رسائل جدران العزلة

Filters
عام تحرير أو نشر الرسالة
تصنيف مكان االحتجاز المرسل من خلاله الرسالة
اللغة
الفئة العمرية
النوع االجتماعي

احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – ماذا فعلنا لإبطال “المؤامرة”؟

احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – ماذا فعلنا لإبطال “المؤامرة”؟

ماذا فعلنا لإبطال "المؤامرة"؟
يشترك أنصار الأصولية الدينية، بكل مشتقاتها، السلفية الجهادية أو السلفية العلمية أو الإخوانية، مع أنصار الأصولية السلطوية العسكرية أو "الدولجية" والناصريين، في شيء مهم مشترك، ونادر في الوقت نفسه، وهو الحديث الدائم عن المؤامرة الكبرى، فهي السبب الرئيسي في تخلّف المسلمين عند الفريق الأول "الأصولي الديني"، وهي السبب الرئيسي في تخلف العرب أو المصريين عند الفريق الثاني "الأصولي السلطوي أو العسكري أو القومي الناصري".
دائماً، هناك عدو خفيٌ متخفٍ متنكّر مدسوس مندسّ، لديه عملاء وخونة وطابوراً خامساً، والعدو الصليبي الذي لديه عملاء صليبيين متنكرين في أشكال صحافيين، أو كتّاب أو مفكرين أو أساتذة جامعة أو جيش مؤيد للعلمانية الصليبية. وربما يكون العدو هو الغرب وعملاؤه الذين يكيدون للعرب، أو المصريين وحدهم، وجميعنا سمع عن كتاب هيلاري كلينتون "النسخة المصرية الشعبية"، أو أسطورة مهاب مميش الذي استطاع بمفرده اعتقال قائد القوات البحرية الأميركية التي كانت موجودة أمام السواحل لمساندة محمد مرسي.
"هراء" الأصولية والفاشية واحد ومتشابه، دينياً كان أو عسكرياً، فحتى الآن لا يزال "الإخوان" يتحدثون عن أن أميركا هي مَن خططت ودعمت لانقلاب 30 يونيو/ حزيران، من أجل إزاحة مرسي، ووقف مشروعهم الإسلامي العبقري، ولا يزال السلفيون والجهاديون يتحدثون عن ضرورة إبادة الغرب الصليبي، من أجل نشر العدل الإسلامي وحكم الله في الأرض. وفي المقابل، نجد أن العسكريين أو الدولجية أو الناصريين يتحدثون عن مخططات الغرب لإفشال النهضة العربية أو المصرية، وأن "سي آي إيه" هي التي تعمل جاهدة، طوال الوقت، مع مخابرات ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وقطر وتركيا وإسرائيل من أجل إفشال عبد الفتاح السيسي أو المشروع العربي أو النهضة المصرية.
لا يوجد هناك مخطئ، والجميع ملائكة بأجنحة عند أنصاره، كان مرسي ملاكاً ولم يخطئ قط، وما "30 يونيو" إلا مخطط صهيو ـ أميركي سيساوي فلولي لإفشال مرسي والمشروع الإسلامي، و"الإخوان" لم يضعوا دستوراً سيئاً، ولا إعلاناً دستورياً ديكتاتورياً، ولا بادروا بالعنف في الاتحادية والتحرير، ولم يخونوا مَن أيّدهم قبل معارضيهم، كل شيء كان "زي الفل"، لكن الغرب الصليبي هو من أفسدها.
لا يوجد عنف، لا من "الإخوان" ولا من "أنصار دعم الشرعية"، و"داعش" أصلاً غير موجودة، وكل هذا تضليل إعلامي لتشويه المشروع الإسلامي. هكذا أسمع منهم دائماً. لا اعتراف بأي خطأ حتى الآن، وكل شيء كان مؤامرة. وفي المقابل، أيضاً، لن نسمع أي اعتراف بالخطأ من معسكر السلطوية/ العسكرتارية، فالسلطوي والفاشي لا يعترف بأي خطأ، كل ما يحدث ضده مؤامرة، فالاعتراف بالفشل معناه انهيار النظرية والمنظومة.
فلا عبد الناصر ولا مبارك ولا السيسي، الذي يسير على نهج مدمج للاثنين، كانوا مخطئين، السيسي ملاك بأجنحة، التعليم زي الفل، والمرور تمام، والاقتصاد في نمو، وليس هناك فساد أصلاً، والقضاء مستقل، والأمن مستتب، ولا سرقة ولا خطف ولا بلطجة في الشوارع. كل المنتقدين مجرد مغرضين، خونة، عملاء للغرب وطابوراً خامساً وجيلاً رابعاً، نحن زي الفل الآن، وعبد الناصر تمام و مبارك ـ السيسي زي الفل ولا غلط عندنا.. ولولا المؤامرة، كنا سنبقى القوى العظمى الوحيدة في العالم. اصبروا علينا قليلاً. يحتاج السيسي 30 عاماً فقط في السلطة، لكي يحقق التقدم، ويهزم الغرب المتآمر دائماً، الغرب الذي يتسوّل منه السيسي كما كان مبارك يتسول من قبل. لا صناعة، لا ابتكار، لا تعليم، لا إدارة أو حكم رشيد، ماذا قدمنا نحن لمواجهة المؤامرة؟ لا شيء.
المسلمون، سنّة وشيعة، يتقاتلون منذ 1400 عام، والعرب، مسلمون ومسيحيون، والعرب أيضاً جنسيات وأعراقاً وطوائف وعقائد و..، حتى الليبراليين لا يفقهون من الليبرالية شيئاً سوى مقاومة التديُّن، لا حديث عن تسامح أو احترام حقوق إنسان أو تعايش أو باقي القيم الليبرالية، حتى الاشتراكية العربية/ المصرية متوقفة عند نظريات ماركس، أو تجارب ما قبل انهيار سور برلين. ماذا قدمنا نحن، كفصائل أو عسكر أو إسلاميين، أو مختلف الاتجاهات السياسية لمقاومة المؤامرة، إن كانت موجودة، غير الحديث عنها؟ لا شيء. فقط الكلام.

احمد جمال عبد الحميد زياده (احمد جمال زياده) – سنة أولي سجن

احمد جمال عبد الحميد زياده (احمد جمال زياده) – سنة أولي سجن

سنة أولي سجن .
زي اليوم ده من سنة 28 12 2013 كنت رايح أغطي إشتباكات جامعة الأزهر أول حاجة صورتها .. وطبعا كانت أخر حاجة ..
فيديو صغير لإتنين طلبة ( مصطفي عبد الموجود - حسين السويسي ) كانوا ماشيين قدام جامعة الأزهر و رايحين إمتحاناتهم , و فجأة لقوا عساكر و مخبرين بيضربوهم و كتفوهم بالحبال زي الغنم و رموهم ف البوكس !!!
الباشا نائب مأمور قسم تاني مدينة نصر شافني و أنا بصور , فبعتلي مخبر يسألني بعمل إيه ؟!!
قلت له : زي ما حضرتك شايف بصور و ده شغلي .
فالمخبر قال لي : كلم الباشا .
و لما رحت للباشا لقيته غضبان و وشه جايب ألوان الطيف و كأني كنت بصور أماكن حساسة و خطر ع الأمن القومي !!!
سب الدين و شتيمة بالأب و الأم , و ضرب كمان , و مبتصورش ولاد ال..... اللي في الجامعة لية ؟!!!
حاولت أفهمه إني فعلا كنت هصور كل حاجه , بس قال لي : إخرس يا إبن ال...... , و طلع الميموري اللي في الكاميرا .
خد الميموري و الموبايل و حرزلي الكاميرا لأن طبعا الفيديو اللي في الميموري هيدينهم , و هيوضح إنهم بيعتقلوا ناس بريئة لأنهم مش قادرين يمسكوا الجاني .
* الحرز كاميرا ؟!!
أه و الله كاميرا .
* و المهنة مصور صحفي ؟!!
تخيلوا !!
و عدت سنة في السجن من غير ما أتحاكم علي حاجة أنا معملتهاش أصلا !!
تاني يوم إتعرضت علي النيابة في معسكر السلام اللي شفت فيه أسوأ ايام السجن , و المحامي جاب صورة من التصريح بالتصوير في الوقت اللي إتقبض عليا فيه و كارنية الشبكة , و المحامي قال لي : حط في بطنك بطيخة صيفي .
بس للأسف ملقتش بطيخ عشان الدنيا كانت بتشتي !!
و في معسكر السلام في طالب نادي علي إسمي من الطلاب اللي معانا , و قال لي إن في واحد قال لوكيل النيابة : عايزينك تظبط الواد اللي إسمه أحمد جمال زيادة !!
فعرفت وقتها إني مش خارج , و الله أعلم مين بقي اللي وصا عليا و ليه ؟!!
تكية مبارك رجعت تاني و أسوأ من الأول ..
لما يعتقلوني و أنا في شغلي , و يعدي سنة حبس إحتياطي و لسه ما إتحاكمتش علي الحاجة اللي معملتهاش ( حرق كلية تجارة ) اللي معرفش شكلها أصلا !!
و في أول جلسه بعد سنة القاضي يتنحي , و أستني المحاكمة من جديد !!
و لما كل الأدله تثبت إني برئ ( الكاميرا - الكارنية - التصريح - مدير الشبكة - زملائي المصورين ) بس برضه لسه محبوس 366 يوم , و السنة في حساب السجن 9 أشهر , يعني تقريبا سنة و نصف !!!
و لما كل ما نروح مكان نتضرب و نتهان و معانا بنات في القضية في قسم تاني , طول اليوم العساكر بتضرب فينا و هما نفسهم مش فاهمين بيضربونا ليه ؟!!
و في معسكر السلام نفس القصة .. و في سجن أبو زعبل تأديب و حبس إنفرادي .. و يدخل عليك ملثمين في الزنزانة يضربوك و يسرقوا كل إحتياجاتك , و يأخدوا اللبس الشتوي و البطاطين , و بعدها إدارة السجن تمنع دخول البطاطين !!!
و لما 14 بنت يبقوا متهمين بحرق كلية تجارة بنين , مع أن البنات مبيدخلوش أزهر بنين , و يتحالوا جنايات بعد الجنح و لسه مخدوش بالهم من الغلطة الفضيحة !!!
يبقي أكيد تكية مبارك رجعت تاني و أكيد مفيش دولة !!!
يعني إيه لما المحاميين يفقدوا الأمل في القانون و القضاء و النيابة و ينتظروا عفو رئاسي ؟!!
عفو رئاسي ؟!!
يعني في النهاية أنا المظلوم اللي عمري بيضيع في السجن منتظر عفو رئاسي ؟!! مع إن المفروض العكس !!
المفروض كل النظام هو اللي يطلب العفو مني و من كل مظلوم علي العمر الضايع , و علي الذل اللي أهالينا شافوه , و علي ناس أمهاتهم ماتت من الحسرة علي أولادهم !!!
لو كان خروجي من السجن هيكون بعفو من ظالم , فأنا برفض الخروج و لن أطلب العفو إلا من الله .
*ملحوظة : عنوان المقال مقتبس من عنوان كتاب "سنة أولي سجن" لمصطفي أمين .
أحمد جمال زيادة .
28 12 2014 .
سجن أبو زعبل .

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – أراقب أشعة الشمس الساقطة

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – أراقب أشعة الشمس الساقطة

أراقب أشعة الشمس الساقطة على يدىّ ، و هى تهتز و تتحرك ، مقطَّعة قطاعات طولية لنفاذها من قضبان "البوكس" الذى أركبه فى طريقى لأداء أول امتحان لى.
أراقب الناس و السيارات و العالم من حولى لأول مرة منذ سنة و ثلاثة أشهر ، حيث أن هذه أول مرة أركب فيها غير عربة الترحيلات الضخمة ، و أسير فيها على الطريق وسط المارة.
أجد الحياة تسير سيرها الطبيعى ، فالناس يمشون و يمزحون و يتشاجرون ، و الأطفال ذاهبون إلى المدارس ، و المحلات تفتح و الباعة تبيع ، أتعجب أن الحياة لم تتوقف لديهم كما توقفت لدىّ ، أشاهدهم يمُرُّون بجوار العربة التى أركبها ، أرقب نظرات التعجب ، ثم الفضول ثم اللامبالاة و المُضِىّ قُدُماً.
تدخل السيارة إلى العباسية ، تملؤنى الذكريات و أنا أشاهد أماكن كنت أحفظها عن ظهر قلب و أراها يوماً بعد يوم ، نسير فى نفس الشارع الذى سرت فيه مئات المرات مع أهلى فى الطريق لزيارة جدتى ، و قبلها حين كنَّا نسكن هناك ، أمُرّ بجانب ملاعب الإدارة التعليمية بالعباسية و ألمح ملعب كرة السلة من الخارج ، فأتذكر و بقوة آخر مرة كنت فى هذا الملعب كلاعب فى منتخب القاهرة لكرة السلة ، أمُرّ بجوار الكشك المقابل للملعب فأرى نفسى واقفاً مع زملائى فى الفريق نشرب و نأكل بعد مباراة او تمرين ، تسير العربة قليلاً فأجدنى بجوار مبنى كلية هندسة عين شمس ، أحاول تجاهل مشاعر الحسرة التى تستميت لكى تملأنى ، و أنا أنظر إلى المبنى المجاور ، و أعلم أن زملائى بداخله يستعدون للامتحان ، أو خارجه يتكلمون فى انتظارهم لموعد الامتحان ، و لا يفصل بينى و بينهم سوى سور ، أعلم أنّى كان من المفترض أن أكون معهم ، بينهم ، وسطهم ، أتكلم و أراجع و أستعد ، أتخيل للحظة أنّى فعلاً فى طريقى إلى كليتى لأداء امتحانى و مقابلة زملائى ، أعانق هذا الشعور و أحاول الاحتفاظ بدفئه لحظات قليلة ، أشعر فيها أنّى طالب طبيعى ، تبطئ السيارة بجوار الباب فيخدعنى الشعور و ينسينى الحقيقة ، فأصدق للحظة أنى سأدخل من الباب ، و لكن تنعطف السيارة و تقف أمام قسم الوايلى بعد لحظات.
يفتح الباب و أنزل إلى الشارع الذى لم تطأه قدماى منذ دهر ، يدى فى كلابش مع زميل لى ، مرتدياً ملابس السجن الزرقاء ، و أمشى فى الشارع حول القسم وسط المارة ، أحاول تجاهل المحيطين بى من مخبرين و ضباط ، و أحاول تجاهل نظرات المارة الاستفهامية أو الاتهامية ، و أشعر أنى شخص طبيعى يمشى فى الشارع لدقيقة ، ثم أدخل من باب القسم ، أدخل إلى غرفة بها مكتب من المفترض أن أؤدى عليه الامتحان ، أقف مكلبشاً منتظراً موعد امتحانى ، فأجد أمى قادمة بعد دقائق مع عمتى و ابنها ، و ما إن ترانى بهذا المنظر حتى تنهار فى البكاء و تبكينى معها ، تحتضننى قليلاً و يتظاهر المحيطون من الداخلية بالتعاطف معنا ، أهدؤها ثم تنصرف و تجلس أمام نافذة الغرفة التى أؤدى بها الامتحان على الرصيف لمدة خمس ساعات بعدها لتشاهدنى و أنا أمتحن و تطمئن علىّ ، يأتى المعيد من الكلية بامتحانى ، يسلم على و يخبرنى أنى سأمتحن امتحانين ، نصف العام و ال Midterm ، فى زمن امتحان واحد ، أتوكل على الله و أبدأ فى الحل ، أجدنى أعرف جميع الأسئلة و لا مشكلة لدى سوى الوقت ، أبدأ فى الحل بأسرع شكل ممكن ، يأتى المخبرون و العساكر و أمناء الشرطة بل و الضباط كل بضع دقائق ليستعجلونى ، أخبرهم أن امتحانى مدته 3 ساعات فيكون الرد "3 ساعات ايه يابنى عايزين نروح!" "افتح أى ملزمة و انقل عشان نخلص" "ما تسيبه يغش يا دكتور"
أحاول أن أفهمهم أنى لا أحتاج أن أغش و أنى أحتاج الوقت فقط ، و أنى حتى لو احتجت أن أغش فلا يوجد طريقة لغش مسائل الرياضيات ، و أنى فى كلية عملية و لا يوجد بها شئ يسمى "انقل من الملزمة" و أنهم يضيعون وقتى المحدود أساساً ، و أن الطلبة العاديين لا يستطيعون أحياناً إنهاء الامتحان فى مدة الثلاث ساعات ، فما بالك بامتحانين مطالب بحلهما فى أقل من 3 ساعات مع أكثر من 10 أشخاص يلحُّون عليك كل دقيقتين أن تسرع ، و معيد جالس بجوارك و أمك أمام النافذة تراقبك و هى تبكى و قوة تحرسك و عسكرى واقف ينتظرك بالكلابش عندما ننتهى.
أنهيت الامتحانين بمعجزة فى 3 ساعات إلا ربع ساعة و قرروا أن وقتى قد انتهى ، كنت أنقذت ما أمكن إنقاذه ، و أخطأت فى أشياء كنت أحلها بسهولة لولا التوتر و ضيق الوقت و عدم التركيز ، لملمت أشيائى و دخلت أمى فطمأنتها أنى أديت جيداً و لم أخطئ كثيراً و سلمت عليها هى و عمتى و ابن عمتى ، ثم ارتديت كلابشى و خرجت إلى الشارع مرة أخرى ، عدت إلى السيارة و ركبت ، و انطلقت فى الطريق إلى محبسى مرة أخرى ، مررت بذكريات هذا اليوم من أوله لآخره ، ثم أدركت أنها فكرة سيئة ، فأفرغت عقلى حتى وصت للسجن و دخلت ، أجبت عن أسئلة الضباط المتتالية "غشيت كويس؟" "غششوك؟" بالنفى ، و راقبت نظرات الاستغراب ، و حمدت الله على العافية من هذا الفكر المريض ، دخلت إلى زنزانتى يصاحبنى مخبر مريض بضرب القطط طوال الطريق بعصا من الخشب ، مبرراً أنها "كائنات ملهاش لازمة" ، أمسك لسانى بصعوبة عن إخباره أنها فى الغالب أنفع منه و أقيم.
أدخل زنزانتى ، أصلى ، آكل ، أستلقى ، أنظر فى السقف ، و أنام.

محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – عن الشجرة, والفرع المُتعِبْ

محمد فوزي شاهر محمد كشك (محمد فوزي) – عن الشجرة, والفرع المُتعِبْ

"عن الشجرة, والفرع المُتعِبْ"
(1)
آخر يوم لكل معتقل خارج الأسوار يظل مُنطبعا في ذاكرته طبع الكي في اللحم. أذكره جيداً. "دكتور محمد موجود؟" لم ينتظروا إجابتها. فتشوا المنزل واختطفوني ومضوا. "خمس دقايق وهنرجعه لكم". ولم تنتهِ الدقائق الخمس إلى الآن. لا أدري كيف استطاعت أن تنزل الشارع خلفنا بهذه السرعة. لم تبكِ. لم تدمع. لمحت شفتيها تتمتم بهدوء. عرفت من خطابها الأول أنها كانت تدعو لي. وحينما أفلتت يدي بمعجزة من قبضات المخبرين الخشنة, ولوحت لها.. ابتسمت. في العَرَبة, آخر ما رأيته, قبل أن تظلم الشاشة تماما بالغمامة التي أحكمها المخبرون على عيني, كان ابتسامتها. ابتسامتها ولا شيء سواها. أمي.
كيف؟ كيف يا أمي تعاملت مع الموقف بهذه البساطة وهذا الثبات؟ وكأنك تودعين طفلك صباح أول يومٍ ذاهبا لأول مدرسةٍ تأخذه منكِ. ترتعدين لفراقه أضعاف ما يرتعد هو, لكنك ترسلين له ابتسامة طَمْأنَة, يُخبّأها مع سندوتشاته,ويسد بها جوعه للأمان إلى أن يعود لأحضانك.
الطفل دخل المدرسة بعد المدرسة يا أمي. ذاكر. نجح. صار من الأوائل ليحصد رضاك. تشاجر مع أخصائي النشاط الشرير الذي منع زملائه من ممارسة النشاط, وانتصر عليه. امتن –ومازال- للأخصائي الطيب الذي ساعده. كَبُرَ. قرأ. صادق. فارق. انساق في علاقات مراهقة سريعًا ما انتهت. دخل الكلية التي أحب. كرهها. بدأ يتعرف لِمَ تعني هذه الأحرف "و, ط, ن". ثار. تقهقرت ثورته. الجيش يحمي الشرطة, الشرطة تحمي البلطجية, الثلاثة يتعاونون لقنص الأعين وسحل الفتيات. رفاق الثورة يُمسَخون. أساتذة الكلية يشاهدون الشرطة والبلطجية يعتقلون الطلاب من معامِلِهم, ثم ماذا؟ لا شيء سوى الصمت والتعريص من الأساتذة الأفاضل. ثم ماذا؟ واجههم بحقيقتهم. أحالوه لتحقيقات. وأخيرا اعُتُقِلَ.. ومازال إلى الآن لا يسد جوعه للأمان سوى ابتسامتك المطمئنة. ينتظر زيارتك ليعُبَّ منها ما استطاع. يُخبئها من أيادي مخبري التفتيش. ينتحي ركنا من زنزانته.. يخرج ابتسامتك, ينام في أحضانها فيصحو مستعيدا ثقته في نفسه المثقلة وقدرته على مراقصة عالمه المخبول.
(2)
الجذع نما محاذيا للجدار محاولا أن يحمي باقي الشجرة. الفرع نما امتدادا أحدث عمرا للجذع, وأثقلَ حملا. أحمد, أخي, الفرع الأكبر لأبي. اعتقلوهما معاً.. بتهمة حيازة قلب, والشروع في رؤيتي مع سبق الإصرار والترصد خلال الثواني التي أعبر فيها من عربة الترحيلات إلى المحكمة.
الفرع الأصغر لم يبتعد كثيرا عن الشجرة. لم يختلف الابن عن الأب والأخ كثيرا, فهو مثلهما لم ينتمِ لأي اتجاه أو حركة أو جماعة بعينها. هو مثلهما لا تشغله السياسة كسياسة.. لم ينشغل بها إلا لأنها تدخلت بينه وبين أصدقائه: فاعتقلت, وفصلت, وطاردت.. السياسة هي التي تدخلت بينه وبينها [كيف تنظر في عيني امرأة أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟ -أمل دنقل ] فصار يرى في عينيها, في عيني أخته, في عيون صديقاته, وأحيانا في عيون فتاة عابرة لا علاقة له بها, يرى في عيونهن جميعا عجزه عن حمايتهن من الاعتقال العشوائي, أو السحل بأيدي "رجال!" الشرطة. السياسة هي التي مازالت تتدخل بينه وبين عائلته بأن اعتقلت أباه وأخاه وهو أبعد ما يكون عنهما..
لا أدري هل سيعذره أبوه بعد كل ما حدث, على انفلات لسانه المعتاد, حين يكتب في مقاله بصراحة يظنها من يظنها وقاحة: "إن النظام الحاكم لبلادنا الآن أنجس من دُبرِ كلبة"
-بابا
-نعم؟
-ما تجيب بوسة
-سيبك م الحركات دي وهات م الآخر. عايز إيه يا مُتْعِب؟
يبدو أن الابن "المُتْعِبْ" سيظل يُحَمِّلُ عائلتَه متاعباً ومتاعباً يا أبي..
(3)
حين يتعرض المرء لضغط نفسي عالٍ, تنفجر أعصابه, وتبدأ أشلاء عقله اللاواعي في اختلاق أكاذيب وتصديقها. قابلت العديد من العقلاء الناضجين وقد لاقوا ما لاقوا إلى أن صاروا يختلقون بطولات وهمية لاستجلاب إعجاب الآخر, أو مآسياً وهمية لاستجلاب تعاطفه.. ربما تكون معرفتي المسبقة بهذه الكبوة النفسية –بعد الله- هي التي حمتني من السقوط فيها.. أراجع ذاكرتي أولا بأول, وأنتزع نفسي منها انتزاعا لأحصل على نظرة خارجية لها. فأتمكن –حين أكتبها- من الاحتفاظ بشكلها الحقيقي.
لماذا كتبت مقالا بهذه الخصوصية؟ أكتبه لأصدقائي المقربين ليطمئنوا أنني مازلت أنا, ولمن يهمه أمري ولو من بعيد عسى الكلمات تريحه قليلا كما أراحتني. كتبته للقلة المندسة التي لم أنتمِ لسواها يوما, هؤلاء اللذين ينحتون بأسنانهم الجليد, ويقبضون الجمر ليمنحوا لحياتنا معنى وقيمة.
وكتبته أيضا لقاريء -ولو كان واحدا- يفتش عن الحقيقة كما هي بدون تشنجات التحزبات, وبدون حسابات المكاسب والخسائر, حقيقتنا نحن, البشر, العائلات التي منها داخل السجون من يلاقوا أضعاف ما تلاقيه عائلتي الصغيرة.

احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – لن يفلح الصراع الصفري .. لابد من صيغه ما للخروج من الازمة ..السورية

احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – لن يفلح الصراع الصفري .. لابد من صيغه ما للخروج من الازمة ..السورية

الصراع الصفري في سوريا
لن يفلح الصراع الصفري، لا بد من صيغة ما للخروج من الأزمة السورية. الوضع يزداد تعقيداً، ولن ينجح أحد، ولن يستطيع أي طرف هزيمة باقي الأطراف، وإن فاز أحد الأطراف فهناك، أيضاً، أضرار مصاحبة قد تزيد الكارثة. استغل داعش الفراغ والفوضى، واستغل انشغال النظام السوري في قتل شعبه، واستغل انشغال رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، بقمع السُنة وإقصائهم، وتمدد داعش في سورية والعراق، وأقام دولة الجهل والتخلف والقتل والذبح. وجبهة النصرة التي كانت مدعومة من السعودية وتركيا أصبحت تمثل تنظيم القاعدة وتنافس داعش في سورية. وكل التقارير توضح أن الرهان على المعارضة السورية قد يكون خاسراً، بغض النظر عن أن "الإخوان المسلمين" جزء منها. وبغض النظر عن وضعهم العقدة في المنشار دائماً، فالمعارضة السورية غير جاهزة لتولي السلطة، بغض النظر عن تفككها. وكذلك هناك تقارير صحافية وبحثية تتحدث عن معاناة قطاع كبير من السوريين المقيمين في مناطق خاضعة لسلطتها.
يزداد الوضع تعقيداً، ولو تمت هزيمة بشار الأسد، (آسف أنني أقول ذلك)، سيتمدد داعش أو جبهة النصرة أو كلاهما، لأن المعارضة السورية لن تستطيع سد الفراغ. ولو تمت هزيمة هذه المعارضة، سيتمدد داعش، أيضاً، أو جبهة النصرة أو كلاهما، وسيزداد داعش قوة، خصوصا أنه تنظيم بارع في احتلال الفراغات وسرعة إقامة دولة ونظام حكم.
وما تم طرحه في دراسات عديدة، نشرت في صحف عديدة، أخيراً، وأراه منطقيا إلى حد كبير، أنه لا حل إلا بصيغة ما، أو توافق ما، بين روسيا وإيران من جانب وبين السعودية وتركيا والولايات المتحدة من جهة أخرى، لإيجاد نظام جديد ضد داعش والنصرة، ويتم اقتسام السلطة بصيغة ما بين النظام والمعارضة، وإن كان يمكن، أيضاً، الوصول إلى صيغة لخروج الأسد من السلطة بشكل ما. أما إن استمر الصراع بين أميركا وروسيا، أو بين السعودية وإيران، فلن نصل إلى شيء، على الأقل في الوقت القريب، لن ينجح أحد في هذا الصراع الصفري.
قد ينطبق الكلام نفسه على مصر، فلن نصل إلى حل، إن استمر الصراع الصفري بين العسكر و"الإخوان". لن يستطيع العسكر وفلول حسني مبارك إفناء كل "الإخوان" أو قتلهم أو حبسهم. وفي الوقت نفسه، لن يعود محمد مرسى إلى الحكم، ولن يعود دستور 2012، ولن يترنح الانقلاب. لابد من حل وسط وصيغة ما.
تعقد الوضع بشكل كبير في سورية، لم يتوقع أحد أن تتعقد الأمور بهذا الشكل، ومع مرور الأيام، تتعقد أكثر وأكثر، إلى أن أصبح الحل شبه مستحيل. في البداية، كانت انتفاضة وثورة الشعب المتشوق للحرية والكرامة والعدالة، الشعب السوري شقيق المصري، ومصر مرتبطة دائما بالشام، والشام مرتبطة بمصر. شعب عانى من كل الكوارث، تحت حكم البعثيين وعائلة الأسد والجيش الطائفي. حكم العسكر البعثيون الذين تشدقوا بشعارات القومية العربية البراقة لخداع الشعب. شعارات براقة وجعجعة عن المقاومة والممانعة، في حين لم يطلق الأسد طلقة واحدة ضد العدو الصهيوني، شعارات العسكر والبعث التي اتخذوها ذريعة للقمع والظلم والفساد والإفساد والفقر والإفقار.
شعارات كل الأنظمة الفاسدة في سورية ومصر، من أجل السيطرة والبقاء في السلطة، وبدلاً من أن يرضخ بشار الأسد للمطالب المشروعة، قرر قتل شعبه وتدمير بلده، فالسلطة بالنسبة له أهم من بلده، بالإضافة إلى أنه ليس صاحب قرار. هناك أصحاب الفرح، بشار الأسد مجرد أداة لمن يدفع ويدعم ويسلح، صورة أو عروسة ماريونيت تحركها إيران وروسيا، ولكل منهما مشروع إمبراطوري توسعي. لكن، ليس هؤلاء وحدهم الشياطين فيما الآخرون ملائكة. هناك أطراف أخرى في المعادلة. هناك الجانب الآخر غير المتجانس الذي دخل في المعادلة، وركب على الثورة الشعبية وحولها حرباً بالوكالة، فهناك من يركب على الثورة كالعادة. هناك أميركا التي تحارب روسيا على الأرض السورية، وهناك السعودية التي تحاول وقف نفوذ إيران على الأراضي السورية، وهناك تركيا التي لها مصالح، ولها مشروع في المنطقة، وهناك "إخوان" سورية، وهناك قوى سياسية معارضة مفككة، وأهداف متضاربة، وثورة تحولت إلى مأساة، بسبب تدخلات دولية كثيرة.
أما مصر، فهي، للأسف، ليس لها دور. كانت أيام محمد مرسى تحارب بشار، وفي عهد عبدالفتاح السيسي، الآن، تدافع عنه وتدعمه. لكن، بشكل عام، ليست مصر لاعباً رئيسياً في هذه المعادلة، والوضع يزداد تعقيداً. تدعم تركيا الجيش السوري الحر، لكنها كانت تدعم جبهة النصرة من قبل، والسعودية (حكيمة العرب حسب تعبير السيسي) دعمت التنظيمات الإسلامية، إلى أن انقلب السحر على الساحر، وأصبحت تعاني، هي الأخرى، من هذه الحرب، متعددة الأطراف التي كانت ثورة مشروعة المطالب.

محتجزون بمحافظة المنوفية – من أنت؟

محتجزون بمحافظة المنوفية – من أنت؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلاَّ على الظالمين
أخي الحبيب.. هل سألت نفسك يوماً من أنت، وما نسبك؟ أخي الحبيب.. اعرف نسبك، واعتز بأصلك، واعرف وطنك وشُدَّ إليه الرحال. أخي مسلم القرن الحادي والعشرين، القابض على الجمر في زمان الفتن، أنت ابن الأمة الحيرى على مفترق الطرق، جذورك في الأرض عميقة ضاربة في أعماق التاريخ، فأنت واحد من هذا الركب الكريم المبارك، الذي يقود خطاه آدم أبو البشر وعلى رأسه محمد صلى الله عليه وسلم، وبجانبك الأنبياء والأتقياء والصالحون في كل زمان ومكان.
أخي الحبيب... هذه منزلتك فلا تُصغِّر نفسك، وهذا قدرك بين الناس فلا تستبدل به الدون. أنت غرة التاج على جبين الإنسانية، أنت الخلاصة والعصارة، أنت واحد من هذه الصفوة المختارة التي اختارها الله عز وجل لتقود خطى البشرية التائهة في رحلة السير الكبيرة إلى الله عز وجل.
أخي الحبيب... هل عرفت الآن قيمة نفسك، كل الأشياء شجرة وأنت الثمرة، كلمة وأنت المعنى، ومخيض وأنت الزبد، منشور الاختيار الرباني لك واضح الخط، لكن استخراجك ضعيف. أنت أنت من حملة لواء التوحيد في القرن الحادي والعشرين أخذت الراية ممن قبلك من الصالحلين، الذين حملوها وساروا بها في ظلمات الفتن فلم تسقط رغم الأهوال، فكن أنت الرجل وخذها بقوة وحافظ عليها حتى تسلمها لمن بعدك حتى تكون من الخلف العدول "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحمل همَّ هذا الدين من كل خلف عدوله" ولتكن من الطائفة المنصورة الظاهرة على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك.
أمَّا مكانك وعنوانك ووطنك فهو ليس هذه المدن والقرى والشوارع التي يعرفها الناس. عنوانك أخي الحبيب لم ولن يكن يوماً على هذه الأرض فعنوانك هو نفس عنوان أبيك وأمك الأول إنها الجنة، أمَّا الأرض فهي دار ممر وموطن اختبار لا تلبث أن تنتهي أيامها وتعود إلى موطنك الأصلي بيت أبيك
فحيا على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيم
بيتك الأول يصفه لك سيد البشر لما سُئل يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال: لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وملاطها المسك الأزفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا ييأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه". وفي حديث أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوماً وذكر الجنة: "ألا مشمر لها؟ هي ورب الكعبة ريحانة تهتز، ونور يتلألأ، ونهر مطرد، وزوجة لا تموت في حبور ونعيم ومقام في أبد" فقالوا نحن المشمرون لها يا رسول الله قال: "قولوا إن شاء الله".
وقال صلى الله عليه وسلم: إنَّ أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يتمخطون أمشاطهم الذهب وريحهم المسك..." هذا أخي الحبيب غيض من فيض وقليل من كثير في وصف دارك آثرت أن أذكرك بحسنها لعلك تشد العزم وتشتاق للوصول. ولكن كن على حذر فلن يعود لبيته الأول بسلام إلاَّ من أنفذ وصية خالقه "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى" وأما من خالف وتمرد فله الضلال والتيه في الدنيا والآخرة "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى".
أخي الحبيب... مسلم القرن الحادي والعشرين إنك لم تُخلق على الأرض لتأكل وتشرب وتنام كالأنعام ثم تموت موت اللئام، إنما خلقك الله عز وجل خليفة على الأرض تعبده وتقيم شرعه، أنت في مهمة رسمية من قبل الخالق اجتهد أن تنجزها على أكمل وجه واجتهد في تحصيل الزاد لرحلة العودة لبيتك الأول "لابد من سنة الغفلة ورقاد الهوى ولكن كن خفيف النوم فحراس البلد يصيحون دنا الصباح" [الفوائد لابن القيم]
أخي الحبيب... هذا هو نسبك وهذا وطنك وتلك مهمتك فإياك ثم إياك أن تنسى نسبك فتأتي بأفعال لا تليق بك "فقد رشحوك لأمر لو فطنت له... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل". ولا أن تنسى عنوانك فتضل الطريق، اسلك دائماً الطريق الواضح الموصوف واسأل الله الهداية "اهدنا الصراط المستقيم" ولا تسلك سبلاً وطرقاً مهلكة فالخطر الخطر ولا تنشغل بمن حولك من الهالكين، واصحب الكرام في رحلتك، وارج الله سفراً آمناً. ولا تنسى مهمتك وإياك أن تُسقطَ من يديك الراية ففي سبيل إعلائها ضحى أجدادك حتى وصلت إليك.
أخي الحبيب تقدم لحمل الراية وسر بها سير الأبطال حتى لا يكتب التاريخ أننا الجيل الذي خان العهد وفرط. احمل الراية حتى تسلمها لمن بعدك ولا تنس أن تشرح له وتوصيه وتنقل له الأمانة. أخي الحبيب مسلم القرن الحادي والعشرين سيكتب التاريخ عن هذا الجيل الفريد الذي وقف أمام الظلم بصدر عار يدافع عن دينه لم ترهبه الدبابات ولم توقفه السجون وما زالوا ماضين لا يأبهون بهذا الباطل الزائف. حق لهذا الجيل أن يباهي الله عز وجل به أهل الأرض والسماء.
أخي الحبيب "قد عرفت أين المنزل فاحدوا لها تسير " [الفوائد] وكن كسلمة بن الأكوع الذي كان يقول: "فتذكرت الجنة فشددت".

احمد جمال عبد الحميد زياده (احمد جمال زياده) – أتممت ٦٠ يوماً داخل سجن أبو زعبل

احمد جمال عبد الحميد زياده (احمد جمال زياده) – أتممت ٦٠ يوماً داخل سجن أبو زعبل

أتممت ٦٠ يوماً داخل سجن أبو زعبل، بعد أن تم تعذيبنا الجسدي والنفسي داخل قسم ثاني مدينة نصر، وبعد أن تم تعذيبنا مجدداً في معسكر السلام والنوم علي البلاط داخل المعسكر لمدة ٤ أيام وبعد تلفيق الأحراز لنا أمام أعيننا ومن يعترض يتم تعذيبه، بعد كل هذا وضعونا في سجن أبو زعبل.
لم نستلم سوي عدد ٢ بطانية واحدة نفرشها علي البلاط والأخري ندفيء نفسنا فيها محاولين إقناع أنفسنا بأننا نشعر بالدفء !! – الطعام عبارة عن عدد ٢ رغيف عيش وقطعة حلاوة وأرز طوال اليوم وممنوع دخول المخبوزات والمعلبات التي تأتي في زيارة الأهالي كل ٨ أيام.
عندما تأتي أهالينا لزيارتنا ينتظروا خارج أسوار السجن لأكثر من ٨ ساعات حتي يرونا لمدة ٥ دقائق فقط !!
المخبرون يقرأون أي رسالة تم إرسالها لنا من أقاربنا وأصدقائنا لا أعرف السبب !! وعند تفتيش الطعام الذي جاء في الزيارة يأكل المخبرين نصف الطعام وينهشونه ككلاب مسعورة لم تري الطعام منذ فترة !! والمياه تقطع فترات طويلة جداً.
60 يوماً ولم يتم فتح الزنازين لنا حتي نتريض كما يسمح لنا القانون !! لا تفتح الزنزانة إلا عند استلام الطعام وعندما يشعر أحد من الضباط بالملل فيدخل الزنزانة ويأمرنا بأن نتجرد من ملابسنا بدعوي التفتيش ويأخذون كل الملابس الشتوية التي يمكننا الاحتماء فيها من برد الشتاء القاسي.
وفجأة في يوم ١٦-٢٠١٤ تم فتح الزنازين لمدة معقولة..وبعدها جائنا شخص أعتقد أنه ذو منصب كبير في الداخلية وسألنا عن احتياجاتنا فقلنا له لا نملك سوي ٢ بطانية.. فأمر بإحضار البطاطين !! فاستجابوا..وإحضار الملابس فاستجابوا،في نفس اليوم ولأول مرة يسألنا الأطباء حد تعبان؟! مع العلم أني كتبت من قبل عن حالة وفاة بسبب الإهمال..فالمريض يتوجع لمدة ٦ ساعات وأكثر ونحن نصرخ ونستغيث والمخبر يأمرنا يالسكوت لأننا أولاد عاهرة علي حد قوله فإذا بروح المعتقل تصعد إلي السماء ويأتي المسعفون بعد موته بساعة !!
سألت الطبيب : إيه الاهتمام المفاجيء ده يا دكتور؟! أجاب : يومين بالظبط وكل حاجة هترجع زي الأول سألت : ليه؟! أجاب : أصل. زيارة مفاجأة لحقوق الإنسان بكرة !! أنا : مفاجأة !! وانتو اتفاجئتوا وفي نفس الوقت عارفين ؟!
في نفس اليوم لم تقطع المياه طوال اليوم !! .. الطعام بدا طعاماً يمكن تناوله أي طعام للبني آدمين بعد أن كانت الحيوانات لا تستطيع أن تأكله من رائحته العفنة !!
الزيارة في يومي ١٦ و ١٧ أصبحت نصف ساعة بعد أن كانت ٤ دقائق !!
ياللعجب !! إنهم يخشون حقوق الإنسان ولا يخشون الله !! يحترمون الرأي العالمي أكثر مما يحترمون الإنسانية !!
أشعر الآن أني في أجواء انتخابية فلولية.. فبالتأكيد بعد انتهاء الزيارة شيعود كل شيء كما كان..الإهانة والتعذيب النفسي والتجريد من الملابس وبالتأكيد سيسحبون البطاطين لأنها ثمينة ولا نستحقها وسيقطعون المياه االغير صالحة أصلاً للشرب وسيزورنا أهالينا لمدة ٤ دقائق كل ٨ أيام أو أكثر..ولن يسألنا الطبيب عن صحتنا !! سيعود كل شيء أسوأ مما كان.. أما نحن شباب الثورة المعتقلين فسنعود أيضاً لنشعل الثورة التي يحاولون إجهاضها..لن نهدأ حتي تنتصر الثورة علي السفاحين والفاسدين..سنعود لننتصر أو نموت داخل المعتقلات..لا يهم أن نموت طالما نسير علي الحق !!
* ملحوظة : أشرقت شمس يوم ٢٣-٢ ولم تأتي حقوق الإنسان حتي الآن..واضح أنها كانت تريد زيارة رئيس المباحث ومأمور السجن ليطمئنوا علي أحوالهما وليتأكدوا أننا لا نعذب المأمور ورئيس المباحث..فيهم الخير والله!"

هاني منصور – هذا شعوري

هاني منصور – هذا شعوري

هذا شعوري ..؟؟
كلما أمسكت القلم لأكتب تتزاحم لدي الأفكار ولكن هذه الأبيات ملكت علي كياني وكانت تعبيرا صادقاً وواقعياً لكل ما أردت كتابته
ضع فى يدي القيد ألهب أضلعي ***** بالسوط ضع عنقي على السكين
لن تستطيع حصار فكري ساعة ***** أو تنزع ايماني ونور يقيني
فالنور في قلبي وقلبي بين يدي ***** ربي وربي ناصري ومعيني
سأعيش معتصماً بحبل عقيدتي **** وأموت مبتسماً ليحيا ديني
صبراً أخي في محنتي وعقيدتي ***** لا بد بعد الصبر من تمكين
ولنا بيوسف أسوة فى صبره ******** فقد ارتمي فى السجن بضع سنين
هون عليك الأمر لا تعبأ به ******** إن الصعاب تهون بالتهوين
أمس مضى واليوم يحلو بالرضا ****** وغداً ببطن الغيب شبه جنين
أؤكد منذ اختطافي من المطار حتى الآن لا أعلم ما تهمتي التى حبست من أجلها ولكن أقول للظالمين وأعوانهم :
ما ظنكم برجل استوت لديه البراءة من الاعدام عن يقين ؟؟
من داخل سجون الظالمين
‫#‏مكملين_لرب_ودين‬
‫#‏هتفرج_باذن_الاله‬
أخوكم / هاني منصور

احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – لا تلوموا لا مبارك ولا الرشيدي

احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – لا تلوموا لا مبارك ولا الرشيدي

لماذا تلوموا القاضي الرشيدي.. قاضي ما يسمى بمحاكمة القرن، القاضي أمامه ورق ويحكم من خلال ورق وأدلة واثباتات، ماذا يفعل إذا كانت النيابة لم تقدم دلائل كافية وماذا يفعل إذا لم تتعاون المخابرات بالشكل الكافي؟ وماذا يفعل إذا كانت الكثير من الأدلة والاحراز إختفت بمنتهى البساطة، اختفت في محاكمة القرن وليس في سوق الجمعة .. بمنتهى الخفة والرشاقة وبدون أي دوشة، ماذا يفعل القاضي الرشيدي إذا كانت الشرطة قامت بتهديد بعض أهالي الشهداء للتنازل .. وقد حدث فعلاً وتنازل بعضهم عن الدعوى للأسف.
أما عن أخذه بتحريات الداخلية وطلبه للسجلات والمراسلات الداخلية من وزارة الداخلية نفسها .. فلإن القاضي الرشيدي مستقل بزيادة، وعلى نياته شويتين وكان يثق لامؤاخذه ان المجرم سيقدم الدليل ضد نفسه، وان الداخلية ستقدم الأدلة والدفاتر التي تدينها .. أصلها داخلية طيبة ولطيفة، أما عن تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلت أيام المجلس العسكري ثم أيام مرسي وعن إختفاء أو تجاهل تلك التقارير التي تدين مبارك ونظامه ، ورغم أن تلك التقارير أعدها أيضاً جهات ولجان قضائية مستقلة، ولكن اللي فات مات .. والمسامح كريم.
ولا تلوموا القاضي الرشيدي .. فهو عبد المأمور كالعادة ومستقل بزيادة.. بل ولا تلوموا مبارك والعادلي وحسن عبد الرحمن ولا حتى باقي العصابة ، ولا المجلس العسكري المتواطئ منذ البداية .
اللوم إن كان يجب أن يوجه لأحد فيجب وقتها أن يتم توجيهه لمن ساعد في براءة مبارك رغم انه كان محسوب على الثورة في يوم من الأيام وقام بخداع الجميع أو تحول لزومبي، نعم فالطبيعي جداً ان يقوم مبارك بالدفاع عن نفسه بكل السبل والطبيعي جداً أن يدافع حبيب العادلي وحسن عبد الرحمن والشاعر وكل العصابة ويظهروا بهذا الشكل الملائكي الذي ظهروا به ، وطبيعي جدا ان يقوموا بتشويه ثورة يناير ومن قاموا بها.. كل ذلك طبيعي ومتوقع، بل الطبيعي ايضا ان تقوم المخابرات العامة والحربية والداخلية وأمن الدولة بحجب المعلومات،و طبيعي ان تقوم النيابة بتجاهل الادلة والخطأ في توصيف التهم، وطبيعي ألا يشدد السيسي على ضرورة المحاكمة العادلة وألا يشكل لجان قضائية مستقلة، فالسيسي جزء من نظام مبارك وتم تعيينه كمدير للمخابرات الحربية في عهد مبارك ولذلك يشارك في استكمال التمثيلية.
لا تلوموا هؤلاء .. فطبيعي أن يبذلوا كل المجهودات الغير مشروعة لحماية أنفسهم ونظامهم وسلطانهم وثرواتهم التي سرقوها من قوت الشعب، ولكن ما كان غير طبيعي وغير متوقع للأسف هو ظاهرة “الأمنجية المتثورجين” أو “الزومبي المتحولون”، فمثلاً ما هي مبررات ابراهيم عيسى الذي شهد شهادة زور أنه لم يكن هناك شرطة ولم يكن هناك خرطوش أو قتل رغم انه شاهد ذلك بعينه عندما كان وسطنا وبجوارنا يومي 25 و 28 يناير وشهد بالشهادة الحقيقية في البداية وغيرها تماما في آخر القضية، ما مبرر يوسف الحسيني في تطبيله للسيسي وهجومة على شباب الثورة الذين خدعوا فيه؟ ما مبرر حسام عيسى الذي قال يوما الخرطوش بيسلع مش بيقتل وإن كان قال هذا في حوادث قتل تمت منذ عام، ما مبرر من كانوا محسوبين على الثورة ثم دافعوا عن مواد المحاكمات العسكرية في الدستور أو دافعوا عن قانون التظاهر؟ ، ما مبرر ذلك المراهق الذي منذ رحيل مبارك وحتى اليوم وهو “يهرتل” ويشوه ويسب ويتحدث عن خيانة وعمالة أحمد ماهر وسفرياته المشبوهة وهري هري هري.. وكيف انه “ذلك المراهق المتسلق” رفض السفريات المشبوهة والديكتاتورية الداخلية فقام بإنشاء واحة الديمقراطية في مصر.
وجميعنا يعلم ان ذلك المراهق النذل كان ضمن لجنة الشباب بحملة السيسي ولايزال ينتظر باقي ثمن التشويه والتخوين والكذب والافتراء في مجلس النواب المقبل.
للأسف الشديد فإن كل من برر للقمع أو لعودة حكم العسكر بعد 3 يوليو هو شريك في براءة حسني مبارك، وكل من اندس وسط الثوار “بتكليف من جهات أمنية أو سيادية” ثم ساهم في تشويه أو تخوين بعض شباب الثورة أو اتهم بعض من كان له دور في 25 يناير بالخيانة والعمالة والسفريات المشبوهة لهو شريك رئيسي ومساهم في حكم البراءة سواء عن قصد أو بناء على تكليف أو تصفية للحسابات.
ليس هذا فقط .. الاهم من كل هذا .. ما مبرر الأخوان “الجماعة الاكبر والاكثر تنظيما وخبرة سياسية” عندما تحالفوا مع المجلس العسكري والسلفيين وغدروا بكل شركاء الثورة ابتداء من جلسات عمر سليمان مرورا باستفتاء مارس 2011 و الهرولة تجاه انتخابات مجلس شعب بدون ضوابط أو خارطة طريق.. ثم الهرولة والطمع في انتخابات رئاسية وهم ليسوا مجهزين لا للحكم او لمواجهة الجميع.. ثم فترة حكم كان من الممكن ان تشهد العديد من الاجراءات تفضح الحقيقة وتحفظ ادلة الادانة .. للأسف هناك شركاء كثيرون في حكم البراءة.

close

Subscribe to our newsletter