حسام عيسي – خواطر مسجونة

اسم السجين (اسم الشهرة) : حسام عيسي

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 11/20/2015

السن وقت الاحتجاز: غير معلوم

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: –

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون برج العرب

خواطر مسجونة

لا يشعر بالصعب إلا من خاضه، ولا يعيش الحالة إلا صاحبها، والأشد صعوبة محاولة تخيل حياة إنسان بكل تفاصيلها أو توقع مايدور بداخله من إحساس، فالإنسان كائن مغلق، لا يظهر منه إلا ما أراد، أو تسرب بشح. كالبحر يحوى الكنوز، إلا أن عين الناظر إليه لا تدرك كم أو نوع ما تحتويه هذه البقعة المتمايلة من الماء أمامه من الكنوز، وإن طفى على السطح بعض من القابع فى الأعماق، كالطيور تحلق فى جو السماء، فتهفو الأنفس البشرية لملاحقتها بالأبصار ما بين الغبطة والحسد دون معرفة هل هى سعيدة بذلك أم حزينة أو أنها مهاجره بلا وجهة أم عائدة لبيوتها. وما أدراك أنها لا تتمنى أن تريح أجنحتها وتعمل أقدامها وتستقر إلى الأرض. أسوار خرسانية عالية شباك حديدية كثيفة التداخل، أبواب صلبة ضخمة تغلق بإحكام على الأجساد المتراكمة فى الغرف الضيقة، والمدقق فى التصور قد يتخيل معاملة سيئة من أولائك المتحامين ببدلاتهم العسكرية للنزلاء المكفنين، تخيل بسيط لواقع مُعقد متشعب فى تفاصيله عميق فى أثره. *نفسية سجين: يرتفع صوت الرعد بوضوح مبدداً صمت الزنازنين الراقدة فى ظلمات الليل فوق ساكنيها، وعلى استحياء يتسلل البرق لامعاً على أسلاك التهوية حذراً أن يحتجز داخل الزنزانة لتفتح السماء أبوابها بماء منهمر ومعها تتضرع القلوب لعل الأبواب تفتح! ومع تمرد السماء على الأبواب وهزيمة القلوب أمام الأبواب يزداد هطول الماء ويزداد الحصار داخل الزنزانة، لتبدأ النفس بفقد بعض الحياة إلا من تلك الرائحة الناتجة من احتضان زخات المطر المتتالية لتراب السجن المتهالك لتظهر رائحه الحياة متسربة للصدور المحرومة. لا أعلم ماهية هذا الشيطان الذى حجب الحياة عن هؤلاء المقيدين بأن أوحى لبنى آدم العقاب بالسجن وحبسهم عن الحياة، كيف قسى قلبه ليمنع عنهم ضوء القمر ونسمات هواء الصباح وسحر لون الغروب وأشعة شمس الشروق؟.. كيف له أن يحرمهم شكل السماء بصفائها وغيومها طيرها وسحابها ، يحجب عنهم فطرتهم فيقيد أقدامهم عن حركه الطبيعه. فى السجن ينعدم الشعور بالوقت ويتوقف الزمن فيتساوى الليل بالنهار وتختلط اليقظه بالأحلام، هنا قد تتحول الذكريات القديمة لصديق حميم وقد تبدو شيطان رجيم ، تستعيذ أن تقترب منك فضلاً عن أن تقترب أنت منها. من تحت أنقاض النفس المحاصرة بين جنبات الجسد المسجون قد تنطلق الروح المتمردة مخترقة حدود الزمان والمكان تهيم بحثاً عن لحظات من حياة، عن ضوضاء الشوارع وأضوائها، عن جمع الصحاب، تستجدى لمه أهلي، تسأل عن عنوان بيتى، تشتاق دفء عناق أمى، تبحث بين طيات الزمن عن مابقى من عمرى الذى يساوى حريتى تفتش عن الوطن الغريب وترقب الأمل السليب. تهيم بحثاً عن الطموح فى المستقبل المحجوب وتحت الحصار مازال الجسد يغوص فى تفاصيل دقيقة كخيوط العنكبوت الواهنة ،تلك التى لا يجيد العزف على أوتارها إلا جسد ألقى به متعايشا بين الخطوط الدقيقة، متناسيا رحلات الروح السابحة فوق النسمات الباردة، وكأنه لا توجد حياة إلاهنا .بين الأسلاك الحديدية والجدران الخرسانية.