احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر) – والأمل أيضًا خيانة !

اسم السجين (اسم الشهرة) : احمد ماهر ابراهيم الطنطاوي (احمد ماهر)

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 2/28/2016

السن وقت الاحتجاز: 35 عام

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: مهندس – مؤسس حركة 6 أبريل

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون طرة

والأمل أيضًا خيانة !

والأمل أيضًا خيانة !
(1)
اليأس خيانة، كلمة كنا نصبر بها أنفسنا في الظروف الصعبة في بداياتنا، كثيرًا ما كتبنا وقلنا عبارة “اليأس خيانة” قبل ثورة 25 يناير أثناء موجات الاعتقالات أو الإحباط، وكثيرًا ما كتبناها وقلناها أثناء الـ 18 يوم في ميدان التحرير عندما كان مبارك متشبث بالسلطة ورافض التنحي، وكثيرًا ما كتبناها وقلناها في المحطات الكثيرة التي تعثر فيها المسار بعد تنحي مبارك.
اليأس خيانة، عبارة من المفترض أنها تحفز وتشجع على الصبر والتحمل ومواصلة المجهود والتضحيات من أجل الثورة أو من أجل التغيير نحو الحرية والديمقراطية والعدالة، أو من أجل تجاهل الإهانة والمهانة أثناء محاولة نشر فكرة ما، اليأس خيانة.. هل كانت عبارة نحاول بها خداع أنفسنا؟
كم تندرنا عليها في بداية الحبس عندما كان من المسموح استقبال رسائل التضامن من الرفاق والزملاء والأصدقاء خارج السجن، كانت بالنسبة لنا مجرد عبارات جوفاء ونماذج محفوظة للرثاء، اليأس خيانة وصمودكم قوة لنا وأنتم في السجن الصغير “طرة” واحنا في السجن الكبير “مصر”، كلها عبارات أصبحت بلا معنى ولا تستنهض أي همم، فقط المزيد من مشاعر الإحباط واليأس.
(2)
والأمل أيضًا خيانة.. قالها علاء عبدالفتاح في إحدى النقاشات الليلية من وراء قضبان الحبس الانفرادي قبل أن يزيدوا في التنكيل والعزلة ونقل كل من علاء ودومة وعادل إلى سجون متفرقة بهدف الحرمان من نعمة الفضفضة والحديث مع شخص مشترك معك في نفس الاهتمامات.

الأمل أيضًا خيانة.. فهل من الديمقراطية أن يعاني والدك وأمك وزوجتك وأبناءك بدون أي ذنب وبدون أي مشاركة في اتخاذ القرار!
الأمل أيضًا خيانة.. فمن يتذكرك الآن بعد أكثر من 27 شهر من الحبس الانفرادي؟

والأمل أيضا خيانة.. هل هناك من لا يزال يحاول وقف العمل بقانون التظاهر أو على الأقل تعديله وتخفيف العقوبات؟
والأمل أيضًا خيانة.. هل المشكلة أصلًا في قانون التظاهر وعقوباته المبالغ فيها؟ وهل لو تم تخفيف العقوبات سيطلقوا سراحك؟ وهل أنت محبوس أساسًا بسبب رفض قانون التظاهر؟ وهل هم عاجزون عن تلفيق المزيد من القضايا بقوانين أخرى؟
والأمل أيضًا خيانة.. فما الذي يجعلهم يطلقوا سراحك أو دومة أو علاء أو ماهينور أو يوسف أو غيرهم؟ وما الذي يمنعهم من تلفيق قضايا أخرى؟ هل يوجد من يسمع داخل منظومة الحكم؟ وإن كان هناك من يسمع فهل هناك من يفكر أو يدرك أو يراجع؟ هل هناك من يريد الحل أم المزيد من الانتقام وإشعال الأزمات؟ هل لدى هذا النظام عقل وهل لديهم أي رغبة في التهدئة أو الحوار أو الاستقرار؟
(3)
والأمل أيضًا خيانة.. لا أعرف لماذا وجّه الكثيرون اللوم لباسم يوسف عندما قرر وقف البرنامج أو عدم دخول معركة أو السفر خارج مصر حرصًا على حياته وسلامة عائلته، لقد كان الرجل محقًا فيما قال، لو حدث أي أذى من زبانية النظام له أو لعائلته لن يكون هناك سوى بعض التعاطف الذي سيتضائل مع الوقت، وربما سيكون هناك هاشتاج سيختفي بعد عدة أيام أو عدة أسابيع.
باسم يوسف لم يزعم يومًا أنه مناضل أو سياسي أو ناشط حقوقي ولذلك لا مجال لأي توجيه لوم له، فالرجل عمل ما في استطاعته فيما يخص مجاله وله كل الشكر على ذلك.
(4)
أحيانًا أسأل نفسي عن معنى كلمة مناضل من الأساس، ولماذا كان البعض يحرص على الفوز بهذا اللقب الذي أصبح مشاع وبدون معنى محدد، وهل أي شيء له معنى؟
أشفق كثيرًا على مالك وشادي، أتعاطف أو أؤيد أو أشجع وكل هذه المعجم، بصراحة أنا مؤيد لكل طرق الاعتراض الرمزية الصادمة، ذكرتني حركتهم بالوقفة أمام منزل وزير الداخلية حاملين الملابس الداخلية، وقتها أيضًا تسابق الجميع في الإدانة والتخوين وتقديم البلاغات، اتحد الجميع ضدنا عندما انتقدنا الشرطة بشكل رمزي صادم، الجميع هاجمنا.. الإخواني والليبرالي واليساري والناصري والفلول وحزب الكنبة والعديد من المجموعات التي كانت تزعم انتماءها للثورة أيضًا.
(5)
الأمل أيضًا خيانة، ففي ثقافتنا المريضة المتراكمة ستجد أن التضامن والتعاطف والمدافعة لا يعتمدون على المبدأ كما هو مفترض، بل هو بالمزاج أو الانتماء للأهل أو العشيرة أو حسب الظروف.
أتذكر من قال افرجوا عن الشباب عدا ماهر لأن دمه تقيل أو لأنه عصر ليمون، وهناك من قال ما عدا دومة لأنه متهور، وهناك من قال ماعدا علاء لأن لسانه طويل، إنه منطق الأهل والعشيرة في التضامن، ولذلك من الطبيعي ألا يتم الإفراج عن أحد، فالانتهازية والنذالة هي أكبر هدية من المستبد.
إن الجميع مشترك في هذه الخطيئة، فمن الحماقة أن يتصور بعضنا أنه بمأمن طالما يصمت عن التنكيل بمن هو خارج عشيرته، فإن تعاميت عن التنكيل بخصمك اليوم فلا تتعجب عندما يتم التنكيل بك يومًا ما.
والأمل أيضًا خيانة، فهم لا يكفيهم حبسي 27 شهرًا ولا يكفيهم كل الكذب والتضليل وتشويه السمعة ولا يكفيهم التنكيل السابق أو اللاحق، ولن يغفروا محاولة إسقاط النظام في 25 يناير، ولن يغفروا الخروج عن القطيع بعد 3 يوليو، ولن يرضيهم إلا “التطبيل” مع القطيع ولا غير ذلك.
(6)
هل أنا مُحبط “بفتح الباء”.. ربما، هل أنا مُحبط “بكسر الباء “.. ربما، هل لا يزال هناك أمل في شيء ما أو حدث ما؟.. ربما، هل اليأس خيانة أم الأمل خيانة.. ربما!
ربي.. إن السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه، ربي.. ليس لي غيرك فامنحني القوة والصبر، اللهم ارفع الظلم عن كل المظلومين فأنت ملك الملوك.