محمد عوده – الوجه الآخر للقبضة الأمنية!

محمد عوده – الوجه الآخر للقبضة الأمنية!

الوجه الآخر للقبضة الأمنية!
في اليوم السابق للقبض عليّ، قرأت في كتاب «لمصر لا لعبد الناصر» لمحمد حسنين هيكل، عن اعتقالات الستينيات، وتحديداً تنظيم سيد قطب ومحاولة تفجير القناطر الخيرية المزعومة، التي طالت مجموعة كبيرة من الأبرياء تحت مبررات الأولوية والحفاظ على سلامة مصر وأراضيها.
قد يكون حقاً توسيع دائرة المشتبه فيهم هو الحل الأفضل لتلاشي الخسائر عند صعوبة التحريات، لكن أن يكون الاعتقال هو النهج الدائم لهذا التلاشي، فالمسألة في غاية الخطورة، خصوصاً عندما تطولك دائرة الظلم وفي الوقت نفسه مشاهد الإرهاب الحقيقي كما هي تعيث في الأرض فساداً.
الوجه الآخر للقبضة الأمنية مظلم شديد السواد، فقد أصبحتَ بجانب اللاحياة، أنت مرفوض منبوذ سياسياً معاقَب قانونياً، وقبل ذلك منتهك نفسيًا وجسديًا، وفق سياسات قانون الغاب، التي إن حالفك الحظ وخرجت منها يومًا، فاعلم أنك لن تكون كما الأحياء مرة أخرى.
بداية، أنا محمد عودة، لن أضع لنفسي توصيفًا علميًا أو وظيفيًا؛ فكلها أمور لا تفرق في عالم أمن الدولة.
تم القبض عليَّ في الحادي عشر من مايو/أيار عام 2017، قضيت اختفاء قسريًا شهد تواطؤ مباحث قسمي شرطة الزيتون والأميرية مع جهاز أمن الدولة بالعباسية، على إخفائي وتعذيبي ضربًا وبالكهرباء، مع تقييدي بالسلاسل وتغمية العينين..
ظهرتُ بنيابة أمن الدولة في الخامس من يونيو/حزيران عام 2017، لأرى المسرحية في أكثر فصولها اختزالًا، فصل تواطؤ القانون الرسمي مع قانون الغاب، فمن نيابة أمن الدولة إلى محكمة الجنايات إلى النيابة العسكرية، أبقى كما أنا، عبارة عن ملف من الأوراق يبدو كأن لن يفتحه أحد.
أكاد أتمَّ عاماً ونصف عامٍ سجين الحبس الاحتياطي، محروماً من كل شيء، منتهَكة كل حقوقي، في فصول لم تكتفِ بصعوبة تحمُّل الحياة، حتى كشرت عن أنيابها بالنزول بقوائم الإرهاب، للمنع من سفر مستقبلي، والحجز على الممتلكات 3 سنوات، في قضية مزعومة بالانضمام إلى «ولاية سيناء»، وإن كنت بعيداً كل البعد عن الانتماء إلى تيارات الإسلام السياسي، إلا أنها إرادة ضابط بأمن الدولة، أخبرني بها في آخر كلماته: «متأكدين إنك مش داعش، بس قررنا نلبسهالك».
ما يحدث الآن جاوَز بشاعة القبضة الأمنية بمراحل بلغت حدود الاستعداء، وإنشاء جيل من حاملي الكراهية، لا يمكن أن نطلق عليهم غدًا صفة الإرهاب، فربما كانت تلك سُبلهم الوحيدة للوجود على قيد الحياة. ما يحدث الآن هو شحن الخوف، والوجود بلعبة فزاعة الإرهاب المتطور، الذي يخرج فجأة بكل مكان ومن أشخاص لم تكن تتوقعهم يومًا، لثقتك الشديدة بهم..
هنا بالسجن تكمن القضايا في صاحب فلان وأخيه وولده وجاره وأبيه، ومَن عرفهم ومَن عرف من عرفهم.
فالقبضة الأمنية شملت الجميع إلا الإرهابيين، فلا تسأل من أين جاءوا؟ وكيف صمدوا؟ بل سل متى يحررون اسمهم من لفظة الارهاب؟

محتجزات من دمياط (12 فتاة ) منهم “اسراء فرحات – ايه عمر – حبيبه حسن – ساره حمدي – روضه خاطر – فاطمه عياد – مريم ترك – فاطمه ترك – خلود الفلاحجي – ساره رمضان” – نحن بنات دمياط

محتجزات من دمياط (12 فتاة ) منهم “اسراء فرحات – ايه عمر – حبيبه حسن – ساره حمدي – روضه خاطر – فاطمه عياد – مريم ترك – فاطمه ترك – خلود الفلاحجي – ساره رمضان” – نحن بنات دمياط

بسم الله الرحمن الرحيم
الجمعة 23/11/2018
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة وبعد. نكتب إليكم نحن بنات دمياط وضع تفصيلي لما نعيشُ به في سجن دمنهور العمومي حتى تتضح لكم الصورة وتحلون بكل الطرق للسعي بأن يتم نقلنا من هذا المكان الأسوأ على الاطلاق.
1-ليس هناك تريض لنا إطلاقا. لم نعد نستطيع الحركة من كثرة جلوسنا في نفس المكان. ما ننام فيه نستيقظ فيه كل يوم.
2-الكهرباء تقطع باستمرار
3-المياه تقطع باستمرار بل أنها لا تأتي إلا أحيانا فقط. نحن نقوم بشراء مياه لكي نستحم!
4-المجاري دوما متواجدة. مكان غير آدمي لا يصلح للعيش.
5-أجسامنا وأعيننا لا ترى الشمس إطلاقا.
6-ننام على الأرض فيما يسمى "بالنهرة" ونستيقظ من ال 7 صباحا اجباريا ونظل جالسين في نفس المكان طوال اليوم.
ما نود طلبه منكم أن تبذلوا قصارى جهدكم أن يم نقلنا لسجن آخر مثل القاطر أو بورسعيد وأيضا أن تأكدوا بأنفسكم بأن الأخطار للاستشكال قد تم وصوله هنا لسجن دمنهور لأن إذا لم يصل الاخطار لن ننزل إليه.. فاسعوا بكل الطرق أن يتم نقلنا من هذا المكان السيء. نرجو منكم أخذ كلامنا أخذ الاعتبار والاهتمام به لن الوضع أسوأ مما تتخيلون!
"بنات دمياط"
وجزاكم الله كل خير

عبير الصفتي – منذ متي ضاع كل شيء ؟! لا أعلم

عبير الصفتي – منذ متي ضاع كل شيء ؟! لا أعلم

منذ متي ضاع كل شيء ؟! لا أعلم..
يشبه الأمر مراقبتك للشمس وقت الغروب, لا تعرف ابدا متي بدأ الليل وانتهي النهار , ولا متي تسرب دم الشفقدالأحمر يلوث الأفق " (يوتوبيا)
هكذا الحال.. كنت يوما فتاة مدللة والأن بت معتقلة , مقيدة الحرية سجينة في مقبرة لا أعلم هل سأخرج منها أم لا ؛ جلسة إستئنافي بعد أيام تحديدا ٨ ليال لا يمرون وكأن الزمن قد توقف, يتمني أبي أن يمسك يدي ويأخذني لنمشي علي البحر كما كنت أحب وتريد أمي أن تجدني بجانبها وقت الغداء, أهلي بفتقدوني وأصدقائي قد إشتاقوا إلي, أما عن إبنتي ..
فقد رسمتني علي ورقه وقالت ( هطلع مامي من الورقة عشان تكلمني وأشوفها) واحيانا اخري تقول ( أصل مامي معتقلة) طفلة في عمر الزهور عرفت معني الإعتقال . عرفت الألم ولم تتجاوز الخمس سنوات بعد.
قالت لي ( أنا بعيط عليكي يامامي) في المره الوحيدة التي لمحتها فيها منذ اعتقالي, إبنتي رأتني بأساور حديدية صاعدة لعربة الترحيلات
ارسلت لها جوابا جعلت الكل يقرأه لها ثم إحتفظت به لأنه مني من (امها) التي حرمت منها.
أعتذر لكم فقد أطلت عليكم ولكني بداخلي الكثير من الألم, القهر, والوجع فلدي إبنه صغيرة كالملائكة تشبه أبنائكم تماما ولكنها حرمت مني حرموها من حضن أمها وحرموني من ضحكتها التي تعيد لي الحياة ولست وحدي أعاني فمثلي الكثيرات.
وهن الأن دتخل السجون فتذكرونا بذعائكم وتمنوا لنا النجاة
تذكروا أن هناك أمهات حرمت من أبنائهن, من حياتهن, فضاع كل شئ وإنعدم الأمل لدينا, ضاع المستقبل, وسلب الرجاء
حريتنا حق
عبير الصفتي

جلال عبد الفتاح البحيري (جلال البحيري) – “Sono in prigione e mi torturano perché scrivo poesie”: la lettera di un detenuto dal Cairo

جلال عبد الفتاح البحيري (جلال البحيري) – “Sono in prigione e mi torturano perché scrivo poesie”: la lettera di un detenuto dal Cairo

“Se leggerai questa lettera, di qualunque genere tu sia e in qualunque paese tu ti trovi: io mi chiamo Jalal El Behety, ho 28 anni. Sono stato incarcerato perché scrivo poesie. Sono stato messo dinanzi a dei giudici che dovrebbero occuparsi di giudicare terroristi, ladri e stupratori e non scrittori, poeti e drammaturghi”.

“Sono felice nello scrivere questa lettera e nell’immaginare che verrà letta da un umano, al di fuori di questa prigione malinconica. A quell’umano cui vorrei dire che ho bisogno di qualcuno che mi ricordi nelle sue preghiere e nelle sue invocazioni”.

Questi sono alcuni passaggi della lettera scritta in carcere da Jalal ( o Galal) El-Behairy, poeta, paroliere e attivista egiziano attualmente in prigione, e che TPI ha ricevuto in esclusiva.

Nel corso della sua carriera, Galal ha impiegato la sua voce artistica come mezzo non-violento. Attraverso il suo lavoro ha sollevato questioni delicate sui diritti delle donne, la libertà di espressione e gli sforzi dei cittadini egiziani per realizzare la loro idea di governo.

Oggi Galal si trova in prigione, con l’accusa falsa di appartenere a un gruppo terroristico e di diffondere false informazioni. L’artista ha scritto molti testi per il cantante Ramy Essam, tra cui uno dei suoi più grandi successi “Segn Bel Alwan“. Proprio le sue canzoni e le sue poesie lo hanno portato a essere detenuto, torturato e imprigionato ingiustamente per diversi mesi in attesa di un’accusa di tribunale.

La poesia di Galal si rifà ai canti dei manifestanti che sfidano i regimi autoritari e ai testi delle canzoni eseguite durante la primavera araba del 2011 e dopo.

Le sue poesie e canzoni trattano i rischi che gli artisti subiscono all’interno di uno stato che tenta costantemente di reprimere le voci di dissenso attraverso la censura e la reclusione.

Secondo le organizzazioni non governative locali, la media delle sparizioni forzate in Egitto è di 3-4 al giorno. Di solito, agenti dell’Nsa (i servizi segreti egiziani) pesantemente armati fanno irruzione nelle abitazioni private, portano via le persone e le trattengono anche per mesi, spesso ammanettate e bendate per l’intero periodo.

Galal è solo uno delle migliaia di egiziani che sono stati ingiustamente incarcerati in Egitto e che oggi si trovano a scontare una pena con false accuse. Secondo un rapporto di Amnesty International, tra il 2013, anno del golpe militare, e il 2014 le forze di sicurezza hanno arrestato quasi 22mila persone.

Nel 2015, secondo il ministero dell’Interno, sono finite in manette quasi 12mila ulteriori sospetti. Tra loro studenti, accademici, ingegneri, medici professionisti.
Altre centinaia sono detenute in attesa di esecuzione, tra cui l’ex presidente Mohamed Morsi, i suoi sostenitori e i leader dei Fratelli musulmani. In totale quindi ufficialmente i prigionieri politici sono 34mila.

Di seguito la lettera integrale:

Appendere sulla parete del carcere la foto rubata di una luna, nascondere una lettera di tua madre tra le pieghe della biancheria intima, e una bambola di pezza di scarsa qualità che diventa il tuo migliore amico.

Qui diventi un figlio disabile non in grado di aiutare i tuoi genitori ma un peso in più quando dovresti essere tu a proteggerli. Diventi un vegetale le cui azioni sono limitate al dormire, mangiare e andare in bagno. Svolgere qualsiasi altra azione diventa un’eccezione, un’azione tanto desiderata. Questo significa essere prigionieri. Smetti di vivere.

Vieni incarcerato per una canzone o per un’interpretazione errata che hanno attribuito al titolo del tuo ultimo libro. Vieni descritto come un terrorista, nemico del tuo paese e un irrispettoso verso la tua religione. Vieni classificato come omosessuale, traditore, un essere disgustoso e un pericolo per la pubblica sicurezza.

Questo significa essere uno scrittore e un poeta e non un animale addomesticato che non riesce a rimanere in silenzio e neutrale quando la neutralità non può essere una scelta.

Amici miei, dopo otto mesi senza vita, vi scrivo con tutta la sincerità che ho e la nostalgia dalla mia piccola cella, dentro una grande prigione, all’interno di un carcere ancora più grande.

Non vi scrivo per lamentarmi della violazione dei diritti o per condizioni critiche della mia salute. Io sono tra i più fortunati qui dentro perché non ho sofferto di questo. Vi scrivo perché vorrei sfogarmi e condividere con voi tutto ciò. Oppure perché la mia scrittura viene dalla necessità impellente di trovare una connessione umana dopo aver fallito la mia comunicazione con la mia bambola di pezza, incapace di comprendere quello che sto attraversando e le mie lunghe e continue notti piene di frustrazioni.

Non voglio fare il drammatico, non sono né il primo né l’ultimo prigioniero.

Tutto quello che vorrei è riuscire a comunicare con qualsiasi essere umano al di fuori di qui. Quando vedi davanti a te 36 mesi di ingiusta prigionia non trovi niente di folle nel creare una maledetta bambola di pezza a cui dai il nome di “Felice”.

Sicuramente sono felice nello scrivere questa lettera e nell’immaginare che verrà letta da un umano, al di fuori di questa prigione malinconica, a cui vorrei dire che ho bisogno di qualcuno che mi ricordi nelle sue preghiere e nelle sue invocazioni.

Se leggerai questa lettera, di qualunque genere tu sia e in qualunque paese tu ti trovi: Io mi chiamo Jalal El Behety, ho ventotto anni. Sono stato incarcerato perché scrivo poesie. Sono stato messo dinanzi a dei giudici che dovrebbero occuparsi di giudicare terroristi, ladri e stupratori e non scrittori, poeti e drammaturghi.

In tutta questa situazione assurda vi mando un bacio rubato, una canzone e vi invito a ballare un giorno in un luogo dove vengono accettate tutte le idee, opinioni e pensieri. Sicuramente quel giorno sarò in compagnia della mia bambola di pezza. Vi saluto e vi saluta a sua volta anche il mio amico di pezza “Felice”.

Jalal Al Behery

جلال عبد الفتاح البحيري (جلال البحيري) – أن تعلق صورة مهربة للقمر على حائطك

جلال عبد الفتاح البحيري (جلال البحيري) – أن تعلق صورة مهربة للقمر على حائطك

أن تعلق صورة مهربة للقمر على حائطك.. أن تخبئ خطابا لأمك في ثنايا ملابسك الداخلية.. أن يكون صديقك المفضل عبارة عن دمية قماشية رديئة الصنع.. أن تصير ابنا معاقا عاجزا لأبويك وحملا إضافيا حين يفترض أن تكون أنت من يعتني بهما.. أن تتحول لكائن أولي تنحصر إحتياجاته في النوم والطعام وقضاء الحاجة وكل ما عدا ذلك ليس إلا رفاهية زائدة عن الحاجة وعزيزة المنال.. هذا معنى أن تكون مسجونا.
أن تتوقف عن فعل الحياة.. أن تسجن من أن أجل أغنية أو من أجل تأويل خاطئ لعنوان كتابك الأخير.. أن يتم وصمك بأنك إرهابي، عدو لوطنك، لا تكن الإحترام للدين أو للإنتماء وأن تصنف بأنك شاذ خائن مقزز وخطر على الأمن القومي.. هذا هو معني أن تكون مختلفا وأن تكون شاعرا أو كاتبا غير مروض أو أليف ولاتجيد فعل الصمت أو فضيلة الحياد حين لا يكون الحياد إختيارا.
أصدقائي.. بعد مرور ثمانية أشهر من اللاحياة.. أكتب لكم بكل صدق وشغف من زنزانتي الحبيبة الصغيرة في سجن كبير داخل سجن أكبر.. لا أكتب لكي أشتكي إنتهاكا أو تعذيبا أو حتى حالة صحية متدهورة.. فأنا أحسن الناس حظا هنا لأنني لم أعان أيا من هذا أو ذاك.
إنما أكتب إليكم على سبيل البوح أو المشاركة.. أو ربما كانت كتابتي نابعة من احتياج ملح للتواصل الإنساني حينما فشلت دميتي القماشية – أو كادت- في استيعاب ما نمر به سويا من ليل طويل لا نهائي واحباطات مستمرة.. أنا لا أريد أن اكون دراميا فلست المسجون الأوحد أو المسجون الأول.. كل ما أريده هو أن انجح في التواصل مع شخص ما، إنسان ما، هناك، في الخارج حتى ولو كان تواصلا من طرف أحادي.
فعندما تجد أمامك ستة وثلاثين شهرا من السجن الغير مستحق والقهر الغير مستحق.. لن تجد أبدا ضيرا في صنع دمية قماشية لعينة تطلق عليها اسما ربما يكون " سعيد" كما في حال دميتي وبالتأكيد ستبتهج حين تجول في خاطرك فكرة أن تكتب لشخص خارج هذا السجن البائس لتخبره أنك في حاجة إلى من يذكرك بالصلاة وبالدعاء.
فيا من تقرأ هذا الخطاب أيا كان جنسك أو موطنك أنا اسمي جلال البحيري وعمري 28 عام.. سجنت لأنني أكتب الشعر ووقفت أمام قضاة يختصون بمحاكمة الإرهابيين والقتلة واللصوص والمغتصبين وكذلك الكتاب والرسامين والمسرحيين ومن يفكرون في اغتيال بابا نويل أو سرقة صندوق باندورا أو مدمني الأمل والأفلام الكرتونية.. وفي منتصف هذا العبث أرسل إليكم قبلة مسروقة وأغنية وقحة وأدعوكم للرقص يوما في مكان ما بع متسع لكل الأفكار والمعتقدات وبالتأكيد .. بالتأكيد .. سأكون بصحبة دميتي القماشية.. تحياتي لكم .. وصديقي سعيد كذلك....
جلال البحيري
سجن القاهرة للمحبوسين احتياطيا ( طرة تحقيق)

ايمن علي ابراهيم موسي (ايمن علي) – مصر كيف حالك؟ اتذكرينني؟! أنا ابنك

ايمن علي ابراهيم موسي (ايمن علي) – مصر كيف حالك؟ اتذكرينني؟! أنا ابنك

مصر كيف حالك؟ اتذكرينني؟! أنا ابنك.. ابنك الذي كانت سعادته في رفع علمك عالياً.. أتذكرين آخر بطولة لي مع منتخبك عام 2006؟
عندما كنت في "فرنسا" و حصلت على المركز الثاني في بطولة البحر الأبيض المتوسط في الغطس.. أتذكرين سعادتي؟! كنت سعيدا كأنني فزت بالمركز الأول! فما المشكلة ما دام الفائز به ابنك أيضاً.
كنا نحتل ثُلثي المنصة، و عَلمك كان يحتل المنصة كلها عندما ضممنا الإيطالي الحاصل على المركز الثالث إلينا و حملنا علمك عالياً.. أتذكرين؟!
أم تذكرين في عام 2011 عندما كنت أسير في ملاهي "أورلاندو" رافعاً رأسي و أنا أجيب السائل عن جنسيتي.. ألا تذكرين وقوفي في ال Subway في مانهاتن و أنا أُري إحداهن ورقة نقدية مرسوماً عليها نقوشا فرعونية ومدى انبهارها بحضارتنا.. أتذكرين؟!
رغم بعدي عنك، لكنك لم تفارقيني!
أتذكرين حبي لك الذي يتلاشى هنا شيئاً ف شيئاً؟!
أتدرين أين هو "هنا"؟! أتدرين بحالي أم نسيتيني؟!
ها أنا ذا..بين أضرس سجونك الحديدية منذ أربعة أعوام تمضغني الأيام، حتى تحللت إنسانيتي..
ها أنا ذا.. تائه في أضيق سجونك أكاد أجن أم جننت بالفعل ولا أدري! أليس المجنون آخر من يعلم؟!
كيف حالك يا مصر..
أين أنت؟!
إبنك الصغير
أيمن علي موسي

وليد احمد شوقي (وليد شوقي) – أضيئوا العتمة

وليد احمد شوقي (وليد شوقي) – أضيئوا العتمة

أنا من زمان مبتعجبنيش الولولة اللي بتحصل على اللي بيتقبض عليه. طبعًا الموضوع فعلًا يزعل والواحد بيحزن جدًا على أي حد بيتقبض عليه. لكن الموضوع كان بيزيد عن حده من البعض ويتحوّل لمجرد ولولة ولطميات وكلام عاطفي سريع التطاير وننسى نتكلم أو نسأل هو اتحبس ليه؟ متشحتوش عليّا في السيدة وتقولوا ده كان طيب وكويس وليه قبضتوا عليه. إحنا مكناش في جمعية خيرية مثلًا. أنا كنت صاحب رأي معارض. ولما قلته زمان أو دلوقتي أو في أي وقت فأنا عارف قيمته كويس وتمنه كمان. صحيح توقيت دفع التمن بالنسبة لي كان غريب أوي لكن عموما أنا راضٍ بأي حال.
السجن صعب وتجربة مش محببة أبدًا، لا أتمناها لنفسي ولا لأي حد. ورغم صعوبة ما مريت بيه خاصة في فترة الاختفاء القسري الصعبة جدًا، إلا أن ما رأيته – حتى الآن – وأنا في البداية وبعد الخضة والقلق على زوجتي وبنتي وأهلي خلى يدور في ذهني سؤال واحد: «إزاي ممكن استغل المحنة لصالح نفسي واللي حواليا؟».
مروري بلحظة وموقف صعب علمني فكرة القبول وإني أدرب نفسي على تقبل المواقف اللي مقدرتش أغيّرها واللي بتختلف عن المشاكل اللي ممكن تتحل، أو تحتاج لمجهود. اللي أنا فيه هو وضع فُرض عليّا ومكنتش أحبه يحصل، لكن الواقع خلاه يحصل، ولازم اتقبله علشان أعرف اتعامل معاه، وكمان اَطلّع منه حاجات مفيدة.
اللي حصل معايا هو عرض وأثر جانبي صغير أوي لهزيمة أكبر مرِت بينا كلنا، وكل واحد فينا اتعامل مع الهزيمة بطريقته. اللي انحرف، واللي اكتئب، واللي كفر بكل شيء وفقد إيمانه، أو فقد إيمانه بنفسه، وكلنا مرينا بفترة من انعدام التوازن وخدنا وقت طويل للتعايش.
داخل السجن وخارجه وجهين لعملة واحدة، وعلينا أن نتعلم كيف نتعامل مع هذا الواقع الصعب، ونخرج منه بأكبر فايدة حقيقية ملموسة تعمل فرق في العالم وتغيّره للأفضل، كلٌ على قدر طاقته. لازم نتعلم نستحمل أي حاجة، ونسد في أي حاجة، و«نغزل برجل حمار»ونعمل من الفسيخ شربات، لأن البديل الوحيد هو الاكتئاب واليأس.
في السجن ممكن تقرا، تتعلم، تطور نفسك، وتشوف السجينات والسجناء حواليك. اللي ظروفه وحشة تساعده، اللي مش معاه محامي تحاول تجيبله، الخايف تطمنه، الضعيف تنصره، والظالم تقف ضده. الجاهل تعلمه، والعالِم تتعلم منه وتكتسب كل خبرة ممكنة تفيدك في مسيرتك.
الحياة اختيارات، مطلوب منك تختار طريقك كويس، وتتحمل نتيجة أفعالك. مش لازم كل الاختيارات تبقى صح، ولا كل مجهود مخلص تكون نتيجته موفقة، كل المطلوب منّا هو السعي حتى لو النتايج محبطة، أو مخيبة للآمال.
كلامي قد يبدو مثالي أو حالم، أو أقرب لكلام التنمية البشرية اللي مبحبوش. لكن عزائي الوحيد إنه خارج من واحد إيده في النار مش في المية، وده ممكن يدفع أي شخص لأخذه في الاعتبار لعله يكون سببًا [في] تغيير للأفضل وساعتها هيكون للحبس قيمة.
بطلوا تتكلموا عن شخص. الفايدة الحقيقية إنكم تتكلموا عن الفكرة اللي اتحبس علشانها الشخص ده، وأكبر خدمة تتعمل إننا ننشر الفكرة في كل مكان. الأشخاص زائلون والأفكار باقية تنبت وتبنى وتؤثر وتغير.
الولولة لا تفيد… نحن أحوج للعمل أكثر من حاجتنا للكلام

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – يوم الأربع مش أزرق؟

عبد الرحمن محمد مصطفي المرسي الجندي (عبد الرحمن الجندي) – يوم الأربع مش أزرق؟

– «يوم الأربع مش أزرق؟»
نظر إليّ أيمن متعجبًا وكأني فقدتُ صوابي.
– «طب اسمك، أيمن، مش بتحسه مِدِّي على أحمر؟»
– «انت اتجننت يا ابني؟» رد ضاحكًا ظانًا أني أمزح.
شعرتُ بالحماس يملؤني. بدأت أحكي له عن الظاهرة التي كنتُ أقرأ عنها منذ دقائق في كتاب عن أسرار العقل يسمى Incognito. اسم الظاهرة Synesthesia، ويربط مَن يملكونها بعض مدخلات عقلهم بالألوان والأرقام والأسماء والأيام أو الكلمات، أو كالروائح والأصوات بشكل عام. تزايدت دهشتي وأنا أقرأ وصفًا دقيقًا لما كنتُ أشعر به من صغري، ولم ألحظ قط أنه شيء غريب أو مختلف.
كطفل صغير، وكجميع مَن في سني، كنتُ أبحث دومًا عن قوتي الخارقة. حاولتُ الطيران وجربت تحريك الأشياء بقوة عقلي، والآن فقط شعرتُ أخيرًا أني وجدتُ ضالتي.
السينِسيزيا. قوتي الخارقة.
– «طب يوم السبت إيه؟»، سأل أيمن.
– «أخضر فاتح».
– «الأحد؟»، أكمل وقد أعجبته اللعبة.
– «بنفسجي».
– «الاتنين؟»
– «أصفر».
– «التلات؟»
– «أحمر».
– «الأربع؟»
– «أزرق»
– «الخميس؟»
– «بني».
– «الجمعة؟»
– «أبيض».
استرجعتُ هذه الذكرى ووجهي منضغط على الشباك الحديدي لنافذة سيارة الترحيلات التي أركبها وحيدًا؛ ذكرى من أربعة أعوام، مع أيمن الذي لم أره منذ عامين.
استرجعتها لأني مع فوران الأحاسيس في رأسي الآن، أدركتُ بُعدًا جديدًا لقوتي الخارقة؛ المشاعر.
الظلم بني كالطين المبتل. القهر أحمر كالصدأ. الغضب أزرق قاتم كبقعة حبر.
كنتُ عائدًا من مستشفى ليمان طرة بعد استئصال ورم غريب في إصبعي. في طريق عودتي مررت بغرفة المحتجزين في المستشفى وسألتُ عن «أمَّد».
بعدما وصفته أخبروني أنهم يعرفونه، ثم أخبروني أنه قد مات.
انفجرت بقعة الحبر من جديد خلف عينيّ. حاولت دفع الذكرى بعيدًا. الغضب يلطخ الروح، تمامًا كما تلطخ بقعة الحبر الورق.
ركزتُ بعيني في الشارع الذي لم أره منذ عامين. أتفه الأشياء يحرك الكثير فيّ؛ رجل يمشي، آخر يتحدث في الهاتف، شباب حول ثلاجة للمشروبات الغازية، فتاتان عائدتان من مكان ما، أو ربما ذاهبتان، لا أدري، قطط تأكل من صندوق قمامة امتلأ عن آخره.
سيارات تمر مسرعة، أنواع أعرفها وأنواع أراها للمرة الأولى.
أشياء تافهة، حقيرة، مؤلمة، لم أتخيل يومًا أن أحنّ إليها بهذا القدر.
ملأتني النوستالجيا المصبوغة بلون الصدأ الأحمر.
هل أعود يومًا ما لأرى كل تلك الأشياء كما يرونها؟ أم ستظل شِبَاك الحديد تظهر أمام عينيّ أينما وجهتهما حتى أموت؟
هل من أمل أن أندمج في الحياة وأنسى وأمحو؟ أم ستظل الغربة صديقًا وفيًا، يشبك ذراعه بذراعي، بارًا بقسمه ألا يفارقني أبدًا.
نزلتُ من السيارة ومددتُ يدي في غير انتباه ليفكّ أحدهم القيود المحيطة بمعصمي. مشيتُ وأنا غارق في أفكاري ودخلتُ السجن. لمحتُ بعض الأهالي ينظرون لي بشفقة وتعاطف. ذكرتني نظراتهم بنظرات الطبيب منذ ساعات وهو يحادثني خلال العملية.
أكره نظرات الشفقة. أفضل أن ينظر لي الناس بكراهية. عندما ينظرون لي بكراهية أستطيع أن أحتقرهم. عندما ينظرون لي بشفقة أحتقر نفسي.
لم أسع يومًا في حياتي لأنتهي مثيرًا للشفقة.
استلقيتُ على ظهري في الزنزانة، ونظرتُ للسقف. مرَّ برأسي سطرٌ من نشيد للأطفال كنت أحبه:
«لا تبالِ فستشفى الجراح. وظلام الليل لن يطول».
ربما تشفى الجراح، فكرتُ، لكن الندوب لن تزول.
عندما أغلقتُ عيني كان جفناي بلون الطين المبتلّ.