رسائل جدران العزلة

Filters
عام تحرير أو نشر الرسالة
تصنيف مكان االحتجاز المرسل من خلاله الرسالة
اللغة
الفئة العمرية
النوع االجتماعي

نائل حسن – إتسرقت من السجينات والسجناء

نائل حسن – إتسرقت من السجينات والسجناء

يوم الأربع لقيت قوة كبيرة هجمت على الحجز وسألوا عليا قاعد فين ..وقالوا إن فيه تمام وتفتيش وخرجوا كل السجينات والسجناء بره ... فشخوا الحجز وكل حاجاتى ضاعت أو بمعنى أصح إتسرقت
من السجينات والسجناء ( سجاير - هدوم - منظفات - أكل ) كل حاجه ، وعرفت إنهم ( الداخلية ) بتقول انهم عملوا كده علشان أنا صورت الحجز مع أنى معييش تليفون أساسآ ..
طبعآ تليفونات كتير إتاخدت وطبعآ السجينات والسجناء اللى كانوا بيحبونى ويقولولى أستاذ نائل .. أصبحوا خصوم وحالفين يعورونى .
عملت مشكله علشان حاجاتى وهددت بالإضراب عن الطعام لو حاجاتى مجاتش .
المهم إنهم نقلونى حجز تانى علشان الجنائيين عاوزين يعورونى علشان أنا السبب فى اللى حصلهم .
-- أخيرآ .. أنا مش خايف يحصلى حاجة ولا فارق معايا
لكن أنا بحمل رئيس الجمهورية ووزير الداخلية ومدير أمن إسكندرية مسؤلية أى حاجه تحصلى ..
__ لو حصلى حاجة إعرفوا إنها الداخلية والدولة هى اللى أوعذت وخططت لإيذائى ..
أنا كويس وجلستى 3/5 لو محصليش
حاجه . من السجينات والسجناء ( سجاير - هدوم - منظفات - أكل ) كل حاجه ، وعرفت إنهم ( الداخلية ) بتقول انهم عملوا كده علشان أنا صورت الحجز مع أنى معييش تليفون أساسآ .. طبعآ تليفونات كتير إتاخدت وطبعآ السجينات والسجناء اللى كانوا بيحبونى ويقولولى أستاذ نائل .. أصبحوا خصوم وحالفين يعورونى .عملت مشكله علشان حاجاتى وهددت بالإضراب عن الطعام لو حاجاتى مجاتش .المهم إنهم نقلونى حجز تانى علشان الجنائيين عاوزين يعورونى علشان أنا السبب فى اللى حصلهم .-- أخيرآ .. أنا مش خايف يحصلى حاجة ولا فارق معايا لكن أنا بحمل رئيس الجمهورية ووزير الداخلية ومدير أمن إسكندرية مسؤلية أى حاجه تحصلى ..__ لو حصلى حاجة إعرفوا إنها الداخلية والدولة هى اللى أوعذت وخططت لإيذائى ..أنا كويس وجلستى 3/5 لو محصليش حاجة.

مؤمن عليوه – يا أمي

مؤمن عليوه – يا أمي

يا أمي، عتمان السجن لا تُوهن بعزمي وسُنة الله المحن، مطالبًا إياها بالصبر.
أمي الحبيبة عامله إيه؟ وإيه أخبارك.. أنا الحمد لله بخير وكله تمام، ولا ينقصني أنا وإخواني من متاع الدنيا شيء.
الدنيا مهما طالت فهي قصيرة، ومهما عظمت فهي حقيرة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
على العهد باقون.

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – حَدِّق أمامى فى صمت

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – حَدِّق أمامى فى صمت

أُحَدِّق أمامى فى صمت، و فى عقلى كلمة واحدة مرتسمة : "العبث".
أمضى وقتى كله فى السجن أذاكر. أذاكر ليلاً و نهاراً. أذاكر خمساً و عشرين ساعة فى اليوم. أذاكر فى أصعب قسم بأصعب كلية هندسة فى مصر، و معى قرار من إدارة الكلية بمنحى درجات أعمال السنة كاملة بنفس نسبة الدرجة التى أحرزها فى الامتحان الذى يأتينى السجن، أحضر المراجع فى جميع المواد حتى أفهمها كما يفهمها أفضل طالب فى الكلية، أستعين بطلاب الهندسة أو أساتذتها من المسجونين فيما أتعثر فيه، أحل فى الامتحان بأفضل مستوىً ممكن. أتحدى أى أحد أن يميز ورقتى عن ورقة أفضل طالب فى الدفعة، ثم تأتينى رسالة من أمى بأن النتيجة ظهرت و أن المادتين اللتين كنت متأكداً فيهما من الامتياز يقيناً مكتوب أمامهما "غائب"، و أن باقى المواد التى كنت حزيناً لاحتمالية أن أحصل فيها على "جيد جداً"، قد حصلت فيها جميعها على "مقبول".
العبث. أفكر فى كل الوقت الذى ضاع عبثاً. أفكر فى سذاجتى و حسن ظنى أنهم سيسمحون لطالبٍ سجينٍ أن يحصل على تقديرٍ عالٍ ليُعيَّروا به.
أفكر فى كل الأشياء التى أردت أن أفعلها و لم أفعلها. فى كل الكتب التى أردت أن أقرأها. كل المواضيع التى أردت أن أكتبها. كل الأشخاص الذين وددت أن أتعرف إليهم أكثر. القرآن الذى أردت أن أحفظه. و أوقفتُ كل ذلك لأذاكر. و المحصِّلة صفر. و لا أدرى ماذا أفعل.
أأكمل و أخاطر أن أرسب و أعيد العام لأنى "غائب"، أو بمعجزة لو جعلونى أنجح بتقدير "مقبول"، فأفسد تقديرى العام و أقتل معه حلمى بالتعيين كمعيد فى الكلية و الحصول على منحة لإكمال دراساتى العليا بالخارج؟ أم أُأَجِّل و أُضَيِّع عاماً آخر من عمرى غير الذى ضاع فى الجامعة الألمانية بعد أن فُصِلت، عالماً من الآن أنى سأندم أشدّ الندم على الأعوام التى تضيع داهسةً على أحلامى معها؟
ما هذا البؤس الذى يضعنى فى مفترق طرق أختار فيه بين طريقين بناءً على أيهما ندمُهُ سيعذبنى بدرجة أقل؟
أضحك على طموحاتى التى انحدرت. عن اكتئابى عندما أكون ثانى الدفعة بدلاً من الأول سابقاً، و عن حسابى الآن لاحتمالات الرسوب الذى لم و لن يكون ليجول بخاطرى أصلاً فى غير هذه الظروف الحقيرة، و التى لم أتخذها لحظة حجةً لعدم قدرتى على المذاكرة، بل أصررت أن أكون لا كأى طالب يحضر محاضراته كاملة، بل كأفضل طالب يحضر محاضراته كاملة.
و المحصلة صفر. فقط ل"كونى" فى السجن، لا لأدائى كسجين.
ايه الخرا ده ...

محمد حسانين مصطفي (محمد حسانين) – الى صديقي و تلميذي و ابني في الانسانية: أسامة

محمد حسانين مصطفي (محمد حسانين) – الى صديقي و تلميذي و ابني في الانسانية: أسامة

الى صديقي و تلميذي و ابني في الانسانية: أسامة
اكتب اليك اليوم و لكني لا اكتب اليك كما تعودت على مدار ثلاث سنوات قضيتهم في السجن ، اكتب اليك اليوم لانه "اليوم العالمي لاطفال بلا مأوى" ، اكتب اليك اليوم لانه اليوم الذي يشاركنا فيه العالم حلمي و حلمك و حلم آيه حجازي و حلم كل انسان يحلم بأن يتحول العالم الى جزيرة خضراء للانسانية المعذبة ؛عالم خال من اطفال بلا مأوى ، وكما كنا نحلم بين جدران جزيرتنا ألا تعود الى الشارع مرة أخرى أنت و زملائك مازلت احلم بغد لا يكون فيه طفل بلا مأوى ،كنا و لا زلنا نحلم أن يأتي كل طفل في العالم بلا مأوى الى جزيرتنا و يعيش كما كنا نعيش في حب و سلام و أمان ،نعيش عالم بلا صراعات، و لكن كان لعدو الانسانية رأي اخر و هو ان نعود جميعا الى الشارع.
أعلم يا اسامة أن حلمنا مازال يراودك و يلح عليك في كل لحظة بأن نعود و نكمل حلمنا معا و أن نساعد في القضاء على هذه الظاهرة في العالم و لكن يا صديقي تعلمت منك "ان قوى الشر لن تقبل بسهولة أن يتركونا نعود الى صفوف الانسانية" و لكني مازلت أؤكد لك ان الانسانية تنتظركم ليس لتكونوا جزءا مشاركا فحسب و لكن لتقودوا و تبدعو و تطوروا تلهبوا البشرية بتجربتكم التي ولدت من رحم المعاناة، سنحصل على هذا الحق مع بعضنا قريبا و لا تظن ابدا أن ما حدث شوف ينهي حلمنا و لكن ما حدث قد زادنا صلابة و اصرارا على تحقيق الحلم رغم قسوة الايام و الاحداث الا اننا تعلمنا الكثير... تعلمنا ما كنا نحتاج اليه لاتمام الحلم فأصبحنا الان اقوى و ايماننا بالقضية اعمق و اصرارنا على تحقيق الحلم اشد و ابقى ... و انا اكتب اليك الان و ارى الغد في اطفال بلا مأوى و أعتقد يا صديقي أن حلمنا قد اقترب على التحقق لان الانسانية الان في اتم استعدادها لحل مشكلتنا و رجوعنا في صفوفهم و لمست ذلك في سجني.
لقد استطعنا في السجن أن نعرف أناسا كثيرين عن قضيتنا و هي أطفال بلا مأوى و لمست تعاطف الكثير معها و اصرارهم على مساعدتنا للحصول على حقوقنا و اصبح لديهم تساؤلات كثيرة عن جزيرتنا و أرى انك الافضل لكي تتحدث عنها.
اعلم انك تتساءل ...لم فعلو كل هذا بحلمنا؟! و من فعل هذا بنا؟! و لكن اجيبك ليس مهما ان نعرف كيف؟ و لماذا؟ و من؟ ..المهم اننا متمسكون بحلمنا انا و انت و آيه و 20 طفل غيرك هم أولاد بلادي..
لن نتنازل عن حلمنا و سنضحي من اجله و سنظل أوفياء له بدون حقد على اي احد كان سببا في تأخر حلمنا ..فحلمنا يستحق أن نضحي جميعا من أجله ..حلمنا يستحق ان نصبر على كل هذا الظلم ..حلمنا يستحق يا أسامة ..نعم يستحق
و كم كنت اقول لك سيساهم اطفال مصر في حملة لانقاذ أطفال بلا مأوى في أماكن اخرى من العالم و نعم انتم قادرون على ذلك.. نجاحنا في مصر هو انتصار لكل طفل بلا مأوى في العالم كله لان هدفنا لكل طفل يعذب في أي مكان في العالم أن يجد مكانه في صفوف الانسانية.
انهم حاولوا ان يكسرونا لكن (الضربة اللي مبتموتش بتقوي و مادام ممتناش فاحنا دلوقتي اقوى) ..لقد دفع في سبيل حلمنا سنوات وراء القضبان و الثمن غال حقا لكن القضية اغلى و اغلى و حتى لو كان تمنها عمرنا كله... عارف يا أسامة يعني ايه تبقى متجوز 4 سنين تقضي منهم 3 سنين انت في سجن وهي في سجن و انت عارف هي عندي ايه و بعدها عني لحظة بيساوي ايه.. ولكن يا أسامة في نظرة تانية للامر لازم تنظرها ، الطبيعي ان بعد 4 سنين جواز ربنا بيرزقك بطفل و لكن لاي سبب من الاسباب ممكن اي طفل يتحرم من اهله غصب عنه و غصب عنهم و يتحول الطفل ده لطفل بلا مأوى ، قبل 3 سنين كان صعب حد يقف جنبه و يساعده لكن دلوقتي و بعد حياتي معاكم بقيت واثق وعندي يقين ان انتو هتكونوا سنده و مأواه.
انا باقابل آيه في المحكمة و ببص في عنيها بلاقي فيها حلمنا بيكبر كل يوم عن اللي قبله و برغم كل اللي اتعرضت له في بلدها لكن لسه بتحب بلدها مصر و لسه بتحلم بيها.
تخيل يا أسامة ان في حد قرر يهدم كل الحب اللي كان في بلادي، قرر يمنعنا من ابسط حقوقنا ان احنا نلعب و نجري و نتعلم و لكن يا صديقي قريبا سنعود لكل هذا و اكثر.
سألتني ذات مرة يا اسامة في المحكمة (انتو متهمين بايه؟!) ..و الان سأجيبك : كل جريمتي يا اسامة اننا احببناكم و لم نقتنع و لو للحظة انكم مهمشون بل العكس نراكم حقا و صدقا مميزين و اصحاب حق و تستحقون حياة افضل، نراكم ثروة حقيقية من تراب هذا الوطن و من حقنا جميعا ان نرى روة الوطن ملك لابناء هذا الوطن.
في الجلسة القادمة لن يكون الحكم على محمد و آيه و لا شريف و اميرة و لا اشهد و زينب و لا كريم و محمد ،الحكم الجلسة الجاية هيبقى على كل واحد بيحلم لبلده، سيكون الحكم على كل وطني غيور مخلص يحلم لبلاده بمستقبل يليق باطفاله و مستقبلهم، سيكون حكما على كل طفل في شوارع مصر لا يجد من يأويه لكن ابدا لن يكون حكما على حلمك و حلمي.
صديقي... في النهاية لازلت مقتنعا كما اقول لآيه دايما :
(لسه اجمل يوم مجاش و لسه الاماني ممكنة)
و سيظل حلمنا بأن يتحول العالم الى جزيرة للانسانية على رأس الاماني.
حلمنا – بنحلم – هنحلم

ايمن علي ابراهيم موسي (ايمن علي) – وحدي في الشارع

ايمن علي ابراهيم موسي (ايمن علي) – وحدي في الشارع

وحدي في الشارع.. الظلام يلف كل شيء.. السماء تسيل دموعاً بلا توقف.. أزيز مصباح العمود يتردد.. أرى شبحاً يسير نحوي!
برقٌ يشق السماء فيلمع ما في يده.. برق يضيء و يعميني للحظات.. أغمض عيني بقوة.. افتحهما فيختلف كل شيء! برقٌ يشق السماء فيلمع ما في يده.. برق يضيء و يعميني للحظات.. أغمض عيني بقوة.. افتحهما فيختلف كل شيء!مصباح أمامي تهتز إضاءته.. يقف تحته شبح أزرق الملبس يرتدي "كاحول" -الزي الرسمي لنزلاء السجون- و يرمقني في رعب.. أتحرك نحوه و بيدي سكين عملاق!
برق ورعد..
رعد و برق..
أعود تحت العمود!
توقف المطر...
صمت مزعج يغشى الوجود.. و مازال يقترب مني!
يعلو صوت لتسجيل آت من اللامكان بصوت أمل دنقل، بصوته الهاديء.. البائس.. اليائس:
"يا قيصر العظيم
قد أخطأتُ
إني أعترف!
دعني على مشنقتي ألثم يدك!
ها أنا ذا أقبل الحبل الذي يلف عنقي يلتف؛
فهو يداك..
و هو مجدك الذي يجبرنا أن نعبدك!
دعني أكف عن خطيئتي...
أمنحك بعد ميتتي جمجمتي
تصوغ منها لك كأسا لشرابك القويّ!"
أقترب من هذا الشخص حتى لم يعد بيني و بينه شيء.. يقف و أرى سكينه بوضوح في يدي.. تتراخى أطرافي في ارتياح وطمأنينة.. و ابتسم!
أكمل مع "أمل دنقل"، بصوت هاديء:
"فإن فعلت ما أريد
إن يسألوك مرة عن دميَّ الشهيد
قل لهم: "قد مات.. قد مات غير حاقد عليَّ!
و هذه الكأس التي كانت عظامها جمجمته
وثيقة الغفران لي."
أضاءت اللمبة.. أرى ملامحه أمامي بوضوح.. لا أعرفه..
لا.. بل يعرفني!
يبتسم بسمة جنونية واسعة.. يهز رأسه هزة عنيفة مثل ال jockerr و لكن من غير شعر مستعار ولا ميكياج..
ردد معي بصوت عال يؤكد جنونه:
"يا قاتلي..
إني صفحت عنك!
في اللحظة التي استرحتَ بعدها مني؛
استرحتُ منك!"
ثم بحركة سريعة وجدت السكين يشق صدري و يخترق قلبي.. برق يضيء للحظة.. فتظلم كل الأضواء من حولي بعدها!
أشعر بالسكين يدور كدوامة تسحبني.. نحو الخلاص!
يلف فيدخل الهواء و شيئاً فشيئاً لا أشعر ببرودة السكين..
شيئًا فشيئاً لا أشعر بأي شيء!
ظلام..
وابتسامة!
فتحت عينيَّ.. مازلت مبتسماً على فرشتي في الزنزانة
لم يكن كابوسا.. بل حلم!
حلم أن أرى الشارع، أن أرى القمر!
حلم أن أجد سكيناً يخترق هذا القلب الذي تحجر من الزمن.. حلم أن ينتهي الكابوس الذي أحياه..
حلم أن أموت سريعا بلا ألم!
بدلاً من هذا الألم البطيء بلا موت!
حلم أن أذهب إلى عالم آخر.. عالم به عدل و رحمة!
أظن أني لو خيرت بين الموت و الخروج من السجن.. لأخترت الموت!
اعتدل في جلستي.. تبهت الابتسامة حتى تختفي في عتمة الزنزانة..
أشهق بعمق.. أزفر بقوة..
لا أحد مستيقظ...الزنزانة هادئة.. أدخل يدي في مخبئي مخرجاً مُفكرة صغيرة أهداها لي عبدالرحمن عارف -أقرب الأشخاص إليَّ- منذ شهور قبل خروجه في العفو الماضي..
ابتسم! فأي شيء منه يسعدني..
أنظر إليها متأملاً.. كيف خرجت من سجن إلى سجن دون أن تمزق أو تحرق ككل الورق في كل السجون!
افتحها فتسقط منها أول جواب من عارف بعد خروجه.. أبدأ في القراءة في إضاءة منعدمة.. أرى الأحرف بقلبي قبل أن أراها بعيني:
"سامحوني أحبتي..
الآن أنام على الأسرة الوثيرة.. أصلي في المساجد.. نعم! أقف كما يحلو لي ولا أشم رائحة النوم مكان السجود.. ولا أرى الخارج في الدعاء!
أشرب القهوة الإيطالية المركزة كما أحبها.. بالفعل استمتع برائحتها و طعمها و حتى صوت الماكينة و هي تعمل!
أرى وجه أمي المنتقبة لأول مرة منذ 1286 يوم!
أتلمس صفوف الكتب الممنوعة من الدخول.. أشم رائحة الورق الذي لم تظهر رائحته من شدة الروائح بالداخل!
أتكلم في الهاتف و استخدم كافة أنواع التكنولوجيا كما أحب!
أستخدم السيارات في التنقل.. و بالفعل الجلوس على كراسي منفصلة بدون قيود في المعاصم ممتع! و النظر للأمام أكثر راحة من أن ترى الشوارع بجانبها!
أستمتع بالمراكز التجارية و المطاعم المشهورة.. و الطعام المُعَدُّ بعناية فقط كي أرضى.. لن أتذكر -أو أذكر- الطعام المعد لكم!
نعم أستمتع!
إن جاز إطلاق لفظ الاستمتاع على كل هذا الهراء!
سامحوني..
لن أعيد الكلام المكرر عن أن الداخل أفضل، و أن البلاد اصبحت سجن كبير.. هذا لن أقوله أيضا!
سامحوني..
لكن الحياة هي السجن!
موات الروح هو الحرية بدونكم!
قلبي يكاد ينفجر و ينفرط من الوجع..
انتفض من النوم كلما تذكرت أنكم بالداخل!
روحي لا ترتاح!
ولكن صدقوني -و أخبروا الآخرين!-.. أستمتع جدا!
ألا ترون وجهي و بسمتي؟
ألا يبدو البشر والسرور في عيني؟
ألا يظهر لكم انطلاق روحي و رواحها؟
ألم تشموا عبير الحرية في قلبي؟
ألا تصدقوني؟!
أنا حر!
صدقوني!!"
أطوي الرسالة بغضب..
"لماذا تعتذر؟!" أكلمه.. أعلم أنه غائب و لكني غاضب.. و الغاضب نصف مجنون.. و أنا بدون غضبي نصف مجنون! فعندما أغضب يكتمل جنوني.. فلا مانع من أن أحدث الهواء و أقول: "لماذا تعتذر؟!"
"أتعتذر على حياة طبيعية؟
أوصل بك الحال أن تعتذر على نومة مريحة، وعلى استمتاعك بكوب من قهوتك المفضلة؟ أو أي شيء مما ذكرت؟!
هذه أدنى متطلبات الحياة، فلا تعتذر!
لا تعتذر على بسمتك و سرورك و إنطلاق روحك.. فتلك التي تحيينا هنا!
لم تر وجه شقيقك "علي" عندما سمعنا بخبر خروجك، و لم تره بعد أول زيارة زرتها له.. لم تره و نحن داخلان سوياً إلى العنبر بعد الزيارة..
لأول مرة أرى شيئا يحيا في "علي" مذ تركتنا و ذهبت إلى سجن آخر مجبراً
لا تكن مغفلاً يا عبدالرحمن، ف انقباض روحك و قلق نومك و وجع قلبك هم الذين يقتلوننا.. فلا تقتلنا أحياء!
كفى!
استمتع بكل لحظة يا صديقي..
انتهز كل فرصة و عوض أيامك الضائعة.. أيامك المسروقة منك.. عوض 1286 يوماً!
أركض..
أقفز..
اخرج كل يوم..
أجلس في بيتك و لا تفعل شيئاً..
نم... نم نومة هادئة هانئة!
اقرأ..
افعل ما يسعد روحك!
افعل ما تريد و لا تؤذي أحداً..
سافر.. انسانا لبضعة أيام.. انسانا للأبد إن أردت!
واستمتع بحق!
و اعلم أني أحبك كما أنت.. جميل.. طيب!"
ألمح أحدهم مضجعاً ينظر إليَّ باستغراب و خوف.. معه حق.. فهو يرى أمامه سجين حكم عليه بخمسة عشر عاماً يحدث نفسه بالفصحى بصوت هامس.. هو يرى أمامه مجنوناً!
أنظر إليه بحدة.. فيشيح بوجهه و يكمل نومه.. أمسح دمعة تكاد تفلت و أنهض لأغتسل...
أعود باحثاً عن قطعة المرآة الصغيرة المهربة، لم أر وجهي منذ آخر زيارة..
ف في الطبيعي أنظر إليها قبل الزيارة لأتدرب على الابتسامة التي سألقى بها أهلي.. لا لكي أرى وجهي!
لماذا أبحث عن المرآة الآن و لن أزور اليوم.. ولا غداً.. لن أزور قبل عشرة أيام أخرى.. فلماذا أبحث عن المرآة؟!
وجدتها!
أتوقف عن التساؤلات و أنظر ببطء لوجهي..
أرى شبحي وسط عتمة الزنزانة.. أدقق النظر في دهشة!
هذا هو.. هذا أنا.. قاتلي

احمد الخطيب – قرأت ذات مرة عبارة

احمد الخطيب – قرأت ذات مرة عبارة

قرأت ذات مرة عبارة تقول: انتقامنا الوحيد أن نروي ما حدث. ولسخرية القدر كانت العبارة لمعتقل مثلي، معذب بسجنه، لذلك سأخوض حربي الأخيرة كي أعلن أمام الحياة أنني لم أترك شيئًا إلا وفعلته، حتى وأنا على وشك الموت، كنت أقاتل.

أعرفكم بنفسي، اسمي أحمد الخطيب، فقط اثنين وعشرين عامًا من الحياة رأيت فيها ما يفوق هول أعماركم، لن أصف نفسي بالحسن، لن أطيل الأمر أكثر في الحديث عن أحلامي أو مستقبل انتظرته، سأكفيكم وأكفي نفسي العديد من الخيبات والألم.

سجنت ظلمًا لسبب لا أعلمه، تم إلقائي في حجرة متسخة في سجن يقهرني، حجرة لا تتجاوز العشرة أمتار، أصبحت فجأة مكانًا للنوم ولإعداد المفترض أن يكون طعامًا، وجزءًا آخر لقضاء الحاجة، على مرمى أنظار الجميع. لا مكان هنا للتأفف، لا مكان للشكوى ولا قول تبًا ما هذه القذارة. لا تسأل لماذا؟ ولا تطلب مكانا يتسع قليلًا عن تلك الحجرة، ولن أقول لتخرج من السجن.

جدران الزنزانة الأربعة، في البداية تصبح عدوك الأول وبعد ذلك الصديق، حسبت عليها أيام عمري والذكرى، حفرت فيها أسماء من أحبهم وحفرت وجوههم في قلبي حتى لا أنسى، سجلت عدد الأيام واحدًا واحدًا، كنت أعلم أنني يجب أن أخرج، كنت لا أشك في ذلك، فأنا لم أفعل أي شيء.

تمضي الأيام، وشغلت الأرقام كل الجدران ونفدت المساحة ولم تنتهِ أيام سجني بعد. حريتي! قد نسيتها... أتساءل كيف كانت؟

مرة أخرى ألعن الجدران الأربعة، تواصل التضييق عليّ باستمرار وسحق روحي. أقسم لكم أنني حاربت حتى لا أنهزم، في كل ليلة كنت أجمع حطام روحي وجسدي من أثر القهر والظلم، وأضمد جراحي لأعلن للصباح القادم أنني سأستمر. لأنني يجب أن أخرج.

لم أخرج، أخشى كل شيء يخبرني أنني لن أخرج أيضًا. الزنزانة، وجوه أصدقائي المظلمة فيها، مرضي. آه، مرضي شأن آخر.

تخيل نفسك للحظة واحدة في مكان قذر لا يصلح للحياة، تصبّر نفسك كل يوم بأنك قد تخرج، وإذا بك تضعف، تشعر بالوهن والفتور، لا يستجيب أحد لطلبك بأن يزورك طبيب، وحينما يحدث يخبرونك أنك قد أصبت بالمرض اللعين، سرطان يأكل جسدك جزءًا جزءًا، وكأنه لم يكف أن يسلب السجن روحي.

حسبت أن الأمور ستنتهي عند هذا الحد. سيفتك بي ذلك الداء اللعين وأموت، لكن أصطدم بأنني أصبت بمرض أشد سوءًا وقسوة. كأن الأمر ليس سوى منافسة حول أي الأشياء تقتلك بألم أكثر، بجهد أقل.

من يأس ليأس، من ظلم لظلمة، ولا أدري كيف أخرج من هنا. لم يكن بوسعي تحطيم جدران سجني والفرار، والآن لم يعد بوسعي أن أحطم الألم والحزن من حول نفسي. ربما تكون تلك كلماتي الأخيرة، يخبرني كل شيء حولي أنني سأموت في كل لحظة، وحيدًا منسيًا، لذا قررت أن أحارب جولة أخرى وأكتب.

أخبروا أمي على وجه الخصوص أن السجن وإن أبلى جسدي، فإن وجهها المحفور في قلبي وذاكرتي لن يبلى ولا يفنى. أوصلوا السلام إلى من أحب، فقد سلبوا عيني رفاهية رؤيتهم. وادعوا لأجلي، وأدعو لكم.

ايمن علي ابراهيم موسي (ايمن علي) – العقبية//حفل إستقبال

ايمن علي ابراهيم موسي (ايمن علي) – العقبية//حفل إستقبال

أين الإنسان؟!
فقده منذ دخولي هنا..
أستمع لما حولي باحثاً عنه..أفقده أكثر و أكثر!
أفقده في قصة تحكى إليّ من شاب بلغ الثامنة عشر عاما منذ بضع شهور..فتم ترحيله من مؤسسة العقبية إلى هنا..إلى السجن العمومي كي يكمل 'عقوبته'.
كان طفلاً عندما تم القبض عليه..كان طفلا قبل أن يقتل فيه شيء..قبل أن يقتل الإنسان بداخله!!
"أول كلمة كلمة قرأتها على باب العقبية كانت ((سيب كرامتك هنا))"..قلل لي هذا الشاب، ثم أكمل "ساعتها توقعت أسوأ الإحتمالات إللي ممكن تحصل..عارف؟! ياريت كان حصل إللي توقعته..للأسف حصل أسوأ بكتير قوي!"
كادت روحي أن تصرخ في وجهه..
أستمعت إليه و أنا أتألم..إستمعت إليه حتى إستنفذت طاقتي..تركته و ذهبت إلى مكان نومي في ركن الزنزانة على الأرض..تركته و لكنه لم يتركني! ظل صوته في عقلي و كأني مسست بجان!
أسمع صوته يقول "أول لما دخلت أنت عارف طبعاً الدخلة، ضرب و إهانة..بعد كده وقفوني و قالوا لي إخلع، فقلعت و وقفت بالبكسر..لقيتهم نزلوا عليا ضرب و هما بيقولوا لي إخلع كل حاجة..فقلعت.." ثم نظر بعيداً و أكمل "و قلعت كل حاجة..زي يوم ما إتولدت..و وقفت قدام المخبرين و مساجين من غير حاجة خالص..و إنت عارف إيه اللي بيطلب بعد كده"..
كنت أعلم ماذا يطلب في هذه الحالة..يطلب من المسجون-الإراء كما يطلق على السجينات والسجناء الجدد- أن يتبرز أمام المخبرين كي يطمئنوا أن بطنه خالية من الممنوعات كما يدعون..
أعلم أن هناك مساجين من من يأتون في قضاية جنائية، يدخلون المخدرات في هذه المنطقة داخل فتحة الشرج..لكن ألا يمكن حفظ كرامة الإنسان؟ ألا يمكن إستخدام إشاعة لنفس الغرض؟! ألا يمكن تربية من يفعلون هذه الفعلة بطريقة إنسانية؟! ألا يمكن منحهم الإنسانية بدل من سلبها منهم؟!
"سيب كرامتك هنا" تتردد في أذنيّ..
أعتصر عينيّ بقوة كي تتوقف هذه الأصوات..لكنها تعلوا أكثر و أكثر! أسمعه يكمل.."أول ما دخلت العنبر، لقيت حفلة إستقبال تانية..المرة دي من قيادات العنبر..إللي هما مساجين زيهم زيك بس بقالهم كتير في المؤسسة فأخدوا و ضعهم..نزلوا عليا ضرب و إهانة تاني..بس المرة دي مفيش قلع."
آراه في مخيلتي و هو يضحك ضحكة سخرية..
أتقبل على الفرشة و أنا أحاول طرده من عقلي..لا أستطيع!
يكمل صوته " هناك لك قعدة معينة لازم تقعدها طول الوقت..لازم تقعد كده"..
ثم أراني هذه الجلسة العجيبة، جلس متربعاً و وضع سبابتيه على ركبتيه و نظر إلى السقف أو إلى الحائط ورائه، كان ظهره متقوس بمبالغة..قلت لنفسي و هو يريني هذا الوضع "هما بيعلموهم العته؟ و لا بيعلموهم الإنضبات؟!!" أكمل شرحا " لازم راسك تلمس ظهرك..و لو لمح فرق بينهم يضربك بركبته في ظهرك علشان يلمسوا بعض..المشكلة أنه بيضرب بغل، و بتحسه مستمتع و هو بيعمل كده، كأنه بيقبض مرتب..مع إنه مسجون زيه زيك! و في يوم من الأيام كان مكانك! بس بيقول لنفسه'إظلم علشان ماتتظلمش' أو 'لو ماعملتش كده هايتعمل فيك كده' و مبررات ملهاش لزمة"..
أين الإنسان، أصرخ بداخلي..أين الإنسانية؟!!
"عارف بيصحيك إزاي؟ بيجي يشد من عليك الغطا إللي إنت متغطي بيه، هناك صيف شتا لازم تتغطا، فانت تقوم مفزوع يروح رامي الغطا في وشك."
ظلت مقاطع من ما قال لي تتردد في أذنيّ.."يعني مثلاً الحمام هناك من غير ستارة..القيادة بس هما اللي مسموح لهم يقفلوا الستارة على نفسهم..لكن الباقي ممنوع!"
"في حاجات مش هاقدر أحكيها..أنا بتخنق من السيرة دي أصلاً."
إلى ما يصنعون هؤلاء الأطفال؟! إلى ماذا يتحولون؟! أسئلة كثيرة تدور في ذهني لا إجابة لها!
((السجن إصلاح و تهذيب)) هذا ما تعلمناه..لكن الواقع يقول عكس ذلك..
الواقع يقول أن من يدخل السجن مجرماً يزداد إجراماً..و من يدخله خطء يتحول وحشاً!!
أحاول النوم كي يتوقف عقلي عن التفكير..كالعادة لا أستطيع..أحاول طرد هذه الأشباح لكنها لا تتركني..أحاول العيش معها لكني لا أستطيع!

عبد الرحمن جابر – رسالة من وراء القضبان

عبد الرحمن جابر – رسالة من وراء القضبان

رسالة من وراء القضبان
(إلي زملائي طلبة وطالبات كلية الهندسة جامعو الاسكندرية وأخص بالذكر دفعتي الحالىة دفعة 21وأحب أن أرسل لكم جميعا السلام والتحية العظيمة لمواقفكم الرجولية تجاهي واتجاه كل شخص مثلي.
في البداية أحب أعرفكم أنه تم الحكم عليا بالسجن المشدد 3سنوات وزيهم كمان 3سنين "مراقبة"يعني المفروض بعد ما أطلع من السجن أراقب في أقسام الشرطة مع تجار المخدرات والبلطجية والمسجلين خطر وبالتالي لن أتمكن من ذهابي للكلية أوالمذاكرة بانتظام أو استكمال دراستي من الأساس وكل ده بسبب أخطاء لاذنب لي فيها وبسبب حكم قضائى ظلمنى وظلم من معي. وعلفكرة كل ده ظلم وقع عليا خلاص يعني عارف هيخلص امتا، المشكلة بقي في الظلم اللي لحد دلوقتي واقع عليا من إدارة الكلية في إنها لحد دلوقتي مش عايزة تنجحني أو حتا علي الأقل إنها تمكني من أداء الأمتحانات العملية اللي متوقف عليهافقط.
في منتصف الحديث عايز أسأل حضاراتكم سؤال ؟! عارفين الحوار الشهير اللي دار بين أحد الطلبة المصريين وبين زميله الطالب الأجنبي عندما سأله الطالب الأجنبي وقال له ماهي أحلامك المستقبلية؟! فأجابه زميله المصري بأنها تتلخص في وظيفةجيدة تتناسب مع مؤهله وشقة ليتمكن فيها من الزواج وأخيرا سيارة يذهب بها إلي عمله وقضاء مصالحه، رد عليه زميله الأجنبي مندهشا أنا لا أسألك عن حقوقك ولكن أسألك عن أحلامك !! أنابقي نفسي في حقوقي فقط، كان نفسي أكون معاكم دلوقتي بستعد للأمتحانات الmid-term ومنتظم في الكلية وبتفسح مع صحابي وبنام مع أبويا وأمي وإخواتي في البيت وحاجات تانية كتير أوووووي .... في النهاية أحب أقولكم إن مش أنا لوحدي بعيش في الظروف دي فيه طلبة غيرى كتير في نفس ظروفي!! وأحب إني أوجه شكري للمرة التانية علي تأجيل مادة الرياضيات في امتحانات الترم الأول لنصف الجدول وأعرفكم إني مكنتش هلحقها أو أعرف أمتحنها لو كانت أول مادة في الجدول..... شكرا ليكم وأسف لو طولت عليكم حبتين وأتمني منكم إنكم تدعولنا...)
أخوكم/عبدالرحمن جابر
طالب بالفرقة الأعداديةللسنة الثالثة
#اوعوا_تنسونا
#دفعة_21_

اسامه البشبيشي – شاء من شاء وأبى من أبى

اسامه البشبيشي – شاء من شاء وأبى من أبى

شاء من شاء وأبى من أبى ستنكسر القيود وتنهار القضبان أمام عزيمة الصحفيين ، وتخور قوى أذناب العصا والبيادة أمام الجيل الجديد من شباب الصحفيين المغاوير الذي تربى على ثورة 25 يناير الذي يعتقد اعتقادا جازما انه “لا معنى لحياة ليست محفوفة بالخطر والشدة” ويندفع بقوة نحو الميادين ومواقع الاحداث يرصد ويوثق وينقل الحقيقة مجردة الا من عقيدة الانتصار للضعيف دون ادنى رهبة او هيبه من بطش عبيد التجهيل والتدليس.
#عاشت_عزيمة_الصحفيين
#الحرية_لسبيع_والقباني
#الحرية_للعدسة_والقلم
#الحرية_لاسامة_البشبيشي
#الصحافة_ليست_جريمة

احمد امين الغزالي (احمد الغزالي) – أنا أحمد أمين غزالي

احمد امين الغزالي (احمد الغزالي) – أنا أحمد أمين غزالي

أنا أحمد أمين غزالي، أرسل اليكم هذه الرسالة ولعلها الأخيرة، فأنا أموت بالبطىء، وأعاني من ضعف شديد ولا أستطيع الوقوف والكلام، ولا الحركة، ويتم ضربي وسحلي وكلبشتي في السرير لفك الإضراب، وتعليق المحاليل والتغذية بالإكراه وهذا محرم دولياً؟ وتمنع إدارة السجن الزيارة عني وذهابي للمستشفى، وتتعمد موتي البطىء.
وأنا أطالب بأقل حقوق في الحياة، رغم حكم الإعدام، وإرتداء البدلة الحمراء، وكل ما أملكه هو الإضراب، والذي تكفله كل القوانين، ولا أطلب منكم سوى الوقوف معي لأحيا حياة آدمية وإن كنت عندكم ميت.

محمد مدني – يقولون أن سجن برج العرب

محمد مدني – يقولون أن سجن برج العرب

يقولون أن سجن برج العرب به مستشفى وهذا من الناحية الظاهرية حقيقي لكن فى واقع الأمر هى أمر شكلي فقط، تعرضت لتجربة شخصية فيها مع طبيب العيون بعد أصابتي بضعف فى إحدى العينين وتكرار الشكوى من وجود علامة سوداء أمام عينى، بالكاد استطعت أن أذهب إلى المستشفى بعد شهر ونص من الطلب الملح و المفاجأة التي تعرضت لها أننى وجدت نفسي أمام شخص يسأل دون كشف وكانت إجابته لي "المرض ده اسمه الذبابة الطائرة ومابيروحش ومش هيروح وعندنا منه كتير وماتجييش المستشفى تاني"صدمة العبارة افقدتني القدرة على التحدث معه فهى عبارة محفوظة يرددها كثيرا.
لم أتحدث عن طبيب العظام الذى لا نشاهده ولن أتحدث عن طبيب الأنف و الأذن الذى دخل شهره السادس دون أن نعرف عنه شيئا ولا طبيب الأسنان الذى لا يفعل إلا خلع الأضراس دون تعقيم الأجهزة ويضرب المرضى ولا عن طبيب العلاج الطبيعى الذى لا علاج عنده إلا شرب الماء ولا مدير المستشفى الذى طلب من أحد المرضى 50 جنيه حتى تجرى له تحاليل دم، ولا طبيب الجلدية الذى لا يظهر إطلاقا وإنما يظهر نوعين من المراهم مكانه أحدهما مضاد للحساسية والآخر مضاد للإلتهاب، ويتم صرف العلاج بنظرية "بنظرية بلاها نادية خد سوسو".
حالة الوفاة الأخيرة داخل السجن كشفت وسلطت الضوء فقط على الوضع الصحى داخل السجن بدءا من استمرار حبسنا داخل الغرف لمدة 22 ساعة وخروج التهوية ساعتين فقط بالمخالفة الصريحة للوائح السجن ومواثيق حقوق الإنسان بل وأبسط قواعد الإنسانية مرورا قبله التعرض للشمس وتسول العلاج من المستشفى ورفض دخول الأدوية من الخارج وإنتهاءا برفض إجراء فحص طبى أو إجراء عمليات جراحية فى الخارج و تكدس المعتقلين فى الغرف.
إنها أبسط مطالب الحياة الإنسانية التى تعين على الحياة، ولذلك كان من الطبيعى أن تنفجر الأوضاع ولا أرى أنها ستعود إلى الهدوء مرة أخرى قبل أن نشعر بإنسانيتنا، الخيارات مفتوحة أمامنا سواء بالمطالبة أو المواجهة، وإن كانت هناك تعليمات ضمنية تقتلنا داخل السجن فإننا لن نقف مكتوفى الأيدى ولا أكون مبالغا إن قلت أننا نستعد لأكبر إضراب شامل فى الفترة القادمة، وسنخوض معركة الأمعاء الخاوية، فإما أن نعيش بكرامة أو نموت بمواجهة، وإن كان القتل مصيرنا فسنتقبله بنفس راضية ولكن بكرامتنا.
محمد مدنى _ مراسل صحفى

close

Subscribe to our newsletter