يوم الثلاثاء ٢٦ أغسطس، تزامنا مع مرور أسبوع على إضرابي عن الطعام، وبينما – كما اتضح فيما بعد – كان والدي يقضى ساعاته الأخيرة في دنيانا، قرأت في الصحف عن زيارة للنائب العام قام بها رؤساء وقيادات الأحزاب المدنية المولودة – نظريًا – من رحم الثورة، للنقاش حول قضايا اعتقال الشباب وقانون التظاهر، خصوصًا بعد زيادة أعداد المعتقلين من أعضاء تلك الأحزاب. وفقًا لجريدة «المصري اليوم» لا يبدو أن هذا اللقاء توصل إلى شيء، لكن شد انتباهي كلام منسوب للنائب العام فيما معناه أن قضيتي، “مظاهرة مجلس الشورى”، مختلفة عن غيرها من قضايا قانون التظاهر – “مظاهرة الاتحادية” مثلًا – نظرًا لأننا محكوم علينا ولسنا محبوسين احتياطيا. وهذا كلام مخالف تماما للحقيقة؛ فالحكم علينا كان حكمًا غيابيا، و – بغض النظر عن مهزلة الحكم غيابيًا على متهمين حاضرين – الحكم الغيابي يسقط تمامًا ولا يُعتد به بمجرد أن يقدم المتهمون طلب إعادة إجراءات، وهو ما قمنا به في نفس يوم الحكم. أي أن وضعنا القانوني يتطابق تمامًا مع وضع كل المحبوسين احتياطيا على ذمة محكمة، وبالفعل نرتدي الملابس البيضاء، ونعامل معاملة المحبوسين احتياطيًا. ولا يمكن تصور أن سيادة النائب العام لا يعرف معلومات أساسية كهذه (بعكس السادة قيادات الأحزاب الذين فاتهم أن يصطحبوا معهم محامين حقوقيين قادرين على توضيح مثل تلك المغالطات والرد عليها). لم تكن زلة لسان، وإنما كانت – فيما يبدو – مراوغة للإدعاء بأن النيابة العامة لا تملك أن تقدم أي حلول. ولا يمكنني تفسير ذلك إلا بالتهرب من المسؤولية. فالنيابة ربما لا تملك التأثير على القاضي وقراره، ولكن ممثلها في المحكمة يمكنه بالتأكيد طلب إخلاء سبيل المتهمين المحبوسين، وسيكون لهذا الطلب وزن معنوي كبير يضاف لطلبات هيئة الدفاع عنا. طلب إخلاء سبيلنا هو أضعف الإيمان، وأقل ما يمكن للنيابة أن تقدمه في قضيتنا (وباقي القضايا المشابهة). ويمكنها أيضًا – بل واجب عليها – تصحيح الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها في القضية، وبعضها يرقى لجرائم. فمثلا: ١. يمكن للنائب العام الاعتراف بأن القضية أُحيلت على عجالة بدون استكمال التحقيقات ويطلب ردها للنيابة لاستكمالها. ٢. ويمكن للنيابة طلب سحب الأحراز التي صودرت من بيتي بالمخالفة للقانون وبدون إذن تفتيش (بهذا يتفادى سيادة النائب العام التورط في جريمة التستر على سرقة). ٣. كما يمكن للنيابة طلب إضافة أقوال منظمي المظاهرة، وباقي المشاركين فيها الذين اعترفوا على أنفسهم أمامها، بل ويمكنها طلب إضافتهم كمتهمين معنا إن كانت مصرة أن مجرد تنظيم المظاهرة أو المشاركة فيها جريمة. ٤. كما يمكن للنيابة أن تتخلى، مرة، عن انحيازها الفج – إن لم يكن تبعيتها – لوزارة الداخلية، وأن تحقق في الاتهامات الموجهة ضد المقدم عماد طاحون بالتحرش وهتك العرض و التنكيل واستخدام البلطجية أثناء فض المظاهرة، وتسرع بحبسه احتياطيًا وإحالته للمحاكمة. أي يمكنها أن تعامله مثلما تعاملت معنا وتتعامل مع بلاغاتنا الموثقة بشهود وبكاميرات كما تعاملت مع بلاغه الملفق ضدنا. يغالط النائب العام حين يدعي أن القانون لا يسمح له بالتدخل في قضايانا وأنه لا يملك حلول، بالعكس: القانون والعدالة والدستور واستقلال القضاء، كل هذا يحتم عليه التدخل لتصحيح ما تسبب سيادته فيه. لكنه غالبا لم يكذب حين صرح لقيادات سياسية بعدم قدرته على التدخل، فقط تجاهل أن يوضح أن أسباب عدم القدرة أسباب سياسية. طبعًا يمكنه أن ينتصر لاستقلال القضاء ويتجاهل الأسباب السياسية، كما يمكنه تقديم استقالة مسببة يفضح فيها هذه الأسباب. يمكنه ويمكنه ويمكنه، لكنه لن يفعل. فمن يتمسك بعمل كل ما يمكن عمله انتصارا للعدالة لا يصل لأرفع المناصب، وإنما يموت وأبناؤه في السجون. جدير بالذكر أن والدي تقدم من شهور ببلاغ ضد سيادة النائب العام بخصوص كل مخالفات النيابة في قضية مجلس الشورى، لكن البلاغات ضد من يمكنهم إرساء العدل بقرار لا يتم التحقيق فيها إلا بإذن من المجلس الأعلى للقضاء. ولم أسمع أن أحداً نجح في انتزاع تحقيق ولو مرة في تاريخ بلادنا. ونلتقي في الجلسة القادمة، يوم ١٠ سبتمبر، والمتزامنة مع بداية الأسبوع الرابع لإضرابي عن الطعام والأسبوع الثالث لإضراب زميلي، نوبي.
رسائل جدران العزلة
علاء احمد سيف الاسلام عبد الفتاح حمد (علاء عبد الفتاح) – لما تقابل سيادته ابقي خد معاك محامي
يوم الثلاثاء ٢٦ أغسطس، تزامنا مع مرور أسبوع على إضرابي عن الطعام، وبينما – كما اتضح فيما بعد – كان والدي يقضى ساعاته الأخيرة في دنيانا، قرأت في الصحف عن زيارة للنائب العام قام بها رؤساء وقيادات الأحزاب المدنية المولودة – نظريًا – من رحم الثورة، للنقاش حول قضايا اعتقال الشباب وقانون التظاهر، خصوصًا بعد زيادة أعداد المعتقلين من أعضاء تلك الأحزاب. وفقًا لجريدة «المصري اليوم» لا يبدو أن هذا اللقاء توصل إلى شيء، لكن شد انتباهي كلام منسوب للنائب العام فيما معناه أن قضيتي، “مظاهرة مجلس الشورى”، مختلفة عن غيرها من قضايا قانون التظاهر – “مظاهرة الاتحادية” مثلًا – نظرًا لأننا محكوم علينا ولسنا محبوسين احتياطيا.
وهذا كلام مخالف تماما للحقيقة؛ فالحكم علينا كان حكمًا غيابيا، و – بغض النظر عن مهزلة الحكم غيابيًا على متهمين حاضرين – الحكم الغيابي يسقط تمامًا ولا يُعتد به بمجرد أن يقدم المتهمون طلب إعادة إجراءات، وهو ما قمنا به في نفس يوم الحكم. أي أن وضعنا القانوني يتطابق تمامًا مع وضع كل المحبوسين احتياطيا على ذمة محكمة، وبالفعل نرتدي الملابس البيضاء، ونعامل معاملة المحبوسين احتياطيًا. ولا يمكن تصور أن سيادة النائب العام لا يعرف معلومات أساسية كهذه (بعكس السادة قيادات الأحزاب الذين فاتهم أن يصطحبوا معهم محامين حقوقيين قادرين على توضيح مثل تلك المغالطات والرد عليها).
لم تكن زلة لسان، وإنما كانت – فيما يبدو – مراوغة للإدعاء بأن النيابة العامة لا تملك أن تقدم أي حلول. ولا يمكنني تفسير ذلك إلا بالتهرب من المسؤولية. فالنيابة ربما لا تملك التأثير على القاضي وقراره، ولكن ممثلها في المحكمة يمكنه بالتأكيد طلب إخلاء سبيل المتهمين المحبوسين، وسيكون لهذا الطلب وزن معنوي كبير يضاف لطلبات هيئة الدفاع عنا.
طلب إخلاء سبيلنا هو أضعف الإيمان، وأقل ما يمكن للنيابة أن تقدمه في قضيتنا (وباقي القضايا المشابهة). ويمكنها أيضًا – بل واجب عليها – تصحيح الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها في القضية، وبعضها يرقى لجرائم. فمثلا:
١. يمكن للنائب العام الاعتراف بأن القضية أُحيلت على عجالة بدون استكمال التحقيقات ويطلب ردها للنيابة لاستكمالها.
٢. ويمكن للنيابة طلب سحب الأحراز التي صودرت من بيتي بالمخالفة للقانون وبدون إذن تفتيش (بهذا يتفادى سيادة النائب العام التورط في جريمة التستر على سرقة).
٣. كما يمكن للنيابة طلب إضافة أقوال منظمي المظاهرة، وباقي المشاركين فيها الذين اعترفوا على أنفسهم أمامها، بل ويمكنها طلب إضافتهم كمتهمين معنا إن كانت مصرة أن مجرد تنظيم المظاهرة أو المشاركة فيها جريمة.
٤. كما يمكن للنيابة أن تتخلى، مرة، عن انحيازها الفج – إن لم يكن تبعيتها – لوزارة الداخلية، وأن تحقق في الاتهامات الموجهة ضد المقدم عماد طاحون بالتحرش وهتك العرض و التنكيل واستخدام البلطجية أثناء فض المظاهرة، وتسرع بحبسه احتياطيًا وإحالته للمحاكمة. أي يمكنها أن تعامله مثلما تعاملت معنا وتتعامل مع بلاغاتنا الموثقة بشهود وبكاميرات كما تعاملت مع بلاغه الملفق ضدنا.
يغالط النائب العام حين يدعي أن القانون لا يسمح له بالتدخل في قضايانا وأنه لا يملك حلول، بالعكس: القانون والعدالة والدستور واستقلال القضاء، كل هذا يحتم عليه التدخل لتصحيح ما تسبب سيادته فيه. لكنه غالبا لم يكذب حين صرح لقيادات سياسية بعدم قدرته على التدخل، فقط تجاهل أن يوضح أن أسباب عدم القدرة أسباب سياسية. طبعًا يمكنه أن ينتصر لاستقلال القضاء ويتجاهل الأسباب السياسية، كما يمكنه تقديم استقالة مسببة يفضح فيها هذه الأسباب.
يمكنه ويمكنه ويمكنه، لكنه لن يفعل. فمن يتمسك بعمل كل ما يمكن عمله انتصارا للعدالة لا يصل لأرفع المناصب، وإنما يموت وأبناؤه في السجون. جدير بالذكر أن والدي تقدم من شهور ببلاغ ضد سيادة النائب العام بخصوص كل مخالفات النيابة في قضية مجلس الشورى، لكن البلاغات ضد من يمكنهم إرساء العدل بقرار لا يتم التحقيق فيها إلا بإذن من المجلس الأعلى للقضاء. ولم أسمع أن أحداً نجح في انتزاع تحقيق ولو مرة في تاريخ بلادنا.
ونلتقي في الجلسة القادمة، يوم ١٠ سبتمبر، والمتزامنة مع بداية الأسبوع الرابع لإضرابي عن الطعام والأسبوع الثالث لإضراب زميلي، نوبي.
حمدي طه احمد غويل (حمدي طه) – في صورة من صور جنون الانقلاب وتخبطه
في صورة من صور جنون الانقلاب وتخبطه بالجمع بين الاب المعتقل وابنه في سجون الظالمين قد وصل ابني عبد الرحمن 19 سنة من بين 16 حرا اخرين بعد 19 يوما من القبض عليهم من البيوت واتهامهم ب 15 تهمة ملفقة باكلاشيه معلوم مسبقا بزعم حرقهم سيارة شرطة تسببت في اشعال النار بمحل سيجال وباقي العمارة مما يؤكد فشل الانقلابيين في التعرف على الفاعلين
يأتي ذلك بعد قضاء 10 اشهر دون جريرة او دليل واحد على تواجدي في محاظة اسوان في الوقت الذي قامت فيه شرطة الانقلاب في أسوان بقتل 3 مواطنين أبرياء يوم فض رابعه لوجودي بالقاهرة ساعتها وبعد مرور شهر رمضان وعيد الفطر المبارك في المعتقل وبدلا من قضائهم بين اولادي يرسل الانقلابيون ابني إلي في السجن .
إلا انني وابني وبقية المعتقلين صابرون وواثقون في نصر الله في هذا المعسكر الايماني الذي شاء الله له ان يكون , مجددين النية لله سبحانه وتعالى مكثرين من الدعاء على الظالمين في دولة اللاحرية واللاكرامة وها نحن في عبادة انتظار الفرج الذي نراه قريبا جدا
وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون
حمدي طه أحمد
سجن قنا العمومي
زنزانة 11
علاء احمد سيف الاسلام عبد الفتاح حمد (علاء عبد الفتاح) – يوميات داخل قفص زجاجي
من المتوقع بديهيًا أن تنتفي معايير العدالة عن إجراءات محاكمتنا واحتجازنا كمعتقلين سياسيين، فنحن كما أكد رئيس الوزراء السابق – لسنا في سويسرا، و”الحداية ما بتحدفش كتاكيت”. رغم هذا، لم يتوقع أحد تكثيف الانتهاكات والمخالفات بهذا القدر في قضية واحدة، خاصة وهي في النهاية ليست قضية محورية في صراعات السلطة؛ فنحن لسنا – مثلًا – في مكتب الإرشاد. مع ذلك كان انعدام المنطق – قبل العدالة – سمة رئيسية في كل خطوات القضية، من تطبيق قانون التظاهر بأثر رجعي على وقفة أُعلن عنها قبل صدور القانون بأيام، إلى فض الوقفة باستخدام بلطجية ومخبرين بزي مدني رغم نص القانون صراحة على ألا يتم التعامل مع المظاهرات إلا بقوات شرطية بزيها الميري منعًا لأي لبس، ناهيك عن مرور قوات الأمن بخطوات التدرج الست لفض التظاهرات كاملة في مدة لا تتجاوز الدقائق الأربعة.
ورغم أن قانون التظاهر صُمِّم خصيصًا لحبس أمثالنا، فقد تمسكت النيابة بحقها في استخدام قانون التجمهر الذي أصدره الاحتلال البريطاني في ١٩١٤، وهكذا يكون قرار حبسنا صدر وفقا لقانونين – غير دستوريين – يفصل بينهما قرن كامل وحفنة ثورات وانتفاضات وأنظمة حكم.
ولا أعلم أيهما أكثر عبثًا، أن يتهمنا ضابط المباحث المشرف على فض (أو قمع) الوقفة بالقوة بسرقته بالإكراه، رغم أن العالم كله شاهد فيديوهات له أثناء مباشرة سحل وضرب المتظاهرين والمتظاهرات وهتك أعراضهم، أهذا أكثر عبثًا أم إصراره على أن واقعة السرقة حدثت بعد فض المظاهرة بساعة ونصف، وقت كان المتهمون أصلًا محتجزين في فناء مجلس الشورى وعربات الترحيلات. ينتمي سيادة المقدم لعائلة شرطية عريقة موزعة على مناصب قيادية بمختلف قطاعات الوزارة.
ولنتحرك بعيداً عن تفاصيل يوم تظاهرة الشورى الشهيرة وننتقل لملابسات الاحتجاز. أصدرت النيابة أمر ضبط وإحضار بحقي أنا وأحمد ماهر رغم تواجدنا أمام قسم شرطة القاهرة الجديدة أثناء استجواب باقي المتهمين. ليلتها – عندما تواترت أنباء عن ورود اسمينا في محضر التحريات – أخطرنا النيابة باستعدادنا للمثول أمامها. رفضت النيابة الاستماع لأقوالنا ثم أصدرت أمرًا بضبطنا وإحضارنا. أخذنا قرارا بتسليم أنفسنا والمثول أمامها وحددنا الموعد وأخطرناها، ورغم ذلك اقتحمت كتيبة كاملة من القوات الخاصة بيتي، وألقت القبض علىّ بعد الاعتداء علىّ وعلى زوجتي بالضرب وبعد ترويع كل سكان شارعنا. وأصرت قوة الضبط الباسلة على مصادرة أجهزة الاتصالات من المنزل – رغم عدم حيازتها إذن تفتيش. لم يفاجئني بعد ذلك قبول النيابة والمحكمة تحريز أحراز صودرت بشكل غير قانوني، لكن ما استغربته كان غياب هاتفي المحمول من هذه الأحراز. لكن يكفي فخرًا أن البيه الصغير ابن سعادة الباشا بتاع المباحث أو القوات الخاصة مستمتع باللعب به!!
طبعًا غالبًا لو اتهمناهم بسرقة حرز سيأتي الحكم بالبراءة “لإن ما فيش أحراز أصلًا” لعدم وجود إذن تفتيش. ولن أطيل عليكم بحكي – بمناسبة الأحراز – ما سمعت من حوارات عن أنواع المخدرات المفضلة لقوات التأمين أثناء احتجازي بمديرية أمن القاهرة، فقد كنت معصوب العينين غارقا في دمائي وبالتالي فشهادتي مجروحة!!
أخلت محكمة الاستئناف سبيل زملائي في القضية فصححت النيابة الخلل أولا بحرماني من فرصة الطعن على قرار الحبس لمدة أسبوع، ثم بإحالة القضية دون استكمال التحقيقات. وهكذا بقى ملف قضيتي في برزخ – عالقاً – لمدة أربعة أشهر استمر فيهم حبسي. في هذه الأثناء قررت جهة ما تجاهل كل من اعترف بتنظيم المـظاهرة أو المشاركة فيها، بل وأُخلى سبيل أغلبهم بدون التحقيق معهم أصلاً. ثم تقدمت مجموعة من الناشطات ببلاغات ضد أنفسهن واعترفن بتنظيم الوقفة والدعوة لها، ومع ذلك قررت النيابة أن مؤسِسات حملة «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين» غير جادات في التظاهر نصرة لمطلب حظر المحاكمات العسكرية للمدنيين في الدستور. ودفع هذا باقي المشاركين للبحث عن سبل بديلة لتسجيل اعترافاتهم مثل توثيقها في إقرارات بالشهر العقاري.. وتستمر المهزلة، فطبعًا تجاهلت النيابة بلاغاتهن – الموثقة بالفيديو – ضد ضابط المباحث إياه لإشرافه على ومشاركته في الإعتداء عليهن وتعذيبهن والتحرش بهن أيضاً.
نسينا أن نتوقف عند تفصيلة مثولنا أمام دائرة إرهاب في قضية تظاهر. المهم أننا مثلنا أمام المحكمة.
ولا يجب علينا الانشغال بمعرفة مدى عراقة أسر الأفراد المشكلين للهيئات القضائية المسئولة عن اتهامنا وحبسنا ومحاكمتنا ولا مواقع ذويهم، فحاشا لله أن نقف في وجه هذا الزحف المقدس – واحنا مش في سويسرا برضه، والمهم أننا مثلنا أمام المحكمة.
ما أقلقنا فعلا (برضه) كان وجود خصومة مباشرة بيننا وبين رئيس الدائرة، فقد تقدمنا منذ فترة ببلاغ ضده نتهمه بتزوير انتخابات ٢٠٠٥ بدائرة الدقي. القانون ينص صراحة على ضرورة أن يطمئن المتهم ودفاعه لهيئة المحكمة، وعلى ألا توجد أية خصومات بينهم. وقد جرى العرف على أن يتنحى القاضي الخصم بمجرد كشف الخصومة أو طلب الرد. ولكن رئيس دائرتنا – المنتقاه بعناية – تمسك بالقضية رغم أننا طلبنا رده. وبما أن العرف جرى بألا يحكم شامخ على شامخ حفاظاً على الزحف المقدس، فلم يُقبَل طلب رد قاضٍ في مصر منذ الحرب العالمية الثانية. ولأن الخصومة ذُكِرت صراحة كأحد أهم أسباب الرد فقد رفضت المحكمة نظريًا الطلب من الأساس، وادّعت سقوط حق الرد عني لأن الدفاع قبل بهيئة المحكمة، واستدلت على هذا القبول بفض الأحراز في الجلسة الأولي – رغم أن الدفاع رفض الفض رفضًا قاطعًا وذلك مثبت في محضر الجلسة، ورغم أن الأحراز من أدلة الثبوت لا النفي، أي أن الفض ليس اجراءً دفاعيًا في صالح المتهم أصلًا ولا يدل على اطمئنان دفاعه لهيئة المحكمة، ولن أعيد عليكم حكاية أن الاحراز مسروقة أصلًا.
أتت ذروة العبث في الحكم علينا غيابيًا بالسجن ١٥ سنة رغم حضورنا في المحكمة وقت الجلسة، ورُسخ هذا العبث في الجلسة الأخيرة بإرساء مبدأ أن المتهم الذي تواجد في القفص يوم الحكم “هاربًا” وبالتالي يعيد إجراءات المحاكمة محبوسًا – لو كان بقى في بيته وتخلف عن الحضور ما كان سيُحبس.
كل هذا العبث وتكدسه في قضية واحدة يدفعنا للإنكار أكثر من الاستنكار؛ نتصور أن ما يحدث مجرد انحراف مؤقت سببه ظرف طارىء تمر به البلاد، لحظة خارج التاريخ سيتم تصحيحها قريبًا بحكم محكمة عليا أو بعفو رئاسي أو بتعديل تشريعي أو بهبة جماهيرية. لكننا بتمسكنا بالإنكار نشارك في العبث والبعد عن المنطق، فلا شئ يحدث خارج سياق التاريخ. طالما حدث وخبرناه فلا يعقل إنكاره ولا إنكار أن له أسبابه. وكل الشواهد تدل على أن حالة الطوارئ هذه دائمة – كما هي دوماً – في بلادنا.
من منظور مؤسسات الدولة وأهل السلطة لا نمر الآن بانحراف، إنما عودة للمسار الصحيح، ولذلك لن تنصفنا المحاكم العليا.. فالدستورية يترأسها من أصدر القانون الفاسد نفسه، وسبق لها أن انتظرت عشرين عاماً للبت في عدم دستورية مواد الاعتقال الإداري في قانون الطوارئ. السجون مليئة بمن قضوا ثلاثة أرباع عقوباتهم بانتظار الجلسة الأولى لمحكمة النقض. ووهم العفو الرئاسي يفترض أن كل هذه الخروقات والانتهاكات تتم بدون إرادة سياسية مركزية، وهو ما يتنافى ليس فقط مع العقل وخبرة السنين لكن أيضاً مع ما أفصح به الرجل لكل من فاتحوه في الأمر.. لكن حقاً، انتظار العفو أو المحاكم العليا يبدو منطقيًا أكثر من انتظار الخير من البرلمان القادم، فلا قانونه ولا استمرار تأجيله ولا مواقف الأحزاب تبشر بأي شئ غير العجز والشلل. ومن باب زيادة الضمان لُغِّم الدستور بنص يجعل تعديل القوانين المعنية بالحقوق والحريات يعتمد على أغلبية شبه مستحيلة من ثلثي الأعضاء، لا تتسع قاعات المجلس أصلاً لحضورهم.. فما بالك باتفاقهم؟!
إن كنت تحملت قراءة هذا السرد الطويل ووصلت لهذه النقطة فأنت غالبًا مثلي لا تضع أملك إلا في الهبة الجماهيرية. لن أخفي تشاؤمي؛ فالشهور الثمانية التي قضيتها بين السجون والمحاكم امتلأت بفرص مواتية لتلك الهبة، ولكن لم يستجب لها سوى طلبة صغار دفعوا ثمن تمسكهم وحدهم بنذر من الحلم وكثير من الكرامة. ولا أرى أي مؤشرات لإنضمام أي قطاعات أخرى لهم دعمًا، ولا أرى أي مؤشرات لإنقطاعهم عن المحاولة غير عابئين بالثمن. لكني لن أدعّي أيضًا أن حراك الجماهير يتبع الحسابات المنطقية فقط. ليست هبة جماهيرية حقة إن لم تكن مفاجئة، ولن تكون ثورة إن لم تخرق منطق التاريخ لتغيره. ولكن يمكن أن نقول أن للهبة شروط يجب أن تسبقها وأسباب يجب الأخذ بها، وعلى رأسها أن نطرح نحن أسئلتنا، لا أن تُملى علينا، وألا نقبل بإجابات واهية تنكر واقعنا مهما كان بائسا.
لم أسرد تفاصيل العبث في قضيتي لتنشغلوا بأسئلة مثل: متى تخرج وكيف؟ اتركوا هذه الأسئلة للمعتقلين وذويهم ومحاميهم، اقترح عليكم الإنشغال بسؤال: لماذا تُتخذ كل تلك الاجراءات ضدنا؟ ما التهديد الذي نشكله ويستدعي كل هذا؟ ولماذا لا تكفي معنا الإجراءات القانونية الاعتيادية، رغم تحكم السلطة شبه المطلق في التشريع؟ وكيف يمكن أن يحدث كل هذا في دولة مؤسسات عريقة؟ ما الذي يدفع كل هذه المؤسسات والأفراد إلى المشاركة في كل هذه الانتهاكات؟ ما المصلحة؟ ولِمَ لا يشكل تعدد المؤسسات ولا تعدد الثورات ولا الدساتير عامل كبح كافٍ لمثل تلك الممارسات؟ أيمكننا إلزام الدولة باحترام قوانينها وقواعدها وإجراءاتها؟ أيمكن إصلاح المؤسسات والأفراد القائمين عليها بعد عقود من تلك الممارسات؟ وهل تزايدت وتيرة وكثافة العبث مؤخراً لدرجة تخرب فرص الإصلاح هذه؟ ما الثمن الذي سيدفعه المجتمع؟ بل ما الثمن الذي يدفعه المجتمع بالفعل نتاج تفشي انتهاك القواعد من قبل مؤسسات يُفترض أن وظيفتها ضمان الالتزام بها؟ ما ثمن تجاهل كل هذا لدرجة ألا ترمش لأحد عين حين يؤكد أحد المسئولين أن ما يحدث “عادي“ لأننا لسنا في سويسرا؟!
الأربعاء ٦ أغسطس ٢٠١٤
يوم الجلسة
علاء احمد سيف الاسلام عبد الفتاح حمد (علاء عبد الفتاح) – يوميات داخل قفص زجاجي
يوميات داخل قفص زجاجي من المتوقع بديهيًا أن تنتفي معايير العدالة عن إجراءات محاكمتنا واحتجازنا كمعتقلين سياسيين، فنحن كما أكد رئيس الوزراء السابق – لسنا في سويسرا، و”الحداية ما بتحدفش كتاكيت”. رغم هذا، لم يتوقع أحد تكثيف الانتهاكات والمخالفات بهذا القدر في قضية واحدة، خاصة وهي في النهاية ليست قضية محورية في صراعات السلطة؛ فنحن لسنا – مثلًا – في مكتب الإرشاد. مع ذلك كان انعدام المنطق – قبل العدالة – سمة رئيسية في كل خطوات القضية، من تطبيق قانون التظاهر بأثر رجعي على وقفة أُعلن عنها قبل صدور القانون بأيام، إلى فض الوقفة باستخدام بلطجية ومخبرين بزي مدني رغم نص القانون صراحة على ألا يتم التعامل مع المظاهرات إلا بقوات شرطية بزيها الميري منعًا لأي لبس، ناهيك عن مرور قوات الأمن بخطوات التدرج الست لفض التظاهرات كاملة في مدة لا تتجاوز الدقائق الأربعة. ورغم أن قانون التظاهر صُمِّم خصيصًا لحبس أمثالنا، فقد تمسكت النيابة بحقها في استخدام قانون التجمهر الذي أصدره الاحتلال البريطاني في ١٩١٤، وهكذا يكون قرار حبسنا صدر وفقا لقانونين – غير دستوريين – يفصل بينهما قرن كامل وحفنة ثورات وانتفاضات وأنظمة حكم. ولا أعلم أيهما أكثر عبثًا، أن يتهمنا ضابط المباحث المشرف على فض (أو قمع) الوقفة بالقوة بسرقته بالإكراه، رغم أن العالم كله شاهد فيديوهات له أثناء مباشرة سحل وضرب المتظاهرين والمتظاهرات وهتك أعراضهم، أهذا أكثر عبثًا أم إصراره على أن واقعة السرقة حدثت بعد فض المظاهرة بساعة ونصف، وقت كان المتهمون أصلًا محتجزين في فناء مجلس الشورى وعربات الترحيلات. ينتمي سيادة المقدم لعائلة شرطية عريقة موزعة على مناصب قيادية بمختلف قطاعات الوزارة. ولنتحرك بعيداً عن تفاصيل يوم تظاهرة الشورى الشهيرة وننتقل لملابسات الاحتجاز. أصدرت النيابة أمر ضبط وإحضار بحقي أنا وأحمد ماهر رغم تواجدنا أمام قسم شرطة القاهرة الجديدة أثناء استجواب باقي المتهمين. ليلتها – عندما تواترت أنباء عن ورود اسمينا في محضر التحريات – أخطرنا النيابة باستعدادنا للمثول أمامها. رفضت النيابة الاستماع لأقوالنا ثم أصدرت أمرًا بضبطنا وإحضارنا. أخذنا قرارا بتسليم أنفسنا والمثول أمامها وحددنا الموعد وأخطرناها، ورغم ذلك اقتحمت كتيبة كاملة من القوات الخاصة بيتي، وألقت القبض علىّ بعد الاعتداء علىّ وعلى زوجتي بالضرب وبعد ترويع كل سكان شارعنا. وأصرت قوة الضبط الباسلة على مصادرة أجهزة الاتصالات من المنزل – رغم عدم حيازتها إذن تفتيش. لم يفاجئني بعد ذلك قبول النيابة والمحكمة تحريز أحراز صودرت بشكل غير قانوني، لكن ما استغربته كان غياب هاتفي المحمول من هذه الأحراز. لكن يكفي فخرًا أن البيه الصغير ابن سعادة الباشا بتاع المباحث أو القوات الخاصة مستمتع باللعب به!! طبعًا غالبًا لو اتهمناهم بسرقة حرز سيأتي الحكم بالبراءة “لإن ما فيش أحراز أصلًا” لعدم وجود إذن تفتيش. ولن أطيل عليكم بحكي – بمناسبة الأحراز – ما سمعت من حوارات عن أنواع المخدرات المفضلة لقوات التأمين أثناء احتجازي بمديرية أمن القاهرة، فقد كنت معصوب العينين غارقا في دمائي وبالتالي فشهادتي مجروحة!! أخلت محكمة الاستئناف سبيل زملائي في القضية فصححت النيابة الخلل أولا بحرماني من فرصة الطعن على قرار الحبس لمدة أسبوع، ثم بإحالة القضية دون استكمال التحقيقات. وهكذا بقى ملف قضيتي في برزخ – عالقاً – لمدة أربعة أشهر استمر فيهم حبسي. في هذه الأثناء قررت جهة ما تجاهل كل من اعترف بتنظيم المـظاهرة أو المشاركة فيها، بل وأُخلى سبيل أغلبهم بدون التحقيق معهم أصلاً. ثم تقدمت مجموعة من الناشطات ببلاغات ضد أنفسهن واعترفن بتنظيم الوقفة والدعوة لها، ومع ذلك قررت النيابة أن مؤسِسات حملة «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين» غير جادات في التظاهر نصرة لمطلب حظر المحاكمات العسكرية للمدنيين في الدستور. ودفع هذا باقي المشاركين للبحث عن سبل بديلة لتسجيل اعترافاتهم مثل توثيقها في إقرارات بالشهر العقاري.. وتستمر المهزلة، فطبعًا تجاهلت النيابة بلاغاتهن – الموثقة بالفيديو – ضد ضابط المباحث إياه لإشرافه على ومشاركته في الإعتداء عليهن وتعذيبهن والتحرش بهن أيضاً. نسينا أن نتوقف عند تفصيلة مثولنا أمام دائرة إرهاب في قضية تظاهر. المهم أننا مثلنا أمام المحكمة. ولا يجب علينا الانشغال بمعرفة مدى عراقة أسر الأفراد المشكلين للهيئات القضائية المسئولة عن اتهامنا وحبسنا ومحاكمتنا ولا مواقع ذويهم، فحاشا لله أن نقف في وجه هذا الزحف المقدس – واحنا مش في سويسرا برضه، والمهم أننا مثلنا أمام المحكمة. ما أقلقنا فعلا (برضه) كان وجود خصومة مباشرة بيننا وبين رئيس الدائرة، فقد تقدمنا منذ فترة ببلاغ ضده نتهمه بتزوير انتخابات ٢٠٠٥ بدائرة الدقي. القانون ينص صراحة على ضرورة أن يطمئن المتهم ودفاعه لهيئة المحكمة، وعلى ألا توجد أية خصومات بينهم. وقد جرى العرف على أن يتنحى القاضي الخصم بمجرد كشف الخصومة أو طلب الرد. ولكن رئيس دائرتنا – المنتقاه بعناية – تمسك بالقضية رغم أننا طلبنا رده. وبما أن العرف جرى بألا يحكم شامخ على شامخ حفاظاً على الزحف المقدس، فلم يُقبَل طلب رد قاضٍ في مصر منذ الحرب العالمية الثانية. ولأن الخصومة ذُكِرت صراحة كأحد أهم أسباب الرد فقد رفضت المحكمة نظريًا الطلب من الأساس، وادّعت سقوط حق الرد عني لأن الدفاع قبل بهيئة المحكمة، واستدلت على هذا القبول بفض الأحراز في الجلسة الأولي – رغم أن الدفاع رفض الفض رفضًا قاطعًا وذلك مثبت في محضر الجلسة، ورغم أن الأحراز من أدلة الثبوت لا النفي، أي أن الفض ليس اجراءً دفاعيًا في صالح المتهم أصلًا ولا يدل على اطمئنان دفاعه لهيئة المحكمة، ولن أعيد عليكم حكاية أن الاحراز مسروقة أصلًا. أتت ذروة العبث في الحكم علينا غيابيًا بالسجن ١٥ سنة رغم حضورنا في المحكمة وقت الجلسة، ورُسخ هذا العبث في الجلسة الأخيرة بإرساء مبدأ أن المتهم الذي تواجد في القفص يوم الحكم “هاربًا” وبالتالي يعيد إجراءات المحاكمة محبوسًا – لو كان بقى في بيته وتخلف عن الحضور ما كان سيُحبس. كل هذا العبث وتكدسه في قضية واحدة يدفعنا للإنكار أكثر من الاستنكار؛ نتصور أن ما يحدث مجرد انحراف مؤقت سببه ظرف طارىء تمر به البلاد، لحظة خارج التاريخ سيتم تصحيحها قريبًا بحكم محكمة عليا أو بعفو رئاسي أو بتعديل تشريعي أو بهبة جماهيرية. لكننا بتمسكنا بالإنكار نشارك في العبث والبعد عن المنطق، فلا شئ يحدث خارج سياق التاريخ. طالما حدث وخبرناه فلا يعقل إنكاره ولا إنكار أن له أسبابه. وكل الشواهد تدل على أن حالة الطوارئ هذه دائمة – كما هي دوماً – في بلادنا. من منظور مؤسسات الدولة وأهل السلطة لا نمر الآن بانحراف، إنما عودة للمسار الصحيح، ولذلك لن تنصفنا المحاكم العليا.. فالدستورية يترأسها من أصدر القانون الفاسد نفسه، وسبق لها أن انتظرت عشرين عاماً للبت في عدم دستورية مواد الاعتقال الإداري في قانون الطوارئ. السجون مليئة بمن قضوا ثلاثة أرباع عقوباتهم بانتظار الجلسة الأولى لمحكمة النقض. ووهم العفو الرئاسي يفترض أن كل هذه الخروقات والانتهاكات تتم بدون إرادة سياسية مركزية، وهو ما يتنافى ليس فقط مع العقل وخبرة السنين لكن أيضاً مع ما أفصح به الرجل لكل من فاتحوه في الأمر.. لكن حقاً، انتظار العفو أو المحاكم العليا يبدو منطقيًا أكثر من انتظار الخير من البرلمان القادم، فلا قانونه ولا استمرار تأجيله ولا مواقف الأحزاب تبشر بأي شئ غير العجز والشلل. ومن باب زيادة الضمان لُغِّم الدستور بنص يجعل تعديل القوانين المعنية بالحقوق والحريات يعتمد على أغلبية شبه مستحيلة من ثلثي الأعضاء، لا تتسع قاعات المجلس أصلاً لحضورهم.. فما بالك باتفاقهم؟! إن كنت تحملت قراءة هذا السرد الطويل ووصلت لهذه النقطة فأنت غالبًا مثلي لا تضع أملك إلا في الهبة الجماهيرية. لن أخفي تشاؤمي؛ فالشهور الثمانية التي قضيتها بين السجون والمحاكم امتلأت بفرص مواتية لتلك الهبة، ولكن لم يستجب لها سوى طلبة صغار دفعوا ثمن تمسكهم وحدهم بنذر من الحلم وكثير من الكرامة. ولا أرى أي مؤشرات لإنضمام أي قطاعات أخرى لهم دعمًا، ولا أرى أي مؤشرات لإنقطاعهم عن المحاولة غير عابئين بالثمن. لكني لن أدعّي أيضًا أن حراك الجماهير يتبع الحسابات المنطقية فقط. ليست هبة جماهيرية حقة إن لم تكن مفاجئة، ولن تكون ثورة إن لم تخرق منطق التاريخ لتغيره. ولكن يمكن أن نقول أن للهبة شروط يجب أن تسبقها وأسباب يجب الأخذ بها، وعلى رأسها أن نطرح نحن أسئلتنا، لا أن تُملى علينا، وألا نقبل بإجابات واهية تنكر واقعنا مهما كان بائسا. لم أسرد تفاصيل العبث في قضيتي لتنشغلوا بأسئلة مثل: متى تخرج وكيف؟ اتركوا هذه الأسئلة للمعتقلين وذويهم ومحاميهم، اقترح عليكم الإنشغال بسؤال: لماذا تُتخذ كل تلك الاجراءات ضدنا؟ ما التهديد الذي نشكله ويستدعي كل هذا؟ ولماذا لا تكفي معنا الإجراءات القانونية الاعتيادية، رغم تحكم السلطة شبه المطلق في التشريع؟ وكيف يمكن أن يحدث كل هذا في دولة مؤسسات عريقة؟ ما الذي يدفع كل هذه المؤسسات والأفراد إلى المشاركة في كل هذه الانتهاكات؟ ما المصلحة؟ ولِمَ لا يشكل تعدد المؤسسات ولا تعدد الثورات ولا الدساتير عامل كبح كافٍ لمثل تلك الممارسات؟ أيمكننا إلزام الدولة باحترام قوانينها وقواعدها وإجراءاتها؟ أيمكن إصلاح المؤسسات والأفراد القائمين عليها بعد عقود من تلك الممارسات؟ وهل تزايدت وتيرة وكثافة العبث مؤخراً لدرجة تخرب فرص الإصلاح هذه؟ ما الثمن الذي سيدفعه المجتمع؟ بل ما الثمن الذي يدفعه المجتمع بالفعل نتاج تفشي انتهاك القواعد من قبل مؤسسات يُفترض أن وظيفتها ضمان الالتزام بها؟ ما ثمن تجاهل كل هذا لدرجة ألا ترمش لأحد عين حين يؤكد أحد المسئولين أن ما يحدث “عادي“ لأننا لسنا في سويسرا؟! الأربعاء ٦ أغسطس ٢٠١٤ يوم الجلسة
عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – الطفل اللي جوايا
اسم السجين (اسم الشهرة) : عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) النوع الاجتماعي : ذكر تاريخ تحرير...
ابراهيم احمد محمود محمد اليماني (ابراهيم اليماني) – اسمي إبراهيم اليماني، طبيب بشري
اسمي إبراهيم اليماني، طبيب بشري..
تم اعتقالي منذ 16 أغسطس 2013، وبالتحديد منذ 387 يومًا حتى الآن، وذلك على خلفية القضية المعروفة إعلاميًا باسم "أحداث مسجد الفتح"، دون أي جريمة اقترفتها، بل كانت جريمتي أني كنت أقوم بآداء واجبي كطبيب محاولًا إنقاذ الجرحى والمصابين، وذلك استجابة للاستغاثة التي وجهتها نقابة الأطباء المصرية لجموع الأطباء للقيام بدورهم، بعد أن تقاعست مؤسسات الدولة عن القيام بدورها..
بعد أن تم اعتقالي ظلمًا، وبعد ما وجته من تحقيقات هزلية من جانب النيابة المصرية، وتجديد الحبس الاحتياطي دون دليل إدانة واحد، قررت البدء بالإضراب الكامل عن الطعام اعتراضًا على كل ذلك..
قمت بعمل إضرابين عن الطعام، بدأت إضرابي الأول عن الطعام يوم 25 ديسمبر 2013، ثم أُجبرت على فك إضرابي يوم 23 مارس 2014، بعد أن تعرضت للحبس الإنفرادي والتعذيب بشكل يومي بكافة أشكال التعذيب لمدة 20 يومًا، وذلك لإثائي عن استكمال الإضراب، ونتيجة لذلك تدهورت حالتي الصحية تمامًا، وكنت أصارع الموت، بعد أن استمريت في هذا الإضراب الأول عن الطعام لمدة 89 يومًا..
بعد ذلك عاودت الإضراب عن الطعام مرة ثانية منذ 17 إبريل 2014 وحتى الآن, أي منذ 144 يومًا حتى اليوم، وسوف أستمر في معركتي هذه حتى أنال حريتي وتنال مصر كلها حريتها ..
طوال فترتي إضرابي عن الطعام لم تقم إدارة السجن ب7مل تقارير ومحاضر لإثبات إضرابي، بل تم حرماني من الذهاب لمستشفى السجن لتلقي الرعاية الطبية اللازمة !!
فقدت طوال هذه المدة ما يقارب 30 كيلوغرامًا من وزني، وحالتي الصحية في تدهور مستمر، وأحتاج إلى تلقي الرعاية الطبية اللازمة في مستشفى مناسب..
هذه استغاثتي ورسالتي التي أوجهها إلى كل منظمات حقوق الإنسان، وإلى كل أحرار العالم كي ينقذوا حياتي ويساعدونني على استرداد حريتي..
إبراهيم اليماني
7سبتمبر 2014
عمر عبد العزيز حسين علي (عمر حاذق) – الحياة جميلة يا أصدقاء
الحياة جميلة يا أصدقاء (11)
«هل تذكرون رسالتي القديمة التي قلت لكم فيها إنني استلمت في سجن الحضرة روايتي الأولى (لا أحب هذه المدينة)، وحكيت لكم أنني بدأت في (1- 1- 2014) كتابة رواية جديدة بجوار برميل قمامة وتشكيلة مدهشة من الصراصير في سجن الحضرة أيضًا؟.. هل تذكرون أني قد حكيت لكم أيضًا أني اتفقت على نشر رواية قصيرة لي كتبتها قبل السجن مع الرائعة كرم يوسف (الكتب خان)؟
أما أنا فأذكر ذلك كله، وأذكر أكثر منه.. أذكر أني قلت لكم إني كنت أمر قبل سجني بحالة ركود تام في نشاطي الأدبي، ما عدا القراءة والكتابة، وأني منذ 2009 لم أنشر نصًّا أدبيًّا خاصًّا بي.
في فبراير الماضي استلمت النسخة الأولى من روايتي الأولى، وبدأت رواية ثانية (الحياة باللون الأبيض) على وشك الانتهاء من مراجعتها هذه الأيام.
أما الرواية التي اتفقت على نشرها مع الناشرة العزيزة كرم يوسف فقد صدرت فعلا منذ أيام واستلمت يوم الثلاثاء 19 / 8/ 2014 النسخة الأولى منها، لكن في سجن الغربانيات بصحراء برج العرب، إنها عدالة التوزيع في سجون الداخلية.
وحين بدأت مراجعة بروفات (الحياة باللون الأبيض) كنت أواجه أسابيع من الفراغ أثناء تعديل البروفة على الكمبيوتر، فطلبت مسودة رواية قصيرة أنجزت كتابتها الأولى قبل السجن هي (قلب السمكة)، وبدأت أراجع بروفاتها بالتوازي مع أختها، حتى انتهيت من مراجعتها، ومنذ قليل كتبت إهداءها، الذي سأنشره لكم قريبًا هنا. ألا ترون إذن: الحياة جميلة حقًّا يا أصدقاء رغم كل شيء!!
فور أن رأيت نسخة الرواية الجديدة (روائي المدينة الأول) في زنزانتي هنا، تذكرت أخي وصديقي شريف فرج، الذي كان أول من رأى النسخة الأولى من روايتي الأولى في سجن الحضرة.. شريف الآن بينكم ولعله يقرأ هذه الكلمات على اللاب توب ويذكرني بالخير إيه في أمل، مرة أخرى، ومرة أخرى: رغم كل شيء، ورغم كل (قمع لحريتنا).. هنا أول من رأى النسخة الجديدة من روايتي الثانية (القصيرة) هو أخي الأصغر إسلام حسانين، الطفل الريفي الكبير الذي مات أبوه حسرة عليه.
شكرا لأسرتي وللناشرة (كرم يوسف) على ما بذلوه من جهد حتى تخرج الرواية للنور وأنا حر خلف القضبان، وإن كنت قد لاحظت أن الإهداء سقط سهوًا من الرواية؛ لأنه لم يكن ضمن محتويات النسخة التي أرسلتها لكرم في نوفمبر بالإيميل قبل القبض علي، ثم طلبت من أسرتي إرساله لكرم وأنا هنا لا أدري كيف سقط الإهداء، أرجح أنه خلل في الإيميل هو السبب، أقول ذلك الآن حتى نتدارك ذلك قدر الممكن بنشر الإهداء في الصحف، وهنا في نوت مستقل، وإذا أمكن طباعته في ورقة توضع داخل الرواية، أكون ممتنًّا للعزيزة كرم.
إهداء الرواية مهم لي؛ لأنه لرفيق نضال نادر المثال، هو محمد يسري سلامة، رحمه الله، الذي يستحق أكثر من الإهداء، أقترح نسخ الإهداء هنا في نهاية هذه الرسالة؛ لأنني حكيت فيه عما تعلمته من محمد يسري، الذي خسرناه في أوج نضاله دون أن يجني شيئًا من ذلك إلا محبة الأحرار.
أكرر أني لا ألوم أحدًا على سقوط الإهداء من النص؛ لأن ذلك من نتائج وجودي في السجن وعدم دراية أسرتي بتفاصيل النشر والتواصل الإلكتروني، وأكرر شكري وتقديري لجهود الصديقة كرم يوسف ولنبل مشاعرها أيضًا.
دعوني الآن لأخطط لنشر الرواية القصيرة المكتملة ولأراجع الرواية التي كتبتها كلها هنا، لكن دعونا نتفق إذن: الحياة جميلة يا أصدقاء فافرحوا بها قدر ما تستطيعون».
إهداء رواية (روائي المدينة الأولى)
بعد ثورة 25 يناير 2011، نشأتْ حركة ثورية عامة في كثير من المؤسسات المصرية العامة، ومنها المؤسسة التي أحببتُها: مكتبة الإسكندرية. شاركتُ في ذلك بكتابة مقالات على فيس بوك وفي جريدة الدستور الأصلي، فعاقبني مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور إسماعيل سراج الدين، الذي كان أحد رموز نظام مبارك، بعدم تجديد عقدي رغم صدور قرار منه بالتجديد التلقائي للعاملين.
كان ذلك في أكتوبر 2011، قام مدير المكتبة بإنهاء عمل آخرين من معارضيه، فثار عليه العاملون الأحرار ومنعوه من دخول المكتبة مطالبين برحيله وعودة من أنهى عملهم، وهتفوا بأسمائنا حتى أعادنا، في اليوم نفسه، إلى عملنا.
وكان يومًا استثنائيًّا في حياتي؛ ليس فقط لأنني عدتُ مكرمًا لمؤسسة حلمتُ بإصلاحها لانتمائي إليها بالفطرة كشاعر وكاتب، ولا لأنني كنت بحاجة ماسة إلى وظيفتي، بل لأن الحلم بدأ يصبح حقيقة بأيدينا جميعًا؛ نحن شباب المكتبة. منذ تلك اللحظة، غيّر هؤلاء الشباب حياتي؛ أولوياتي وكتابتي وأسباب فرحي وحزني وقدرتي على الحلم.
ظللنا نحتج ونثور في ساحة المكتبة أكثر من سنة دون أن يسمعنا الجالسون المتتابعون على كرسي السلطة، واستطاع سراج الدين بوسائل كثيرة، أن يحتفظ بمنصبه، رغم ذلك لم نتوقف عن الحلم، وأصبح شباب المكتبة الثوار إخوة لي في الحرية، فقررتُ وقتها أن أهديَ إليهم أول كتاب أكتبه، وكنت قد توقفتُ عن الكتابة منذ ثورة يناير العظيمة، واستغرقتْني حالة الحرية الجديدة، في وطني وعملي وأفكاري عن الحياة. ثم انتهتْ ثورة المكتبة وجاء الرئيس المخلوع مرسي بحكمه البغيض.
وفي يوم 24 مارس 2013، حين دخلتُ المكتبة صباحًا، استوقفني أخ عزيز، وقال لي: إن محمد يسري سلامة رحل عن دنيانا فجرًا. وكان محمد رحمه الله واحدًا من الرجال الحقيقيين في مصر. كان متحدثًا رسميًّا لحزب النور السلفي، ثم استقال حين كان للحزب نصيب هائل من المجد والنجاح السياسي، وظل يعمل في الظل أكثر من سنة، وكان من قادة ثوار المكتبة، حتى اكتشفه حزب الدستور فتألق في سمائه، والتف مصريون كثيرون حوله لما لمسوه فيه من نزاهة وإخلاص للثورة. وحين بدأ يجني ثمرة إخلاصه، رحل، فبكاه المصريون جميعًا.
الذي لم يعرفْه كثيرون عن محمد، أن عددًا من قيادات ثورة المكتبة انسحبوا من بيننا، ثم نالوا مناصب رفيعة وترقيات مالية هائلة (يا للمصادفة السعيدة!!)، لكن محمدًا لم يتزحزح عن مبادئه فلم ينل شيئًا، رغم أنه أصبح من رموز العمل السياسي العام، وكان يمكنه، بيسر تام، أن ينال ما يريد. فإلى محمد يسري، رمزًا لكل ثائر حر، أهدي عملي هذا. أفتقدك كثيرًا يا أخي.. رحمك الله، وغفر لك، وبارك روحك».
هشام ممدوح علي (هشام ممدوح) – تعرضنا للتعذيب بالكهرباء وطفي السجائر.. والأمن هدد زوجتي بإسقاط جنينها
تم إقتحام منزلى فى الرابعة فجرا والقبض علي بعد ضرب زوجتى وسبها بأفظع الشتائم , فقاموا بضربنا بالبنادق من الظابط “أحمد طارق” بأمر من الظابط “أحمد قدرى ثم تم سرقة 1000 جنية من منزلى،و تم تعذيبي بالكهرباء وطفى سجائر فى جسمى من القوات الخاصة ورش سلف دفنس على وجهى وتهديدى أنهم سيعتقلون زوجتى وإسقاط طفلنا التى كانت حامل فية , وبعد أن تاكدوا أننى لا أعلم شئ عن احراز أسلحة وعدم وجود أى شئ فى منزلى،تم رمى على السلم من الثامن إلى الأرضى بقدم شخص من القوات الخاصة وضربى فى الشارع بالأيدى والعصا كل هذا وانا مغمى ومكلبش من ايدى من الخلف.
وبعد ذلك تم أخذى لقسم المرج وتعذيبى ثلاثة أيام ونومى عارى على الأرض ونحن مكلبشين يد ورجل ومغمين عينينا وكل كم ساعة يتم التحقيق معانا من قبل أمن الدولة،”محمد رضوان” رئيس المباحث و “احمدقدرى” حكمدار العاصمة و “احمد طارق” معاون مباحث القسم و “أحمد كامل” ظابط أمن الدولة وبعد ثلاثة أيام تم توقعينا على محضر لا نعرف ى محتواه ونزلنا للزنازين وبعد 27 يوم تم عرضنا على نيابة أمن الدولة وتم التجديد لنا بدون أى مبرر للحبس الإحتياط
انس سعيد بسيوني سلامه الهباب (انس سعيد) – حبسة دي ولا التزام.. التزام التزام
اسم السجين (اسم الشهرة) : انس سعيد بسيوني سلامه الهباب (انس سعيد) النوع الاجتماعي : ذكر تاريخ تحرير أو نشر...
منه الله مصطفي البليهي (منه مصطفي) – يا أخي
اسم السجين (اسم الشهرة) : منه الله مصطفي البليهي (منه مصطفي) النوع الاجتماعي : أنثى تاريخ تحرير أو نشر الرسالة...
صلاح جمال (صلاح جلو) – لكل اللي سأل عني
اسم السجين (اسم الشهرة) : صلاح جمال (صلاح جلو) النوع الاجتماعي : ذكر تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 8/29/2014...