رسائل جدران العزلة

Filters
عام تحرير أو نشر الرسالة
تصنيف مكان االحتجاز المرسل من خلاله الرسالة
اللغة
الفئة العمرية
النوع االجتماعي

احمد سعد دومه سعد (احمد دومه) – لا تلتفت

احمد سعد دومه سعد (احمد دومه) – لا تلتفت

لا تلتفت
واشرع جناحيك،انتصاراً
للجنون،وللمحالْ
حطّم ضفاف الوهمِ
فوق خريطة الأمل البعيدْ
أنت الوحيد المستطيعْ
أنت الوحيد المنتَخَبْ
والكلّ حولك منهكونَ
من الرسالة..والوجودْ
فالأغبياء السابقون
تبادلوا نخب الضجرْ
ورأوا بأن الربّ
لم يخلق شعوباً تستحقُ
سوى الجحيم
والأنبياءُ -المارقونَ-
تبادلوا حمل الصليبَ
بلا كلل
وتجرّعوا الصبر الجميل
بلا ارتواء
وإلى السماءِ تعاقبت أنّاتهم
فاستثقلَ الغيمُ الوجيعةَ
فانتحبْ
ومضت دموعُ الغيمِ
تغسلُ ما اعتراهم من وجعْ
(دمعٌ يكفكفُ حزنَ دمع)
فالدمعُ عهدُ الصادقينْ
والصبر ُ
قوتُ الذاهبينَ لبطنِ حوتٍ
مُرتقِبْ.
لا تلتفت
وانثر مداكَ المستحيلَ
بأغنياتٍ زاهرة
فالليلُ أخصبُ للضيا
والصمتُ أرعى للجمالْ
والأغنياتُ الصامتاتُ
-لحظّنا-
صنو الخلود .

محمود عبد الشكور ابو زيد (شوكان) – أساتذتي الأفاضل.. رفاقي وزملائي

محمود عبد الشكور ابو زيد (شوكان) – أساتذتي الأفاضل.. رفاقي وزملائي

"أساتذتي الأفاضل.. رفاقي وزملائي
تحية طيبة أرى الكلمات وقد عجزت عن وصف سعادتي عندما أخبرني أخي محمد بانطلاق النسخة الثانية من مسابقة Shawkan photo award جاء الخبر كشعاع ضوء لينير الظلمة التي طالتني، وأظن أن تلك الحالة طالت الجميع. تلقيت الخبر بعد ما رفع القاضي الجلسة معلنا التأجيل لجلسة ١٧ يناير ٢٠١٧ - كل عام وأنتم بخير- فكان الخبر العيد بالنسبة لي. بالرغم من تردي حالة حرية الصحافة في مصر إلا أن مجتمع الصحافيين لا يزال مؤمنا بالحرية، والنضال من أجل الكلمة لا يزال مستمرا عند حضوري الجلسات أحاط بكثير من الاحباط لعدم ثقتي في العدالة وطول أمد التقاضي وخروج الاخوان واحدا تلو الآخر استكمالا لحصاري. كم كبير من الظلمة لا يضيئه سوى مشاهدة رفاقي باستعدادهم وحركاتهم واختيار أماكن وقوفهم وطريقة إمساكهم للكاميرا وترقبهم بعيون متأهبة تنقض على اللحظة في حالة نهم للقطة أفضل. نعم أشتاق للكاميرا وتلك الحالة الصقورية النهمة للالتقاط، ودائما يطاردني سؤال يعترض تلك الحالة: ما هو سر استمرارنا نحن الصحافيين في العمل بل وتزايد أعدادنا وتعاظم اصرارنا بالرغم من محاولات قمعنا وتكميم أفواهنا وتكسير أقلامنا وطمس عدساتنا ومنع سفرنا.. إلخ أبحث في كل اتجاه عن الإجابة حتى أصل لحقيقة ويقين راسخ، أو هكذا أراها.اننا نفعل ما نفعل كي نوثق التاريخ بلقطاتنا، ونقوم بواجبنا في نشر الحقائق والمعرفة والتنوير وان كان الثمن عمرنا وحياتنا. يوما بعد يوم أزداد فخرا لانتمائي لمجتمع المصورين الصحفيين المصريين.أشكر وأقدر دعمكم والوقوف بجانبي في وقت حاجتي أعضاء اللجنة الكرام مع حفظ الألقاب : حسام دياب - توماس هارتويل - رانده شعث - أحمد هيمن - روجيه أنيس كما أتوجه بالشكر والحب والتقدير للجنة في نسخة المسابقة الأولى وأجدد ثقتي في أساتذتي ورفاقي اعضاء اللجنة وكلي يقين أن المستوى الفني للمسابقة سيكون عظيما بعظمة صور زملائي وأدائهم المتميز والذي يزداد خبرة وجمالا لقطة بعد لقطة حظ سعيد للجميع ومبروك للفائزين وشكرا للمشاركين عام سعيد محمود أبو زيد "شوكان"

ايمن علي ابراهيم موسي (ايمن علي) – صراخ عقلي يزعجني

ايمن علي ابراهيم موسي (ايمن علي) – صراخ عقلي يزعجني

"صراخ عقلي يزعجني!"
الوقت متجمد.. السكون يحاوطني.. صراخ عقلي يزعجني!
أسير في فضاءٍ خاوٍ.. أسير وسط أمواتٍ يتنفسون!
أتوقف مكاني.. أنظر للساعة في يدي، أرى 3:02 am مضيئة على الشاشة.
أمسك برأسي كي تتوقف عن الصراخ.. لا فائدة. أتركها و أستمر في السير ذهابًا و إيابًا فوق أشلاء آدميين ملقاة على الأرض.. أسير بلا فائدة. بلا هدف. فقط أنهك جسدي كي ينشغل عقلي عن التفكير. عن الصراخ.. لا فائدة!
أرقد على الأرض في مكان نومي.. أحشر نفسي بين جثتين نائمتين..
أنصت لصراخ عقلي "أين الخصوصية؟!"
أسمعه يردد ثم يذكّرني بمواقف حدثت.. يذكرني بالنوم هنا، كيف يدمر كل قواعد الخصوصية!
كيف كانت أعضاء من بجانبي تصطدم بي في نومي، كم مرة استيقظت برجل أحدهم في وجهي، أو بركبة تضرب ظهري. كم مرة تقلبت فوجدت نفسي فوق من بجانبي!
أغمض عيني كي أطرد هذه الذكريات من عقلي، فيأتي عقلي بمشهد آخر كنت فيه أذاكر.. أو أحاول المذاكرة.
في هذا المشهد كنت فيه محشورًا بين نفس الاثنين و أجلس جلسة غير مريحة و أمامي ملزمة أقرأ منها ما لا أفهم!
و بين تركيزي و عدم فهمي، رأيت رأسًا تتحرك ببطء من الجانب حتى حالت بيني و بين الملزمة..
سمعت صوته يقول: "إيه دا انت بتذاكر؟!"
صمت لوهلة و لم أرد، لكن رغبتي الشديدة في عدم المذاكرة و عدم فهمي لما أقرأ و نسياني لكيفية المذاكرة - لم أذاكر منذ ثلاثة أعوام - فقررت أن أخوض في الحديث معه.
"لا بطبخ!" هذا ما لم أقله.. "اه بذاكر" هذا ما قلته.
و أتبعته بإبتسامة مصطنعة واضحة الإصطناع.. رأيت ارتباكه عندما لاحظ اصطناعها.
لم أحرك عضلة من وجهي حتى قال في ارتباك: "آه طيب.. ربنا معاك."
وتركني مع الملزمة التي لم أفهم منها شيئًا.
"أين الألغاز؟ أين المعادلات؟ أين (الهندسة)؟!" عقلي يصرخ..
اقتصاد وعلوم سياسية؟!! كيف استقر بي الحال إلى هذه الكلية!
كيف استقر بي الحال إلى السجن.. كيف استقر بي الحال إلى هذا السجن مجددًا.. إلى هذا القبر الضيق.. إلى هذا المنفى بعيدًا عن بيتي..
بيتي؟! بيتي الذي نسيت ملامحه.. بيتي الذي تمنيت العودة إليه.. فعدت، ويا ليتني ما عدت.. عدت و رحل جزءًا مني.. عدت و رحل أبي، رحل روح البيت. عدت لدقائق لأتلقى عزاء والدي.. و لم أتلقاه!!
وسط ذكرى بيتي والمدرعة التي نقلتني من السجن إلى بيتي و من بيتي إلى السجن.. وسط ذكرى أصوات السرينة و رؤية ضباط و عساكر مدججين بأسلحة.. و الأمنيات المبالغ فيها التي لا طائل من ورائها.. تذكرت ما حدث فيّ من بضعة أيام.
تذكرتُني جالسًا في سجنٍ آخر.. في قبر أوسع قليلاً من هذا. كنت أقرأ في رواية بعدما يئست من المذاكرة، و سمعنا صوتًا آتيًا من خارج الزنزانة و يقول "اسمع!! الترحيلة بكره!"
و بدأ في نداء الأسماء. تسعة عشر اسمًا عائدون إلى المنفى الذي كنت أنتظر العودة إليه منذ أربعة أشهر بعد إنهاء امتحاناتي..
تسعة عشر اسمًا و لم يأتي اسمي بينهم.. تنفست الصعداء و جلست أكتب رسائل إلى الشباب هناك.
جاء اليوم التالي و كالعادة كنت مستيقظًا في الصباح الباكر كي أشرب القهوة و أجلس للمذاكرة أو لأقرأ كتابًا آخر لا علاقة له بالمذاكرة كما يستقر بي الحال عادةً..
استيقظت مبكرًا و الناس نيام لعلي أحصل على بعض الخصوصية لسويعات، لكن اليوم يوم مختلف، اليوم يوجد "ترحيلة"..
و على غير العادة و من حسن حظنا جاءنا الخبر قبلها بيوم، تسعة عشر اسمًا و لم يكن اسمي بينهم..
تسعة عشر اسمًا من نفس القضية.. التسعة عشر اسمًا يُنادَى عليهم الآن.
"يلا اجهزوا علشان الترحيلة جت."
تنفست الصعداء مرة أخرى فلم يأتِ اسمي، أحيانًا تأتي أسماء متأخرة "سواقط" كما يطلقون عليها هنا.
ساعدت الشباب على تجهيز حقائبهم و "لمّ الفرشة" و تمنيت لهم ترحيلة سعيدة..
حتى سمعت صوتًا ينادي من بعيد "أيمن علي إبراهيم موسى ... ترحيلة"!
اتسعت عيني و تسارعت دقات قلبي و توقف عقلي عن العمل تمامًا و عمّ الصمت في الزنزانة و تزاحمت نظرات الشفقة عليّ!
أكره هذه النظرات.. و فجأة عاد عقلي للعمل مرة أخرى "إزاي هترحل!! عندي امتحان هنا بعد ١٥ يوم!!!"
هربت هذه الكلمات من شفتيّ و قمت لأبحث عن جدول الإمتحانات الذي أعطيت الإدارة نسخة منه منذ أسبوع، و لممت حاجاتي و ساعدني زملائي و تفاديت النظر إليهم كي لا أرى تلك "النظرة" على وجوههم..
نظرت إلى كتبي ومتاعي وتساءلت عن كيفية حملها و أنا مقيّد بشخصٍ آخر محمَّل بحاجاته!
الترحيلة تأتي بغتة.. تمامًا مثل الموت!!
حملت متاعي و نزلت لأنتظر الترحيلة.. سبقني بعض الطلبة للضابط كي يقولوا له أننا عائدون بعد أيام هنا لأداء الإمتحانات، فلِمَ ترحلوننا الآن؟!!
لكنه قال شيئًا عن فاكس لم يأتِ و أنها تعليمات و كلام من هذا القبيل.. كلام يذكرني بالعسكري في فيلم "جواز بقرار جمهوري" وهو يردد "ممنوع"
ابتسمت ابتسامة ساخرة و قررت ألا أجادل.
ولِمَ أجادل؟!
أأجادل على جلوسي في السجن؟!
هنا أفضل قليلاً لكن لا طاقة لي للمجادلة.. فحملي هذه الأحمال مكبل، و صعودي عربة الترحيلات، و جلوسي فيها محشورًا، و تحمل الرائحة الكريهة، وتحمل المطبات على دكة حديدية مؤلمة، و تحمل الأخاديد الحمراء في اليد من الكلابش، و النزول من العربة، و الإنتظار في الشمس، و تفتيش متاعنا، و أخذ بعض الأشياء منها، و الدخول إلى غرفة جديدة، و فرش "الفرشة"، و تعليق الأمتعة، و التعوّد على الناس و المكان، و التأهيل نفسيًا للمذاكرة، و عندما أتأهل نفسيًا، تأتي الترحيلة لتقيدني إلى هنا مرةً أخرى، و تعاد الكرة مرة أخرى.. كل هذا أهون علىّ من المجادلة.
أخذت نفسًا عميقًا و حملت متاعي و ذهبت بعيدًا عن الضابط و انتظرت الكلابش.
متى عدت إلى هنا؟
إلى هذا القبر الضيق!
متى تحولت إلى متاع؟
إلى شيء؟
إلى حبر على ورق؟
إلى فاكس!
صراخ عقلي يعلو..
عقلي.. ماذا تريد مني؟!
لماذا تمنعني عن النوم؟
و لماذا إذا يئست من محاولات النوم و قررت الإستيقاظ و البدأ في المذاكرة، تفجرت ماسورة الذكريات والأفكار في جمجمتي؟
أريد أن أخترق جمجمتي بيدي و أوقفه عن العمل!!
أغمض عيني بقوة علّي أصمت كل هذا الصراخ
هندسة.. اقتصاد و علوم سياسية.. خصوصية.. عدم خصوصية. ترحيلة مضت.. ترحيلة آتية.. مذاكرة تضيع..
أحاول أن أبدل كل هذا الصراخ بذكرى جميلة..
أراني راقدًا وسط بياضٍ ساطع، في براح لا نهائي، مرتدٍ معظم الملابس التي سافرت بها ومازال البرد يخترقها! رجليّ ملتصقتان بsnow board، و بنت نرويجية الجنسية - تكبرني ببضعة أعوام - واقفة بجانبي تضحك عليّ بعد اختلال توازني، ليس للمرة الأولى، أثناء تزحلقي على الجليد.
كانت هي و أخرى مسئولتان عن مساعدتنا - نحن فريق الغطس لنادي هيليوبليس الرياضي - في النرويج بعد الإنتهاء من أداء البطولة هناك.
"هيا قُم."
قالت لي بلغة إنجليزية ذات لكنة من بين ضحكاتها.. لم يكن عمري يتجاوز الأربعة عشر عامًا حينذاك. كان وجهي محمرًا خجلاً.
أبتسم عند تذكري هذه الأيام..
أبتسم رغم ظلام المكان - الآن - و ضيقه، لكني ما زلت أحتفظ بذكرى مضيئة.
"إيه اللي مصحيك لحد دلوقت؟!"
يقاطعني صوت حشرجة جانبي، أنظر ناحيته و أقول له وسط الظلام: "مش عارف أنام مانت عارف.. نام انت بس ماتشغلش بالك."
أري شبحه يهز رأسه، ثم يستغرق في النوم. أحسده على سرعة استجابة عقله للنوم.. و ألوم عقلي على فقدان هذه الموهبة!
أشهق ظلامًا، و أزفر ظلامًا، ثم أنظر في الساعة فأجدها 3:08 am!

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – اليوم الثانى عشر من ديسمبر لعام 2016 

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – اليوم الثانى عشر من ديسمبر لعام 2016 

اليوم الثانى عشر من ديسمبر لعام 2016 . 12/12/2016
اليوم رابع "ثانى عشر من ديسمبر" يمر علىّ فى السجن.
اليوم أتممت الحادية و العشرين من عمرى.
اليوم رابع عيد ميلاد لى فى السجن.
أتممت الثامنة عشر. و التاسعة عشر. و العشرين.
و اليوم أتمم الواحد و العشرين.
أدرك ببطء أن دفعتى التى كانت ستبدأ الدراسة الجامعية و أنا أبدأ رحلة السجن ستتخرج العام القادم من كلية الهندسة.
شارفت على إنهاء دراستى الجامعية و أنا لم أرَ كليتى بعد.
أشعر بالاختناق. اختناق حرفى.
بداخلى أشياء تريد أن تنفجر و تخرج. أريد أن أدرس. أعمل. أسافر. أخرج.
أشعر بالإرهاق. حتى الكتابة باتت تستهلكنى.
حتى العفو عندما أخرجوا فيه أناساً من قضيتى، لم أكن و أبى من بينهم.
لا أفهم أى شئ و لا أقوى على محاولة الفهم.
صرت أتقبل أن السجن أصبح جزءاً منى. و كأنى دوماً سأكون مسجوناً.
و كأن لم أكن يوماً بالخارج قط. كل عام و أنا بخير.
عبد الرحمن الجندي
12/12/2016

احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – رابع عيد ميلاد، كل سنة وأنا طيب

احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – رابع عيد ميلاد، كل سنة وأنا طيب

حاجة مش لطيفة خالص إنك تلاقي بقى عندك 36 سنة، فجأة! والأسخف إن ييجي اليوم ده جوا السجن ومفيش حد يقولك شد حيلك، ولا حتى كل سنه وانت طيب، ولا أى حد يهتم أساسا، لأنك في السجن، حيث الصمت والهدوء التام ومرور الوقت في اللاشئ، والذل وقلة القيمه والحياة المهينة والتنطيط من اللي يسوي واللي ما يسواش. بس تمام، 36سنة، مرحلة جديدة بقى، والواحد يبدأ يعيش حياته بقى وينطلق، المشكله بس في أمراض الشيخوخة اللي بدأت بدري شويتين، الكوليسترول مع قلة الحركة على شويه خشونة مفاصل، والروماتويد، الضيف الجديد اللي بدأ يزحف ببطء على شويه آلام غريبة محدش عارف سببها.
رابع عيد ميلاد ليا جوا السجن، كان المفروض يكون عيد الميلاد ده بره السجن، كده بقالي3 سنين وزيادة، خلصت ال3 سنين بتوع مخالفة قانون التظاهر، لسه الشهر الزيادة بتاع إهانة ظابط شرطة من حرس المحكمة مع اني لا شوفته ولا أعرف هو مين أساسا، بس تمام برضة، الحمد لله على كل شئ، بدأ العد التنازلي، أو هكذا هو المفترض لو محدش حب يكمل انتقام.
3 سنين وزيادة، 36 شهر، أكثر من1195 يوم عدوا في اللاشئ وبدون أي حاجه مفيدة، خلصت ال4 سنين وشغالين في الشهر الزيادة وبعدها نبدأ في باقي العقوبة وهي الإفراج مع قضاء ال3 سنين تحت المراقبة زي أي نشال أو تاجر مخدرات، واسمع ان المراقبة أحيانا بتكون أكثر إذلال ومهانة وتقييد للحرية أكثر من السجن نفسه.
كنت قرأت مره إن للسجن صدمتين ، صدمة يوم دخول السجن وصدمة أكبر يوم الخروج منه، في صدمه الدخول بيكون فيه انتقال مفاجئ من عالم بتعيش فيه حياتك الطبيعية وتتحرك براحتك وتعمل اللي انت عايزه أو معظم أو بعض اللي انت عايزه باعتبار قيود المجتمع إلى عالم السجن اللي له قواعد مختلفة ولغة مختلفة وبتكون فيه مجبر على كل شئ وبتشوف فيه كتير من الذل وقلة القيمه، دا حتى في الدول المتقدمة التي يوجد بها قيمة للإنسان وبيتم إحترام حقوقه بيتم السماح للسجين إللي قضوا فترة طويلة من السجن أنهم يخرجوا بره السجن في آخر سنة، وكل شهر بحيث يشوف الدنيا إللى اتغيرت ويبدأ يتعامل مع الناس تاني بشكل متدرج ويقلل من آثار صدمه الإفراج، فرق كبير بين دول عندها الهدف الرئيسي للقانون هو التنظيم وعندها تدرج في العقوبة وبيكون الهدف من السجن هو التأهيل والإصلاح فعلاً، ودول تانيه بيكون الهدف من القوانين هو تستيف الورق وإبراء الذمة والهدف من السجن والعقوبة هو الانتقام والتشفي فقط.
مره زمان كنت سمعت من علاء إن استاذ أحمد سيف كان قال إن كلما طالت فترة الحبس بيحصل تغير شديد عميق داخل الإنسان، وبتسيب علامات وجروح كتير جواه، هو نفسه مش بيحس بيها، ولما بيخرج بيتبقي جزء منه جوا السجن. يمكن الـ3 سنين مش كتير مقارنة بأحكام أخرى، لكن الـ3 سنين برضة ليها آثار سلبية كتير، خصوصا لو كان حبس مشدد و إنفرادي وخصوصاً لو كان"متخطر" زيي كده، وكلمة "متخطر" دى يعني مسجون خطير جداً ولازم مراقبته الشديدة طول الوقت وحساب تحركاته وعد أنفاسه، مش عارف كانوا مخطرينني بأمارة إيه؟! أحيانا لما بفتكر اني خلصت الـ3 سنين وخلاص فاضل الشهر الزيادة ودخلنا في العد التنازلي بقعد مستغرب، وأسأل نفسي هو اللي حصل ده بجد!، وهل ممكن فعلا ييجي يوم من الأيام امشي لمسافة طويلة كده أكثر من خمسة متر مثلاً واشوف ناس كتير وكده، وأركب ميكروباص بقى وأقعد اتخانق مع السواق على الأجرة أو اركب تاكسي ابيض وأقول شغل العداد لو سمحت أو نزلني هنا، والحر والزحمة والناس اللي بتتخانق مع بعض من غير سبب، أو المطر و الزحمة برضوا والناس اللي بتزعق من غير سبب، معقول ده ممكن يحصل تاني؟ احساس عجيب بصراحه.
لو خرجت بإذن الله نفسي اخد أجازه طويييلة من كل حاجه في الدنيا، حاسس انى تعبت قوي وعجزت بسرعه، ونفسي اخد كام سنة أستريح فيهم كده لا اشوف حد ولا أكلم حد ولا ليا دعوة بحاجه أساسا، ولا عايز دوشة ولا إعلام ولا أسئلة ولا هري ولا وجع دماغ، فعلاً محتاج فترة طويلة من الراحة بعد سنين طويلة من التعب والبهدلة، من ضمنها فترة السجن.
الواحد عاش 3 سنين كاملة بدون اختراعات حديثة، ولا تليفون ولا فيسبوك ولا تويتر ولا برامج توك شو، وعادي لسه عايش وزى الفل، بفتكر قبل السجن لما كان الواحد طول الوقت بيعمل حاجة على النت ولازم معاه تابلت أو تليفون حتى في الحمام، كان لازم تويتر كل 5 دقائق، أول ما اتحبست كنت فاكر اني مش هقدر أعيش من غير تكنولوجيا و من غير انترنت، ولكن الحقيقة إن محدش بيموت لو مفيش انترنت، بالعكس، دا الحياة أحلى كتير من غير فيسبوك و تويتر وأحلى كتير من غير الأخبار و الهري وحرقة الدم.
يا سلام لو الواحد لما يخرج يقعد كده في مكان بعيد عن أي شبكات أو وسائل اتصال، أكيد مش زي السجن والذل، ولكن مكان بعيد أقعد فيه بمزاجي ومع الأهل والناس إلى بحبهم، وأشوف اللي احب اشوفه وما اشوفش اللي مش عايز اشوفهم.
فيه ناس كتير مش عايز اشوفهم بصراحة لما أخرج، ورغم أني أصبحت أكثر تسامحاً وقبول للجميع حتى خصومي وأعدائى وبحاول ألتمس أعذار للجميع، ورغم أني راجعت كتير من المواقف اللي لقيت اني كنت فيها متشدد في غير موضعه، ورغم أني عايز أفتح صفحة جديدة مع الدنيا ومع الجميع لكن برضه فيه ناس لسه مش عارفه اتقبلهم، يمكن علشان لسه ما اعتذروش على اللي عملوه فيا، أو الناس اللي ظلموني بقصد أو بدون قصد، أو اللي أطلقوا عليا أحكام ظالمة وهم عارفين أنها ظالمه أو لمجرد السماع من مصادر ليها خصومه معايا، أو اللي قالوا أحسن أنه اتحبس، أو اللي دافعوا عن قانون التظاهر، أو اللي قالوا عنى كلام مالوش أساس من الصحة وهم عارفين ومتأكدين أنه كله كذب ومش حقيقى، أو من لم يتحرى الصدق والدقة، أو اللي ساهم في الظلم والتشويه بقصد أو بدون قصد أو اللي تسرع في نقل كلام مش حقيقي عن تعمد أو بدون قصد، يكفيني اعتذار بسيط أو اعتراف ان كان فيه سوء فهم.
فيه ناس كتير برضه نفسي أشكرهم بنفسي واحد واحد، كل اللي تضامن واللي فكر يتضامن، وكل اللي ما خافش من حملات التشويه والتنكيل اللي بتطول أي حد يتعاطف معايا علنيا، وكل اللي ما قالش احنا مالنا بأحمد ماهر واحنا مالنا بـ6 أبريل، ونفسي اشكر كل إللى ساعد أهلي واسرتي ووقف جنبهم في الظروف الصعبة دي، وكذلك كل اللي فكر يساعد أو يهتم، ناس كتير بصراحه نفسي أشكرهم وأشيل جميلهم طول عمري، لأن السجن بيبين معادن الناس، وزى ما فيه ناس ما عندهومش أصل يتخلوا عنك في أول مشكلة أو يشمتوا فيك أو يزيطوا مع الزيطة ويركبوا الموجة هتلاقي كمان ناس عندهم أصل وبيقفوا مع المظلوم وبيدافعوا عن القضية والمبدأ مهما كان الاختلاف مع الشخص.
وإعادة التفكير وإعادة فرز الناس يعتبر من الفوائد القليلة للسجن، خصوصا ان حبستي كانت سخيفة ومملة وقليلة الفوائد، ساعات لما بقرأ المذكرات والروايات والقصص اللي كتبها الأجيال السابقة اللي اتحبسوا في عهد عبدالناصر أو السادات بحسدهم ان رغم أن السجون كانت أقل في الإمكانيات وأسوأ في النظافة لكن كانوا بيشوفوا بعض وبيتكلموا مع بعض وبيغنوا ويكتبوا كتب وروايات وشعر وقصص ويتناقشوا في قضايا فكرية وفلسفية ويثقفوا نفسهم أكتر، لكن أنا قعدت 3 سنين في الصمت التام، 3 سنين في اللاشئ، 3 سنين ضاعوا من العمر بدون أي فوائد حقيقية.
يمكن أول ما اتحبست وأول ما بدأت موجات الحبس بموجب قانون التظاهر ما كنتش متخيل ان الكابوس ده هايكون حقيقى، كنت طول الوقت بصبر نفسي وأقول اكيد العك ده هاينتهي قريب، اكيد في حد عاقل من جواهم هايقول لهم كفايه كده وطلعوا الشباب بقى وكفاية قرصة الودن دي بدل ما الفجوة والعداوة تزيد، للأسف اتحقق أسوأ الكوابيس، وما طلعتش لا في نص مدة ولا تلتين ولا عفو رئاسي وكملت الـ3 سنين كوامل ولسه شهر زيادة.
من الفوائد القليلة للسجن ان الواحد يبدأ ياخد باله من حاجات ماكنش بياخد باله منها في زحمة الدنيا لما السكينة بتكون سارقه الواحد زي ما بيقولوا، ماعرفش ايه علاقه السكينة بالسرقة بأي حاجه لكن معلش هم بيقولوها كده-
ساعات بسأل نفسي هو انا ليه ماكنتش بتصل بأمى كل يوم الصبح، لية كنت على طول مستعجل، وليه كنت بزور بابا وماما كل فين وفين وطول الوقت ورايا شغل، اديك اهو مش عارف تشوفهم غصب عنك، وأديك أهوه هاتتجنن وتطمئن على أمك بعد جلسات الكيماوي، دلوقتي مفيش وسائل اتصال ونفسك تسمع صوتهم، لكن زمان كنت فين وفين لما تفتكر. ومن فوائد السجن برضه اني أكتشف قد ايه مراتي قوية وجدعة واصيلة، زوجة وحبيبه وست بيت وأم مالهاش علاقه بالسياسة من قريب أو من بعيد لكن فجأة لقت جوزها واخد حكم بالسجن 3 سنين، وفجأة هجوم وتشويه وأكاذيب، وفجأة عالم تاني ومحاكم ومحاميين، وفجأة المشاكل زادت وفجأة تهديدات ومضايقات ليها وللأهل وللأولاد، وفجأة ناس يتقال عليهم المواطنين الشرفاء بيشتموا في الشارع ويزعقوا بشكل هستيري ظناً منهم أن ده هايرضي الباشا الكبير، ورغم كده شجاعة وقوية وصبورة.
وبرضه في السجن من الصعب سماع الموسيقى اللي بحبها، خصوصا في أيام التكدير ومنع الراديو، ومع وجود الراديو ببقى نفسي أكون بره السجن علشان أحضر حفلات ناس بيقدموا موسيقى جميله زي كايروكي ودينا الوديدي وسعاد ماسى، كل سنه لما بسمع عن Cairo jazz festival بسأل نفسي هو انا ليه ماكنتش بحضر مهرجان الجاز كل سنه ولية كان دائما ما فيش وقت.
في السجن كبرت فجأة زي عبدالباسط حموده ، أولادي كمان كبروا فجأة وأنا في السجن، ميرال بقى عندها 9 سنين ونضال داخل على 6 سنين، فجأة اكتشفت أني ماكنش بقعد معاهم كتير، الصبح مهندس وشغل في المواقع والصحرا، وبعد الشغل يا اما في اجتماع أو مؤتمر أو مظاهرة أو ندوة أو تجهيز لحاجة، ماكنتش بقعد معاهم، اكتشفت أني ماكنش فيه وقت نخرج ونتفسح، واكتشفت اني تقريبا ماروحتش مصيف من أيام ماكنت صغير، من زماااان، وكمان عمري ما روحت الساحل ولا شرم الشيخ، حتى المره الوحيدة إلى روحت فيها الغردقة كانت شغل وكانت في محطة معالجة صرف صحي في وسط الجبل وكمان في رمضان، بس سمعت كمان إن مارينا وشرم الشيخ أصبحوا مصايف شعبية، فأعتقد إن بقى ممكن أفسح الأولاد هناك.
بس الأول طبعا لازم أدور على شغل، ولو لاقيت شغل مناسب لسه عايز اقعد افتكر الأول لأني بقالي أكثر من3 سنين بعيد عن الهندسة، دا يمكن من 4 سنين كمان، والمهندس الشهير صاحب الشغل اللي كنت شغال في مكتبة قبل الحبس طلع مش تمام وبدل ما يصرف مكافأة نهاية الخدمة أو اخر شهرين اشتغلتهم عنده لقيته كل يوم بيشتمني في التليفزيون والراديو والجرايد وانا محبوس، راجل ذوق بصراحه، كتر خيره الأصيل.
وبرضه الشغل هينفع ازاي مع الـ3 سنين المراقبة، دا أنا لازم أروح كل يوم القسم واحتمال أبات زي أي نشال أو حرامي غسيل، ولازم يعرفوا كل التحركات بالمواعيد وبعمل ايه فى حياتى كل يوم، واحتمال يجولي الشغل أي وقت زي أي واحد سوابق، القانون بيسمح لهم بكده للأسف، يالا، واضح انها هتبقي أيام جميله... كل سنه وانا طيب.

محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – المقال الثالث عشر.. القَلَمْ الذيِ أَفْلَتَ من التفتيش

محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – المقال الثالث عشر.. القَلَمْ الذيِ أَفْلَتَ من التفتيش

المقال الثالث عشر
"القَلَمْ الذيِ أَفْلَتَ من التفتيش"
(1)
وكأن ثورًا بريًا هائجًا كان يصارع غريمه على أنثى فائقة الجمال داخل زنزانتنا. خَرِبَةً تركوها لنا. الملابس, البطاطين, أقفاص الخوص, الحبال, سلوك الكهرباء, بقايا الأرضية المحطمة, كلُّ شيءٍ صار في كومةٍ واحدة. هكذا يفتشون عن المخالفات التي لم تدخل باب السجن إلا بعد أن دخلَ المعلومُ جيوبهم. في ساعتين حطموا ما بنيناه في زمن.
لم يكن ذلك أول تفتيش, كان أكثرهم همجيةً. [اللعنة! ماهذا؟ كم من الوقت والجهد يلزمنا لنُطيَّبَ جراحها, لقد اغتصبوا روحها اغتصابًا. لن تعود الزنزانة كما كانت ثانية. أعرف.] لم أكن وحدي, كلنا عرفنا هذه الحقيقة مع أول نظرة للزنزانة بعد تفتيشها. لذا, لم نسارع –بنشاط ونظام نملٍ, وخفة وابتهاج نحلٍ كعادتنا- لإعادة بناء الزنزانة. انتحى كلُّ منا ركنًا صامتًا. جذبتُ بطانية. كوَّرتها, ثم تكوْرتُ فوقها, وأطبقتُ جفنيَّ..
* * *
فتحت الجفنين المثقلين ورأسي أسفل الصنبور. بعد أسبوع كامل في الظلام, تُصابُ الحدقات بارتباك مؤقت من الضوء هُناك, في دورة مياه نيابة أمن الدولة العليا تحت المياه التي ألمسها لأول مرة برغبتي لا مُجبرًا, بدأت أستعيد القدرة على الإبصار الطبيعي تدريجيًا. شهقت وزفرتُ ثلاثًا, ورفعت رأسي لأفاجأ بالمرأة أمامي: كدمة أسفل العين اليمنى.. تورُّم في الشفة العليا.. جرحٌ متخثرٌ أسفلَ الذقن.. وعينان تائهتان.. [من هذا؟ كم من الوقت والجهد يلزمني لأستعيد وجهي؟ حتى إن استعدته, لن أعود كما كنتُ ثانيةً. أعرف.] عرفتُ هذه الحقيقة مع أول نظرة بمواجهة المرآة. لا إراديًا حاولتُ رفعَ يدي لأتحسس وجهي. لم أستطع. اكتشفت أنها مازالت مقيدة في كلبشها إلى يد مجند الأمن المركزي المكلف بحراستي.. "كفاية كده. يلّا يا أستاذ" ومضيتُ مَعَهُ إلى غرفة التحقيق ولم أتحسس وجهي. إلى الآن, بعد أكثر من عامٍ , لم أتحسس وجهي..
(2)
أخذوا فردين منّا لزنازن التأديب, أخذوا الكتب أجمعها, وجميع وسائل الترفيه, وأمروا بإغلاق الزنزانة بلا تريضٍ لأسبوع كعقابٍ للباقين. رتبنا الزنزانة ما استطعنا. ضحكنا لتذكر وجوه الضباط المذهولين وهم يكتشفون مخابيء المخالفات. قطعةٌ من بطانية, مزقوها, ربطناها بين زجاجتين متباعدتين, فصارت شبكةً. كَسْرَا طبقين صارا مضربين. وبليةُ مزيل العرق الذي كسروه صارت كرةً. وأرضية الزنزانة بتخطيطٍ بسيطٍ صارت طاولةً. مرحى, بطولة تنسْ طاولة الزنزانة يا رفاق. من يشارك؟ فليتركونا أسبوعًا آخر بلا تريُّض. صنعنا –رغم أنوفهم- تريُضنا الخاص. لعبنا حد الإنهاك فالنوم. لم أنَمْ.
قلمُ واحدٌ قد أفلت من التفتيش, كنتُ استخرجتُه كمن وجدَ كنْزًا تحت الأنقاض. ظهر مذكراتي الدراسية الأبيض يصلحُ للكتابة. حسنًا, أحتاج أن أكتبَ نَصًا جديدًا.
ماذا أكتب؟ فلأسرد ما حدثَ مثلًا.. لكن السرد التفصيلي لن يوصلَ لقاريءٍ حقيقة الحياة داخل السجون منذ المقال الأول وأنا أحاول تشريحها ووصفها.. لم أنجح. يستحيل سكب البحر في قارورةٍ, كما يستحيل سرد الحياة في نصٍ, هذا سببٌ. والآخرْ, الأقسى, هو كون كل سجنٍ بل وكل عنبر داخل نفس السجن أحيانًا له نظامُهُ الخاص. هل قلتُ نظامَهُ؟ عذرًا. أخطأتُ. لهُ عبَثُهُ الخاص.
الزيارة –كمثال- تتراوح بين دقيقة في الأقسام وبين قُرْبِ الساعة في بعض السجون, من يُسمح بدخولهم, وما يسمح بدخوله متباين بين المنع التام والإتاحة التامة. سجن تتمكن من مجالسة أهلك لدقائق, وآخر تقف معهم يفصل بينكما سلكٌ, حيث تصبحُ أقصى استطاعتك لتطيب خاطر أمك إن بكت أن تمسَ أصابعها عبرَ الأسلاك, وثالثُ يفصلُ بينكما سلكان المسافة بينهما مترٌ كاملٌ, حيثُ تُحرَمْ من ترف ملامسة الأصابع, ورابع تُمنعُ الزيارةُ فيه لشهورٍ بلا سببٍ..
كمثالٍ أحمق, الصراصير في السجون المختلفة. عدد الصراصير, نوعيتها, حجمها, كفاءتها في إصابتك باللدغات –لم أصدق أنها تفعل إلا بعد أن لدغتني نائما- ومزاجها في انتقاء الأطعمة, وكيف يتحول المرء من القرف التام لرؤيتها إلى التصالح معها:
"أيتها الصراصير اللعينة, لكِ منا الأطعمة الثمينة, على أن تعاهدينا الاختفاء طوال النهار, وعدم الظهور في الأنوار. لكِ أن تتجوَّلي في الظلام, واتركينا ونتركَكِ لنعيش معًا في سلام"
هذا نص المعاهدة التي أبرمتها مع صراصير سجن المنصورة. لكنهم نقضوها. الخونة.
(3)
المعرفة قوة. الآن وقد جرّدوني من كل أشكال القوة الأخرى, لم يبق لي سواها. سأطلب من أهلي طباعة وإحضار لائحة السجون المصرية في الزيارة التالية. هكذا كنت أفكر في أسابيع الاعتقال الأولى. نصحني أهل الخبرة أن أشغل وقتي بما ينفع, وكانوا صائبين. فنظرة القائمين على السجون إلى اللائحة لا تختلف عن نظرتهم إلى ورق الحمَّام. معرفتك أو جهلك بها لن يُغيِّرَ شيئًا. طبيعة السجن تتغير وفقًا للتعليمات القادمة "من فوق", أو وِفقًا لمزاج الباشا. فهو قد يعجز أمام زوجتهِ ليلًا, فيأتي صباحًا ليتقيّأ أمراضَهُ النفسية على رؤوس المعتقلين. لا لائحة. لا نظام..
* * *
الشعب.. يريد.. إسقاط النظام, الشعب.. يريد.. إسقاط النظام. والأهالي في الشرفات –نفسهم من يلعنوننا الآن- يهتفون معنا, أو يلوحون بالأعلام. ربما كانوا يعلقون آمالًا أن تتغير حياتهم البائسة إن استطعنا تغيير النظام. لم ننجح بعدْ.. ذلك أن الفساد, البلطجة, البيروقراطية, القمع, والخنوع ليسوا نظامًا, إنما هم النيران التي ينفثها الوحش الأسطوري المدعو نظامًا عبر إعلامه وقضائه وشرطته وجيشه. مجموعةٌ من العساكر يغرسون فوهات بنادقهم في أعصاب وشرايين البلاد, هذا ما قد تراهُ, لكنَّ النظامَ يتخفىَ في كل شيءٍ.. في عقول الناس وخلف رغباتهم, حتى لَيسْتَحيلُ علينا رؤية النظام منفصلًا عن الشعب نفسه.
الشعب.. يريد.. إسقاط النظام. حسنًا, هيا بنا.. لكن أخبرني قبلًا, أين هو النظام أصلًا؟! إحم.. لقد وقعنا في الفخ.
(4)
ما هذه العشوائية؟ عن أي شيءٍ يتحدثُ هذا المقال؟ التفتيش؟ التعذيب؟ السجون؟ أم الثورة؟ أم أنني أكلّمُ نفسي على الأوراق لا أكثر؟ أخبرني صديقٌ: "مقالاتك لم تتخذ خطًا واضحًا يبيّن لنا حالتك النفسية. تبدو مؤمنًا يائسًا, مُشرِقًا مُهشمًا في نفس المقال أحيانًا. لا أريدُ مقالاتٍ. اخرُجْ. خروجك سيُرممُ فيَّ.." هل أستطيع مساندة أصدقائي إن خرجتُ حقًا؟
لقد تغيرتُ. جدًا. قال لي آخرٌ: "كلنا تغيرنا.. حين تخرجْ سنعيدُ اكتشاف بعضنا البعض.."
يقول أبي: "سِبْها لله. ربنا كبير", تقول أمي: "خَلِّ بالك على نفسك", أختي: "أوحشتني", أخي: "اجْمَد..", وتقول هي: "سيمرُ كُلُ شيءٍ, لنصيرَ معًا يومًا ما, أحبُكَ..". كُلُّ يقولُ آخر كلمةٍ قالتها هي بطريقته الخاصة.
ولأنني أحاولُ – بطريقتي الخاصة- أن أكون جديرًا بالكلمة التي قالها كُلٌّ بطريقتهِ, أكتب. الكتابةُ مقاومةٌ. لا أريدُ أن أمسخَ. لا أريد أن يتمكن مني صمتُ الجدران فيدفعني لاعتياد العزلة حدَّ اللامبالاة بالآخر. لا أريدُ أن تتمكن مني قسوة الحديد فتحطِّمَ ما تبقى فيَّ من رغبةٍ أو قدرةٍ على عطاء الآخر أي شيءٍ
لأحميَ نفسيَ.. أكتبُ. لأنني لم أسْتَسْلِمَ بَعْدْ.. أكتب.
محمد فوزي

محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – للمُتَنَّبي أقوالٌ أُخرى

محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – للمُتَنَّبي أقوالٌ أُخرى

هامش تاريخي:
كانَ لدى الإخْشيد -الذي زعمَ البعض أنه حاكم مصر الشرعي في ذلك الزمن- عبدٌ أسودُ الوجْهِ والقلبِ, خصيُّ الجَسَدِ والنَفَسِ.. اسمه كافور. تمكَّنَ الآبقُ أن يحكم قبضتهُ وينشر عسكره في القصر, وانقلب العبدُ على سيده.. فأصبح المخصي حاكمًا مستبدًا بمصر وأهلها, الذين اختلفوا من فيهما أولى باللعنات: العبدُ المستبد أم الإخشيدِ الغافل الذي ولّاهُ السلطة منذ البداية.
وكان لدى العرب آنذاك شاعرٌ إذا شدا أسمع, وإذا مدحَ أبدع, وإذا هجا أوجَعَ.. اسمه المتنبي. واعتقل الخصيُّ الشاعر –بعد أن اعتقل سابقًا بتهمة النبوة!- لكي يُجبرهُ على كتابة مدحٍ مكتوبٍ فيه, لأنه كان يعرفُ أن الخلودَ في الأدبِ لا في الذهبِ. واستطاع المتنبي الإفلات في ليلة العيد. ومنحَ كافورَ أسوأَ خلودِ يُرتجى في الدنيا, بأبياتٍ هجائهِ الشهير "عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ.."
ويبدو أن المعركة لم تنتهِ بعدُ.. فمازالَ للخصمانِ أحفادٌ. احفادٌ لكافورَ يحكمونَ العباد بالنار والحديد.. وأحفادٌ للمتنبي يقاومون بسيوفِ القصيد..
"عـيـدٌ بـأيَـةِ حالٍ عُـدْتَ يا عِـيدُ"* ... هــل يُــنــقِــذُ الطائِرُ المأسورَ تغريدُ؟
أنّى تَرى لونَ فرْحٍ أرْضُ مُـعْـتَقـلٍ ... قُــضــبـانُـهُ كَــلـيـالـي ظُـلـمِـهِ سـودُ؟
ما الــعـيـدُ فـي وطـنٍ آمـالُهُ ذُبِحَت ... والـعـجـلُ فـيـهِ على الكُرسيِّ معبودُ؟
فلا احتفالًا أرى سوى إذا صدحـتْ ... مـن قـلـبِ كُـلِّ ثَــكــالَانـا الـزغـاريدُ
ضمَّدتُ حُزني بالصبرِ المريرِ وقدْ ... يـكـونُ فـي ألـمِ الـمــرارِ تـضـمــيـدُ
ما قُلْتُ للشُرطيِّ "ارْحَمْ لِتُرْحَمَ" بَلْ ... قُلْتُ "ابْغِ ما شئْتَ إن الدَيْنَ مردودُ"
ومـا انْــتَــظَــرتُ عَــدَالةً بمَـحْكَمَةٍ ... يعــلــو مِــنَــصَّــتَــهـا عِـلْـجٌ وعِربيدُ
زَنَا الـعَسَـاكِرُ بـالقـانونِ.. لا عَجَبٌ ... قاضي القُضَاةِ ديوثُ الصَمْتِ رِعْدِيدُ
فـيـا قُـضـاةَ الـخَـنَا اسْـجُدوا لسيِّدِكُمْ ... حـتـمًـا يُـلـبِّـي الـعبيدُ الأمْرَ إن نودوا
لَـكُــمْ قـضـايـاكُـمْ ارْوُوهـا مُـحـرَّفَةً ... لا صــحَّ مــتــنٌ بــهــا ولا أســانــيـدُ
ولــي أنــا عُـمْـري عِـشْقًا أَجودُ بِهِ ... بـالـعِـشْـقِ فـي دَمِـنَا يُـسْـتَـعْذَبُ الجُودُ
لـي بالـقـصـائِدِ أقـوالٌ سَـتَـجْـرِفَـكُمْ ... الـسَـيْـلُ شِـعْـري وأبْـيـاتـي الـجَـلاميدُ
س: هل لكَ أقوالٌ أُخْرّى؟
ج: لي أقوالٌ كُثُرٌ جِدًا
أكثرُ من عددِ الندباتِ المحفورةِ
من صاعِقِ صاحِبِكَ الشُرطِيِّ بجسمي..
لي أقوالٌ
لَنْ يَجْرؤ جرذٌ مِثلَكَ أن يَذْكُرُهَا
حتّى لو بلِساني في مَحْضَرِهِ الرَسْميْ..
لي أقوالٌ أُخرى
لَنْ تَحتاجوا رَكْلِي لِأُوَقِّعَها جَبْرًا
فقصيدَتِيَ مُوقَّعَةٌ بدمي قَبْلَ اسْمي.
سجِّلْ
يا عبْدَ المأمورْ
أني لا أعْبُدُ إلَّا ربِّي
سَجِّلْ
أني بالسُلُطاتِ كَفُورْ
أنِّي أؤمِنُ بالشَعْبِ
سجِّلْ
أنّي أتَنَبَّأُ فعلًا
أتنبَّأُ لبلادي بالنورُ
ولِذَا أُلْقِيتُ بِظُلُماتِ الجُبِّ.
هل تَفْهَمُني؟
أنا لَسْتُ أظُنُّكَ تَفْهَمُ إلّا
تحقيقاتِ الجلَّادينَ
تحرِّياتِ المأجورينَ
قوانينَ الزورْ
تفهمُ جدًا جدًا
لُغَةَ الصَفْعِ
ولُغَةَ الصَعْقِ..
ولُغَةَ السبِّ..
أنتَ أيا ذا الروحِ البُورْ
لن تَفْهَمَ كيفَ تَمُّدُ الأفكارَ جذُورُ
تتغَلغَلُ في جوفِ الرُوحِ الخِصْبِ..
لن تفهمَ
كيفَ يُحِبُّ الإنسانُ وكيفَ يثورْ
لن تَفهَمَني..
مَعذورْ
فمتى فَهِمَ خصيٌ قبْلَكَ معنْى الحُبِّ؟
كي تَقْدرَ يا أقذَرَ حفَدَة كافورْ..
أن تُدْرِكَ
شَطرًا أوحَدَ بقصائِدِ جَدّي المُتَّنبيْ..
"صـارَ الـخـصيُّ إمامَ الآبقينَ بها" * ... وجــارَ كــافـــورُ حـيـنَ خـارَ إخـشـيـدُ
غـــولانِ يــقــتــتــلان وهْـي بـينَهُما ... فـظـهـرُهَا بــكلا الـسَـوْطـيـنِ مَـجْـلـودُ
والـمُـخْـلِــصـونَ بـعِـشـقِها مَصيرُهُمُ ... ســجــنٌ, مــشـانِــقُ أو نَـفـيٌ وتَـشريدُ
إنْ هاجروا غُصنَهَا اغْتَصّوا بشوقِهِمُ ... وإن بَــقَــوْا لــيُــغَــنُّــوا, غِيلَةً صِيُدوا
أمــا تــبَــقَّـى بـهـا عُــــشٌ لـيُـؤْويـنـا ... إلا بــأعــيْـــنِ جُــنْــدِ اللـيلِ مَرصودُ؟
أمــا لَـنَـلْـقـاكِ يا مِـصـرَ الهَوى زمنٌ ... إلّا بِــجُـــدْرانِ ســجَّــانــيــكِ مَسدودُ؟
مازالَ رُغـمَ الأسَـى في أضْلُعي وَتَرٌ ... بــيــنَ الــهزائِــمِ والأحــلامِ مَــشـدودُ
إن كُنْتُ غـنيّـتُ مـأسـورًا ولمْ يَرجِعْ ... لـي _غـيـرَ مـن زَرَدِ القـيودِ_ ترديدُ
فـالـيـومُ وَحْـدِي أُغـنِّي كي يَهُبَّ غدًا ... جــيــلٌ عــلـى نَـغَـمـاتِ الحَقِ مَولودُ
كالشمْسِ هُمْ.. لا تبيتي الليلَ في قلقٍ ... فــجْــرًا أيَــلزَمُ لـلإشــراقِ تــأكــيـدُ؟
كــم قــالَ طـاغٍ فـثانٍ "لا أرى أحدًا" ... إذ لا يرى الضوءَ أعْمًى وهْو مَوجودُ
فَــلْــتَـسـألي مُــهْلِـكَ العادينَ في إرَمٍ ... ومَــنْ بــرحْـمَـتِـهِ لُـطْـفًـا نَـجَـى هُـودُ
ولـتَـذْكُــري كَـمْ فراعينٍ عَلَوا وبغوا ... دَفَـنْـتِـهِـم فــي الثَـرَى كي يُرْزَقَ الدُودُ
ولــيُــضـرمــوها أخـاديــدًا زنـازنُـنَا ... كــم أحْـرَقَـتْ مُـضْـرِمِي النارِ الأخاديدُ
أبـنـاءُ بَــطْــنِــكِ ما خانوا هواكِ وإنْ ... يُــقــضــى عــليّــهم مِـنْ كلْبِهِم "تأبيدُ"
سَجِّل إذًا
يا كَلْبَ أمنِ الدَولةِ العُليا المُبَجَّلْ
سجِّلْ
فإني لَسْتُ أعبَأُ ما بمَحْضَرِكُمْ يُسَجَّل
فالحُكْمُ قبلَ الحَبْسِ مَكتُوبٌ
ولا فرقٌ يُعجَّلْ.. أو يُؤَجَّلْ..
فانسُجْ
بأوراقِ القوانينِ الرفيعةِ ذي لِباسًا
كي تُواريَ بعْضَ سوءَة فُجرِكُمْ
إن كُنْتَ _لستُ أظنَّ_ تَخْجَلْ.
سَجِّلْ
أنا المذكوْرُ أعلاهُ
وُلِدْتُ بِمِصْرَ حيثُ تَعلَّمَ التاريخُ
كيفَ يشِّبَ, كيف يُحِّبُ, كيف يَخُطُّ في الأوراقِ
وأبي أنَا
رجلٌ بسيطٌ طيبٌ
وهو ابنُ جَدٍّ كانَ يَحرُثُ
أرضَ وادي مِصْرَ جَلدًا راضيًا
أورثْتُ مِنْهُ عنادَ فأسٍ لم يئِّنْ
ونقاءَ نفسٍ لَمْ تَهُنْ
وثباتَ بَأسٍ مُؤمنٍ
أن ليسَ للإنسانِ دونَ اللهِ حتمًا واقِ
هَاهُمْ جُدودي
_يا لقيطَ الفِكْرِ والأجدادِ_
فاكتُبْ "قد وَجَدْنَا
حينَ فَتَّشناهُ أسْلِحةً عَديدَةْ:
فعيونُهُ
وبِرَغمِ ثِقَلِ القيدِ حمْراتٌ عَنيدَةْ
وَلِسَانُهُ
مُتَتابع الطلقاتِ يقذِفُ بالقصيدةِ فالقصيدَةْ
ودماؤهُ
بالفَحْصِ أبْصَرنَا بها مُتفَجِّراتٍ
حمضُهُ النَوَويُّ منْ نَسْلٍ لجَدٍّ شاعِرٍ
لم يَهْجُ يومًا حاكمًا إلَّا هَوَى
من عرْشِ تاريخِ البلادِ إلى مزابِلِهِ البَعيدَةْ
دَوِّنْ بتقريرِ الإدانَةِ ما تشاءُ
اكتُبْ وإني سوفَ أُملي كي تُريدَهْ:
أنا لي جدودٌ أنبياءٌ,
ثائرونَ, فوارسٌ عَرَبٌ, وفلَّاحونَ
إن مسَّ اللهيبُ كفوفَهمْ لخشى مِنَ الاحْرَاقِ
اكتُبْ
ولي أُمٌ كشمسِ بِلادِنا
أبَديَّةُ الدفءِ الحنانِ, بهيةُ الإشراقِ
أمي هنالِكَ لم تَزَلْ
تصحو بنصف الليلِ داعيةً
وتحسُبُ كُلَّ ثانيةٍ بنبضِ القَلْبِ
مُنذُ نُزِعْتُ من أحضانِها
وتقومُ فجرًا وحدَها
لِتُعِّدَ كعكَ العيدِ لي
تطهوهُ في فُرْنٍ من الأشواقِ
عيدي أنا
لا لن يَهِّلَ هلالُهُ بين النجومِ
سوى بعودتِها لتعلوَ في السماءِ
تُشِّعُ كاملةً على الآفاقِ
عيدي سيَأتي حينمَا تتطايَر النجماتُ
من أكْتافِ جِنِرالِ الخُنوعِ
لكي تُحَلِّق حُرَّةً..
مَنْ عَلَّمَ النَجمات أن تنحَّطَ
تُصبحَ رتبةَ الطاغوتِ
يسْرقُها.. ويمنحُها لمَنْ يرضى من السُرَّاقِ
وجريمَتي
هي طَعْنُ هيبةِ سارقِ النَجمَاتِ
جُرْمي أنَنِي قدْ عِشتُ حُرًّا
دونَ أنْ أستَأْذِنَ الجِنِرال
وهُوَ العَبْدُ في إعتاقِي
إني اعتَرَفْتُ بِتُهمَتِي
والاعترافُ بِعِشقِ هذي الأرضِ
في القانونِ يَكفي وحْدَهُ لِيُدينَنِي
إن الطُغَاةَ يُشَرِّعونَ إدانَةَ العُشَّاقِ
فلتُغلقوا صفحاتِ محْضَرِكُمْ
ولكني أُذَكِّرُكُمْ قبيلَ الخَتْمِ والإغلاقِ
صفحاتُ مصرَ, سطورُها
يَحْمِلْنَ لعناتٍ تُصيبُ جميعَ مَنْ
قد حاولوا إغلَاقَها
وجميعَ منْ يتجرؤونَ لمحو سطْرٍ واحدٍ
صفحاتُها.. ثوراتُها..
سيظلُّ يكتُبُها هنا.. ربٌّ وشَعْبٌ باقِ..

close

Subscribe to our newsletter