رسائل جدران العزلة

Filters
عام تحرير أو نشر الرسالة
تصنيف مكان االحتجاز المرسل من خلاله الرسالة
اللغة
الفئة العمرية
النوع االجتماعي

محمد صابر احمد البطاوي (محمد البطاوي) – لو لم تكن مصريا

محمد صابر احمد البطاوي (محمد البطاوي) – لو لم تكن مصريا

"أنا المصري كريم العنصرين".. "قوم يا مصري مصر دايما بتناديك".. "أحلى بلاد الدنيا بلادي.. يا بلادي يا بلادي".. "الأرض أرضنا. عن ابونا وجدنا".. "كل بلاد الدنيا جميلة.. لكن أجمل من بلدي لا".. "لو لم أكن مصريًّا لوددت...".

لم يكن عليه أن يصدق كلمات الأغاني المعسولة، ولا أن ينطلق بعدسته مشرّقا ومغرّبا كما لو كان في "أم الدنيا"، مصدّقا أنه صحفيٌ حرٌ في بلاد لا يُظلم في ربوعها أحد، لكن عمر عبد المقصود المصور المصري بموقع مصر العربية بدا كمن لم يسمع كلمات وهو يحذِّر عمر وكل الشباب الذين هتفوا بشعارات الفخر الوطني: "واوعى تصدق كلام الأغاني.. بتاع الحضارة وكاني وماني.. ده كله هجايص ما يدخل وداني".

لكن كلمات الأغاني أو "الهجايص" -كما يسميها نجم" دخلت -للأسف-أذني عمر، ودخل بسببها –مع شقيقيه-25 سنة سجن بلا جريمة، اللهم إلا أنهم اشتبهوا في أنه كان يصور لقناة الجزيرة في سبوع الطفلة دهب التي ولدت في غيابات السجن وقسوة القيد، فوجهوا له اتهاما بتفجير سيارات رغم أنه كان في ذلك التاريخ يغطي مؤتمرا بشهادة موقعه –مصر العربية- والحاضرين في المؤتمر، وأخذوا معه شقيقيه (أحدهما حدث) وأخفوهم وعذبوهم، وفي النهاية حصدوا المؤبد.

لو لم يسمع عمر لـ"كلام الأغاني بتاع الحضارة وكاني وماني"، لعرف جيدا كيف يقيد عدسته، ولكان الآن ربما يصور وزيرا في مؤتمر صحفي يعلن أرقاما لا يفهمها البسطاء، أو مسئولا يقص شريطا لمشروع لن يفتتح أبدا، أو ربما ينال جائزة على أحد صوره المبدعة، ولكان أخوه الصغير يكمل دراسته، والآخر يكرّم كبطل للسباحة رفع اسم مصر عاليا، يقف على منصة التتويج متوشحا علم الوطن.. فيما شعبه يصفقون له بأيدٍ أوهنها الجوع وثياب رثة مزقها الشقاء.

لكنه استمع لأغنيات الحضارة وصدقها، وفك وثاق عدسته ورصد معاناة أبناء شعبه وقصصهم الإنسانية.. وكأنه لا تهمة حاضرة، وجريمة جاهزة، وحكم مدون، وزنزانة معدة، و"الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا"، وعمر واخواته خلية صاحية حرقت السيارات، والعقوبة مؤبد.

لو لم يسمع عمر كلام الأغاني وشعارات "لو لم أكن مصريًّا ... إلخ"، لربما سافر إلى الخارج وحصل على جنسية تحميه من أخطار المهنة إذا أراد أن يكتب بحرية، فإذا ما انقلبت الأوضاع، واسودّت الدنيا، وقامت عليه الدنيا.. فإنه سيجد السفارات والقنصليات وشاشات الفضائيات تصدح له بالحرية، وكل ما عليه أن يوقع ورقة صغيرة يتنازل فيها عن الجنسية المصرية ليشمله قانون العفو، ويرفع شارة النصر وهو يلتقط صورة من على شاطئ قبرص بعد أن يغادر السجون والمعتقلات.

لم يكن عليه أن يتسول إنسانيته وبشريته –لو لم يكن مصريا- قبل أن يخط رسالته من محبسه، ويؤكد على حقيقته في ملحوظته الهامة قبل أن يكتب: * ملحوظة.. الشخصيات الواردة في هذه الأحداث (عمر، إبراهيم، أنس، ...) شخصيات حقيقية، حية ترزق ، كما أن تلك الأحداث لا تمت للخيال بصلة من قريب أو بعيد، فالأحداث المروية جميعها بتفاصيلها حقيقية 100%.

لو لم يكن مصريا، لقرأ المتحدثون الرسميون والوزراء والسفراء رسالة زوجته «أمنية مجدي» بأعين باكية أمام الكاميرات، وحكوا كيف أنه لم يمهله الطغيان ليجمع بين قلبين متحابين في بيت واحد.

اليوم.. يقف عدد من الشباب من أصدقاء عمر وزملائه في المهنة بأقلامه وعدساتهم على أعتاب نقابة "الفكر والرأي" بحثا عن حرية صديقهم، غير آبهين بأن تلك الوقفة قد تجرهم إلى ذات المصير، وفي ذات الزنزانة التي يقبع بها عمر، حاملين لافتات في وطن لم يعد يُرى فيه إلا لون الدماء.. يهتفون بالحرية في بلد لم يعد يسمع فيه إلا صوت الرصاص.

تلقيت تلك الدعوة للمشاركة في وقفة عمر وأنا أطالع بسعادة صور الصحفي الأسترالي "بيتر جريست" بعد أن حصل على حريته وأقرأ بأسى خبر أن محمد فهمي وقع تنازلا عن جنسيته المصرية واحتفظ بالكندية لتنطبق عليه شروط إطلاق السراح، بينما ظل باهر محمد صديقهم في القضية ذاته محبوسا لأنه لا جنسية له إلاّ المصرية..

عزيزي عمر.. "لو لم تكن مصريًّا.. لكنت الآن حرًّا"..

احمد جمال عبد الحميد زياده (احمد جمال زياده) – في ذكرى الثورة

احمد جمال عبد الحميد زياده (احمد جمال زياده) – في ذكرى الثورة

في ذكرى الثورة.
أضغط علي زر تشغيل الراديو ( المصدر الوحيد في السجن لمعرفة الأخبار الكاذبة ) و الذي كان أن ينفجر من فرط الكذب و النفاق , و أجد أن كل المحطات لا تذيع سوي القرأن الكريم و الأغاني الدينية !!!
في البداية ظننت أن ذلك من أجل ألاف الشهداء الذين سقطوا في ثورة 25 يناير و ما بعدها من أحداث , و لكن تعجبت من عدم بث أغنية واحدة للثورة !!!
أنتظر الأخبار .. ثم أسمعها خالية من الموسيقي , و أعلم أن مصر أعلنت الحداد سبعة أيام بعد رحيل الملك عبد الله ملك السعودية !!
و تم إلغاء الإحتفال بعيد الثورة ( لا أعلم أي احتفالات و من كان سيقيمها سوي الفلول و أتباع السيسي ) !!
و للعجب من كانوا سيحتفلون بالثورة هم من شوهوها , و هم من رقصوا لبراءة مبارك , بإلاضافة إلي بعض الاعلاميين ( المخبرين ) !!
إذن الدولة حزينة من أجل رحيل الملك عبد الله ( رحيل مصدر أساسي لتمويل القمع ) , و لم تحزن لقتل الألاف من الشهداء !!
فكيف تحزن و هي من قتلتهم ؟!!
و في نشرة إخبارية أخري تبدأ كل عناوينها ب (ذهب السيسي , و جاء السيسي , و محلب قرر ) , و في نهاية النشرة خبر صغير عن قتل مجهولين لإحدي الفتيات أثناء فض قوات الأمن المظاهرة مكونة من 30 شخصاً ( شيماء الصباغ ) بعد إطلاقهم الشماريخ و إعتدائهم علي قوات الأمن !!!!
إذن الأمن يفض مظاهرة و لكن القاتل مجهول !!!
و في النهاية ستقول النيابة أن الإخوان هم من قتلوها , فالإخوان و يا للعجب علموا وقت المظاهرة و الوقت الذي سيضرب الأمن فيه الغاز فقتلوها في نفس اللحظة حتي يتهمون الداخلية بقتلها , لأن الداخلية معندهاش خرطوش أصلا !!
في مجتمعنا المصري لا يجوز الإعتداء علي إمرأه أبداً , و إذا إعتدي أحدهم علي إمرأة تصدي له الرجال , أما في الحكم العسكري تقتل شيماء فيصرح الوزير بأن مفيش خرطوش !!
و تقتل سندس ذات السبعة عشر عاماً , و لكن يتجاهلها الجميع لأنها إخوان !!
و تقنل أسماء البلتاجي فيقول الإعلام أن الإخوان يقتلون أنفسهم !!!
و هالة شعيش و يبرر الإعلام و يقول لا علاقه للأمن بقتلها , فالأهالي من قتلوها !!!
و قبلهم جميعا "كشف العذرية" بدعوي إن الضابط قد إرتابهم الشك فيها !!!
و في قضيتي إعتقلت 14 فتاة و إتهموا بحرق كلية تجارة جامعة الأزهر بنين ( و التي لا يدخلها الفتيات أصلا ) !!
و إغتصاب بنات في الأقسام , و إعتداء و ضرب , أشعر أن الحكم العسكري مكون من فضائيين و كائنات معادية لجيل الشباب و البنات الثوريين !!!
سمعنا أخبار تقول أنة سيتم الإفراج عن عدد كبير من الشباب إحتفالا بذكري الثورة , و بالفعل تم إخلاء سبيل علاء و جمال مبارك .. و مبارك نفسه !!
يا رفاق .. عندما يصير مبارك و ولديه و نظامه أحراراً , فلابد أن يكون كل من شارك في 25 يناير في السجون .
و إكتمالاً لإحتفال الدولة بنجاح الثورة ( المضادة ) تم قتل 24 شخص في ذكري الثورة الرابعة , فصرنا في كل ذكري للشهداء يسقط شهداء أخرون !!!
مصر تعلن عن قلقها تجاه التدهور الحاد لحقوق الإنسان في تركيا و فض المظاهرات السلمية بأسلوب عنيف ( فض مجلس الشوري - فض المسيرات الغاضبة من براءة مبارك و مقتل إثنين - فض مسيرة الاتحادية و إعتقال 24 منهم بنات - فض مسيرة مكونة من 30 شخص و قتل شيماء الصباغ ....) .
و تدين مصر إعتقال الصحفيين في تركيا (علي حد علمي أن الصحفيين المعتقلين في مصر بالمئات , و أنا واحد من المئات , و اليوم هو اليوم 399 لى في السجن ) !!
كيف لم يفكر هذا النظام في تصريحاتة العبثية السخيفة ؟!!
عندما أعلنت مصر تضامنها مع جريدة شارلي إبدو شعرت وقتها بأن الغباء صفة موجودة في الأنظمة المصرية منذ القدم , فكيف يتضامن النظام مع الصحفيين و هو يقتل و يعتقل الصحفيين !!!
و كيف يطالب بحرية الرأي و يغلق الصحف , و يمنع بعض الإعلاميين من الظهور علي الشاشات !!!
الدولة تدعي زوراً أنها تحارب الإرهاب , و هي الراعي الرسمي للإرهاب ..
فكم من شباب قد تم إعتقالهم عشوائياً , و في النهاية تم وضعهم مع أصحاب الفكر الداعشي في نفس الزنازين لفترات طويله !!
فماذا تنتظر الدولة بعد ذلك ؟!!
ف للتطرف عوامل مهمة منها ( الفقر و الجهل و الظلم ) و الدولة نجحت في صناعة تلك العوامل الثلاثه بين قطاع كبير من الشباب .. فكيف يحارب النظام صنيعته ؟!!!
أفلا تعقلون ؟!!
أحمد جمال زيادة .
سجن أبو زعبل .

شريف ابو المجد – الاستقطاب المجتمعى الحاد .. وكيف يسترد المجتمع عافيته ؟

شريف ابو المجد – الاستقطاب المجتمعى الحاد .. وكيف يسترد المجتمع عافيته ؟

اولا : تعريف الاستقطاب
فى علم الكهرباء يقولون لنا ان هناك قطبين : موجب وسالب ، احدهما عكس الآخر او نقيضه ، وفى المجتمع قد نجد مجموعه ممن يسمون الاسلاميين او اصحاب الاتجاه الاسلامى ، وهم من يريدون ان يطبقوا شرع الله ، ويسوموا الدنيا بالدين وهناك مجموعه اخرى ممن يسمون الليبراليين او العلمانيين او اصحاب اتجاه فصل الدين عن السياسه ، ويعتبرون ان الدين علاقه بين المرء وربه ، ولكن لايوافقون على دخول الدين فى السياسه وفى الاعلام وفى الاقتصاد
اصحاب الاتجاه الاول يقولون ان الاسلام نظام شامل ينتظم شئون الحياه جميعا ، وقد كان الرسول الكريم (ص) نبيا مرسلا وفى نفس الوقت اقام دوله الاسلام فى المدينه المنوره وهى التى اتسعت فى عهد الخلفاء الراشين ومن بعدهم الدوله الاميه والدوله العباسيه لتشمل نصف الكون ، فهل كلن حكام المسلمين يحكمون الناس بالاسلام ام لا ؟ ، اصحاب الاتجاه الثانى يقولون ان الدنيا اختلفت كثيرا عن هذه الايام ، واصبح العالم قريه صغيره ، ويضربون مثلا بالاقتصاد حيث لابد ان تتعامل البنوك فى دول العالم الاسلامى مع باقى البنوك فى العالم ، الذى بُنى اقتصاده على الفائده ، وهناك آراء ان فوائده البنوك ليست ربا
ولكن المشكله زادت مع انتخاب رئيس من اصحاب الاتجاه الاسلامى ، ومن اكبر جماعات الحركه الاسلاميه ، فنشط اعلام الاتجاه الثانى لتخويف الناس من تطبيق الاسلام ، والتضييق على الحريات ، وبالذات حريه التعبير ، ثم بعد الانقلاب على هذا الرئيس المنتخب اصبحت شيطنه الاتجاه الاول هى الشغل الشاغل للاعلام ، واصدر القضاء احكاما جائره ، فزاد عدد الناس الذين يخافون من تطبيق الاسلام ، وفى نفس الوقت زاد اصرار اصحاب الاتجاه الاسلامى على تطبيقه ، ومن ثم حدث الاستقطاب الحاد فى المجتمع
ثانيا : مظاهره فى المجتمع
فى المجال العام ينتهز وزير الثقافه كل مناسبه للهجوم على الازهر بدعوى ان الازهر الشريف يقيد حريه الابداع ، مع ان الحريه مقيده ، مقيده باعراف المجتمع ودينه وقيمه ، وفى المجال الشخصى تجد المناقشات فى كل بيت عن كيفيه تطبيق الاسلام ، وهل تمنع الدوله محطات التلفزيون التى كلها رقص وغناء ، وهل تسمح بعرض افلام ’ كحلاوه روح ‘ ام نمنعه حايه للنشء ، واهميه الحريه الشخصيه واين هى حدودها ، لان حريتك لايجب ان تعنى ان افقد انا بعضا من حريتى ، ولان الله ذم من يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض ، والمناقشات فى اماكن العمل وعلى المقاهى وفى النوادى كلها مظاهر لهذا الاستقطاب
ثالثا : من المسئول عن هذا الاستقطاب
لاشك ان الاعلام مسئول اساسا عن وصول المجتمع الى هذه الدرجه من الاستقطاب والله سبحانه وتعالى نهى عن عدم العدل عند كراهيه الآخر ، فقال تعالى " ولايجرمنكم شنآن قوم على أن لاتعدلوا ، اعدلوا هو اقرب للتقوى .. " ( المائده : ) ، ولكن الطرف الثانى لم يألوا جهدا فى شيطنه الطرف الاول ، لانه احس انه يكسب كل الاستفتاءات والانتخابات ، وكانت الطامه الكبرى – بالنسبه لهم – ان احد اصحاب الاتجاه الاسلامى اصبح رئيسا لمصر .
ولكن فى المقابل نجد ان بعض التصرفات والاقوال غير المسئوله ساعدت على تخويف الناس من بعض اصحاب الاتجاه الاسلامى وتشددهم ، واصبح الكلام عن حرمه الموسيقى ، وعدم جواز الاختلاط فى المدارس والجامعات ، وضرره اشراف الدوله اشرافا كاملا على الاعلام لمنع نشر الفاحشه ، بل وزاد الامر بحيث اصبح الكلام على ان النقاب فريضه على النساء ، والكلام عن فرض الجزيه على غير المسلمين ( الاقباط ) ، ولاشك ان هذا الكلام غير المسئول زاد فى الاستقطاب
رابعا : مقترحات للخروج منهذه الحاله كى يستعيد المجتمع عافيته
يقول الله تعالى : " يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعاونوا ، ان اكرمكم عند الله اتقاكم ، ان الله عليم خبير " ( الحجرات : 13 ) ، فإذا كان هذا هو الغرض من خلق الناس فما بال ابناء الوطن الواحد لايطبق بعضهم البعض ، ولايستطيه الكلام معه بِله التفاهم والتعاون معه ، ووصل امر التباعد بين الطرفين فى الصراع الدائر حاليا ان الطرف الذى استولى على السلطه اعتقل ممثل الطرف الاول الذى كان مكلفا بالتفاهم والتفاوض مع الطرف الثانى ، وبذلك اغلق الطرف الثانى باب المحل السياسى ، والمعضله المصريه الحاليه ليس لها حل إلا حلا ً سياسيا ، فكيف الخروج من المعضله الحاليه ؟
ان الاجابه على هذا السؤال هى مفتاح خروج مصر من النفق لاالمظلم الذى دخلت فيه ، ولابد من الوصول الى هذه الاجابه بسرعه ، لان حاله عدم الاستقرار الحاليه تعنى استمرار ضعف الانتاج وزيادة الديون وتراكم الفاقه ، مما ينذر بأوخم العواقب ، وانا ازعم ان المؤتمر الاقتصادى الذى سيعقد فى مارس المقبل لن يكون له تأثير كبير على الاستثمار فى مصر لسببين اساسيين :
الاول : والاهم هو مناخ عدم الاستقرار الحالى ، وهو مناخ لايشجع المستثمر ان يأتى بأمواله واستثماراته الى بلدنا
الثانى : هو تخفيض اسعار البترول الى 60% من قيمتها من فتره ليست بعيده ، مما سيؤثر كثيرا على قدره السعوديه والخليج على الاستثمار ، وذلك متزامن مع بدء مرحله من الكساد الاقتصادى العالمى ، مماثله للكساد سنه 2008 ، ولذلك ستقل التجاره العالميه ، وقد بادرت هيئه قناه السويس بتخفيض رسوم المرور فى القناه نتيجه انخفاض اسعار البترول ، وغالبا ستقل عدد السفن عام 2015 عن عام 2014 حتى بعد هذا التخفيض فكيف سيزيد ايراد القناه من 3,5 مليار دولار الى 13 مليار كما يقول مميش ، اتمنى ان يتوقف الحكام عن خداع الناس ، ان الاربعه وستون مليار من الجنيهات التى صرفت وستصرف على عمل تفريعه لقناه السويس لن تؤدى لزياده دخل القناه ، وانما اعتقد ان العكس هو الذى سيحدث ، عموما ستثبت الايام انه كان الاولى صرف هذه المليارات الستين على مشروعات اكثر جدوى ، ولاحول ولاقوه الا بالله
1. امانه الكلمه
نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين ان يخسر بعضهم من بعض اويلمز بعضهم بعضا او ان يمشون بالنميمه او الغيبه ، فقال تعالى " يا ايها الذين أمنوا لايسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ، ولانساء من نساء عسى يكن خيرا منهن ، ولاتلمزوا انفسكم ، ولاتنابزوا بالالقاب ، بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ، ومن لم يتب فاؤلئك هم الظالمون * يا ايها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن إثم ، ولا تجسسوا ولايغتب بعضكم بعض ، أيحب أحدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه ، واتقوا الله ان الله تواب رحيم " ( الحجرات : 11،12 )
والسؤال هنا هو لماذا نهى الله عن كل ذلك ؟ لان هذا هو الذى يجعل البغضاء تتفشى بين الناس ، ولذلك فالكلمه امانه ، اما ان يتنافس المسئولون والاعلاميون فى شيطنه اصحاب الاتجاه الاول الذى حدث الانقلاب على رئيسهم ، ويلصقون بهم كل نقيصه ، دون ان يكون لديهم اى وسيله للرد ، او اى منبر اعلامى لتوضيح موقفهم فليس من الشهامة فى شىء ، وقد وصف شاعرنا العظيم احمد شوقى فى مسرحيته الرائعه مصرع كليو باترا فى بيت من الشعر :
... وانطلق الزور عليه باله من ببغاء عقله فى اذنيه
والحقيقه ان الشعب – او اغلبه – تلفت هذا الكلام غير المسئول وظل يردده دون تفكير ، حتى كره الجار جاره والصديق صديقه ، وصارت مشاحنات ومشاجرات داخل العائلات ، واذا سألت احدهم اتصدق ذلك على جارك الذى اعتقلوه ، وقد عاشرته سنين طويله فلم تجد منه الاحسن الجوار وطيب الاخلاق ، والاحسان الذى امر به رسول الله ، إذ يقول (ص) : مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت انه سيورّثه " وقد حث على حسن الجوار الرسول الكريم (ص) فى العديد من الاحاديث ، ومنها : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ... من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره " ، فإذا قلت له أتُصدق ذلك على جارك وقد عاشرته سنين طويله يقول لك : نعم ولم لا ؟ ، وعندما تجد فى المعتقلات اساتذه جامعات فى الخامسه والستين متهمون بترويج المواطنين والعنف والتدمير ، وتسأل زملائهم لقد عاش بينكم مدرسا ً فأستاذا ً لمده ثلث قرن ، فلم تروا منه الاكل خير وكل حب لزملائه وتلاميذه وبلده ، حتى انه لم يطلب من قسمه الموافقه على ان ينتدب خارج مصر للتدريس فى دول النفط يوما واحدا طوال هذه المده ، فكيف ينقلب الى شخص يروّع المواطنين ويدعو الى العنف والتدمير ، لاتجد لديهم ولا لدى الامن الوطنى دليلا واحدا ً اوشبه دليل
وامانه الكلمه تقتضى التثبت والتبين قبل ان نرمى الناس بكل نقيصه ، اذ يقول الله تعالى " يا ايها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهاله فتصبحوا على مافعلتم نادمين " ( الحجرات : 6 ) ، ولكن اللدد والفجر فى الخصومه ، وهى التى نهى رسولنا الكريم (ص) عنها ، وجعلها من صفات المنافقين ، اذ قال (ص) " اربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصله منهن كان فيه خصله من النفاق حتى يدعها ، اذا إؤتمن خان ، واذا حدّث كذب واذا عاهد غدر واذا خاصم فجر "
2. سوء الظن
كلا الطرفان الاساسيان فى الصراع وصلا الآن الى حاله سوء ظن كامله بالطرف الآخر ، فالطرف الاول (الاسلامى) تجد اغلبه يرفض فكرة التفاوض او التفاهم مع الطرف الثانى (العسكر) ، واذا سألته عن السبب يقول لك ومالفائده من التفاوض ؟ ، ماهو الضمان الذى يضمن ان اى اتفاق سنصل اليه بالتفاوض لن ينقلبوا عليه متى شاءوا كما انقلبوا على الرئيس المنتخب ، وهذا منتهى سوء الظن ، والطرف الثانى لايثق فى الطرف الاول ، ويتصور انهم ان تمكنوا من الحكم مره ثانيه فسيعلمون فيهم قتلا وسجنا على اساس انهم قتلوا الآلف من المعتصمين السلميين ، وهم لايوافقون على انهم كانوا سلميين ، ويقولون لك اننا كنا نؤدى واجبنا نحو وطننا ، ونحميه من فئه كانت تريد الاستيلاء عليه ، رغم ان هذه الفئه لم تأت الى السلطه الا عبر صندوق الانتخاب ، ويقولون لك ان الجيش ليست مهمته فقط حرب العدو الخارجى وانما كذلك حرب الارهاب ، فإذا سألتهم ومن الذى يحدد من الارهابى ومن هو المسالم ؟ ومن هو الخائن ومن الذى يدافع عن بلده ويرجو لها الخير ؟ تجد آراءً عجيبه
فهل وزير الدفاع الذى قاد انقلابا على رئيس شرعى منتخب انتخابا نزيها بعد سنه واحده خائن ، يقولون لا ... لانه كان يعبر عن رأى وينفذ مشيئه الناس ، فهل الهجوم على نصف مليون معتصم فى رابعه بالطائرات والدبابات والمدرعات ، وقتل مايزيد على اربعه الاف واصابه مثليهم فى يوم واحد – وذلك رغم وجود اثنى عشره بندقيه فقط حسب تصريح وزير الداخليه الحالى – إفراط فى استخدام القوه يجب محاكمة منفذوه والقصاص منهم ؟ يقولون لا ... بل هم ابطال انقذوا الوطن من فئه كانت تريد اختطافه ، فإذا سألت : وهل الحكم على الضابط اسامه الذى كان مسئولا عن عربه عادل ؟ وهل تم التآثير على القاضى كما اثبتت التسريبات الاخيره ؟ يقولون نعم .. انه عنوان الحقيقه ، ولايجب ان تتحدث بسوء عن قضاء مصر الشامخ !!
3. تثمين الاختلاف
يقول معظم العاقلون اننا اصبحنا شعبا لايعرف كيف يختلف احدنا مع الآخر دون ان يخّونه او يكفّره او يحمل فى وجهه السلاح ، يجب ان نتعلم كيف نختلف ، والحقيقه ان المطلوب اكثر من تعلم كيف نختلف ، المطلوب ان نثمّن هذا الاختلاف ، فالانسان العاقل يسعى لمن هو مختلف معه فى الرآى علّه يجد لديه دليل ليس لديه ، اولعل فى رأيه نقاط يحسّن بها اقتراحه او رآيه ، أو لعله لديه خبره ليست متوفره له .
فأنت تحتاج الى مخالفيك فى الرأى ، وقد علمتنا السيره كيف ان الاستماع الى الرأى الآخر لم يكن فقط ديدن الرسول الكريم (ص) وصحابته الاجلاء رضى الله عنهم ، ولكنه ايضا أدى الى افضل النتائج ، فالرسول الكريم (ص) – الذى يوحى اليه – عندما امر جيش المسلمين ان يقيموا المعسكر فى مكان معين قبل موقعه بدر ، أتى اليه احد الصحابه وسأله إن كان هذا المكان امر من الله سبحانه وتعالى ام هل الرأى والحرب والمكيده ، فلما قال له الرسول (ص) انها الثانيه قال مباشره وبشجاعه : فهذا ليس بمنزل ، فلم يغضب الرسول (ص) ، وسأله عن مايقترحه ، فأجابه الصحابى انه يقترح ان ينزلوا عند ماء بدر فيشربون ولايشرب عدوهم ، فاستحسن الرسول (ص) رأيه وغيّر مكان المعسكر دون مكابرة ولا انتصار للرأى ، وعندما طلب عمر بن الخطاب من الناس ان يغالوا فى المهور ، واوشك ان يصدر أمرا ً بذلك قامت امرأه وقرأت قول الله تعالى " وإن اردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا ً فلاتأخذوا منه شيئا ، أتاخذونه بهتانا وانما مبينا " ، هنا قال عمر : اصابت امرأه واخطأ عمر ، والامثله فى السيره لسماح الرأى المخالف كثيره
ولابد ان نعلم اولادنل ادب الاختلاف ونحاول الالتزام به ، ونتعلم ان الاختلاف فى الرأى لايفسد للود قضيه ، وان الهدف هو الوصول للصواب ، ولس الهدف هو الانتصار للرأى ، وذلك كما قال الامام الشافعى رحمه الله " رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب " ، فإذا وجد عنده دليلا أقوى من دليله غير رأيه وغير فتواه .
4. التعاون
لايمكن ان ينهض بلدنا المسكين من الهوة التى سقط فيها إلا بتعاون الطرفان على ان يعملا على نهوضه ، وذلك والله تعالى يأمرنا فيقول " وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الاثم والعدوان ط ، ومؤسس كبرى الحركات الاسلاميه فى مصر يوصى اخوانه فيقول " نعمل فى ما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فى ما اختلفنا فيه " ، فلماذا لايستطيع الطرفان ان يتعاونا ؟ ، بسبب سوء الظن اولا ، ثم بسبب تعارض المصالح ثانيا ، ولكن لو أعلى الطرفان مصلحه الوطن على مصالحهما الضيقه ، ولو علما ان استمرار هذا الاستقطاب وعدم الاستقرار سيؤدى الى ثوره جياع لاتبقى ولاتذر ، ولوعلمنا انه لاسبيل لحل الازمه الحاليه الا بالتفاوض للوصل الى حل ، ثم التعاون لانجاحه لأمكن الخروج من المأزق ، اما اذا تصلّب كل طرف فى الدفاع عن وجهه نظره ، ورأى ان رأيه هو الحق الذى لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه ... فلا حل .
5. البديل الثالث
وهناك بديل ثالث لموقف الطرفين الاساسيين فى هذا النزاع ، وهو بديل أفضل من أى منهما ، وهذا البديل يمكن الوصول اليه اذا سأل احد الطرفين الطرف الآخر السؤال التالى " هل لديك مانع من ان نحاول الوصول الى وجهه نظر افضل مما لدى او مما لديك ؟ من غير ان تغير مبادئك او اغير أنا مبادئى ؟ وكان يعنى مايقول بصدق وكان رد الطرف الثانى : " لامانع من المحاوله ، ولكنى لن أغير مبادئى " عندئذ يكون التآزر للوصول الى البديل الثالث قد بدأ
ولكن لكى ينجح الطرفان فى التآزر ، وهو المؤدى الى الوصول للبديل الثالث ، فلابد من تغير كبير فى الاطر العقليه التى تحكم كل منهما ، واول اطار عقلى ينبغى ان يصل اليه الطرفان هو اطار انا ارى نفسى ، وهذا يعنى ان يرى كل انسان نفسه بوضوح ، اى يرى تأثير بيئته وثقافته او اسرته وجماعته على تفكيره ووجهه نظره ، لانه كما قال رسولنا الكريم : " مامن مولود الا يولد على الفطره ، فأبواه يهودانه او ينصرانه او يمسجانه " فتأثير عائلتك او قبيلتك او جماعتك عليك تأثيرها هائل ، ولن تستطيع التآزر مع الآخر الا اذا تمكنت من رؤيه تعصبك لعائلتك او لرأى جماعتك ، وإلا إذا نجحت فى الخروج من عباءة جماعتك العسكريه او الاسلاميه والنظر بموضوعيه الى الوضع الحالى ، وان تستطيع ان تفكر باستقلاليه فيما فيه مصلحتك ومصلحه بلدك
والاطار الثانى هو انا اراك بوضوح ، وهو يعنى ان كل طرف يرى ويفهم وجهه نظر الآخر بوضوح ، ودون ان تنمّطه او يصنّفه ، لدرجة انه يستطيع عرض وجهةالنظر الاخرى بطريقه ترضى صاحبها ، ولايحصل ذلك الا بالاتماع بتعاطف وقلب مفتوح للطرف الآخر ، ومعرفة كل الخلفيات التى تؤدى الى وجهه النظر الاخرى ، ان لايسمع عنه ولكن يسمع منه ولايحكم احكاما مسبقه ، وانما يستمع للآخر الى ان يحس هذا الآخر انه اصبح مفهوما ، ثم يقيم وجهه نظره بموضوعيه ، وليس من زاويه الشخصيه الضيقه ، ويحاول ابعاد سوء الظن تماما
والاطار العقلى الثالث – وهو أهمها – هو إطار انا اسع اليك ، لانك مختلف معى او لانك مختلف عنى فالمرء اذا سعى الى احد افراد جماعته فلن يزيده الكلام معه علما ، لأن كليهما قرأ على فقى واحد ، اما السعى الى الآخر المختلف فهو الذى يثرى التفكير ويزيد المعلومات ، والناس سيظلون أبدا ً مختلفون كما قال تعالى فى سوره هود " ولوشاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ، ولايزالون مختلفين ، الا من رحم ربك ، ولذلك خلقهم ... " ، اى انه سبحانه وتعالى خلقهم ليظلوا مختلفين ، ولولا اختلاف الناس – كما يقول التجار – لبارت السلع ، ولبارات البنات الذين يطلبون نكاحا
وطالما الناس سيظلون مختلفين فالحصيف هو الذى يسعى للمختلف عنه او المختلف معه ليتعرف على مالديه من وجهه نظر او معلومات ويستفيد منه ولو تحلى الطرفان بهذه الاطر الثلاثه حقيقه سيصلون حتما الى الاطار العقلى الرابع انا اتأزر معك ، اى اتكامل معك واتكاتف معك للوصول الى البديل الثالث ، فما هو هذا البديل ؟ هو هذا الذى سينتج من التآزر والتكاتف بصدق بين الطرفين ، وغالبا سيكون هو التنميه ، اى ان يتفق الطرفان على نبذ الخلافات جانبا لمدة عشر سنوات وتكاتفان فى دفع التنميه الى الامام ، حتى يتضاعف الناتج القومى المحلى ودخول الناس اربعه اضعاف فى عشر سنوات ، وهذذه ليست احلام فقد حققتها الصين وتركيا فعلا
فهل نأمل ان يصل الطرفان الى هذا الفقه قبل فوات الاوان ؟ نأمل هذا ، ونأمل ان يتحلى الطرفان اثناء التفاوض بحكمه الرسول الكريم (ص) اثناء صلح الحديبيه ، حيث تغاضى عن امور كان يراها عمر بن الخطاب امورا ً جسيمه ليصل الى هدف الاستقرار – الذى سيخدم دعوته اساسا – لمده عشر سنوات ، ولذلك سمّى الله سبحانه وتعالى هذا الصلح – رغم مافيه من تنازلات قاسية – فتحا مبينا ، فهل نأمل ان نصل الى عشر سنوات دون انقلابات او مظاهرات فئويه او مسيرات يوميه ؟ نأمل هذا .
وليس معنى كل ماقلناه غض الطرف عن القصاص .. أبدا ً ، فكما قال الله سبحانه وتعالى " ولكم فى القصاص حياه يا أولى الالباب " ، لابد من القصاص من خلال محاكمات عادله لكل شارك فى قتل او تدمير او تخريب من الطرفين ومن غيرهما ، ولابد من دفع دية القتلى والمصابين وتعويض المعتقلين عن سنوات اعتقالهم بدون حكم محكمه ، او بحكم جائز ينفذ الاوامر ( كما آظهرت التسريبات الاخيره ) ، لابد من تعويضهم عن فقد وظائفهم وبهدله ذويهم عند زيارتهم فى اقسام الشرطه والسجون
ولابد من محاربه الفساد محاربه لاهوادة فيها فلايمكن ان تؤتى التنميه ثمارها للفقراء والطبقه الوسطى طالما وُجِد مفسدون ينهبونها اولا باول ، ولابد من تفعيل قانون من اين لك هذا ؟ كل كل موظف او ضابط ، ولابد ان يدفع حيتان رجال الاعمال ضرائب مكاسبهم كاملة غير منقوصه ، ولنا فى مافعلته الصين عظة وعبره
نسأل الله تعالى ان نستطيع الخروج من حاله الاستقطاب الحاد هذه سريعا ، والا فالبديل هو الفوضى الشامله لاقدر الله ، ونسأل الله تعالى لمصرنا كل استقرار وتقدم وازدهار ، وان يشفى الله صدور قوم مؤمنين ... آمين

شريف ابو المجد – الفتنة الكبرى

شريف ابو المجد – الفتنة الكبرى

قد حذر رسل الله جميعا (عليهم السلام ) أقوامهم من أكبر فتنة سيتعرض لها البشر وهي فتة المسيح الدجال , وعندما تحدث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عنها للصحابة الكرام وحذر وأنذر خرج الصحابة من المسجد وهم يلتفتون حولهم خوفاً منها لشدة ما كان لحديثه من وقع شديد ، لدرجة أنهم أحسوا بأنها أصبحت جد وشيكة , وهى أكبر فتنة سيتعرض لها البشر من لدن آدم , ونصح الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابه بقراءة سوره الكهف لتحميهم من هذه الفتنة فلماذا سورة الكهف بالذات هي التي تحمي من فتنة المسخ الدجال ؟ , إن التفكر فى هذا السؤال يمكن أن يعطينا بصيرة أكثر فى طبيعة هذه الفتنه التى وصفها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالتفصيل حيث قال "ما بعث نبى إلا أنذر أمته الأعور الكذاب ، ألا إنه أعور وأن ربكم ليس بأعور ، وأن بين عينيه مكتوب كافر" (رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة(
وقام رسول الله في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال " إني لأنذركموه ، وما من نبي إلى وقد أنذر قومه منه ، ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه إنه أعور وأن الله ليس بأعور " (رواه البخاري في صحيحه من حديث عن ابن عمر) , وعن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الدجال أن معه ماء وناراً فناره ماء بارد وماءه نار " .
وقد ألف العلامة الهندي الأستاذ / أبو الحسن الندوي كتاب صغير الحجم كبير الفائدة بعنوان " تأملات في سورة الكهف " لمحاولة الإجابة على هذا السؤال ومما ذكره في هذا الكتيب أن سورة الكهف تحتوي على أربعة قصص : قصة أصحاب الكهف , وقصة صاحب الحديقتين , وقصة سيدنا موسى والخضر (عليهما السلام) وقصة ذي القرنين , القصة الأولى تحكي عن فتية فروا بدينهم إلى الكهف دون أن تكون معهم أي أسباب لقضاء وقت طويل فيه , فكتب الله عليهم النوم في الكهف ثلاثمائة سنة شمسية أو ثلاثمائة سنة وتسع سنوات قمرية , في هذه الفترة الطويلة – ودون أسباب معهم ــــ كانت أسباب الرعاية الآلهية تحوطهم , فالكهف فتحته في اتجاه الشمال : " إذا طلعت الشمس تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال " ، وذلك أدعى لأن تكون التهوية فيه جيدة في بلاد الرياح فيها شمالية , ثم شاء ربك أن يضع عليهم صفات مرعبة لمن يريد أن يقتحم عليهم خلوتهم " إذا اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً " , ثم إنه جل شأنه كان يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال حتى لا يصيبهم ما أصبح يسمى في الطب الحديث بقرحة الفراش إذا نام المرء فترة طويلة على الفراش دون أن يتقلب , وبعد هذه المدة الطويلة خرج الفتية من الكهف فوجدوا أن قومهم الكافرين الذين فروا منهم بدينهم ــــ قد دخلوا في دين الله أفواجاً , حتى أنهم اتخذوا عليهم مسجدا .
والقصة الثانية تحكي عن رجل كانت له " جنتين من نخيل وأعناب حففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعاً , كلتا الجنتين أتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا , وكان له ثمرٌ " فماذا فعل ؟ كفر بالذى خلقه من تراب ثم من نطفه ثم سواه رجلاً إذ أنه " دخل جنته وهو ظالم لنفسه " قال ما أظن أن تبيد هذه أبداً , وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربى لأجدن خيراً منها منقلبا , فماذا كانت نتيجة كفره بنعمه الله وإنكاره القيامة وغروره بربه الكريم ؟ , كانت النتيجة " وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهى خاوية على عروشها ويقول يا ليتنى لم أشرك بربى أحداً " ، لقد أخذ بكل الأسباب : أنفق على الزراعة فى جنتين بهما ثمار وأشجار تحتاج سنين لكى تنمو و تثمر , ولا يظن عاقل أن تهلك فى يوم واحد , ورغم أخذه بكل الأسباب شاء ربك أن تصبح صعيداً زلقاً فى يوم واحد .
والقصة الثالثة هى قصة سيدنا موسي والخضر (عليهما السلام ) ، وتحكى كتب التفسير أن بداية القصة كانت عندما سأل رجل من بنى إسرائيل نبيهم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام : من أعلم أهل الأرض ؟ , فلم يرد نبى الله موسي العلم إلى الله وقال له : أنا , فعاتبه الله وقال له بل هناك من هو أعلم منك , فطلب موسي من ربه أن يدله عليه ليتعلم منه , فأرشده أن يذهب إلى مجمع البحرين سيريه آية تدله على مكانه , فلما إتخذ الحوت – الذى أكلا منه هو وفتاه – سبيله فى البحر عجبا – وكان العجب أن مساره فى البحر أصبح يابساً – قال موسي " ذلك ما كنا نبغ , فارتدا على آثارهما قصصاً , فوجــدا عبــداً من عبــــاد لله أتـاه الله رحمـــــــة من عنـــده وعلمه من لدنه علما , فقال له موسي " هل اتبعك على أن تعلمن مما علمت رشداً , قال إنك لن تستطيع معى صبراً , وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً " ، أى أن العبد الصالح أخبره أن الإنسان لا يطيق الصبر على أحداث لا يعلم لها سبباً , فقال موسي " ستجدنى إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً , قال العبد الصالح " فإن اتبعتنى فلا تسألن عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا " .
فلما خرق الخضر السفينة التى وافق أصاحبها على نقلهما عليها دون أجر , خرق موسي الاتفاق وقال له " أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمراً , فنبهه الخضر إلى الاتفاق قائلاً " ألم أقل إنك لن تستطيع معى صبراً " , فاعتذر موسى وطلب فرصة ثانية وانطلق معه فلقيا غلاماً فقتله الخضر دون ذنب أو سبب , فلم يطق موسي صبراً وقال " أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكراً " , فذكره الخضر بالاتفاق ثانية " ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبراً " , فطلب موسي فرصة أخيره وقال " إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبنى قد بلغت من لدنى عذراً " , وانطلق مع سيدنا الخضر , “ حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لتَّخذتَ عليه أجراً ، هنا قال له الخضر " هذا فراق بينى وبينك رغم أن موسي لم يسأله شيئاً وإنما اقترح عليه أن يطلب أجراً مقابل العمل الذى قام به طالما أن أهل القرية على هذه الدرجه من البخل , ثم أنبأه الخضر بتأويل ما لم يستطع موسي عليه صبراً , فتعلم موسي الدرس الذى أرسله الله لكى يتعلمه ، وهو أن لكل شيئاً سبباً حتى ولو لم يعرفه الإنسان , فخرق السفينة كان لإنقاذها من ملك " يأخذ كل سفينة غصباً , وقتل الغلام كان لإنقاذ أبويه من " أن يرهقهما طغياناً وكفراً , وإقامة الجدار كانت بسبب أن تحته كنز لليتيمين وأن الله يريد أن يبلغا أشدها ويستخرجا كنزهما رحمه منه لأن أبوهما كان صالحاً .
والقصة الرابعة هى قصه ملك صالح إتَّبع الأسباب – واتباع الأسباب أكثر من مجرد الأخذ بالأسباب – فتحصّل على النتيجة , وفى بعض الأعمال التي أنجزها كانت النتيجة باهرة حتى بمقاييس اليوم , مثل أنه بنى بين السدين ( الجبلين ) سداً من برونز وهو سبيكة من الحديد والنحاس وأقوى من أى منهما بمفرده.
وبالإضافة إلى هذه القصص الأربعة تُنبِّه سورة الكهف قارئها إلى كمال قدرة الله , و أن الإنسان يجب أن لا تنسيه الأسباب مسبب الأسباب سبحانه وتعالى , فتقول مثلا : “ واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح , وكان الله على كل شئ مقتدراً , الدنيا كلها بكل ما فيها عبارة عن مطر نزل من السماء فأنبتت الأرض نباتاً أصبح هشيماً بسرعة بحيث تذروه الرياح , سبح أن الله , كل هذه الدنيا هى عبارة عن هذه الدوره السريعة جدا لحياة النبات , وكان الله على كل شئ مقتدرا
وتنبه إلى الأمثال الكثيرة التى ساقها الله فى القرآن الكريم حتى يكون إيمان الإنسان مبنياً على كمال الاقتناع وليس على التسليم فقط , لأن " كان الإنسان أكثر شئ جدلاً ، وتنبه إلى الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعاً , وهم الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا , لماذا ؟ ” أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه , فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً "
والشاهد أن محور السورة الأساسي هو عدم الإفتتان بالأسباب , لأن مسبب الأسباب سبحانه وتعالى قادر على الاتيان بالنتيجة بدون أسباب , ولكن سنه الله فى الكون هى أن الإنسان لو اتبع الأسباب لجاء بنتائج باهرة , وهذا هو سبب أن سوره الكهف تقى من فتنة المسيخ الدجال ، كيف ؟ ، فى رأى الاستاذ أبو الحسن الندوى أن فتنة المسيخ الدجال هى فتنه الافتنان بالأسباب ونسيان رب الأسباب , وأنها لذلك هى فتنة الحضارة المادية الحديثة , ويدلل على ذلك بالتماثل القائم بين هذه الفتنة وبين حديث رسولنا الكريم , فأكثر اتباع الموضة والمال من النساء يماثل أن أكثر اتباع المسيخ الدجال (أو فتنته) من النساء , وعند دخول الناس فى جنه الماديه من شهوات البطن والفرج يجدوها نار المرض والتفكك الأُسري
وهذا يماثل ما جاء فى الحديث من أن المسيخ الدجال لديه جنة اذا دخلها اتباع فتنته وجدوها نارا والعكس بالعكس , وكذلك الدرس البليغ فى تواضع ذو القرنين بعد بناء سد من البرونز ــ لا نستطيع اليوم بكل ما لدينا من تقنية أن نبنيه ـــــ بأن رد الفضل لصاحب الفضل سبحانه وتعالى عندما قال " قال هذا رحمة من ربى , فإذا جاء وعد ربى جعله دكاء , وكان وعد ربى حقاً , أما الآن فعندما افتتح عبد الناصر السد العالى مع زعيم الشيوعية خرشوف كانت كل الكلمات عن الروس وما لديهم من تقنيه وقدرة علمية , ولم نسمع حتى الرئيس المصرى يشير إلى فضل الله ونعمته ولو بكلمة واحدة , رغم أن السد العالى ما هو إلا سد ترابى له قلب معدنى .
والخلاصة أن الإنسان لو قرأ سوره الكهف كل يوم جمعة وتدبر فى معانيها وقصصها لأصبح محصناً من فتنة المادية البحتة والإفتتان بالأسباب , وهى فتنة العصر وهى فتنة المسيخ الدجال , صحيح أنه سيتولى كبرها رجل أعور مكتوب على جبهته ك.ف.ر كما أخبر الصادق المصدوق , ثم ينزل سيدنا عيسي (عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام) فيقاتله ويقتله , ويملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جوراً , ولكن الصحيح أيضا أن هذه الفتنة بدأت وانتشرت فى كل أنحاء الأرض , وأصبح الناس مفتونين بالأسباب ، وإذا قلت لهم أنه لابد مع الأخذ بالأسباب تقديم المشيئة الإلهية , لأنه حتى لو اتبع الإنسان كل الأسباب ولم يشأ الله سبحانه أن تتحقق النتيجة فلن تتحقق , يقولون لك هذا كلام دروشة من العصور الوسطى لأنك لو أخذت بالأسباب فسوف تتحقق النتيجة بنسبة مائة فى المائة.
ولكى ينبه الله البشرية الغافلة التى أصبحت غارقة فى المادية وأصبحت متجاهلة لقدرته سبحانه - بل ومتجاهلة ومنكرة لوجوده أصلا علا الله علواً كبيراً عما يقولون ـــــ لكى ينبههم لقدرته شاء أن لا تحقق النتيجة عندما سمى الأمريكان إحدى سفن الفضاء الخاصة بهم " المتحدى (CHALLENGER)، هذا المتحدي يتحدى من ؟ خالق الكون ؟؟ "يأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم , الذى خلقك فسواك فعدلك , فى أى صورة ما شاء ركبك " (الإنفطار : 6) و" وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه " (الزمر:67) ، يا أيها الإنسان لا تغتر بعلمك ولا تفتتن بالأسباب وتنسي مسبب الأسباب سبحانه , واتَّبع كل الأسباب ثم قدم المشيئة كما فعل كليم الله موسي عليه السلام عندما قال للخضر " ستجدنى إن شاء الله صابراً ولا أعصى لك أمراً "
وليراجع كل منا نفسه في هذه القضية وليراجع كل منا نفسه أيضاً في قضية التعامل مع كتاب الله , فهل يحس عند قراءه القرآن أن الله يخاطبه بالآيات التى تبدأ ب يا أيها الذين آمنوا ؟ , وهل يعلم تأثير قراءة سورة الملك أو سورة الواقعة عند نومه ؟ , وهل يتدبر آياتهما حق التدبر ؟ , أم هى تمتمة سريعة دون تدبر حتى يغشاه النوم , وهل يعلم لماذا أوصي الله بقراءة سوره الكهف يوم الجمعة ؟ , وهل إذا قرأها من الآن فصاعداً سيتدبر موضوع عدم الإفتتان بالأسباب ؟ , ويتخذها حصناً يجنبه الافتتان بالأسباب المادية , صحيح أنه مأمور بإتباعها ولكنه مأمور كذلك بعدم الافتتان بها , مأمور بأن يؤمن أن كل شئ بقضاء , وأن على المرء أن يسعى اما تحقق النتائج فهو على الله .
صحيح أننا يجب أن يكون سعينا متقناً , وأن نعد أنفسنا بالعلم ودراسة التجارب السابقة ، حتى إذا سعينا كان سعينا على بصيرة , كما قال الله سبحانه وتعالى فى آخر سورة يوسف " قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعن , وسبحان الله وما أنا من المشركين " (يوسف : 108) ، وهذه الآية توضح أمرين : أولهما أن واجب الدعوة إلى الله ليس واجب الرسل فقط , وإنما هو واجبهم هم ومن اتبعهم , و أن هذه الدعوة يجب أن تكون على بصيرة ، أى على علم بما يدعو الإنسان إليه وهذا هو معنى " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " (محمد : 24)
اللهم ارزقنا تدبر آيات القرآن والعمل بها ، وأن نؤمن بالكتاب كله ولا نكون مثل المغضوب عليهم الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض , وأن نستعمل القرآن حصناً لنا من الوقوع فى فتنة المسيخ الدجال ـــ فتنة المادية وفتنه الإفتتان بالأسباب , ونسيان مسبب الأسباب . اللهم آمين
أ.د شريف أبو المجد
سجن استئناف طره
يناير 2015

شريف ابو المجد – لعلهم يتفكرون …. لعلهم يعقلون

شريف ابو المجد – لعلهم يتفكرون …. لعلهم يعقلون

لعلهم يتفكرون .. لعلهم يعقلون
الله سبحانه وتعالى خاطب أُولي الألباب وأولي النهى في كثير من الآيات لعلهم يتفكرون , وخاطب الذين آمنوا لعلهم يعقلون , فهل هناك خصوصية في هذه الآيات التي تنتهي بهذه الكلمات , هذا ما سنحاول التفكر فيه في هذه السطور لعلنا نعقل ما يريد ربنا أن يهدينا إليه .
نبدأ هذا التفكر بملاحظة أن الله سبحانه وتعالى لم يستعمل كلمة (يفكرون) أو كلمة (العقل) في القرآن الكريم ولا مرة واحدة , وكثيرا ما استخدم كلمة القلب ليدل على العقل ، مثل قوله سبحانه وتعالى " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " (الحج : 46) ، ثم نحاول بعد ذلك أن نوضح الآيات التي تخاطب أولي الألباب وأولي النهى وتدعو إلى التفكر وتخاطب الذين يعقلون ونعرضها كمجموعات في التالي:
المجموعة الأولى : الدعوة إلى التفكر في آيات كتاب الله المرئي (الكون)
قال تعالى : "إن في خلق السموات الأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار"
(آل عمران :190- 191)
وقال تعالى " وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً ومن كل الثمرات وجعل فيها زوجين اثنين إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون * وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون " (الرعد :3 ، 4)
وقال تعالى " ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ( النحل : 11 ).
وقال سبحانه " ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون " (النحل : 69)
وقال جل شأنه "أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون " (الروم:8)
وقال تبارك اسمه " ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماءا فيحي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون " (الروم : 24 ).
وقال تعالى " واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون " (الجاثية : 5 ).
وقال تعالى " وسخر لكم ما في السموات والأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " (الجاثية:13)
والتفكر عبادة عظيمة غفل عنها كثير من الناس ، وقد قال بعض سلفنا أن تفكر ساعة خير من عبادة سنة ، إذا كان التفكر سيؤدي إلى زيادة الإيمان وإذا كانت العبادة تتم بطريقة روتينية لا تزيد الإيمان , وفي هذه الآيات بنبهنا الله إلى ما ينبغي أن نتفكر فيه مثل :
خلق السموات والأرض – الله تعالى ما خلق كل هذا باطلا سبحانه , وإنما خلقه لنتعبد إلى الله بالتفكر فيه ولكن الحال أن عبادتنا تتم بطريقة روتينية لا تزيد الإيمان .
مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا – وهذا تنبيه إلى التفكر في آية المطر وكيف يسوقه الله إلى الأرض الميتة فيحيها , والتفكر في آية الإثمار وكيف ضربها الله مثلا للحياة الدنيا ، فهي كماء أنزله الله من السماء فاختلط به نبات الأرض , فينبت ويخضر وينع ثم يصبح هشيما تذروه الرياح , وكان الله على كل شئ مقتدراً , والتفكر في آية التزاوج وأن الله جعل من كل شئ زوجين , وهذا التزاوج هو الذي ينتج عنه حياة جديدة , والتفكر في كيفية أن في الأرض قطع متجاورات تسقى بماء واحد فتخرج ثمرات مختلفة اللون والطعم , ونفضل بعضها على بعض في الأكل فانظر إلى هذا التنوع الهائل في الثمار
الآيات التي نراها يومياً
ثم يوحي ربك إلى النحل أن تأكل من كل الثمرات فيخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس , وهي آية عظيمة لو تعلمون , ثم آية البرق والرعد , وكيف كان الإنسان قديما يخشاهما إلى أن توصل بعلمه إلى تفسير لهذه الظواهر , ولكن البرق مازال قادرا على أن يصيب به من يشاء ، وفي نفس الوقت يجعله الله دليلاً على قرب سقوط الأمطار , ولذا فالناس تترقب البرق خوفا وطمعا , وكل هذا رزق من السماء , سواء المطر أو الرياح المسخرة لتحريك الفلك في البحر أو لإدارة الطواحين في البر .
والله سبحانه وتعالى سخر لنا ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه , فهل سنتفكر ونشكر ؟
المجموعة الثانية : التفكر فيما حدث للسابقين للاعتبار والعظة
قال تعالى " فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون " (البقرة :73).
وقال تعالى "ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون " (البقرة :171)
وقال سبحانه وتعالى " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، وما يعلم تأويله إلا الله ، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب " (آل عمران:7)
وقال سبحانه وتعالى " لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب , ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيئ وهدى ورحمة لقوم يؤمنون " (يوسف : 111)
وقال جل شأنه "إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما تأكل منه الناس والأنعام ، حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليعا أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس ، كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون " (يونس:24)
وقال تعالى " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون " (النحل : 43-44)
وقال تعالـــى " أفلم يهد لهم كم أهلكنــا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهـــم إن في ذلك لآيات لأولي النهى " (طه : 128)
وقال تعالى " أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " (الحج :46)
لقد أجرى الله المعجزات على الأمم السابقة وعلينا فكيف كانت الاستجابة ؟ ، كان البعض كمن لا يسمع إلا دعاء ونداء ، كانوا كما قال الله تعالى صم بكم عمي فهم لا يعقلون , وبعضهم - كبني إسرائيل - كانوا ينكرون ما تراه أعينهم , فعندما أمرهم موسى ( عليه السلام) أن يذبحوا بقرة أخذوا يماطلون في تنفيذ أمر الله , ثم لما ذبحوها ضربوا القتيل ببعضها فأحياه الله لهم ودلهم على قاتله , فهل اعتبروا ؟ ، ثم أن الله شق لهم البحر وحمل الجبل فوقهم كأنه ظله , وبمجرد أن عبروا البحر إلى الشاطئ الآخر ووجدوا قوماً يعكفون على أصنام لهم قالوا لنبيهم اجعل لنا إله كما لهم آلهة , وقالوا له أرنا الله جهرة , وقالوا له إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون , ولذلك لعنهم الله وكتب عليهم أنه سيبعث عليهم من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة .
وبعض الناس يغتر بعلمه أو بحضارته , ويمضي في تزيين الأرض وزخرفتها , ويرسل سفن الفضاء إلى الكواكب البعيدة , ويسمي إحداها " المتحدي" (challenger) ويصبح خصيماً مبيناً لخالقه , فماذا يحدث ؟ ، " حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلها حصيداً كأن لم تغن بالأمس" ( يونس : 24 ) , أتاها أمر الله فإذا بسفينة الفضاء تنفجر بعد دقيقتين من إطلاقها وبموت كل رواد الفضاء الذين كانوا على متنها رغم كل إجراءات الأمان , ولكنه التحدي للخالق ، هذا التحدي الذي أورد العبيد المهالك .
وبعض الناس في قلوبهم زيغ , يريدون أن يتبعوا متشابه القرآن ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله , ولا يستطيع تأويله إلا الله سبحانه وتعالى , ولو أنهم آمنوا به كله متشابهه ومحكمه لكان خيرا لهم ، لأنه كله من عند ربهم ، وقد جاءت الأقوام السابقة رسلهم بالبينات والزبر والكتاب المنير , وجاؤهم بالآيات الواضحة الصريحة , وأنزل الله إليهم الذكر ليبيَنوا للناس ما نزل إليهم , فكيف كانت الإستجابة ؟ ، فريقا كذبوا وفريقا يقتلون .
فلا بد أن نسير في الأرض فتكون لنا قلوب نعقل بها وآذان نسمع بها , وأن نبصر ونعتبر بما حدث لهم , فننأى عن ما فعلوه ونصدق بآيات ربنا وكتبه , ونقول سمعنا وأطعنا .
المجموعة الثالثة : الاعتبار بما حدث لبعض الناس
قال الله تعالى "أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت , كذالك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون " (البقرة : 266 )
وقال تعالى " ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ، فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ، ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون " (الأعراف : 176 ).
وقال سبحانه وتعالى " أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب " الرعد : 19)
وقال جل شأنه " أولم يتفكروا في أنفسهم ، ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون " (الروم : 8 )
وقال تعالى " ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب " (ص:43)
وقال تعالى " أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ، قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب " (الزمر : 9 )
وقال تعالى " الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب " (الزمر :18)
وأول مثل يضربه لنا ربنا لنعتبر به مثل رجل له جنة تجري من تحتها الأنهار , هذه الجنة فيها نخيل وأعناب ومن كل الثمرات , جنة عظيمة , ولكنه أصابه الكبر وله ذرية ضعاف , مظاهر الضعف هذه لماذا ؟ ، ماذا فعل ليصاب بهذا الضعف في نفسه وأولاده ؟ لعله نتيجة لعمله السيئ أو تكذيبه بآيات ربه أو عدم قيامه بواجب الشكر على النعمة التي أنعمها الله عليه ، فأصاب هذه الجنة العظيمة إعصار فيه نار فاحترقت , فاعتبروا يا أولي الأبصار , ولكن من كان صالحاً قيد الله له من يقيم الجدار الذي كان تحته كنز ليبقى لأحفاده حتى يبلغوا أشدهم فيستخرجوه , أبقاه الله لهم لأنه كان صالحا كما ذكر ربنا في سورة الكهف , ولكن الإنسان الذي ساء عمله مهما كانت لديه من متع الدنيا ونعيمها ثم لم يشكر الله فإنها تزول , كما زالت الجنتين ( أيضا في سورة الكهف ) ، لأن صاحبهمـا قال " وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلبا " ( الكف : 36 ).
والمثل الثاني مثل رجل آتاه الله الآيات , ولو شاء الله لرفعه بها إذا اتبعها ولكنه لم يفعل وإنما أخلد إلى الأرض , فضرب الله به مثلا سيئا إذ مثَّله بالكلب , إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث , أي أن الأمر سيان سواء أوعظته أم لم تعظه لن يتعظ , ويقال أن هذه الآية نزلت في واحد من بني إسرائيل آتاه الله نعماً كثيرة , ولكنه أراد نعمة أعظم فطلب من موسى ( عليه السلام ) أن يجعله مستجاب الدعاء , فأعطاه الله ما أراد , فهل إنتفع بهذه النعمة ؟ لا .. بل أخلد إلى الأرض ولم ينتفع بما آتاه الله , ثم يختم الله هذه الآية بقوله فاقصص القصص لعلهم يتفكرون , أي أن القصص القرآني له هدف إيماني وهدف وعظي , ولا بد أن نتدبر في هذه القصص وننتفع بدروسها .
والمثل الثالث هو تشبيه من يعلم الحق ومن لا يعلمه بالبصير والأعمى , فمن يعلم الحق يبصر طريقه ويمضي فيه واثقاً من ربه , ومن لا يعلم الحق لا يبصر طريقا ولا يهتدي سبيلا , وخاطب الله بهذا المثل أولي الألباب وأصحاب العقول الذين يجب أن يستخدموا هذه العقول في معرفة الحق ثم اتباعه , وإلا تحولت نعمة العقل والفهم إلى نقمة .
والمثل الرابع وهو نعمة الله في أنفسنا وهي التي يريها الله لنا مع نعمة في الكون " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق " ( فصلت : 53 ) لابد أن نتفكر في نعم الله في أنفسنا ، لو نظرنا لنعمة الإبصار وكيف نرى الأشياء والألوان ، ولو تفكرنا في نعمة السمع وكيف نسمع ما حولنا حتى ونحن نيام ، ثم نعمة التنفس والهضم وسائر الوظائف البيولوجية التي تتم دون تحكم من العقل الواعي ، حتى الجلد وكيف نحس بالسخونة والبرودة وكيف يخرج العرق في الحر ليلطف حرارة الجسم ، أما الاكتشافات الحديثة مثل الحامض النووي فهي مبهرة للغاية ، ويتعجب الإنسان كيف أن كل خلية من خلايا جسمه تحمل كل صفاته الوراثية ، حتى أنه أمكن استنساخ نعجة من خلية واحدة ، فجاءت صورة طبق الأصل من أمها.
وأجلَّ نعمة وأكبر معجزة هي العقل البشري نفسه ، فهو قادر على الإتيان بأشياء مذهلة ، سواء في النواحي العلمية من اكتشافات واختراعات ، أو في النواحي الأدبية من شعر وروايات ، أو في النواحي الفنية من رسم وموسيقى ، بالإضافة إلى الابتكارات والتفكير الخلاق ، هذا العقل لو اهتدى إلى الحق فسوف يرفعه الله إلى أعلى من مقام الملائكة ، ولكنه لو استخدم عقله في الضلال والإضلال فسيلقى في جهنم مذموماً مدحوراً.
ولا تكتفي الآيات بضرب الأمثال والاعتبار بالذين تنكبوا طريق الحق ، ولكن الله يضرب الأمثال ويقص قصص الصالحين كذلك لنعتبر بما حدث لهم ، فماذا كان جزاء أيوب (عليه السلام) على صبره على ابتلاء الله للمرض لمدة ثمانية عشر عاماً حيث هجره أهله ما عدا امرأته ؟ ، وهبه الله أهله ومثلهم معهم رحمة منه سبحانه وتعالى وذكرى لأولي الألباب ، وهذا جزاء الصبر في الدنيا ، أما في الآخرة فالصابرون يوفون أجورهم ويدخلون الجنة بغير حساب.
ثم يضرب الله مثلاً بمن هو قانت آناء الله والناس نيام ، يمضي ليله ساجداً وقائماً بن خوف ورجاء ، يحظر الآخرة ويرجوا رحمة ربه ، ومثل الذي يغط في نومه كالذين يعلمون والذين لا يعلمون ، هل يستوون مثلاً ؟ اعتبروا يا أولي الألباب ، من علم وطبق هذا العلم ليس كمن لا يعلم رغم أنه مطلوب منه البحث وطلب العلم ، مطلوب منه أن يسمع القول فيتبع أحسنه ، إن الذين يتبعون أحسن ما يسمعون أولئك الذين هداهم الله ، وأولئك أولي العقول النابهة والأفهام الصحيحة ، لابد أن يتفكر المرء في ما يسمع فيتبع أحسنه ، ولابد أن يكون مع هذا الإتباع صاحب رأي ، ولا يسير مع الناس إن أحسنوا أحسن وإن أساءوا أساء ، إنما يوطن نفسه أنه إذا أحسن الناس أحسن معهم وإن أساءوا يتجنبهم
وهكذا يجب على اللبيب الاعتبار بما يحدث للناس مسيئهم ومحسنهم ، ويأخذ العبرة بما يحدث لهم في الدنيا قبل الآخرة .
المجموعة الرابعة : التفكر في أسباب التحريم
إن الله ما حرم علينا حراماً إلا لمصلحتنا ، ولابد أن يحاول المرء معرفة مقاصد الشريعة ، صحيح أن الإسلام هو الاستسلام لله بإتباع أوامره واجتناب نواهيه ، ولكن مع ذلك لابد أن يحاول المرء معرفة الحكمة فيما أحل الله وحرم ، ولذلك يعطي الله مثلاً بالخمر والميسر ، بعض الناس يقولون قليلٌ من الخمر يصلح المعدة ، وصحيح أن شرب الخمر في البلاد الباردة تمنع الناس من التجمد برداً إذا لم يكن هناك تدفئة أو ملابس كافية ، وكذلك لعب الميسر ، إذا نظر المرء إلى مدينة لاس فيجاس بالولايات المتحدة وهي التي أنشأتها عصابات المافيا لغسل الأموال ، وكم من فرص للعمل وفرتها للشباب ، وحجم الازدهار الاقتصادي لولاية صحراوية لم يكن لها موارد قبل عمل هذه المدينة فيها ، فسيجد منافع للميسر.
وصحيح أن في الخمر والميسر منافع ولكن أثمهما أكبر من نفعهما ، فالشيطان يوقع العداوة والبغضاء بين الناس عن طريق الخمر والميسر ، والسبب الأساسي لحوادث الطرق بالولايات المتحدة هو شرب الخمر ، وكم من بيوت خربت بسبب الميسر ، لا شك أن إثمهما أكبر من نفعهما ، والله بحكمته ورحمته يبين لنا السبب في تحريمهما لكي نتفكر ، لأن بعض المخدرات تؤدي إلى نفس الأضرار التي تؤدي إليها الخمر ، وبعض المعاملات المالية تشبه الميسر في كونها تخرب البيوت كالمضاربة في البورصة (في هذه الآونة) ، وكذلك يبين الله الحكمة في الإنفاق في سبيل الله ، وهي أن ينفق الإنسان في سبيل الله الزائد عن حاجته وحاجة أولاده ، حتى يظل لديهم ما يكفيهم ولا يسألون الناس ، وما ينفعه سيجده عند الله ، كما قال الرسول الكريم (ص) لعائشة عندما سألها عن الشاة فقالت "ذهبت كلها إلا كتفها" فصحح لها الرسول الكريم (ص) المفهوم الذي عندها للإنفاق في سبيل الله وقال "بقيت كلها إلا كتفها"
المجموعة الخامسة : حكمة الزواج
إن الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع ، وحكم الزواج كثيرة : منها أن يجد الرجل والمرأة الزوج الذي يسكن إليه من متاعب الحياة وأوجاعها وصعابها ، وأن يجد في البيت المودة والرحمة التي ينشدها ، فالإنسان اجتماعي بطبعه يسعد بأن يُحِب ويُحَب وأن يرحم ويُرحم ، وعندما يسكن الرجل إلى المرأة وتنشأ بينهما المودة والرحمة بعد الزواج يكون ذلك سبباً في حفظ الجنس البشري ، ولذلك فالزواج شريعة ربانية والرسول الكريم (ص) يحث عليه بشدة حتى ولو لم يكن المرء يملك مالاً وذلك بأن يطلب الرزق في النكاح " إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله " (سورة النور : 32 )
ولذلك ذكر الله آية الزواج في أول سرد لمجموعة آيات كونية وعن النفس الإنسانية في سورة الروم تعظيماً لشأنه ، فلابد أن نجعل الزواج أيسر شئ وأسهله ، ونجعل الزنا أصعب شئ وأعسره ، حتى نغلق باب شرور لا تنتهي ، فاعتبروا يا أولي الأبصار ، يقول تعالى " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " (سورة الروم 21)
المجموعة السادسة : التدبر في كتاب الله
هذا الكتاب هو معجزة الله الباقية ، لأن الرسول (ص) الذي أرسله الله إلى آخر الأمم لابد أن تكون معجزته مستمرة على مر الأيام ، وهكذا يصف الرسول الكريم (ص) هذا الكتاب المعجز " كتاب الله هو الجد ليس بالهزل ، كتاب الله فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل فيقول ، من تركه من جبار قسمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، فهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ منه الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه ، وهو الذي لما سمعته الجن قالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً ، من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به هُدي إلى صراط مستقيم " أخرجه الدارمي في سننه.
هذا الكتاب لا يبلي علي كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه ، ويقول الله سبحانه وتعالي عن وزنه وثقله " لو أنزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله " ( الحشر : 21 ) الجبل يخشع ويتصدع لو نزل عليه القرآن ، ويضرب الله هذا المثل لعلهم يتفكرون في عظمة هذا الكتاب ويتدبرون آياته " كتاب أنزلنه إليك مباركٌ ليدبَّروا آياته وليتذكر أولوا الألباب " ( ص : 29 ).
المجموعة السابعة : الموت
الموت من الأمور الغائبة الشاهدة ، ومهما أنكر الكافرون وتكبروا عن الحق فإنهم يقفون أمام جلال لحظة الموت عاجزين ، وبالنسبة للمؤمن يمكن أن يكون الموت وزيارة القبور وقوداً لروحه وكابحاً لنزواته وشهواته ، والرسول (ص) يوصي المؤمنين : "أكثروا من ذكر هادم اللذات" (رواه الترمذي) والموت درجتان ، موت مؤقت عند النوم ، وموت دائم عند انقضاء الأجل ، وينبه الله أُولي الألباب أن يتدبروا في النوم ، وكيف أنه الموت الأصغر فيقول " الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها " ( الزمر : 42 ) ، وإذا كان للروح بقية من أجل أرسلها ، ولذلك يوصينا الرسول(ص) أن نقول عند نومنا " اللهم إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " (رواه الترمذي وأحمد) ، وإن في النوم واليقظة ذكري للموت والبعث ، ولو كان المؤمن له قلب يقظ وعقل يتدبر لقال كلما استيقظ " الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور" ، ولعلنا نتفكر في هذه الآية ( النوم واليقظة ) التي تحدث كل يوم ، وأحياناً في اليوم مرتين .
المجموعة الثامنة : هذا بلاغٌ للناس
أخيراً ننوه أن رسالة الرسول الكريم (ص) كلها ، وكتاب الله المقروء بالذات بلاغ للناس ، حتى ينتبه الغافل ويستيقظ النائم ، والرسول الكريم (ص) نذير للعالمين بين يدي عذاب شديد ، ينذرنا ويبلغنا رسالات ربه ، ويحاول أن يأخذ بحجزنا حتى لا نتفلت منه ونسقط في النار والعياذ بالله ، ولنعلم أنه سبحانه وتعالى إله واحد ، وتعالى الله أن يكون له ولد أو تكون له صاحبة ، ولابد لأولي الألباب من التوحيد الخالص ، وأن لا ينحرفوا عن هذا الإخلاص كما حدث للأمم من قبل ، وليتذكر أولوا الألباب هذا البلاغ دائماً ، " كذالك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون "
هذا ما فتح الله علينا به من التدبر في الآيات التي وجهها الله لمن يتفكرون ولمن يعقلون ولأولي الألباب ، وأؤكد علي ما قلته في البداية أن التفكر في كتاب الله المرئي وكتاب الله المقروء عباده عظيمه يغفلها كثير من الناس ، وأتمنى أن يعود المسلمون إلي هذه العبادة ، وأن يتفكروا في آيات الله في الكون ويتدبروا في آيات الله في القرآن .

سجن استقبال طرة
يناير 2015
شريف أبو المجد

احمد جمال عبد الحميد زياده (احمد جمال زياده) – رسالة من معتقل إلي متغرب

احمد جمال عبد الحميد زياده (احمد جمال زياده) – رسالة من معتقل إلي متغرب

صديقي العزيز ..
علمت أنك سافرت إلي تركيا بعد خروجك من السجن , كنت أظن أنك سافرت لتكمل تعليمك هناك , و لكن للأسف علمت أن والديك خشيا عليك من السجن مرة أخري فأصرا أن تسافر هرباً من شئ لم تفعله !!
لقد خافا عليك من السجن هنا فسجنوك هناك في الغربة , يبحثان لك عن حياة , و لا يهم إن كانت كريمة .. حياة فقط !!
أتذكر يا صديقي عندما حكيت لي كيف إعتقلوك من أمام جامعة الازهر و أنت في طريقك لأول أيام الإمتحانات , فقلت لهم أنك طالباً في جامعة الأزهر , و لم تعلم وقتها أنها الجريمة الكبري .
أنت الأن هارباً من كونك طالباً في الأزهر , بينما حسين سالم هارباً بعد سرقه مليارات من الشعب !!!
لن أنسي أنهم إعتقلوك يوم عيد ميلادك , و لكن حمدت الله و كنت سعيداً جداً لأنك أتممت 18 عاما وقتها , لو لم تكن أتممتها لأرسلوك إلى الأحداث مع من ذهبوا .
لقد أصابنى الحزن عندما أرسلت لى تقول أنك ظننت أنهم سيأخذونك بالأحضان فى تركيا لأنك مصرى كريم العنصرين , ولكنك فوجئت بأن المصريين هناك يخافون من بعضهم ويرتابهم الشك في كل ما هو مصرى , لذا صرت وحيداً ولم تستطيع أن تكمل دراستك هناك , و لم تستطيع أن تعمل , أنت فقط تسكن فى غرفة وحدك !!
هذا هو السجن بعينه يارفيق ..
ففى السجن هنا كنت تستطيع أن ترى أهلك و أصدقائك مرة كل أسبوع , وكنت ستكمل دراستك على كل حال , و لم تكن وحيداً وكان معك من هم مثلك من الطلاب .
للأسف ياصديقى إن بلادنا ضاقت بنا وصارت حجم الزنزانة التى قضيت فيها أكثر من عام , بل إن كل الزنازين تحتضن الشباب وتتمسك بهم أكثر من كل الأوطان .
إن بلادنا صارت كحجم علبة السجائر ونحن لسنا ضمن سجائرها , و حتى إن صرنا كذلك فسنحترق ونصير دخاناً وما تبقى يدهسه الأخرون بأقدامهم !!
لا تحزن ياصديقى , و لا تدع الحزن يقتلك ..
( الحزن مادة عديمة اللون ، لاترى , يفرزها شخص ما , تنتقل منه إلى كل ماحوله , يرى تأثيرها على كل شئ تلامسه .. سعود السنعوسي ) .
أنت المسجون فى غربتك ولكنك الصديق الحق .. بينما أحد الاصدقاء ممن يحسبون على الثورة وصدعونا بالمبادئ , تناسى أن رفاقه فى السجون ولم يسأل عليهم قط لأنه منشغلاً بإنتخابات مجلس الشعب فهو سيترشح لإنتخابات مجلس الشعب القادم على قائمة حزب الوفد !!
فتحولت مقولة (المبادئ لا تتجزأ ) إلى ( المبادئ تتمزق ) !!!
لا تحزن ..
فصفحتك لم تتسخ كأمثال من قالوا إن الظلم سيرحل بوصول السيسى للرئاسة .. محمود بدر .
فوجدنا أن السيسى يعترف بوجود مظلومين و أنصاره لا يعترفون !!
أنت لست متلونا كمن هتفوا ضد الحكم العسكري ثم هتفوا له ودعموا مرشح العسكر !!
لست وحدك من كل الشباب تعانى من السجن أو الغربة , فالحكم العسكرى قد قسم الشباب إلى (شهداء ، مصابين ، معتقلين ، مهاجرين ، منتحرين ، مكتئبين فى طريقهم إلى الإنتحار , و أحياء كما الموتى ) و لكن مصر هتبقي أد الدنيا !!
كنا في مجدنا يا صديقي نبحث عن المظلومين و ننصرهم , و الأن صرنا نبحث عنهم فقط !!
كننا نهتف بكرة يا كلب الثورة تقوم , ولم نعلم أنها سترقد !!!
بالفعل يا رفيق ، الثورة مستمرة و لكن الثورة المضادة .
مسجون أنا بين أربع جدران ، و أنت مسجون فى غربتك , و الباقون مسجونين فى خوفهم .. هم من سجنوا انفسهم بأيديهم ، و صار شعار المرحلة ( إعمل نفسك ميت ) !!!
لا أعلم بما أنصحك , فأنت دائما تطلب منى النصيحة !!
هل أنصحك بالعودة , فتجد مستقبلك محاصراً بالرصاص الحى وحياتك مهددة بالموت عند إتمام العشرين عاما من عمرك !!
أم أنصحك أن تبقى وتنتظر , فتظل هكذا تعيش فقط دون دراسة أو عمل أو حتى أمل !!
لا أدرى حقاً .. الأمر لك .
و لكن فقط سأدعوا لك و لى ولكل مظلوم و لبلادى و لثورتنا .
من رفيقك الذى لم ينساك ..
أحمد جمال زيادة .
سجن أبو زعبل .

عمر عبد العزيز حسين علي (عمر حاذق) – أعتذر لك من أعماق قلبي

عمر عبد العزيز حسين علي (عمر حاذق) – أعتذر لك من أعماق قلبي

مازلتُ في السجن ذاته، العنبر ذاته، الزنزانة ذاتها، قريبًا من إتمام الشهر التاسع من فترة الحُكْم (سنتين)، في ليلة جهنمية من صيف أغسطس الرهيب، حيث أضيف إلينا اليوم سجين آخر، فأصبحنا 23 رجلاً في زنزانة مساحتها 3،5 × 5،5 متر، شاملةً حمامًا صغيرًا غايةً في القذارة، مع زيادة وتيرة البطش والضرب وانتشار الجرب.

حياةٌ كهذه الحياة، تمنحني رصيدًا إنسانيًا هائلاً من كل ما هو إنساني، وتعرِّفني بناس يستحيل أن ألقاهم خارج جدران زنزانتي هذه. بعض هؤلاء السجناء علّموني الكثير، بعضهم منحوني دعمًا عظيمًا وأخوة صادقة، ساعدتْني على أن أظل محبًّا للحياة والناس. كان حقًا عليَّ أن أذكر هؤلاء وأهديهم روايتي هذه، غير أنني آثرْتُ أن أصنع ذلك في إهداء روايتي الأحدث (الحياة باللون الأبيض) التي كتبتُها كلها في السجن، فكانتْ بطلة هذه المرحلة من حياتي.

بطريقة ما، بلغني في شهر إبريل الماضي أن أحمد، نجل أخي الأكبر، الطفل ذا السبع سنين، عرف بخبر القبض عليَّ ورأى صورًا لي ومقاطع تليفزيونية تم بثها لجلسات محاكمتي، وأنا مقيد بالكلابشات، مع ما كان يبدو على أسرتي من حزن وأسى، رغم محاولات إخفاء ذلك عنه، فلم تحتمل طفولته البريئة هذه المعاناة، وأصابه ضرر نفسي شديد خوفًا عليّ، وعلى نفسه، من التعذيب والضرب، مما كان يراه على برامج التليفزيون أو الإنترنت، ولم يبدأ في التعافي البطيء إلا بعد أن أقنعتْه الأسرة أنني خرجتُ من السجن، وسافرت للعمل في الخارج، وسوف أحضر قريبًا، محملاً بالهدايا، سالمًا من الشرّيرين الذين يسجنون الشباب ويضربونهم.

مراتٍ قليلة بكيتُ فيها هنا، أكثرها لأجل أمي، وبعضها لأجل سجناء واجهوا آلامًا فوق طاقتهم، وبعضها لأجل أحمد، الذي نشأ بشقة قريبة من شقتنا، وكان يأتينا كثيرًا مع أبيه وأسرته، ويدخل إلى غرفتي حيث أقرأ أو أكتب فيسلم عليّ ويجري إلى اللعب، ثم لا ينسى أن يأتي مسلِّمًا قبل انصرافه، مبتسمًا بخديْه المكتنزيْن الطرييْن، باسطًا كفه الصغيرة إليّ، قائلاً: (لوس)، التي تطورتْ، مع نموه، إلى (ألوس) أي فلوس، لأنني كنتُ معتادًا على منحه بعض جنيهات يشتري بها حلوى.

لماذا يدفع هذا الطفل ثمنًا فادحًا لاختياراتي الخاصة في الحياة؟ تضرر أفراد أسرتي ضررًا شديدًا، خاصة أبي وأمي، لكنهم كانوا جميعًا، قادرين على تفهّم الثمن المبذول للدفاع عن قناعة ما، إلا أحمد دفع، وحده، ثمنًا فادحًا، لا أدري متى يتعافى منه تمامًا، ثمنًا فادحًا ليتقدم شباب هذا الوطن خطوةً صغيرةً أخرى نحو حريتهم وكرامتهم وحقوقهم المهدورة.

في الزيارة الأخيرة، عرفتُ من أمي أن أحمد الحبيب عاد يعاني من تلك الأزمة بعد أنْ حقّق علاجه تقدمًا ملموسًا. في الليل، قرّبتُ مسودة الرواية من وجهي لأخفيه، وبكيتُ لحظات من أجل أحمد الحبيب، الذي عرفتُه طفلاً بريئًا، مفعمًا بالنشاط والمرح، مغرمًا بالانطلاق إلى الحدائق والشواطئ، عاشقًا للحلوى والعصائر والشيبسي، من أجل أحمد الذي عانى من سجني أكثر مني.

من أجل أحمد الذي كان يطالع مع أسرته ألبوم صور عائلية مطبوعة، فحمل صورة منها، وانتحى بعيدًا عن الأسرة، فذهبتْ إليه أمه، ووجدته يحدث في الصورة هامسًا: وحشتني، وحشتني قوي، وإذا بي أنا في تلك الصورة.

يا أحمد الحبيب... أريد أن أعتذر إليك من أعماق قلبي رغم أنني لم أرتكبْ جريمة أستحق بها أنْ أُسجَن وأنْ تنوء أنتَ بهذه الآلام كلها... وأريدك أن تعلم، حين تكبر ويمنّ الله عليك بالشفاء والسلام، أنك دفعتَ ثمنًا فادحًا لكرامتنا وإنسانيتنا جميعًا، وأن آلامك النبيلة سوف تشكّل، مع آلامٍ ودماء نبيلة أخرى، روحًا عظيمةً، ملهِمةً لنضالنا حتى نحقق أهداف ثورتنا... ولذلك أيضًا أرجوك ألا تضعف أبدًا عن استكمال هذه المسيرة مهما كان ثمنها، ومهما كان مصيري، فأنت الآن رفيق دربٍ عظيم.

ولذلك أيضًا أهديكَ، وحدكَ، روايتي هذه محبةً واعتذارًا.. إلى أحمد عصام حاذق

احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – يناير 2015.. هل من جديد؟

احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – يناير 2015.. هل من جديد؟

يناير 2015.. هل من جديد؟
عام جديد، وبأي جديد عدت يا عيد؟ لا جديد.

البعض متفائل بالعام الجديد. وهناك من يعتقد أنه سيكون أفضل من 2014 المليء بالكوارث وبالكآبة والدم والظلم. وهناك من يتمنى أو يأمل، وهذا حقه. وهناك من يفرط في التفاؤل والتوقعات ويتحدث عن حل سياسي وانفراجة وسلام أهلي واستقرار، وهذا حقه أيضا. وهناك من يتحدث أن عام 2015 هو عام مختلف أو أقل دموية، وهذا حقه. ولكنني للأسف غير متفائل ولا أرى أي جديد.. وهذا حقي.

لا يوجد أي مبعث للتفاؤل، ولا يبدو العام الجديد أن به أي جديد، ولا أتوقع أن يختلف 2015 كثيرا عن 2014، بل سيكون 2015 امتدادا واستكمالا لكوارث 2014.

لن تكون هناك انفراجة، ولا إفراجات، ولا مصالحة مع الشباب، ولا حوار. لن يثور السيسي على نظامه الفاسد، كما توقع أو تمنى الأستاذ هيكل. ولن يستمع السيسي لأي نصيحة من أي شخص عاقل أو حتى براجماتي، ولن يثور على الفساد. ولن تتوقف صراعات الأجهزة على المصالح وعلى السيطرة. ولن يكون هناك وزراء ذوو كفاءة أو محافظون من خارج المؤسسة العسكرية أو خارج المنظومة القديمة. لن يتم تعيين (أي شخص بيفهم) في أي منصب تنفيذي. ستستمر نفس معايير الاختيار الموروثة من نظام مبارك. سيستمر نظام مبارك في الحكم بنفس أسلوبه.. لا جديد.

لا يوجد أي جديد يدفع السيسي نحو التفكير العقلاني، ولا يوجد ما يدفعه نحو السلم الأهلي أو رفع المظالم أو وقف الانتهاكات. رغم كل كوارثه، لا يزال لديه تأييد شعبي، ولا يزال لديه إعلام منافق، ومعارضة مستأنسة، وجهات أمنية تقول له كله تمام. وهل مَنْ حوله أجهزة سيادية فاسدة تمده بتقارير فاسدة يفكر في أي إصلاح أو سلام أهلي؟ وهل من عيّن مستشاريه من عيّنة فايزة أبو النجا أو أحمد جمال الدين، يمكن أن تنتظر منه أي خطوة ذكية؟ لا أتوقع أن يغير السيسي أي سياسة من سياساته، بل أتوقع منه المزيد من البطش والغرور والاستبداد والظلم... يا فرعون إيه فرعنك.

ولا أتوقع أيضا أن يغير الإخوان من أسلوبهم، ولن يفكروا بطريقة أكثر عملية. سيستمر الإخوان في نفس الخطاب، ونفس الشعارات، ونفس الأداء.. مرسي راجع، والانقلاب يترنح، والانقلاب سينكسر.

لن يعترف الإخوان بأن "داعش" حقيقي وليس تضخيما إعلاميا، أو أنه يرتكب مذابح حقيقية، ولن يعترفوا بأن داعش يسيء للإسلام بأفعاله ويتسبب في موجات كراهية ضد الإسلام والمسلمين، ولن يعترفوا بأن أفعال من ينتسبون للإسلام السياسي ومن يروجون لوهم الخلافة هو ما يدفع كثيرا من الشباب إلى الابتعاد عن الدين، وهو ما يدفع الآخرين إلى كراهية الإسلام، وهو ما يعطي المتطرفين من الغرب المزيد من الحجج والمبررات.

لن يعترف شباب الثورة بالأخطاء أيضا، ولن تتوقف نميمة التخوين فيما بينهم، ولن يعتذر شخص لشخص آخر ظلمه في يوم من الأيام أو قال عنه ما ليس فيه، ولن يغير شباب الثورة من بعض أساليب العمل التي ثبت فشلها، أو تعديل الخطاب الذي أصبح مكروها شعبيا أو غير مفهوم بالنسبة للبسطاء، ولن يتم توحيد الجهود وتكاملها وتنظيمها، ولن يتم تجديد الفعاليات أو البحث عن أشكال مبتكرة للضغط أو الوصول إلى الناس.

حتى 25 يناير القادم لا أتوقع فيه أي جديد، سيرفع الإخوان شعاراتهم المنفرة والتي تجعل الآخرين يرفضون التعامل معهم أو الانضمام إليهم، وستظل المجموعات الشبابية تتناقش وتختلف حتى يوم 24 يناير إلى أن تقرر وقفة ومؤتمرا، وسيستغل الأمن بعض التفجيرات التي سينفذها بعض الإرهابيين أو بعض الهواة أو بعض المجانين حتى يقمع الجميع.. سيتكرر نفس مشهد العام الماضي، ستطلق الشرطة والجيش النار على الجميع قبل بدء أي وقفات أو مظاهرات، وسيسقط أبرياء، جنود بسطاء غلابة سيقتلهم إرهابي متطرف مجنون، ومتظاهرون شباب نقي خرج ليعبر عن رأيه بسلمية، سيقتلهم ضابط شرطة أو جيش أحمق لا يختلف عن أي إرهابي أحمق.

لم أكن يوما من المتشائمين، بل إن كل من يعرفني سيتعجب؛ لأنني دوما من دعاة التفاؤل وزرع الأمل وتشجيع المبادرات والابتكار والأفكار غير التقليدية، وكل ما يبدو كأفكار مجنونة في البداية.

كم أتمنى أن أكون مخطئا، بسبب تشاؤمي لهذا العام، ولكن ما الجديد حتى الآن؟

النظام نفس النظام، والعسكر هم نفس العسكر، وكل الأطراف لم تتغير، ولكن ماذا عن الشباب؟
هل نستطع تطوير خطابنا؟ هل سنكمل تراكمية العمل؟ هل سنختار خطابا يتوافق مع المزاج الشعبي؟ هل سننجح في اختراق الحصار الأمني والتعتيم الإعلامي؟

هل سننجح في إنشاء بنية ثقافية وقواعد شعبية تؤمن بالديمقراطية وأهميتها للتطوير والتقدم؟ هل سننجح في أن نقنع الناس بأن الاستبداد أو الحكم العسكري، وكذلك التطرف الديني، لن يقودنا إلا إلى الخراب؟... أتمنى.

محمد حسام الدين محمود علي (كالوشا) – ذكري الثورة العظيمة

محمد حسام الدين محمود علي (كالوشا) – ذكري الثورة العظيمة

بسم الله الرحمن الرحيم

ها قد اتي ٢٥ يناير "ذكري الثورة العظيمة" ونحن وعيرنا من الشباب يسكنون الزنازين في السجون .

مش عارف اكتب ايه بس ٣ اشهر اللي اتحبستهم دول محستش بيهم ، بس يوم ٢٥ يناير عدي عليا الان كانه سنة تذكرت كل شئ كل اصحابي اللي راحوا مني من اجل مطالب ثورة ٢٥ يناير
تذكرت المجهول الذي وقف امام المدرعة في القصر العيني

تذكرت الشهيد مصطفي الصاوي ، تذكرت شهيد الاسكندرية

اذا كنا مش عارفيين نعمل حاجة في الوقت الحالي .. اوعوا تيأسوا لازم ناخد استراحة محارب .. بس اوعوا تنسوا اللي مات عشانه الشهيد .. اوعوا تنسوا حقهم

واذا كنا احنا في السجون .. بس هما عمرهم هيحبسون و يكسرونا والبركة فيكم انتم برة

فعلا مش عارف اكتب بس اكيد انتوا عارفين انا عاوز اقول ايه
عمري في حياتي ما هنسي اي حد طلع معايا مسيرة من مسيرات ٢٥ يناير وكنت اتمني ابقي معاكم في الشارع انهاردة وننظم و نجهز لليوم دا بس الحمد لله علي كل شئ.

انا بردو عملت في السجن مسيرة و كتبت علي الحيطة وعلمت الناس اللي معايا "الجنائيين" اغاني الشيخ امام و الاولتراس

اتمني ان كل اصحابي و كل الناس تبقي بخير ومش تخلي الياس و الاحباط يتملك منك ، دع عواطفك جانبا و شغل مخك في الفترة الحالية.

نهاية كلامي من داخل سجن طرة " المجد لله .. المجد للشهداء .. المجد للمجهوليين"

٢٥ يناير فكرة ومش ممكن تموت

كالوشا .. صانع المولوتوف
المجد للمجهولين
25/1/2015
سجن القاهرة "تحقيق" بطرة

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – مذاكرة مادة حقوق الإنسان و انت معتقل عبارة عن نكتة كبيرة و سخيفة

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – مذاكرة مادة حقوق الإنسان و انت معتقل عبارة عن نكتة كبيرة و سخيفة

مذاكرة مادة حقوق الإنسان و انت معتقل عبارة عن نكتة كبيرة و سخيفة.
بفكر جدياً أجاوب على كل سؤال و أكتب قدامه مثال من اللى أنا شايفه ، مثلا :
” حالات تفتيش المنزل أو السيارة دون مبرر ، حق لا يملكه الشرطى و لا رجل الأمن ، و يعتبر انتهاكاً للحرية التى كفلها الدستور ، و من حق أى مواطن تقديم دعوى إلى القضاء ، ضد الشخص الذى فتشهم أو فتش سيارتهم دون أمر من النيابة أو المحكمة” —> (تم إيقاف سيارتى و أبى و جذبنا منها بشكل مهين و التهديد بإطلاق النار علينا ، و تم القبض علينا ، و المبرر “دقنك شبه دقن الإخوان” (كلمات الضابط حرفياً) )
“لا يعرض أى إنسان للتعذيب و لا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة من الكرامة” —> (انظر التايم لاين ، بوست حفلة استقبال وادى النطرون)
“لكل إنسان حق فى حرية التعبير ، و يشمل هذا الحق حريته فى التماس مختلف ضروب المعلومات أو الأفكار و تلقيها و نقلها للآخرين دونما اعتبار للحدود ، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو فى قالب فنى أو بأى وسيلة أخرى يختارها” (معظم من قابلتهم فى السجون على مدار السنة و نصف الماضية معتقلون بسبب “لافتة-استيكر-Pin-صورة- ….)
تَضَمَّن العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية و السياسية حقوقاً رئيسية منها :
– حرية الرأى و التعبير —> (انظر الفقرة السابقة)
– الحماية من التعذيب —> (الفقرة اللى فوقيها)
– المحاكمة العادلة —> (15 سنة مشدد و 5 مراقبة و 20 ألف جنيه غرامة)
– حقوق السجناء و المحتجزين —> (نايم على شبر و قبضة (35 سنتيمتر) و مش بعرف أفرد رجلى)
– الحماية من العقاب الجماعى —> ( القضية كلها واخدة نفس الحكم السابق ، 68 شخص منهم بنات و شيوخ و قُصَّر و جميع الانتماءات)
تقريباً أنا الوحيد فى الدفعة اللى مذاكر حقوق الإنسان عملى .
شكلى كده هجيب امتياز فى الامتحان.

البراء حسن علي حسن الجمل (البراء حسن الجمل) – ﻧﺪﺍﺀ ﻋﺎﺟﻞ ﺇﻟﻲ ﺷﺒﺎﺏ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ

البراء حسن علي حسن الجمل (البراء حسن الجمل) – ﻧﺪﺍﺀ ﻋﺎﺟﻞ ﺇﻟﻲ ﺷﺒﺎﺏ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ

ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ
ﻧﺪﺍﺀ ﻋﺎﺟﻞ ﺇﻟﻲ ﺷﺒﺎﺏ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
ﻧﻨﺎﺩﻳﻜﻢ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻦ ﺑﺴﺠﻮﻥ ﺍﻹﻧﻘﻼﺏ ﺍﻟﻐﺎﺩﺭ ﺑﺄﻥ ﺗﻨﻘﺬﻭﺍ ﺇﺧﻮﺍﻧﻜﻢ ﻣﻤﺎ ﻳﻠﻘﻮﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻲ ﺑﺎﻟﻤﺆﺳﺴﺔ
ﺍﻟﻌﻘﺎﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﻭﺍﻹﻫﺎﻧﺔ ﺑﺸﺘﻲ ﺃﻧﻮﺍﻋﻬﺎ ﻣﻦ ﺿﺮﺏ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﺳﻴﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﺃﻭ ﺍﻟﻀﺮﺏ
ﺑﻜﺮﺍﺑﻴﺞ ﻭﺍﻟﻀﺮﺏ ﺑﻘﻄﻊ ﺍﻟﺨﺸﺐ ﺍﻟﺜﻘﻴﻞ ﻭﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﺴﻤﻲ ﺑﺎﻟﻤﻮﻟﺔ ﻭﺗﻨﻈﻴﻒ ﺑﺎﻟﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﺼﺮﻑ ﺍﻟﺼﺤﻲ ﻭﺍﻟﻀﺮﺏ
ﺑﺎﻟﻌﺼﻲ ﻓﻲ ﻣﺆﺧﺮﺓ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﺃﻭ ﺍﻟﻠﻜﻢ ﺑﺎﻟﻴﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻗﺒﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻲ ﺿﻴﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻔﺲ ﺃﻭ ﺍﻹﻏﻤﺎﺀ
ﻭﺍﻟﺠﻠﻮﺱ ﻟﻤﺪﺩ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻲ ﻣﻴﺎﻩ ﺑﺎﺭﺩﺓ ﺗﺮﺵ ﺑﻜﻤﻴﺎﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻌﻨﺎﺑﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻮ ﺷﺪﻳﺪ
ﺍﻟﺒﺮﻭﺩﺓ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﻓﻘﻂ ﻷﻧﻨﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺭﻏﻢ ﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻨﺸﺎﺭﻙ ﻣﻌﻜﻢ
ﻗﻠﺒﺎ ﻭﻗﺎﻟﺒﺎ ﻓﻲ ﺫﻛﺮﻱ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻳﻨﺎﻳﺮ ﺣﺘﻲ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﺣﺘﻲ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺣﻠﻴﻔﻨﺎ ﻓﻠﻦ
ﻧﺨﺸﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮﻣﺔ ﻻﺋﻢ ﻓﻜﻤﺎ ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻡ ﻭ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻣﻬﺮ ﺑﺨﻴﺚ ﺍﻟﺜﻤﻦ ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ
ﻻ ﻧﻤﻠﻚ ﺳﻮﺍﻩ ﻭﻟﻮ ﻛﻨﺎ ﻧﻤﻠﻚ ﻏﻴﺮﻩ ﻟﺒﺬﻟﻨﺎﻩ ﻭﻣﺎ ﺗﺮﺩﺩﻧﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﺑﺪﺍ ﻓﻼ ﺗﺘﺮﺩﺩﻭﺍ ﻭﺗﺨﺬﻟﻮﺍ ﺇﺧﻮﺍﻧﻜﻢ
ﻭﺃﺧﻮﺍﺗﻜﻢ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﺳﺠﻮﻥ ﺍﻹﻧﻘﻼﺑﻴﻴﻦ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻓﺎﻣﻀﻮﺍ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻜﻢ ﻭﻻ ﺗﺨﺸﻮﺍ ﺃﺣﺪﺍ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻻ
ﺗﺤﻴﺪﻭﺍ ﺃﻭﺗﺒﺘﻌﺪﻭﺍ ﻋﻦ ﺩﻳﻨﻜﻢ ﻭﻃﺮﻳﻘﻜﻢ ﻭﻫﺪﻱ ﻧﺒﻴﻜﻢ

close

Subscribe to our newsletter