اسم السجين (اسم الشهرة) : احمد الشاذلي النوع الاجتماعي : ذكر تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 6/21/2016 السن وقت...
رسائل جدران العزلة
مجموعة من المعتقلين بسجن المنصورة العمومي – القتل البطئ
القتل البطئ
ويظن المتحبرون يوما أن بجبروتهم وطغيانهم الاصوات ستخفت قليلا ….أو ظنوا أن ايلامهم لنا سيشغلنا عن الطريق الذى ارتضيناه …وحسبنا أننا نرجو من الله ما لا يرجون..
لازال الظالمون القتلة بعدما قتلوا وسفحوا الدماء الطاهرة فى ارض مصر جميعا يمارسون القتل البطئ هنا داخل سجن المنصورة العمومى لبعض الحالات المرضية .. أبرزها الآن على سبيل المثال لا الحصر الشيخ /محمد بن جمعة الازهرى والذى تتدهور صحته يوما بعد يوم وازدادت سوءا وأصبح يتعرض لاغماءات متكررة وفوق ذلك دخوله فى اضراب مفتوح عن الطعام مما يهدد حياته بالوفاة.
وسط تعنت بالغ من جهاز امن الدولة والمباحث وادارة الترحيلات لخروجه للعلاج فى المستشفى الخارجى وحرمانه من اتمام العملية اللازمة له
وازاء هذا التعنت الواضح من الادارة والمباحث نقول :لكل شئ نهاية ولصمتنا ايضا نهاية ، وهذه الدماء وهذه الالام هى لعنةعليكم فى الدنيا والاخرة ونحملكم المسؤلية الكاملة عن حياة الشيخ/محمد بن جمعة الازهرى.
والى الرأى العام من الشارع والاعلام :اوقفوا القتل البطئ الذى نتعرض له ويتعرض له (محمد بن جمعة)فايديكم تفعلون الكثير…
لازال فينا صوت يخرج ونفس تأبى الذل والهوان وقلب يحمل أخيه لن يتأخر عن انقاذ حياة انسان فى الداخل والخارج، فقد حسبوا ان السجن سيخضعنا لرغباتهم او يثنينا عن الطريق ….وقد خابوا وخسروا….وغدا سيعلم الذين ظلموا اى منقلب ينقلبون…..
والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لايعلمون ….
اخوانكم داخل سجن المنصورة العمومى
حمدي قشطه – انتهاكات قسم بولاق الدكرور
الراسل: حمدي قشطة المحبوس احتياطيًاالمرسل اليه: المحامين الحقوقيين و المجلس القومي لحقوق الانسان المكان: قسم بولاق الدكرور الواقعة: اثناء التمام لحجز رقم ٦ قام الملازم أول عماد عفيفي و الملقب بحاتم بولاق الدكرور حيث كان آمين شرطة و ترقى إلى ظابط بالرغم من سجله المعروف بالتجاوزات و الإنتهاكات الحقوقية
قام بأمرى بالجلوس قرفصاء أمامه فى التمام فرفضت الأمر مستنداً انه لايوجد أى إلزام قانونى لهذا الفعل و أن أمره غير قانوني
فكان رده هنا مفيش قانون القانون أنا اللى أقوله و انت هنا متهم ملكش حقوق
رديت عليه انا متهم و لست مدان و تهمتى هى إنى بدافع عن بلدى
فكان رده وابل من الشتائم و الدفع باليد و أمرى بأن أقف وجهى الى الحائط و رفضت تنفيذ هذا الأمر فحاول الإعتداء عليا بالضرب و لكنه تراجع و قام بكلبشتى بكلبشين فى باب الزنزانة من الخارج و أخذ فى استفزازى و سبى و تصوير بموبايله الشخصى و قال لى نصاً يكفى إنك متقيد عشان بلدك زى البهيمة
فرديت عليه قائلاً تقيدى عشان بلدى يشرفنى ميخجلنيش و العيب مش فيا العيب إن النظام حكمك فى واحد متعلم و إبن ناس و مش ناقص و أنا عايز اقابل المأمور و أثبت اللى بيحصل ده فى محضر رسمى و استمر فى سبى و استفزازى و تصويرى بموبايله الشخصى و رد قائلاً من المأمور لأصغر رتبة و عسكرى مش فاضيين للناس الوسخة أمثالكم
ثم خرج و تركنى و بعد حوالى نصف ساعة جاء الظابط يدعى النقيب منتصر المشهود له بالإحترام و الحيادية داخل القسم قام بفك الكلابشات و ادخلنى الى حجزى رقم ٦ و ابلغنى بأننى سيتم تحويلى للسجن المركزى بالكيلو عشرة و نص
و بعد حوالى نصف ساعة تم استدعائى لترحيلى للسجن المركزى بالكيلو عشرة و نص و أثناء وجودى بالاستيفة طلبت من نقيب حقوق الانسان النقيب احمد حامد قائلا لو سمحت عايز اقابل المأمور او نائبه أو ما ينوب عنهما
رد و قال لى ليه؟
قولتله عايز اثبت ما تم ضدى من الظابط عماد عفيفى و حكيت له عن ما حدث معى رد عليا قائلاً انت هنا متهم و ملكش حقوق و فيها إيه لما يكلبشك و يصورك و يالا عشان تتنيل تروح العشرة و نص
قولتله انا مش هتحرك غير أما ييجى المأمور و يتم تحرير محضر ده حقى و لازم استخدمه
رد عليا ببنية فى وشى و وابل من الشتائم بأقذر الألفاظ بالأب و الأم و سب الدين فرديت برضه مش متحرك غير أما احرر محضر عن اللى عملته معايا كمان
و كان الرد هو الإعتداء عليا بالضرب منه و قالى بعلو صوته فى وسط القسم و هو بيشتمتى و ييسبلى الدين .. دية أى كلب منكم رصاصة تغوره فى داهية و اشترك معه الرائد محمد الروبى
و تم ترحيلى بالقوة الى السجن المركزى بالكيلو عشرة و نص
ماذا نملك بعد سلب الحرية إلا كرامتنا و بعض ما تبقى من انسانياتنا التى لا نستطيع ان ندافع عنها قانوناً و نحن بداخل سجون هذا النظام القمعى بأرجوكم رجاء شخصى يا من أنتم بالخارج و تدعون الحقوق و الكرامة و الإنسانية و يا أيها المحاميين الحقوقين أن تتخذوا كل السبل و القنوات القانونية و الشرعية فى الحفاظ على حقوقنا و محاكمة المنتهكيين قبل مسح ما حدث من كاميرات القسم واضعين نصب اعينكم ان ما حدث يحدث أضعاف اضعافه مع الجنائين الذين هم أولاً و أخيراً مواطنون مصريون افعلوا شيئاً وإلا فالموت أشرف لنا و حينها ستكون مقولة النقيب احمد حامد حقيقة و هى اننا لا نساوى طلقة واحدة."
مالك عدلي – بالرغم من قسوة التجربة بس الحمدلله
بالرغم من قسوة التجربة بس الحمدلله علي نعمة الحلم الغالي اللي مينفعش يتفرط فيه والامل الموصول بالحق والعدل والحرية اللي مسيرنا هنشوفها يوم ما. طريقنا اللي اخترناه للدفاع عن كل اللى شايفينه حق لازم نكمله وعارفين ان احنا هندفع تمن غالى على كل موقف وكلمه فى مواجهة العبث والظلم ، وبكل شجاعة هنتمسك بكل أحلامنا ، وعلى قد ما أنا زعلان إنى محضرتش قضية تيران على قد ما كنت بأطير من الفرح وأنا بتابع المجهود الكبير اللي كل المواطنين عملوه لتجميع وثائق تؤكد مصرية تيران وصنافير وإظهار كذب رواية الحكومة وتابعيها، كان نفسى أكون فى المحكمة يوم الثلاثاء القادم 21 يونيه عشان أسمع حكم تيران وحكم الزام الدوله بالسماح للمحامين بالدخول لمقر نيابة أمن الدولة لممارسة عملهم، بس أنا متأكد إنى اشوف الجلسة بعنيكم ومتأكد إن كلكم هتكونوا هناك بتحضروا الجلسة
محمود طلعت (طمطم) – مساء الخير من داخل السجن
مساء الخير من داخل السجن
بقالى فتره متردد من الكتابه عن كم الازمات اللى بنمر بيها مش بس من وقت اعتقالى لكن قبلها بفتره لكن صراحا السجن اهو انسب وافضل مكان يقرر فيه الواحد انه يراجع نفسه و افعاله و ماضيه و مستقبله و خصوصا افعاله فى السابق مش بس انا ولكن كل الاوساط اللى الواحد ضم عليها و اتأثر بيه و أثر فيها .. !! بداية احب اوضح بإن كل التجارب السياسيه و الحياتيه اللى مريت بيها بأت بالفشل ! ايوه بالفشل ..الفشل فإن يتأثر بأفكارنا و أدبيتنا و مبادئنا على الاقل واحد من الميه ألف مواطن .. مستوعبين الرقم ..!! مقدرين حجم الضعف و قله الحيله و الخيبه اللى بنعملها على مدار ما يقرب من 6 سنين و من بين كل المصدقين بأفكارنا هتلاقى فى مجموعات قليله جدا هى اللى بتمارس افكارنا بإيمان و مش مدعيين ... ! صدقونى الثوره مش موضه ولا هى روشنه مثلا أو أوساطها مكان أكل عيش ولا حتى مكان للجواز و الارتباط أو زى ما بنقول طول الوقت " بلاش ظيطه "
من الاخر كده مش كل من قاعد فى بيته ماسك موبايله او معاه كيبورد أصبح ناشط سياسى و شخصيه عامه و مؤثر فى المجتمع ... ولا كل اللى قعد على القهوه و اتكلم شويه عن الحريات و الحقوق و اد ايه هو اصبح متحرر أصبح مدافعا عنها ولا حتى كل اللى نزل الشارع و هتف بعلو صوته حريه و طالب باسقاط النظام هو مؤمن بهتافاته ولا كل كاتب و قارئ عن الفلسفه و الحق و الغلابه اصبح منظر و فيلسوف ولا كل واحد بيصلى و حافظ لدينه و أدابه أصبح أمام او داعيه او قص
الأفكار أقوى من الرصاص و مضاده لها
الثوره حق و الحق كالزيت يطفو دائما
لا مجال لانتصارنا الا بإيمانا بأفكارنا
و كثير من الشعارات اللى بنرددها دايما و بنتناقش فيها و بنمل من كتر ما بنكتبها على الفيسبوك و السوشيال ميديا وللأسف أغلبنا مش مؤمن بيها ولا حتى بيناقشها من نابع الدفاع عنها ولكن لمجرد الظهور اى كان او الوجاهه الاجتماعيه بإن غيره يقول عليه مثقف انا عارف انى ساخط و كلامى هيضايق ناس كتير و إحتمال كبير يتواجه كلامى بالهجوم ومش مستبعد ان التضامن معايا يقل او ينتهى عموما مش مهم كلامى مش مهم لأنه هيمر عادى زى كلام اى معتقل و الناس هتقراه و هتنسى شكرا
محمد عادل – العبسخانة
العبسخانة- جزء من رواية كتبت داخل السجن . في يدي " حظاظة " كانت يومًا ما تحمل ثلاثة ألوان , لكنها الآن فقدت أحدهم وأضحت بلونين فقط .. احملها حول معصمي ما يزيد على السنة لم اخلعها يومًا واحدًا . كنا نفترش سريرًا حيث خلعت هي تلك " الحظاظة " والتي كانت مربوطة حول كاحلها وربطتها حول معصمي .. قالت " لا تخلعها أبدًا " .. هززت رأسي بالإيجاب .. وعدتها وعدًا صامتًا في داخل نفسي ألّا أخلعها أبدًا . اقف الآن أمام ضابط مباحث بقسم شرطة السيدة .. قميصه مكوي و ساعته فضية لامعة و شعره قد أرهقه كي يحافظ على مظهره المبلل .. وجهه أظنه لم يعتد إلا التجهم , لا يلائمه الابتسام ولا يناسبه الضحك .. لا أستطيع تخيله يبكي أيضًا . تردد ضحكاتها في رأسي بينما يأمرني ضابط المباحث أن أخلع ما في يدي و أتخلي عن تلك الـ " التفاهة وشغل الخو*** " . أحاول أني أخفي توتري .. نقطة عرق منفردة تتهادى من أعلى ظهري لأسفله .. أصابع يدي تنقبض و تنبسط عنوة .. صوت ضحكاتها يشوش تفكري . - " ما تخلع يا **أمك " يعلو صوته و تعلو حدته .. يزداد توتري .. يتحرك من مكانه ليقف أمامي .. يفوقني طولًا رغم طولي .. يرفع يدي عاليًا .. للحظة أرهبني الموقف .. ارتعشت .. حركت يدي اتحسس " الحظاظة " .. ترتسم على وجهي ابتسامة بطيئة .. تذكرت صوتها .. صورتها .. أتذكر ليلة سندت فيها رأسها على كتفي و نامت فلم أتحرك خشية أن تفيق .. تلطم وجهي ضربة قوية .. تذكرت بكاءها و بكائي .. جفاءها و جفائي .. تلطم وجهي ضربة أخرى .. تذكرت الشِعر البرتغالي المترجم نتلوه ليلًا .. تذكرت تشايكوفسكي ننام على ألحانه . ارتمي على الأرض أثر دفعةٍ قوية .. أتلقى ركلة قوية من قدمه .. كنا ننعم بكثير من الضحك بلا سبب .. و كثير من البكاء بلا سبب .. دموعي أنهمرت رغمًا عني .. لم تصدر مني آهة واحدة , لكن دموعي خانتني و انسدلت .. جسدي يرتعش على اثر الضرب , والضابط يلتقط أنفاسه . مزيج من اليأس و الإحباط يجعلونه يأمر حارس بابه أن يعيدني إلى الغرفة التي بها زملائي . أتحامل على الحارس مستندًا .. اسقط بين اذرع زملائي فور دخولي الغرفة ..يتلهفوني متسائلين " ضربك ليه ؟ " .. " اعترفت بحاجة ؟ " .. " إيه اللي حصل ؟ " .. " يا ابني قول لنا ضربك ليه " . أميل برأسي فأجد حزمة الأربطة مازالت حول معصمي .. اتسائل داخل رأسي ( بدلًا من ضربي لماذا لم يقم بقطع الـ " حظاظة " بكل سهولة ؟! ) . أجبت على زملائي " تصدقوا فعلًا مش عارف كان بيضربني ليه بالظبط
صبري انور – ليس مكاننا السجن
اسم السجين (اسم الشهرة) : صبري انور النوع الاجتماعي : ذكر تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 6/18/2016 السن وقت...
علاء احمد سيف الاسلام عبد الفتاح حمد (علاء عبد الفتاح) – مخاض عالم رائع جديد (3): مين اللي يقدر ينافس أوبر!
لا جدل حول تفوق أوبر في جودة الخدمة. الأمر لا ينحصر في شكليات كموديل السيارة وبشاشة السائق، ولا رفاهيات مثل تشغيل التكييف، وإنما يمتد لأمور مهمة مثل الشعور بالأمان ووجود آليات فعالة لمكافحة التحرش الجنسي. لكن تفوق أوبر وهيمنته لا يعتمدان على الجودة فقط، بل على عوامل هيكلية في الأسواق.
يقلقني السعي الدؤوب لفرض تقنيات اقتصاد المشاركة على التعليم مثلًا أو الرعاية الصحية. كما أتحسب ليوم تظهر فيه تقنية تُزعزِع مجال عملي. لذا اهتم برصد عجز التاكسي الأبيض عن المنافسة، وهو ليس أمرًا منزوعًا عن السياق العام في القاهرة، كما أن تفوق أوبر ليس منزوعًا عن السياق العام في كاليفورنيا.
منعُ مقدمي خدمة التاكسي في مصر والراغبين في الاستثمار فيها من تطويرها، يحدث بفعل فاعل. مثلًا سبقت إطلاقَ تاكسي العاصمة محاولةٌ لتأسيس شركة تدير أسطول تاكسيات متصلة بغرفة تحكم مركزية من خلال راديو قصير الموجة (لاسلكي)، ورفضتها الأجهزة الأمنية والجهات السيادية. المحاولة الثانية استُبدل فيها بشبكة الراديو الاتصال بالمحمول مع متابعة الأسطول من خلال أجهزة تحديد الموقع الجغرافي (جي بي إس)، واصطدمت أيضًا برفض أمني. لم تكتف الأجهزة الأمنية برفض فكرة غرفة التحكم المركزية من بابها، بل امتد الأمر إلى منع تقنية تحديد الموقع وعرقلة تطور نظم المعلومات الجغرافية، إما بالمنع أو برفض إتاحة ما تملكه الدولة من خرائط بتكلفة معقولة. إلى أن فرضت هيمنة الآيفون وخرائط جوجل تغييرَ السياسات. تأثير شركات كاليفورنيا على سلطاتنا واسع، وتنفتح أبواب الوزارات بل والرئاسة لممثليها. أما الشركات المحلية فلا تنفتح لها إلا متاهات البيروقراطية وكوابيس القيود الأمنية.
وبعيدًا عن محاولات التطوير التقني، طُرحت أفكار أكثر تقليدية لإقامة مشاريع نقل جماعي أكثر آدمية من الميكروباص، وأقل تكلفة من التاكسي. النقل الجماعي في أغلب بلدان العالم هو خدمة مدعومة من أموال الضرائب، أي أنه ليس مجالًا مغريًا بالاستثمار لمن يرغب في تحقيق هوامش ربح مرتفعة. لذا سعت تلك المشاريع لتأسيس تعاونيات للنقل الجماعي بقاعدة ملكية واسعة، يُمَثَّل فيها السائقون وقطاع من الركاب. اصطدمت تلك الأفكار بقصور تشريعي لا يسمح فعليًا بتأسيس تعاونيات.
أما عن التاكسي الأبيض نفسه، فسائقوه وملاكه، مثل كل المصريين، محرومون من حق التنظيم النقابي الحر. لذا لم تُتَح لهم المشاركة في صياغة مشاريع لتطوير الخدمة، ولا تحريك أسعار العداد لتتناسب مع زيادة أسعار الوقود أو قطع الغيار أو حتى السلع الأساسية، ولا تحقيق مرونة في التسعير تفرَّق بين أوقات الذروة وأوقات الهدوء النسبي، أو ساعات العمل وساعات الليل المتأخرة، ولا تفرِّق بين المشاوير داخل المدينة والمشاوير التي تستدعي ركوب الطرق السريعة. وهي حقوق متاحة لسائقي التاكسي في أغلب البلدان المتقدمة، ليعكس السعرُ التباينَ في المخاطر أو المشاق أو معدلات إهلاك السيارة.
بالمقابل، تبنت الدولة سياسات تنموية خلقت وضعًا مثاليًا لأوبر بتوسعها في بناء أحياء ومدن جديدة، بدون الاستثمار في وسائل نقل جماعية، رغم انخفاض تكلفة مد خطوط قطارات في الصحراء المنبسطة، كما تجاهلت الدولة حجز حارات للأوتوبيسات على الطرق السريعة، وبدلًا من تقديم تسهيلات وحوافز للقطاع الخاص للدخول في مشاريع نقل جماعي، قدمت الدولة تسهيلات ائتمانية للمستهلكين شجَّعت على امتلاك السيارات الخاصة، واستمرت في توفير البنزين المدعوم للسيارات الملاكي، حتى بعد أن تحولنا لبلد تستورد الوقود بكثافة.
هذه السياسات التنموية لا تعبر فقط عن انعدام الكفاءة وقصر النظر والمركزية المفرطة في اتخاذ القرار، بل هي بالأساس تعبير عن الانحياز لمصالح شريحة من المجتمع، جنت ثروتها من الاستثمار العقاري، وصمَّمت المدن والأحياء الجديدة بناءً على رؤيتها للعالم وقيمها الثقافية وتصورها عن شكل الحداثة والرفاهية، الممثَّل في كومبوندات وسيارات خاصة تقطع مسافات شاسعة بين أماكن السكن والدراسة والعمل والترفيه.
هذه المنظومة القيمية ليست بمعزل عن التأثر بكاليفورنيا، فاقتصاد كاليفورنيا يكاد يكون الاقتصاد الحديث الوحيد الذي لا تلعب فيه وسائل المواصلات العامة والنقل الجماعي دورًا يُذكر، حتى مقارنةً بولايات أمريكية أخرى كنيويورك. كما أنها ليست مصادفة أن يسمى أحد أقدم مشاريع كومبوندات ضواحي القاهرة “بيفرلي هيلز” نسبةً إلى الحي الهوليودي الشهير.
كيف تقاس المسافة بين القاهرة وكاليفورنيا
يصر المتحمسون للتقنيات المزعزِعة والثورة التكنولوجية الرابعة على إنكار أي محتوى أيديولوجي أو ثقافي لهذه التقنيات، ويفسرون الانحياز الجغرافي بالأسبقية التاريخية فقط. وفقًا لهم، فكل ما يحتاجه “رواد الأعمال” في أي مكان على الكوكب هو فكرة. فرص الكل متكافئة في تحويل تلك الأفكار لمشاريع ناجحة بتكلفة منخفضة، على أساس أن تصميم برمجيات وتطبيقات جديدة لا يحتاج لعقود من التراكم الرأسمالي، اعتمادًا على تولي الشركات الكبرى كأبل وجوجل وأورانج وفودافون مهمة توفير البنية التحتية وإزالة العقبات البيروقراطية. نظريًا لا فارق بين شركة مصرية وأوبر إلا الأسبقية. طالما أن لدى الشركة المصرية فكرة تمثل حلًا ناجحًا لمشكلة حقيقية.
يمكن رصد تهافت هذه الأساطير بسهولة. فلو أن كل المطلوب فكرة، ولو أن الأسبق غالبًا يفوز، لما هيمنت أوبر أصلاً، ﻷنها ليست أول من اخترع آليات اقتصاد المشاركة، ولا أول من وظَّفتها في التشارك في السيارات الملاكي كبديل للتاكسي. لم تقدِّم أوبر تقريبًا أي حلول أو أفكار جديدة أو خصائص فريدة لم يأتِ بها منافسوها والسابقون عليها، اللهم إلا استراتيجيات لإغراق السوق ومزاحمة المنافسين بأساليب مطعون في قانونيتها.
حتى شرط أن تُقدِّم الفكرة حلًا لمشكلة حقيقية مجرد أسطورة. فمدن مثل باريس ونيويورك بها وسائل مواصلات عالية الجودة والكفاءة والانضباط وواسعة التغطية، كما أن خدمات التاكسي بها لم تكن مصدر شكوى واسعة مثلما في مصر، حتى يتسنى الحديث عن حلول ومشاكل. ومع ذلك اقتحمت أوبر تلك الأسواق بعنف يهدد أرزاق سائقي التاكسي، وبإلحاح يغري الحكومات بالتخلي عن التزاماتها تجاه وسائل النقل الجماعي (خصوصًا أن نقابات العاملين بمؤسسات النقل العام تتمتع بمركز تفاوضي قوي، نظرًا لامتداد تأثير إضراباتها على كافة أوجه النشاط الاقتصادي).
لو كانت الفرص متكافئةً حقًا، لرأينا تطبيقات وخدمات ناجحة عالميًا صادرة من بلاد لها إسهاماتها المهمة في تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومع ذلك لا ريادة أوروبا الغربية في تطوير الوِب، ولا ريادة الإسكندناف في تطوير المحمول، ولا ريادة كوريا الجنوبية في تطوير الشبكات، ولا ريادة اليابان في تطوير الإلكترونيات، انعكست في قوائم التطبيقات الأكثر انتشارًا. بل أن المنافسة من ولايات أمريكية غير كاليفورنيا نادرة.
يقوم نموذج كاليفورنيا ووادي السيليكون على تخمة في التمويل تسمح بتغيير قواعد السوق، بحيث تُعفى الشركات من ضرورة تحقيق أرباح، مقابل أن تحقق نموًا مطردًا ومتسارعًا، على أساس أن نمو قاعدة المستخدمين وتزايد اعتمادهم على الخدمة المقدمة يعكس قيمة مضافة يمكن تحويلها لأرباح في مرحلة لاحقة. وفقًا لهذا النموذج، لا يحقق المستثمر مكاسب من توزيع أرباح الشركة، بل من حصيلة بيع الشركة نفسها، بأضعاف ما استثمر فيها، لشركة أكبر تتولى هي مسؤولية تحويلها لوحدة رابحة أو حتى امتصاص الخسائر المستمرة في صورة تخفيض ضريبي (بيع أنستاجرام لفيس بوك مثلًا)، أو يحقق المستثمر مكاسبه بعد إدراج الشركة في البورصة من خلال المتاجرة في الأسهم التي يرتفع سعرها، لتعكس حصة الشركة من السوق ومعدل نموها والقيمة المضافة، بغض النظر عن تكاليف التشغيل وصعوبة جني الأرباح. السر وراء تفوق أوبر بكل بساطة هو تمويل خرافي يسمح للشركة بتحمل خسائر ضخمة عامًا وراء عام. لا تحقق أوبر أرباحًا في الوقت الحالي، ولا حاجة لها لتحقيق أرباح على المدى القريب، ولا حتى المتوسط. هذا التمويل يسمح لها بإغراق أي أسواق تلاقي فيها منافسة أو مقاومة، بأن تصرف مثلًا مكافآت إضافية للسائقين لاستقطابهم بعيدًا عن المنافسين، كما يسمح بالإنفاق على حملة دعاية وعلاقات عامة واسعة التأثير، بما فيها على صانعي القرار، والأهم أنه يسمح بالتوسع السريع في أسواق جديدة دون الحاجة للتأني والدراسة المرتبطة أساسًا بحسابات المكسب والخسارة، والأخطر هو إمكانية تحمل تكاليف أي نزاعات قضائية مع منافسين أو سائقين أو زبائن أو ممثلين للحكومات المحلية أو المجتمع المدني، ومد إجراءات التقاضي لاستنزاف الخصوم، ثم التسوية خارج المحاكم، قبل صدور أحكام نهائية قد ترسخ مبادئ ملزمة.
عند مرحلة ما من هذا النمو السريع يتحول الأمر لاحتكار للسوق بفضل ما يسمى بـ”تأثير الشبكة”. فأي سائق جديد سيفضِّل أوبر على المنافسين بسبب اتساع قاعدة المستخدمين، والأمر ذاته ينطبق على الركاب. وطبعًا نظام تقييم السائق والراكب أكثر كفاءة مع زيادة عدد المستخدمين وعدد الرحلات.
تحمُّلُ خسائر في مراحل التأسيس، أو لوضع قدم في سوق جديدة، هو سلوك طبيعي في أي نشاط رأسمالي، لكن تمويل خسائر فادحة لفترة ممتدة بغرض السيطرة على السوق يُسمَّى عادة إغراقًا وَسَعيًا للاحتكار. أما ضخ أموال لدرجة تعفي قطاعًا ما من أعباء تحقيق أرباح، فيسمى عادة دعمًا مستترًا، ويُفترض أن التوسع فيه مضرٌ للتنافسية ومشوه للأسواق. لو تبنت شركة مصرية تعمل في الفضاء المادي (صناعات غذائية مثلًا) استراتيجية مشابهة من إغراق معتمدٍ على دعم يقوِّض التنافسية سعيًا لفتح واحتكار سوق أوروبية مثلًا لرُدعت فورًا. لكن شركات وادي السيليكون تستمر في تمويل الخسائر، حتى بعد نمو قاعدة زبائنها لتصل إلى مئات الملايين.
وتلاقي اقتصادات تسبقنا بمراحل صعوبةً في استنساخ أو منافسة نموذج كاليفورنيا هذا، رغم الرواج المفرط لسياسات تشجيع “رواد الأعمال” و”الشركات الناشئة”. فما بالكم بحال بلادنا؟
مثلًا، تحاول ألمانيا المنافسة بتشجيع البنوك على ضخ أموال لسوق البرمجيات والتطبيقات، عن طريق تسهيل الائتمان للشركات الناشئة، وتقبل مخاطر فشل وإغلاق العديد من المشاريع على أمل أن يعوض نجاح مشروع واحد خسائر العشرات.
في مصر، وأيًا كان مصدر التمويل وشروط الائتمان، فغالبًا ينتهي بك الحال للتوقيع على شيكات أو وصولات أمانة. أي أن المخاطرة والتجربة مصيرها السجن وخراب البيوت.
تكاد الصين تكون الدولة الوحيدة التي نجحت في تحصين اقتصادها من زعزعة وادي السيليكون، بل ونجحت في دعم شركات محلية تقدم خدمات بديلة. استخدمت الصين نفس آليات تشجيع التصنيع، أي السياسات الحمائية والقيود الصارمة التي تحدد أي الشركات الأجنبية يُسمح لها بدخول السوق الصينية وفي أي مجالات، مع قائمة شروط طويلة (يقضي مارك زوكربرج الكثير من وقته في الصين في محاولات دؤوبة لإقناع السلطات بالسماح بدخول فيس بوك للسوق الصينية). هذه السياسة انعكاس لسياسات إحلال الواردات التي تبنتها دول ما بعد الاستعمار في مراحل تشجيع التصنيع. لكن يضاف إليها في المجال المعلوماتي الرغبة السلطوية في التحكم التام، والتقييد الصارم لحرية الرأي والتعبير.
وبما أننا غالبًا لا ننوي إصلاح سياساتنا التنموية، ولا تطوير بنيتنا التحتية، ولا تحسين تعليمنا، ولا تشجيع مبادراتنا الفردية، ولا إطلاق حرياتنا العامة، ولا حتى إحلال وارداتنا، وغالبًا لن ننقل عن الصين إلا النزعة السلطوية، فالأفضل لي ولكم أن نضع القلق جانبًا ونتعلم أن نحب أوبر.
وبكرة تحلى لما أوبر يلغي السواق لصالح سيارة ذاتية القيادة، ومشوار الجامعة يبقى أرخص، وبعده أحلى كمان لما يلغوا الجامعة وتلغي المشوار وتقعد في بيتك معزز مكرم تتعلم من خان أكاديمي، وبعده أحلى وأحلى لما تلغي مشوار الشغل كمان، وتقعد في بيتك فواعلي بتشتغل بالحتة في سوق عمل مرن مبني على المشاركة، وبعده أحلى كمان لما يطلَّعوك معاش مبكر لصالح روبوت.
ما تنساش تشغل التكييف، دا البنزين مدعم والدعم لازم يوصل مستحقيه.
محتجزة بسجن القناطر – الثعابين معششة في عنبر البنات
ان الثعابين معششة في سقف عنبر البنات و ان الثعابين الصغيرة وقعت عليهم وهما نايمين وان الإدارة مستهترة في التعامل مع الموقف. خالتو سلوى في المستشفى والدكاترة مش عارفين تعبانة من ايه وشغالين يدوها حقن ومش بتعمل حاجة.. و احنا شاكين تكون التعابين بختلها في الأكل.. احنا مسكنا التعبان الخامس امبارح وحطيناه في علبة طلعناها للإدارة وبردو الإدارة تجاهلت الموقف.. نطالب بلجنة معاينة للسجن ضروري
احد الطلاب المحتجزون المعتدى عليهم في ترحيل الطلبة لسجن برج العرب – شهادة من احد الطلاب المعتدى عليهم في ترحيل الطلبة
"نزلنا من عربية الترحيلات وبندعي ربنا يعديها على خير من غير مشاكل ، دخلنا السجن ، كل واحد حط حاجته وبدأ التفتيش ، عددنا كان 34 طالب ، كان في مخبر بيمرهنا وبيحب يعمل مشاكل أكتر من غيره ، اسمه "حسن الونش" ، كنا متفقين على إن واحد مننا يكون مسؤول عننا ، وكان هو الوحيد الي بيتكلم مننا وبيهدّي الجو ، وكان حسن الونش ده بيستفزنا وبيهددنا وبيطول لسانه علينا واحنا ساكتين مش بنرد ، وبعد وصلة طويلة من الاستفزاز وصلنا للتشبيه " التتميم على الأسامي" وجه على اسم مننا نادى عليه ، فرد "أيوة" . الكلمة معجبتش ظابط نظام كان واقف فقام مزعق وقال الاحترام مينفعش معاكم وسحبه بعيد عننا ، ولما المسؤول عننا قرب عشان يتفاهم معاه زعقلنا وقال "كله يرجع ورا"، وشوفنا زميلنا بيتاخد بعيد وبيتضرب من مخبرين ، فكلنا احتجينا وزعقنا فقالولنا "خلاص اهدوا الموضوع هيخلص"، في الوقت دة على طول كان نائب المأمور جه ، ومعاه قوة أمن مركزي وزميلنا اختفى، سألنا نائب المأمور عن مصير زميلنا فرد علينا "هيروح التأديب والي مش عاجبه فيكم يقفلي على جنب" . فهجموا علينا امن مركزي ومخبرين وبعد كدة شوايشة وحتى نباطشية ومساجين من عنابر تانية كلهم بعصيان وشوم كأنهم بينتقموا، والي يقع مننا يتلموا عليه زيادة، طلعنا نجري في السجن لجوة من كتر الضرب وهم بيجروا ورانا، وكل الي يشوفنا في السجن يسحب شومة ويطلع يجري ورانا من كل حتة ، واحنا أصلا مش عارفين نروح فين ، وفضلنا نجري لغاية ما قربنا من مجموعة "هو" الي حواليها سور ، والي فيها عنابر السياسي، لقيناهم قافلين باب المجموعة وعملوا علينا كماشة عند سور المجموعة، كلنا قعدنا في الأرض من التعب والانفعال ونزلوا فوقنا بالشوم والعصيان وكل الي منهم يضرب فينا زيادة ، وهم بيضربونا سحبوا مننا خمسة تانيين للتأديب على طريقة فيلم الأرض بالظبط ، مسحوا بيهم السجن وضربوهم ضرب مشوفتوش قبل كدة ، وكان من الي بيضربونا ظابط نظام اسمه " البنهاوي" وسحبوا الـ 28 وأنا منهم بالضرب لحد الناحية التانية لعنبر الإجراء."
مجموعة من الطلبة المعتقلين على خلفية قضايا سياسية – مجموعة من الطلبة المعتقلين على خلفية قضايا سياسية
إن ما حدث يوم الجمعة الموافق 17/06/2016 ف ظهيرة اليوم الثانى عشر من رمضان ضد الطلبة المعتقلين لهو من العار لما حدث لهم 34 طالب من خيرة شباب الوطن لا هو حرامى ولاهو مدمن هو بس موجود هنا فى المكان دا عشان رفض الظلم وأعترض على نظام ديكتاتورى عسكرى فاشل. بعد عودتهم من امتحانات الجامعة من سجن الحضرة إلى سجن البرج أجتمع عليهم إدارة السجن من ضباط وأمناء وأفراد حتى بعض الجنائيين " المسيرين " من ضرب وسحل وسب هؤلاء الطلاب، لم يسلم احد منهم والنتيجة الاخيرة لذلك أكثر من حاله ارتجاج فى المخ وكسر ايدى وارجل وكدمات فى جميع اجسامهم وتم اخذ بعضهم عنابر التأديب والباقى عنابر الامانة وفى اليوم التالى جاء المأمور إليهم بعد ان علم بالحادث وحقق فيه وإعتذر لهؤلاء الشباب ووعد بأتخاذ إجراءات ضد هؤلاء الجناه وأعلن انه سيخرج باقى الطلبه من التأديب ولكن لم يفى المأمور بوعده مما جعل الطلاب يضربون عن الطعام حتى ترجع إليهم حقوقهم فإذا بإدارة السجن تصعد الامر بقطع الكهرباء والمياه ومازال الطلاب مصرون على الاضراب حتى يتم تنفيذ ما قاله المأمور ونحن طلبة سجن برج العرب نتهم إدارة السجن بالشروع فى قتل أكثر من 30 طالب وتعذيب أكثر من 6 طلاب حتى الان فى مراكز تعذيب السجن " عنابر التأديب" ونحمل إدارة السجن المسؤلية الكاملة عن أرواحنا فأن الادارة المسؤل الاول والاخير عنا وبالاضافه الى إننا نطلب من نقابة الأطباء فصل أطباء برج العرب لعدم إهتمامهم بحاله الأضراب وتعنتهم فى عمل محاضر إضراب للمضربين ونحن طلبه سجن برج العرب نعلن إضرابنا التام لحين تنفيذ طلباتنا الاتيه: 1- خروج اخواننا ورفقائنا من التأديب 2- عدم تكرار ما حدث مرة اخرى 3- محاسبة كل من شارك بالواقعه من الامناء للمامور للاطباء 4- فصل اطباء السجن وتقديمهم للمحاكمة 5- نعلن اليوم نحن طلاب سجن برج العرب الاضراب من يوم الجمعة الموافق 17/06/2016 – 12 رمضان
علاء احمد سيف الاسلام عبد الفتاح حمد (علاء عبد الفتاح) – مخاض عالم رائع جديد (2): ذرّات وبِتّات
رغم إصرار مروجي سردية الثورة التكنولوجية الرابعة على المقارنة المخلة بالثورة الصناعية، إلا أنهم يدَّعون أن التقنيات الحديثة؛ كاقتصاد المشاركة والذكاء الصناعي والتعلم العميق والطباعة ثلاثية الأبعاد، هي تقنيات معنية أساسًا بفضاء المعلومات لا بالفضاء المادي. بمعنى أن هذه الثورة التكنولوجية محايدة جغرافيًا، مما يخفف من حدة العنف المصاحب لها، بعكس الثورة الصناعية التي تركزت المنافسة فيها على السيطرة على المواد الخام ومصادر الطاقة وممرات التجارة العالمية.
صحيح أن احتمال اندلاع حرب عالمية بسبب اقتصاد المشاركة مستبعد، لكن هذا لا يعني الغياب التام لمظاهر العنف والقهر، فالانفصال عن العالم المادي أسطورة. لم يكن لأوبر أن تزدهر لولا انتشار الهواتف الذكية في كل الأسواق. يعتمد إنتاج تلك الهواتف بكميات ضخمة وبأسعار منخفضة نسبيًا، مع الاحتفاظ بهامش ربح مرتفع لشركة أبل وأخواتها، على مصانع صينية عملاقة، يخضع فيها العمالُ لظروف عمل شديدة السوء، تصل أحيانًا لدرجة احتجاز العمال والسخرة المقنَّعة، مما أدى لفضائح متعددة لأبل، أشهرها ارتفاع حالات الانتحار وسط عمال تلك المصانع. كما تعتمد تلك المصانع على معادن نادرة تُستخرج أساسًا من مناجم بدائية في وسط أفريقيا، تنتشر بها عمالة الأطفال في ظروف بيئية وصحية غير آدمية، وتغذي مكاسب تلك المناجم الصراعات بين ميلشيات وعصابات مسلحة.
حتى في الولايات المتحدة لا يخلو الأمر من عنف كامن ومستتر. فرغم تقدم الاقتصاد هناك خطوات واسعة في الانفصال عن المادي والتركيز على إنتاج واستهلاك البرمجيات والتصميمات والخدمات. ورغم انخفاض معدلات البطالة، إلا أن البعض يفسر صعود اليمين المتطرف (ترامب وتيد كروز وما شابه) بهشاشة أوضاع الطبقة العاملة هناك، في ظل سوق العمل المرن الجديد هذا. كما ظهر خطاب عنيف واستنفار جماهيري ودعوة لحلول حاسمة للعودة لماضٍ جميل، كرد فعل على إجماع النخب السياسية والاقتصادية والإعلامية والأكاديمية على حتمية التراجع عن ضمانات وحقوق العمال.
لكن الأخطر من فساد المقارنة بين الثورة الصناعية ونظيرتها التكنولوجية المزعومة، هو فرضية أن التباين في تحقيق مكاسب من تبني التقنيات الحديثة لا يرتبط إلا بتوزيع الموارد. لم يكن تراكم المكاسب الرأسمالية أبدًا نتيجة تلقائية للتقنية والأسواق، وإنما لسياسات الدول أولًا. فمثلًا، راكمت البرازيل مؤسسات وخدمات اجتماعية، واستثمرت في التعليم والصحة، بفضل أرباح تصدير المواد الخام. لكن الكونغو لم تراكم إلا ميلشيات وسلاحًا. والصين راكمت بنية تحتية ومعارف علمية وهندسية من أرباح الصناعة المعَدَّة للتصدير، لكن بنجلاديش لم تراكم إلا جثث عمال المصانع المتهالكة.
بل أن الطبيعة اللا مادية للثورة التكنولوجية الرابعة قد تعني مكاسب أقل وتراكم أكثر مركزية مقارنة بالثورة الصناعية. الثورة الصناعية غيَّرت عملية الإنتاج نفسها، وكانت طبيعة المنتجات والتغيرات الطارئة على أسواق العمل نتيجة لذلك. لكن اقتصاد المشاركة لا يطرح وسائل جديدة لإنتاج السلع والخدمات، فمجال تغييره هو سوق العمل نفسه، لا تطبيقاته.
أوبر مثلًا لم تغير تقنيات المواصلات، الحل الذي تقدمه أوبر لسؤال: “كيف أنتقل من منزلي لمكتبي؟” هو ذاته الحل الذي يقدمه التاكسي، إيجار سيارة وسائق لمشوار واحد بسعر متناسب مع المسافة والوقت. ما تغير هو آلية التعاقد مع السائق وهيكل توزيع الربح وملكية الخدمة.
تعتمد بنية مشاريع اقتصاد المشاركة أساسًا على حقيقة أن تكلفة مدِّ الخدمة لمستخدمين جدد متناهية الصغر (تكلفة إنزال تطبيق وفتح حساب)، وتكلفة دخول أسواق جديدة تكلفة منخفضة، مما يدعو للشك في إمكانية حدوث أي تراكم في رؤوس أموال أو أصول أو بنية تحتية أو خبرات أو معارف أو خدمات.
مكتب أوبر مصر غالبًا صغير، وأعداد موظفيها المطلوبين لإدارة السوق محدودة، وطبيعة مهامهم لن ينتج عنها نقل معارف جديدة. وطبعًا لن تمتلك الشركة أو تطوّر أصولًا أو عتادًا، ولن تستثمر في بنية تحتية. السائق يوفر السيارة، والدولة توفر الطرق والوقود المدعوم بالدولار. وطبعًا عندما تحقق الشركة أرباحًا بالجنيه ستخرجها بالدولار. أي أن التراكم كله في كاليفورنيا. الأرباح هناك، والاستثمارات والوظائف العليا (إدارة، تصميم، برمجة، تخطيط، إلخ) أيضًا هناك. وبما أن أوبر تُعَرِّف نفسها بوصفها شركة برمجيات لا شركة نقل أفراد، فلا تتوقع منها دفع ضرائب معتبرة، لا هنا ولا هناك. أغلب شركات وادي السيليكون الكبيرة تسجل مقراتها الرئيسية في ملاذات ضريبية، وتدعي أنها تحقق أغلبية أرباحها في المقر الرئيسي، كي تستفيد من اتفاقيات منع الازدواج الضريبي. وتُلاقي الولايات المتحدة صعوبات بالغة في تحصيل الضرائب من أغنى شركات العالم كجوجل وأبل وفيس بوك، لدرجة أن أوباما شخصيًا تدخلَّ في التفاوض مع كل شركة، ومع ذلك لم ينجح في تحصيل ما هو أكثر من الفتات.
أما سجل مصر في الاستفادة من ثمار الثورة الصناعية فمؤسف، رغم اندماجنا المبكر في أسواقها، وأزمة الدولار الحالية خير شاهد، أما سجلنا في تحصيل الضرائب فحدث ولا حرج، ويكفي ما يتواتر عن عجز الدولة عن تحصيل ضريبة الدخل من موظفين لديها، لمجرد كونهم قضاة.
لا سبب لافتراض أن أداءنا سيتحسن مع الثورة التكنولوجية الحالية. الحقيقة الوحيدة المؤكدة أن أوبر تقدم خدمة أفضل للمستهلك. وأكثر من هذا مجرد أحلام وردية وقصص خيالية، وربما الكثير من حسن النية. وحسن النية، كما صرح الرئيس المُلهَم، لا يبني دولًا.