محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – مقطع من نص “الرقيم”

اسم السجين (اسم الشهرة) : محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 2/4/2015

السن وقت الاحتجاز: 25 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالب بكلية الصيدلة بجامعة المنصورة

مكان احتجاز المرسل : مكان احتجاز غير معلوم

مقطع من نص “الرقيم”

مَطَرٌ
وَنحن في الفَنَاءِ لِوَحْدِنَا
أغْمِضْ جُفُونَكَ واسْتَمِعْ
دقَّاتِ مُوسيقى المطَرْ
افْرِدْ ذراعيكَ
احْتَضنْ قطراتِهِ..
اهمسْ لها غَزَلاً وحاصِرْها ودُرْ
واقفزْ لِأعلى
كي تُدَغدِغَ الغيومَ
فَالغيومُ صبيةٌ وَكُلَّما دَغْدَغتَها
ضَحِكاتُها مطراً إليكَ سَتَنْهَمِرْ
هذي السماءُ أُمُّنَا
غَفَرَتْ مُشاغَبَاتِنا
جَاءتْ تُداعِبُنا وتغسلُ رُوحَنَا
سُتْراتُ سِجْنِكَ شَائِكاتٌ
فاخلعْ السُتْرَاتِ.. ماذا تَنْتَظِرْ؟
[في غفلةِ الحُرَّاسِ حينَ تَخبَّأوا..
وقتَ الْمَطَرْ
فَهُمُ حديدٌ مِنْ مياهِهِ يصدأُ
خافوا المَطَرْ
اللهُ يَسْمَعُ ما تَشاءُ قُلْ لَهُ
تَحتَ المَطَرْ
واركضْ فإنَّ لنا الفِناءَ كُلَّهُ
يَحْيَا المَطَرْ]
مَطَرٌ على رأْسي ورأسِكَ
تَهْدَأُ الأفْكارُ فينا
يا ابنَ أُمي.. فاسْتَرِحْ
ولا تُعِرْ للكَونِ بالاً أو نَظَرْ
مَطَرٌ على أُذْني وأُذْنِكَ
مُشَّبَعاً بأغنياتِ طُفولةٍ
لولا الغناءُ لَجَعَّدَ الروحَ الكِبَرْ
مَطرٌ على جِسْمي وجسمِكَ
نحنُ من ماءٍ وَعُدْنا
كم بدربَينا ابْتَعَدْنا
في مفارقِ الْقَدَرْ
ولكمْ فخاخٍ قدْ وَجَدْنا
في الدروبِ وكَمْ حُفَرْ
الآنَ في الماءِ اتحدْنَا
هل يُوَحِّدُ البَشَرْ
غيرُ المحبةِ يا ابن أميَ
والدماءِ.. والخَطَرْ؟
مطرٌ على أقْدامِنا
هذي الخُطا ككلِّ شيءٍ
سوفَ يَطويها الزمنْ
وتصيرُ ذكرى.. من شَجَنْ
لكننَا
فرحاً سَنُبْعَثُ راكضينَ دائماً
ومعًا نُغَني يا ابنَ أُمي كلَّمَا..
سَقَطَ المَطَرْ
يَحْيا المَطَرْ
رَجِعَ الشِتاءُ إلى شواطِئِنا
غداً..
موجُ الشتاءِ سَيَنْحَسِر
الدهرُ بحرٌ هادِرٌ
يمتدُّ يُلقف ما استطاعَ
ويَبْلَعُ الأحداثَ ثُمَّ يَنْجَذِرْ
نبني مدائِنُنا رمالَا
نَمْزِجُ الرغباتِ والقدراتِ
فيها.. والخيالَ
نقومُ نحرُسُها ليالينا الطوالَ
ثُمَّ نغفلُ موجةً..
مَعَهَا مدائِنُنَا الحَبيبةُ تَنْدَثِر
وَنَظَلُّ نبني
لا البحارُ تاركاتٌ ما بَنَينَاهُ لنا
ولا عِنادُ الطِفلِ فينا يَنْكَسِرْ
ومن العنادِ لَحِكْمَةٌ فِطْرِيَّةٌ
كحكمةِ النملِ الذي
يحيا ولَو ما بينَ جَنْبَاتِ الحَجَرْ
مازلتُ أذكرُها
صديقتي الحكيمةَ نملةً
أولى زَنازن رحْلتي
قد جمَّعَتْنا ذاتَ يومٍ في سَمَر:
أهلا بضيفَتِنا الجَديدةِ
أعتذرْ
عن لفظ “ضيفَتِنا” فإني
لستُ أدرى أنتِ أنْثى أم ذَكَرْ..
يا حبَّذا.. لو كنتِ أنثى حبَّذا
ما مِنْ سجينِ ها هُنا
إلَّا ومُحتاجٍ لأنثى تستطيعُ سَمَاعَهُ
فَقَطْ سماعِهِ يبوحُ بلا ضَجَرْ
عَذراً على سوءِ الضيافةِ
إذ شَغَلتُكِ يا صديقتي
سريعاً في مشاكِلِنا العميقةِ
سامحيني..
واقبَلي هديَّتي
حباتِ سُكَّري القليلِ المُدَّخَرْ
ولسوفَ أَشرَبُ شايَ يومي
دونَ سُكَّرٍ لأجلِكِ
لا عليكِ
فَنَحنُ صِرْنا أصْدِقاءً
فَلْنُساعِد بعْضَنا على احتمالِ
جوَّ هَذِهِ الزنازنِ القَذِرْ
حَبَّاتِ سُكَّرٍ.. خذي ما تأخُذينَ
بدونِ خوفٍ.. أو حَذَرْ
خذي لكلِّ رفاقِ جُحْرَكِ
فَالبشرْ..
ليسوا قُساةً كُلَّهُمْ
فتصرفي كما ببيْتكِ
واهنأي بالليلِ يا صديقتي
-برغْمِ أسلاكِ الشبابيكِ السخيفَةِ-
اهنأي بالليلِ والنجومِ وَحْدَكِ والقَمَرْ
سأنامُ..
حيثُ لدي –مثلَكِ- باكِراً
مهامُ إعداد الطعامِ للرفاقِ
إذا أُتِيحَ لنا غداً
من ذلِكَ السَجَّانِ ذي الوَجْهِ العَكِرْ
فَلْتُصبحي
على بلادٍ لا تُطاردُ أهْلَها
ولتُصبِحْي على بلادٍ مِنْ شَجَرْ
فيها شقوقٌ من حنان
حيثُ تَأوي نَمْلَها
فيها لِطَيْرِها عشُوشُ
فلتُصْبِحِي..
على..
على..
وغَفَوْتُ لَمْ أُكْمِلْ لَها
وَعيي تَفَتَّتَ مِثْلُ كَسَراتِ الرغِيفِ
النومَ بَلَّلَهُ يَبُوشُ
ورأيتُها
وجموعُ نَمْلٍ حَوْلَهَا
بِمَشْهَدٍ مُكَبَّرٍ
أكادُ ألْمَحُ وَجْهَها
والكُلُّ مُرْتَبِكٌ يجيشُ
وَهِيَ الوَحِيدَةُ التي
وَقَفَتْ تُنادي بَيْنَهُمْ
تبدو كثائِرٍ بميدانٍ
سيَيُعْلٍنُ للرفاقِ بيانَ عِصْيانٍ
“بيانٌ مِنْ جُمُوع النَمْلِ”
نحنُ –النملُ- بَنَّائو المدينة
مِنْ زمان..
قبْلَ أن تأتي الحُكُوماتُ/الوحوشُ
مساكِنُنَا بسيطاتٌ
تساعُ ألوفنا دفئا
وتَمْنَحُنا انتماءً للنظامِ
-نظامِنا نحنُ-
الذي عَجَزَتْ تُحاكيهِ الجيوشُ
يَمُرُ الجيشُ بعدَ الجيشِ
يسخَرُ مِنْ ضآلَةِ جسْمِنا
أنْ ليسَ مِثلَ جنودِهِم يكسوه ريشُ
نَعَمْ
لا ريشَ لي كالهُدهدِ العالي
ولستُ كمثل عفريتٍ من الجِنِّ العجيب
لأسرِقَ العرشَ البعيدَ
قُبَيْلَ أن ترتَّدَ للعينِ الرموشُ
لِيسْخَرْ مَنْ سَيَسخَرُ ها هُنا
“يا أيها النملُ ادْخُلوا..” *
واحْموا مَسَاكِنَكُم
لِكي لا يَحْطمَنَّكُمُ الجُنودُ
الحاكِمُ/الخُفَّاشُ أعْمى
لَنْ يرانا إذ يَطيشُ
بيانٌ مِنْ جموعِ النملِ للسُلطان..
بالأسنان
نقرِضُ في عصَاكَ الآنُ
نحنُ –النملُ- من ستُحَطَّمُ التيجانُ
في فكيهِ.. تَنْهَّدُ العُروشُ.
_____________________
* “وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)”
[سورة النمل] ..
وتكتملُ القصةُ في [سورة سبأ]
“فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ(14)”
كان نبيُ اللهِ سليمانُ ملكْا دائمَ الشُكرِ.. لكنَّ ملوكَ زماننا دائمو الفُجر.. ولمَّا ماتَ, لمْ يوقِظْ المجتمعَ بجنودِهِ وعفاريتهِ غيرُ نملةٍ قارضة.. اللهُ يخبرُنا أنه حتى أعظمَ الملوكِ سُلطانا قد يخرّونَ –بإذنِهِ- من عنادِ نملةٍ واحدةٍ.. نَمْلة.
___________________
مقطع من نص “الرقيم”
محمد فوزي