رسائل جدران العزلة

Filters
عام تحرير أو نشر الرسالة
تصنيف مكان االحتجاز المرسل من خلاله الرسالة
اللغة
الفئة العمرية
النوع االجتماعي

شريف ابو المجد – في فقه الأولويات

شريف ابو المجد – في فقه الأولويات

فى فقه الاولويات
خواطر حول المستقبل
(الورقة الأولى)
لقد صدر لفقيه هذه الأمة ( د. القرضاوى ) من عدة سنوات كتاب فقه الأولويات , وقد استعرته لعنوان فى بحث فى التفكير عن سبل الخروج من المأزق الذى يعيشه بلدنا المسكين بعد اربع سنوات من ثورة حبسها الشعب ستخرجه من المأزق الذي كان فيه فإذا به يحس أن المأزق ازداد بدلا من أن يقل , ولكني أحاول وضع أطر وأولويات للخروج من المأزق الحالى _ بطريقه عقليه خاليه من أي عاطفة _ فلابد من من تحليل اسباب وصولنا اليه أولاً.
إن أعداء الأمة وأعداء الاسلام _ فى الداخل والخارج – يعرفون مكانه مصر فى قلب عالمها العربى والإسلامى , ويعرفون أن الأمة الإسلامية واجهت وانتصرت على أكبر خطرين فى تاريخها عندما دخلت مصر بثقلها فى الصراع مع هذين الخطرين , صحيح أن القادة فى المرتين لم يكونوا مصريين ولكن الجنود كانوا , ويتفق الجميع على أن تأثير مصر _ عندما تكون فى كامل عافيتها _ بالغاً على محيطها العربي ثقافيا وأخلاقياً ودينيا , فما يتم انتاجه فى مصر يصدر إلى العالم العربى كله _ سواء الغث منه أو السمين _ فيؤثر فيه كثيراً بالغاً , صحيح أن ظروف ضعف مصر التى بدأت من 1967 ومازالت قائمه جعلت مصر تتخلى عن مكانتها مؤقتا للخليج ولكن المأمول أن تُزيل هذه الظروف بحكمة عقلائها .
ولذلك كانت خطة أعداء الأمة دائماً هو إبقاء مصر ضعيفة , مليئة بالمشاكل والصراعات الداخلية , وكان مخلبهم في ذلك هو العسكر , وكانت خطتهم لأضعاف مصر هى : العمل على إنهيار التعليم وتفشي قيم المادية والإباحية وكل مظاهر البعد عن الإسلام , وإضعاف كل الأخلاق التى تحتاج إليها أي أمة لكى تنهض , ثم قامت ثوره 2011 عندما وصل الناس إلى اليأس من التغيير فى ظل حكم رئيس ظل يحكم ثلاثين عاماً ويريد أن يورث ابنه , وكانت أحوال البلد تسير من سيئ إلى أسوأ , وبعد قيام الثوره بشهور قليلة شاركت فى حلقة نقاشية حول ماذا يجب على الحركة الإسلامية أن تحذر منه فى ظل الظروف الإقليمية والدولية لكيلا يتم إجهاض هذه الثورة الوليدة , وكان شبه إجماع المشاركون فى النقاش التوصية بأمرين :
1- ألا يزيد ما تحصل عليه كل أطياف الحركة الإسلامية فى البرلمان عن الثلث المعطل .
2- عدم الزج بمرشح إسلامى لرئاسة البلد في هذا الظرف بالغ الدقة لأن احتمالات فشله شبه مؤكدة
وكان الوصول لهاتين التوصيتين نتيجة دراسة تجارب حدثت للتجارب التي حولنا ومنها : هبه الشعب الإيرانى مع الزعيم الوطنى مصدق سنه 1953 , وكيف حاصر الإنجليز والأمريكان إيران ومنعوها من تصدير البترول , ثم عملوا على الدس لدى المؤسسة الدينية عندما حاول مصدق التعاون مع جماعة مجاهدى خلق الشيوعية , وأخيراً وصلوا إلى مظاهرات شعبية ضخمة ضد مصدق بعد سنتين من الحصار الاقتصادى , فقام وزير الدفاع باعتقال مصدق وإعادة الشاه الذى كان قد هرب خارج البلاد (هل يوجد تشابه بين هذا السيناريو وبين ما حدث فى مصر ؟ !!) ، ومنها : تصرف العسكر فى الجزائر 1990 عندما فازت جبهة الانقاذ بأغلبية مقاعد البرلمان , فلم يعترفوا بهذه النتائج , وزجوا بقيادات جبهة الإنقاذ فى السجون , وواصلوا الضغط حتى حمل أعضاء جبهة الانقاذ السلاح ، ودخلت الجزائر فى نفق مظلم من الإقتتال الشعبى لمدة عشر سنوات كان ضحيته أكثر من مليون قتيل (هذا ما يحاول العسكر فعله الآن بعد سنتين من الإنقلاب !! ) ، كما أخذ أعضاء الحلقة النقاشية فى اعتبارهم ما قاله الإمام حسن البنا " لا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة , ولكن غالبوها واستعينوا ببعضها على بعض " .
ولا داعى للدخول فى تفاصيل ما حدث ولكن خلاصته أن قيادة كبرى الحركات الإسلامية لم تستمع لهاتين النصيحتين , وفازت فضائل الحركة الإسلامية مجتمعه بحوالى 60 % من البرلمان ، ثم لما تم حل البرلمان بحكم من المحكمة الدستورية رشح الإخوان المسلمون مرشحاً للرئاسة فاز بنسبه 51.5 % من الأصوات , فقام العسكر بالانقلاب عليه بعد سنة واحدة , ولا داعى الآن للخوض فى لماذا وقع ما وقع ؟ فالأجدى هو الإجابة على السؤال الذى بدأنا به هذا البحث العقلى وهو : ما هو السبيل إلى الخروج من المأزق الحالى بعد أن تبين للعسكر أنهم لا يستطيعون القضاء على جماعة بحجم وتاريخ الإخوان , وبعد أن تبين للإخوان أنهم لا يستطيعون القضاء على العسكر بالمسيرات والعمليات النوعية , ولا حتى بالتأثير السلبي على اقتصاد بلد منهك اقتصادياً لأقصي درجة .
وأنا لا أدعى معرفه بمتى سيبدأ التفاوض بين الطرفين ولكنى على يقين من أنه سيبدأ قريبا , وقد أوضح د. بشر المكلف بتوصيل رأى الإخوان مراراً أن التفاوض يلزمه تهيئة أجواء التفاوض , بالإفراج عن المعتقلين وإيقاف خطاب شيطنة الجماعه وتلفيق الاتهامات لقيادتها , والاعتراف بوجودها السياسي كفصيل أساسى في المشهد المصرى , واعتقد أن وزير الدفاع وقائد الانقلاب – الرئيس الحالى - مازال يتبنى استراتيجيه مختلفة , استراتيجية مبنية على استمرار الضغط على الإخوان وأنصارهم بالاعتقالات والأحكام غير العادلة والتي قد تصل إلى تنفيذ بعض الإعدامات في قيادة الجماعة والشيطنة الإعلامية , حتى يصل إلى الوضع الذى لو اضطر فيه للتفاوض يكون خصومة فى أقصي حالة ضعف ممكنة , ظناً منه أنهم سيكونون ألين عند التفاوض , ولكن العكس هو الصحيح .
ولذلك فإستراتيجية الإخوان هي عدم التفاوض لحين تهيئة أجواء التفاوض , مع استمرار الضغط بالعمليات النوعيه وغيرها لدفع النظام للتفاوض أو الحلم بانقلاب على الانقلاب ، وهى استراتيجية صحيحة مرحلياً , ولكن هذا لا يمنع من التفكير – ولو على سبيل الجهد العقلى غير المستند إلى واقع ــــــ فى كيف سينتهى المأزق الحالى اذا استمر الطرفان لا يستطيع أي منهما القضاء على الآخرى وإذا استمر مسلسل الاغتيالات ثم التصفية الجسدية أو تصاعد؟ .
عندما يحين الوقت للتفاوض
وكما قلت أنا لا أدعى معرفة متى يكون ذلك , أو حتى هل سيكون ذلك ام لا ؟ , ولكنى أفترض أن الضغط الدولى سوف يجبر العسكر على تهيئة الأجواء للتفاوض وسوف يجبر قيادات الإخوان على حضور مؤتمر دولى لترتيب إنهاء حالة الصراع والعنف الموجودة فى مصر , فإذ حدث ذلك فما هى القواعد الحاكمة التى ستهدى المتفاوضين , وما هى أولوياتهم , وكيف يستفيدون من تجارب الأمم الأخرى .

اولا : القواعد الحاكمه
1- مصر بلد إسلامى بطبيعته وبفطرة أهله – سواء اعترف العسكر بذلك أم لا – ولذلك لا يجوز العودة إلى استخدام مصطلحات مثل جاهلية القرن العشرين عند وصف الدولة المصرية , ولا يجوز إتباع فلسفة أنه لن تنفع أي دعوة أو إصلاح طالما أن القوم لم يعترفوا أن الحاكمية لله … الخ .
2- المشكله الأساسية فى مصر الآن فى نظر غالبيه اهلها هو لقمه العيش ، والفساد الذي يؤدى إلى تسرب كل ما يصل إلى مصر من مليارات دون احداث تحسين حقيقى فى جوده الحياة , ولا يشغلهم حاليا أن تتحول مصر إلى دوله إسلامية , إن التنمية وزيادة الانتاج للخروج من التبعية والتخلف والديون هى المساحه المشتركه بين الجميع , ولا يستطيع العسكر البقاء خارج هذه المساحه حتى لو أردوا ولذلك فلابد أن تصبح هي الأولوية الأولى.
3- أغلب المصريين يريدون وطناً مستقلاً قوياً قادراً على توفير حياة كريمة لأبنائه .
4- التدرج سنه من سنن الله فى كونه , والتغيير الذى نأمل أن يدوم هو التغيير من أسفل إلى أعلى , ولابد من أن يتفق المصريون – كلهم – على أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأنهم لابد أن يعملوا وإلا سيموتون جوعاً.
5- إن نواميس الكون غلابة , وأنا أظن أن النواميس فى أيامنا هذه هى الامبريالية والصهيونية العالمية ، ولكن هناك قوى عالمية صاعدة : مثل أوروبا والصين واليابان والبرازيل وتركيا , ولذا يمكن الاستعانة ببعضها على بعض للخروج من خطة الإمبرالية والصهيونية العالمية للإبقاء على مصر ضعيفة مليئة بالمشاكل والصراعات , مشاكل تكرِّس التخلف وتبعدنا عن النهضة والتنمية .
6- إن أعداء الأمة دائماً ما يستخدمون العسكر عند تنامى الحس الإسلامى واحتمال اتجاه البلد كلها اتجاهاً إسلامياً , ولابد من دراسة نقدية لما حدث من استدراجنا مرتين للصراع على السلطة مع العسكر مرة سنة 1954 ومره سنه 2012 ودراسة تاريخية لما حدث للثورة في إيران وكيف تخلصت الشعوب من حكم العسكر في أمريكا اللاتينية .
ثانيا : التجارب الهاديه
قد تكون تجارب الأمم الأخرى هادية لنا فى الخروج من هذا المأزق , والمرء يتعلم بإحدى طريقتين : إما أن يتعلم من أخطاء الآخرين أو يتعلم من أخطائه , والطريقة الثانية مكلفة جداً , وبدراسة تجربه مثل التجربة التركية يتبين لنا الآتى
1- حدثت صحوة إسلامية فى تركيا – لاشك فيها - مصاحبه للصحوة الإسلامية فى العالم كله من بداية السبعينات , وكان للمهندس نجم الدين أربكان – رحمه الله – دور بارز فيها .
2- إصرار أربكان على إنشاء حزب إسلامى رغم أن دستور البلاد علمانى أدى إلى عدم استكمال نجاحه فى الانتخابات إلى نجاح فى إداره الدولة ثلاث مرات وليس مرة واحدة , ونجاحه فى الانتخابات كان أساساً لأن تركيا لم تعرف تزوير الانتخابات فى تاريخها , ولكن وصوله لرئاسة الوزارة – عبر الصناديق ــــ كان يتم إجهاضه إما بحكم من المحكمة الدستورية أو بانقلاب عسكرى

3- لما انفصلت مجموعة من حزب أربكان : أردوغان وجول واغلو وأنشأوا حزبا علمانيا اتَّبعوا منهجية مختلفة عن منهجية أربكان للوصول إلى نفس الهدف , وكانت هذه المنهجية مبنية على عدم الصدام مع نواميس الكون التى فى تركيا , فالدستور علمانى والعسكر يحافظون على علمانية الدولة , ولذلك فكان لابد من عمل حزب علمانى وعدم إظهار مرجعيته ، ولكى يتم الوصول للهدف النهائى كان لا يكفى الفوز بالانتخابات ولكن لابد من الوصول إلى نسبه قرب الخمسين بالمائة (سواء لحزبهم وحده أو مع أحزاب أخرى ) ليمكن تغيير الدستور من دستور علمانى إلى دستور يسمح بكل أنواع الأحزاب دينية ومدنية , ولكى يمكن زيادة النسبة التى حصل عليها حزب العدالة والتنمية فى اول انتخابات (23%) إلى نسبه تعدت الاربعين فى المائه كان لابد من التركيز على التنمية ورفع مستوى المعيشة , وكانت النتيجة أنه نظراً لنجاح أردوغان كعمدة لمدينة اسطنبول , ثم نجاحه فى زيادة المرتبات أربعة أضعاف فى عشر سنوات ( ووصلت تركيا إلى المركز السادس عشر عالمياً من الناحية الاقتصادية ) زادت نسبة الأصوات عليها إلى الضعف تقريباً , وأصبح قاب قوسين أو أدنى من تعديل الدستور .
4- فى آخر انتخابات برلمانيه لم تُركِّز الدعاية الانتخابية على إنجازات الحزب فى المجال الاقتصادى وإنما ركزت الحملة على شخص أردوغان كزعيم لكل الأتراك يسعى لاستعاده الإمبراطورية العثمانية , وهو حلم يداعب خيال كل الأتراك مسلمهم وليبراليهم .
المنهجيه المقترحه
عندما تكون الظروف مهيأة للتفاوض – بعد إخراج المعتقلين وعودة إعلام الإخوان وإيقاف الشيطنة والأحكام الجائرة … الخ , واستلهاماً من تجربة نجحت فعلاً فى تركيا – رغم الاختلاف فى جوانب هامة كجانب عدم تزوير الانتخابات ـــــــــ نستطيع أن نضع أولويات خروج البلد من المأزق الحالى على النحو التالي :
الأولوية الأولى : التنمية
والتنمية أشمل من مجرد الاستثمار أو زيادة الانتاج القومى ومن ثم زيادة دخل الفرد , فالتنمية معناها تعليم جيد وعصرى وعماله فنيه ماهرة , واتجاهات للتنمية تراعى المنافسه العالميه , وخطط للتنمية الصناعية والزراعية والسياحية والبشرية … الخ , ولابد أن تحقق هذه التنمية طفرة فى الصناعة والتصدير وزيادة الدخل عدة أضعاف , ورغم أن ظروف تركيا عندما بدأ أردوغان كانت أفضل من ظروف مصر الآن , إلا أنه يمكن الوصول إلى هذا الهدف الطموح بعدة شروط أهمها
1- الاستعانة بنواميس الكون بعضها على بعض , وعدم إعطاء أعداء الأمة العربية الفرصة لضرب التجربة الوليدة مرة ثالثة قبل أن يشتد عودها , لأنهم لا يريدون لنا نهضة ولا تنمية .
2- التنمية فى مصر لابد أن تقف على رجلين اثنين , الحركة الإسلامية والمؤسسة العسكريه وأيهما يمكن بمفرده أن يعرقل أي جهود للتنمية ويفشِّلها.

3- أهم منطلق للتنمية هو التعليم , ولابد أن تتخصص له خمس الموازنة العامه للدولة .كما فعل مهاتير محمد فى ماليزيا - لمدة عشر السنوات على الاقل - ولابد من تخفيض الأمية إلى أقل من 10 % فى خمس سنوات على الأكثر , ثم تحقيق معادلة التنمية الصناعية العالمية وهى لكل مهندس : 2 تقنى : 10 عامل ماهر ، فلابد من التركيز عن تخريج تقنيين لأن المطلوب مليون تقني.
4- توفير تمويل لا يقل عن اثنتين تريليون جنيه (250 مليار دولار ) على الأقل لدفع عجلة التنمية , هذا التمويل يجب أن توفر نصفه المؤسسة العسكرية ويوفر النصف الآخر مدخرات المصريين , لأـن المستثمر الخارجى سيستثمر فيما يريده هو ( مثل العقارات ) لا فى ما تحتاجه التنمية ( مثل البنية الأساسية ) , ولكن يمكن بحسن عرض مشروعات البنية النحتية توفير 50 مليار دولار أخرى من الخارج – ليصبح المجموع ثلاثمائة مليار دولار
5- بدون القضاء على الفساد لا يمكن أن تؤتى التنمية أكلها , وهذه حقيقة يجب أن تظهر فى أي اتفاق لحل الأزمة الحالية , ولابد من الاتفاق على آليات القضاء على الفساد أو على الأقل تحجيمه إلى أقل حد ممكن .
6- الاستثمار يحتاج إلى ثلاثة خطوات لدفعه دفعة قوية :
6/1 - قوانين تشجع على الاستثمار – ولا تعيقه كالقوانين الحاليه – مثل الصين – دبى – البرازيل .. الخ
6/2 - دراسات جدوى عالمية المحتوى والمستوى ( حتى ولو استعنا بخبراء عالميين لإعدادها).
6/3 - مناخ يشجع على الإستثمار – أي مناخ به استقرار تضمنه الحركة الإسلامية والمؤسسة العسكريه , يتم الاتفاق عليه مع النقابات العمالية , ويتم تأجيل المطالبات الفئوية ثلاث سنوات على الأقل , نأمل بعدها أن يكون الناتج القومى قد تضاعف .
الأولوية الثانيه : المراجعة والتطوير ( وهى خاصة بكبرى الحركات الإسلامية(
لابد من الاستفادة من هذه المحنة فى القيام بمراجعة حقيقية وتطوير جذري فى كل المجالات , مع الاستفادة من الأخطاء التى أظهرتها المحنة , ومجالات التطوير عشرة هى :
1- حسن اختيار القيادات وذلك على أساس الكفاءة والتقوى فقط وليس على أي أساس آخر.
2- تطوير الشكل الإدارى وخطة العمل تطويراً جذرياً بالاستعانة بأهل التخصص ، والعمل بشفافية وعلى أساس قانونى سليم , ولا مانع من تعدد نوافذ العمل وأشكاله ، ولابد من إنشاء قسم للمراجعة الداخليه يكون معنياً بمراقبة تنفيذ الخطة المطورة وبالذات فى المستويات العليا , وتقديم تقارير نصف سنوية لتفعيل المراقبة الحقيقة من مجلس الشورى.
3- فصل ما هو دعوى عن ما هو سياسي , لأن إدارتهما مختلفة كثيراً ، وكذلك فصل ما هو اقتصادى وتوفير كل ضمانات استمراره لأن المال عصب الحياة , ولا يكفى جيوب الإخوان وحدها .
4- أخذ زمام المبادرة فى الاعلام بطريقة احترافية فى أقصر مدة ممكنة .
5- تفعيل فقه الموازنات وفقه الأولويات مع الاستعانة بالمراكز الجيوسياسية المحلية والعالمية .
6- إعادة صياغة الشخصية الإخوانية لتكون قادرة على التعامل مع متطلبات العصر والظرف القاسي الذى تمر به البلد , واستكمال التخصصات التى يحتاجها المجتمع ( صناعة الحياة )
7- تفعيل التوثيق والتضعيف كليهما , وتطهير الصف الإخوانى من الذين يؤخرون النصر .
8- إعلاء مصلحة الوطن على مصلحة الجماعة وأفرادها فى كل أمر من الأمور , وعدم التسرع فى قطف الثمار , والبعد عن التنميط ومحاولة تقليل الاستقطاب الحاد فى المجتمع ,
9- حسن الاعداء على كل المستويات – لأننا مأمورين بذلك , ولان شعارنا يحمل كلمه واحدة هى " وأعدوا " لمدة سبعين سنة فكيف لا نحسن الإعداد ؟!!
10- تطوير نشر الدعوة جذرياً باستغلال الإنترنت وثورة الاتصالات أفضل استغلال وإعداد دعاة يواكبون العصر

خواطر حول المستقبل
(الورقة الثانية)
الخطوات التنفيذيه لتفعيل ما سبق

مقدمه
عرضنا فى الورقه الأولى جوانب المأزق الحالى الذى تعيشه مصر , والذى هو أكبر كثيراً من الصراع بين الحركة الإسلامية والعسكر , وعرضنا بعض التجارب الناجحة ( كتركيا ) لنستلهم منها , وبعض التجارب الفاشلة (كإيران مصدق او الجزائر ) لنتجنبها , وحاولنا الوصول إلى الأولوية الأولى ( فيما يخص الوطن ) والأولوية الثانيــــة ( فيما يخص كبرى الحركات الإسلامية ) , وأوضحنا أن أي تفاوض يجب أن يسبقه تهيأة الأجواء للتفاوض , وغنى عن الذكر أن أي حل لابد أن يتزامن معه القصاص وعودة المسار الشرعى وضمان عدم تكرار الإنقلاب على الشرعية ولكى ندخل فى الخطوات التنفيذيه لتفعيل الأولويتين اللتين اقترحتهما الورقة الأولى وهما :
الأولوية الاولى ( خاصة بالوطن ) التنمية وزيادة الدخل القومى من 3 – 4 أضعاف فى عشر سنين
الأولوية الثانيه ( خاصة بالإخوان ) الاستفادة من المحنة فى تطوير العمل الإسلامى تطويراً جذرياً وشاملاً لابد من عمل تقرير حالة عن الوضع الراهن والبدائل المطروحة .
تقرير حاله
مضي الآن أكثر من عامين على انقلاب يوليو 2013 , وقد حاولت الحركة الإسلامية – بكل ما تملك من جهد وطاقه – كسر الإنقلاب , كما حاول العسكر – بكل ما يملكون من بطش وسلطة وسلاح – القضاء على كبرى الحركات الإسلامية , فماذا كانت النتيجة ؟
لم يستطع أي طرف منهما تحقيق هدفه النهائى , ولن يستطيع فى المستقبل المنظور – إلا أن يشاء الله شيئاً القضاء على الطرف الآخر أو تهميش دوره فى مقدرات هذا البلد , وصراع الطرفان – إن طال – لن يؤدى إلا إلى المزيد من التخلف والتردى الاقتصادى ولأن كل صراع – حتى لو وصل إلى حالة حرب بين دولتين – مآله الأخير هو التفاوض والحل السياسي فلابد أن نصل إلى نتيجة مفادها أن ذلك هو ما سيحدث فى مصر إن آجلا أو عاجلاً .
ومع الاعتراف بأن العسكر كانوا دائماً هم المعتدون , وأن الإخوان كانوا يستندون إلى الشرعية , إلا أنهم لم يحسنوا الإعداد والاستعداد لهذه المواجهة , وكانوا على جانب كبير من الثقة والسذاجة السياسية أو الإفراط فى حسن الظن – سمِّها كما تشاء , المهم أن النتيجة هو ما نحن فيه الآن , وما نحن فيه هو أن أي طرف من الطرفين يمكنه أن يعرقل تنفيذ أي اتفاق للوصول إلى الأولوية الأولى وهى التنمية , لذا فلابد من التزام الطرفان بإنجاحها , ولا بأس من وجود ضمانات دولية لضمان هذا الالتزام , كأن تضمن الولايات المتحدة التزام العسكر بالاتفاق , وتضمن تركيا التزام الحركة الإسلامية به , ومع كل الاحترام لمشاعر أهالى الشهداء والمعتقلين ( وأنا واحد منهم ) فلا مناص من التفاوض فى نهاية الأمر , صحيح أن التفاوض لا يمكن أن يبدأ إلا بعد تهيئة أجوائه , وصحيح أن القصاص ضرورى ولنا فيه حياة , وأن عودة الشرعية لابد منها ولكن كل ذلك يتم فى إطار تفاوضي . وحيث أن هذه الورقة – وكذلك الورقة الأولى – هى فى الأساس عمل عقلى لوضع مبادئ وأولويات – دون الدخول فى التفاصيل – لمرحلة يراها الكاتب قادمة لا محالة ، قصر الزمن أم طال رضي شباب الحركة وأسر الشهداء أم أبوا , وإذا اتفقنا أن التنمية هى أولوية أولى , وان الطرفان يجب يلتزما بإنجاح أي اتفاق ينص على التنمية فيمكن أن ننطلق إلى الخطوة التنفيذية التالية وهى كيفية تفعيل شروط التنمية والاستثمار التى ذكرناها فى الورقة الأولى وهى :
القوانين المشجعه على الاستثمار – ودراسات الجدوى عالمية المستوى – والتمويل (الفين مليار جنيه مبدئياً) وهذا سيجرنا – منطقيا – إلى السؤال الهام : كيف ستحكم مصر فى المرحله الانتقالية لحين الوصول إلى ديمقراطية حقيقية – على النمط الغربى – لا يتدخل فيه العسكر فى الحكم ؟ , والمقدر لهذه المرحله الانتقالية من عشر إلى خمس عشرة سنة .
وعندما نصل إلى مرحلة التفاوض – إن آجلاً – أو عاجلاً – سنجد نفس الصيغتان اللتان يطرحهما دستور العسكر أو دستور الإخوان , وكلتاهما معتمدة على فكرة الدولة التى يحكمها رئيس دولة ورئيس وزراء , أي أن الرئيس معه السياسة الخارجية , ورئيس الوزراء (من الحزب الفائز فى الانتخابات) معه السياسة الداخلية , ولكن يمكن تعديل ما في الدستور إلى الصيغتين التاليتين :
الصيغة الأولى : يحكم مصر مجلس رئاسي مكون من عضو يمثل المؤسسة العسكريه وآخر يمثل الإتجاه الإسلامى وثالث يمثل من لا يندرجون تحت مسمى الاسلاميين من المصريين ، وهذا المجلس هو الذى يعين الوزارة (رئيس وزراء ووزراء) ويحاسبهم .
الصيغه الثانيه : نعطى البرلمان وضعه الدستورى , حيث يشكل الحكومة الحزب / الأحزاب الحائزة على الأغلبية البرلمانية مع احتفاظ العسكر بمنصب رئيس الدولة ولا مانع من موافقتهم على الوزراء وسياسة الوزارات السيادية .
ولا مانع لدى المؤسسة العسكرية – حسب ما أتخيل – من الوصول إلى إحدى الصيغتين مع استبعاد كل من له صلة بفض النهضة ورابعة , وتقديمهم لمحاكم عادية – وليست ثورية .
وعند التفاوض على أي من هاتين الصيغتين فنحن نقترح مؤتمر دولى تحضره الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وتركيا على الأقل , ويكون موضوع المؤتمر هو كيف ستحكم مصر فى الفترة الانتقالية ؟ , وأحذر بشدة من أي تفاوض ثنائى بين الحركة الإسلامية والعسكر دون الأطراف الأخرى : أي من يمثل غير الإسلاميين من الشعب المصرى ومن يمثل دول العالم ويضمن تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه .
وبعد هذا التحذير نقارن بين الصيغتين , فنجد أن الصيغة الأولى كلها قنابل موقوتة وألغام ولن يكتب لها النجاح , ولذلك فنحن نرجِّح الصيغة الثانية , ومع اعترافنا أن هذا ليس ما نتمناه ولكنه الممكن الآن للوصول إلى ما نتمناه بعد عشر أو خمسة عشر سنة إذا أحسنا التخطيط وتنبهنا إلى ما يخططه لنا أعدائنا , ولكن ذلك يحتاج إلى ورقة أخرى

والآن ما هى الخطوات التنفيذية للوصول إلى الاتفاق على أي من الصيغتين :
أولا : النواحى الشكلية – طبعا لابد من عوده الرئيس الشرعى ولو لعدة ساعات لتوقيع الأوراق المطلوبة لجعل كل ما سيتم الاتفاق عليه شرعياً .
ثانيا : تهيئة الأجواء للتفاوض – طبعاً لابد من إطلاق سراح المعتقلين – أو معظمهم – وإيقاف الشيطنة فى الإعلام ولابد عوده إعلام الحركة الإسلامية .
ولابد من حل إشكاليات مثل كيف تضع قيادة الحركة الإسلامية يدها فى يد من قتل وحرق الآلاف واعتقل عشرات الآلاف , وهذه حلها فى يد المؤسسة العسكرية التى أعتقد أن عندها من الذكاء والمرونة ما يجعلها تستبعد كل من شارك فى القتل والحرق وخان رئيسه , وتصدر فى المشهد وجوهاً جديدة للتفاوض معها .
ومثل ما كيفيه القصاص من كل من ارتكب ظلماً ؟ , لابد أن تقبل الحركة الإسلامية أن ذلك ينطبق على كل من حكم من بعد ثوره 2011 إلى يوم التفاوض , مع إعادة محاكمة نظام مبارك الفاشل ورجاله .
ومثل كيفية التحاكم إلى قضاء ثبت أنه مُسيَّس , وكيف نختار عشرة من القضاة الذين لا يختلف أحد على نزاهتهم لحسم كم القضايا والمشاكل التى تراكمت فى السنين الأربعة ، ومثل ضرورة إعادة هيكلة الشرطة أو على الأقل البدء بتشكيل هيئة عليا للشرطة نصفها من الحقوقيين تضع الرؤية والحدود لكل أجهزة الشرطة تمهيداً لإعادة هيكلتها بفصل أمن الدولة منها وإلحاقه بالمخابرات ضمن مجلس أمن قومى يتم الاتفاق على تشكيله وتبقى مهمة الشرطة الرئيسية هى الأمن الجنائى – وليس السياسي – مع فصل كل ما ليس له علاقة بالأمن الجنائي مثل الجوازات والمـــــــرور …. الخ عن الشرطة
كل هذا يمكن وضع خطوط عريضة له قبل بداية التفاوض حتى لا يستغرق المتفاوضون فى هذه التفاصيل عن الموضوع الرئيسى وهو كل ما يدفع التنمية للأمام ويحقق الاستقرار .
ثالثا : شكل جلسات التفاوض
أنا أقترح مؤتمر دولى كما أسلفت تمثل فيه الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى وتركيا ، ويمكن أن تمثل الجامعة العربية استكمالاً للشكل , ويكون من المفهوم أن أي اتفاق سيتم التوصل إليها ستضمن الأطراف الدولية تنفيذه , وأنه سيطرح للاستفتاء الشعبى حتى لا يقوم إعلام الفلول بمهاجمته وإضعافه.
والآن ما أهمية الاتفاق على الأولويات قبل الدخول فى التفاوض ؟ , أهمية ذلك فى وضع هدف للتفاوض - وهو ليس اقتسام السلطة بين الإخوان والعسكر , ولا حتى تحقيق الاستقرار فى البلد المنهك - وإنما هو التزام نحو التنمية , حيث ستلتزم الأطراف كلها بكل ما يؤدى إلى نجاح التنمية مثل : توفير التمويل وإصدار التشريعات ومحاربة الفساد وكل ما شرحناه فى الورقة الأولى , كما سيلتزم الطرفان بشرح ما اتفقا عليه للشعب المصرى , وشرح خطوره الموقف لهم , وأن أمر وصول الدولة إلى حالة إفلاس حقيقي جد لا هزل فيه , وأنه لا سبيل للخروج من هذا المأزق إلا بالعمل الجاد ، وتأجيل أي مطالب فئوية أو احتجاجات لمدة ثلاث سنوات على الأقل حيث تكون مهمة الحكومة فيها مضاعفة الدخل القومي , وألا تعاد وتجري الإنتخابات مرة ثانية.

وأتمنى أن يعتذر الطرفان للشعب المصري عن الأخطاء التي حدثت وأدت إلى إضاعة أربع سنوات في صراع واستقطاب حاد كان الوطن في غنى عنه ( أياً كان الطرف المخطئ والطرف حسن النية ) .
ولا بد أن يضع الطرفان – وحتى ممثل بقية المصريين – نصب أعينهم أن هذه فرصة تاريخية لن تتكرر , ولا يحاول أي طرف كسب بنط على حساب الطرف الآخر , ولابد أن تحاول كل الأطراف إعلاء مصلحة الوطن فوق كل مصلحة , ولابد أن تستشعر خطورة الوضع الاقتصادي , وأن عدم تحقيق الإستقرار والتنمية بسرعة لن يؤدي إلا إلى ثورة جياع لا تبقي ولا تذر .
هذا عن الخطوات التنفيذية للأولوية الأولى الخاصة بالوطن .
والآن نأتي إلى الأولوية الثانية الخاصة بالجماعة التي مازالت هي أمل الأمة بشرط إصلاح كل الأخطاء التي كانت نتيجة للعمل تحت الأرض أولا , ثم الخروج فجأة إلى سطح الأرض حيث أبهر الضوء العيون , وتسرعت القيادة واغترت بالكتلة الحرجة في الجماهير (من 15-17%) , ونسيت ( أو تناست ) ضرورة وجود كتلة حرجة ( ولو 5% على الأقل) في كل المؤسسات الأخرى : الجيش – الشرطة – القضاء – الإعلام الدولة العميقة , ولكن دعنا من الماضي ولنركز على المستقبل , والمستقبل هو في اتباع النقاط العشرة التي سردتها في الورقة الأولى , وسأستعرضها الآن بشئ من التفصيل :
ولكن قبل استعراضها لا بد من إثبات أن تطوير العمل تطويراً جذرياً في كل المجالات ليس بسبب المحنة فقط , فقد طالبنا بذلك من سنة 1995 ( بعد مرور عشرين سنة على البعث الثاني للجماعة ) ، ولكن المحنة ستجعله أكثر وضوحا وستجعل التطوير أكثر سرعة وأكثر جذرية , ولكن يتضح مفهوم أن التطوير المطلوب جذري نقارن سريعاً بين المتغيرات التي حدثت في السبعين سنة التالية لوفاة الإمام البنا , فالتغيير هائل وسريع في كل من : ثورة الإتصالات , وزيادة تأثير الإنترنت زيادة كبيرة وما توفره الشبكة من إمكانيات للدعوة لم تكن مسبوقة , والحضور القوي للإسلام عالميا وزيادة نسب الجاليات المسجلة في أوروبا وأمريكا (هذا هو سبب الحرب الشعواء عليه) , وهذا مع انهيار الأيدولوجية الشيوعية , والتغير الكبير الذي حدث في العالمين العربي والإسلامي وخاصة بعد ثورات الربيع العربي , وزيادة فاعلية المجتمع المدني ، وانحسار الحكومات العسكرية والدكتاتوريات عالمياً , والتأثير الهائل للإعلام والمال , والحاجة الماسة للإنفتاح على الآخر وإعادة صياغة الشخصية الإخوانية ولغة الخطاب , والحاجة الماسة إلى المؤسسية بعد زيادة العدد هذه الزيادة الكبيرة وزيادة الطلب على مختلف التخصصات لتقديم البديل الإسلامي ( صناعة الحياة ) .
تجديد الدعوة
إن الأولوية الثانية وهي الإستفادة القصوى من هذه المحنة في تطوير العمل الإسلامي تطويرا جذريا يمكن أن توضع تحت هذا العنوان ( تجديد الدعوة ) , فهل نحن بحاجة لتجديد الدعوة ؟ نعم بحاجة ماسة إلى ذلك , وقد أظهرت المحنة مدى حاجتنا لهذا التطوير , ثم أنها أوجدت مناخا يمكننا فيه الإسراع بالتطوير وجعله تطويرا جذريا ، وهذا هو الذي سيقلب المحنة إلى منحة بإذن الله , وهذا هو سبب حدوث المحنة في المقام الأول – في ظني- وهو تهيئة الظروف والمناخ المناسبين لهذا التطوير الجذري , لأن مقاومة هذا التطوير كانت عاتية , وأنا أقول هذا عن تجربة وليس عن ظن ، ومجالات التطوير قد تكون في الآتي :
1- حسن اختيار القيادات – على أساس الكفاءة والتقوى فقط , وليس على أي أساس أخر مثل كم سنة قضاها في الجماعة أو في السجون والمعتقلات , والخطوات التنفيذية لذلك هي :
1/1 اختيار مجلس الشورى العام , ولا بد من تحديد التخصصات المطلوبة فيه : سياسية – اقتصادية – اعلامية .. , فإذا كان عددهم مائة تحدد نسبة لأهل هذه التخصصات لا تقل عن 40% أي لا يقل عن أربعين , ثم توضع معايير لمن يمكنه الترشح لهذا المجلس عن طريق المتخصصين , ولا يدخل الإنتخابات إلا الذين لديهم هذه المعايير , ولا تحدد كوتة للمحافظة حسب عدد الإخوان فيها , وإذا كان لا بد من كوتة فهي لإخوان القاهرة والجيزة الذين يحتكون عن قرب بأهل الحكم .
1/2 بمجرد إنتخاب الشورى العام يتم تجديد نصفي لمكتب الإرشاد – بعد قبول استقالة من ليس موجوداً بمصر - , ثم بعد سنتين يتم التجديد للنصف الآخر , وأيضا توضع معايير لعضو مكتب الإرشاد عن طريق المتخصصين ولا تجري الإنتخابات إلا بين من تنطبق عليهم هذه المعايير .
2- تطوير الشكل الإداري وخطة العمل تطويراً جذرياً عن طريق أساتذة الإدارة وخبرائها المحليين والعالميين , مع ضرورة إنشاء قسم للمراجعة الداخلية – كما حدث في كل المنظمات العصرية – يكون معنيا بمتابعة تنفيذ الخطة التي تم اعتمادها – وبالذات في المستويات العليا – وتقديم تقارير نصف سنوية لتفعيل المراقبة الحقيقية لمجلس الشورى على مكتب الإرشاد , مع ضرورة العمل بشفافية وعلى أساس قانوني سليم – حتى لو اقتضى الأمر العمل من خلال جمعيات تحت القانون الحالي وإلى أن يتم تغيير قانون الجمعيات – ولابد من تعدد نوافذ العمل وأشكاله , فلا مانع من جمعية أساسية وجمعيات متخصصة في نشر الدعوة والعمل النسوي والعمل الطلابي والعمل مع العمال ... إلخ .
3- فصل ما هو دعوي عما هو سياسي , لأن إدارة العمل في أيهما مختلفة تماماً عن الآخر , ولأن الحزب سيقبل بالمعاهدات الدولية وبما لا يجب أن تقبل به الجماعة / الجمعية , ولأنه لا يشترط أن يكون حزبا واحدا , وأنا أقترح البدء بجزبين يزيدون إلى ثلاثة بعد فترة ليست طويلة , حزب مثل حزب العدالة والتنمية , وحزب للخضر يهتم بالبيئة والتنمية دون أن تكون مرجعيته إسلامية بالضرورة , وطالما أن الهدف واحد فاختلاف الطرق المؤدية للهدف وتقديم أكثر من بديل للناخب تقوي العمل ولا تضعفه , وليتنا نتقبل عقليا هذا المنطق الواضح ، وكذلك فصل ما هو اقتصادي عن الجمعية لتوفير ضمانات استمراره , لأن المال عصب الحياة , ولا يمكن أن تكفي جيوب الإخوان للصرف على الدعوة وعلى الأحزاب , ولا بد من شركات عملاقة خارج وداخل مصر .
4- أخذ زمام المبادرة في الإعلام بطريقة احترافية في أقصر مدة , وذلك عن طريق حث الكثيرين من شباب الحركة الإسلامية على الالتحاق بكلية الإعلام , وتكثيف الدعوة بين الإعلاميين , وتوفير التمويل المطلوب لتكون محطاتنا التلفزيونية في مستوى الجزيرة على الأقل , مع إعطاء العيش لخبَّازه ، وعدم تدخل قيادة الجماعة / الجمعية في النواحي الفنية , وعدم تصدير من يكون المتحدث الرسمي أو اختيار الإعلاميين الإسلاميين إلا الذين لديهم القبول والخبرة والحنكة لهذا العمل بالغ الأهمية .
5- تفعيل فقه الموازنات وفقه الأولويات ، وأقترح أن يكون كتاب د. القرضاوي أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة ، الذي صدر من 25 سنة نبراساً للحركة ، تدرسه بعناية ، وتحدد ما الذى حدث فى العشرين أولوية التى اقترحها فى الخمس والعشرين عاماً الماضية , ولماذا لم توضع في صدر خططنا ؟ ثم توضع الأولويات للمرحلة القادمة مع تفعيل فقه الموازنات , وتقسم الخطة إلى مراحل محددة المدة ومحددة الإمكانات , وكفانا عملاً ضعيفاً من ناحية التخطيط ومن ناحية متابعه تحقق الاهداف المرحليه .
6 إعادة صياغة الشخصيه الإخوانية لتكون :
- قادرة على التعامل مع المتغيرات الهائلة ومع متطلبات العصر ومع الظرف الحرج الذى يمر به الوطن , ومع أدوات العصر من إنترنت وغيره .
- مثقفه ثقافة تتفتح على ثقافات أخرى ، لأن الدعوة أصبحت متاحة للكل عن طريق الإنترنت .
- مرنه ولديها القدره على التأقلم والقدرة على التعامل مع الآخر دون أن تنمطه .
- توفر التخصصات الحياتية التى تحتاجها صناعة الحياة (راجع كتاب الأستاذ الراشد الذي يحمل نفس الاسم) وتؤمن بالتخصص , فلا يترك المهندس والطبيب تخصصهما ويشتغلان بنشر الدعوة فى المساجد وإعطاء الدروس إلا اذا تخصصوا فى ذلك , ويستحسن التوجه من البداية للكليات الشرعية .
- لا تستعمل لغة الخطاب التي تثير مشاكل شرعية وسياسية مثل جاهلية القرن العشرين أو المفاصلة الشعورية وكل هذه الأدبيات ، وإنما تدعو إلى الله بالتى أحسن , مع البدء من أن مجتمعاتنا مجتمعان إسلاميه ينقصها القليل لتصير مجتمعات إسلامية كالتي نصبوا إليها.
- قادرة على إنهاء حالة الاستقطاب الحاد التى تسيطر على المجتمع حالياً فى أقصر وقت .
- قادرة على التفكير الجيد – باستخدام أدواته وأساليبه – وراشدة فى التعامل مع الظروف المتغيره تؤمن بالتدرج , وبالتغيير من أسفل لأعلى , وتتخذ الوسائل العصريه اللازمة لذلك .
7- تفعيل التوثيق والتضعيف كليهما , وتطهير الصف من الذين يؤخرون النصر , وجعل درجة الأخ العامل ليست صفة ثابتة , ولكنها صفة للأخ الذى يعمل , أما الذى لا يعمل فينزل درجة لأنه هو الذى اختار ذلك , ولا ينبغي بناء الخطة إلا على الأخوة العاملين فقط ولابد من التمايز (كما قال سيدنا خالد في معركة اليمامة) ، والاهتمام اهتماماً خاصاً بفقه المعاملات , وبمعاملات الأخوة المسئولين بصفة خاصة , ولا يسمح إطلاقاً بالتسامح فى أي خروج على المعاملات الإسلامية أو المعاملات التي بها أي شبهة لأي من المسئولين .
8- إعلاء مصلحة الوطن على مصلحة الجماعة وأفرادها , للوصول إلى إقناع المصريين أننا نقبل النصر والهزيمة سياسياً , وأن ديمقراطيتنا ليست ديمقراطية المرة الواحدة , وأننا لن نفرض عليهم الالتزام بالإسلام فرضاً حتى لو فزنا بالأغلبية البرلمانية , والوصول إلى البديل الثالث (الذى هو أفضل من الذى لدينا أو لدى غير الإسلاميين) , وذلك بالتآزر والعمل معاً للوصول إليه .

9- حسن الإعداد على كل المستويات , أولا لأننا مأمورون بذلك من ربنا تبارك وتعالى , وثانياً لأننا نرفع شعاراً به كلمة واحدة وهي " وأعدوا " من أكثر من سبعين سنة , وثالثاً لأنه الطريق الوحيد لبلوغ الهدف , وحسن الإعداد يكون بخطه طموحة لإعداد قيادات المستقبل , وإعداد كل التخصصات التى تحتاجها ( صناعة الحياة ) فى مصر .
10- دعوتنا هى نشر هذا الاسلام في هذا العصر , ولابد من تطوير خطتنا وأساليبنا فى نشر الدعوة تطويراً يتناسب مع ثورة الاتصالات والإمكانات الهائلة التى توفرها الشبكة , ويكون ذلك بغرض تحقيق الآتى :
10/1 الوصول إلى المجتمعات التى كان يصعب الوصول إليها قبل اختراق الشبكه لها , هذا الاختراق الذى يصل الآن إلى نصف المجتمع على الأقل .
10/2 دعوه الجاليات المسلمة فى الغرب لأن نسبتهم ستصل إلى الخمس قريباً , وهى نسبه قادرة على التأثير على سياسات الدول الغربية التى دائماً ما يأتينا منها المكر والسوء - وبالذات الولايات المتحدة - فلو أحسنا دعوة هذه الجاليات وحثها على العمل لدينها لكان لدينا تأثير كبير على هذه الدول .
10/3 (خياركم فى الجاهلية خياركم فى الإسلام ما فقهوا) , فالوصول بالإسلام إلى المجتمعات المتقدمة حضارياً يوفر الكثير من الوقت والجهد على الحركة الإسلامية .
10/4 هذا لا يجعلنا ننسي أهلينا , ولا بد من تطوير خطاب دعوى على الإنترنت لكل من : الشباب – النساء - المجتمع الراقى – العلمانيين العقلاء – السياسيين – الإعلاميين.... الخ
أخيراً هذه خواطر رجل جاوز الخامسة والستين , ويأمل أن يقابل رباً كريماً قريباً ، وعندما يسأله عما قدم يكون قادراً على أن يقوم أنه أخلص النصح لقومه دون مراعاة من سيعجبه هذا النصح ومن لن يعجبه ، ومن سيتهمه بما ليس فيه , وأحب أن أوضح أن هذه الجماعة المباركة مازالت أمل الأمة للخروج من هذا الحال إلى مقدمة الأمم , وأوضح أن قيادتها – قبل المحنة – هم أساتذتى وأخوتى وأني أحبهم ولكن الحق أحب إلى منهم , ومن استحسن ما أكتب فليعيننى على تنفيذه , ومن لم يعجبه ما أكتب فليحسن الظن بى , فإننى ما قلت ولا كتبت كلمة طوال وجودي فى هذه الجماعة المباركة ( أكثر من ثلث قرن ) إلا وأبتغى بها وجه الله , ولا أخاف فى الله لومه لائم , واثق فى أن مكاشفة المريض بمرضه أجدى من الكذب عليه أو الطبطبة على ظهره , وأؤمن بأننا ما لم ننتهز هذه الفرصة لتفعيل أمر الله لنا " وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون " وذلك بالنقد البناء والاقتراحات المدروسة فلن نكون وفينا حقنا لدعوتنا , وكما قال الخليفة الراشد " لا خير فيكم أن لم تقولوها ولا خير فينا أن لم نسمعها " اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الفقير إلى رحمه الله تعالى
أ.د. شريف ابو المجد
يوليو 2015

محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – [المقال السابع عشر] “اكتُبْ, تَكُنْ.. واقرأْ, تَجِدْ”

محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – [المقال السابع عشر] “اكتُبْ, تَكُنْ.. واقرأْ, تَجِدْ”

[المقال السابع عشر]
"اكتُبْ, تَكُنْ.. واقرأْ, تَجِدْ"
2- البوصلة القرآنية
الزمان هو البعد الرابع للأبعاد المادية المكانية الثلاث, هذا وفقًا لتنظير الفيزياء. هل يخضع الزمان لقوانين المادة إذن؟ هل يتوقف الزمان فعليًا إن توقفت حركة الأرض حول الشمس, والالكترونات حول النواة, لاختلال موازيين الطاقة مثلا؟ الزمان هو بشكل ما ليس سوى الحركة. إذن اللازمان هو السكون التام, اللازمان هو الموت.
ما قيمة ومقدار الزمان الذي نحياه على هذه الأرض؟ وما معنى تعبيري "يومًا أو بعض يوم", و "عشية وضحاها" اللذين يترددان في القرآن كوصف لشعور البشر تجاه حياتهم الدنيا, بعد أن عبروا للآخرة؟ هل لنا أن ندرك أن زماننا الأرضي بتاريخه, وحضارته, وعلومه, وفنونه.. بحروبه, ودماره, ودمائه, وشقائه.. كل هذا ليس سوى لحظة مادية ضئيلة تعبرها الروح إلى الخلود الأبدي؟ هذه الحقيقة رغم ارتكاز كل الأديان وبعض الفلسفات عليها, تستعصي على الاستيعاب البشري الكلي, وتظل في دائرة الغيب. تقريبًا, هذا العجز عن الاستيعاب هو أحد "تناقضات كانط" * التي يبرهن بها على قصور العقل البشري عن الاستدلال بالمنطق ليصل إلى الحقيقة. إذ يستحيل الجمع _في عقل منطقي_ بين متناقضين شديدين: تمدد الكون ومحدوديته.. استمرار الزمان وفنائه.. تفاهة الحياة وعظمتها معًا.
في السجن, بعد أن سلبتك الجدران المكان, يمنحك تشابه دقات الساعة علوًّا نسبيًا فوق الزمان, لتبصر من هناك الصورة الكلية لحياتك.. بل لحياة جنسك البشري إن تدبَّرتْ. نحن _البشر_ نتصارع من أجل البقاء المادي يوميًا, هذا واضح. لكن الصراعات الأقوى التي خِيضَتْ عبر التاريخ كانت في سبيل القيم "الحق, الخير, الجمال" , بين أنصار هذه القيم وأنصار أضدادها. هذه القيم الإنسانية روحانية المنشأ, تتجاوز اللذة الحسية, والمنفعة المباشرة, وتتحدى بتجاوزها المادة.. والزمان.
في السجن تستطيع أن تستوثق من انتماءاتك: قسوة الظلم وسياطه على لحمك الحي, تُعمِّقُ انتماءك لكل ما يجهر بصوت الحق. الشر الذي تراه عن قرب لأول مرة بوضوح في وجوه جلاديك, يُعمِّقُ انتماءك إلى كل ما يحمل جوهر الخير. والقبح الذي يتبدّى في كل شيءٍ حولك يُعمق انتماءك إلى كل ما يفوح برائحة الجمال
لم أحب يومًا حديث المرء عن رؤيته الخاصة للدين. لماذا؟ لأنني لست ملتزمًا, أصبت من الدنيا ما أصبت, بي من التقصير على مستوى العبادات ما بي, وبالتالي لست أهلًا لأتصدر حديثًا كهذا. ربما بفعل السلوكيات المُنفِّرَة والتشوهات التي صدرت ممن يتحدثون باسم الدين. وربما لأنني أراه أمرًا خاصًا, كعلاقة حب تفقد الكثير الكثير إن أصبحت كل تفاصيلها مشاعًا.
رغم ما سبق, سأتحدث: أتاح لي السجن فرصة لا أظنني كنت أستطيع تحصيلها خارج الأسوار: القرآن الكريم, قراءة القرآن في العزلة الكلية. هذه القراءة كفيلة أن تعيد ترتيب خلاياك تمامًا. أحيانًا كانوا يمنعون عنّا جميع الكتب عدا القرآن, فتقرأ, وتُعيد, وتقرأ, وتُعيد, لِتُسقِطَ من على عينيك غشاوة تلو الأخرى.
العزلة لا تعني الانفصال عن المؤثرات الخارجية فقط, العزلة برزخ بين المادة والروح, بين الدنيا والآخرة. في العزلة _خاصة إن كانت محفوفة بالقهر_ تدرك كم نحن وحيدون على هذه الأرض. أنت وقد أُبْعِدْتَ عن الجميع: أحَّبيَكَ وأعدائِكَ, وجُرِّدْتَ من كل متاع وزادِ, لم يعد معك سوى نفسك, تكاد تسمع نبض قلبك وجريان دمك.. لا خيار لك الآن سوى أن تُفتِّش داخلك بحثًا عن يقين تستند له. العزلة مخاض, من آلامه تُولد. العزلة ظلام, في حالِكِه تتسعُ حدقتاك.. لتراك.. وترى الله.
القرآن الكريم, هذا الخطاب العظيم, الراقي, الحميم الذي أنزله الله على رسوله ليَهديَه, ويهدينا بالتبعية, لنؤمن بكل كتب ورسالات الأمم السابقة. لنقبل الآخر ونحبه, لنصفح, ونعفو, ونخلص, لنتجاوز الحدود العرقية, سواسيةٌ نحن البشر, لا شعب "مختار" من الله دون الباقين. لنتجاوز الحدود الجغرافية, الله لم ينفخ في ذلك التراب أسفل قدميك لتُقَدِّسَهُ, الله نفخ في طيتك أنت, انتماؤك لتراب وطنك الصغير يجب ألا يمنعك من الانتماء للوطن الأرحب: الإنسانية. أنت مُكرَّم من العزيز, لا تقبل الذل. انت مُستخلف من العدل, حارب الظلم. فيك من روح الله القدير, فتحرك الآن, اسعْ, حاول, تدبر, اصبر, أبصِر.. ولا تنس الأمر الأول أبدًا "اقرأ". هكذا فهمت القرآن.
هنا قابلت معظم ألوان الطيف الإسلامي, جميعهم يتحدثون بالكتاب والسنة. لا أنصب نفسي قاضيًا, ولا أرى فيها أي قدرة على تقييم الآخرين لكنني لا أملك _بعدما رأيت_ إلا أن أشير لوجود خلل ضخمٍ في قراءتهم للقرآن..
هل أمر الله بهذا؟ التقوقع على جماعتك, والانكفاء على اللحظة الحالية, النفور من تجارب وحضارات الأمم المغايرة بحجة وجود مؤامرة كونية ضدك؟! هل أمر الله بطاعة القادة دون فهم, وبرفض الآخر دون استيعاب؟! أحدهم كفّر شابًا سجينًا معه في نفس العنبر, من حركة 6إبريل, لأنه يقتني "كتبًا إلحادية" كما وصفها المُكفِّر العبقري, الذي لم يكلف نفسه عناء قراءة الكتب أصلًا! أحدهم تشاجر بعنف وكاد أن يتعدى على زميل إسلامي مثله لكنه ينتمي لجماعة مختلفة, بعد خلافهما حول أذكار الصباح والمساء هل تُقال فرديًا سرًا أم جماعيًا جهرًا!
أحدهم كفَّر النظام كاملًا.. ولما رفضت ما قال وحاولت دحضه, كفّرني معهم لأنني أوالي "أنصار الطاغوت" كما وصفهم. أحدهم بعد أن كفّر الجميع, اكتشف أنه هو نفسه لم يصل للحالة المثالية التي يرضى عنها, فقال بالحرف الواحد "أنا كافرٌ مؤقتًا.. إلى أن أُتِمَ ديني". لقد كفَّر نفسه! أي جنون هذا؟!
هذه نماذج قابلتها في نطاق الانتقال بين سجني المنصورة وطُرة. للصدق نسبتها المئوية ضئيلة. وللصدق هناك نماذج رائعة, مثقفة, ومتحضرة في طرحها للإسلام.. ولكنها أيضًا ضئيلة.. وربما أضألُ من الأولى.. إنكار وجود النماذج الأولى هو نوع من الكذب, الذي يبررونه بكون الإعلام الرسمي كفيلًا بشرح وتشهير هذه النماذج بشكل مبالغ فيه. لكن الإنكار يظل كذبًا. لا أقبل أن أشارك فيه.
كما فعلت في الواقع, سأفعل على الأوراق: سأترك هذه المهاترات وأعود إلى لُب الموضوع: القرآن. كتب التفسير المنهجية لم تساعدني كثيرًا. ساعدتني كتابات من مس القرآن روحهم فانطلقوا يكتبون في خصوصية وفرادةٍ نقيةٍ, أظنها لا توجد في أي كتاب منهجي. كمثال قوي على هذا النوع من الكتابات: كتاب "البوصلة القرآنية" لدكتور أحمد خيري العمري.
هذا الرجل لا يحشو رأس القاريء المُتعَب المُؤرَّق بإجابات لينام بعدها في خمول مُرتاحًا. إنما يفتح شهيته لمزيد من الأسئلة. لا يتاجر د.العمري في الشعارات السياسية الإسلامية الفارغة من المحتوى والقيمة التطبيقية. لا يزعم أن القرآن كتابًا سحريًا تُرَتَّلُ آياته كتعويذة لحل جميع مشاكل الكوكب التائه. هو فقط يؤكد أن قراءتك للقرآن بصدق تمنحك "بوصلة" تدلك إلى الاتجاه الصحيح, لتساعد كوكبك, الذي أمله الوحيد في التغيير هو يداك أنت ولا شيء سواهما.
د.أحمد لو قُدِّرَ لي الخروج من السجن يومًا, سأحاول التواصل معكَ وجهًا لوجهٍ, لأشكركَ صدقًا, ولأحكي لك كيف كان كتابك واحدًا من بين الكتب القليلة التي ساعدتني جدًا على التحرر من جدران السجن العالية. ولأخبرك أنني أحب هذا الكتاب. وأحبك. جدًا.
___________________________________________
* كانط "إيمانويل كانت (1724 - 1804) فيلسوف ألماني من القرن الثامن عشر. يعد أشهر ما تناول "التناقضات الكانطية" "Kant's antinomies" إذ يزعم أن معرفة الله _غرض مبحث الإلهيات في علم الفلسفة_ إما تتحقق بالوحي أو بالعقل. وهو يبرهن على عجز العقل عن إدراك كل ما وراء الطبيعة وما يخص الله, في كتابه "نقد العقل الخالص" بأن أورد أربع قضايا أثبتها منطقيًا, ثم أثبت أضدادها منطقيًا. أيضا. وبالتالي يفسد الاستدلال في الحالتين, ويعلن عجز العقل.

شريف ابو المجد – علاقات

شريف ابو المجد – علاقات

إن العلاقة بين السعادة والثراء مثلاً تختلف من إنسان لإنسان , وحتى العلاقة بين الثراء و صعوبة كونك أباً أو أماً تختلف من حالة لأخرى , ولكن هناك رأى شائع أن كل هذه العلاقات لو تم رسمها فى رسم بيانى فستكون على شكل حرف U مقلوبة , فهل هذا صحيح ؟ , هيا نفحص بعض هذه العلاقات علَّنا نصل إلى بعض التوجيهات أو النصائح التى يسديها بعضنا إلى البعض الآخر .

لو بدأنا بموضوع الثراء وعلاقته بالسعادة , نجد أن تعريف السعادة يختلف من شخص لآخر اختلافاً كبيراً , أما علاقة الثراء بالأبوة فأكثر وضوحاً , لأن سهولة / صعوبة الأُبوة لا يختلف عليه الناس كثيراً , فهل زيادة الثراء تزيد الأُبوة سهولة أم صعوبة , لاشك أنه عندما يكون المرء فقيراً فحصوله على المزيد من المال يجعل الأُبوة أسهل ــ شكل (أ) , فهو حينها يستطيع أن يوفر لأولاده الغذاء والكساء والمسكن , فإذا زاد ثراءه أمكنه أن يوفر لأولاده رعاية صحية أفضل , فإذا زاد ثرائه أمكنه أن يوفر لهم تعليماً أجود وسكناً أرقى , فهل العلاقة بين الثراء وسهولة الأُبوة فى زيادة مطردة دون حد أقصي , الناس فى كل الثقافات اتفقوا أن هذه العلاقة تسير فى زيادة حتى نقطة معينة من الثراء بعدها تتوقف سهولة الأُبوة , فإذا ازداد الثراء فحشاً انقلبت سهولة الأُبوة صعوبة ــ شكل (ج) .

فالجزء الأفقى فى شكل (U) المقلوب هو بين النقطة التى تتوقف عندها زيادة سهولة الأُبوة وبين النقطة التى تزداد عندها الأُبوة صعوبة , وإذا أخذنا حالة الأب المصرى كمثال نجد أن النقطة الأولى قد تكون عندما يكون الدخل الشهرى أربعين إلى خمسين ألف جنيه , فمتى نصل إلى النقطة الثانيه , قد نصل إليها عندما يصل الدخل إلى خمسة أو عشرة أضعاف هذا الرقم ، لماذا ؟ لأن الأب فى هذه الحالة لا يتمكن من تربية ابنه على الإحساس بقيمة المال , فكل شئ متوفر , ولا يستطيع الأب أن يقول لابنه : لا عندما يطلب منه دراجة أو سيارة فارهة بعد أن يصل سنه إلى 18 عاماً , وإذا قال له لا .. تربية له وعلى أساس عدم إجابة كل طلباته فإن الإبن سيظن أن أباه بخيل , وسوف يتمنى أن يرثه ليشترى السيارات التى يريدها , وليست قيمة المال فقط هى التى يصبح الحفاظ عليها أصعب ولكن أغلب القيم كذلك , أما الشكل (ب) فيصعب أن تستمر السهولة / الصعوبة على نفس درجتها مع ازدياد الثراء .

فإذا انتقلنا إلى علاقة الصحة بالأكل يصبح السؤال هل يزداد المرء صحة كلما ازداد أكلاً ؟, هنا تكون الإجابة أسهل , لأن الكل يعلم صدق الحديث النبوى الشريف "ما ملأ إبن آدم وعاءً شراً من بطنه " (رواه البخارى ) , فالناس كلهم تقريباً يعلمون أن قليل من الطعام الصحي ضرورى لكى تكون صحة الإنسان جيدة , وتزداد الصحة كلما أكثر من الطعام الصحى , ولكن الآية سرعان ما تنقلب , ويصاب الإنسان بالأمراض نتيجة كثرة الأكل : السكر والنقرس والضغط وزيادة الكولسترول وترسب الدهون على الكبد بالإضافة للسمنة وتأثيرها على العظام والمفاصل , فتجد إجماعا لدى الناس أن العلاقة فى الشكل (أ) غير صحيحة , وأن العلاقة فى الشكل (ب) هى الصحيحة , وهى أيضا على شكل U مقلوبة .

ثم نأتى لعلاقة أكثر التباساً , وهى علاقة عدد التلاميذ فى الفصل بالتحصيل الأكاديمي , فأغلب الناس يظنون أنه كلما قل عدد التلاميذ فى الفصل كلما زاد تحصيلهم الأكاديمي , لأن المدرس / المدرسة سيتمكن من إعطاء كل طفل وقتاً واهتماماً أكثر , وقد كلف هذه اعتقاد الأمريكيين ما يسمى "بغلطة البليون دولار " , حين سعوا إلى تخفيض أعداد الطلاب فى الفصول وكان المتوسط من 24-26 طالبا , وأنفقوا بليون دولار على بناء مدارس أكثر وتعيين مدرسين / مدرسات أكثر , حتى وصل المتوسط إلى 16-18 طالباً فى الفصل , فماذا كانت النتيجة ؟ ، لم يتحسن التحصيل الأكاديمي فذهل خبراء التعليم , ولكنهم عندما درسوا تجارب الأمم الأخرى وبالذات أمم أسيا ذات التعداد السكانى الكبير وجدوا تفسيراً لما كان يحيرهم , فالتجارب الأسيوية أثبتت أن التحصيل الأكاديمي للطلاب يتحسن فعلاً كلما قل عددهم فى الفصل , ولكنها ليست علاقة الخط المستقيم لأنه عندما يقل العدد عن حوالى 25 طالبا فى الفصل يتوقف التحسن فى التحصيل الأكاديمي , ليس ذلك فقط وإنما أثبتت بعض البحوث التربوية أن عدد التلاميذ فى الفصل لو قل عن 12 أو 10 تلاميذ فإن التحصيل الاكاديمي يقل , والسبب فى ذلك شيئين : أولهما أن كل طالب يحس أنه أصبح تحت المجهر , ويزداد توتراً , ومعروف أن زيادة التوتر تقلل التحصيل الأكاديمي , والسبب الثانى أخفى من الأول , ولقد أن طاقة المناقشات والأنشطة الفصلية تقل إذا قل عدد التلاميذ فى الفصل عن عشرة , ولكن تبقى العلاقة أيضا على شكل حرف (U) مقلوبة

وفى العلاقات الزوجية يتكرر شكل حرف U كثيراً , فالعلاقة بين نجاح الزوجه مهنياً وبين السعادة الزوجية تكون على شكل حرف U , وبالذات بالنسبة للرجل الشرقى الذى لا يتحمل أن تكون زوجته أنجح منه مهنياً وبالذات لو كانت فى نفس التخصص , وحتى الرجل الغربى لا يحب أيضاً أن تكون زوجته أنجح منه مهنياً , بالإضافة إلى صعوبة أن تنجح المرأة مهنياً وان تنجح فى أداء دورها كزوجة وأم في نفس الوقت , وبالذات فى السنوات الأولى للزواج , وفى حالة من الحالات كانت الزوجة أستاذه تحاليل وكان زوجها طبيباً فى الجيش تخصص تحاليل أيضاً , وأصر أن يكون له معمل تحاليل وحده بعد أن كان لهما معمل مشترك , فلما كانت زوجته مدرسة كان معمله أنجح , ولكنا عندما وصلت لدرجة الأستاذية في جامعة عين شمس صار معملها أنجح ، وانتهى هذا الزواج بالطلاق .

فهل كل العلاقات على شكل حرف U مقلوبة ؟ , غالباً كل العلاقات التى يكون فيها المال محوراً من المحورين تكون على هذا الشكل , فزيادة الثراء عن حد معين تجعل الفتاة تشك أن من يتقدم لخطبتها لا يفعل ذلك حباً لها وإنما طمعاً فى مال أبيها , وتجعل الأب يتشكك فى أى شخص يعرض عليه صداقته أو حتى يعطيه هدية , لأنه دائما يسئ الظن بالناس , ويظن أن الكل يطمع في ماله ، أما بالنسبة للسعادة الزوجية فالأمر يختلف , صحيح أن زيادة الثروة لا تعنى دائماً زيادة السعادة الزوجية , بل أن العلاقة على الأرجح ــ تكون على شكل U مقلوبة أيضا , ولكن علاقة السعادة الزوجية بالحب بين الزوجين أكيد ستكون فى صورة خط مستقيم صاعداً دائماً , والا إيه ؟ !!!

وهنا يظهر سؤال : هل قضاء الزوج وقتاً أطول مع زوجته وأولاده يعمل على زيادة السعادة الزوجية , نأتى هنا مره ثانيه إلى شكل (U) المقلوبة , كيف ؟ , أعرف لواءاً كان يعمل فى القوات المسلحه ثم خرج على المعاش قبل الستين ببضع سنوات , فأصبح يجلس فى البيت طول الوقت , وكان كل أولاده – ماعدا واحداً – قد تزوجوا , وكانت زوجته ربة منزل لا تعمل وكانت طاهية ماهرة وكثيرة الابتكار فى الأكلات الشهية التى تصنعها ولا تحب أن يقاطعها أحد وهي تبتكر , ففى الصبح أثناء تواجد ابنه فى الجامعة كان لا يجد إلا زوجته ليتحدث معها , فكان يدخل المطبخ ليستأنس بها , فلما اشتكت لأقاربهما وأصدقائهما من كثرة تدخله فى مملكتها الخاصة نصحناه قائلين : يا سيادة اللواء إذهب إلى نادى الصيد أو أى ناد من نوادى القوات المسلحة , فلما أصر على البقاء فى البيت حدث الطلاق وهو قد جاوز الستين , وزوجته أصغر منه قليلاً .

وهناك مثلا يقول ما زاد عن حده انقلب إلى ضده , فهل هذا المثل يفسر ما قاله أحد المفكرين الغربيين من أن كل العلاقات تكون على شكل U مقلوبة , الحقيقة أنه عندما يكون أحد المحورين يمثل شيئا ماديا فقد يكون ذلك صحيحاً أى عندما يكون أحد المحورين يمثل الثراء أو الأكل أو عدد الأولاد فى الفصل أو حتى نجاح الزوجة مهنياً فيمكن أن تكون العلاقة على شكل U مقلوبة , ويصدق عليها هذا المثل الذى ذكرناه .

فماذا لو كان كلا المحورين معنوى ؟ , مثلا هل العلاقة بين الرضا والسعادة على شكل U مقلوبة ام هى خط مستقيم , أعتقد أنه كلما زاد الرضا والقبول بما قسمه الله كلما زادت السعادة ، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول " .. وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس " ( رواه الطبرانى ) ، وكذلك العلاقة بين الصبر والرضا بالقضاء وبين رضا الله عن العبد , أعتقد أنه كلما زاد الصبر زاد رضا الله عن العبد , حتى يدخله الجنه بغير حساب (اللهم اجعلنا من الصابرين) ، وفى هذه الحالة نجد أن العلاقة بينهما ليست خطاً مستقيماً صاعداً فقط وإنما كل منهما يعمل على زيادة الآخر , فكلما تذكر العبد أن الصبر يرفع منزلته عند الله كلما ازداد صبراً , وكلما ارتفعت منزلته فعلاً , حتى يصل إلى قمة الصبر عندما يبتليه الله بفقد أحد أولاده , فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يخبرنا فى الحديث ما معناه أن الله يسأل ملائكته ــ وهو أعلم ــ "أقبضتم روح ولد عبدى ؟ أقبضتم ثمره فؤاده ؟ , فيقولون نعم يا رب , فيقول ــ وهو أعلم ــ فماذا قال عبدى , فيقولون : حمدك واسترجع (أى قال إنا لله وإنا اليه راجعون) , فيقول لهم : ابنوا لعبدى بيتاً فى الجنة وسموه بيت الحمد" (رواه البخارى ) ، الله .. الله ، هذه أعلى درجات الصبر , وهذه أعلى مقامات العطاء الالهى.

وليتنا نحاول فى حياتنا تطبيق هذا على علاقتنا ببعضنا , ففى كتاب " الرجال من المريخ والنساء من الزهره " يقول د. جون جراى أن أربعة أحضان للزوجة فى اليوم تكفى , فماذا عن ثمانية أحضان ؟ هل هى زيادة عن الحد , أعتقد أن كل الزوجات المحبات لأزواجهن سيتفقون معى أن أربعه أحضان فى اليوم لا تكفى , وليتهم يكونون ثمانية وليتهم يكونون اثنى عشرة , وليس من الضرورى أن يستغرق الحضن وقتاً طويلاً , ولكن لأن (الأنثى) مخلوق يحب الحنان فهي تحت الأحضان , ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى عن الزواج " ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ...” (الروم :21) ، هذه المودة والرحمة لابد أن تظهر فى صورة سلوك , لأن الحب سلوك كما يقول ستيفن كوفى مؤلف كتاب " العادات السبع للأسر الأكثر فاعلية " , أى أن الزوج يجب أن يعبِّر عن حبه لزوجته بالكلام أو بالأحضان أو بالهدايا الصغيرة ، ولا يكتفى بأن يقول أنه يعمل ليل نهار من أجل زوجته وأولاده , يجب أن يقول لهم باستمرار أنه يحبهم ، ويجب أن يعطيهم من الحنان والهدايا ما يسعدهم .

ويحكى عن رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم ) أن أحد الصحابة قال له : "أنا أحب فلاناً فقال له : وهل أخبرته , قال : لا , قال فاذهب فأخبره" (رواه ابو داود ) , فانظر إلى فقه الرسول صلى الله عليه وسلم , ومن فقهه كذلك قوله صلى الله عليه وسلم : "تهادوا تحابوا" (رواه الترمذى) , فلابد أن يحضر الزوج لزوجته هدايا باستمرار , وليس المهم أن تكون غالية الثمن , بل يمكن أن تكون وردة واحدة , ويستحسن أن تكون حمراء , ولكن هل هذا ينطبق على الزوج فقط ؟ لا طبعا فالزوجة لابد أن تهدى زوجها دائماً , ولكنها هى نفسها أجمل هدية بطباعها ورعايتها لزوجها وقيامها بكل ما يحب , وليت العلاقة بين الزوجين تعود إلى ما كانت عليه أيام جدودنا , فجدى (رحمه الله) كان دائماً ينادى جدتى : يارتيبه هانم , وهى دائماً تناديه : يا عوض بك , حتى جاءت ثوره 52 المباركة فألغت البكاوية , وكان الاحترام الدائم هو الذى يسود علاقتهما , وليت الاحترام والمودة والرحمة تعود فتملأ بيوتنا مره ثانية .

فماذا عن علاقتنا بخالقنا ؟ , يقول الله تعالى " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ " ( الذاريات :56 ) , فكيف تكون علاقتنا بربنا كلها عبادة , يفسر ذلك حديث النية , فالنية تجعل حتى العادة تتحول إلى عبادة , فالأكل والشرب لو كان بنية التقوى على طاعة الله لأصبح عبادة , وكذلك النوم عبادة إلا إذا شغل المرء عن قيام الليل وصلاه الفجر , وتفسره كذلك الآية فى آخر سورة الأنعام " قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (الأنعام 162 - 163) , فليتنا نجعل حياتنا كلها لله رب العالمين

فماذا عن علاقتنا بحكامنا ؟ , أهم شئ فى هذه العلاقة هو منعهم من الظلم , وذلك لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) "إن الناس لو رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم بعقاب" , وحديثه (صلى الله عليه وسلم) “ انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً قالوا : يا رسول الله ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً ؟ قال بمنعه عن الظلم " (متفق عليه).

وها أنا أكتب هذه الخاطرة فى سجن استقبال طره , وقد اعتقلت من سنة ونصف أثناء نومى قبل آذان الفجر , ولم يجدوا فى بيتى أى شئ , ولما قلت لوكيل النيابة ــ بعد خمسة أشهر من التحقيقات ــ متى تحيل موضوع القضية إلى القضاء لأثبت براءتي , قال : أحيل أيه ؟ لا يوجد دليل ولا شهود ولا حتى أحراز , فلما انقضت الخمسه أشهر الأولى وأصبحنا نمثل أمام القاضي لمدة سنة كاملة ولا يوجد أى جديد سألته : وأخريتها ؟ سنة كاملة والنيابة تقول أنهم يتحرون عنى , وأنا ولدت فى الدقى وأعيش فيها حتى الآن , وأعمل أستاذ متفرغاً فى هندسة المطرية , وكنت عضواً بالمجلس الأعلى لنقابة المهندسين , فكيف يستغرق التحرى عنى سنة ونصف , فلم يجد جواباً ولا حول ولا قوة إلا بالله .

أعود إلى موضوع العلاقات , وأتمنى أن تعود العلاقات الجميلة بين الزوج وزوجته وبين الجار وجاره وبين الإبن وأبيه وأمه , وبين الصديق وصديقه , فالدين المعاملة كما تقول إذاعة القران الكريم .

اللهم اجعلنا سلماً لأوليائك حرباً على أعدائك نسالم من سالمك ونعادى من عاداك , اللهم استعملنا لخدمه دينك ونصرة شريعتك , واجعلنا هداة مهديين , لا ضالين ولا مضلين ولا تجعلنا منافقين ولا مصفقين فى أيام عز فيها المؤمنون الصادقون .. اللهم آمين .

محمود يحيي محمود محمد عبد الشافي (محمود يحيي) – انا وسيناء والإرهاب

محمود يحيي محمود محمد عبد الشافي (محمود يحيي) – انا وسيناء والإرهاب

ترفع اليوم لافته واحده فقط تتوسطها جملة كبيرة جدا وهى " الحرب على الارهاب " وعليك سيدى المواطن ان تشاهد تلك اللافتة فى كل وقت ومكان برضاك او بالاكراه ، هذا واقع لا يمكن انكاره ولكنك سيدى المواطن تمتلك حق اصيل لك وهو اعمال العقل والتفكير والسؤال عن الاسباب ومقارنة النتائج الحالية بالتصريحات والوعود السابقه حتى تتمكن من معرفة حقيقة ما يحدث حولك ، ولكن خذ قاعدة " حسن النية " مبدا لك فى جميع ماتقوم به لكى يقر قلبك ويهتدى عقلك الى نتيجة حسنة .
فى البداية نذهب الى نقطة سواء لكى نبنى ارضا مشتركه وتلك النقطة هى حرب العاشر من رمضان 6 اكتوبر 1973 حين انتصرنا على الاسرائيليين المحتلين لسيناء واستعدنا ارضنا وشرفنا وكرامتنا ثم حدث بعد ذلك شئ ايده من ايد ورفضه من رفض وهى " معاهدة كامب ديفيد " ولكن اريد ان اوضح شيئا حقيقيا وبسيطا جدا وهو ان من وقّع تلك المعاهدة وهو الرئيس المنتصر فى حرب حقيقتها ضد امريكا مرتدين قناع اسرائيل ، محمد انور السادات قد تم اغتياله ، ولم يعيش لتلك المعاهدة وما بعدها ، وعلى سبيل المثال ومن باب التشبيه لو ان حضرتك وقعت عقد شقة بالقانون القديم ثم بعد عمر طويل ذهبت الى خالقك وجاء من بعدك ابنائك هل سيظل العقد الذى وقعته انت كما هو ام سيتغير حتما ولو بصورة بسيطة ، بالتاكيد يتبدل الحال ، فما بالك بمعاهدة قتل صاحبها وجاء من بعده شخص فاسد ومستهتر مثل حسنى مبارك ، يا سيدى لا يوجد نص فى معاهدة كامب ديفيد يمنع زراعة وتعمير ارض شبه جزيرة سيناء !!
لقد نصت المعاهدة على تقسيم ارض سيناء الى ثلاث مناطق أ،ب،ج منزوعة السلاح الثقيل ولكنها لم تنص على نزع الفؤوس والمعاول والجرارات الزراعية والايدى العاملة بالزراعة او الصناعة .
تلك الارض التى رواها كل المصريين المنتمين الى الجيش المصرى فى تلك الفتره بدمائهم تركها الحاكم صحراء جرداء لازرع فيها ولا حياة لمدة تزيد على الثلاثين عاما .
وسؤالى هنا : هل انا وانت المسؤلون عن تلك المزروعات الارهابية التى نبتت بارض سيناء طيلة تلك الفترة الماضية من الاهمال والتهميش والتى ندفع ثمنها اليوم جميعا ؟!
لن املى عليك اجابة بعينها ولكنى ساجيب عن نفسى من مبدا دفع التهمة عن نفسى وانا شاب كل عمرى 29 عاما فى تلك الحياة الدنيا.. لا ليست مسئوليتى ، فلم اشارك فى زراعة الارهاب فى سيناء رغم انى قد كنت اشارك فى تعمير وزراعة ارضها بالمحاصيل والحياه لو تكنت من ذلك فيما مضى !
سيدى العزيز جدا من الطبيعى جدا على شاب مثلى شارك فى ثورة 25 يناير ان يشارك بقوة فى موجتها الثانية فى 30/6 وان يشارك ايضا فى اعطاء الامر "التفويض " للجيش المصرى فى مواجهة اى تطرف يهدد الامن العام المصرى وان يرى فرض حظر التجول لمدة 4 شهور واجب للقضاء على حاملى السلاح فى وجه رغبة الشعب الذى ملأ الميادين رافضا حكم الاخوان ، ولكن يا سيدى ليس من الطبيعى اطلاقا ان تكون تلك هى النتائج بعد كل هذا وتكون المحصله النهائيه هى الاغتيالات والتفجيرات وان اكون انا منذ تسعة اشهر فى السجن لمجرد مشاركة فى مظاهرة وابداء رايى او اعطاء نصيحة !
وبالعوده الى اللافتة الكبرى التى تملأ حياتنا اليوم " الحرب على الارهاب " اريد ان اعلمك ان اول لافتة رفعتها بعد 30/6 قالت " الشعب صاحب القرار .. الشعب يريد الاستقرار" ووقفت بها وحدى فى وجه مسيرات ومظاهرات الاخوان عقب 30/6 .. فلا يعقل ان يكون مكانى اليوم هو السجن ويكون مكان من يفجر ويقتل هو الشارع .. حتما هناك خطأ فى ادارة الدولة فى تلك المرحلة فى حربها على الارهاب..
بعد اعمال العقل والتفكير بهدوء من داخل الزنزانة منذ 9 شهور وبعد طرح الكثير من الاسئلة حول المسببات وبعد مقارنة النتائج الحالية بالتصريحات والوعود السابقة لابد لى ان اقول .. لابد من تغيير تلك الخطة الموضوعة فى حربنا على الارهاب سريعا ..،
واخيرا وليس اخرا
كل عام وكل مصر بخير وكل المصريين فى صحة وسلام بمناسبة عيد الفطر المبارك ، اعاده الله علينا فى حال افضل من ذلك الحال ،
يارب احفظ مصر .. صرخة صرختها من داخل القفص فى احدى جلسات محاكمتى ، اللهم امين

عماد الدين علي ابو ترك (عماد الدين ابو ترك) – دى رسالة شكر وتهنئة وتثبيت

عماد الدين علي ابو ترك (عماد الدين ابو ترك) – دى رسالة شكر وتهنئة وتثبيت

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد :
دى رسالة شكر وتهنئة وتثبيت من #أعماد_الدين_ابو_ترك هو بيشكر كل الناس اللى بتسأل عليه وبيسلم عليهم كلهم وبيقولهم متنسوناش من صالح دعائكم وادعولنا كتير علشان ربنا يفك اسرنا واسر كل معتقل وبيهنى أهل مصر الشرفاء بحلول عيد الفطر المبارك وبيقولكم كل سنة وانتم طيبين ويا رب يزول الغم عن امتنا ويفرج القرب وان شاء الله نصره قريب جدا بس لازم نصبرلنا شوية علشان بعد كدة منفرطش فيها لان احنادفعنا حقها غالى اوى وبيدعى لكل الناس ان ربنا يفرج الكرب وبيقولكم اللى عاوز يقوله او يوصله اى حاجة يكتبها وانا هوصلهاله

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – لم اتوقع أن يمر على عيد ميلاد آخر بالسجن

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – لم اتوقع أن يمر على عيد ميلاد آخر بالسجن

قضيت عيد ميلادي الثامن عشر في السجن.
لم أتوقع أن يمر علي أخر، لكن؛ قضيت عيد ميلادي التاسع عشر في السجن أيضا .
بالتأكيد، لا يمكن أن أقضي عيد ميلاد ثالث هنا، أليس كذلك؟
كان ذلك في إعتقادي حتي تم تحديد جلسة النقض في يناير 2016، مما يعني أني سأقضي يوم الثاني عشر من ديسمبر لعام ألفين و خمسة عشر 12/12 2015، و هو يوم عيد ميلادي العشرين، أيضا في السجن.
سن العشرين.
كان يمثل لي رعبا و وهبة منذ كنت صغيرا، كنت أنظر لأصحابه بعين الإجلال و التقدير، فهو سن "الناس الكبار"، حتي أني في عام السابع عشر كتبت علي الblog الخاص بي علي wordpress موضوعا عن هذه المسألة و عن سن العشرين بالتحديد، و أسميته The غير محدد scares me
كاد يمثل هذا السن كل ما أخاف منه، يمثل رحيل الطفولة، و الابتعاد عن الأهل و الانخراط في متعة الحياة و الاعتماد علي النفس و مقاساة الضربات الموجعة و أكثر من هذا.
و الأن، أجدني علي مشارف إتمام عامي العشرين.
هو موضوع كنت سأتكلم فيه حتي و لو كنت خارج السجن، فما بالكم بألمه و تأثيره و هو مضاف إلي السجن و الشعور بالعجز، و مشاهدة العمر يمضي و يطير و أنت مكبل لا تستطيع مواكاته و لا مجاراته.
و الأن سأحرم للأبد عن سماع سؤال "كم عمرك؟" بنطق لفظ "...تاشر" في الإجابةز و لأول مرة منذ عشر سنوات، ستتغير خانة العشرات.
سيقلب الواحد إلي إثنين. الواحد الذي لازمني في السنوات العشر السابقة من عمري فصرنا أصدقاء مقربين، سيهجرني للأبد، و يسلمني لمرافق جديد أرافقه العشر سنسن القادمة.

عرفت الأن لم يشعر كبار السن بالحزن و يبدو عليهم سمة الأسي معظم الوقت، لأن إن كان هذا شعوري و الواحد ينقلب إثنين، فكيف بهم و الستة تنقلب سبعة، و السبعة تنقلب ثمانية؟

لا أجد ما أواسي به نفسي إلا أن أخذ علي نفسي عهدا الأن: عندما أودع الإثنين و أنظر إلي الخلف امحي سنينى الماضية لن يكون هناك ندم و ونب علي أي لحظة ضائعة.
سأقتضي كل لحظة لتحقيق أحلامي ما دامت الساعة تدق.
"يا ابن ادم إنما أنت أيام. كلما ذهب يوم، ذهب بعضك."

عبدالرحمن الجندي
الجمعة 2015/7/10

عادل السيد سعد سلمان (عادل سلمان) – أحبائى واخوانى ابشروا 

عادل السيد سعد سلمان (عادل سلمان) – أحبائى واخوانى ابشروا 

أحبائى واخوانى ابشروا ،بعد الجوع شبع .. وبعد الظمأ ري ..وبعد السهر نوم .. وبعد المرض عافية
فسوف يصل الغائب .. ويهتدى الضال..ويفك العانى .. وينقشع الظلام
” فعسى الله ان ياتى بالفتح او أمر من عنده ”
بشر الليل بصبح صادق يطاردة على رؤوس الجبال ومسارب الاودية
بشر المهموم بفرج مفاجئ يصل فى سرعة الضوء ولمح البصر
اذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد فاعلم ان وراءها أراضى خضراء واسعة
واذا رأيت الجبل يشتد ويشتد .. فاعلم انة سوف ينقطع
مع الدمعة بسمة..ومع الخوف أمن..ومع الفزع سكينة
النار لا تحرق ابراهيم الخليل لان الرعاية الربانية فتحت نافذتها “يانار كونى بردا وسلاما على ابراهيم”
البحر لا يغرق كليم الله موسى لان الصوت القوى الصادق نطق ” ان معى ربى سيهدين ”
المعصوم ف الغار بشر صاحبه بأنة وحده جل فى علاة معنا .. فنزل الله الفتح والامن والسكينة
إن عبيد ساعاتهم الراهنة وارقاء ظروفهم القائمة لا يرون الا النكد والضيقة والتعاسة لانهم لا ينظرون الا الى جدار الزنزانة وباب السجن فحسب ألا فليمدوا ابصارهم وراء الحجب وليطلقوا اعنة افكارهم الى ماوراء الاسوار
إذا فلا تضيق اخى الحبيب ذرعا فمن المحال دوام الحال .. وافضل العبادة انتظار الفرح
الايام دول والليالى حبالى والغيب مستور والحكم كل يوم هو فى شأنة ولعل الله يحدث بعد ذلك امرا
وان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا
” يا ايها الذين أمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ”
والى لقاء قريب فى مصر الحرية والعدالة والامن والايمان
اخوكم عادل سلمان

عبد الرحمن محمد عبده عطيه (عبد الرحمن عطيه) – لهذا اليوم أعدَدْته

عبد الرحمن محمد عبده عطيه (عبد الرحمن عطيه) – لهذا اليوم أعدَدْته

“لهذا اليوم أعدَدْته”

يا خنساء عصرنا كوني كما عهدتك دائماً صابرة محتسبة ثابتة كالجبال الرواسي مقتدية بالسيدة نسيبة بنت كعب الأنصارية – رضي الله عنها – عندما كان ولدها رسول رسول الله – صلي الله عليه وسلم – إلي مسيلمة الكذاب فعذبه مسيلمة عذابًا شديدًا كي يشهد له بأنه رسول من عند الله فأبى هذا الشاب المجاهد أن يقر لعدو الله بما أراد حتى وإن كان إقرارًا لفظيًا ؛
فقتله مسيلمة وقطَّع جسده إربًا إربا .. فلما علمت أمه بذلك قالت في تجرد لا يعتريه تلون وثبات لا يزعزعه هول ما حدث لولدها وقرة عينها : “في بطني حملته .. وفي حجري ربيته .. ولهذا اليوم أعدَدْته !!”.
لعن الله مسيلمة الكذاب ولعن مسيلمة هذا العصر الذي ينهج نهجه ويفعل فعله ويريد منَّا إقراراً له ولو بالسكوت فقط عنه وعن جرمه ولكن هيهات هيهات فوالله الذي لا إله غيره لن يكون أبداً ما حيينا حتى ولو كانت رقابنا ثمناً لذلك فسننفقها في سبيل الله ولا ضير.
“فلست أبالي حين أُقتلُ مُسلماً .. علي أي جنبٍ كان في الله مصرعي”
علي هذا أعددتيني منذ نعومة أظافري منذ السابعة من عمري فلطالما كنتِ تقولي لي مقالةً لازلت مذكرًا لها دهري :
“عبدالرحمن جُندُ الرحمن اللي هيحارب اليهود والمشركين وهيطردهم من المسجد الأقصى” تلك الكلمات كانت قد اقتات قلبي الذي ينبض بها وجرت في جسدي من حينها مجري الدم من العروق .
فلا تبك أمي فالحياة رخيصةٌ .. والصبر حلوٌ في رضا الرحمن
لولا طغاةٌ في البلاد سبيلهم .. صدُّ السبيل وقتلُ ذي إيمانِ
ونداءُ دين الله في وجداننا .. أن نَهجُر الأوطان للرضوانِ
وصراخُ أُختٍ في الكنانةِ تُريدُنا .. أن ندفعَ الفجَّار عن نسوانِ
لبقيتُ عندكِ طائعًا متذللًا .. حتى تكُفيَّ الدمعَ عن فُقداني
“المُربَّى على يد الخنساء”
عبدالرحمن محمد عطية
زنزانة العزل الإنفرادي – عنبر الإعدام
الخميس 9-7-2015

عبد الله مصطفي – بالأمس كانت زيارتى

عبد الله مصطفي – بالأمس كانت زيارتى

نادى المنادى فى القلب وقعت فرحتى
_ زاد البريق فى عينى زادت دمعتى
_كادت تغلبنى ولكنى تملكت كامل قوتى
_ يا وياتى من طول بعد احبتى
_ فنادى المنادى بأسمى قلت أهذه نهايتى أم بدايتى
_ فهبت ريح حبيبتى
_ قفز القلب دون ارادتى
_سادتى هذه زهرتى أمى وردتى
_رأيتها من بعيد فجئت مهرولا أقبل
_ يديها ورأسها فرأيت الدمع يزرف من عينها
_حبيبتى بالأمس كانت تمسح دمعتى
_نعم سادتى أخترت راحتها فأختارت راحتى
_ وقتها قد نسيت محبسى
_وعلقت فى رقبتى يد حبيبتى
_ فهمست لها قد أنستى وحشتى يا حبيبتى
_ واضئتى كل ركن داخل محبسى
_ فطلبت منها الدعاء فدعت بدموعها
_ ان فك الله أسرى وأسر أخوتى
_ الله قدر هكذا حمدا له المبتلى
_تلك السنن درب النبى (صلى الله عليه وسلم) هو قدوتى_ وهذا سر الدعاء دعوته فى ليلتى فك الأسر. أهلك الظلم. احفظ أمى . قلته فى سجدتى _ حينها تلائمت كامل جراحى _ بالأمس كانت زيارتى بالأمس كانت زيارتى

عمر علي حسن عبد المقصود (عمر عبد المقصود) – المرافعة

عمر علي حسن عبد المقصود (عمر عبد المقصود) – المرافعة

المرافعة
التاريخ : 9-7-2015
المكان : مجمع محاكم المنصورة – مبنى الجنايات
الدور الثاني – قاعة انعقاد جلسات الدائرة الخاصة " إرهاب "
برئاسة المستشار أسامة عبد الظاهر
المشهد : قاعة محكمة مليئة بالمدرجات الخشبية يقف على أول وآخر كل مدرج رجل من رجال الأمن المركزي ، في صدر القاعة منصة السادة القضاة وعلى يسار القاعة قفص حديدي حيث أقف أنا و إبراهيم أخي وأنس أخي وعبد المنعم صديق أنس نرتدي جميعاً الأبيض .

( ملحوظة : يرتدي المتهمون قيد التحقيق الملابس البيضاء بشكل إجباري إذا ما كانوا على ذمة سجن عمومي تابع لمصلحة السجون ، في حين يرتدي المحكوم عليهم الأزرق إجباريا باستثناء أحكام الإعدام فيرتدون الأحمر )
يُسمَح للسادة المحامين فقط بالدخول إلى قاعة المحكمة ويُمنَع منعاً باتاً حضور أهالي المتهمين أو ذويهم مهما كانت صلة القرابة – يختلف هذا الأمر من محكمة لأخرى ومن محافظة لأخرى وفقاً لنظر القاضي وما يراه ملائماً – كما يُمنَع نهائياً إصدار أي صوت من أي نوع أو شكل .

ينادي الحاجب على رقم القضية في "رول" ثم ينادي على المتهمين بأسمائهم تباعاً لإثبات حضورهم ، وبالتوازي ينهض السادة المحامون للوقوف أمام منصات مقابلة للمنصة الرئيسية للسادة القضاة ، يرتدون أروابهم الخاصة ... وتبدأ المرافعة .
يستعرض السادة المحامون أوراقهم ومذكراتهم الدفاعية على هيئة المحكمة ثم يستهلون مرافعتهم بدباجةٍ منمقة ومنسقة ثم وقبل الدخول في صلب المرافعة والقضية ، أرفع يدي طالباً الكلمة فيستأذن لي السيد المحامي وهيئة الدفاع من هيئة المحكمة فيؤذن لي .. على مضض.

و إليكم مرافعتي ...

حضرات السادة القضاة ، بدايةً ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبدايةُ السلام هنا مقصودة ، لأننا لا طريق لنا سواه ، ولا فعل لنا إلا هو ، فالسلام عليكم .
ستنقسم مرافعتي إلى جزئين رئيسين، أولهما حول فلسفة العدل والقانون وثانيهما حول الحب ، نعم الحب ، ذلك الشعور الذي ينشأ بين عموم البشر وبين إناثهم وذكورهم بشكلٍ خاص .

مرافعتي ستكون باللغة العربية الفصحى بالرغم من أن هذا الأمر قد يكون دليلَ إدانة لي على اعتبار أن ما رسخ في عقول المجتمع المصري الذي يعاني الآن من أشد حالات الاستقطاب فتكاً ودماراً من أن المتحدث باللغة العربية في وقتنا الحالي هو من أعتى عتاة الإرهاب ، ومتشددٌ رفيع المستوى ، حيث إنه لا مكان لإتقانها أو التعامل بها إلا في معسكرات وأوكار الإرهاب الأسود الذي يخيم على مصرنا الحبيبة قلباً و قالباً .

سيادة الرئيس ، إن اتقاني للغتنا العربية جاء نتيجة عملٍ و دراسةٍ مضنيين، وكان أساسها حفظي لأجزاء من القرآن الكريم ،
وقد كان اتقاني لها سبباً رئيسياً لعملي كصحفي ناجح في مؤسسات صحفية مرموقة وسبباً كذلك لقبولي في العمل كمذيع نشرة رياضية في هيئة الاذاعة البريطانية BBC قبل أن أحاكم بعدة أشهر وبعد أن قُبِض علي بشهرين تقريباً ، كما قوبل طلبي للتدرب كصحفي بجريدة الحياة اللندنية في دبي بالقبول فور مراسلتي لهم.. كل ذلك يا سيادة الرئيس مثبت أمام سيادتكم بالأوراق ، علماً بأني على استعداد تام للمرافعة أمام سيادتكم مرافعة كاملة باللغة الإنجليزية إن سمحتم لي .

سيادة الرئيس ، لو كنت إرهابياً كما أُتهِمت ، فما حاجتي للبحث عن حياةٍ كريمة وعملٍ لائق ، وما الحاجة للتطور والبحث والترقي اذا كنت قد اخترت مصيري مسبقاً ؟!
عتاة الإرهاب في عالمنا العربي بلا استثناء تركوا حياة الرغد والراحة إلى المشقة والتعب في سبيل هدفٍ أو رؤية هو وحده أعلم بها وبعوائدها .

فذاك محمد عطا المهندس المصري الشاب الذي حصل على الماجستير في الميكانيكا من أكبر جامعات ألمانيا ، إلا أنه طرح ذلك كله أرضاً ليخدم تحت لواء القاعدة ، فكان ضلعاً في أحداث سبتمبر الإرهابية ، وهذا زعيم القاعدة أسامة بن لادن الذي ترك مليارات الريالات و شركات ضخمة وحياة بذخ وترف ، فقط ليصبح إرهابياً ، فقط ليخدم فكراً رآه يوماً صحيحا ولا يصح غيره ، فأين أنا وإخوتي من هؤلاء ؟! فها أنا كما قصصت على سيادتكم، وذلك إبراهيم أخي بطل السباحة ، وأنس طالب الثانوية العامة الذي أبى إلا أن يكمل امتحاناته وهو في ظلمات السجون في إصرارٍ عجيب على إنارة عقله ومستقبله بنور العلم والتعلم ، أفيكون هذا إرهابياً ؟!

هيئة المحكمة الموقرة ، في فلسفة العدل والقانون ، يقول الفلاسفة أن العدل إحساس وشعور يتولد في قلب المظلوم أو المجني عليه بالرضا والسعادة لعودة الحق له أولاً وثانياً لمعاقبة الجاني ، ولذلك قال تعالى في محكم التنزل " و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " ، بالعدل ، فالعدل وحده هو من يحكم بين الناس أما القانون فهو وضعي ، استُقي وانبثق من مشكاة العدالة السمحاء الواسعة بغرض تنظيم حياة البشر وضمان حقوقهم ، ولكن ليس شرطاً أبداً أن يحقق القانون العدل ، فالأصل في القانون هو إيقاع العقوبة وتحجيم الجرائم ومحاصرة المذنبين .

أذكر قصة القاضي الأمريكي الذي أسس مبدأ الفارق بين العدل والقانون حينما كان في طريقه ليعتلي منصته فجذبته إحدى السيدات من ملابسه وهمست له أن " احكم بالعدل " فكان رده أن " سيدتي هذا تماماً أسمى ما نحاول الوصول إليه ، أن نحكم بالعدل ولكن نجد أنفسنا أخيراً نحكم بالقانون " .

و ذلك رجلٌ أمريكي أسود حُكِم عليه بالسجن المؤبد ظلماً ، وبعد 15 عاماً تبينت براءته فكان أول طلب له من الرئيس الأمريكي أوباما أن يتم تعديل القوانين التي حوكم بها حتى لا يظلم غيره ، فلبى له الرئيس الأمريكي طلبه .
سيادة الرئيس .. للعدل ربٌ اسمه " العدل ".. ولذلك لم يُنشِئ للعدل " روح " يحتكم إليها إذا ما احتزب امرؤ أو عصى .. فالعدل عدل ، على المتحاجين والمتخاصمين عدل على المذنبين والأبرياء عدل ، أما القانون فله ما شاء من أرباب ومبتكرين ، ولكلٍ " روح " يستند إليها ويلوذ بها إذا ما استعصى عليه أمر ، فبروح القانون يخفق القانون مرات ويصيب مرات ، بيد أن العدل لا يُخطئ أبداً و إلا ما صار عدلاً .

أما عن الجزء الثاني من مرافعتي يا سيادة الرئيس ، فهو كما ذكرت آنفاً عن " الحب " ذلك الشعور الإنساني الذي حباه الله لبني آدم عن سائر الخلق ، فبه تحلو الحياة وتزدهر، وتقام بيوت وتتأسس وتقوى ، ومما لا شك فيه أبداً أنه ما اجتمع الحب والفساد في قلب رجل واحد ، وإني أشهد الله وإياكم والحاضرين أن هذه المرأة الجالسة أمامكم " زوجتي المصون " ما تركت موضع شبر أو قطرة دم أو صمام أو وريد أو شريان في القلب إلا وقد كتبت عليه اسمها ، فصار الجسد وما حوى ملكاً لها ، واحتلت عروشه و أزقته وحواريه بحبها ، فما عاد في قلبي مكان غير الحب أعطيه ، وما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه .

سيادة الرئيس ، اخترتها نصفاً لي وحباً لعمري ومكملاً له ، فعقدت قراني في ال 27 من ديسمبر 2013 عليها ، على أن نعتزم على أن تكون ليلة الزفاف في 1 مايو 2014 ، بيد أن للقدر رأى آخر ، فقُبِض علي و إخوتي في 14 إبريل 2014 أي قبل ليلة عرسي ب 15 يوماً !! أأكون متفرغاً لعرسي في مثل هذا الوقت أم للإرهاب ؟!

حُرمت منها وحُرمَت مني ، واعتاد أبي وأمي أن يروني وإخوتي من خلف الأسوار بالبياض وبالقيود، وهذا حالنا اليوم نقاسي ونتألم من فراق دام لأكثر من 16 شهراً دونما جريرة أو ذنب ، و حُرمَت هي الفرحة والبسمة والطمأنينة والزوج ، فهل لي أن أسأل لماذا ؟ّ!

ختاماً يا سيادة الرئيس أناشدك الله والعدل ، أن نستهل ما بدأنا في بنائه وأن نمحو من أيامنا ما اسود منها ، وتعيد البسمة والأمل ، وأن تزرع فينا ذلك " الإحساس " بالعدل .

عمر عبد المقصود

ابراهيم احمد محمود احمد اليماني (ابراهيم اليماني) – إلى أصحاب الرسالة الإنسانية والمهنة السامية

ابراهيم احمد محمود احمد اليماني (ابراهيم اليماني) – إلى أصحاب الرسالة الإنسانية والمهنة السامية

إلى أصحاب الرسالة الإنسانية والمهنة السامية.. إلى أطباء العالم أصحاب الضمائر الحية.. أبعث إليكم برسالتي هذه، وخاصة إلى نقابة الأطباء المصرية.. تعلمون جميعًا أن رسالتنا الإنسانية بنيت على قسم غال وعظيم، يبعث بالحياة الكريمة لكل إنسان على وجه الأرض، العدو قبل الصديق، وفيه:
“أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي، وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها في كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعي في استنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق، وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلًا رعايتي الطبية للقريب والبعيد والصديق والعدو”.
ولما لم يستثني هذا القسم مصابي المظاهرات أو مخالفي الرأي ولا حتى الأعداء، ولما كان من الاستغاثة الإنسانية من نقابة الأطباء المصرية لإغاثة الجرحى والمصابين، الذين تنزف دماؤهم على مرأى ومسمع من العالم كله؛ لم يكن أمامي إلا تلبية هذا النداء الإنساني استجابة لنداء ضميري أولا، ثم تأدية لهذه الرسالة الإنسانية السامية، وقيامًا بمهمتي في علاج أبناء وطني، باذلًا روحي ومستعينًا بأقل القليل من المستلزمات الطبية، في الوقت الذي تقاعست فيه مؤسسات الدولة المصرية عن علاج أبنائها لخلافات سياسية، فتقدمت مؤديًا دوري الذي عاهدت الله عليه..
فلماذا تخاذل أبناء هذه المهنة الإنسانية السامية، وخاصة نقابة الأطباء المصرية عن الدفاع عني وعن مئات الأطباء المعتقلين داخل السجون المصرية؟ وهذا دورها!
إنني ومئات الأطباء المصريين نعيش مرارة الاعتقال الظالم داخل السجون المصرية ما يقارب العام حتى الآن، دون جريمة اقترفناها.. نحاكم في ظل محاكم مسيسة تنطق بأهواء الانقلاب العسكري، وليس بما يمليه القانون.
أتوجه إليكم برسالتي وأناشدكم باسم الإنسانية وباسم رسالتنا السامية أن تكون هناك استجابة منكم ولو بكلمة حق تصدحون بها ليسمع العالم عنا، وليعلم الجميع أن تهمتنا هي قيامنا بأداء مهمتنا الإنسانية من علاج الجرحى وإنقاذ المصابين، فكان جزاؤنا السجن دون محاكمة عادلة.
ألا يجب عليكم أن تكونوا أكثر اهتمامًا بي وحرصًا على حياتي، وخاصة إذا كنت مريضًا من أثر إضراب طويل عن الطعام؟!
إنني أقوم بمعركة الأمعاء الخاوية منذ مائة وتسعة وثمانين (189) يومًا وحتى الآن، وحتى تحقيق هدفي السامي في الحصول على الحرية، ليست حريتي وحدي، ولكن من أجل حرية مصر كلها، فهذا هو الذي أملكه الآن.
أدعوكم أن تساندوني، وأن تكون لكم كلمة مسموعة في وجه الظلم، وأن تكون لكلماتي هذه صدى لدى ضمائركم الحية.
إبراهيم اليماني “طبيب مصري معتقل بالسجون المصرية”

close

Subscribe to our newsletter