اسم السجين (اسم الشهرة) : عمر عبد العزيز حسين علي (عمر حاذق)
النوع الاجتماعي : ذكر
تاريخ تحرير أو نشر الرسالة : شهر مارس من عام 2015
السن وقت الاحتجاز: 28 عام
الوظيفة – نشاط بالمجال العام: روائي وشاعر
مكان احتجاز المرسل : منطقة سجون برج العرب
ملاحظة: لم يتم التوصل لتاريخ تحرير أو نشر الرسالة بالتحديد خلال العام المدرجة خلاله، وتم افتراض إدراجها بتاريخ آخر يوم في العام أو الشهر -إن حدد- لأغراض تقنية.
إذا ما لقيتُكِ يا مصر يومًا
إذا ما لقيتُكِ يا مصر يومًا،
إذا ما لقيتِ عجوزًا وحيدًا
يسير ويربط أحلامَه مثل كلبٍ…
إذا شاء ربِّي …
فأرجوكِ أن تُخبريني
غرامُكِ، يا مصر، ما لونُهُ ؟
و لماذا يخبئ دومًا مساميره فوق دربي ؟
لماذا يمدُّ الجذور حواليّ حتى يخدّرني،
ثم يتركُ في القلب عضَّهْ ؟
إذا ما لقيتُكِ يا مصر يومًا
فأرجوكِ أن تخبريني
لماذا أخاف عليكِ كأبِّ ،
أُحِسُّكِ ،
أَسهرُ في ليل زنزانتي مستعدًا
إذا ما صرختِ أمد يديَّ وقلبي
لأسند قامة َ نيلكِ ؟
ماذا جنيتُ من الحبِّ
غيرَ فروخ ٍ من الوجع الحلو تكبر في عش روحي
وسرب ٍ من الأمنياتِ الممضَّهْ ،
وأني أخبئ كراستي هذه
مع أني أصوغكِ في ذهبٍ من كلامي وفِضَّهْ!!
لماذا إذا أصبح الصبحُ
قمتُ ألبي ؛
إمامًا أصلي لحبكِ
سنّتَه ثم فرضَه ْ
وأحمل زادي:
من الأمل البِكْر أجْمَعَه ُ،
ومن الدمع ِ بعضَه ْ.
أفكرُ فيكِ
وأنظرُ هذا الشعاع َ الصغيرَ
رسولا ً من الشمس ِ قربي
يغافل قضبان زنزانتي بين فَرْح ٍ ورُعْبِ
يرفرفُ، ينثُرُ فيَّ فتاتًا من النور ِ،
ينقرني مثل عصفورةٍ فأطيبُ
وآخذ ُ من كلماتي الجميلةِ قَبْضَه ْ،
وأنشرها تحت شمس ِ الشعاع ِ المُحبِّ
إلى أن تلينَ
وتنبتَ أشرعة ُ اللحن ِ فيها
فأركبها؛ تلك أهلي وصحبي
تسافر بي وأنا سارحٌ بصَري فيكِ…
أشتاقُ حتى لهذا الحمار المفضَّض ِ
يجري بفلاحه كغزال ٍ
ليحرثَ أرضَه ْ.
أنا سارحٌ بصري فيكِ
عُمالُكِ الكادحون يمرون جوعى أمامي
فأَقْسِمُ من كلماتي لهم، واحدًا واحدًا ،
عُلبتيْن ِ حليبًا، رغيفًا وبيضَه ْ.
أفكُر فيهم وفيكِ وفيَّ
أردتُكِ أمي ،
أردتُهُمُ إخوتي ،
وأردتُ لكم جسدي في ليالي الشتاءِ دثارًا ؛
أردتُ كثيرًا كثيرًا
ولكن بغَمْضَهْ ،
إذا بي أستحم بهذا الشعاع المحبِّ
ليغسل عن جسدي جربًا جائعًا ،
وإذا بي أرمِّمُ عينيَّ، مفصل ساقي،
أحدّق في السقفِ كي لا أرى أحدًا ؛
يا حبيبة ُ ماذا علينا إذا ما حلمْنا معًا ،
أي ذنبِ !!
وماذا علينا إذا خدعونا بحلم ٍ جميل ٍ؛ بنهضه !
أحدّقُ في السقفِ… ماذا ارتكبتُ ؟
لماذا جلدتِ حنيني،
وطاردتِ شعري ،
وأهرقْتِ فيضَه ْ؟
أفكر فينا،
أَمَا كنتِ أنتِ ؟
أمَا كنتُ نفسي أنا ؟
وينايرُ ذاكَ…. أمَا كان شهر الرحيل ِ إلى الذكرياتِ
كما يرحل النهر نحو المصبِّ ،
أمَا وَسِعَ الأرضَ حبًا وحرية ً وسلامًا ؟
ينايرُ آهٍ…
فمازلتُ أسمعُ صيحتََه في دمائي
وأعرفُ نَبْضَهْ.
ينايرغنَّى: سفينة ُ هذا الزمان ِ أنا
أينما شئتُ أبحرتُ ،
أحمل شمسي معي ورياحي وسُحبي.
جميع الميادين مرسًى لحريتي ،
والجماهيرُ حين تنادي سأغزلُ موجًا كثيرًا لها
آنَ لي أنْ أبعثرَ ركبَ الزمانِ ِ على أرضنا،
وأفضَّهْ.
فأمّا الشهور فقالتْ: ينايرُ جُنَّ
و فرّقَ أيامه كالبذور بأرحام تلك الميادين، وهْيَ أماكنُ،
جُنّ ومدّ جذورًا بأفئدة الثائرينَ، وهم بشرٌ،
نحن أسياد هذا الزمان، حَكَمْنا عليه :
ينايرُ جُنَّ وأعلنَ رفضَهْ،
سيصبح أضحوكة ً للسنين جميعًا
كسيرًا، مُعَرًّى، ذليل الخُطى ،
لا وسامَ له، بل سيُمنح عكازَ كهل ٍ
ورعشتَه في الكلام ِ، ونقضَه ْ.
وأولادُه، هؤلاء اليتامى ،
إذا عبروا بميادينهم أنكَرَتْهُمْ
كما اللقطاء، حَكَمْنا عليهم :
سنُطْعِمُهُمْ للسجون ِ
فتأكُلُهُمْ مثلَ فئراننا، قَرْضَة ً بعد قَرْضَه ْ.
وأما أنا فعشقتُكِ من أول الخطو ِ نحوكِ ،
ما دلّني أحدٌ، ما لقيتُكِ من قبلُ يا مصرُ،
لكنْ هداني إليكِ الذي كان يهدي الجِراءَ لأثداءِ أُمَّاتِها
وينايرُ ذاك الذي اندسَّ فينا ليُكمِلَ رَكْضَهْ0
كذلك ذقنا معًا حبنا
وذهبنا نُعلِّقُ أحلامنا في حبال ِالغسيل ِ…
يناير أسكرنا وسقانا من العشق مَحْضَه ْ.
يُخَيَّلُ لي أنّ هذا الغناءَ ،وقد فاض عن كأسهِ ،
لن يسيل على الأرض ِ، بل سيسير على جسدي،
وسيطبع آثار أقدامهِ، سيطيرُ،
ويوم أموتُ سيهوي إلى الأرض ِمثلَ شهابٍ ؛
سيهوي ولكنْ سيتركُ في حَلَكِ الليل ِومضَه ْ
يُخَيَّلُ لي يا حبيبة ُ أني منذ عشقتُكِ
صرتُ أفكر في الموت مثل صديق قديم ٍ
سيجمعنا الدهرُ ذاتَ نهار ٍحزين ٍ
فأحضنُهُ باشتياق ٍ فأنظر في جسدي المتهدّم ِ،
يومئُ لي صاحبي بحنان ٍ:«تعالَ، ستنزلُ روضَه ْ».
فأخرجُ من دمعتي وأروحُ…
أقول لنفسي: كفانيَ أني سأمضي إلى حضنكِ الأبديِّ
وأني كنتُ بقلبكِ يومًا مجردَ نبضَه ْ.
مارس 2015