أنا من زمان مبتعجبنيش الولولة اللي بتحصل على اللي بيتقبض عليه. طبعًا الموضوع فعلًا يزعل والواحد بيحزن جدًا على أي حد بيتقبض عليه. لكن الموضوع كان بيزيد عن حده من البعض ويتحوّل لمجرد ولولة ولطميات وكلام عاطفي سريع التطاير وننسى نتكلم أو نسأل هو اتحبس ليه؟ متشحتوش عليّا في السيدة وتقولوا ده كان طيب وكويس وليه قبضتوا عليه. إحنا مكناش في جمعية خيرية مثلًا. أنا كنت صاحب رأي معارض. ولما قلته زمان أو دلوقتي أو في أي وقت فأنا عارف قيمته كويس وتمنه كمان. صحيح توقيت دفع التمن بالنسبة لي كان غريب أوي لكن عموما أنا راضٍ بأي حال.
السجن صعب وتجربة مش محببة أبدًا، لا أتمناها لنفسي ولا لأي حد. ورغم صعوبة ما مريت بيه خاصة في فترة الاختفاء القسري الصعبة جدًا، إلا أن ما رأيته – حتى الآن – وأنا في البداية وبعد الخضة والقلق على زوجتي وبنتي وأهلي خلى يدور في ذهني سؤال واحد: «إزاي ممكن استغل المحنة لصالح نفسي واللي حواليا؟».
مروري بلحظة وموقف صعب علمني فكرة القبول وإني أدرب نفسي على تقبل المواقف اللي مقدرتش أغيّرها واللي بتختلف عن المشاكل اللي ممكن تتحل، أو تحتاج لمجهود. اللي أنا فيه هو وضع فُرض عليّا ومكنتش أحبه يحصل، لكن الواقع خلاه يحصل، ولازم اتقبله علشان أعرف اتعامل معاه، وكمان اَطلّع منه حاجات مفيدة.
اللي حصل معايا هو عرض وأثر جانبي صغير أوي لهزيمة أكبر مرِت بينا كلنا، وكل واحد فينا اتعامل مع الهزيمة بطريقته. اللي انحرف، واللي اكتئب، واللي كفر بكل شيء وفقد إيمانه، أو فقد إيمانه بنفسه، وكلنا مرينا بفترة من انعدام التوازن وخدنا وقت طويل للتعايش.
داخل السجن وخارجه وجهين لعملة واحدة، وعلينا أن نتعلم كيف نتعامل مع هذا الواقع الصعب، ونخرج منه بأكبر فايدة حقيقية ملموسة تعمل فرق في العالم وتغيّره للأفضل، كلٌ على قدر طاقته. لازم نتعلم نستحمل أي حاجة، ونسد في أي حاجة، و«نغزل برجل حمار»ونعمل من الفسيخ شربات، لأن البديل الوحيد هو الاكتئاب واليأس.
في السجن ممكن تقرا، تتعلم، تطور نفسك، وتشوف السجينات والسجناء حواليك. اللي ظروفه وحشة تساعده، اللي مش معاه محامي تحاول تجيبله، الخايف تطمنه، الضعيف تنصره، والظالم تقف ضده. الجاهل تعلمه، والعالِم تتعلم منه وتكتسب كل خبرة ممكنة تفيدك في مسيرتك.
الحياة اختيارات، مطلوب منك تختار طريقك كويس، وتتحمل نتيجة أفعالك. مش لازم كل الاختيارات تبقى صح، ولا كل مجهود مخلص تكون نتيجته موفقة، كل المطلوب منّا هو السعي حتى لو النتايج محبطة، أو مخيبة للآمال.
كلامي قد يبدو مثالي أو حالم، أو أقرب لكلام التنمية البشرية اللي مبحبوش. لكن عزائي الوحيد إنه خارج من واحد إيده في النار مش في المية، وده ممكن يدفع أي شخص لأخذه في الاعتبار لعله يكون سببًا [في] تغيير للأفضل وساعتها هيكون للحبس قيمة.
بطلوا تتكلموا عن شخص. الفايدة الحقيقية إنكم تتكلموا عن الفكرة اللي اتحبس علشانها الشخص ده، وأكبر خدمة تتعمل إننا ننشر الفكرة في كل مكان. الأشخاص زائلون والأفكار باقية تنبت وتبنى وتؤثر وتغير.
الولولة لا تفيد… نحن أحوج للعمل أكثر من حاجتنا للكلام
رسائل جدران العزلة
عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – يوم الأربع مش أزرق؟
– «يوم الأربع مش أزرق؟»
نظر إليّ أيمن متعجبًا وكأني فقدتُ صوابي.
– «طب اسمك، أيمن، مش بتحسه مِدِّي على أحمر؟»
– «انت اتجننت يا ابني؟» رد ضاحكًا ظانًا أني أمزح.
شعرتُ بالحماس يملؤني. بدأت أحكي له عن الظاهرة التي كنتُ أقرأ عنها منذ دقائق في كتاب عن أسرار العقل يسمى Incognito. اسم الظاهرة Synesthesia، ويربط مَن يملكونها بعض مدخلات عقلهم بالألوان والأرقام والأسماء والأيام أو الكلمات، أو كالروائح والأصوات بشكل عام. تزايدت دهشتي وأنا أقرأ وصفًا دقيقًا لما كنتُ أشعر به من صغري، ولم ألحظ قط أنه شيء غريب أو مختلف.
كطفل صغير، وكجميع مَن في سني، كنتُ أبحث دومًا عن قوتي الخارقة. حاولتُ الطيران وجربت تحريك الأشياء بقوة عقلي، والآن فقط شعرتُ أخيرًا أني وجدتُ ضالتي.
السينِسيزيا. قوتي الخارقة.
– «طب يوم السبت إيه؟»، سأل أيمن.
– «أخضر فاتح».
– «الأحد؟»، أكمل وقد أعجبته اللعبة.
– «بنفسجي».
– «الاتنين؟»
– «أصفر».
– «التلات؟»
– «أحمر».
– «الأربع؟»
– «أزرق»
– «الخميس؟»
– «بني».
– «الجمعة؟»
– «أبيض».
استرجعتُ هذه الذكرى ووجهي منضغط على الشباك الحديدي لنافذة سيارة الترحيلات التي أركبها وحيدًا؛ ذكرى من أربعة أعوام، مع أيمن الذي لم أره منذ عامين.
استرجعتها لأني مع فوران الأحاسيس في رأسي الآن، أدركتُ بُعدًا جديدًا لقوتي الخارقة؛ المشاعر.
الظلم بني كالطين المبتل. القهر أحمر كالصدأ. الغضب أزرق قاتم كبقعة حبر.
كنتُ عائدًا من مستشفى ليمان طرة بعد استئصال ورم غريب في إصبعي. في طريق عودتي مررت بغرفة المحتجزين في المستشفى وسألتُ عن «أمَّد».
بعدما وصفته أخبروني أنهم يعرفونه، ثم أخبروني أنه قد مات.
انفجرت بقعة الحبر من جديد خلف عينيّ. حاولت دفع الذكرى بعيدًا. الغضب يلطخ الروح، تمامًا كما تلطخ بقعة الحبر الورق.
ركزتُ بعيني في الشارع الذي لم أره منذ عامين. أتفه الأشياء يحرك الكثير فيّ؛ رجل يمشي، آخر يتحدث في الهاتف، شباب حول ثلاجة للمشروبات الغازية، فتاتان عائدتان من مكان ما، أو ربما ذاهبتان، لا أدري، قطط تأكل من صندوق قمامة امتلأ عن آخره.
سيارات تمر مسرعة، أنواع أعرفها وأنواع أراها للمرة الأولى.
أشياء تافهة، حقيرة، مؤلمة، لم أتخيل يومًا أن أحنّ إليها بهذا القدر.
ملأتني النوستالجيا المصبوغة بلون الصدأ الأحمر.
هل أعود يومًا ما لأرى كل تلك الأشياء كما يرونها؟ أم ستظل شِبَاك الحديد تظهر أمام عينيّ أينما وجهتهما حتى أموت؟
هل من أمل أن أندمج في الحياة وأنسى وأمحو؟ أم ستظل الغربة صديقًا وفيًا، يشبك ذراعه بذراعي، بارًا بقسمه ألا يفارقني أبدًا.
نزلتُ من السيارة ومددتُ يدي في غير انتباه ليفكّ أحدهم القيود المحيطة بمعصمي. مشيتُ وأنا غارق في أفكاري ودخلتُ السجن. لمحتُ بعض الأهالي ينظرون لي بشفقة وتعاطف. ذكرتني نظراتهم بنظرات الطبيب منذ ساعات وهو يحادثني خلال العملية.
أكره نظرات الشفقة. أفضل أن ينظر لي الناس بكراهية. عندما ينظرون لي بكراهية أستطيع أن أحتقرهم. عندما ينظرون لي بشفقة أحتقر نفسي.
لم أسع يومًا في حياتي لأنتهي مثيرًا للشفقة.
استلقيتُ على ظهري في الزنزانة، ونظرتُ للسقف. مرَّ برأسي سطرٌ من نشيد للأطفال كنت أحبه:
«لا تبالِ فستشفى الجراح. وظلام الليل لن يطول».
ربما تشفى الجراح، فكرتُ، لكن الندوب لن تزول.
عندما أغلقتُ عيني كان جفناي بلون الطين المبتلّ.
اسلام عشري – الأزمة أكيد هتمر
الأزمة أكيد هتمر
محتجز بسجن العقرب 2 – أمهاتنا أمهات شهداؤنا زوجاتنا زوجات شهداؤنا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمهاتنا أمهات شهداؤنا زوجاتنا زوجات شهداؤنا..بناتنا وأخواتنا جميعا. كل عام وأنتم بخير
أنتن لستن كباقي النساء فقد خلقتم من الصبر فكن هاجر أم اسماعيل الصابرة كزوجات الرسول الكريم .صلي الله عليه وسلم، صاحبات قلوب بالإيمان عامرة
يظن الظالمون أنكن نقاط ضعفنا واسباب هزيمتنا وانكسرنا لكن نشهد الله أنكن نقاط قوتنا واسباب عزتنا وكرامتنا نستمد منكن الصبر والثبات
اعلمن أن الله لن يخذ لكن أبدا وسينصرنا بنصبركن ..النصر وعد من الله والله لايخلف المعاد
ألا إن النصر الله قريب..هتفرج بإذن الله
عبير الصفتي – برسالتى تلك
برسالتى تلك
ستشعرين بأشواقى وحنينى
نعم
ياملاكى
كم أشتهى حضنك
كم اشتاق دفئ يديك الصغيرتين
تتجول بى على الفتارين باحثين عن لبس جديد
يليق بنور أبتسامتك أول ايام العيد
أفتقدك كثيراهاهنا فى المعتقل
تفتقدين كثيرا أشياء ونمنمات كنا نفعلها سويا
تساقط الدموع تلقائيا كلما تذكرت
........
عيدا جديدا سيمر ولسنا معا
اتسائل؟
عيديتك الثمينه ممن ستحصلين عليها؟
من سيقبل هلال جبينك القمرى؟
من سيغنى لك كعادتك قبل النوم؟
من سيوقظك صباح العيد لنخرج أحتفاءا ببالوناتك الملونه كعينيك؟
أحتفاءا بجناحيك السحريتين تحلق مع أرتفاع الاراجيج
أشتياقى لك يؤلمنى,يدمينى
ايتها العصفوره الحبيسه فى قفص البعد
.................
ليس ذنبك أنك ابنتى
ليس ذنبك أنك بنت مجتمع يقمع الطفوله
رودى أبنتى الجميله
عصفورتى
نعم تبادلنا الادوار
وهبتينى الحياه
منحنتينى حنان الام
عيد جديد يمر دونك
دون بهجة عينيك التى تدغدغنى
.......
مئة يوم أتالم قهرا كأم
لاأعرف عن أحوال عصفورتى الفريده
لم أرى أشراقة عينيك كل صباح
لم أسمع موسيقى صوتك التى أصحوعليها كل صباح
لاأطمئن كيف تعيشين دون توحدنا فى الفراش
نظراتى باهته
كأيامى الرتيبه فى المعتقل
حزنا وكمدا على انشطار ك عن روحى
........
رودى معشوقتى
لكى عيدك ياعصورتى غدا
اما أنا
فعيدى مؤجل حتى أحتضانك
لابأس
معتصم صديقى
عيدك سعيد
بلغ سلامى للجميع
زملائى
رفاقى
عزوتى
عيدكم سعيد
رجاءا
"أبلغوا أبنتى كم أحبها"
20 أغسطس 2018
الموافق وقفة عرفات
سجن النساء بالقناطر
عبد الرحمن عبد العظيم صبري شهيب (عبد الرحمن شهيب) – لم أنس حتى الآن منظر أمي
لم أنس حتى الان منظر أمي من أمام قسم أول المنصورة وأثناء ترحيلي الي سجن ليمان ٤٤٠ وادي النطرون وهي تصرخ وتبكي وأنا بداخل عربية الترحيلات “سامحني يا ابني معدتش هعرف اشوفك تاني صحتي تعبانة مش هقدر أسافر” وذلك بعد ان حكم القضاء العسكري علي بالسجن المشدد ٧ سنوات بدون وجه حق..
تم ترحيلي الي ليمان ٤٤٠ وادي النطرون بتاريخ ٣-٩-٢٠١٥ وهناك قضيت اصعب ايام حياتي .. في البداية اثناء دخولي تم تجريدي من جميع متعلقاتي الشخصية وحلق شعري عنوة والتعدي علي بالسب والشتم والضرب المبرح وتم ادخالي بعدها الي غرفة الايراد ٦×٣.٥ متر بها ٤٢ شخص وحمام مغلق لا يدخله احد وفي أثناء وجودي في هذه الغرفة تم التحرش بأحد المعتقلين السياسين والذي تحرش به قائد الغرفة المعين من قبل ادارة السجن ولم أستطع الصمت عندما رأيت ذلك خاصة أني كنت قريب منه جدا وحدثت مشاجرة كبيرة وانتهت وفي أثناء نومي قام قائد الغرفة المعين من قبل المباحث بسكب الماء المغلي المخلوط بالزيت علي وجهي وكتفي وفخذي ودخلت المياه المغلية في عيني اليسري ولم تحرك ادارة السجن ساكنا بل قامت بمنعي من الزيارة وتسكيني في غرفة سرقة بالاكراه المكان المخصص لي فيها ٣٠.٥ سم ثم نقلي منها الي التاديب الانفرادي ثم نقلي اليها مرة اخري واستمر الوضع علي ذلك حتي تم ترحيلي الي سجن العقرب ٢ شديد الحراسة..
هناك بدأت معاناة جديدة من سوء المعاملة والتحقيقات المستمرة وعدم ادخال المتعلقات الشخصية في الزيارات ولا الادوية ولا الكتب الدراسية وتقديم اسوا انواع الطعام العيش الناشف والفول بالصراصير والبيض الفاسد رائحته كريهة واستمر هذا الوضع قرابة ٣ أشهر حتي تم ترحيلي الي سجن ملحق وادي النطرون..
وهناك بدأت المعاناة الأسوأ لا طعام ولا ماء ولا دواء ولا حياة تصادر معظم الزيارة واهانات امام اهلي في الزيارات وتفتيش مهين للنساء قبل الدخول وتفتيشات شبه يومية للزنازين تفسد المتعلقات وتصادر معظم الحاجات الشخصية من أنوار وكتب ودواء وملابس حتي تعيين السجن لاني مريض كيس لبن اجده فارغ وفي اخر زيارة لي التي استمرت ٢٠ دقيقة قام البلوك امين “طارق” بشدي من ملابسي امام اهلي والتعدي علي بالسب وعندما اشتكيت لرئيس المباحث كان رده “الامين طارق مريض نفسي وبيجيله حالات تشنج وانا مش هعرف اتكلم معاه” كما تم ارجاع معظم المتعلقات الخاصة بي وادخال عينات بسيطة من طعام الزيارة عبارة عن سمكة ومعلقتين ارز و٢ طماطم و٢ خيار وتفاحة و٢ ليمونة فقط.
وفي أحد الايام طلب مني البلوك امين إيهاب الخروج لمقابلة رئيس المباحث وفوجئت به يدخلني التأديب بدون أي وجه حق.
عامان لي في سجن الملحق لم أذق طعم الراحة الزنازين مكدسة والمكان المخصص لي ٤٥ سم ولا أستطيع النوم ولم أري أمي المريضة منذ قرابة الثلاثة أعوام.
4 أعوام قضيتها مرحلا ما بين قسم أول المنصورة وقسم ثان المنصورة ومركز المنصورة وقسم شرطة محلة دمنة وقسم شرطة ميت سلسيل وقسم شرطة منية النصر وقسم شرطة المنزلة وسجن المنصورة العمومي وسجن جمصة شديد الحراسة وسجن ليمان ٤٤٠ وادي النطرون وسجن طرة ٢ شديد الحراسة وسجن ملحق وادي النطرون .. لاقيت فيها ما لاقيت من أنواع العذاب البدني والنفسي وفي كل مرة قبل وصول اي فريق حقوقي يتم ترحيلي حتي لا أكشف ما يحدث من انتهاكات في كل مكان.
لذلك قررت الدخول في اضراب عن الطعام ومطلبي الوحيد هو الحرية لاني محبوس بدون اي وجه حق والله المستعان.
هذه حكايتي باختصار شديد ولا زالت تحمل في طياتها الكثير والكثير وحسبنا الله ونعم الوكيل
عبدالرحمن عبدالعظيم صبري شهيب
سجن ملحق وادي النطرون
اسامه الهادي – اليوم جوه السجن
اليوم جوه السجن وانت مظلوم بيعدي كأنه سنة، سواء كنت تعرفني او متعرفنيش، ارجوك ادعيلي..بسبب ان رامي عصام نزل اغنية ضد النظام انا مليش صله او علاقة بيها، انا محبوس علي ذمة التحقيق و متوجهلي تهمة انضمام لجماعة ارهابية ! و ده كله بسبب اني من تلات سنين رامي طلب مني اني اضبطله شوية حاجات علي الصفحة بحكم شغلي ك social media specialist و خبرتي في ادارة و تسويق الصفحات و علاقتي المباشرة بفريق دعم فيسبوك، و خلاني واحد من الأدمنز على الصفحة علشان أقدر اعمل ده،و ده اللي حصل و بيحصل مع فنانين كتير سواء في وسط الفن المستقل او خارجه، و برغم انه الناس التانية اللي معايا في القضية قالوا في محاضر التحقيق انه مليش اي علاقة بإدارة الصفحة، و برغم ان اسمي مش مكتوب علي الاغنية، و ان علاقتي برامي عصام نفسه مقطوعة من سنين، أنا لسه محبوس.حالتي الصحية بتسوء يوم عن يوم و نفسيتي أسوأ و أسوأ، و تقريبا خسرت كل حاجة فنيا و ماديا.. ادعولي .. حاولوا تساعدوني.. ومتنسونيش..
جلال عبد الفتاح البحيري (جلال البحيري) – القميص الكاروة
جوابك فى كم القميص الكاروه
يرفرف اليكى ويرمى السلام
اخاف ع القميص اذا فتشوه
يخاف القميص وينسى الكلام
واخاف من قميص مجرد مايطلع
وينفد بجلده فـ يحلف مايرجع
و يصبح مجرد قميص والسلام
ويمشى مطاطى فى وسط العوام
فـ ينسى البطاقة ويدخل كمين
فـ يغسل كرامته سيادة الأمين
ويعمل فى حقه حاجات مش تمام
فـ يصرخ و يصرخ .. حـ يصرخ لمين
وينده غيتونى ياعالم حرام
فـ تشبع لياقته كفوف مخبرين
ويمكن كمان يفكوا الحزام
ويرجع قميصى المبجل سجين
ومتهوم بأنه عدو النظام
فـ هكتب جوابك
يا يوصل لبابك
يا اما عليه العوض فى القميص
وحق القميص
.....
حبيبتى يا شابة
ياوردة محبة
بيكتب اليكى نزيل الليمان
بحيث العساكر
وراهم عساكر
وخلف العساكر عساكر كمان
بسلم عليكى
وبحضن عنيكى
يافايتة الاغانى فى نقش الحيطان
ياقافلة الموانى
وقافلة البيبان
فـ حابسة اللى منك
و سادة الودان
يا كاتمة الحقيقة
وناكرة الادان
فـ كل اللى فاضل
مخالب غيلان
تدوس الامانى
وتحرق غيطان
وكل اللى باقى
آنين السواقى
وتعلب حرامى
ومالهوش سنان
فـ كل اللى لازم
شوية ايمان
ليرجع نهارك
يعيدلك خضارك
ويحرق بنارك عشوش الجبان
سلامتك يا لوزة
يا اخر عجوزة
واول صبية
فى عين الزمان
ختاما بحبك
سجينا بحبك
و حرا بحبك
ومهما ان تعاندى
هحبك كمان
رسالة حبيبك
سجين الليمان
حيث العساكر وراهم عساكر
وغير العساكر
عساكر حيطان"
جلال البحيرى 6/27 طرة
حسن البنا مبارك (حسن البنا) – الصديق آدم
الصديق آدم...
رسالتك كانت رائعة، بكيت كتير وأنا بقرأها مرة وإتنين من شدة إحساسي بصدقها وبساطتها، وكانت للمرة الأولى حد يكتبلي عن تخيله لتفاصيل يومياتي هنا، اللي تبان إنها تافهة، لكنها ساعات بتخليني أكون عاوز أخبط راسي في الحيط فجأة، زي مرة أول ما دخل الصيف، كنت واقف بشرب سيجارة على باب الزنزانة ومطلع دراعي برة، فخبطت فيه نسمة هوا زي اللي كنت ببقى متعود عليها قبل الفجر لما أسهر على قهوة في الشارع، ساعتها كنت هتجنن إزاي مش مسمحولي أقوم أتمشى في الشارع أو أقعد على قهوة، ساعتها كتبت وأنا مش عارف بكتب لمين : " لأن المناسابات الرسمية والشخصية ونسمة الفجر تجدد شعوري بأني سجين، كأنه للتو قد عصبت وقيدت يداي ورميت في الظلمة، أو كأنها المرة الأولى التي يغلق علي فيها باب لم يصمم لكي يفتح من الداخل"
وبردو قبل رمضان كتبت في رسالة ما بعتهاش لحد :" لأن لي مقعدا إلى جواركم لم أتنازل عنه، لأن لي مكان بينكم لم أفارقه بإرادتي، لأنه حين سينادي المنادي أن أذهبوا الظمأ، لن يذهب ظمأي إليكم...
لأنه يعز علي أن أطعم بالذل وأشرب بالذل، لأنه وإن كان سجاني لا يعرفني ولن يقدرني قدري فأنتم تعرفون، لأن رفاقي هنا وإن تلطفوا وأحسنوا فلن يستبدلوكم، فإنهم ولو كانوا خيار الناس، فإنهم ليسوا خياري...
لأنني لا أعرف بعد كيف سيكون طعم الشهر بدونكم، إلا أنني بالفعل قد اختبرت عموم الحياة في البعد والتغيب..
لأن كل خياراتي كانت فاشلة، إلا أنتم، لأن رمضان من دونكم شهرا من الأشهر وأياما من الأيام،,.'
لأنني وإن لم أقاوم السجان ولم أر في منازلته إلا مزيدا من الألم والهزيمة، إلا أنني لم أستسلم إلى الاعتياد بعد.
لأن المواساة والتضامن وإن كانت تزعجني أحيانا لما فيها من استعطاف إلا أنها من جانب آخر شخصي بحت، تقول لي حتى وإن عدمت الإنجاز الذي يدلل علي ويضيف إلى اسمي تعريف؛ فهؤلاء تعريفي وإنجازي، وسنيني التي قد قضيتها في الثرثرة حول كل شيء وأي شيء"
حسن
١٣/٦/٢٠١٨
محمود محمد عبد العزيز عوض (ياسين محمد) – يحق لنا التنفس
يحق لنا التنفس
بالكاد نشعر بأننا أحياء ولا نزال مهتمين لا نستطيع الأعتراف بالموت في هذه المقابر نحن نتنفس إرهاق نتنفس سنوات تمر بدون الشعور بها الآن وقد أتمتت عامي الثالث بجميع مراحل السجون المختلفة التي تعفن جسدي بداخلها وبداخل أسوارها العالية وسجانها الغلاظ .
أستطيع احتلال تلك الاسوار بالطبيعة الموازية لها أن أزرع زهور تتخلل بين أصابع الحديد وأن انشر بهجة لا يستطيع الشعور بها سوي كل من زاق تلك الطعم المر من الفراق بحكم النفس علي النفس .
أستطيع أن أرسم تلك الزهور وهي تقاوم ذلك السواد القاتل وهي تنتشر بألوانها البراقة حتي تداعبها أشعه الشمس وتراقصها وتراقصنا علي أنغام ليست بمسموعة أستطيع أن ارسم دورة المياه التي تحمل بداخلها بكاء الآلاف من المحرومين .
التي تحمل عبئ لا يقدر عليه سوي من قرر اللجوء الي أصعب الحلول لمقاومة إحتلال الظالم لأحلام الانسانية تلك القذارة التي تستطيع فيها الأختلاء بنفسك والإبتعاد عن وجوه البائسين تستطيع الصراخ وحدك بلا صوت تبكي بلا صوت حتي لا تزعج من هم يعيشون معك نفس الآلام .
أستطيع أن أرسم تلك الزهور بداخلها.
بداخل الشئ الذي نخرج فيه أوجاعنا القذرة .
أستطيع أن أرسم أبتسامات علي وجوه الحالمين بعالم حقيقي يتنفسون فيه بحرية .
ففي السجن صنعت أورجيحة بعدد سنوات الالم وانارت ظلمة قواعد الميري .
شعرت ولو لقليل بروح الطفولة النادرة في عالم صراعات الكبار علي الوجود.
سيد محمد احمد المنسي – حسام عربي – احمد حمدي – اسلام محمود – من معتقلي دار السلام
من معتقلي دار السلام..
يوم ٢٥ يناير ٢٠١٧ كنّا قاعدين على كافيه جنب محطة مترو دار السلام، فجأة دخل علينا مجموعة لابسين زي مدني فتشونا وقبضوا علينا، وعرفنا بعدها إنهم أمن دولة ومعاونين مباحث قسم دار السلام (مصطفي يونس ومحمد عبدالحليم)، يومها تم تعذيبنا في قسم شرطه دار السلام عشان نعترف بجرائم لم نرتكبها.
في صباح يوم ٢٦ يناير فوجئنا بقرار العرض أمام نيابه دار السلام والتحقيق معنا في قضية انضمام لجماعة محظورة وحيازة منشورات وقيادة مظاهرة !
بعد ٤ أيام تم إخلاء سبيلنا لعدم مصداقية القضية، وتم الاستئناف علي القرار من قِبل النيابة العامة، وتم تجديد حبسنا ١٥ يوم، فضلوا يجددولنا لحد ٤٥ يوم، وبعدها تم إخلاء سبيلنا بكفالة في أول جلسة مشورة.
وتم الاستئناف برضه من قِبل النيابة، وفضلنا رهن الحبس الاحتياطي في سجن طرة تحقيق
لحد ما فوجئنا بإحالة قضيتنا لمحكمة جنح أمن دولة طورائ.
بعدها صدر قرار إخلاء سبيلنا في أول جلسة محاكمة عشان في خطأ وراد في إحالة القضية، وفي اسم حد من الشباب مش جاي في الإحالة مع إنه محبوس بقاله ١١ شهر معانا.
قرار إخلاء سبيلنا إحنا الأربعه بتاريخ ١٤ ديسمبر ٢٠١٧، ومنذ صدور قرار إخلاء سبيلنا لم يتم تنفيذ قرار المحكمة حتى الآن.
تم تقديم أكتر من تليغراف وبلاغات للنائب العام والمحامي العام ولنيابة دار السلام وللنيابة الكلية يفيد بأن لم يتم تنفيذ قرار المحكمة حتى الآن، ولم نتلقى أي رد، وطلبنا من النيابة تنزل تفتش وتشوف إن إحنا محتجزين دون وجه حق، لكن برضه دون استجابة.
في القضية قال معاون مباحث قسم دار السلام إنه قام بإلقاء القبض على ٤ أشخاص لتظاهرهم أمام القسم !
طب هو في حد بيقدر يعمل مظاهرة قدام قسم شرطة في مصر !
وقال إن المظاهرة كانت بالآلاف، وهو ممسكش منهم غير ٤ بس !
طيب كل الجرايد الحكوميه يومها نزلت تصريح من وزير الداخلية بيقول فيه إن محصلش أي تظاهرات في القاهرة يوم ٢٥ يناير ! يعني وزير الداخلية قال كده ومعاون مباحث دار السلام بيقول إن هو قبض علينا في مظاهرة !
طيب إحنا عشان كده طلبنا تفريغ كاميرات القسم، والنيابة مش بتستجيب برضه.
لما تم إحالة القضية إتشال من علينا تهمة الإنضمام لجماعة محظورة، والتهم بقت تظاهر ونشر أخبار كاذبة، بس إحنا عندنا جلسة يوم ١ فبراير ودي جلسة نطق بالحكم، والمفروض إن إحنا نحضر الجلسة دي من الشارع، وإلا هناخد حكم غيابي، وإحنا أصلًا مخرجناش عشان نحضر الجلسة، وقدام القاضي إحنا خرجنا !
والأحكام في المحاكم الاستثنائيه دي زي أمن دولة طوارئ اللي بنتحاكم قدامها، بيبقى حكم نهائي مفيهوش استئناف أو نقض.
احمد سعد دومه سعد (احمد دومه) – لست نادماً على الثورة.. وسامحت من عذبوني وسجنوني
مرت الذكرى السابعة لثورة 25 يناير، أمس، ثقيلة على شبابها، بعد أن جرت فى النهر مياه كثيرة، أصابت أغلبهم بالإحباط، بينما لا يزال عدد من أبرز الناشطين الذين كانوا ملء السمع والبصر فى أيام «الأحلام الكبيرة»، قابعين فى السجون، تضيع أعمارهم وسط تفاصيل قانونية معقدة، وقضايا متعددة، دون أن تصل إليهم وعود «العفو» المتكررة، أو تتغير موازين القوى بشكل يسمح بحل أزمتهم، أو تعامل أقل قسوة مع أسماء تم اختزالها إلى «أيقونات سياسية»، دون اعتبار أن أصحابها بشر، لهم أسر وأحباء وأحلام صغيرة، وحياة كاملة ما زالت مؤجلة فى انتظار الفرج.
واحد من هؤلاء هو أحمد دومة، الشاعر النحيل الذى استجاب لـ«غواية الحرية» منذ عهد مبارك، وحتى العهد الحالى، مروراً بفترتى حكم المجلس العسكرى، وجماعة الإخوان، حيث كان فى صدارة المتصدين لها خلال 30 يونيو.
اليوم، تحاوره «المصرى اليوم»، من داخل محبسه، عبر وسيط، لنعرف ماذا يدور فى عقله وقلبه بعد سنوات قضاها فى «زنزانة انفرادية»، لنسأله كيف يرى ثورة أبناء جيله بعد 7 سنوات، وكيف يقيم انتصاراتها وهزائمها، وماذا يتمنى لنفسه ووطنه.. فإلى نص الحوار:
■ ماذا يمثل لك يوم 25 يناير بعد هذه السنوات؟
- هذا يوم احتفال رغم كل شىء. أشعر فيه بالفخر والفرحة رغم الأسى على الهزيمة الذى أناهضه باستدعاء النجاحات التى تحققت، والبطولات التى سطرها البنات والشباب، وقبل ذلك كله باستدعاء صور الشهداء والمصابين وحكايتهم الملهمة. لو أنى لم أفعل فى حياتى غير الوجود ضمن هؤلاء لكفانى.
■ لكنك فى السجن الآن؟
- لا شىء مجانيًا فى هذا العالم، فانتمائى لهذه الثورة من الأساس هو السبب الحقيقى الوحيد لبقائى فى السجن، بالإضافة لرؤية السلطة طبيعة ومدى تأثير نشاطى.
كنا نعرف منذ اليوم الأول أن «أنصاف الثورات مقابر الثوار»، ولم نستطع استكمال المسير- بغض النظر عن الأسباب- فمات من مات وسُجن من سُجن، هذا حرفياً ما حدث فى كل تجربة مشابهة: «الثورة التى لا تصل للسلطة مصيرها السجن والمقصلة».. وقد كان.
■ كيف تصف تجربتك فى السجن؟
- تجربة السجن تطلعنى على جوانب لم أكن ألتفت إليها، جوانب قادرة على نسف تصورات ومفاهيم كاملة، لهذا أعيد التعرف على الأشياء لأتخلص من أوهام وهواجس كبرت معى، ولأعالج كذلك نقصاً فادحاً فى الإدراك والمعرفة، فالسجن على رأى «درويش» أعظم معلم لدرس الحرية.. وأنا لم أزل أتلقى الدرس.
■ وما ظروف سجنك؟
- أن تكون بزنزانة انفرادية لأربع سنوات، وقد بدأت السنة الخامسة انفرادياً منذ شهرين، فهذه تجربة مفعمة بالثراء ومفعمة كذلك بالقسوة، لا يمكن أن تخرج منها إنساناً عادياً، إما أن تهديك شيئاً من الحكمة، أو تنبت لروحك جناحين من الجنون.
■ بمناسبة «القسوة».. هناك حديث عن «طفرة» فى تحسين أوضاع نزلاء السجون؟
- من دلائل الطفرة التى يتحدثون عنها أننى غير قادر الآن على الحديث بشكل دقيق ومحدد عن الأوضاع هنا رغم سوئها، لكن هناك تضييقات جديدة يجب أن تُذكر حتى لو منقوصة التفاصيل، يصر أحد المسؤولين عن السجن هنا على التعنت ضدى بشكل شخصى، وفرض وضعا جديدا لم يكن موجوداً طوال السنوات الأربع الماضية، بدأ تعنته بمنع بعض الكتب والصور وتقليل ساعات التريض المخصصة لى، وتعطيل دخول زيارتى أكثر من مرة، وصل أحدها حد انتظار أسرتى 6 ساعات أمام السجن، ليسمح لهم بالدخول، ثم تطور الأمر لمنع الزيارة أكثر من مرة بأكثر من حجة، والسماح بها بعدها بيوم أو اثنين مباشرة، وكأن شيئاً لم يكن، فى ممارسة تبدو متعمدة بقصد الإهانة والإذلال، شكلت عبئاً معنوياً وإرهاقاً كبيراً على أسرتى.
وأخيرا وبشكل صادم غير عابئ بأى لوائح أو قوانين، امتنع هذا المسؤول عن تنفيذ أمر قضائى صادر من المستشار محمد شيرين فهمى بتسليمى نسخة من حيثيات حكم محكمة النقض الصادر بقبول طعنى فى قضية أحداث مجلس الوزراء دون إبداء أسباب.
■ المواقف الرسمية تعتبر سجنك لا علاقة له بمواقفك السياسية، وأنه شأن قانونى يخص الاتهامات الموجهة لك وبعضها فى وقائع شهدت أحداث عنف، ما تعليقك؟
- نحن هنا لأننا رفضنا الإذعان والتحول لمسوخ، لا علاقة للأمر بالإرهاب والعنف أو القانون وأحكام القضاء، هذا كله كلام للاستهلاك الإعلامى، ولا قيمة لأى حقائق طالما ظل الأمر موكولاً للذين يعتبروننا «أعداء وجود»، الرغبة فى الثأر تعمى الكثيرين من أصحاب القرار، وهذا أمر طبيعى فالثورة قامت ضد مصالحهم وممارساتهم بالأساس، والمؤسف أن المجال لم يزل رحباً أمامهم للانتقام.. لكن ما يطمئننى أن أجسامنا الضعيفة هى ميدان انتصارهم الوحيد، وأقصى ما يمكنهم الوصول إليه.
■ كيف تقضى وقتك داخل السجن؟
- أقضى أغلب الوقت فى القراءة قدر ما يسمح الرقيب من كتب، أسبح كثيراً فى بحور البرنامج الموسيقى، وأكتب نادراً فرغم شعورى الدائم بالاحتقان، لكن الكتابة لا تسعفنى إلا نادراً، وآكل بنهم، بينما أقاوم «الكِرش» كيلا يظهر، وتزعجنى علاقتى المتوترة بالنوم الذى أستجديه بعد كل فجر، ويطرده تلمسى صور زوجتى وأهلى كل ليلة على أمل لقاء قريب.
■ ما الذى تخاف منه؟
- يرعبنى الفقد. أعجز تماماً فى مواجهته، فقدت كثيرين خلال سنوات السجن، ولم يمنح لى القدر فرصة لتوديعهم، ولا براحاً حقيقياً للحزن عليهم، عم أحمد فؤاد نجم.. ماما فتحية العسال.. الخال الأبنودى.. عم سيد حجاب.. وآخر الراحلين الجميلة الشقية شمس الإتربى، لم يتوقفوا يوماً عن دعمى، ولم أستطع حتى أخذ العزاء فيهم.. أدخر الحزن والبكاء كما أدخر أشياء كثيرة رهن الاعتقال هنا، وأخشى أن ادخار الحزن يزيد المرء هشاشة وضعفاً، وأتوق ليوم تحتضن فيه زوجتى «بكائية عمرى» وأشفق عليها جداً من هذا اليوم.
■ كيف تستقبل أنباء العمليات الإرهابية داخل محبسك؟
- هذه العمليات تخلف ساعات من الحزن الخالص، الصدمة تطغى على ما عداها، الجنازة ممتدة من الكنيسة البطرسية إلى مسجد الروضة، ولا أملك فيها إلا الصلاة لكل الوطن والدعاء بالسلامة والخلاص.
وأخطر ما فى الإرهاب بعد إزهاق الروح وإشاعة الخوف أنه أكبر مبرر للحكم المطلق، وجوده ضرورى لخلق مستبدين على الجانب الآخر، حيث يقال «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».
■ ألا ترى أن الوقت حان ليراجع «أبناء يناير» تصوراتهم؟
- أظننا أمام منحدر خطير ينذر بتحول «جيل يناير» لـ«ندابين» يحترفون اللطم، باعتباره نضالاً، ويقضون عمرهم الباقى فى محاولات مستمرة للبرهنة على أن «الكل باطل» بما فى ذلك ثورتهم ووطنهم ووجودهم.. يستعذبون الهزيمة مكررين بذلك شعار «ثارات الحسين» التى رفعها آخرون فى لطمياتهم، مكتفين بثارات الحسين عن منهج الحسين ووعى الحسين وطريق الحسين.
لا أنكر الحزن على الخسارة، فالحزن يعتصرنى ضمن من يعتصر، كل ما هناك أننى ربما أنكر احتراف الحزن، واعتباره مهمة مقدسة والاكتفاء به عن قيم الثورة وأهدافها، وأستعير هنا من الأستاذ على شريعتى: «البكاء الذى لا يرافقه وعى والتزام لا يفيد إلا فى غسل العيون من غبار الشوارع».
■ هل تعتقد أن تجاوز الحزن والغضب مهمة سهلة؟
- منذ عامين تقريباً أخبرت زوجتى «نورهان» ونحن فى غمرة علاج أوجاع خلفتها اعتداءات سابقة أننى قررت «المسامحة» تماماً، مسامحة الكل بغير استثناء، من اشترك فى تعذيبى، ومن حرض ولفق واعتدى وسجن، لأن الكراهية لا تعيب إلا حاملها، حتى لو امتلك مبرراتها، تثقل روحه وتشوهها حتى تحيله مسخاً يتعطش للانتقام، ويفرح فى المصاب.
وقد قررت علاج نفسى من الكراهية لسببين، الأول «ذاتى جداً»، إذ لا يليق بى بعد ما كان أن أكره، هذا منزلق يجب الترفع عنه احتراماً للنفس، وحفاظاً عليها، والثانى «موضوعى غالباً»، إذ إن الثورة التى أدعى الانتماء إليها، وأحملها فى قلبى لا تنبع أصلاً إلا عن حب طاغٍ: حب للوطن يحرك الدفاع عنه، وحب لأهله يدفع للنضال معهم، وحب للحرية يمنع التفريط فيها، وحب للنفس يمنع القبول بـإهانتها.
فكيف إذاً يمكن للثائر «المحب» أن يسمح لنفسه بالوقوع فى فخ الكراهية المقيت؟ ألم نرتكب حماقة بالغة حين انجررنا لشتم «العيشة واللى عايشينها»، وانشغلنا بذلك عن حقيقة المسار وحقيقة المعسكر؟!
ألم ندع مراراً أن الناس- الجماهير هم موضوع ثورتنا وأصحاب المصلحة فيها؟ كيف إذاً نكرههم ولو آذونا، أو اعتدوا علينا أو وقفوا منا موقف خصومة جهلاً أو مصلحة أو حتى إيماناً بغير ما نعتقد أنه الصواب؟!
ألا يجب الاعتراف الآن أننا نحن لا غيرنا الأكثر تقصيراً، والأسرع ضجراً ومللاً من المهمة، وأننا نحن لا غيرنا من يجب عليه مراجعة النفس، وإعادة ترتيب الأوراق بعد استيعاب الموقع والطريق والهدف، وقبل ذلك كله بعد معرفة واستيعاب «الثمن» الذى يتوجب علينا دفعه حتى آخر لحظة فى حياتنا.
اليوم، أطفئ شمعتين، احتفالاً بانقضاء عام ثان ٍدون كراهية لأحد، وفى الوقت ذاته دون تفريط فى شىء مما أعتقد فى صحته، رغم استمرار مبررات الكراهية ودوافع الخصومة.
■ ألا تشعر بالندم تجاه المسار الذى أوصلك إلى هذه النقطة؟
- لست أسِفاً على ما انقضى من العمر فى زنزانتى الرحبة، فقد كان سينقضى على أى حال، فهذا قدر الله وحق الثورة، وغير مثقل كذلك بما هو آتٍ، فالذى دبر غيره سيدبره، والذى كفانا ما فات منه سيكفينا ما بقى.
وأنا راضٍ تماماً، وفخور تماماً، وممتلئ طمأنينة وسلاماً، غير مستند على شىء قدر استنادى على محبة وصلوات آلاف لا أعرفهم، ولا يجمعنى بهم سوى وحدة الحلم والأمل، وغير، وأثق بشىء قدر ثقتى باستحقاقنا للحرية والكرامة، وفى أن الصبح أقرب مما نظن.. لكننا فقط نحتاج لـ«كشف نظر».
■ هل دفعك الوضع الحالى لإعادة التفكير فى مفهوم «الوطن»؟
- «الوطن» أكثر المعانى تعقيداً وإرباكاً عندى. صحيح أن «الوطن ليس فندقاً نتركه عندما تسوء الخدمة»، لكنه لا يمكن أن يكون كذلك مجرد «مقبرة جماعية لأحلامنا وحريتنا»، أما ما هو تحديداً؟ كيف نصوغه؟ فهذه أشياء لم أصل إليها بعد.
■ كيف تتعامل مع الوعود المتكررة بالإفراج عنك؟
- هناك جهود جادة للإفراج عنى، لكن دائماً هناك من يعطلها، يكفى أن أقول إنه تم تعطيل قرار الإفراج عنى بعد قبول محكمة النقض الطعن على حكم «المؤبد» فى قضية أحداث مجلس الوزراء، لأكثر من شهرين ونصف بالمخالفة للقانون، حتى تم تقنين حبسى مرة أخرى على ذمة القضية، وهو ذاته السيناريو الذى حدث معى بفترة حكم الإخوان المسلمين.
أما الرسائل التى تصلنى فمتناقضة، بعضها إيجابى جداً ومطمئن، وبعضها عدائى تماماً، وفى النهاية الواقع حتى الآن لا يبشر بخروجى، ولا نملك إلا الانتظار- على ثقله- والأمل- على خداعه- واليقين بأن الله لن يخذلنا.
■ ما الذى تتمناه فى الذكرى السابعة لثورة 25 يناير؟
- أتمنى لرفاقى ولى الحرية.. وللوطن النجاة.. ولزوجتى وأهلى العون والتعزية، وأخيراً: للقدس وكل فلسطين، السلام والرجاء والشوق بلا انقطاع، والثقة فى أنهم المنصورون اليوم أو غداً.