أني قد حكيت لكم أيضًا أني اتفقت على نشر رواية قصيرة لي كتبتها قبل السجن مع الرائعة كرم يوسف (الكتب خان)؟

أما أنا فأذكر ذلك كله، وأذكر أكثر منه.. أذكر أني قلت لكم إني كنت أمر قبل سجني بحالة ركود تام في نشاطي الأدبي، ما عدا القراءة والكتابة، وأني منذ 2009 لم أنشر نصًّا أدبيًّا خاصًّا بي.

في فبراير الماضي استلمت النسخة الأولى من روايتي الأولى، وبدأت رواية ثانية (الحياة باللون الأبيض) على وشك الانتهاء من مراجعتها هذه الأيام.

أما الرواية التي اتفقت على نشرها مع الناشرة العزيزة كرم يوسف فقد صدرت فعلا منذ أيام واستلمت يوم الثلاثاء 19 / 8/ 2014 النسخة الأولى منها، لكن في سجن الغربانيات بصحراء برج العرب، إنها عدالة التوزيع في سجون الداخلية.

وحين بدأت مراجعة بروفات (الحياة باللون الأبيض) كنت أواجه أسابيع من الفراغ أثناء تعديل البروفة على الكمبيوتر، فطلبت مسودة رواية قصيرة أنجزت كتابتها الأولى قبل السجن هي (قلب السمكة)، وبدأت أراجع بروفاتها بالتوازي مع أختها، حتى انتهيت من مراجعتها، ومنذ قليل كتبت إهداءها، الذي سأنشره لكم قريبًا هنا. ألا ترون إذن: الحياة جميلة حقًّا يا أصدقاء رغم كل شيء!!

فور أن رأيت نسخة الرواية الجديدة (روائي المدينة الأول) في زنزانتي هنا، تذكرت أخي وصديقي شريف فرج، الذي كان أول من رأى النسخة الأولى من روايتي الأولى في سجن الحضرة.. شريف الآن بينكم ولعله يقرأ هذه الكلمات على اللاب توب ويذكرني بالخير إيه في أمل، مرة أخرى، ومرة أخرى: رغم كل شيء، ورغم كل (قمع لحريتنا).. هنا أول من رأى النسخة الجديدة من روايتي الثانية (القصيرة) هو أخي الأصغر إسلام حسانين، الطفل الريفي الكبير الذي مات أبوه حسرة عليه.

شكرا لأسرتي وللناشرة (كرم يوسف) على ما بذلوه من جهد حتى تخرج الرواية للنور وأنا حر خلف القضبان، وإن كنت قد لاحظت أن الإهداء سقط سهوًا من الرواية؛ لأنه لم يكن ضمن محتويات النسخة التي أرسلتها لكرم في نوفمبر بالإيميل قبل القبض علي، ثم طلبت من أسرتي إرساله لكرم وأنا هنا لا أدري كيف سقط الإهداء، أرجح أنه خلل في الإيميل هو السبب، أقول ذلك الآن حتى نتدارك ذلك قدر الممكن بنشر الإهداء في الصحف، وهنا في نوت مستقل، وإذا أمكن طباعته في ورقة توضع داخل الرواية، أكون ممتنًّا للعزيزة كرم.

إهداء الرواية مهم لي؛ لأنه لرفيق نضال نادر المثال، هو محمد يسري سلامة، رحمه الله، الذي يستحق أكثر من الإهداء، أقترح نسخ الإهداء هنا في نهاية هذه الرسالة؛ لأنني حكيت فيه عما تعلمته من محمد يسري، الذي خسرناه في أوج نضاله دون أن يجني شيئًا من ذلك إلا محبة الأحرار.

أكرر أني لا ألوم أحدًا على سقوط الإهداء من النص؛ لأن ذلك من نتائج وجودي في السجن وعدم دراية أسرتي بتفاصيل النشر والتواصل الإلكتروني، وأكرر شكري وتقديري لجهود الصديقة كرم يوسف ولنبل مشاعرها أيضًا.

دعوني الآن لأخطط لنشر الرواية القصيرة المكتملة ولأراجع الرواية التي كتبتها كلها هنا، لكن دعونا نتفق إذن: الحياة جميلة يا أصدقاء فافرحوا بها قدر ما تستطيعون».

إهداء رواية (روائي المدينة الأولى)

بعد ثورة 25 يناير 2011، نشأتْ حركة ثورية عامة في كثير من المؤسسات المصرية العامة، ومنها المؤسسة التي أحببتُها: مكتبة الإسكندرية. شاركتُ في ذلك بكتابة مقالات على فيس بوك وفي جريدة الدستور الأصلي، فعاقبني مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور إسماعيل سراج الدين، الذي كان أحد رموز نظام مبارك، بعدم تجديد عقدي رغم صدور قرار منه بالتجديد التلقائي للعاملين.

كان ذلك في أكتوبر 2011، قام مدير المكتبة بإنهاء عمل آخرين من معارضيه، فثار عليه العاملون الأحرار ومنعوه من دخول المكتبة مطالبين برحيله وعودة من أنهى عملهم، وهتفوا بأسمائنا حتى أعادنا، في اليوم نفسه، إلى عملنا.

وكان يومًا استثنائيًّا في حياتي؛ ليس فقط لأنني عدتُ مكرمًا لمؤسسة حلمتُ بإصلاحها لانتمائي إليها بالفطرة كشاعر وكاتب، ولا لأنني كنت بحاجة ماسة إلى وظيفتي، بل لأن الحلم بدأ يصبح حقيقة بأيدينا جميعًا؛ نحن شباب المكتبة. منذ تلك اللحظة، غيّر هؤلاء الشباب حياتي؛ أولوياتي وكتابتي وأسباب فرحي وحزني وقدرتي على الحلم.

ظللنا نحتج ونثور في ساحة المكتبة أكثر من سنة دون أن يسمعنا الجالسون المتتابعون على كرسي السلطة، واستطاع سراج الدين بوسائل كثيرة، أن يحتفظ بمنصبه، رغم ذلك لم نتوقف عن الحلم، وأصبح شباب المكتبة الثوار إخوة لي في الحرية، فقررتُ وقتها أن أهديَ إليهم أول كتاب أكتبه، وكنت قد توقفتُ عن الكتابة منذ ثورة يناير العظيمة، واستغرقتْني حالة الحرية الجديدة، في وطني وعملي وأفكاري عن الحياة. ثم انتهتْ ثورة المكتبة وجاء الرئيس المخلوع مرسي بحكمه البغيض.

وفي يوم 24 مارس 2013، حين دخلتُ المكتبة صباحًا، استوقفني أخ عزيز، وقال لي: إن محمد يسري سلامة رحل عن دنيانا فجرًا. وكان محمد رحمه الله واحدًا من الرجال الحقيقيين في مصر. كان متحدثًا رسميًّا لحزب النور السلفي، ثم استقال حين كان للحزب نصيب هائل من المجد والنجاح السياسي، وظل يعمل في الظل أكثر من سنة، وكان من قادة ثوار المكتبة، حتى اكتشفه حزب الدستور فتألق في سمائه، والتف مصريون كثيرون حوله لما لمسوه فيه من نزاهة وإخلاص للثورة. وحين بدأ يجني ثمرة إخلاصه، رحل، فبكاه المصريون جميعًا.

الذي لم يعرفْه كثيرون عن محمد، أن عددًا من قيادات ثورة المكتبة انسحبوا من بيننا، ثم نالوا مناصب رفيعة وترقيات مالية هائلة (يا للمصادفة السعيدة!!)، لكن محمدًا لم يتزحزح عن مبادئه فلم ينل شيئًا، رغم أنه أصبح من رموز العمل السياسي العام، وكان يمكنه، بيسر تام، أن ينال ما يريد. فإلى محمد يسري، رمزًا لكل ثائر حر، أهدي عملي هذا. أفتقدك كثيرًا يا أخي.. رحمك الله، وغفر لك، وبارك روحك».