رسائل جدران العزلة

Filters
عام تحرير أو نشر الرسالة
تصنيف مكان االحتجاز المرسل من خلاله الرسالة
اللغة
الفئة العمرية
النوع االجتماعي

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – في مثل هذا اليوم

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – في مثل هذا اليوم

فى مثل هذا اليوم ، منذ اثنين وعشرين عاماً ، حدث امر جلل ، فى مثل هذا اليوم ، اتولد واحد حبيبى فى مثل هذا اليوم ، اتولد ايمن على موسى يراودنى احساس بالـ Dejavo ، لانى فى مثل هذا اليوم منذ عام ، كنت امسك ورقه وقلم واكتب رساله شبيهه بهذه التى اكتبها الآن . كنت فى سجن استقبال طره ، توجهت من زنزانتى الى الخارج ، رصدت مكانه ثم اتجهت اليه ، قفزت على ظهره اطوقه بعناق قوى . "كل سنه وانت طيب يلا !!" ناولته الرساله ، قرأها و بدا عليه التأثر ثم احتضننى بقوه هو الآخر. وعدته اننا سنكون بالخارج قبل عيد ميلاده القادم معاً ان شاء الله . لم أنجح فى المحافظه على وعدى ، وها أنا اكتب رساله اخرى فى عيد ميلاده الثانى والعشرين ، فى الداخل ، وفى ظروف اسوأ. فى مثل هذا اليوم ، منذ عامين، كنا فى سجن المرج. كان قد مر على اعتقالنا تسعة عشر يوما فقط ، لكن صداقتنا كانت قد توثقت فيهم . اقمت انا وحسن نوفل surprise party بمناسبه عيد ميلاد ايمن الواحد والعشرين ، كان اول شخص منا يأتى عيد ميلاده فى السجن ، حضَّرت له هديه كانت عباره عن كشكول به اهداءات من جميع افراد القضيه ، ظننت اننا سنخرج قريباً. اريد ان اتحدث عن صداقتنا ، لكن لا اعرف من اين ابدأ ومن اين انتهى . كيف تحكى عن علاقتك بشخص لم تفترق عنه لعامين كاملين ، تتشاركان الاكل والشرب والنوم والاستيقاظ والضحك و البكاء والافراح والاحزان والمحنه والاهانه والغضب والثوره وادق تفاصيل حياتيكما من اتفهها لاعمقها ؟ لا اجد فى كلماتى ما يعبر عن مثل هذه العلاقه ، لهذا سأتحدث عن شخصه. عن ايمن الذى فى حياتى لم اجد برهانا حياً على امكانيه التغير للافضل اكثر منه . شاهدته يتحول الى مثال للشاب المسلم الخلوق المتدين ، والصديق الصالح الذى يدفعك للخير دفعاً . عن ايمن الذى لم اجد فى حياتى الناس مجمعه على حب شخص مثلما وجدتهم مجمعين عليه ، لا تسأل عنه احد إلا اثنى ومدح وأشاد بكرمه ، وإيثاره وانعدام انانيته ومساعدته للناس . عن ايمن الذى هو روح اى تجمع واخف الجالسين ظلاً ، وكم ضحكت حتى آلمنى جنبى وانا فى صحبته . عن ايمن الذى فى خضَم اليأس والبؤس والبكاء تجده مبتسماً يخفف عن هذا ويُثبت ذاك ولا تراه إلا صابراً محتسباً . وبشاشته تخفف عنك الهم ما ان تراه . عن ايمن الرياضى المُخضرم الذى شاركته التدريب يومياً ، واستفدت منه بشده ، وتعلمت من مثابرته ودأبه فى ممارسه الرياضه ، كم المجهود الذى يجب ان ابذله والاراده التى ينبغى ان اتحلى بها لاحقق ما اريد . عن ايمن الطالب الذكى الذى كان مدرساً مساعداً منذ كان فى الثانويه البريطانيه IG وعوناً لجميع زملائه ، بما فيهم انا عندما كنت ادرس منهج الـ GUC ، ولم افهم الكثير الا بعد ان شرحه لى . اليوم ، للاسف الشديد لن استطيع ان احتضنه بقوه مثل العامين الماضيين ، لان الظَلَمَه هنا فرقوا زنزانته بعد حدوث مشكله بها ، وتم نقله الى عنبر آخر . لم يستطيعوا تفريقنا مع ذلك ، نتبادل الرسائل يوميا ، احيانا نتكلم من وراء السور الفاصل بين العنبرين . لا اراه ولا يرانى لكن اذا تحدثنا بصوت عالٍ نسمع بعضنا بصعوبه . يوم زيارته يتسلل الى عنبرنا واحاول ان اقابله ونتكلم فى سرعه وحراره لدقائق قبل ان يُكتشف امره ويلقوا به فى التأديب .ليس مثل السابق لكنه افضل من لا شىء . لا اجد اكثر من ان اقول انى لو عدت الى يوم السادس من اكتوبر 2013 ، وكان لدى اختيار الحريه مع علمى بان المقابل انى لن اعرف ايمن فى حياتى ابداً ، اعتقد انى ساختار السجن ، او على الأقل ، سأفكر كثيراً قبل القرار . إلى صديقى وأخى وحبيبى ، أيمن على موسى . لا أعلم اين سنكون فى عيد ميلادك القادم. لكنى اعلم أننا سواء كنا فى الداخل أو الخارج ، سنكون يقيناً ان شاء الله معاً. كل سنه وانت طيب يا صاحبى . : )" عبد الرحمن الجندى 25/10/2015 الاحد

محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – الرسالة السادسة “إلــى القريــب”

محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – الرسالة السادسة “إلــى القريــب”

الرسالة السادسة
"إلــى القريــب"
سُجَناءٌ نحن بأنفُسِنا
لا يدري كلُّ سجينٍ
كيف غدتْ أضلعُهُ قُضبَانَهْ
أغرابٌ..
يَحْدونا للغدِّ سَرابٌ..
ليسَ لظمآنِ الصَحراءِ شرابٌ..
إلا.. نِسْيانَهْ
ننسى لنعيشَ..
نعيشُ لننسَى
نطرقُ بجماجمنا بابًا, نكسرُهُ
لتُفاجأُنا أبوابٌ أقسى
ونفتِّشُ عبثًا عن مِفتاحٍ
فالقفلُ المغلقُ أَصلًا خارجَ بابِ الزنزانَةْ!
بابُكَ _أعلمُ_ لا يُقْفَلُ
لكنّي خَجِلًا أسألُ
أوَتقبلُ قلبًا جاءكَ
يحملُ فوقَ خطاياهُ.. أحزانَهْ؟
الوحدةُ باردةٌ جدًا..
والغُربةُ عَرَّتني من صَبري
وأنا..
لا شِبْرَ تبقّى في ظَهري
لم يسلِخْهُ سوطُ القهرِ
فأَعِنِّي..
يا أقربَ لي مِنِّي
عَلِّمْني
كيف تواجهُ هذي الظُلماتِ جميعً
روحٌ مُثْخَنَةٌ عُريانَةْ..

محتجز مجهول – أحبابي الكرام .. أحمد إليكم الله عز وجل

محتجز مجهول – أحبابي الكرام .. أحمد إليكم الله عز وجل

بسم الله الرحمن الرحيم
أحبابي الكرام .. أحمد إليكم الله عز وجل الذي له الحمد في السراء والضراء وله الحمد في الشدة والرخاء فالحمد لله على كل حال.
وأصلي وأسلم على خير الخلق صلى الله عليه وسلم الذي علمنا كيف تكون العزة والكرامة وكيف يكون الثبات على طريق الحق المبين.
أولا : اشتاق إليكم كثيرًا فانا أفتقدكم بشدة وقد تعلمت منكم الكثير وأشهد الله دائما ( أني أحبكم في الله )
.
ثانيا : تعلمنا من القرآن الكريم ومن سيرة النبي أن الله يدافع عن أهل الحق وأن الله ناصر دينه ومعز عباده المؤمنين ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله لقوي عزيز ) ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) وقال رسول الله ( ليتمن الله هذا الأمر .. )
ودولة الظلم ساعة ودولة الحق إلي قيام الساعة والله يلمي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، والفرج مع الصبر والنصر مع الصبر ومع العسر يسرا ( عسى أن يكون قريبًا )
.
ثالثا : لا تحرمونا الاطمئنان عليكم وعن أخباركم.
.
رابعًا : ما حدث معي في الفترة الأخيرة بالتفصيل لكي تعرفوا ما هو الحال الذي وصل إليه الوطن فهو بالفعل مأساة نعيشها كل يوم.
— بعد إخلاء السبيل من المحكمة في القضية التي استخرجوها لي بعد البراءة انتظرت صحة الإفراج الذي تأخر لبعد عيد الأضحى ووصل 28-9-2015 وتم عرضي على المباحث وبعدها اصطحبوني إلي مقر الأمن الوطني 30-9-2015 وانتظرت هناك ثلاث ساعات دون عرض على أحد ثم أخُبرت أنهم اتصلوا بالقسم وأخبروه بالقرار وعدنا إلي القسم الساعة 1.5 صباحا ووجدنا رئيس المباحث في الانتظار وأمر بإدخالي إلي زنزانة انفرادي بجوار مكتبه وأخبروني أنني سابيت للصباح ثم أخرج !!!
وتركوني حتى نهاية الخميس وحدي إلي 9.5 مساءً اصطحبوني مرة أخرى إلي الأمن الوطني وفي الطريق فوجئت أن السيارة تتوقف أمام المديرية وصعدنا إلي الدور الرابع وقاموا بتعصيب عيني وتكتيف يدي وإدخالي إلي حجز إنفرادي وتركوني معصوب العينين وقاموا بربط الكلابش في حديد بالحائط وظللت على هذه الحالة 12 يوم كاملة !!!
والزنزانة بدون دورة مياه والطعام لا يكفي لطفل صغير ويأتي أيام وأيام لا يأتي وكنت لا أتناول الطعام إلا ما ندر وكانت التعليمات بمنعي من التواصل مع أهلي بأي حال !
— في البداية ظننت أن الأمر مجرد غلاسة أو قرصة ودن مثلًا لكن لقيت الموضوع طول مع بعض التحقيقات السخيفة الغبية.
وفي يوم الأثنين العشاء دخل عليّ الضابط وسأل على بيناتي كاملة فتأكدت أنه سيحدث شيء وفي تمام الساعة 1.5 صباح الثلاثاء تم فتح الزنزانة وأخبرني الحرس أنه سيتم إخلاء سبيلي لكنني أحسست ان الأمر غير ذلك.
وتأكد الحرس من تعصيب عيني بشدة غير معتادة وانطلقنا حتى تسلمني ضابط و 2 من المخبرين ونزلنا من المديرية وركبنا سيارة ميكروباص وانطلقت السيارة وأنا معصوب العينين حتى وصلنا إلي قسم شرطة محرم بيك.
تعجبت لماذا محرم بيك ! وظننت أن الأمر سيكون كعب داير على الأٌقسام ودخلت حجز انفرادي معصوب العينين ثم عُرضت على ضابط المباحث وأنا معصوب العينين وأخبرني أنه سيتم إخلاء سبيلي في الصباح لكني تيقنت كذبه.
— وفي الصباح علمت أننا سنتحرك إلي نيابة محرم بيك فعلمت أنها تلفيق لقضية جديدة !
وحوالي الساعة 11 قبل الظهر قاموا باصطحابي وقام المخبر بكلبشة يدي من الجهتين وحين خرجت من القسم وجدت موكب ضخم فتعجبت جدًا !!!
– عربية مصفحة من عربيات القوات الخاصة وهي التي ركبت فيها
– عربية بوكس القوات الخاصة به حوالي 10 جنود مسلحين ومعهم ضابط قوات خاصة
— وصلنا نيابة محرم بك ولا يريد أحد أن يخبرني بأي شيء حتى رفضوا الاتصال بأهلي أو الاتصال بالمحامي وعرفت في نهاية الأمر أنها تعليمات ألا أتواصل مع أهل أو محامي !!!
— وحوالي الساعة 4 تم عرضي على وكيل النيابة بعد أن دخل الضباط أولا وجلس معه ومع رئيس النيابة وقت طويل.
– دخلت على وكيل النيابة فتحدث معي بكل احترام وأخبرته بالتفاصيل كاملة وأنني مخطوف منذ 13 يوم ولم يفرج عني حتى الآن فتعجب كثيرًا وقال ( بس هما قايلين كلام تاني خالص ) قال لي أنت روحت .. قلت له محصلش .. قال لي احكي لي بالتفصيل فاخبرته بكل شيء لكني فوجئت أنهم لفقوا لي قضية في منطقة محرم بك وأتهموني بترويع الآمنين بالأسلحة !! قلت له هما عاملين القضية يوم كام ؟ قال لي 7-10-2015 ( يعني الفترة اللي كنت محبوس فيها ) ولفقوا لي فرد خرطوش لما رأه وكيل النيابة فتحه لقاه مصدي !!! فضحك وقال ده مصديّ !!! وطلبت إثبات ذلك !
— وقال لي وكيل النيابة ( تأكد إنك لو أتحبست فمش هكون أنا اللي حبسك !!! )
— وحين عرف وكيل النيابة أنني لم أتواصل مع أهلي طيلة مدة الاختطاف أمر الحرس أن أتواصل مع أهلي ووعده الحرس بذلك ثم رفض بالخارج !!!
وانتهى التحقيق وعدنا إلي القسم وعود على بدء .. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

خالد عبد الحميد – أبي ..تسرعت في قرارك بشأن تسليمي للمباحث

خالد عبد الحميد – أبي ..تسرعت في قرارك بشأن تسليمي للمباحث

السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة
أبي ..تسرعت في قرارك بشأن تسليمي للمباحث ! فقاموا بتعذيبي بطريقة بشعة وصعق بالكهرباء التي زادت عن الحد المناسب في جسدي وفي أماكن حساسة مما أدي الي إصابتي بتشنجات في العصب وحتي الان أعالج منها إحدي عشر يوما تعذيب إحدي عشر يوما صراخ صامت في قلبي قاموا بالتعامل معي بجميع الطرق الساذجة الوحشية من تعليق أمامي وخلفي وتفليك وصعق وماإالي ذلك وأنت تكذب كل هذا !! أتعلم يا أبي ؟! كنت أنام مقيد اليدين ومعصوب العينين !! هل يوجد قسوة مثل هذة ؟! ؤأنت تكذب كل هذا !! وبالرغم من الأثار التي مازالت في جسدي من التعذيب وأنت أيضا تكذب كل هذا ؟! أرسلت إليك هذه الصوره من الدور الثاني بجهاز المباحث كي تهتز عقيدتك التي تؤمن بها قاموا بتلفيق العديد من التهم التي لادخل لي بها وقاموا بوضعي في ثاني أكبر خليه إرهابي{ في الدقهلية !!أتكذبها أيضا ؟!
تسرعت في القرار وأنا بالصف الثالث الثانوي كيف بعد كل هذا تنتظر مني النجاح !! والذي نفسي بيده لو شخص اخر لقتل نفسه !!تم نقلي للمستشفي أكثر من اربع مرات ولم تأت تطمئن علي !!ما هذة القسوة ؟؟
أما بعد كل هذا لن أحدثك عن أختي التي أوهمتها بالوطنية الوهمية وحجبتها عني ٦ أشهر من الرؤيه!! أما أمي لن أحدثك عن ما فعلته بها لانك تعلم أنها أسطوره كفاح وفيما بعد التاريخ سيتحدث عنها أقسم بربي أنك خسرت كنزا وهوا أمي
أما بالنسبه لترويج الأخبار والإشاعات الكاذبة فأنت تعلم كل هذا !!
أبي لماذا كل هذا ؟! هل استفدت شيئا ؟!
أرسلت لك هذه الرسالة لغرض مهم يمكن أن تعتبرها برقية إستغاثة ألا وهي
أبي مجموعه من المحامين بعد اجتماع وأخذ الراى أجمعوا علي أن المرافعة الخاصة بي أمام القاضي تكون علي أساس إستجلاب العاطفة لذلك أطلب منك أن تاتي تدلي بشهادتك أمام القاضي العسكري بأنك قمت بتسليمي كي انضبط أوي زي ما بيقولوا ..أتعلم الأدب والموضوع كبر مني ومكنتش عارف انوا هايوصل للدرجة دي وبعد استدعاء القاضي لأي شخص وهمي من “صهرجت” ليتأكد منه بصحة كلامه علي أقوالك .وإذا محضر الضبط بتاعي بايظ وبناءا عليه التهم باطله وبناءا عليه البراءه بإذن الله
انتظر الرد
ابنك خالد

محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – متتالية الغياب”هُوَ..”

محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – متتالية الغياب”هُوَ..”

[متتالية الغياب]

"هُوَ.."

(1)

الإعدامُ شنقًا بالتفاف حبل عشماوي حول رقبته؟ أم الإعدام أسرًا بالتفاف حبل الزمان حول روحه؟ أن يتدلَّى الجسدْ من المشنقة صوبَ الموت؟ أم أن تُصلبَ الروحُ حيةً على قضبان السجون؟ أيهما أقسى؟ لا أحد يستطيع ضمان النعيم بعد انتقاله إلى العالم الآخر, حتى وإن كان أتقى عباد الله, وحدهُ جلَّ يعلمُ مصائرنا. لكننا جميعًا نستطيع ضمان العدل هناك, أستطيع ضمان الوقوف بين يدي من لا يظلمُ فتيلا.. أمَّا على الأرض فللظلم حبالٌ سميكة, حبال وتلتفُ وتُحْكَمُ بعنفٍ. هو يعرفُ هذه الحبال جيدًا. قُيِّدَ بها.. عُلِّقَ بها.. ولم يزل.

رمز العدالة الشهير امرأةٌ معصوبة العينين كي لا تحكم سوى وفقًا للميزان المقدّس الذي تحملهُ يدُها.. رمزٌ مُعبِّرٌ جدًا. فقط يلزمنا تعديلاتٌ قليلة ليُصبحَ الرمز أكثر دقة في التعبير عمَّا يجري في مصر: فلتَرمِ سيادةُ العدالة الميزانَ أسفلَ قدميها, ولتنتعِلْ كفَّتيه مثلًا, ولتُمسك بيدَها بدلًا منه رشَّاشًا مُوَّجهًا للمُشاهِد مباشرةً, وزيادةً في الدقة لتُبدِّل ملابسها الفضفاضة وتتخِّذ لباسًا داعرًا, هكذا أصْدَقْ: عاهرةٌ معصوبةُ العينينِ توَجِّهُ رشاشها نحوكَ.. وتبتسمُ في فجور.

لماذا لم تطلقُ العاهرة الرصاصَ صوبَ عنقِهِ مباشرةً؟ لماذا أصرتْ أن تغمِسَ سكينها بجراحِهِ.. ثم تتركه لينزف خمسةً وعشرينَ سنةٍ؟ لماذا؟ أية خطورةٍ كان يُشكِّلُها حضوره على الدولة لتحكُمَ عليهِ بالغيابِ المؤبَّدِ هذا..؟!

(2)

هو.. هناكَ حيثُ الهواء المشبّع بالصراخِ والأنين الآدمي, حيثُ للترابِ طعمُ الدماءِ وللظلامِ رائحة الصديد.. هناك لم يخلعوا أظافره. لكنه إثر الجرجرة أرضًا تهشَّمت أجزاءٌ بظفر قدمِهِ.. تدريجيًا إثر اتساخ الزنازن وتلوث الجرح, نما الظفر بشكلٍ جانبي تجاه لحم الإصبع. صارَ شوكةً ذاتيةً مستحيلة الانتزاع. انغرس.. وغار عميقًا في لحمه الحي.. الآن يتمنى لو كانوا خلعوا ظفره في السلخانة, يتمنى لو أنه تجرع الألم شربةً واحدة بدلًا من قطراته اللئيمة الممتدة الوجع..

(3)

هو.. كمجذوبٍ بنوبة فوران, يطرقُ بكفيه العاريتين باب الزنزانة الغليظ, يلصقُ فمَهُ لفتحة النظارة الضيقة, ويصرخ "واحد بيمووت يا ولاد الكااالبْ" يطرقً, يركل, يسب, يلعنُ غير عابيء باحتمالية عزلهِ في زنزانة تأديب لتجرأه على الاشتراك في الهياج والهتاف إسراعًا لطلبِ طبيب. لم يكن مسموحًا إطلاقا أن يتضامن مع زميل في زنزانة مجاورة حتى إذا تأكد من إصابته بأزمة تنفسية إثر فراغ موسِّع الشعب خاصته.. غير عابيءٍ شارك بحدة وانفعال, يتعجب –حين يسترجع المشهد الآن- من امتلاكه لهما في تلك اللحظة..

كانت تلك أولَ حالة إهمال طبي يعايشها في رحلته داخل السجون, هذا طبعًا إذا استثنينا تعامل طبيب السجن مع آثار التعذيب وكأنها وشم خاصٌ رسمَهُ السجينُ لنفسه بنفسه لأسبابٍ حميمة لا يجوز التدخل فيها..

كم من الشهور مضت عليه حين فوجيء بنفسه ينادي السجّان بهدوء "عندنا حالة تسمم في زنزانة 6, عايزين الدكتور.. بسرعة الله يبارك لك يا عم عبد الصادق" ثم يعود لرفاقه.. ثالثهم دخل في نوبة قيءٍ حادة, يسنده, يطمأنه: "تحمَّلْ, بسيطة.. لا.. لا جدوى من أي أقراص, سنتقيأها فورًا, لابد لنا من حقن بمضاد قيء ومطهر معوي, موجودة عندهم بالطبع, قد يأتون خلال نصف ساعة, أو –غالبا- لن يأتوا.. سنتقيءُ حدَّ الإنهاك, فننهد وننام, وغدا يحلها الحلال. كانت الزنزانة كاملة تتبادل الاشتراك في جوقة القيء الجماعي.. تماسك هو قليلًا, ثم عاودته النوبة فأفرغ آخر ما في معدته المتشنجة. جلس أرضًا تذكَّر صديقه ورفيق سكنه, تذكر حين انتابته نوبة كهذي هناك خارجَ الأسوار: "وخزةُ الإبرة في وريدي, رعشة القلق في عيني صديقي, وتربيتته الحانية على رأسي.. ابتسامةٌ.. ونوم" تذكَّر هو الآنَ, فابتسمَ, لكنَّه لم ينَمْ. نظر إلى الباب. مازال في ساعديه قوة ليطرقَ, لكنه لم يفعلْ. نظرتُهُ هادئةٌ.. باردةٌ.. رماديةٌ.
روَّضوه؟ لا أدري. ربما لم يَزَل تحت الرماد جمرةٌ.. تعاند.

(4)

في ليالي الفقد, اعتاد أن يلصق وجهه بأسلاك الشباك, ليرى نجمات الذكريات البعيدة, لعلها تقرضُه بعض الضي. في تلك الليالي اكتشف في قلبه غُرفًا مهجورة وفي روحه مساحاتٍ بكر, خضراء, يانعةً بأزهار محبةٍ خالصةٍ لأهله, لرفقته, أحلامه, ووطنهِ.
لكنَّه مع طول الليالي, وتحت وطأة التكرار, أسلم مساحاتٍ وغرفًا أخرى في أعماقه إلى الصمت.
صمتٍ غير مُطَّعمٍ بتأملٍ أو تفكير, صمتٍ خاوٍ تمامًا..

أليس من حقِّه أن يصمت قليلًا؟ أن يرتاحَ ويكُفَّ عن التغريدِ كتابةً للعالم الخارجي؟ [هذا أوانُ الأنين لا التغريد..] أليسَ من حقهِ أن يبتعد عن الشباكِ ويلتصق بأحد أركان الزنزانة لعلَّه يحافظ على آخر رمقِ دفءٍ في جسده النحيل؟ مادام النور مستحيلًا الآن, والخيارُ بينَ نصفِ حضورٍ في الظلال وبينَ غيابٍ تامٍ في الظلام.. ليكُنْ الغياب.

في الغياب, لا ذاتيةٌ, لا "أنا عليا", لا خجل. في الغياب يتكوَّر يتلوَّى.. يئنْ. يتأوَّه, يلعقُ جراحه كقطٍ وحيدٍ.. ربما يُشفى, أو.. يُجَّنُ.
هو ليسَ حجرًا –وإنَّ من الحجارة لما يشَّقَّق..- ليثبُتَ في نهر الزمان. ليس قويًا الآن ليسبحَ. ليس جبانًا لينتحرَ في اليأس غرقًا. إنسانٌ يستمسك بآخر نفسِ حياةٍ. يحاول الطفوَ. وفي الطفوِ مقاومةٌ ما..

(5)

هكذا دار الحوارُ بيننا:
- ادعُ الله وثقْ أنَّك ستخرُج قريبًا
= بل ادعُ الله أن أبقى أنا حين أخرج.. ولو بعد حين.
- الله لا ينسى عباده.. أبدًا.
= ولكن عباده ينسون.. كثيرًا.
- يئست؟
= لا. ولن.
- تعبت؟
= جدًا
- اكتب
= لا أرغب
- ابكِ
= لا أستطيع.
- اصرُخ
= لا أقوى.
- ماذا تريد؟
= أريد ان تتركني لحالي. أن أنام ليلةً بلا أرقٍ.. أن أصمتَ يومًا بلا وخز ضمير.. أريدُ أن أغيب.

(6)

هكذا قالوا له: "نحنُ معك.. لن نرحل", "أنت معنا.. لم تغِبْ", "عهدناك قويًا.. فابقَ", "اشتقناك", "ستُفرج", "الله يعدِّكَ لشيءٍ كبير.. أبْشِرْ", "الحياة بشعةٌ في الخارج", "بكَ نثبت", "تعبنا..", "تائهون نحن.. جميعًا", "سامحنا", "علاقتنا أكبر من ان تُختَزل في خطاب.." ثُمَّ ماذا؟ ثم ينقطع الإرسالُ تمامًا. لقد رحلوا. لقد غابْ.

(7)

هل تعجبت من الاضطراب الواضح في إيقاع هذا النص؟ اعذرْهُ فالكلمات لا تتحرك برأسه إلا بشكلٍ بندولي أو دائري, تمامًا كما يتمشَّى هو في ممر العنبر. نفس الشكل. ربما ما كان ليكتب بهذا الاضطراب لو استطاع المشي دقيقتين, دقيقتين فقط دون أن تصطدم كلماته بجدارٍ.

(8)

هو..
كيف يكتب "تاء الفاعل" من انعدَم فعلُهُ في العالم الخارجي تمامًا؟
كيف يأمنُ "ياء الملكية" من تهددتْ علاقتُهُ بكل الأشياءِ والبشرِ والأحلامِ في الصميم؟
كيف يلفظُ "ضمير أنا المتكلِّم" من لم يعدْ واثقًا من معرفتِهِ لـ "أناه" بعد تكاثر الشروخ بها كسرطان..؟

مازال يُفضِّلُ قسوة الواقع الصادق على نعومة الأمل الكاذب. لذا حينَ خطَّ قلمه هذه الأسطر, شطبَ تلقائيًا تاء الفاعل, وياء الملكية وأنا المتكلِّم, وبدأ النص وختمه بضمير الغائب:-
هُوَ..

مهاب عبد الونيس طلبه (مهاب كيتا) – تغير إدارة سجن ملحق وادى النطرون

مهاب عبد الونيس طلبه (مهاب كيتا) – تغير إدارة سجن ملحق وادى النطرون

رسالة مهاب المعتقل بسجن وادي النطرون
اليوم الأحد الموافق 11 10 2015 اليوم الـــ 688 من الصمود
تم تغير إدارة سجن ملحق وادى النطرون منذ حوالى شهر بسببالأحداث الأخيرة اللى حصلت فى السجن والإدارة الجديدة أول ماجت وعدت بحل كافة المشاكل وطلبوا مننا فترة من الوقت نصبر عليهم لحد ما يعرفوا طبيعة السجن ومرت الأيام وإحنا مستنيين نشوف جديد لحد ما إدارة السجن أخذت قرار بقفل جميع منافذ التهوية فى الزنازين وبيقولوا إنها أوامر المصلحة فالناس رفضت عندنا فىالزنزانة لأن معظم الناس عندنا فى الزنزانة ناس كبيرة فى السن أعمارهم 50 و60 عام بالأضافة أصلآ إن الزنزانة مساحتها 3 × 4 م وفيها 26 فرد والتهوية اللى موجودة فيها تكاد تكون معدومة ورئيسالمباحث أسر على القرار وجاب العساكر والظباط بالشوم وشدواأحد الأخوة من الزنزانة وهو رجل كبير فى السن ومريض ونزلوا فيه ضرب وأحنا أعدنا نخبط على الباب لحد مابطلوا ضرب وبعدين أخدوالأخ على العيادة وده كانت بداية المشكلة تانى يوم طلعنا تريض والتريض هى الفترة اللى بيتم السماح لينا الخروج من الزنزانة ومدتهاساعتين بعد الساعتين لما خلصوا رفضنا دخول الزنازين إلا لما يتم عمل محضر رسمى باللى حصل جه المأمور ومعاه الضباط وهمابيتكلموا معانا قام أحد الضباط بضرب أحد الأخوة وسبله الدين وطبعآ بعد الموقف ده الضابط أنضرب وأتعمل معاه الصح وبعدها الإدارة بتاعت السجن هدت الموقف ونفذوا كل مطالبنا وكانوا بيهدونا مش أكثر وتانى يوم رئيس مصلحة السجون ورئيس منطقة وادى النطرون جم السجن ومعاهم قوات فض الشغب وقوات خاصة وحاصروا العنابر ومنعونا من الخروج من الزنازين وبقوا يمنعوا عننا أكل السجن حتى الزيارات بقينا نشوف أهلنا حوالى 5 دقائق وأخر زيارة الأهل بيفضلوا بره السجن من الساعة 6 الصبح لحد 3 العصر علشان يشوفونا 5 دقائق؟؟؟؟ وبعدها بكام يوم جه مساعد وزيرالداخلية ومعاه قوات فض الشغب وأعد يمجد فى الكلب السيسى وهددنا بالقتل وبعدها أتعرضنا على أمن الدولة خلال العرض ضابط أمن الدولة قالى أنت بتحرض الناس على ضرب الضابط
قولتلوا محصلش قولتلوا اللى حصل إن الضابط ضرب واحد واحد مننا وذى ما ضرب أنضرب .
رد عليا وقال أنت عارف ضرب ضابط لو أتحكمت فيها هتاخد فيهاأد أيه رديت عليه
قولتلوا مش فارقة كتير أنا واخد 5 سنين سجن زود عليهم 5 كمان يبقوا عشرة وفى الأخر كلها أحكام ما أنزل الله بها من سلطان ولما ربنا عزوجل يريد إنى أخرج هخرج وذكرته بقولالمولى عزوجل فى سورة (( النحل )) (( إنما قولنا لشىء إذا أردنه أن نقول له كن فيكون )) (( الأية 40 ))
رد عليا وقال وشرف أمى لخليك تقضى الــ 5 سنين فى السجن مش هتخرج غير لما تتعرض عليا تانى.
رديت عليه وقولتلوا (( فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا )) (( سورة طه الأية 72 ))
وكملت كلامى وقولتلوا أنى أنا جيت السجن علشان عقيدة ومبدأ وعارف إنى ممكن أموت أو أتسجن وكنت مستعد إنى أضحى بعمرى كله فى سبيل دينى فمش هخاف من تهديدك أنى أقضى كام سنةفى سجن ولازم تفهم إنك بتتعامل مع جيل جديد بايع حياته لله مش فارقة معاه وطول ماربنا مدينى عمر عمرى ما هسكت عن الظلم حتى ولو كان الثمن حياتى .
رد عليا وقال يا أبنى أنت لسا صغير عندك 21 سنة وأنت ذى أبنىأقبل نصحتى وصلى وصوم وخليك فى حالك وأبعد عن الطريق اللىأنت ماشى فيه علشان تخرج وقالى أنا كنت جاى اليوم أنا والقوةاللى معايا علشان نغربكم ونوديكم لسجن الوادى الجديد وأهلكم هيتعبوا بس أحنا قولنا نديكم فرصة تانية لأن رئيسنا السيسى علمنا الحنية وبعدها أتكلبشت خلفى ورجعونى الزنزانة والوضع أصبح صعب فى السجن أكثر من الأول نسألكم الدعاء .

اسماء حمدي عبد الستار السيد (اسماء حمدي) – تَبَدُّل آني من الطاقة إلي الوهن العام

اسماء حمدي عبد الستار السيد (اسماء حمدي) – تَبَدُّل آني من الطاقة إلي الوهن العام

تَبَدُّل آني من الطاقة إلي الوهن العام، وغصَّه إبتلعتها فصارت تجثم علي صدري .. الأمر برمته خداع في خداع. يعتقلونا من بين أحبابنا، من قلب تفاصيل حياتنا ثم يزعمون أننا نزلاء .. مأمور السجن يستشيط غضباً من كلمة سجين، ينفيها داوماً "متقوليش سجينة إسمها نزبلة" ! ما مقدار الانفصام الذي يحياه فيصور له أننا في فندق أو قرية سياحية يديرها هو وننزلها نحن .. لم يعدمونا صراحة كما الآخرين ولكن لفظة الأعدام أصبحت تتكرر يوميا علي مدي الاسابيع الأخيرة .. كلها ارهاصات واشاعات في يادئ الامر ثم اليوم [ أعدموا كافة الجوابات الواردة ] الجوابات التي لن يعرف حيويتها سوي معتقل أو زائر له .. كزيارة الامس عندما قرروا انتهاء وقت الزيارة بعد خمسة عشر دقيقة فقط بحجة أن لديهم أعمال أخري وبخدعة أن سنعوضكم المرة القادمة وهو ما يعد كذباً بينا وليس هذا ما يضير فالسجان قد يكون أي شي، ولكن الامر كله في معني التعويض .. ما الذي يعوض أم وأخت وحبيب قطعوا مسافة ثلاثمائه كيلو متر جاءوا بعد خمسة عشر يوما ثم لم يتبادلوا معي سوي بضع كلمات لا تسمن ولا تغني من اطمئنان ..ما الذي يعوض وجع قلبي عليهم . لعن الله أرواحكم، لم تقترحونها علينا ثم تغدرون بنا مع انكم في موقف السلطة ويمكنكم منعها تماما ؟! أم أنه الطبع الذي يغلب علي التطبع .. طبع الغدر والقهر والتجبر .. الجوابات التي بمثابة الحياة، تكتمل بها الزيارة المنقوصة وتكتمل بها إنسانيتي .. انسانيتي في التواصل مع ذويي، في العيش معهم دقائق جياتهم ولو حتي علي الورق .. حتي مشاركة الورق يبخلون بها علينا، يحرموننا منها .. هل يصدقوا خيبتهم بأنني ارهابية قاتله تعيث في ارض الله فساداً وخرابا ! أكلمة حق تفعل بهم كل هذا .. الا لعنة الله علي الظالمين .. الا لعنة الله علي الكافرين. 636 يوم اعتقال Asmaa Masr الابعدية المعتقل

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – جعلت أنظر بإشفاق إلى صديقى بالزنزانة و هو يبكي

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – جعلت أنظر بإشفاق إلى صديقى بالزنزانة و هو يبكي

جعلت أنظر بإشفاق إلى صديقى بالزنزانة و هو يبكي. ربتّ على كتفه محاولًا مواساته. كنا قد انتهينا للتو من أداء صلاة العيد و بدأنا التكبير من النظارات فى جميع الزنازين. كان أول عيد له فى السجن. مررت بهذه التجربة و أعرف شعوره.
تذكر الأهل و النزول للصلاة و مقابلة الأصدقاء و الروح الجميلة فى الأجواء و زيارة العائلة و ذبح الأضحية و الخروج مع الأقارب. تذكر كل ذلك فبكى. أما أنا فلم أبكِ. لأنه كان خامس عيد لى فى السجن.
إذا حاولت التذكر، رجعت بالذاكرة لعيد الفطر، فتذكرته هنا فى سجن ملحق وادى النطرون، و إذا رجعت أكثر للعيد السابق له، تذكرت استقبال طرة و الصلاة فى الزنزانة الصغيرة مع خمسة أشخاص آخرين. و قبل ذلك تعود ذاكرتى لسجن المرج و العنبر الكبير الذى كان يحوى قضيتنا و بعض أفراد قضية مسجد الفتح. أتذكر إمضائى الوقت بصحبة أيمن و إبراهيم حلاوة نواسى بعضنا و نضحك على ما نحن فيه. ثم أتذكر قبلها أول عيد لى فى سجن المرج، و الذى كان فى نفس الوقت أول يوم لى فى سجن المرج، حيث تم ترحيلى و قضيتى هناك فى يوم عرفة. كنا نسخر من سخرية القدر، أن كنا يوم عرفة كالحجيج، دخلنا السجن صائمين و خلعوا عنا ملابسنا و سلمونا ثياب التحقيق البيضاء كثياب الحجيج، ثم حلقوا رؤوسنا تماماً كالحاج يتحلل من إحرامه، ثم أدخلونا إلى عنبر خاص بنا و نحن عرايا، فارتدينا ملابس التحقيق و أفطرنا مع المغرب، ثم استيقظنا و صلينا الفجر و بعدها العيد و نحن صلعٌ بملابس بيضاء قذرة لا نملك سواها و نحن نبكى.
بكيت يومها. بكيت كما يبكى هو الآن. أما الآن، فلم أبكِ.
أشعر أن شيئاً قد مات بداخلى، أو أن إنسانيتى قد ديس عليها حتى لم أعد أشعر بها. لم أبكِ منذ أكثر من عام و كأن مدامعى قد جفت أو أن قلبى قد تحجَّر.
أشعر بأنى أريد أن أبكى على انعدام بكائى. هل هذا منطقى؟ حوَّلنى السجن إلى فيلسوف.
أتذكر ليلة أمس عندما فتحت الأبواب و نادوا على أسماء اتضح أنها حصلت على عفو رئاسى. نهتف و نفرح و نودعهم بحرارة، و هم غير مصدقين أنهم بين لحظة و أخرى، سيمضون العيد وسط أهلهم.
بعضهم خرج بدون شئ و ترك كل متعلقاته من شدة الفرح.
أسمع فى الراديو أن سناء سيف ابنة أخت الدكتورة أهداف سويف، و يارا سلام التى قرأت عنها كثيراً، و شادى تركى، صديقى من قضية خلية الماريوت، قد خرجوا جميعاً فى العفو.
أشعر بالسعادة. أغمض عينى و أتخيل نفسى مكانهم. فى طريقى للخارج. للشارع. للسيارات. للناس. لمدينة الرحاب. لبيتي. لأسرتي. لأصدقائى. لغرفتى. للحرية.
أبتسم لاإراديًا.
ربما يومًا ما.
-عبدالرحمن الجندي
الخميس 24/9/2015

عمر علي حسن عبد المقصود (عمر عبد المقصود) – كيف نعيش؟!

عمر علي حسن عبد المقصود (عمر عبد المقصود) – كيف نعيش؟!

كيف نعيش ؟!.. أو بماذا نعيش داخل السجن ؟! .. حكت لي زوجتي المصون في إحدى زيارتها لي، عن لقاء خاص جمعها بالدكتورة أهداف سويف، ودار الحديث بينهما حول أوضاع المعتقلين، ومدى المشاعر المتراكمة التي لا تحظى بفرصة للتعبير عنها في دقائق محدودة، وهي مدة الزيارة – من قبل الأهالي والزوجات لذويهم وأزواجهم المعتقلين-.

أعلم أن رفيقة دربي قد فاض بها الكيل، و إلا لما باحت واشتكت فهي بطبعها أو كما عاهدتها ، قليلة الشكوى، صبورة , حمولة .

وجهت الدكتورة أهداف بعض النصائح لزوجتي؛ ذكرت لي منها واحدة، وطلبت مني أن أعينها على تطبيقها، وكانت النصيحة أن تحاول زوجتي أن تتخيل حياتي داخل السجن ، وتحاول أن تستخدم ما أستخدمه من أدوات، و أن تستيقظ وقت ما أستيقظ و أن تأكل مما آكل منه .... إلخ.

ولذلك قررت أن أكتب لها هذه الكلمات وللقارىء، لعلي أنقل بعض مما نعيشه :
حياتنا بلاستيكية بامتياز، الملاعق ، الشوك، الأكواب، الأطباق، علب العصير والمشروبات الغازية، سوست الشنط، الأكياس، أكياس الشيبسي، حافظات الأطعمة، حتى الأحذية لابد و أن لا تحتوي على أي معادن، فقط قماش أو بلاستيك .

من المتفق عليه في كافة اللوائح والسجون (( البلاستيك )) في كل شيء ، لا أذكر أنني استخدمت أكياس العطور البلاستيكية وأنا طليق، حتى التونة – إحدى أكلاتي المفضلة – والأسماك المعلبة، كان الأهل يتحايلون على العلب الصفيحية و المعدنية لها، بتفريغها في علب أو أكياس بلاستيكية، وما هي إلا ساعات حتى تفقد صلاحيتها، فطريقة حفظها تعتمد بشكل كبير على ما تُحفظ فيه، غير أني علمت أن إحدى الشركات الرائدة في مجال التعبئة والتغليف قد أنتجت أكياس وعلب بلاستيكية مُعبأة بالتونة، حتى يسهل التخلص من البلاستيك بعد أكل محتواه كما أنه أقل تكلفة من التعبئة في علب من الصاج أو المعدن ، و أضيف سبباً أعتبره رئيسياُ للتوجه للتعليب البلاستيكي للتونة ، وهو السماح بدخولها السجون والاحتفاظ بها لفترة أطول في أجواء يصعب الاحتفاظ فيها بالأطعمة.

لا أذكر تماماً متى كانت آخر مرة أكلت بملعقة معدنية، أو في طبق من الخزف أو الصيني، لا أذكر حتى متى كانت آخر مرة رشفت فيها رشفة شاي من كوبٍ زجاجي، لكني أذكر ذات مرة أن أحد أمناء الشرطة القائمين على حراستنا – وكان بيننا مودة – أهداني رشفة شاي من كوبهِ الزجاجي على سبيل الجميل الذي سيرد يوماً ما بخدمة أو بحفنة من الجنيهات، أذكر تلك الرشفة جيداً ، وأذكر تماماً اختلاف طعم الشاي - الذي أعشقه – بين الكوب البلاستيكي الأبيض وبين الكوب الزجاجي.

أعتقد أن أصعب ما يمكن تطبيقه في الحياة المدنية – خارج السجن – أن تعيش بدون مرآة ترى نفسك فيها، قد نتغلب نحن الرجال على تلك المشكلة عن طريقة الحلاقة لشعر الرأس بشكل دوري، فلا حاجة حينها للمرآة لترى نفسك ،ولكن تكمن الصعوبة عند حلاقة ذقنك أو شاربك، حينها لابد من الاستعانة بصديق ، فلا مرآة هنا في السجن .

وهنا أطرح سؤالاًمهماً، كيف للمرأة أن تتنازل عن استخدام المرآة سواءً في السجن أو في الحياة المدنية ؟! ، نحن معشر الرجال هنا في السجون نتنازل عنها و ببساطة فهي لا تشغل حيزاً من تفكيرنا في مثل هذه الظروف ، فالحلاقة إن لم تكن إجبارية في بعض السجون – فهي الخيار الأمثل للقضاء على الرغبة في النظر إلى نفسك في المرآة، وهي الحل الأمثل للنظافة الشخصية، ولكني بالتأكيد لا أنصح أحداً أن يحلق شعر رأسه إلا إذا كان راغباً في معايشة ما نعيشه ،وبالتأكيد هذا النوع من المعايشة لا يتناسب مع النساء.

النظافة الشخصية هي المعادلة الصعبة في السجون، هنا تكثر الأمراض الجلدية بشكل كبير ، وتنتشر الحشرات بشكل ملحوظ ، لذلك وجب أن تهتم بشكل فائق بنظافتك الشخصية، سواء لجسدك أو لأدواتك في الأغلب الأعم، لا تحتوي حمامات السجون على مياه ساخنة، لذلك تستخدم في استحمامك وغسيلك الماء البارد شتاءً أو الفاتر صيفاً، فبنسبة لنظافة أدواتك الشخصية وملابسك – في السجون المركزية الصغيرة – يفضل أن تسلمها لأهلك أثناء الزيارة واستبدالها بأخرى نظيفة، لأن في هذا النوع من السجون لا ترى الشمس أو تخرج إلى الهواء الطلق ، فبالتالي فإن نشرت ملابسك فلن ترى الشمس – وهي عنصر أساسي للنظافة والتخلص من الآفات الجلدية – وبالتالي فلن تكون على قدر من النظافة ولن تجف بشكل سريع، أما في السجون الكبيرة – العمومية أو المشددة – فالتريض يسمح لك برؤية الشمس والتعرض للهواء مما يتيح لك فرصة أفضل في الغسيل سواءً لأغراضك أو ملابسك الشخصية ، كما أن تعرضك لأشعة الشمس المباشرة ، يقيك الكثير من الأمراض الجلدية .

نظافة الجسد بالاستحمام بالماء والصابون ، كما أنه يسمح بدخول كافة أنواع المنظفات وسوائل الاستحمام والتعقيم والصابون السائل وغيرها من أدوات الاستحمام والنظافة الشخصية البلاستيكية أيضا – كمزيل العرق البلاستيكي العبوة – أو فرش الأسنان أو اللوف أو المعجون .

بالنسبة لشعر الوجه – اللحية والشارب أو في الجسد – الإبط والعانة - ، فإن التخلص منه يتم وفقاً لسياسة متبعة داخل السجن ، فلكل سجن من اللوائح والقوانين – غير المكتوبة أو المنصوص عليها – ما يميزه عن غيره من السجون ، فهناك من يسمح بشراء ماكينات الحلاقة ذات الاستخدام الواحد على أن تسلم وفقاً لعدد معين و تستخدم لمدة محددة – ساعة مثلاً – ثم تسلم بعد الاستخدام لفرد معين مسؤول عن الزنزانة وهو بدوره يسلمها للإدارة .

في بعض السجون يمنع نهائياً استخدام ماكينات الحلاقة ذات الاستخدام الواحد ، نظراً لخطورتها ، يستخرج بعض السجينات والسجناء شفراتها ويستخدمونها كسلاح على أن يحدد يوم في الاسبوع للحلاقة الإجبارية – للشعر واللحية والشارب – أما الشعر الزائد في الجسد فيتم إزالته عن طريق استخدام كريمات إزالة الشعر الخاصة بالنساء على اختلاف أسمائها وأنواعها . هذا بعض من كل ، فلازال هناك الكثير مما يمكن معايشته لتشعر بما نشعر به ، وتعيش حياتنا داخل السجون والمعتقلات ، كيف ننام وكيف نأكل وكيف نخزن أغراضنا ، وكيف نعلقها على الحوائط الأربعة ، كيف انقلبت المعجم وتغيرت المفاهيم ، وتعددت اللغات .
وختاماً.. زوجتي الحبيبة ، لا تشغلي بالك كثيراً بكيف أعيش، فأنا أعيش بك ولك فلا تيأسي، أحبك مولاتي .
عمر عبد المقصود
قسم ميت غمر
الاثنين 21- 9-2015

انس موافي – أول يوم تأديب

انس موافي – أول يوم تأديب

اول يوم تأديب ده قلعوني هدومي الل كنت لابسها ولبسوني ستره بيضه خفيفه كده .ودخلت زنزانه سقفها عالي اوي . وكانت ضلمه لدرجه اني مكنتش شايف ايدي فيها . وريحتها كانت وحشه جدا لو قعدت اوصف ازاي الريحه وحشه مش هعرف . ورمولي سندوتشين حلاوه طول اليوم والزنزانه مفيهاش اي حمام جردل فيه مياه بس . كنت قاعد بكلم نفسي . بس كنت بصلي طول اليوم عشان اهون عل نفسي . واول يوم العيد كنت بصلي لوحدي . احساس صعب اوي ياعمرو.

close

Subscribe to our newsletter