الرسالة الثامنة
"إلــيــكُــم.."
سَنَخرُجُ يومًا
كما يبْزُغُ النُورُ في الفَجْرِ
يُولَدُ من بطْنِ ظُلمَتِهِ الحالِكَةْ
سيذُوبُ
جليدُ الكَلَبشاتِ
حولَ معاصِمِنَا المُنهَكَةْ
يعجزُ الثلجُ حبسًا لأيدي
اللذين تنامُ الشموسُ بِرَاحَاتِهِمْ
يعجَزُ الليلُ كبتًا لأصواتِ من
بحناجِرِهِم دفْءَ لَحْنِ المآذِنِ والدَّيَكَةْ.
سنخرُجُ يومًا
ونُطلِقُ أعيُنَنَا كعصافيرِ صُبْحٍ
تُضمِّدَ جُرْحَ السماءِ
التي غرزَ السورُ في لحمها لزمانٍ
سكاكينَ أسلاكهِ الشائِكَةْ
سنقْفِزُ شوقًا لأعلى
لأعلى.. لأعلى.. لأعلى..
فلا سقْفَ
يحجبُ صاحبَنا/ البدْرَ عنَّا أخيرًا
إذا مَدَّ في الليلِ
حَبْلَ ضياءٍ حنونٍ لكي نُمسِكَهْ
سَنَخْرُجُ يومًا
كما يَتَفَجَّرُ ينبوعُ ماءٍ
بجوفِ الحَجَرْ
سيُفجِّرُ دمْعُ البَشَرْ
كلُّ أحْجَارِ هذي السجونِ
ويُغرِقُ سَجَّانهَا
كُلُّ أمٍ بَكَتْ إبْنَهَا
سوفَ تَغسِلُ أحزانَها
ألفُ زغرودةٍ تَنْهَمِرْ
لتُعانِقَ دمْعاتِها.. الضاحِكَةْ.
سَنَخْرُجُ يومًا
وننظُرُ في عيني القَهْرِ
"ها أنتَ
شرَّحْتَ جسمَ الضحيةِ حَدَّ العظامِ
فماذا تبقّى؟
لقد أثْلَمَ العظْمُ سيفَكْ..
أيا قهرُ.. عُدْنَا
وإنا هنا لم نعُد خائِفينَ
انْظِرِ الآنَ أعْيُنَنَا
ثم حاولْ إذًا أن تُداري خَوْفَكْ
أيا نَذْلُ.. عُدْنَا
وهذي دمانا تُخضِّبُ كَفَّكْ
وكَفُّكَ رغم السلاح المُدجَّجِ مُرْتَبِكَةْ
حِكْتَ فخًا دَنيئًا لَنا..
أَوْقَع الفَخُّ ذَا حائِكَهْ
حينما الدَمُّ في الأرضِ يُسْفَكْ
تَفُوحُ روائِح ثأرٍ
_ولو بعدَ حينٍ_
إلى الجوِّ خانِقَةً سافِكَهْ
سنَخْرُجُ يومًا
وفي الجسْم نَدْبٌ كَخَتْمِ النُبوَّةْ
سيحكي صَبيٌّ نقيٌّ مُفَوَّهْ
عن الشُرَطيِّ المُشوَّهْ
عن الشُرَطيِّ الغَبيّْ
أذاقَ صبيًا بَريءْ
عذاباتِ موتٍ بَطِيءْ
بصاعِقِهِ الكَهْرَبيّْ
فعاش برغمِ الصواعِقِ ذاكَ الصَبيّْ
على جسمِهِ نَدْبُ جُرْحٍ مُضيءْ
وأصْبَحَ ذاكَ الصبيُّ لنا
فارِسًا ونَبيّْ
بقلبٍ قَويٍ ووجهٍ وضيءْ
يُفتِّشُ لاهائِبًا
عن حصونِ الظلامِ لكي يَهْتِكَهْ
سَنَخْرُجُ يومًا
سيخرُجُ ألفُ نَبيٍّ
لكي تبْدَأَ المَعْرَكَةْ..
سَنَخْرُجُ يومًا
