شريف ابو المجد – الابتلاء

شريف ابو المجد – الابتلاء

اسم السجين (اسم الشهرة) : شريف ابو المجد

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : شهر ديسمبر من عام 2014

السن وقت الاحتجاز: 65 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: عضو هيئة تدريس بكلية هندسة المطرية بجامعة حلوان

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون طرة

ملاحظة: لم يتم التوصل لتاريخ تحرير أو نشر الرسالة بالتحديد خلال العام المدرجة خلاله، وتم افتراض إدراجها بتاريخ آخر يوم في العام أو الشهر -إن حدد- لأغراض تقنية.

الابتلاء

الابتلاء سنه من سنه الله ، ولن تجد لسنه الله تبديلا ولن تجد لسنه الله تحويلات ، ويقول الله فى سوره العنكبوت ” الم * احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لايفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم ، فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ” ، وقد يكون الابتلاء هو سر الموت والحياه ، يقول الله تعالى ” تبارك الذى بيده الملك وهو على كل شىء قدر * الذى خلق الموت والحياه ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور ” ، فالله سبحانه وتعالى خلق الموت والحياه ليختبر خلقه ، فلماذا خلقنا الله ليبتلينا ، او ماهى حكمه الابتلاء
الابتلاء له حكم كثيره منها ماذكرته آيه سوره العنكبون : ” ليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ” ، ومنها ان يختبر صبر العباد ” وجعلنا بعضكم لبعض فتنه اتصبرون ؟ ” ومنها ان يختبر رضاهم بقضائه وقدره ، ” الذين اذا اصابتهم مصيبه قالوا انا لله وانا اليه راجعون ” ، ومنها ان يصنف الناس الى اصحاب الجنه واصحاب النار ” ام حسبتم ان تدخلوا الجنه ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ”
والابتلاء له صور كثيره ، اشهرها وايسرها الابتلاء بالشده ” ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ، وتلك الايام نداولها بين الناس ” ، والابتلاء بالجوع والفقر ” ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات ، وبشر الصابرين ” ، واخفاها واصعبها هو الابتلاء بالخير ” ونبلوكم بالخير والشر فتنه ” لان الانسان عاده لايحس انه ابتلاء ، بل على العكس يحس انه اصطفاء ، كما قال صاحب الجنتين ” وما اظن الساعه قائمه ولكن رددت الى ربى لأجدن خيرا منها منقلبا ” اى انه يظن ان الله اصطفاه بالجنتين فى الدنيا ولابد انه يدخر له ماهو افضل منها فى لآخره ، والابتلاء قد يكون فى الاموال والاولاد ” لتبلون فى اموالكم وانفسكم ولتسمعن من الذين اوتوا قبلكم ومن الذين اشركوا أذى ً كثيرا ، وان تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الامور ” ، ويقول تعالى
” واعلموا انما اموالكم واولادكم فتنه ، وان الله عنده أجر عظيم ”
فطيف يتعامل العبد مع ابتلاء الله ، للعبد عند الابتلاء عده مقامات
الاول مقام الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره ” قالوا إنا لله وانا اليه راجعون ” وعندما يأمر الله ملائكته بقبض ولد عبده فيفعلون فيقول الله لهم اقبضتم ولد عبدى اقبضم ثمره فؤاده ، فيقولون نعم يارب فيقول ماذا قال عبدى ؟ وهو اعلم فيقولون حمدك واسترجع ، فيقول ابنوا لعبدى بيتا فى الجنه وسموه بيت الحمد
والثانى مقام الشكر ، كما قال الفاروق رضى الله عنه انى اشكر الله عند وقوع البلاء على ثلاثه امور ، الاول انه لم يكن اكبر من ذلك ، والثانى ان الله الهمنى الشكر عليه والثالث انه لم يكن فى دينى ، نعوذ بالله ان نبتلى فى ديننا
والثالث مقام التفكر ، اى ان يتدبر العبد لم كتب الله عليه الاعتقال مثلا ، اما لكى يتخلص من صفه او صفات ذميمه او ان يكتسب صفه او صفات حميده ، واما ان يستزيد علما واما ان يتقن حفظا او يزيد مايحفظه ، واما ان يكتسب مهاره من مهارات الحياه ، مثل كيفيه التعامل مع الناس او مايسمى بالذكاء الاجتماعى ، او التعامل مع عشره آخرين مثلا فى غرفه اربعه امتار فى اربعه امتار
والخامس مقام المنحه ، وهو ان يرى النصف الممتلىء من الكوب ، فالمحنه تنقلب الى منحه اذا استغل الانسان وقته او اذا حسّن علاقته بعائلته واصدقائه ، او اذا ابصر عيوبه واصبح اكثر ادراكا ً لذاته ، وعاهد نفسه اذا خرج من المحنه الايعود الى ماكان يفعله من معاصى او تعاملات غير سويه ، او إذا خرج الشاب منها رجلا ، او اذا خرج الرجل منها اعرف بدينه واحرص على خدمته ، واكثر منهما للقوى الموجوده فى بلده وفى العالم ، واكثر بصيره فى كيفيه السير بسفينه الدعوه بين الصخور واثناء الانواء والعواصف ، ولكن ذلك لن يأتى صدفه ، انما على الانسان ان يسير فى خطوات
1. ادراك الذات والتفكر فى لماذا اتى الله بى الى المعتقل ، ولماذا اكتب على الاعتقال ؟
فهو الوحيد الذى يستطيع – ان اجتهد كثيرا – ان يصل الى مراد الله ، فعندئذ يحدد وصفه او اكثر يريد التخلص منها ، وخلق او اكثر يريد التخلق به ، ويحدد نقاط ضعفه سواء فى حفظ القرآن او فى معرفه التاريخ او فى الاداره … الـــخ ، وبذلك يحدد الغايه التى يريد ان يصل اليها
2. وباستخدام فقه الاولويات يضع الاهم فالمهم
3. ثم يضع خطه لتحقيق مراد الله من الاتيان به لهذا المكان ، وممكن ان يضع خطه لمده سنه مثلا ، فإن من الله عليه بالافراج فهو من فضل الله ، ولابد ان يستعين بإخوانه ليقيس مدى تقدمه فى اكتساب صفات جديد او التخلى عن صفات ذميمه ، ويستعين بمن هو اعلم به للتزود من العلم ، ويقرأ الكتب ، ويستعين بصديق ليسمّع له مايحفظ .. وهكذا ، ولابد ان بقيس تقدمه شهرا بشهر حتى لايمضى العام ويفاجأ انه لم يحقق الا هدفا واحدا من عاده اههداف كان قد وضعها
والسادس مقام الفرصه ، وهو ان يرى الفرصه التى يتجها له لاعتقال مع اناس لا يعرفون لهم غايه ، او اناس لم يصلوا الى الفهم الصحيح ، فهم اهل السنه والجماعه ، او اناس تضخمت لديهم اهداف اقل اهميه فطغت على الاهم ، وفرصه الدعوه مع الجنائيين فرصه عظيمه ، لانه لو هدى الله بك رجلا واحدا فلن تخلّص المجتمع مع عضو فاسد فحسب وانما ستنتج عضوا صالحا ، وهناك الفرصه فى ان يراجع الانسان عمله فى الدعوه ، وينظر بحيده الى النتائج التى تحققت فلو وجد خيرا فليحمد الله ، ولو وجد غير ذلك فلابد ان يراجع اساليبه وخطته ويحسن فيها ، وينظر بعمق فى مسيره الحركه الاسلاميه ككل ، وهو مايسمى بالمراجعات ، وهى مطلوبه كل عشر سنين على الاكثر ، ولكنها فرصه اثناء الاعتقال حيث يتوفر الوقت ويتوفر الاخوان من كل الاقسام ومن العديد من المحافظات ، فقد يستفيد من التحدث مع اخ من محافظه اخرى فكره يطبقها ، وقد يستفيد من قراءه تجارب الامم السابقه تحليلا لما حدث ولماذا حدث ، وكيف سنتلافى الاخطاء السابقه
والسابع مقام العلاقه مع الاهل ، ولقد رأينا فى هذه المحنه وفى المحن السابقه عجبا ً اسرا ً على وشك الانهيار وحدتها المحن ، وشحناء بين الاخوه وبينهم وبين امهم وقد صارت التحاما وتكاتفا امام الشده ، ورأينا كيف ينظر الابناء وامهم الى الاب الصامد نظره اعجاب وتقدير ، فهى فرصه لزياده او اصر المحبه فى الاسره ، وهى فرصه لزيادة الابداعات فى بنك العواطف ، وهى فرصه للابد الضال ان يرجع ، للزوجه غير الراضيه ان تعلم انها كانت تعيش فى نعم كثيره ، ولعل استفاده الاخ من قراءه كتب تربيه الاولاد وكتب كيفيه التعامل مع الزوجه تعنيه كثيرا فى هذا المجال
والثامن مقام عباده الدعاء ، وهى عباده عظيمه ، ويقول الله تعالى ” امن يجب المضطر اذا دعاه يكشف السوء ” ، فهذا الاضطرار يجعل العبد اقرب الى ربه ، يدعوه باستمرار ، والله تعالى يحب سماع صوت عبده يدعوه ، فيؤجل الفرج حتى يزداد العبد قربا منه ، والمرء لابد ان يستغل كل الاوقات الشريفه التى يظن فيها ان الدعاء مستجاب ، مثل اوقات السحر وادبار الصلوات ويوم الجمعه وعند نزول المطر ، ويدعو الله الله مستبطأ للاجابه ، فقد يكون الله قد ادخر له اجابه الدعاء فى الآخره ، وقد يكون تأخر الخروج لحكمه لايعلمها الا الله
والثامن مقام انتظار الفرح ، وانتظار الفرج عباده كما قال الرسول الكريم (ص) وهو ليس انتظارا ً سلبيا ، ولكنه انتظار ايجابى حيث يشغل الاخ وقته بالذكر وقراءه القرآن وقراءة المفيد من الكتب والاستزاده من العلم
والتاسع مقام الاخوة ، وهو ان يعمل الاخ على خدمة اخوانه وعلى تهوين الضيق بالسجن عليهم ، ودعمهم معنويا اذا كنت ثمه مشكله فى البيت ، او اذا كان قد فقد وظيفته ، او مرض احد ابويه … ، ومن ذلك ان يستمع اليهم بتعاطف ، ولايستمع بأذنيه وانما يستمع بقلبه اكثر ، ويسعى ان يفهم مالم يقله اخوه ، فالمؤمن كيّس فعلن يرى بنور الله .
والعاشر مقام العبوديه ، وهو ان يستشعر المرء بان الله هو الغنى ونحن الفقراء اليه وانه هو القوى ونحن الضعفاء اليه ، واننا نلجأ الى الله وحده الذى هو اكبر من العسكر ومن مَن ورائهم مهما بلغت قوتهم ، واننا عبيد الله يفعل بنا مايشاء ” انا لله ” وحده ، و ” إنا اليه راجعون ” ، وكلما زاد مقام العبوديه وكذلك العبد لربه كلما ازداد قربا منه حتى يحبه الله ، فإن احبه كان بصره الذى يبصر به ويده التى ينبطشن بها ورجله التى يمشى عليه ، ولئن سأله لبحطيته ، وعند الوصول الى هذا المقام يحسن العبد بلذه القرب بربه ، وهى لذه ان عرفها الملوك لجالدوه عليها بالسيوف