احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – البداية – الجزء الرابع

اسم السجين (اسم الشهرة) : احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 5/29/2014

السن وقت الاحتجاز: 35 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: مهندس – مؤسس حركة 6 أبريل

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون طرة

البداية – الجزء الرابع

البداية – الجزء الرابع كان صباح يوم الإضراب مختلفًا عن كل أيام السنة، كان يوم ٦ أبريل ٢٠٠٨ موافقا ليوم الأحد الذي يفترض فيه أن يكون أكثر زحامًا؛ لأنه بعد إجازتي الجمعة والسبت.. ولكن المفاجأة أن كل الشوارع كانت خالية من المارة هذا اليوم.. المحلات مغلقة.. مواقف الميكروباص خالية من الطلبة والموظفين الذين يتجمعون كل صباح يوم الأحد.. وذلك المترو خالٍ من الركاب.. إنه يوم الإضراب كانت مفاجأة لي شخصيًا، لقد استجاب الناس لدعوة الإضراب، وبدأت الاتصالات بالمحافظات؛ للتأكُّد، وكانت هناك عدة مفاجآت؛ الأولى أن الحالة واحدة في معظم المدن الرئيسية في المحافظات سواء في وجه بحري أو الصعيد، وإن لم يكن هناك مظاهر للإضراب في القرى والريف . الخبر الثاني هو بدء الاعتقالات في صفوف النشطاء قبل أو أثناء التجمع لبدء التظاهرات المعلن عنها في الميادين الرئيسية في المحافظات، ولم يكن ذلك الخبر مفاجأة بالنسبة لي . ففي ليلة الإضراب، وبعد بيان وزارة الداخلية ٥ أبريل، بدأت بالفعل بعض الاعتقالات لبعض النشطاء المعروف عنهم قدرتهم على قيادة التظاهرات من “شباب من أجل التغيير” . وبالنسبة لي اضطررت للمبيت خارج منزلي؛ حيث كانت هناك مراقبة لمنزلي ومنزل أسرتي، وكان لابد أن تذهب زوجتي لتُقِيم مع أهلها في ذلك اليوم؛ تحسبًا لأي مداهمات من أمن الدولة، وحيث كنت وقتها أبا جديدا وكانت ابنتي في الشهر الثاني، وكان لابد من حماية زوجتي وابنتي الرضيعة من موقف مداهمة أمن الدولة للمنازل والذي لا يتم فيه احترام حرمة المنازل ولا النساء ولا الأطفال ولا كبير السن، وحدث بالفعل ما توقعته من مطاردات لي ومداهمات لمنازل النشطاء المعروفين ومراقبة منازل المعارف والأصدقاء، ولكن ما كان يهمني أكثر هو نجاح اليوم، ولذلك كان ليلة ٦ أبريل أشبه بليلة الامتحان، هل نستطيع أن ننجح فعلاً؟! بعد إصدار وزاره الداخلية لبيان التحذير من المشاركة في الإضراب اتصلت بي إسراء لتعبر لي عن قلقها من اعتقالها ولكني طمأنتها… ما تخافيش مش بيعتقلوا بنات.. أنا اللى هتمسك مش انتي.. ولكن ما حدث هو العكس؛ فقد تم اعتقال إسراء ونادية مبروك أثناء جلوسهما على أحد مقاهي وسط البلد قبل بدء أي فعاليات؛ فقد كانت الشرطة في كل مكان في وسط القاهرة، وكل من هو معروف وجهه من “شباب من أجل التغيير” يتم اعتقاله مباشرة، وكذلك كل من يرتدى تي شيرت أسود أو يحمل علم مصر، وفي هذا اليوم تم اعتقال عدد ضخم من الشباب الذي لم يشارك في أي حدث احتجاجي من قبل، شباب كانت أول مشاركة سياسية له هو إضراب ٦ أبريل. كان عليَّ منذ الصباح متابعة التحركات التي تم ترتيبها مع الزملاء من “شباب من أجل التغيير” وهي الحركة الشبابية الأولى التي كانت الأبرز في ٢٠٠٥ كجزءٍ من حركة «كفاية» والتي شرفت بأنني كنت أحد أعضاء اللجنة التنسيقية لـ«شباب من أجل التغيير» في أواخر ٢٠٠٥ وأوائل ٢٠٠٦. ورغم أن حركه «شباب من أجل التغيير» قد تفككت في أواخر ٢٠٠٦ إلا أن شبكة النشطاء والمدونين استمرت في التواجد وفي معارضة نظام مبارك وفي فضح الفساد، وكذلك دعم الإضرابات العمالية والاحتجاجات الفئوية، وكان مخططًا أن تتم تحركات احتجاجية عديدة في يوم ٦ أبريل يقوم بها النشطاء ذوو الخبرة سواء في القاهرة أو المحافظات. ولكن تم فض مسيرة شرق القاهرة والقبض على قيادتها مثل كريم الشاعر وضياء الصاوي، وكذلك تم اعتقال كل النشطاء المعروفين في وسط القاهرة، وكان أبرزهم: محمد عواد، وإسراء عبد الفتاح، ونادية مبروك. وتم اعتقال المهندس محمد الأشقر، مسئول حركة «كفاية» في محافظة الجيزة قبل بدء أي مسيرات. وتم اعتقال كوادر وقيادات حركة «كفاية« و«شباب من أجل التغيير» وشباب حزبي الغد والعمل في القاهرة والمحافظات، وكان أبرزهم: أحمد نصار في الإسكندرية، وأحمد ميلاد في البحيرة، ومحمد مصطفى في بورسعيد، ومجدي قرقر، وأحمد بدوي في القاهرة، بالإضافة لعشرات في كل محافظة على مستوى الجمهورية . وأصابني الإحباط بسبب الاعتقالات وإفشال المسيرات قبل البدء، وبدأت جبهة الدفاع عن متظاهري مصر في مركز هشام مبارك بمتابعة المعتقلين الذين كانت أغلبهم من الشباب الجديد الذي تم الإفراج عنهم آخر النهار مع ترحيل الشباب المعروف للسجون المختلفة، ولكن كان لمدينة المحلة رأي آخر. في المحلة تم إفشال الإضراب العمالي، وتم إجبار العمال على العمل القهري، كما تم اعتقال قادة الإضراب مثل كمال الفيومي… وتجول التلفزيون المصري في مصنع المحلة للغزل والنسيج وأجرى حوارًا مع العمال الذين يشكرون الرئيس مبارك ويرفضون الإضراب . وكذلك فعلت كل الفضائيات التي تجاهلت أي اعتقالات أو إضرابات في الجامعات أو أحداث المحلة . ولكن في مدينة المحلة الباسلة خرج أهالي المحلة للتظاهر مطالبين بخفض الأسعار وزيادة المرتبات، وعندما تجمعوا في ميدان الشون بدأ الأهالي في تكسير أصنام مبارك وإزالة صوره المنتشرة، وكانت هذه أول مرة يكون فيها خروج شعبي عفوي حقيقي ويدركون عفويًا أن مبارك الذي يحكم مصر منذ ٢٧ عامًا هو المسئول الرئيسي عن المعاناة وارتفاع الأسعار وانتشار الفساد والاحتكار والمحسوبية، وهو المسئول الرئيسي بصفته واضع السياسات ورأس السلطة التنفيذية . وكانت قوات الأمن مستنفرة منذ البداية، وبدأت الاشتباكات، واستعمل الأمن هِوايته في القمع والضرب والسحل والقتل والاعتقال العشوائي، مما زاد غضب الأهالي بشكل أكبر واشتعلت الأحداث . واستمرت الاشتباكات لثلاثة أيام تم اعتقال المئات وإصابة العشرات وقتل بعض المواطنين، وكان بعض الشهداء من الأطفال الذين كانوا في البلكونات . وعلينا أيضا ألا نغفل دور حزب الجبهة الديموقراطية في المحلة وفتح مقر حزب الجبهة في ميدان الشون للدعم الإعلامي والحقوقي، ومن أبرز شباب حزب الجبهة الديموقراطية الذين ظهروا في هذا اليوم، شادي الغزالي وأحمد عيد وعمرو صلاح وناصر عبدالحميد . وكادت الشرارة تنتقل من المحلة لباقي مدن الدلتا وتحدث الثورة لولا تحرك قوات الأمن المركزي والقوات الخاصة من كل مدن الدلتا إلى مدينة المحلة الكبرى وتحولت المدينة لثكنة عسكرية وتم عزلها عن باقي المدن والمحافظات، وتحولت شوارعها لساحة حرب شوارع . في هذه الأثناء كنت قد نجوت بأعجوبة من محاولات الاعتقال يومي ٥ أبريل و ٦ أبريل ، وبالطبع لم أعود لمنزلي أو منزل أهلي أو مقر عملي أو أي مكان معروف، وتابعت الاتصالات بالمحافظات والمحلة خصوصًا بالإضافة لعمل الإعاشة ومتابعة المعتقلين . وكانت المهمة الأهم بالنسبة لي هو عدم إحباط أعضاء جروب الفيسبوك، خصوصًا بعد أخبار الاعتقالات، وكان من المهم استمرار بث روح الحماسة في “الجروب” وتشجيع الشباب ومحاربة الخوف والإحباط في أوساط الشباب الذي كان يشارك في حدث سياسي لأول مرة في حياته، وقد كانت هذه المهمة صعبة في ظل وجود ضبط وإحضار وتتبُّع لِي من أجل اعتقالي، ولم يكن من السهل إطلاقًا الدخول على الإنترنت في ظل تتبُّع أمن الدولة ومحاولاتهم لإغلاق جروب الفيسبوك الراعي لإضراب ٦ أبريل . وبدأت اتصالات وسطاء وشخصيات سياسية تفاجأت بعلاقتهم الوثيقة بجهاز أمن الدولة وكان هناك عرضان: الأول: هو إغلاق جروب ٦ أبريل على الفيسبوك، ثم أسلِّم نفسي أو أن أسلِّم نفسي من أجل إغلاق جروب الفيسبوك، مع وعود بإمكانية الإفراج السريع بعد ذلك عنى وعن المعتقلين . وبالطبع رفضت تلك العروض وأغلقت هاتفي المحمول لتفادي التتبع، فقد كان مشروع إنشاء حركة ٦ أبريل قد بدأ ومن المستحيل أن أسمح لهم بإغلاق الجروب وتشتيت تجمُّع هذا الشباب الذي صنع الحلم.. حلم حركه شبابية تقود نحو الثورة. وللحديث بقية..