نعم لم تكن للدستور المكتوب بل كانت للدستور المستتر الذي طالمنا حُكمنا به واحتاجت الدولة لتجديد مشروعيته يسلبني الحبس قدرتي على المشاركة، قدرتي على المساهمة. أحاول تعويض عجزي بالانغماس في القراءة عساني أصل لمعرفة أو حكمة تفيد، أنقلها إلى من يزورني أو تنفعني يوم إطلاق سراحي. أقرأ - ضمن ما أقرأ - عن الـ"أوتيزم" - عن "التوحد" وأسرح في القراءة فأصل لمحنة الثورة وأتصور أن التوحد صورة بلاغية لحالنا. أشرع في كتابة نصوص تطابق بين فقدان القدرة على الكلام أو غيابها وجيل يفقد تدريجيا قدرته على الهتاف، أو تشبيه إعاقات التواصل وعجزنا عن فهم طوابير الراقصين، أو استعارة عن الحساسية الفائقة للصوت التي تجعلنا نتألم لأصوات رصاص تطلقه الدولة بانتظام ولا يسمعه من لا يشاركونا الإعاقة، وننزعج لدماء شهداء أشياء أخرى غير الواجب لا يؤذي منظرهم عيون المفوضين. نصوص ركيكة والأهم غير علمية ولا دقيقة فالأوتيزم ليس مرض نفسي تصاب به جراء صدمات الحياة، هو حال معروف وموثق، يرتبط أساسا بصعوبات في التعلم وواجباتنا لمواجهتها. تشير الكتب لأهمية الانتباه لما يسمونه "المنهج الضمني". قد نواجه مشاكل في تعلم مناهج المدارس المعروفة المعلنة. ربما يصعب علينا بعض المواد، ربما يعوضنا الأوتيزم بتسهيل فهم مواد غيرها، لكن المنهج المستتر هو لب المشكلة. ليس سراً، هو ببساطة دروس ومهارات وقواعد وأسس التواصل الإنساني. لم يخفيه أحد. افترضت البشرية أنه مفهوم ضمناً ومعروف بالضرورة، ولذا لم يكتبه أحد. لماذا نسأل بعض عن الأحوال عند اللقاء رغم عدم رغبتنا في إجابة تفصيلية، ما الذي يدفعنا لادعاء الحب لمن لا نحب وكتمانه لمن نحب أحيانا، ما أهمية إظهار أنواع ودرجات مختلفة من الاحترام لزملاء العمل ورؤسائه؟ لماذا تطالب "الميس" بصمت يمكّنها من الاستماع لصوت رنة الإبرة رغم أنها لا تحمل إبرة في يدها؟ ناهيك عن القواعد المركبة للكلام واللبس والسلوك حسب توزيع العلاقات، والمتغيرة حسب المكان والزمان والظرف. نعيش كلنا وفقاً لمنظومة معقدة ومركبة ومتغيرة لا يحتاج أغلبنا لتعلم تفاصيلها في البيت أو المدرسة، لكن يقف أغلب المتعايشين مع التوحد أمامها عاجزين فتزيد عزلتهم إلا إذا بذل أحدهم الجهد المطلوب لتعليمهم المنهج الضمني. لا يهم إن كانت تفاصيل هذا المنهج السري مفيدة أو منطقية أم لا. إن لم تلتزم بها سيلفظك المجتمع. ما الأاسهل؟! أن تقنع المجتمع أن الرد على "عامل إيه؟" بتقرير حقيقي عن المشاعر لا يضر بل قد يفيد، أو إنه لا بأس من عدم السؤال عن الأحوال لو كان اللقاء عاجل لا يسمح بالنقاش حول الحالة النفسية، أم أن تدرب الأقلية العاجزة عن امتصاص المنهج الضمني ضمنياً على الرد ب"الحمد لله" بغض النظر عن طبيعة المشاعر والسياق؟! تحذر الكتب، لا تدريب على الانصياع، واجبنا تعليم المنهج وتمكين "المعاق" من أن يرصد ويدرك ما يتوقعه المجتمع ويقرر بإرادته الحرة كيفية التعامل. قد يختار الانصياع وقد يتمرد. "ما الأسهل" ليس السؤال الوحيد، اهتم بما الأثرى وما الأجمل وما الأرحم .. وما الأفضل!! تستهويني فكرة المنهج الضمني. من منا نحن "الأصحاء العاديين" لم تربكه أو تخنقه القواعد الضمنية للتعامل والتواصل؟! من منا لم تنتابه رغبة في الصراخ أو البكاء أو السباب أو الضم أو التقبيل في غير موضعها؟! نصف المنهج الضمني غالباً عن كيفية إخفاء آثار اللحظات النادرة التي تنفجر بها.. أو تشاكس ولا تلتزم. .. يقطع وصولهم حبل أفكاري وتنقطع قراءاتي. توقعناهم منذ تسرب إلى الصحف أنباء تعذيبهم وتسرب إلينا أن الإدارة تنتظر وارداً جديداً من سجن أبو زعبل. حاولنا التحضير لاستقبالهم، لكن كيف ترحب بصديق خاض معك نفس المعركة لكنه خاض وحده التجربة؟ أيطمئن إن أخبرته أن سجنك القديم/ سجنه الجديد آمن، وأن المحنة انتهت، أيغضب؟! هل عليَّ ان أشعر بالذنب أم بالامتنان؟ أكيد تعلمناها في المنهج الضمني فتباين حدة الظلم وفداحة الثمن ليست خبرة جديدة، قضيت عمرك تتعايش معها فما بالك ترتبك أمام حرارة غضبهم؟! نتقمص الأوتيزم، نستقبلهم بتقرير مفصل عن الحقائق: لا تعذيب هنا ولكنكم غالباً أتيتم لتستقروا، لا معنى للقانون ولا أمل في الدستور ولا قيمة للمحاكم، سنبقى إلى أن ينتهوا من خارطة طريقهم الملعونة. يردون علينا في توحد مشابه بتقرير مفصل عن التعذيب ووقائعه بنبرة ميكانيكية ثابتة، بلا خجل، بلا تورية. تنبهني الكتب ألا نفترض غياب المشاعر، الأوتيزم يعيق التعبير والتواصل لكنه لا ينفي الإحساس. صمتهم يفصح عن غضب جارف، نتفاداه بلعب الكرة. لكن الغضب لا يمكن احتواءه، تأتي ركلاته عنيفة وقاسية، نحاول تفاديه في صمت متواطئ. مع أول إصابة ينفجر غضبنا كلنا. نرد الركلات العنيفة بأعنف منها. كل شيء مسموح به في اللعب إلا لمس الكرة باليد. اللعب هنا بقواعد "أبو زعبل". ينتهي الماتش بفارق في تعداد الأهداف وتعادل في الإصابات!! تقول الكتب أن السلوك العدواني محاولة للتواصل، للتعبير عما يعجز التعبير عنه. هل كانوا يعبرون عن غضبهم منا لأن الجلاد اختارهم ولم يختارنا؟! لأن الجلاد سألهم عنا؟!! أم هو غضب من الجلاد نفسه؟! أو من أنفسهم؟! وماذا عنا إذاً؟! هل غضبنا لأنهم أشعرونا بالذنب؟ أم لأنهم صارحونا بتفاصيل التجربة؟ لأنهم بدوا أقوى منا؟ أم أن غضبنا كان لأننا كنا نعتمد عليهم في إطلاق سراحنا؟! يمر باقي الأسبوع في انتظار شفاء إصابات الملعب، لكن الغضب ينحسر. حكمة باطنية دفعتنا للعب هذه المباراة، ربما هي ذاتها التي دفعت البشرية لاختراع رياضات جماعية عنيفة؟! أن العنف يمكن أن يمارس في سياق غير القهر والعداوة، أن الألم يمكنه أن يأتي بغير أن يمس الكرامة، وأن أجسادنا قادرة على تحمل الألم لأتفه الدوافع، وأرواحنا قادرة على تجاهل الإصابة بل والتندر عليها طالما توفر قدر من الأمان. ربما لا يتخطى الماتش أثر عبارات مثل "الحمد لله" و "إن شاء الله" لكن كسائر مفردات المنهج الضمني يساعد على الحياة ويسهل مشاركة الآخرين فيها. مع زيارة الوفد يعود الغضب، كان بإمكانهم تعطيل السجان والجلاد، لو كانوا هددوا السلطة بالانسحاب مع أول رصاصة، لو كانوا عطلوا الدستور مع أول تطبيق لقانون التظاهر، لو كانوا أضربوا عن إعداد برامج الفضائيات وصفحات الجرائد مع أول كذبة، لو كانوا أعلنوا سحب تفويضهم مع أول شهادة تعذيب… لكنهم أصروا على التعامل مع قتل وتعذيب واعتقال أعضاء أحزابهم، ورفاق أبنائهم وتلاميذ زملائهم وأبناء أقاربهم على أنها أخطاء وزلات. استبدلوا المواقف الحاسمة والضغط والانتصار للحق بالنصح وأحيانا بالاستجداء!! لتفهم لماذا يحذرون من عودة دولة مبارك رغم أن دولتهم فاقت دولته في الإجرام عليك أن تتعلم المنهج الضمني، لتفهم لماذا يحذرون من عودة التعذيب رغم يقينك أنهم يعرفون أن التعذيب يوماً لم يتوقف عليك فهم المنهج الضمني، لتفهم لماذا يتحدثون عن انتهاك دستور كتبوه وهم على يقين أن الدولة لن تلتزم بمواده عليك أن تعود للدستور الضمني. "نعم" لم تكن للدستور المكتوب بل كانت للدستور المستتر الذي طالمنا حُكمنا به واحتاجت الدولة لتجديد مشروعيته. في الدستور الضمني قواعد معقدة للتعذيب، تتوقف على هوية الضحية، فالتعذيب جريمة لو وقع على الفئات المحرم تعذيبها والمتعارف عليه أن قمعها ينحصر في التشويه الإعلامي والحبس الاحتياطي في ظل ظروف جيدة نسبياً ولمدة قصيرة نسبياً. وتعرف الفئات المحرم تعذيبها بحسب الطبقة الاجتماعية والانتماء العرقي وحيازة جنسية ثانية من عدمه والانتماء الحزبي ومستوى التعليم والسن وأي وكل تفصيلة يمكن استخدامها لتصنيف الناس، كما أن الظروف الاستثنائية قد توسع من فئات المحلل تعذيبهم بشرط أن يتم التنكيل به لحظة الاعتقال وقبل العرض على النيابة، لكن أن يستمر التعذيب بعدها فهذا ما لا يمكن قبوله. يتبع الدستور الضمني منطقه الخاص صعب التفسير، فمثلا لا يطالب أحد باستخدام التعذيب لردع من يجرم من رجال الشرطة ولا لانتزاع الاعترافات من رجال الأعمال الناهبين، بينما تعذيب الإرهابيين والمسجلين خطر يكاد يكون مطلب شعبي. يمكن تعذيب المولود في سيناء أياً كان انتمائه الطبقي والسياسي، التنكيل بنجل البلتاجي ممنوع لو كان اسمه عمار ومسموح لو كان اسمه "أنس"، أما تصفية أولاده فمكروه لكن غير مجرّم إذا التزمت الدولة بالقتل أثناء فض الاعتصامات فقط. لهذا يتحدث كتبة الدستور وقيادات الأحزاب وأعضاء المجالس القومية وكبار الكتاب عن "أخطاء" الدولة فقط عندما يطول التعذيب خالد وناجي، فالمقصود ليس الانتهاك المنهجي والمتواصل للدستور المكتوب، بل ما يتصورون أنه خلل غير مقصود في تطبيق الدستور الضمني، يتحدثون وكأن من عذبهم لم يكن يعرفهم وتصور أنهم إخوان، هم على يقين أن الخطأ سيتم تداركه ومتمسكين بالدفاع عن حق الدولة في تعذيب الفئات الصحيحة. كان بيدهم منع ما حدث أو وقف تفاقمه لو كانوا تمسكوا بما أعلنوه من مبادئ بألسنتهم وما كتبوه بأيديهم، ولكن بعد شهور من تأييد القتل والتعذيب والاعتقال وتكميم الأفواه وقطع والخوض في الأعراض تبددت قدرتهم على التأثير، والآن عندما اكتشفوا أن القمع أقرب إليهم مما ظنوا لم يتبق لهم من مواقف تتخذ إلا تشكيل وفود بائسة لزيارة السجون وإقامة مؤتمرات هزلية للتنديد بالخطأ غير المقصود. ما لا يفهمونه هو أن الدولة لم تخطئ، فالدستور الضمني كأي دستور يحدد الحقوق والواجبات. حاولت الدولة جاهدة أن تلتزم ولا تعذب إلا من يحل توافق ٣٠ يونيو دمهم، ولكن الثوار رفضوا الالتزام بالدستور الضمني وتحدوه فنزعوا عن أنفسهم حمايته. صاغوا قانون تظاهر ليستخدم ضد الإخوان فأصرينا على أن تكون أول تجربة له بأجسادنا. قتلوا الطلاب الفقراء الإسلاميين بجامعة الأزهر فأصر طلاب جامعة القاهرة على تحدي خرطوشهم. أشعلوا حرباً على الإرهاب استدعت واستقدمت بالضرورة الإرهاب لقلب العاصمة. كسرنا كل القواعد عندما أصرينا على أن تفجير المديرية لن يمحو من ذاكرتنا ما شاهدناه داخلها من تعذيب وانتهاكات. لم تخطئ الدولة، بل نحن تعمدنا الخطأ والتمادي فيه، ربما هي مزايدة منا وشهوة لفضح القواعد المستترة للقهر وتعرية مبرريها، ربما هي حكمة منا وبصيرة لأن السلطة التي لم تلزمها بدستور مكتوب لا يمكن أن تلزمها بأي دستور وستنضم عاجلا أو آجلا لزمرة المحلل تعذيبهم أياً كان، ربما هو ضمير يرفض أن يترك من شاءت أقدارهم أن يحل تعذيبهم وحدهم، أو ربما هو نوع من الأوتيزم يعمينا عن الدستور الضمني وإعاقة تجعلنا غير قادرين على تعلمه فطرياً، أوتيزم يجعلنا نفهم الكلام بمعناه الحرفي فنصدق أن الثورة فعلا مستمرة وأن الشعب فعلا يريد إسقاط النظام. ما الأسهل؟! أن تدرب الأقلية العاجزة عن الامتثال للدستور الضمني على تجاهل الظلم الواقع على الأغيار وتفادي تحدي السلطة وافتراض حسن نيتها، أم إقناع المجتمع بلا معقولية أن نتعايش مع سلطة تحلل لنفسها القتل والتعذيب والاعتقال طالما التزمت بقواعد ضمنية؟ تحذرنا الكتب.. لا تدريب على الانصياع، واجبنا تعليم المنهج لتمكين المعاق من أن يدرك ويرصد ما يتوقعه المجتمع ثم يقرر بإرادته الحرة كيفية التعامل، قد يختار الانصياع وقد يتمرد!! ما الأسهل ليس السؤال الوحيد.. اهتموا بما الأثرى.. وما الأجمل.. وما الأعدل.. وما الأرحم.. وما الأفضل؟!
رسائل جدران العزلة
علاء احمد سيف الاسلام عبد الفتاح حمد (علاء عبد الفتاح) – توَحُّد
يسلبني الحبس قدرتي على المشاركة، قدرتي على المساهمة. أحاول تعويض عجزي بالانغماس في القراءة عساني أصل لمعرفة أو حكمة تفيد، أنقلها إلى من يزورني أو تنفعني يوم إطلاق سراحي.
أقرأ – ضمن ما أقرأ – عن الـ”أوتيزم” – عن “التوحد” وأسرح في القراءة فأصل لمحنة الثورة وأتصور أن التوحد صورة بلاغية لحالنا. أشرع في كتابة نصوص تطابق بين فقدان القدرة على الكلام أو غيابها وجيل يفقد تدريجيا قدرته على الهتاف، أو تشبيه إعاقات التواصل وعجزنا عن فهم طوابير الراقصين، أو استعارة عن الحساسية الفائقة للصوت التي تجعلنا نتألم لأصوات رصاص تطلقه الدولة بانتظام ولا يسمعه من لا يشاركونا الإعاقة، وننزعج لدماء شهداء أشياء أخرى غير الواجب لا يؤذي منظرهم عيون المفوضين. نصوص ركيكة والأهم غير علمية ولا دقيقة فالأوتيزم ليس مرض نفسي تصاب به جراء صدمات الحياة، هو حال معروف وموثق، يرتبط أساسا بصعوبات في التعلم وواجباتنا لمواجهتها. تشير الكتب لأهمية الانتباه لما يسمونه “المنهج الضمني”.
قد نواجه مشاكل في تعلم مناهج المدارس المعروفة المعلنة. ربما يصعب علينا بعض المواد، ربما يعوضنا الأوتيزم بتسهيل فهم مواد غيرها، لكن المنهج المستتر هو لب المشكلة. ليس سراً، هو ببساطة دروس ومهارات وقواعد وأسس التواصل الإنساني. لم يخفيه أحد. افترضت البشرية أنه مفهوم ضمناً ومعروف بالضرورة، ولذا لم يكتبه أحد. لماذا نسأل بعض عن الأحوال عند اللقاء رغم عدم رغبتنا في إجابة تفصيلية، ما الذي يدفعنا لادعاء الحب لمن لا نحب وكتمانه لمن نحب أحيانا، ما أهمية إظهار أنواع ودرجات مختلفة من الاحترام لزملاء العمل ورؤسائه؟ لماذا تطالب “الميس” بصمت يمكّنها من الاستماع لصوت رنة الإبرة رغم أنها لا تحمل إبرة في يدها؟ ناهيك عن القواعد المركبة للكلام واللبس والسلوك حسب توزيع العلاقات، والمتغيرة حسب المكان والزمان والظرف.
نعيش كلنا وفقاً لمنظومة معقدة ومركبة ومتغيرة لا يحتاج أغلبنا لتعلم تفاصيلها في البيت أو المدرسة، لكن يقف أغلب المتعايشين مع التوحد أمامها عاجزين فتزيد عزلتهم إلا إذا بذل أحدهم الجهد المطلوب لتعليمهم المنهج الضمني. لا يهم إن كانت تفاصيل هذا المنهج السري مفيدة أو منطقية أم لا. إن لم تلتزم بها سيلفظك المجتمع. ما الأاسهل؟! أن تقنع المجتمع أن الرد على “عامل إيه؟” بتقرير حقيقي عن المشاعر لا يضر بل قد يفيد، أو إنه لا بأس من عدم السؤال عن الأحوال لو كان اللقاء عاجل لا يسمح بالنقاش حول الحالة النفسية، أم أن تدرب الأقلية العاجزة عن امتصاص المنهج الضمني ضمنياً على الرد ب”الحمد لله” بغض النظر عن طبيعة المشاعر والسياق؟!
تحذر الكتب، لا تدريب على الانصياع، واجبنا تعليم المنهج وتمكين “المعاق” من أن يرصد ويدرك ما يتوقعه المجتمع ويقرر بإرادته الحرة كيفية التعامل. قد يختار الانصياع وقد يتمرد. “ما الأسهل” ليس السؤال الوحيد، اهتم بما الأثرى وما الأجمل وما الأرحم .. وما الأفضل!! تستهويني فكرة المنهج الضمني. من منا نحن “الأصحاء العاديين” لم تربكه أو تخنقه القواعد الضمنية للتعامل والتواصل؟! من منا لم تنتابه رغبة في الصراخ أو البكاء أو السباب أو الضم أو التقبيل في غير موضعها؟! نصف المنهج الضمني غالباً عن كيفية إخفاء آثار اللحظات النادرة التي تنفجر بها.. أو تشاكس ولا تلتزم.
.. يقطع وصولهم حبل أفكاري وتنقطع قراءاتي. توقعناهم منذ تسرب إلى الصحف أنباء تعذيبهم وتسرب إلينا أن الإدارة تنتظر وارداً جديداً من سجن أبو زعبل. حاولنا التحضير لاستقبالهم، لكن كيف ترحب بصديق خاض معك نفس المعركة لكنه خاض وحده التجربة؟ أيطمئن إن أخبرته أن سجنك القديم/ سجنه الجديد آمن، وأن المحنة انتهت، أيغضب؟! هل عليَّ ان أشعر بالذنب أم بالامتنان؟ أكيد تعلمناها في المنهج الضمني فتباين حدة الظلم وفداحة الثمن ليست خبرة جديدة، قضيت عمرك تتعايش معها فما بالك ترتبك أمام حرارة غضبهم؟!
نتقمص الأوتيزم، نستقبلهم بتقرير مفصل عن الحقائق: لا تعذيب هنا ولكنكم غالباً أتيتم لتستقروا، لا معنى للقانون ولا أمل في الدستور ولا قيمة للمحاكم، سنبقى إلى أن ينتهوا من خارطة طريقهم الملعونة. يردون علينا في توحد مشابه بتقرير مفصل عن التعذيب ووقائعه بنبرة ميكانيكية ثابتة، بلا خجل، بلا تورية. تنبهني الكتب ألا نفترض غياب المشاعر، الأوتيزم يعيق التعبير والتواصل لكنه لا ينفي الإحساس.
صمتهم يفصح عن غضب جارف، نتفاداه بلعب الكرة. لكن الغضب لا يمكن احتواءه، تأتي ركلاته عنيفة وقاسية، نحاول تفاديه في صمت متواطئ. مع أول إصابة ينفجر غضبنا كلنا. نرد الركلات العنيفة بأعنف منها. كل شيء مسموح به في اللعب إلا لمس الكرة باليد. اللعب هنا بقواعد “أبو زعبل”. ينتهي الماتش بفارق في تعداد الأهداف وتعادل في الإصابات!! تقول الكتب أن السلوك العدواني محاولة للتواصل، للتعبير عما يعجز التعبير عنه. هل كانوا يعبرون عن غضبهم منا لأن الجلاد اختارهم ولم يختارنا؟! لأن الجلاد سألهم عنا؟!! أم هو غضب من الجلاد نفسه؟! أو من أنفسهم؟! وماذا عنا إذاً؟! هل غضبنا لأنهم أشعرونا بالذنب؟ أم لأنهم صارحونا بتفاصيل التجربة؟ لأنهم بدوا أقوى منا؟ أم أن غضبنا كان لأننا كنا نعتمد عليهم في إطلاق سراحنا؟!
يمر باقي الأسبوع في انتظار شفاء إصابات الملعب، لكن الغضب ينحسر. حكمة باطنية دفعتنا للعب هذه المباراة، ربما هي ذاتها التي دفعت البشرية لاختراع رياضات جماعية عنيفة؟! أن العنف يمكن أن يمارس في سياق غير القهر والعداوة، أن الألم يمكنه أن يأتي بغير أن يمس الكرامة، وأن أجسادنا قادرة على تحمل الألم لأتفه الدوافع، وأرواحنا قادرة على تجاهل الإصابة بل والتندر عليها طالما توفر قدر من الأمان. ربما لا يتخطى الماتش أثر عبارات مثل “الحمد لله” و “إن شاء الله” لكن كسائر مفردات المنهج الضمني يساعد على الحياة ويسهل مشاركة الآخرين فيها.
مع زيارة الوفد يعود الغضب، كان بإمكانهم تعطيل السجان والجلاد، لو كانوا هددوا السلطة بالانسحاب مع أول رصاصة، لو كانوا عطلوا الدستور مع أول تطبيق لقانون التظاهر، لو كانوا أضربوا عن إعداد برامج الفضائيات وصفحات الجرائد مع أول كذبة، لو كانوا أعلنوا سحب تفويضهم مع أول شهادة تعذيب… لكنهم أصروا على التعامل مع قتل وتعذيب واعتقال أعضاء أحزابهم، ورفاق أبنائهم وتلاميذ زملائهم وأبناء أقاربهم على أنها أخطاء وزلات. استبدلوا المواقف الحاسمة والضغط والانتصار للحق بالنصح وأحيانا بالاستجداء!!
لتفهم لماذا يحذرون من عودة دولة مبارك رغم أن دولتهم فاقت دولته في الإجرام عليك أن تتعلم المنهج الضمني، لتفهم لماذا يحذرون من عودة التعذيب رغم يقينك أنهم يعرفون أن التعذيب يوماً لم يتوقف عليك فهم المنهج الضمني، لتفهم لماذا يتحدثون عن انتهاك دستور كتبوه وهم على يقين أن الدولة لن تلتزم بمواده عليك أن تعود للدستور الضمني.
“نعم” لم تكن للدستور المكتوب بل كانت للدستور المستتر الذي طالمنا حُكمنا به واحتاجت الدولة لتجديد مشروعيته.
في الدستور الضمني قواعد معقدة للتعذيب، تتوقف على هوية الضحية، فالتعذيب جريمة لو وقع على الفئات المحرم تعذيبها والمتعارف عليه أن قمعها ينحصر في التشويه الإعلامي والحبس الاحتياطي في ظل ظروف جيدة نسبياً ولمدة قصيرة نسبياً.
وتعرف الفئات المحرم تعذيبها بحسب الطبقة الاجتماعية والانتماء العرقي وحيازة جنسية ثانية من عدمه والانتماء الحزبي ومستوى التعليم والسن وأي وكل تفصيلة يمكن استخدامها لتصنيف الناس، كما أن الظروف الاستثنائية قد توسع من فئات المحلل تعذيبهم بشرط أن يتم التنكيل به لحظة الاعتقال وقبل العرض على النيابة، لكن أن يستمر التعذيب بعدها فهذا ما لا يمكن قبوله.
يتبع الدستور الضمني منطقه الخاص صعب التفسير، فمثلا لا يطالب أحد باستخدام التعذيب لردع من يجرم من رجال الشرطة ولا لانتزاع الاعترافات من رجال الأعمال الناهبين، بينما تعذيب الإرهابيين والمسجلين خطر يكاد يكون مطلب شعبي.
يمكن تعذيب المولود في سيناء أياً كان انتمائه الطبقي والسياسي، التنكيل بنجل البلتاجي ممنوع لو كان اسمه عمار ومسموح لو كان اسمه “أنس”، أما تصفية أولاده فمكروه لكن غير مجرّم إذا التزمت الدولة بالقتل أثناء فض الاعتصامات فقط.
لهذا يتحدث كتبة الدستور وقيادات الأحزاب وأعضاء المجالس القومية وكبار الكتاب عن “أخطاء” الدولة فقط عندما يطول التعذيب خالد وناجي، فالمقصود ليس الانتهاك المنهجي والمتواصل للدستور المكتوب، بل ما يتصورون أنه خلل غير مقصود في تطبيق الدستور الضمني، يتحدثون وكأن من عذبهم لم يكن يعرفهم وتصور أنهم إخوان، هم على يقين أن الخطأ سيتم تداركه ومتمسكين بالدفاع عن حق الدولة في تعذيب الفئات الصحيحة.
كان بيدهم منع ما حدث أو وقف تفاقمه لو كانوا تمسكوا بما أعلنوه من مبادئ بألسنتهم وما كتبوه بأيديهم، ولكن بعد شهور من تأييد القتل والتعذيب والاعتقال وتكميم الأفواه وقطع والخوض في الأعراض تبددت قدرتهم على التأثير، والآن عندما اكتشفوا أن القمع أقرب إليهم مما ظنوا لم يتبق لهم من مواقف تتخذ إلا تشكيل وفود بائسة لزيارة السجون وإقامة مؤتمرات هزلية للتنديد بالخطأ غير المقصود.
ما لا يفهمونه هو أن الدولة لم تخطئ، فالدستور الضمني كأي دستور يحدد الحقوق والواجبات. حاولت الدولة جاهدة أن تلتزم ولا تعذب إلا من يحل توافق ٣٠ يونيو دمهم، ولكن الثوار رفضوا الالتزام بالدستور الضمني وتحدوه فنزعوا عن أنفسهم حمايته.
صاغوا قانون تظاهر ليستخدم ضد الإخوان فأصرينا على أن تكون أول تجربة له بأجسادنا. قتلوا الطلاب الفقراء الإسلاميين بجامعة الأزهر فأصر طلاب جامعة القاهرة على تحدي خرطوشهم. أشعلوا حرباً على الإرهاب استدعت واستقدمت بالضرورة الإرهاب لقلب العاصمة. كسرنا كل القواعد عندما أصرينا على أن تفجير المديرية لن يمحو من ذاكرتنا ما شاهدناه داخلها من تعذيب وانتهاكات.
لم تخطئ الدولة، بل نحن تعمدنا الخطأ والتمادي فيه، ربما هي مزايدة منا وشهوة لفضح القواعد المستترة للقهر وتعرية مبرريها، ربما هي حكمة منا وبصيرة لأن السلطة التي لم تلزمها بدستور مكتوب لا يمكن أن تلزمها بأي دستور وستنضم عاجلا أو آجلا لزمرة المحلل تعذيبهم أياً كان، ربما هو ضمير يرفض أن يترك من شاءت أقدارهم أن يحل تعذيبهم وحدهم، أو ربما هو نوع من الأوتيزم يعمينا عن الدستور الضمني وإعاقة تجعلنا غير قادرين على تعلمه فطرياً، أوتيزم يجعلنا نفهم الكلام بمعناه الحرفي فنصدق أن الثورة فعلا مستمرة وأن الشعب فعلا يريد إسقاط النظام.
ما الأسهل؟! أن تدرب الأقلية العاجزة عن الامتثال للدستور الضمني على تجاهل الظلم الواقع على الأغيار وتفادي تحدي السلطة وافتراض حسن نيتها، أم إقناع المجتمع بلا معقولية أن نتعايش مع سلطة تحلل لنفسها القتل والتعذيب والاعتقال طالما التزمت بقواعد ضمنية؟ تحذرنا الكتب.. لا تدريب على الانصياع، واجبنا تعليم المنهج لتمكين المعاق من أن يدرك ويرصد ما يتوقعه المجتمع ثم يقرر بإرادته الحرة كيفية التعامل، قد يختار الانصياع وقد يتمرد!!
ما الأسهل ليس السؤال الوحيد.. اهتموا بما الأثرى.. وما الأجمل.. وما الأعدل.. وما الأرحم.. وما الأفضل؟!
محمد عادل فهمي علي (محمد عادل) – ثورة الغرباء
ثورة الغرباء . ولدت ثورتنا غريبة وستعود غريبة , فطوبى للغرباء , طوبى للمعتقليين , طوبى لليائسين ، طوبى لثورة أضاعها المتأمرين . في الوقت الذي أجلس فيه بين حوائط الزنازين تمر ذكرياتي أمام عيني كشريط مسطور , كتب كل مشهد فيه بحروف أصغر معتقل أيام مبارك بلغ حينها من العمر سبعة عشر عاما ، أدرك حينها أنه لا مناص من إسقاط نظام الإستبداد ، أدرك إنه مهما كان وحيدا سيأتي اليوم الذي يكثر فيه زبد البحر حتى يصير موجا هائجا يدمر كل من إستخف به وكل من عارض يوما حريته . شاب ظن أن المعركة في بلده بين متأمرين وخائنين وبين شباب أطلق عليهم "قلة المندسين " , ناضل الشاب 6 سنوات , نضج يوما بعد يوما مع أحلام ثورته خلال 6 سنوات من النضال , قبض عليه سبعة عشر مرة كان أولها 27 إبريل 2006 من أمام دار القضاء العالي , وكان حينها أصغر معتقل سياسي بمصر ، إختطف من قبل أمن الدولة بوسط البلد في 20 نوفمبر 2008 وظل قابعا في محبسه 3 أشهر , لا يعرف بأى ذنب سجن ولا بأى حق أعتقل !!!! تمر السنين , ويسقط مبارك , وهو ما زال يسمع صوت هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" . لماذا إستمر الهتاف بعد الثورة ثلاث سنوات !! تمر السنين وهو الآن بين .. نجحت الثورة ؟ أم أسقطنا النظام ؟ أم أننا كل ما عشناه أحلام ؟! مستحيل , مستحيل أن يكون كل ما حدث على مدار 3سنوات أحلام , فالأحلام لا تكون بها شهداء , ولا نسمع فيها صراخ الأمهات , ولا نرى فيها دموع ولا دماء . هواجس تراودني من وقت لأخر بينما أجلس برفقة زنزانتي . لهذه الدرجة عشت ساذجا ؟!!!! أسقطنا مبارك ليجلس على الكرسي من كان يحركه !!! من الواضح أننا إستعجلنا الأمور , وتبين أن ثورتنا لم تكن إلا شعاع نور , فالنهار لم يأتي بعد . العميد ميت #محمد_عادل من أنقى مكان بمصر .. عنبر 1 سياسي "ليمان طرة
احمد جمال عبد الحميد زياده (احمد جمال زياده) – شكرا لكل اللي وقف جنبي او حاول يقف جنبي ومقدرش
شكرا لكل اللي وقف جنبي او حاول يقف جنبي ومقدرش. عايزكم تعرفوا ان في الاف المعتقلين المظلومين محدش يعرفهم ، طلاب – دكاترة – مهندسين ناس غلابة وغيرهم . متنسوش الناس دي . ومتفرقوش بين مظلوم ومظلوم حتي لو فكره مختلف عن فكرنا .. الظلم واحد وعايز اقول لكل اصحابي خلوا بالكم من نفسكم وفرقوا بين : الجرأة والشجاعة وبين الرمي في التهلكة ، حافظوا علي نفسكم عشان الثورة تكمل بيكم ، متيأسوش عشان دم اصحابكم احمد جمال زيادة “سجن ابو زعبل”
احمد سعد دومه سعد (احمد دومه) – السجن مهوش بس حيطان
اسم السجين (اسم الشهرة) : احمد سعد دومه سعد (احمد دومه) النوع الاجتماعي : ذكر تاريخ تحرير أو نشر الرسالة...
احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – Vaclav Havel
Vaclav Havel I always find myself drawn to the topic of the 1989 Velvet Revolution in Czechoslovakia, and to “Vaclav Havel”, one of the predominant leaders of the Velvet Revolution and the first president of post-revolution Czechoslovakia. My fascination with the Czech Revolution lies not only in the fact that it is one of the first Eastern European revolutions that paved the way for further revolutionary waves in Eastern and Central Europe, but also in what happened after the Czechoslovakia revolution and in the turmoil, depression, difficulties and challenges during the transitional period which lasted for many long years. The elite that were toppled returned by “the ballot box” , then the revolutionary forces reorganized and reassembled to topple the elite once again and to reap the benefits of the revolution, thus achieving progress and stability after more than 10 years of push and pull in the Czech Republic or Slovakia. And although Vaclav Havel was a politician by nature of his status as an opposition figure before the Velvet Revolution and as the first president for the Republic after the revolution, he was also a thinker, author and philosopher before he became a political activist. He wrote a number of articles and plays that promote the ideas of coexistence, peace, non-violence and non-extremism. And it is to his credit that, in spite of the difficulties he faced as president of the republic in a turbulent transitory period, he was able to integrate the principles of freedom, democracy, pluralism, respect for human rights and rejection of exclusion. This article contains quotes by the late President Vaclav Havel from his book “The Democratic Transition in Eastern and Central Europe” which was translated to Arabic in 2011, and also phrases from an article for Vaclav Havel that was recently published in “Le monde diplomatique” – Ahram And among Havel’s words are “We have defeated our clearly visualized and defined enemy, but our drive fueled by anger and our need to find a live guilty criminal led us to search for the enemy in our words, which led every individual among us to feel like the other had abandoned and betrayed him” This statement applies exactly to our situation after the revolution. Before the 25 January revolution of 2011 there was a clear enemy defined as the oppressive authoritarian regime. After the 11 February, there appeared many enemies. Mubarak fell and the vision became blurred … Was the enemy the military institution as an extension of Mubarak, or the elite, or was it the religious right? Some considered their friends as enemies, others considered their partners as enemies … those who did not find an enemy created one… and this pertains to the slogan “Your enemy is none other than the sons of the same profession with whom you will compete”. “ The old system collapsed, and a new one so far has not been built. Our social life is marked by a subliminal uncertainty over what kind of system we are going to build, how to build it, and whether we are able to build it at all.” This statement was made by Havel 20 years ago about the transitional period in Czechoslovakia and the protests and demonstrations against the transitional changes after the revolution in 1989. This also applies to our situation in Egypt after the revolution. الكل of us, from the far right to the far left, united before the revolution on the principle that the Mubarak regime must fall….and all of us agreed on the necessity of Mubarak’s ouster during the revolution; however, we unfortunately did not agree on the required structure of the system after the revolution, or on the structure of the state, or on the articles of the constitution, or on the roadmap. The military used this void to steer us to the 19 March referendum, followed by all of the other mistakes leading up to 30 June. But in spite of all of the advice given to youth movements about the necessity of setting up political parties and participating in politics exclusively through parties, and these are the suggestions or criticisms made by both Egyptian and foreign analysts…..Havel too was a disbeliever in traditional politics, and a supporter of the presence of individuals or groups that exercise political pressure without necessarily getting involved in the struggle for power. For example he would say things such as “One day in power is better than 100 days in prison”, and “In the current time, presidency is the only way with which I can serve my country but in the future there will be a better way”. “الكل political actors will now be under the microscope that I myself built before I became president” Havel preferred to have the freedom of criticism and to comment on events rather than to be a politician, and preferred to play the role of mediator rather than to be a party in the conflict. This exposed him to a lot of criticism, but he was a lawyer and activist before he became leader and president. He was imprisoned multiple times, and he also said “Despite all the political misery I am confronted with every day, it still is my profound conviction that the very essence of politics is not dirty; dirt is brought in only by wicked people.” He also professed that thirst for power was a sign of bias, and he said that “Wherever power is exercised, it is in need of supervision and control, and this control can be best achieved through a democratic system characterized by nonviolence, participation in power and its arrangements, setting the boundaries, and the ability to check government institutions. For democracy cannot be achieved without supervision and constant reminders”. Perhaps Havel’s identity as a lawyer, activist, writer and author made him more suited to be among those cleansed from the struggle for power, although fate chose that he would be president after a great and peaceful revolution. However, he maintained a strong belief that thirst for power was a filthy trait that people should remedy. Perhaps his periods of imprisonment before the revolution were his motivation to adhere to strong ethics and morals in politics when he became president of the republic, and he remained convinced that thought, freedom and dignity were the elements that defeated tyranny. We are all in dire need to agree on what we want after the revolution – and this day will inevitably come. We must avoid repeating the mistakes of the past, and we must agree on a new system that will encompass all of us as partners in the nation. There must also be ethics in practicing politics, and lying and defamation must not be among political tactics. After 25 January, he who thirsted for power is he who made promises and revealed no desire for it, and so there was the 30 June… and here we are in the desire to create a new pharaoh using the most immoral tactics…and this will lead to what it will lead to ….inevitably But in the inevitable “awakening” which will come after months or years, we must learn from our own mistakes and from the experiences of others
احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – فاتسلاف هافيل
فاتسلاف هافيل أجد نفسي دائماً منجذباً لسيرة الثورة المخملية في تشيكوسلوفاكيا 1989 وكذلك لسيرة “فاتسلاف هافيل” أحد أهم قادة الثورة المخملية وأول رئيس لتشيكوسلوفاكيا بعد الثورة. إنجذابي للثورة التشيكية ليس فقط لأنها من أوائل ثورات أوروبا الشرقية التي فتحت الباب لموجات ثورية أخرى في شرق ووسط أوروبا، بل لما حدث بعد ثورة تشيكوسلوفاكيا من غنتصارات وانكسارات وتخبط وصعوبات في المرحلة الإنتقالية التي استمرت لسنوات طويلة، فعودة الفلول الذين تم إسقاطهم للحكم مرة اخرى “بالصندوق” ثم إعادة تنظيم القوى الثورية وخلع الفلول مرة أخرى حتى الوصول للإستقرار وبدءقطف ثمار الثورة من التقدم وارخاء بعد أكثر من 10 سنوات من الشد والجذب في التشيك أو سلوفاكيا. وبالرغم من أن الرئيس الراحل “فاتسلاف هافيل” سياسي نتيجة نشاطة كمعارض قبل الثورة المخملية أو وضعة كأول رئيس للجمهورية بعد الثورة إلا أنه كان كاتب وفيلسوف ومفكر وأديب قبل أن يكون ناشط سياسي وكان له الكثير من الكتابات سواء مقالات أو مسرحيات لدعم فكرة التعايش والسلمية ونبذ العنف ونبذ التطرف، ويحسب له أنه رغم الصعوبات التي لاقاها كرئيس جمهورية في فترة إنتقالية مضطربة إلا أنه نجح في ترسيخ مبادئ الحرية والديمقراطية والتعددية وإحترام حقوق الإنسان ورفض الإقصاء. وفي هذه المقالة مقتطفات من أقوال للرئيس الراحل ” فاتسلاف هافيل” في كتاب التحول الديمقراطي في شرق ووسط أوروبا والذي تشرفت بكتابة مقدمة النسخة العربية في 2011 وكذلك مقتطفات من مقالة نشرت مؤخراً عن الرئيس الراحل فاتسلاف هافيل في جريدة لوموند دبلوماتيك – الأهرام. من أقوال فاتسلاف هافيل ” لقد هزمنا بشكل واضح العدو المحدد المرئي، ولكن الأمر في إندفاعنا بغضبنا وحاجتنا لأن نجد مذنباً حياً جعلنا نبحث عن العدو في كلامنا بحيث أصبح كل فرد فينا يشعر أن الآخر قد تخلى عنه وخدعه”. وهذه العبارة تنطبق على تماماً على حالنا بعد الثورة مباشرة، فقبل 25 يناير 2011 كان العدو واضح كنظام فاسد وقمعي، وبعد 11 فبراير أصبح هناك أعداء كثيرون، سقط مبارك وحدثت ضبابية في الرؤية .. هل العدو هو المجلس العسكري إمتداد مبارك أم الفلول أم اليمين الديني. والبعض أعتبر صديقه عدو .. والبعض أعتبر شريكه عدو، ومن لم يجد عدواً خلق عدوه ، وهناك من طبق المثل .. “ما عدوك إلا ابن كارك” “إن النظام القديم إنهار ولكن النظام الجديد لم يبن بعد، وتتصف حياتنا بشكل عام بعدم التأكد الكامن في اللاوعي حول أي نوع من النظام”. العبارة السابقة قالها هافيل منذ 20 عاماً عن الفترة الانتقالية في تشيكوسلوفاكيا وبدء الاحتجاجات والاعتراضات على التغيرات الانتقالية بعد الثورة في 1989، وهي أيضاً تنطبق على حالنا في مصر بعد الثورة، فجميعنا قبل الثورة “من أقصى اليمين لأقصى اليسار” أجمعنا ان نظام مبارك لابد أن يسقط .. وجميعنا أثناء الثورة اتفقنا على ضرورة رحيل مبارك ولكن للأسف لم نبذل الجهد الكافي في الاتفاق على شكل النظام المطلوب بعد الثورة ولا شكل الدولة ولا مواد الدستور الرئيسية ولا خارطة الطريق وهذا ما ادى إلى استغلال العسكر هذا الفراغ وقادونا نحو استفاء 19 مارس ثم كل ما حدث من أخطاء حتى 30 يونيو. رغم كل ما يقال من نصائح للحركات الشبابية بضرورة انشاء أحزاب سياسية وممارسة سياسية عن طريق الاحزاب فقط، وهي النصائح أو الانتقادات التي يوجهها محللون سياسيون مصريون أو اجانب .. ولكن هافيل أيضا كان من النافرين من السياسة التقليدية، وكان من المتعففين عن السلطة ومن مؤيدي فكرة أن يكون هناك فرد أو مجموعة يمارسون الضغط السياسي بدون التورط في التواجد في السلطة. فكان يقول مثلا ” يوماً واحداً في المنصب أسوأ من 100 يوم في السجن”. ” في الوقت الراهن الرئاسة هي الطريقة الوحيدة التي أخدم بها بلادي ولكن قريباً ستكون هناك طريقة أفضل” ” كل نشاطي السياسي الآن يقع تحت الميكروسكوب الذي بنيته بنفسي قبل أن أصبح رئيس “ وكان هافيل يفضل ان تكون لديه حرية النقد والتعليق على الاحداث على ان يكون سياسي أو أن يلعب دور الوسيط بدل من ان يكون طرفاُ في الصراع، وهو ما عرضه أيضاً للكثير من النقد، ولكنه في الأساس مناضل وحقوقي قبل أن يكون رجل دولة ورئيس جمهورية، وقد تعرض للسجن عدة مرات، وكان يقول أيضا.. ” رغم كل التعاسة السياسية التي أواجهها كل يوم مازالت عقيدتي العميقة ان جوهر السياسة ليس قذراً .. فالقذارة ياتي بها الرجال الأشرار وليس جوهر السياسة “ واعتبر أن اشهوة للسلطة هي دليل إنحراف، وقال ” السلطة أينما مورست هي في حاجة إلى إشراف ورقابة، وان هذه الرقابة يمكن ان تكون بشكل أفضل من خلال نظام ديمقراطي يتميز بعدم العنف وبالمشاركة في السلطة وترتيباتها ووضع الحدود على نطاق وإمكانية غطرسة المؤسسات الحكومية، فالديمقراطية لا تتحقق بدون رقابة وتذكير دائما” وربما كان التكوين الأساسي لهافيل كحقوقي ومناضل وكاتب ومؤلف بأن يكون من العازفين عن السلطة رغم أن الأقدار وضعته كرئيس للجمهورية بعد ثورة سلمية عظيمة، بل اعتبر أن التطلع للسلطة هي من الصفات الرديئة التي يجب على الإنسان معالجتها. وربما كانت فترات سجنه قبل الثورة هي الدافع وراء تمسكه بالبعد الأخلاقي في السياسة عندما أصبح رئيساً للجمهورية، وظل مقتنعاً ان الفكر والحرية والكرامة هي ما هزمت الإستبداد. ما أحوجنا أن نتفق جميعاً عما نريد بعد الثورة – قادمة في يوم من الأيام لا محالة – وكيف نتجنب أخطاء الماضي ولا نكررها عند تكرار التجربة، وأن نتفق جميعاً على شكل النظام الجديد الذي يجب أن يجمعنا جميعاً كشركاء في نفس الوطن، وأن يكون هناك بعد أخلاقي في ممارستنا السياسية، وألا يكون الكذب والتخوين هي الوسائل. بعد 25 يناير كان الطامع في السلطة هو من وعد وأكد أنه لا يرغب فيها فكان 30 يونيو .. وهانحن الآن تحت تأثير أحلام الساعات الأوميجا والرغبة في صناعة فرعون جديد واستخدام أحط أنواع التشويه اللاأخلاقي للخصوم وهو ما سيؤدي إلى ما سيؤدى له .. لا محاله. ولكن ةبل “نوبة الصحيان” التي ربما تكون بعد شهور أو سنوات .. علينا ان نتعلم من اخطائنا وتجارب الآخرين. أحمد ماهر ليمان طره
صلاح الدين عبد الحليم سلطان (صلاح سلطان) – إلى ثوار مصر الأحرار
إلى ثوار مصر الأحرار: إن إخوانكم داخل سجن العقرب يتعرضون إلى الموت البارد، فنحن ممنوع عنا الطعام والشراب وحتى الدواء، وطعام السجن يكاد يكون معدومًا، وفوق كل ذلك محرومون من زيارات أهلنا، وهى من أبسط الحقوق الإنسانية.
فيا ثوار مصر الأحرار نقول لكم أننا مستعدون للتضحية بأنفسنا من أجل قضيتنا العادلة التى لا خلاف عليها لدى كل حر حتى يزول هذا الانقلاب المجرم الذى جاء على دماء وأشلاء الأحرار من وطننا.
ويا ثوار مصر ... استمروا فى ثورتكم وأروا الله من أنفسكم خيرا , ولا تخذلوا دينكم ووطنكم وإخوانكم , فاستبشروا بنصر من الله وفتح قريب "ألا إن نصر الله قريب".
عبد الله احمد محمد اسماعيل الفخراني (عبد الله الفخراني) – شعورٌ أسود.. أن اُسجن في زنزانة غارقة في بطن الأرض
شعورٌ أسود.. أن اُسجن في زنزانة غارقة في بطن الأرض.. صندوق بلا نوافذ.. بلا فتحات تهوية عدا ثقب صغير وحيدٍ في أعلاه.. زنزانة تحاصرها أربعة جدران سُكِبَت من الخرسانة المسلحة.
شعورٌ أسود.. أن يحبسني باب من الفولاذ الصلب.. بلا مقبض أو حتى ثقب مفتاح.. بابٌ مصمت إن أغلق صارت الزنزانة بلا باب.. وصِرتََ بلا حياة.
شعورٌ أسود.. ان يمرض أحد المأسورين معي ويتأوّه حتى أنه ليضرب برأسه في الحائط من شدة الألم..لكني لا احاول أن اصرخ أو أن اطرق الباب فلن يسمعني أحد..فثمّة سبعة أبواب موصدة قبل باب زنزانتي..وثمة تاريخ من الوفيات خلف هذه الأبواب ممن لم ينجدهم أحد!!
شعورٌ قميئ أن أسجن بلا تهمة.. وبلا تاريخ اخلاء سبيل معلوم..
شعور أسود أن أكون أسيرًا في وطني!
احمد جمال عبد الحميد زياده (احمد جمال زياده) – أعلم أنكم تسمعوني
“أعلم أنكم تسمعوني” لأن الأيام خلف القضبان متشابهه , و لا يسود فيها سوي الظلام , و لا رفيق فيها سوي الكتاب , و لا حبيب غير القلم ,و الوقت ليس له ثمن , فالسجينات والسجناء و أقول مساجين لأنه لا يوجد معتقلين كما يصرح المسئولين يهتمون بقراء الجرائد أكثر من اهتمامهم بالطعام . عسي يجدوا تضامنا معهم , و عسي ألا يشعرون بالعزله عن التجمع ” و لكن العزله موجوده مهما حدث ” أتصفح معهم الجرائد يومياً “لا يوجد معتقلين، لا توجد انتهاكات “لا يوجد مضربين عن الطعام إنجازات اقتصاديه لم تشهدها مصر من قبل و اخبار لا حصر لها عن تحركات حكوميه داخليه و خارجيه و عن محاربه الارهاب , و ما يدعوا التحجب أن الاخبار في جميع الجرائد متشابهه إلي حد تشابه النص , و كانهم copy , من مصدر واحد !! نشرت الجرائد في صفحاتها الاولي تصريح وزير الداخليه الذي يدعي أن السجون خاليه من المعتقلين تجاهلت بيان ,, الحريه للجدعان الذي يرد علي تصريح وزير الداخليه مع أن البيان إنتشر بشكل كثيف علي مواقع التواصل الاجتماعي!! نشرت الجرائد تصريح رئيس مصلحه السجون الذي يدعي فيه أن السجون خاليه من المضريبن عن الطعام و تجاهلت العشرات من بيانات المضربين عن الطعام داخل السجون !! نشرت خبر اخلاء سبيل 116 طالب حرصا علي مستقلبهم و تجاهلت مئات الطلاب الذين اعلنوا اضرابهم عن الطعام بعد ما ضاع منهم العام الدراسي الماضي و العام الدراسي الحالي علي وشك الضياع !! و كانهم لا مستقبل لهم كما ال 116 طالب !! تدعي الجرائد أن كل المظلومين المعتقلين اخوان “و كأن الاخوان يجب ان يعدمون لانهم اخوان ” و لكن الحقيقه مخالفه لذالك ,فصديقي ياسين صبري الذي حكم عليه بالسجن أربع أعوام ليس إخوان بل عضو في جبهة طريق الثوره و معروف عنه ميول اليساريه , و احمد مصطفي المعتقل منذ 24 يناير لم يكن يوما من الاخوان و لكنه عضو ف 6 ابريل و يا للعجب من الاعداد التي لا تحصي من مؤيدين السيسي الذي اعتقلوا عشوائا !! تجاهلت الجرائد كوني مصورا صحفيا اعتقل يوم 28/12/2013 اثناء تغطيه إشتباكات جامعه ألازهر , و تعمدت ذكري كعضو ف 6 ابريل (و كأن انتمائي ل 6 ابريل جريمه يجب معاقبتي عليها ) !! لا عجب من تجاهل الجرائد لقضيتي فربما لا صحابها ميول لدعم النظام الحالي , فعلا يكتبون عن أخطأهم الفادحا و الفاضحه ! و لكن العجب هو تجاهل زملائي المراسلين و المصوريين لقضيتي مع اننا نتعاون دوما أثنا تغطيتنا لمؤتمر صحفي أو تظاهراه أو اي فاعليه , نتعاون كإخوه !! يحزنني تجاهلهم بينا تعلو الاصوات القميئه التي كادت أن تطالب بإعدامنا لاننا أعلنا إضرابنا عن الطعام أعلم انكم تسمعوني جيدا الأن لأن صرختي أقوي من تجاهلكم , و صرخات الالاف من المعتقلين و خاصه, الطلاب كادت أن تخرق أذانكم … لا تظنون لأن تجاهلكم سيدفن الحقيقه في التراب , الحقيقه سيعلمها الجميع بكم أو بدونكم , و الحق سينتصر مهما اتشدت قوي الشر ,إعدلوا , فالتاريخ لن يغفر لكم إن شاركتم في الظلم أو سكنتم كهوف الصامتين !! و يا من غردت خارج السرب و رفضت الظام و لم يزيدك القمع إلا نضالإ و اصرار علي نصره الحق , المجد لك,,, احمد جمال زيادة
عمر عبد العزيز حسين علي (عمر حاذق) – أن تكتب رواية بجوار برميل زبالة لا يغسله أحد أصدقائي القليلين
أن تكتب رواية بجوار برميل زبالة لا يغسله أحد أصدقائي القليلين .... نهاركم محبة بلغني بالأمس أن عدداً منكم قرأ رسالتي السابقة ، وكتب لي رسائل ، أنا في شوق إليها ، ستصلنى في أول زيارة لي ، لأنني الآن فى سجن برج العرب ، فقد تم ترحيلي مع المحكومين بعد رفض الاستئناف من سجن الحضرة . الآن سيتغير زينا في السجن من الأبيض إلى الكحلي ، هكذا بكل فخر سأترك زي الزمالك إلى زي برشلونة لكن بدون خطوط حمراء وش بيضحك سترتفع أسعار رواياتي إذن ، فاستعدوا ! في هذه الحبسة " بلغة السجينات والسجناء ، لدي بعض سوء الحظ الغريب ، والحمد لله على كل حال ، تم توزيعي في زنزانة صغيرة ومكتظة جدا بسجن الحضرة . هناك ازدحام غير مسبوق بسبب كثرة المعتقلين . المكان الوحيد الذي أتيح لي فى تلك الزنزانة كان بجوار الباب ، على بُعد متر واحد من برميل الزبالة الذي لم يغسله أحد منذ سنوات فيما يبدو ، ولم يكن يتم وضع أكياس فيه . كان الأمر رهيباً . رائحة فظيعة وتشكيلة صراصير عجيبة لا يزيدها البرد إلا قوةً واصراراً . من الدروس المفيدة في السجن أن المصريين لا يعجزون عن حل أية مشكلة ، مهما كانت . بدأ بعض رفاق الزنزانة الطيبين يساعدونني بأفكار كثيرة ، فوجدنا وسيلة لغسل البرميل مقابل أجر ، ثم نظمنا إحضار أكياس زبالة كبيرة لوضعها داخل البرميل ثم ربطها بالليل ، وقمنا بحملات تنظيف قوية منتظمة . لسوء الحظ يتم إطفاء النور كاملاُ في الزنازين الصغيرة ، أما الكبيرة فتُترك بعض الإضاءة في اخر الزنزانة لمن يرغب في القراءة أو الكتابة . وفي الصغيرة لا فرصة ابداً لأية خلوة أوعزلة ، وهذا أسوأ ما في الأمر. كل الكلام الذي أسمعه أرفضه تماماً ولا فائدة من الجدل ، ولا زاوية بعيدة هادئة . بعد شهر من حبسي شعرت أنني إن لم أجد عزلة للكتابة سأموت . بدأت أسد أذني بقطع مناديل وسدادات لأن جميع أنواع الموبايل والراديو والإم بي ثري ممنوعة هنا، وتلك كارثة اخرى لأنني لا أكتب إلا وأنا اسمع أغانى . كنتُ قبل اعتقالي أراجع رواية قصيرة كتبتُها كتابة أولى ، ولا يمكن إدخالها لأن الكلمة المكتوبة فى سجن الحضرة مشكلة كبيرة وخطيرة . فجأة تذكرت أننى كنتُ قد دونتُ ملحوظة من قبل لفكرة رواية عن رجل عجوز يعاني من الزهايمر أو أمراض الذاكرة ، فبدأت أفكر وأسجل بعض الأفكار ، ثم أصبحتُ أكتب كل يوم ليلاُ بعد أن ينام الزملاء . يتم إطفاء النور الساعة 11 مساءً فأستعير كرسياً من الصديق الدكتور محمد هنداوي وأجلس بين الاجساد النائمة في المساحة الضئيلة القريبة من الشباك العالي الذي يسرب شعاعاً صغيراً من الممر الخارجي ، وكان فيه لمبتان نيون ، ثم تعطلتْ إحداهما فأصبحت عاجزاً تماماً عن الرؤية . ساعدني الصديق شريف فرج مساعدة رائعة ، فصمم لي شمعة فتيلها قشر البرتقال واعواد الكبريت ،وزيتُها من زيت الطعام البشع الذي يقدمه السجن ، ووعاؤها هو الجزء السفلي من زجاجة مياه معدنية . ظل يخترع ويجرب نماذج مختلفة حتى نجحت التجربة ، ثم خاف بعض الزملاء من اشتعال النار فى البطاطين الكثيرة ، وكان الدكتور هنداوي يبذل جهوداً متواصلة لتركيب لمبة فى الزنزانة ، حتى وافق السجن بعد مفاوضات مضنية وتم تركيب اللمبة يوم 20 / 2 فسهرتُ أكتب ( فى العادة من 11 -3 أو 4 فجراً ) منتشياً ، وفى الثامنة من صباح 21 / 2 نادوا على اسمي : " جهز حاجتك ، ترحيل على سجن بر ج العرب " . هنا أواصل الكتابة ليلاً على لمبة الحمام ، فالازدحام أشد من الحضرة وأنا في الزنزانة الوحيدة المخصصة للمحكومين في العنبر . أحاول التأقلم مع الحياة بلا موسيقى ، وأتمتع كل ليلة بعد أن ينام الناس الطيبون وأخلو أنا مع الكراسة الرديئة والقلم والشيطان ! أنجزتُ ثلاثة أرباع الرواية بالتقريب في كتابة أولى منذ بدأت أول فتقرة ليلة 1 / 1 / 2014 . مَنْ كان يتخيل أنني قادر على الكتابة فى جوار هذه الصراصير كلها ؟ وش بيضحكأنا سعيد يا أصدقاء."
محتجز مجهول – عايش في اكبر سجن بس من جوايا حر
عايش في اكبر سجن بس من جوايا حر
المشكلة إنك ماحستش بالغربة غير أما تبقى أسير