عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – أشعر أني أعيش في مَبْوَلة فكرية

اسم السجين (اسم الشهرة) : عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 5/19/2017

السن وقت الاحتجاز: 18 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالب بكلية الهندسة بالجامعة الألمانية بالقاهرة

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون طرة

أشعر أني أعيش في مَبْوَلة فكرية

أشعر أني أعيش في مَبْوَلة فكرية أكاد أصاب بالشلل من الأراء العجيبة و الأفكار العقيمة التى مبتداها و منتهاها السب و الطعن و اللعن فى كل المخالفين. أحفظ لساني في فمي كيلا يكتشفوا اختلافي فتُوَجَّه مدافعهم إليّ، عملاً بالمقولة القديمة التى تقول : “لا تجادل الأحمق، فقد يخطئ الناس فى التفريق بينكما”.و هو مبدأ اكتشفت صحته بالطريقة الصعبة فى السجن. أفكر فى يوم الخروج و أحمل همه بقدر اشتياقي إليه. سأخرج من مَبْوَلة فكرية إلى مرحاض واسع يَعُجّ بنفايات الأفكار؛ كل الفرق بينهم أن الأولى كانت تحتوى على نوع واحد من الفضلات، أما الأخير فيجمع تشكيلة متنوعة.
لماذا يصر الناس جميعهم أنهم يمتلكون الإجابات القاطعة، و الصورة كاملة، و الرؤية المثالية؟ من أين يأتيهم هذا اليقين العجيب و هذه الثقة الغريبة بحتمية صحة وجهات نظرهم؟ لم لا يقف أحد أبداً و يراجع أراءه و أفكاره؟ إذا طبقنا قانون الاحتمالات و نظرنا إلى آلاف الأفكار و الأراء في العالم، ما نسبة و احتمال أن يحتوى رأي واحد أو فكرة واحدة على جميع الإجابات القطعية، و أن يكون كل ماعداها هراء محض يستحق اللعن و السباب؟
ألم يَطَّلع أيهم على قانون النسبية و يرى كل حقائق العلم و أكثرها ثباتاً تُنسَف من أصلها بسببه، حتى قوانين الزمان و المكان اتضحت نسبيتها و أنها ليست مطلقة، فكيف حال الأفكار و الأراء التى الأصل فيها التغيير و عدم الثبات؟لماذا يصر الناس جميعهم أنهم يمتلكون الإجابات القاطعة، و الصورة كاملة، و الرؤية المثالية؟ من أين يأتيهم هذا اليقين العجيب و هذه الثقة الغريبة بحتمية صحة وجهات نظرهم؟ لم لا يقف أحد أبداً و يراجع أراءه و أفكاره؟ إذا طبقنا قانون الاحتمالات و نظرنا إلى آلاف الأفكار و الأراء في العالم، ما نسبة و احتمال أن يحتوى رأي واحد أو فكرة واحدة على جميع الإجابات القطعية، و أن يكون كل ماعداها هراء محض يستحق اللعن و السباب؟ألم يَطَّلع أيهم على قانون النسبية و يرى كل حقائق العلم و أكثرها ثباتاً تُنسَف من أصلها بسببه، حتى قوانين الزمان و المكان اتضحت نسبيتها و أنها ليست مطلقة، فكيف حال الأفكار و الأراء التى الأصل فيها التغيير و عدم الثبات؟
كيف تحول الفكر من أداة للتنوير إلى آلة لصنع الأصنام؟ أصنام ترسخت فى الأذهان و لا يفكر أحد كيف دخلت و لا مدى صحتها.أصبح العالم أشبه بقاعة محكمة كبيرة، حيث لا محامين و لا مدعين و لا نيابة، و إنما الكل يعتلى منصة القضاء. الكل يكيل الاتهامات و يوزع الأحكام؛ فهذا خائن و هذا عميل و هذا كافر و هذا إرهابى و هذا قاتل و هذه عاهرة.. و هكذا دواليك.و تظل الأحكام تتطاير من اليمين لليسار و من أدنى لأعلى، و لا أحد يتوقف ليفكر في مدى صحة أحكام غيره عليه، و لا صحة أحكامه هو، فالكل على يقين راسخ و تام، فلا يرد على الأحكام إلا بالأحكام.أجدني أفكر مرة أخرى فى العبثية. هل يوجد أمل؟ هل يمكن تغيير هذا يوماً؟ و هل ممكن أصلاً أن تساعد أحداً يرفض و ينكر احتياجه المساعدة؟ و هل يمكن حل مشكلة لا يريد أحد الاعتراف بوجودها من الأساس؟ أو يرى كل شخص أنها موجودة عند كل الخلق إلا هو، لأنه – بالطبع- الوحيد الذى يمتلك الإجابات الصحيحة كلها؟أؤمن جداً بمقولة تقول أن أخطر الناس على البشرية، ليسوا الجهلاء، و إنما أنصاف المتعلمين.لا أدري ما العمل.
عبد الرحمن الجندي