الاء السيد محمود عبد الرحمن (الاء السيد) – أسمي آلاء

اسم السجين (اسم الشهرة) : الاء السيد محمود عبد الرحمن (الاء السيد)

النوع الاجتماعي : أنثى

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 3/28/2016

السن وقت الاحتجاز: غير معلوم

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: طالبة بجامعة الأزهر

مكان احتجاز المرسل : سجن دمنهور العمومي (الأبعادية)

أسمي آلاء

اسمي آلاء، معتقلة منذ عامين وثلاثة أشهر ؛ محبسي هو سجن دمنهور للنساء . لاأعلم لمن أكتب ولا لمَ أكتب فكل مايدفعني إلى الكتابة مجرد إحساس بضيق لا يُقاوم ، أشعر كأنني أهوي في حفرة سحيقة مظلمة لا أعلم لها نهاية ، آفاقها كثيرة وكبيرة ، ليست واضحة المعالم ، لا يتحملها بشر …سواي ؟! أو كما أظن …سواي ؟!لم أشعر في حياتي – قبل وبعد اعتقالي – بالضعف إلاَّ مرات قليلة جداً تُعدُّ على أصابع اليدين ، هو لم يكن ضعفاً بالضبط بل أقرب إلى إحساس بالعجز الشديد تجاه من تحبهم ، تماماً كالذي أشعر به الآن.. إحساس بالعجز يولد الغضب وماأصعب أن تكون عاجزاً ، غاضباً، ساخطاً وتظل كما أنت بلا حراك .ماأبشع ذلك حقاً ! أكثر مايغضبني ويجعلني أستشيط هو أن أرى أحداً من أحبائي يبكي في نفس الوقت الذي لا يمكنك أن تخفف فيه عنه ، فقط لأنَّه ليست لديك المقدرة على ذلك لأنك تحمل نفس الجرح ونفس الألم إن لم يكن أشد فتجد أنه قد تلاشت إيجابيتك حتى وإن كانت مابين الحين والآخر تتجدد فقط بنسبةٍ بالكاد تكفيك فلا تزيد ذرة فوق ذلك تنشرها على من حولك .ولا أذكر يوماً أني شعرت بالخوف ، فكل شعوري يتمحور في غضب محاط بهالةٍ كبيرة من سخط – لعل هذا من رحمة ربي بي – حتى في أشد الحالات التي تستوجب الخوف ، لم أكن أشعر به ، قد أُعزي ذلك إلى شعوري بأنني مقاومة والمقاوم لا يخاف ولا يهتز تحت أي ظرف ذو ضغط طالما كان مقاوماً ، فإن تزعزع ثباته ضعفت مقاومته ، وأنا لا أريد التخلي عن نفسي ولا أريد أن أخسرها أبداً .الحرية ليست مجرد السير على أرصفة الشوارع وبين السيارات والبيت والأهل ، وسلبها لا يقتل في ْ مجرد سجنك بعيداً عن البيت والأهل والأرصفة والشوارع ولا السماء ، فالسجن به سماء كما في الحرية سماء إن لم تكن هي نفس السماء ، يوجد به أرصفة ويوجد به أسفلت ويوجد به بشر حتى وإن لم يشابهوا الذين عاشرتهم سابقاً .السجن ليس مادياً بقدر ماهو معنوي ، نظرتك للسماء بدون قضبان عازلة ، يختلف عن النظر إليها مباشرةً والنظر إليها مباشرة من بين الجدران يختلف عن النظر إليها من خارجها فبقدر الضيق والضغط داخلك بقدر ماتكون منطبقة فوقك تشعر كأنها ستبتلعك، كأنك توشك على الطيران في رحابها .. عدوك لا يكتفي بحبسك كعصفور داخل قفص ، وإنما يبدأ بالضغط وتضييق الخناق عليك ، محاربتك نفسياً ، وفكرياً ، وفي كثيرٍ من الأحيان يتطور ليكون جسدياً فمجرد الحبس لا يجدي نفعاً إلاَّ مع ضعاف النفوس وبما أنَّ المقاوم صاحب الفكر لا يمكن إضعافه بمجرد قنص – فهو كالصقر – فكان لابد لهم من اتباع تلك الأساليب ، والثبات من الثبات أن تصمد في تلك الحرب غير المتكافئة مُصراً على هويتك وحياتك التي تتمثل في قناعاتك حتى وإن كانت حرب غير عادلة وهي بالفعل كذلك . كصقر قص ريشه ينتظر متربصاً حتى ينمو له ريش من جديد كي يتمكن من مجابهة عدوه والقضاء عليه وماأكثر الأعداء وماأكثر الفرائس وماأقل الصقور ، فالمقاوم المُقيَّد هو تماماً كالصقر منزوع الريش ماله غير صبره ودهائه يدخرهم حتى إشعار آخر .يكفي أن تكون إنساناً على حق، مقاوماً صاحب فكر، ثابت كجبل لا تحركه أعتى الرياح حتى تستطيع أن تظفر في معاركك والفضل كل الفضل في ذلك يرجع إلى مصدر واحد ألا وهو الله، فقاوم حتى وإن كنت تعلم علم اليقين أنَّك ستموت أثناء مقاومتك، لا تستسلم وتسلم نفسك للضعف لأنك وبضعفك أيضاً ستموت فلتمت مقاوماً تواريكَ الأرض عظيماً أفضل من أن تموت خائفاً يواريكَ الثرى جباناً ، فإمَّا أن نعيش عظماء لنموت عظماء وإمَّا أن نكون ضعفاء لنموت جبنا ، ونفسي تأبى إلاَّ أن أعيش مقاومة عظيمة .. فلا نامت أعين الجبناء 🙂
أن تكون مقاوماً صاحب فكر أفضل من أن تكون صاحب فكر جبان فكل مقاوم صاحب فكر ولكن ليس كل صاحب فكر مقاوم فالشجاعة لا تتسنَّى للجميع”