حسام الصياد – غياب سانتا كلوز

اسم السجين (اسم الشهرة) : حسام الصياد

النوع الاجتماعي : ذكر

تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : 1/1/2020

السن وقت الاحتجاز: غير معلوم

الوظيفة – نشاط بالمجال العام: صحفي

مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون طرة

غياب سانتا كلوز

في مثل هذه الأيام، وعلى مدار 7 سنوات، كانت لنا رحلة سنوية صغيرة داخل حي شبرا. طقس سنوي لأسرتنا منذ ولادة خالد.. يبدأ اليوم بإفطار مُعد بمزاج جيد، ثم نُنزل شجرة العيد من مخزنها ونتفقد ما ينقصها.
في مفكرتها الصغيرة تبدأ سولافة في كتابة نواقص زينة العيد، ثم تبدأ رحلتنا السحرية. أقود السيارة وتجلس هي بجواري، نتشاجر – كالعادة- حول زجاج النافذة، نفتحه أم لا؟ حول صوت الراديو، منخفض هامس مثلما هي تحب؟ أم مرتفع مثلما أحب؟ وتنتهي الشجارات دائما بانتصار سهل وسريع لها.
ننطلق على كل حال قاطعين شارع رمسيس في الاتجاه لشبرا، بعد عبور نفق أحمد حلمي، ليبدأ العالم السحري في الظهور. من وسط أحياء القاهرة كانت دوما شبرا الأقرب لقلبينا، خاصة في وقت العيد، حين تكتسي بزينة الميلاد وتحتل أرصفة شوارعها ألوان العيد، أشجار وأجراس وسانتا كلوز وكل ما يمكن أن تحتاجه في العيد.
نصُف السيارة في مكان بعيد حتى نتجول على أقدامنا لأكبر مسافة ممكنة وسط تلك الأجواء المبهرة. في العادة تكون البرودة مسيطرة على الشوارع، والسماء ملبدة بالسحب الرمادية التي تقاومها الشمس في محاولة للتسلل إلينا. كانت تلك الأشعة مع وجود سولافة وأجواء العيد الحميمية أسباب كافية للدفء، حتى لسعات البرد في حضورها كانت حنونة، عكس لسعات برد الزنزانة، وكانت دائما تنتهي مع شراء الزينة وهدايا العيد.
في الليلة الموعودة، نتأهب جميعا لحضور سانتا كلوز، تقليد آخر اعتدناه منذ ولادة خالد، يغط هو في النوم، ونشرع أنا وأمه في تزيين بيتنا الدافئ بلمساتها السحرية.
انها روح العيد، تقف الشجرة في أحد الأركان، نعلق الأجراس والأضواء، وحولها نضع مجسمات الأقزام السبعة وهدايا العيد. ينام خالد محتضنا دمية سانتا كلوز، متمنيا حضوره الحقيقي عند منتصف الليل، لترك هديته التي – بالطبع- كان قد أخبرنا بها مرات ومرات، كما تعود كل عام.
في العام الماضي، أصر خالد على أن نوقظه فور قدوم سانتا عند منتصف الليل، وعلى أنغام “ليلة عيد” لفيروز استيقظ من نومه، خرج من غرفته ليجد سانتا بشحمه ولحمه بملابسه الحمراء ولحيته البيضاء. اتسعت عيناه وأخذ يصرخ صرخاته الطفولية معلنا عن دهشته من قدوم سانتا صديقه السحري، جرى ناحيته واحتضنه حضن دافئ وطويل، وأهداه سانتا الكاميرا التي طلبها وتمناها.
وعلى مدار عام كامل استمرت ذكرى قدوم سانتا عالقة في ذهنه، وكان أول ما كتبه بعدما تعلم كتابة الحروف رسالة لسانتا عبر له فيها عن امتنانه لهدية العام الماضي، وذكَّره أنه بانتظاره في نفس الوقت والمكان.
لكن سانتا لن يأتي هذا العام، فلتعذر يا حبيبي قلة حيلته، لو كان الأمر بيده لجلب لك العالم كله، ولكن قواه السحرية تعجز عن اختراق الأسوار والحواجز، فصديقك السحري الآن في عنبر 3 سجن طرة القاهرة تحقيق، يحكاموه بتهمتي الخيال والحلم. أما زوجته السحرية صانعة كل تلك المعجزات، تقبع هي الأخرى في سجن القناطر نساء.
اليوم، لن نفطر سويا، لن نذهب إلى شبرا، لن أتشاجر أنا وسولافة على النافذة والراديو، لن نرى الألوان والأضواء والزينة، لن نزين شجرتنا، وسينام حبيبي خالد وحيدا، محتضنا دميته، متمنيا هذا العام عودتي من “السفر” بصحبة سانتا كلوز الحقيقي، ومعنا أمه، حبيبتي سولافة، وهدية العام الجديد.
يوما ما يا خالد، ليس ببعيد، سيعود بابا وماما السحريين، ويعود العيد.